سيدة الخيرات
إنعام كمونة
ما كان ينفك مغزلها من نحت الأنامل حطبا لموقد الشتاء، وهي الصائمة مذ زمن الصوف البارد معفرة الروح تنهيدة غبارا نديا، يتفطر كحل عينيها اسراب ضياء تلامس خفقان العمر زهوة تعب بقناطير السلوى الملحمية الوداعة، تزفر قيظ أحلامها صفصافة نبض تعوم بشجن ضفاف خشنة المواسم، تضفر فتيل الشموع زيتا لقناديل العتمة، تصوغ الوان الشفاه من ضوع شحيح دهلة لسد رمق تنور الجوع بأكتاف قناعة ...
هي سيدة الطين تحوك وشاح الحرير من ورد الأماني وتلبس الرث البالي، تزخر برائحة الصبر من بخور الظمأ فيعانقها كحل الفجر طيفا يسكب نبيذ حلمه ريقا لأفواه البردي، ليكتسي لونه الذهبي خمرة خبز تنتشي من كفوف هور الحنان، توقد نار وجعها من غروب النعاس لتهتدي قوارب اللهفة الضالة لكرم فنجان الضيافة فتهدي فردوس الأمان تحت خيمة القصب الذابل، تهدهد سبخ اللقمة على قدم بحر مهاجر لمد يباس، يحرق انفاس الحرث ونبضات نسل الجبين، فتحصد تبن السنين مكافأة هباء لأنين الانتظار، هذه سيدة الخيرات تضوع عجفا بظل آهات النخيل، ويلتهم مستنقع الأفاعي تبر الأصيل .
18/8/2019 …إنعام كمونة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق