(في هذه اللَّحظَة)
(1) في هذه اللَحظة شموسٌ تُشرِقُ وشُموسٌ تبوخ..
وفي هذه اللحظَةِ وليدٌ يَصرُخُ بينَ باسِمٍ ومُهَلِّلٍ ،
وشَيخٌ يُحَشرِجُ بينَ باكٍ ومُستَعبِر ..
وفي هذه اللحظَةِ كِلابٌ يُطعِمُها أصحابُها اللَّحمَ ،
ومُعدِمٌ يَوَدُّ لَو أُحِلَّ له التِهامُ الكِلاب .....
وفي هذه اللَّحظَةِ غَنِيُّ يَجرَعُ كأسَ النَّشوَةِ ،
وفَقيرٌ يَشتَفُّ كأسَ المَرارَة ..
في هذه اللحظَةِ أُمَمٌ تَنهَضُ ودُوَلٌ تَكبو ،
وحَضارَةٌ تبزغُ وأُخرَى تَغرُبُ ..
وفي هذه اللَّحظَةِ قَبرٌ يُشَقُّ وقَصرٌ يُشَيَّدُ ،
وعَلَمٌ يُرفَعُ ورايَةٌ تُمَرَّغُ ..
وفي هذه اللَّحظَةِ شَهيدٌ يحيَا وقاتِلٌ يَموتُ ..
وفي هذه اللَّحظَةِ عروسٌ تَبْسَمُ وأرمَلَةٌ تُوَلوِلُ
وغادَةٌ تُزَفُّ إلى حِبِّها وأخرَى تُزَفُّ إلى لَحدِها ..
في هذه اللَّحظَة دِماءٌ تُوَرِّدُ خَدَّ الغواني ، ودِماءٌ تُضَرِّجُ هامَ القَتلَى ..
(2) في هذه اللَّحظَة دموعٌ تَرقُصُ ، ودموعٌ تَرتَجِف ..
وشِفاهٌ تُغَرِّدُ ، وشِفاهٌ تَنوح ..
وبَسمَةٌ تَبكي ، وعَبرَةٌ تَبتَسِم ..
وفي هذه اللَّحظَةِ عيونٌ تُغازِلُ ، وجفونٌ تَجفُلُ ..
وفي هذه اللَّحظة آمالٌ تَصدُقُ وأمانٍ تَخيب ..
وفي هذه اللَّحظَة عَزَبٌ يُوَدِّعُ سآمَةَ الوحدَةِ ، وبَعلٌ يُفارِقُ غِبطَةَ الأُنس ..
وفي هذه اللحظة مباسِمُ تَرقُدُ لِنَجوَى القُبَل ، وألسُنٌ تَنهَجُ لِرَشقِ السَّباب ..
وفي هذه اللَّحظَةِ صُدورٌ تَنفَسِحُ مع الكَربِ ، وجَناجِنُ تَضيقُ معَ الرَّغْد ..
في هذه اللحظة عزيزٌ يُذَلُّ ، وذليلٌ يعِزُّ ..
وعِطرٌ يَأرَجُ ، وكِرسٌ يُزكِم ..
ووِهدَةٌ تعلو ، وشاهِقٌ يَندَكُّ .. .
(3) في هذه اللَّحظَة مَوجٌ يَطغَى ، ولُجَّةٌ تَنحَسِر ..
ومَدافِعُ تُطلَقُ ، ونِمالٌ تَدِبُّ ..
ومبانٍ تُرفَعُ ، ومُدُنٌ تُهدَمُ ..
ومَليكٌ يُتَوَّجُ ، وعاهِلٌ يُخلَع ..
وهَزارٌ يُحَلِّقُ ، وصَقرٌ يُؤسَرُ ..
في هذه اللحظَةِ مُقَلٌ تَهمِسُ ، ومُقَلٌ تُزَمجِر ..
وجُسومٌ تُشَلُّ ، وقُدودٌ تَميس ..
في هذه اللَّحظَة كئوسٌ تُقرَعُ ، ومرارَةٌ تُجرَع ..
وخُصورٌ تُعَربِدُ ، وأجسادٌ تستَغيث ..
في هذه اللحظة مَومِسٌ تَتوبُ ، وحُرَّةٌ تُغوَى ..
وخَفراءُ تُرمَى ، وفاجِرَةٌ تُثاب ..
في هذه اللحظَة سِحنَةٌ تَصفَرُّ ، ووَجهٌ يَتَوَرَّد ..
ومسلولٌ يَلهَثُ ، ومُعافًى يُقَهقِه ..
في هذه اللحظَة حَبيبٌ يُضَمُّ ، وخصْمٌ يُركَل ..
في هذه اللَّحظَة مياهٌ تَجمُدُ ، وثُلوجٌ تَذوب .
(محمد رشاد محمود)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق