خاطرة من وجع الخاصرة٠
شطحات قلم : صالح هشام٠
أجمح، يجمح خيالي، يجوب دروب الأمس واليوم، امتطي صهوة حصاني المجنح بلا سرج ولا لجام، يطاوعني، يحلق بي في غياهب تيهي، يقتحم أبواب عوالمي المجنونة، على صهوته كنسر من نسور لقمان، أقطع الفيافي، أجوب الأحراش والوديان، أسابق فراغات العدم ، أعض شفتي مرة، وأتنهد أخرى، وعلى صهوته أقتحم بجسدي النحيل قلاع وحصون ظلمات التاريخ، فأغترف من سراديب أرشيفه الرموز والوقائع، أبحر فيها رغم تعب الذاكرة، أجد تاريخنا نظيفا، بحد السيف والمقصلة، ابيض خال من أية خربشات، كأكفاننا البيضاء نحملها كل حين فوق راحاتنا٠
ألتمس فيه قليلا من الموضوعية، فتتلمس الصوارم مني الرقبة، وتنصب لي أعواد المشانق، ويتجمع الناس، فرأسي سيعلق على أبواب المدائن، وبه ستوسم صدور الجلادين٠ ينتفخ مني القلب، أجد نفسي أصغر بكثير من اللعب مع الكبار٠
أحاول الفرار، أقاوم جاذبية مجنونة تشدني للأرض، أتمكن من الإفلات من قبضتها، أنفصل عن واقعي، فأحلم طويلا حلما مصادرا، أخاف من ألم اليقظة، أجمع شتات نفسي، أهرب للماضي، أجدني كالعنزة أجتر الماضي، أتمسك بعباءات أجدادي، وأحتمي بعمائم وهمية، وألوك المجد الهارب في صحراء العرب٠ يعبر ذاكرتي صليل السيوف وصهيل الخيل، فأشعر بالغثيان، فواقعي العربي لا صليل سيوف ولا صهيل خيول فيه، متخم بصهيل ما تحت الحزام، مثخن بجراح خيانة ذوي القربي، فأحن حد البكاء إلى زمن نضج الجلود قبل نضج التين والعنب، فما عدت أسمع: لبيك يا غيداء العرب، لبيك يا أمة عمورية، فكيف لي أن أذعن لزمن توالت فيها الانكسارات والهزائم، فهذا زمن الغواني في أيام العرب الخوالي٠
أمتطي مطية غبني وانكساري، فأحلم وأبالغ في الحلم، لكني أجده مالحا بطعم المذلة في أوطاني، أو حلما بلا طعم ولا رائحة، فالسيوف ترقص على أكتاف الرعاديد تكاد تصم أذني، فأقول بحسرة : كيف؟ ماذا وقع؟ فالسيوف وجدت لقراع الصناديد، فما هذا الخلل الذي وقع في جيناتنا نحن بني يعرب؟
أستسلم لغفوة حلم، أخشاه حلم يقظة، أضع سلاحي/ قلمي، وماذا لي غير هذا القلم المشاغب الذي لا يخاف الحقيقة؟ أختلس لحظة من معين كسلي، وأستسلم لنوم تعكر صفوه كوابيس خوفي من رؤية وجهي في مرآة مقلوبة٠ يزورني في جوف ليل طويل، يدعوني لشطحة من شطحات لغة جريئة تنضح بالحقائق، وتفضح الأكاذيب، ألفظ نفسي بنفسي من عالم النوم، وأترك رموز كوابيسه للصباح، ربما ستفكك في أشرطة القنوات الفضائية، وستجد لها صحف الرصيف الصفراء تحليلا مناسبا لواقع عربي يرزح تحت نير قلب الحقائق والتمسك بالأكاذيب، أجد عزائي في اقتسام أغنية الأمل مع صراصيرالليل، فأنتشي بدم القلب ونجيع القلم، أقتحم خلوة المعذبين في الأرض، وأتحد بعفاريت الليل، أحكي لهم أسرار إنسانيتي المعذبة في وطني العربي المعذب٠
فأكتب ٠٠ أكتب ٠٠ أكتب طويلا ٠٠٠ يهرب مني فرسي، أمزق كل صفحاتي، أضع رأسي على الوسادة، وأغفو من جديد، أجمع رموز كوابيس ليلي، عل أحدا يضيء نفسه بصيص نور من نخوة عربية مفقودة، فيفك رموزي تفكيكا يستعصي على النفاق السياسي في وطني العربي، أو ربما تطاوعني ذاكرتي المثقوبة على تفكيكها قبل شرب قهوة الصباح ٠
ربما أستقوي بشجاعة أجدادي في أجداثهم، فأمنح فرسي حرية الحركة، ليخط في كل حرف من حروفه ما أنا فيه، ما أنت فيه، ما أنتم فيه من قهر وظلم واستعباد في أوطاننا المقهورة، ففرسي جامح، جموح، عنيد، مشاكس، وما أنا إلا عبد من عبيده، يحملني على الكتابة والكلام متى شاء، ويخذلني متى شاء، فلا عتب علي مادمت أخضع لمشيئة هذا العنيد، هذا الذي يحسن الكر والفر، سأسايره في جنونه، فركوبه عنوة وبالقوة ينفره مني إلى الأبد، فتتحجر كلماتي، وتعقني ذاكرتي، فتعاتبني رغبتي في الكتابة على غلظتي وفظاظتي٠
فأنا الميت لا حيلة لي أمام هذا الحي، يرميني متى شاء لقمة لكلاب تبدع في نهش اللحم البشري، فهو فرسي يحكمني، فهو الراكب وأنا المركوب، هو بوصلة حواسي ومشاعري، فأنا له ملء إرادتي، أتبعه حينا فأقبض السراب، ويمدني حينا بفكرة، بصورة أو بكلمة في حضيرة اللغة، فتكون القصيدة ٠٠٠ تكون المقالة ٠٠٠تكون القصة شوكة مغروزة في خاصرة هذا الواقع المثخن بجراح تأبى أن تندمل٠٠٠
شطحات قلم : صالح هشام٠
أجمح، يجمح خيالي، يجوب دروب الأمس واليوم، امتطي صهوة حصاني المجنح بلا سرج ولا لجام، يطاوعني، يحلق بي في غياهب تيهي، يقتحم أبواب عوالمي المجنونة، على صهوته كنسر من نسور لقمان، أقطع الفيافي، أجوب الأحراش والوديان، أسابق فراغات العدم ، أعض شفتي مرة، وأتنهد أخرى، وعلى صهوته أقتحم بجسدي النحيل قلاع وحصون ظلمات التاريخ، فأغترف من سراديب أرشيفه الرموز والوقائع، أبحر فيها رغم تعب الذاكرة، أجد تاريخنا نظيفا، بحد السيف والمقصلة، ابيض خال من أية خربشات، كأكفاننا البيضاء نحملها كل حين فوق راحاتنا٠
ألتمس فيه قليلا من الموضوعية، فتتلمس الصوارم مني الرقبة، وتنصب لي أعواد المشانق، ويتجمع الناس، فرأسي سيعلق على أبواب المدائن، وبه ستوسم صدور الجلادين٠ ينتفخ مني القلب، أجد نفسي أصغر بكثير من اللعب مع الكبار٠
أحاول الفرار، أقاوم جاذبية مجنونة تشدني للأرض، أتمكن من الإفلات من قبضتها، أنفصل عن واقعي، فأحلم طويلا حلما مصادرا، أخاف من ألم اليقظة، أجمع شتات نفسي، أهرب للماضي، أجدني كالعنزة أجتر الماضي، أتمسك بعباءات أجدادي، وأحتمي بعمائم وهمية، وألوك المجد الهارب في صحراء العرب٠ يعبر ذاكرتي صليل السيوف وصهيل الخيل، فأشعر بالغثيان، فواقعي العربي لا صليل سيوف ولا صهيل خيول فيه، متخم بصهيل ما تحت الحزام، مثخن بجراح خيانة ذوي القربي، فأحن حد البكاء إلى زمن نضج الجلود قبل نضج التين والعنب، فما عدت أسمع: لبيك يا غيداء العرب، لبيك يا أمة عمورية، فكيف لي أن أذعن لزمن توالت فيها الانكسارات والهزائم، فهذا زمن الغواني في أيام العرب الخوالي٠
أمتطي مطية غبني وانكساري، فأحلم وأبالغ في الحلم، لكني أجده مالحا بطعم المذلة في أوطاني، أو حلما بلا طعم ولا رائحة، فالسيوف ترقص على أكتاف الرعاديد تكاد تصم أذني، فأقول بحسرة : كيف؟ ماذا وقع؟ فالسيوف وجدت لقراع الصناديد، فما هذا الخلل الذي وقع في جيناتنا نحن بني يعرب؟
أستسلم لغفوة حلم، أخشاه حلم يقظة، أضع سلاحي/ قلمي، وماذا لي غير هذا القلم المشاغب الذي لا يخاف الحقيقة؟ أختلس لحظة من معين كسلي، وأستسلم لنوم تعكر صفوه كوابيس خوفي من رؤية وجهي في مرآة مقلوبة٠ يزورني في جوف ليل طويل، يدعوني لشطحة من شطحات لغة جريئة تنضح بالحقائق، وتفضح الأكاذيب، ألفظ نفسي بنفسي من عالم النوم، وأترك رموز كوابيسه للصباح، ربما ستفكك في أشرطة القنوات الفضائية، وستجد لها صحف الرصيف الصفراء تحليلا مناسبا لواقع عربي يرزح تحت نير قلب الحقائق والتمسك بالأكاذيب، أجد عزائي في اقتسام أغنية الأمل مع صراصيرالليل، فأنتشي بدم القلب ونجيع القلم، أقتحم خلوة المعذبين في الأرض، وأتحد بعفاريت الليل، أحكي لهم أسرار إنسانيتي المعذبة في وطني العربي المعذب٠
فأكتب ٠٠ أكتب ٠٠ أكتب طويلا ٠٠٠ يهرب مني فرسي، أمزق كل صفحاتي، أضع رأسي على الوسادة، وأغفو من جديد، أجمع رموز كوابيس ليلي، عل أحدا يضيء نفسه بصيص نور من نخوة عربية مفقودة، فيفك رموزي تفكيكا يستعصي على النفاق السياسي في وطني العربي، أو ربما تطاوعني ذاكرتي المثقوبة على تفكيكها قبل شرب قهوة الصباح ٠
ربما أستقوي بشجاعة أجدادي في أجداثهم، فأمنح فرسي حرية الحركة، ليخط في كل حرف من حروفه ما أنا فيه، ما أنت فيه، ما أنتم فيه من قهر وظلم واستعباد في أوطاننا المقهورة، ففرسي جامح، جموح، عنيد، مشاكس، وما أنا إلا عبد من عبيده، يحملني على الكتابة والكلام متى شاء، ويخذلني متى شاء، فلا عتب علي مادمت أخضع لمشيئة هذا العنيد، هذا الذي يحسن الكر والفر، سأسايره في جنونه، فركوبه عنوة وبالقوة ينفره مني إلى الأبد، فتتحجر كلماتي، وتعقني ذاكرتي، فتعاتبني رغبتي في الكتابة على غلظتي وفظاظتي٠
فأنا الميت لا حيلة لي أمام هذا الحي، يرميني متى شاء لقمة لكلاب تبدع في نهش اللحم البشري، فهو فرسي يحكمني، فهو الراكب وأنا المركوب، هو بوصلة حواسي ومشاعري، فأنا له ملء إرادتي، أتبعه حينا فأقبض السراب، ويمدني حينا بفكرة، بصورة أو بكلمة في حضيرة اللغة، فتكون القصيدة ٠٠٠ تكون المقالة ٠٠٠تكون القصة شوكة مغروزة في خاصرة هذا الواقع المثخن بجراح تأبى أن تندمل٠٠٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق