مجلة أدبية دورية تعنى بالشؤون الأدبية والثقافية رئيس التحرير : جاسم ال حمد الجياشي / مدير تحرير مريام سما
السبت، 24 أغسطس 2019
الجمعة، 23 أغسطس 2019
سيدة الخيرات // نص بمداد الاديبة // إنعام كمونة // العراق
سيدة الخيرات
إنعام كمونة
ما كان ينفك مغزلها من نحت الأنامل حطبا لموقد الشتاء، وهي الصائمة مذ زمن الصوف البارد معفرة الروح تنهيدة غبارا نديا، يتفطر كحل عينيها اسراب ضياء تلامس خفقان العمر زهوة تعب بقناطير السلوى الملحمية الوداعة، تزفر قيظ أحلامها صفصافة نبض تعوم بشجن ضفاف خشنة المواسم، تضفر فتيل الشموع زيتا لقناديل العتمة، تصوغ الوان الشفاه من ضوع شحيح دهلة لسد رمق تنور الجوع بأكتاف قناعة ...
هي سيدة الطين تحوك وشاح الحرير من ورد الأماني وتلبس الرث البالي، تزخر برائحة الصبر من بخور الظمأ فيعانقها كحل الفجر طيفا يسكب نبيذ حلمه ريقا لأفواه البردي، ليكتسي لونه الذهبي خمرة خبز تنتشي من كفوف هور الحنان، توقد نار وجعها من غروب النعاس لتهتدي قوارب اللهفة الضالة لكرم فنجان الضيافة فتهدي فردوس الأمان تحت خيمة القصب الذابل، تهدهد سبخ اللقمة على قدم بحر مهاجر لمد يباس، يحرق انفاس الحرث ونبضات نسل الجبين، فتحصد تبن السنين مكافأة هباء لأنين الانتظار، هذه سيدة الخيرات تضوع عجفا بظل آهات النخيل، ويلتهم مستنقع الأفاعي تبر الأصيل .
18/8/2019 …إنعام كمونة
قيثارةُ لحنٍ مَلَكُوتي .. // كُتبَ النص بمداد الشاعر// كامل عبد الحسين الكعبي // العراق
قيثارةُ لحنٍ مَلَكُوتي ..
..............................
..............................
أرقدي بسلامٍ يا إيناس ● فروحكِ الملأىٰ بالهيامِ قَدْ عزفتْ على نياطِ القلوبِ ترنيمةَ الشعور وطلّتْ على الدُنيا تسحّ عليهِ رذاذاً يرفلُ بالجمالِ ويطوفُ عليه ، الإيثارُ لحنٌ لا تجيدهُ إلاَّ قيثارةٌ تعمدتْ ببحرِ العطاء أوتارُها ترياقٌ يشنِّفُ سمعَ الملكوتِ يهبُ الدنيا إكسيرَ المشاعرِ يمدّها بجرعاتِ البقاءِ فيستقيم النبض ، تزيدُ عذوبةَ هذا الدفقِ المنحدرِ من شلالاتِ النقاءِ وينابيعِ الشفاء ، قلبٌ يحاكي البحرَ في صفائهِ ونقائهِ قدْ قطعَ حبلَ تعلقهِ السرِّي بحياةِ الشقاءِ ومضى إلى نعيمٍ تزهرُ فيهِ أشجارُ الحبورِ ، دَعِينا نلملمُ ما تبقّىٰ من شذراتِ هذا البذل فنصوغها قلادةً تزيِّنُ صدرَ أوقاتنا الحرجةِ وأيامنا القلقةِ ونجمعُ قطراتِ هذا الندى الذي تناثرَ علىٰ أكُفِّ الحنانِ وننظمها لحناً تطربُ لهُ الأشواقُ ، ينعشُ القلوبَ ويرصِّعُ الحياةَ عناقيدَ ضياءٍ يشعّ على دوالي الرُوحِ ، فالكلماتُ قَدْ طأطأتْ رؤوسها خجلاً أمامَ شموخِ المواقفِ النبيلةِ التي تخلّد أصحابها ليأتلقَ صبحٌ وينحسر ظلامٌ .
كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي
العِراقُ _ بَغْدادُ
............................................
● إيناس المعيوفي مربية تونسية فاضلة تبرعتْ لزوجها بإحدى كليتيها ، وهبتْهُ الحياةَ وانتقلتْ هي للرفيقِ الأعلى ( رحمها الله ) .
العِراقُ _ بَغْدادُ
............................................
● إيناس المعيوفي مربية تونسية فاضلة تبرعتْ لزوجها بإحدى كليتيها ، وهبتْهُ الحياةَ وانتقلتْ هي للرفيقِ الأعلى ( رحمها الله ) .
تَهْجِئَةُ مُذْنِب.. // كُتبَ النص بمداد الشاعر : عمار العوني // سوريا
***
تَهْجِئَةُ مُذْنِب..***
انتحى مكانا قصيّا
وأضرم النار في الحسنات..
كان الغيظ يشبّ سعيرا في ثناياه
والمهجة تبعث صوتا مموسقا
مموسقا و شجيًا..
يختزل أوجاع الحياة..
يتكوّم رماد الصلاّة والأدعية.
وتذوب سريعا دموع الخشوع
وتنتثر مع الدخان الصّدقات.
لكم كان ودودا
وكان حليما
وكانتْ تُبَرّدُ به أوجاع الثكالى
والحزانى
واللّطيمات..
كان عبدالله الملاك.
ثمّ جَنَّ..
دخل روحا نقيّة
حين هبّت رياح الصّبوات..
فأسرج ما كان يخبـّئه عمّن سواها..
من حنين
وهيام
وأزكى الأغنيات
ثمّ طاف بهودجها
كما تطوف بمرتجاها المرسلات..
فأسبلتْ عليه من عشقها
ما نضا عنه دثار الهموم
وألبستْه وشْيَ الغرام..
لكنها ظلت تعاني
من شرود الملاك الذي بغتة جنّ
ومن بلاهته التي استغوته..
وايغال التّنطّع
ومجمع الرّداءات..
..ليعود إليها ملتاعا
و منطفئا..
هو ذا يتهدّل..
يتقوّس وئيدا
لينهض من رماد الوقت..
و يرقص
بين أكوام السّيّئات..
#عمار العوني#..#١١أغسطس من عام النّحل#
تَهْجِئَةُ مُذْنِب..***
انتحى مكانا قصيّا
وأضرم النار في الحسنات..
كان الغيظ يشبّ سعيرا في ثناياه
والمهجة تبعث صوتا مموسقا
مموسقا و شجيًا..
يختزل أوجاع الحياة..
يتكوّم رماد الصلاّة والأدعية.
وتذوب سريعا دموع الخشوع
وتنتثر مع الدخان الصّدقات.
لكم كان ودودا
وكان حليما
وكانتْ تُبَرّدُ به أوجاع الثكالى
والحزانى
واللّطيمات..
كان عبدالله الملاك.
ثمّ جَنَّ..
دخل روحا نقيّة
حين هبّت رياح الصّبوات..
فأسرج ما كان يخبـّئه عمّن سواها..
من حنين
وهيام
وأزكى الأغنيات
ثمّ طاف بهودجها
كما تطوف بمرتجاها المرسلات..
فأسبلتْ عليه من عشقها
ما نضا عنه دثار الهموم
وألبستْه وشْيَ الغرام..
لكنها ظلت تعاني
من شرود الملاك الذي بغتة جنّ
ومن بلاهته التي استغوته..
وايغال التّنطّع
ومجمع الرّداءات..
..ليعود إليها ملتاعا
و منطفئا..
هو ذا يتهدّل..
يتقوّس وئيدا
لينهض من رماد الوقت..
و يرقص
بين أكوام السّيّئات..
#عمار العوني#..#١١أغسطس من عام النّحل#
حَـيَّرتْني أحْوالـُهُ // كُتبَ القصيد بمداد الشاعر // بشير عبد الماجد بشير // السودان
حَـيَّرتْني أحْوالـُهُ
********
لو يَـعودُ الزَّمانُ عـَادَ حَـناني
مِثْلما كان في قــديمِ الزَّمانِ
********
لو يَـعودُ الزَّمانُ عـَادَ حَـناني
مِثْلما كان في قــديمِ الزَّمانِ
غيرَ أنَّ الزَّمانَ أفْرَغََ كأسي
و سَقاني من مُـرِّهِ ما سَـــقاني
و سَقاني من مُـرِّهِ ما سَـــقاني
و بَلاني بِحُبِّ مَن ليس جَـازٍ
عن غَـرامي وصَبْوتي وافتتاني
عن غَـرامي وصَبْوتي وافتتاني
مَنْ يراني أذوبُ في نارِ وَجْدي
ثُـمَّ يَــبدو كأنَّهُ لا يــَرانـي
ثُـمَّ يَــبدو كأنَّهُ لا يــَرانـي
وسَـباني فلستُ أمْلِكُ إِلاَّ
أنْ أُقاسـي قُـيودَهُ و أُعــانـي
أنْ أُقاسـي قُـيودَهُ و أُعــانـي
كلَّما قُلْتُ يا حَـبيبُ أَغِـثني
سَـدَّ أُذْنَيْهِ لاهـِياً بالــبَنـَانِ
سَـدَّ أُذْنَيْهِ لاهـِياً بالــبَنـَانِ
لا يُبالي بما أُلاقـي ويَطـغَى
مُسْتَبِدَّاً يَصولُ في عُنْفُوانِ
مُسْتَبِدَّاً يَصولُ في عُنْفُوانِ
غَـرَّهُ حُسْنُهُ البديعُ وحُـبِّي
فَهْوَ ماضٍ يَتيهُ طَـلقَ العِنانِ
فَهْوَ ماضٍ يَتيهُ طَـلقَ العِنانِ
يا فؤَادي وكنتَ قَبْلُ عَـزيزاً
كيفَ تـرضى بِذِلَّةٍ وهَوانِ
كيفَ تـرضى بِذِلَّةٍ وهَوانِ
قِفْ تأَمَّـل حَـصادَ شَـوقِـكَ واثْـأرْ
للأحاسيسِ أُزْهِقَتْ والأمَاني
للأحاسيسِ أُزْهِقَتْ والأمَاني
لا تَقُلْ لي أنا الـضَّعيفُ فإنِّي
ضِقْتُ ذَرْعاً بِقَلْبِ كُلِّ جَبَانِ
ضِقْتُ ذَرْعاً بِقَلْبِ كُلِّ جَبَانِ
ما على المَرءِ لو يعيشُ بِقَلبٍ
هَـامِدِ النَّـبْضِ خامِدِ النِّيرانِِ
هَـامِدِ النَّـبْضِ خامِدِ النِّيرانِِ
يَسْتوي عندَهُ الوِصالُ وصَـدٌّ
من حَبيبٍ مُـدلَّـلٍ ذي حِـرانِ
من حَبيبٍ مُـدلَّـلٍ ذي حِـرانِ
إنْ أراني بَوَارِقَ الوَصْلِ يوماً
فَهْيَ حَتْماً بَوادِرُ الـهِجرانِ
فَهْيَ حَتْماً بَوادِرُ الـهِجرانِ
أو حَـبَاني بِعَطْفِهِ ذاتَ يَـومٍ
صـدَّ شَهْراً ومالَ للـحِرْمانِ
صـدَّ شَهْراً ومالَ للـحِرْمانِ
أو بدا راضِـياً أراهُ سَريعاً
تًعْتريهِ ملامِحُ الـغَضْـبانِ
تًعْتريهِ ملامِحُ الـغَضْـبانِ
حَيَّرتني أحوالُهُ لستُ أدري
كيفَ أبقَى بـقُرْبِهِ في أَمـانِ
كيفَ أبقَى بـقُرْبِهِ في أَمـانِ
بينما نحنُ في السَّماوات نََسْمو
فَجْأَةً نحنُ في الحَضيضِ نُعاني
فَجْأَةً نحنُ في الحَضيضِ نُعاني
مَنْ يَـرانـا يَظُنُّ أنَّ هَـوانا
لا يُـدَانيهِ في الغرام مُـدَاني
لا يُـدَانيهِ في الغرام مُـدَاني
غيرَ أَنَّـا نَـذوقُ فيهِ عَـذاباً
ما لهُ في مَـرارَةِ الطَّعمِ ثـاني
ما لهُ في مَـرارَةِ الطَّعمِ ثـاني
يا حبيبي إذا هَـجَرْتُكَ عَـفْـوَاً
لا تـََلُمْني فَلَيٍَس في إمكاني
لا تـََلُمْني فَلَيٍَس في إمكاني
أَنْ أُلاقيكَ زاهِـداً في لِقائي
دونَ ذَنبٍ ودونَ أَيِّ بَـيانِ .
دونَ ذَنبٍ ودونَ أَيِّ بَـيانِ .
***
بشير عبد الماجد بشير
السودان
من ( ديوانها )
بشير عبد الماجد بشير
السودان
من ( ديوانها )
هَذَا المَوتُ فَاسِدٌ.. // كتبَ النص بمداد الشاعر // مصطفى الحاج حسين // سوريا
*
هَذَا المَوتُ فَاسِدٌ..*
شعر : مصطفى الحاج حسين .
وَمَازالَ بِإمكَانِنَا أنْ نَقهَرَ المَوتَ
حِينَ نَثِبُ مِنْ تَوَابِيتِـنَا
وَنُهَشَّمُ دُمُوعَ المُشَيِّعِينَ
على مَوتٍ لَيسَ مِنَّا
بَلْ مِنْ غَدرِ أيَادِيهِم
هَذَا المَوتُ فَاسِدٌ
لَقَدْ نَالَ الأعطِيَةَ والرَّشَاوَى
لِيَلتَفَّ على سَوَاعِـدِنـَا
وَيُطبِقَ على شَمسِ أصوَاتِنَا
إنَّهُ مَوتُ ذَوِي القُربَى
وَهُوَ أشَدُّ مَضَاضَةً
مِنْ مَوتِ الانفِجَارِ
القَاتِلُ يَسرِقُ مِنِّي قَبرِي !
وَيَندَسُّ في قَصِيدَتِي
يُرِيدُ أنْ يَقطِفَ وَردَ لِسَانِي
كُلُّ مَوتٍ لا يُوَاجِهُ شَجَاعَتَـنا
هُوَ مَوتٌ مَشبُوهٌ
ذَمِيمُ السِّيرَةِ والنَّشأةِ
وَنَحنُ مَنْ يُسقِي شَجَرَ الحَيَاةِ
وَمَنْ نَزِفُّ النَّدَى لِليَاسَمِينِ
لا نَمُوتُ
إلَّا وَالنُبلُ يُؤدِّي لَنَا التَّحِيَّةَ
لا نَمُوتُ
إلَّا والشَّمسُ تَغسِلُ أقدَامَـنَا
لا نَمُوتُ
إلَّا والمَلائِكَةُ تُحِيطُنَا بِالمَحَبَّةِ
و َزَغَارِيدِ الانتِصَارِ *
مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول
إسطنبول
بوصلتك فارغة // كُتبَ النص بمداد الشاعر : عدنان الريكاني // كردستان العراق
بوصلتكِ فارغة !!
--------------
عدنان الريكاني / 5/8/ 2019
------------------
وحيد أترقب
بوابة النورالعصية
مشلولة وكسيحة لمساتي
خجولة أزرار الثقب الأسود
عبثي لا أعبث بوجود الكون
رغم أن كوكبي رماد ..!
فهي النطفة الأولى
التي رفضت القرار المكين
وحلقت بأجنحة الثعالب
ليقتل أزيز الرصاصة
الموجهة لصدر الموت
دون استحياء ..
ويحك ثم ويحك أنا منذ الأزل
أزين قامتي بمروج الجواهري
المصلوبة بين ثدي السماء
ولغة الشمس القاسية
فيطيب للنفس اطراف الحديث
المموسق برائحة البرتقال
وأتجاهات عقارب القلب
الملوية نحو بوصلتك
الفارغة من نقاط الأرتكاز
وخط الأستواء ..
فتتدلق أحلام الشروق
من غصن عُشِّ طائرِ بَرّي
يقلد صهيل الجوى
وآخر الليل يمتطي
جواد الأنتظار ..
-----------------------
--------------
عدنان الريكاني / 5/8/ 2019
------------------
وحيد أترقب
بوابة النورالعصية
مشلولة وكسيحة لمساتي
خجولة أزرار الثقب الأسود
عبثي لا أعبث بوجود الكون
رغم أن كوكبي رماد ..!
فهي النطفة الأولى
التي رفضت القرار المكين
وحلقت بأجنحة الثعالب
ليقتل أزيز الرصاصة
الموجهة لصدر الموت
دون استحياء ..
ويحك ثم ويحك أنا منذ الأزل
أزين قامتي بمروج الجواهري
المصلوبة بين ثدي السماء
ولغة الشمس القاسية
فيطيب للنفس اطراف الحديث
المموسق برائحة البرتقال
وأتجاهات عقارب القلب
الملوية نحو بوصلتك
الفارغة من نقاط الأرتكاز
وخط الأستواء ..
فتتدلق أحلام الشروق
من غصن عُشِّ طائرِ بَرّي
يقلد صهيل الجوى
وآخر الليل يمتطي
جواد الأنتظار ..
-----------------------
خاطرة من وجع الخاصرة ..! // كُتبَ النص بمداد الاديب : صالح هشام // المغرب
خاطرة من وجع الخاصرة٠
شطحات قلم : صالح هشام٠
أجمح، يجمح خيالي، يجوب دروب الأمس واليوم، امتطي صهوة حصاني المجنح بلا سرج ولا لجام، يطاوعني، يحلق بي في غياهب تيهي، يقتحم أبواب عوالمي المجنونة، على صهوته كنسر من نسور لقمان، أقطع الفيافي، أجوب الأحراش والوديان، أسابق فراغات العدم ، أعض شفتي مرة، وأتنهد أخرى، وعلى صهوته أقتحم بجسدي النحيل قلاع وحصون ظلمات التاريخ، فأغترف من سراديب أرشيفه الرموز والوقائع، أبحر فيها رغم تعب الذاكرة، أجد تاريخنا نظيفا، بحد السيف والمقصلة، ابيض خال من أية خربشات، كأكفاننا البيضاء نحملها كل حين فوق راحاتنا٠
ألتمس فيه قليلا من الموضوعية، فتتلمس الصوارم مني الرقبة، وتنصب لي أعواد المشانق، ويتجمع الناس، فرأسي سيعلق على أبواب المدائن، وبه ستوسم صدور الجلادين٠ ينتفخ مني القلب، أجد نفسي أصغر بكثير من اللعب مع الكبار٠
أحاول الفرار، أقاوم جاذبية مجنونة تشدني للأرض، أتمكن من الإفلات من قبضتها، أنفصل عن واقعي، فأحلم طويلا حلما مصادرا، أخاف من ألم اليقظة، أجمع شتات نفسي، أهرب للماضي، أجدني كالعنزة أجتر الماضي، أتمسك بعباءات أجدادي، وأحتمي بعمائم وهمية، وألوك المجد الهارب في صحراء العرب٠ يعبر ذاكرتي صليل السيوف وصهيل الخيل، فأشعر بالغثيان، فواقعي العربي لا صليل سيوف ولا صهيل خيول فيه، متخم بصهيل ما تحت الحزام، مثخن بجراح خيانة ذوي القربي، فأحن حد البكاء إلى زمن نضج الجلود قبل نضج التين والعنب، فما عدت أسمع: لبيك يا غيداء العرب، لبيك يا أمة عمورية، فكيف لي أن أذعن لزمن توالت فيها الانكسارات والهزائم، فهذا زمن الغواني في أيام العرب الخوالي٠
أمتطي مطية غبني وانكساري، فأحلم وأبالغ في الحلم، لكني أجده مالحا بطعم المذلة في أوطاني، أو حلما بلا طعم ولا رائحة، فالسيوف ترقص على أكتاف الرعاديد تكاد تصم أذني، فأقول بحسرة : كيف؟ ماذا وقع؟ فالسيوف وجدت لقراع الصناديد، فما هذا الخلل الذي وقع في جيناتنا نحن بني يعرب؟
أستسلم لغفوة حلم، أخشاه حلم يقظة، أضع سلاحي/ قلمي، وماذا لي غير هذا القلم المشاغب الذي لا يخاف الحقيقة؟ أختلس لحظة من معين كسلي، وأستسلم لنوم تعكر صفوه كوابيس خوفي من رؤية وجهي في مرآة مقلوبة٠ يزورني في جوف ليل طويل، يدعوني لشطحة من شطحات لغة جريئة تنضح بالحقائق، وتفضح الأكاذيب، ألفظ نفسي بنفسي من عالم النوم، وأترك رموز كوابيسه للصباح، ربما ستفكك في أشرطة القنوات الفضائية، وستجد لها صحف الرصيف الصفراء تحليلا مناسبا لواقع عربي يرزح تحت نير قلب الحقائق والتمسك بالأكاذيب، أجد عزائي في اقتسام أغنية الأمل مع صراصيرالليل، فأنتشي بدم القلب ونجيع القلم، أقتحم خلوة المعذبين في الأرض، وأتحد بعفاريت الليل، أحكي لهم أسرار إنسانيتي المعذبة في وطني العربي المعذب٠
فأكتب ٠٠ أكتب ٠٠ أكتب طويلا ٠٠٠ يهرب مني فرسي، أمزق كل صفحاتي، أضع رأسي على الوسادة، وأغفو من جديد، أجمع رموز كوابيس ليلي، عل أحدا يضيء نفسه بصيص نور من نخوة عربية مفقودة، فيفك رموزي تفكيكا يستعصي على النفاق السياسي في وطني العربي، أو ربما تطاوعني ذاكرتي المثقوبة على تفكيكها قبل شرب قهوة الصباح ٠
ربما أستقوي بشجاعة أجدادي في أجداثهم، فأمنح فرسي حرية الحركة، ليخط في كل حرف من حروفه ما أنا فيه، ما أنت فيه، ما أنتم فيه من قهر وظلم واستعباد في أوطاننا المقهورة، ففرسي جامح، جموح، عنيد، مشاكس، وما أنا إلا عبد من عبيده، يحملني على الكتابة والكلام متى شاء، ويخذلني متى شاء، فلا عتب علي مادمت أخضع لمشيئة هذا العنيد، هذا الذي يحسن الكر والفر، سأسايره في جنونه، فركوبه عنوة وبالقوة ينفره مني إلى الأبد، فتتحجر كلماتي، وتعقني ذاكرتي، فتعاتبني رغبتي في الكتابة على غلظتي وفظاظتي٠
فأنا الميت لا حيلة لي أمام هذا الحي، يرميني متى شاء لقمة لكلاب تبدع في نهش اللحم البشري، فهو فرسي يحكمني، فهو الراكب وأنا المركوب، هو بوصلة حواسي ومشاعري، فأنا له ملء إرادتي، أتبعه حينا فأقبض السراب، ويمدني حينا بفكرة، بصورة أو بكلمة في حضيرة اللغة، فتكون القصيدة ٠٠٠ تكون المقالة ٠٠٠تكون القصة شوكة مغروزة في خاصرة هذا الواقع المثخن بجراح تأبى أن تندمل٠٠٠
شطحات قلم : صالح هشام٠
أجمح، يجمح خيالي، يجوب دروب الأمس واليوم، امتطي صهوة حصاني المجنح بلا سرج ولا لجام، يطاوعني، يحلق بي في غياهب تيهي، يقتحم أبواب عوالمي المجنونة، على صهوته كنسر من نسور لقمان، أقطع الفيافي، أجوب الأحراش والوديان، أسابق فراغات العدم ، أعض شفتي مرة، وأتنهد أخرى، وعلى صهوته أقتحم بجسدي النحيل قلاع وحصون ظلمات التاريخ، فأغترف من سراديب أرشيفه الرموز والوقائع، أبحر فيها رغم تعب الذاكرة، أجد تاريخنا نظيفا، بحد السيف والمقصلة، ابيض خال من أية خربشات، كأكفاننا البيضاء نحملها كل حين فوق راحاتنا٠
ألتمس فيه قليلا من الموضوعية، فتتلمس الصوارم مني الرقبة، وتنصب لي أعواد المشانق، ويتجمع الناس، فرأسي سيعلق على أبواب المدائن، وبه ستوسم صدور الجلادين٠ ينتفخ مني القلب، أجد نفسي أصغر بكثير من اللعب مع الكبار٠
أحاول الفرار، أقاوم جاذبية مجنونة تشدني للأرض، أتمكن من الإفلات من قبضتها، أنفصل عن واقعي، فأحلم طويلا حلما مصادرا، أخاف من ألم اليقظة، أجمع شتات نفسي، أهرب للماضي، أجدني كالعنزة أجتر الماضي، أتمسك بعباءات أجدادي، وأحتمي بعمائم وهمية، وألوك المجد الهارب في صحراء العرب٠ يعبر ذاكرتي صليل السيوف وصهيل الخيل، فأشعر بالغثيان، فواقعي العربي لا صليل سيوف ولا صهيل خيول فيه، متخم بصهيل ما تحت الحزام، مثخن بجراح خيانة ذوي القربي، فأحن حد البكاء إلى زمن نضج الجلود قبل نضج التين والعنب، فما عدت أسمع: لبيك يا غيداء العرب، لبيك يا أمة عمورية، فكيف لي أن أذعن لزمن توالت فيها الانكسارات والهزائم، فهذا زمن الغواني في أيام العرب الخوالي٠
أمتطي مطية غبني وانكساري، فأحلم وأبالغ في الحلم، لكني أجده مالحا بطعم المذلة في أوطاني، أو حلما بلا طعم ولا رائحة، فالسيوف ترقص على أكتاف الرعاديد تكاد تصم أذني، فأقول بحسرة : كيف؟ ماذا وقع؟ فالسيوف وجدت لقراع الصناديد، فما هذا الخلل الذي وقع في جيناتنا نحن بني يعرب؟
أستسلم لغفوة حلم، أخشاه حلم يقظة، أضع سلاحي/ قلمي، وماذا لي غير هذا القلم المشاغب الذي لا يخاف الحقيقة؟ أختلس لحظة من معين كسلي، وأستسلم لنوم تعكر صفوه كوابيس خوفي من رؤية وجهي في مرآة مقلوبة٠ يزورني في جوف ليل طويل، يدعوني لشطحة من شطحات لغة جريئة تنضح بالحقائق، وتفضح الأكاذيب، ألفظ نفسي بنفسي من عالم النوم، وأترك رموز كوابيسه للصباح، ربما ستفكك في أشرطة القنوات الفضائية، وستجد لها صحف الرصيف الصفراء تحليلا مناسبا لواقع عربي يرزح تحت نير قلب الحقائق والتمسك بالأكاذيب، أجد عزائي في اقتسام أغنية الأمل مع صراصيرالليل، فأنتشي بدم القلب ونجيع القلم، أقتحم خلوة المعذبين في الأرض، وأتحد بعفاريت الليل، أحكي لهم أسرار إنسانيتي المعذبة في وطني العربي المعذب٠
فأكتب ٠٠ أكتب ٠٠ أكتب طويلا ٠٠٠ يهرب مني فرسي، أمزق كل صفحاتي، أضع رأسي على الوسادة، وأغفو من جديد، أجمع رموز كوابيس ليلي، عل أحدا يضيء نفسه بصيص نور من نخوة عربية مفقودة، فيفك رموزي تفكيكا يستعصي على النفاق السياسي في وطني العربي، أو ربما تطاوعني ذاكرتي المثقوبة على تفكيكها قبل شرب قهوة الصباح ٠
ربما أستقوي بشجاعة أجدادي في أجداثهم، فأمنح فرسي حرية الحركة، ليخط في كل حرف من حروفه ما أنا فيه، ما أنت فيه، ما أنتم فيه من قهر وظلم واستعباد في أوطاننا المقهورة، ففرسي جامح، جموح، عنيد، مشاكس، وما أنا إلا عبد من عبيده، يحملني على الكتابة والكلام متى شاء، ويخذلني متى شاء، فلا عتب علي مادمت أخضع لمشيئة هذا العنيد، هذا الذي يحسن الكر والفر، سأسايره في جنونه، فركوبه عنوة وبالقوة ينفره مني إلى الأبد، فتتحجر كلماتي، وتعقني ذاكرتي، فتعاتبني رغبتي في الكتابة على غلظتي وفظاظتي٠
فأنا الميت لا حيلة لي أمام هذا الحي، يرميني متى شاء لقمة لكلاب تبدع في نهش اللحم البشري، فهو فرسي يحكمني، فهو الراكب وأنا المركوب، هو بوصلة حواسي ومشاعري، فأنا له ملء إرادتي، أتبعه حينا فأقبض السراب، ويمدني حينا بفكرة، بصورة أو بكلمة في حضيرة اللغة، فتكون القصيدة ٠٠٠ تكون المقالة ٠٠٠تكون القصة شوكة مغروزة في خاصرة هذا الواقع المثخن بجراح تأبى أن تندمل٠٠٠
في يوم ... في شهر // كُتبَ النص بمداد الشاعر : عبد الزهرة خالد // العراق
في يوم … في شهر
——————
ليس بمقدورِ الأيام
أن تحسبَ لحظاتٍ طاعنةً بالحبّ
حالما ينتهي الشهرُ في جيبِ الأجير ،
ليس بمقدورها
أن تحصي أفواهً متخمةً بلقماتِ الفقراء
عندما يطلّ هلالُ الشهر ،
ليس باستطاعتها
أن تنزعَ اللونَ من أحذيةِ الجرحى
عندما يُوارى القدمُ الثرى
قبل توقيعِ الهدنةِ في بدايةِ الشهر ،
ربما بمقدورها أن تسمعَ
صيحةَ قصيدةٍ بوجهِ الشروقِ الثاني
بنفسِ اليومِ من هذا الشهر ..
٠-٠-٠-٠-٠-٠
عبدالزهرة خالد
البصرة / ١٧-٨-٢٠١٩
——————
ليس بمقدورِ الأيام
أن تحسبَ لحظاتٍ طاعنةً بالحبّ
حالما ينتهي الشهرُ في جيبِ الأجير ،
ليس بمقدورها
أن تحصي أفواهً متخمةً بلقماتِ الفقراء
عندما يطلّ هلالُ الشهر ،
ليس باستطاعتها
أن تنزعَ اللونَ من أحذيةِ الجرحى
عندما يُوارى القدمُ الثرى
قبل توقيعِ الهدنةِ في بدايةِ الشهر ،
ربما بمقدورها أن تسمعَ
صيحةَ قصيدةٍ بوجهِ الشروقِ الثاني
بنفسِ اليومِ من هذا الشهر ..
٠-٠-٠-٠-٠-٠
عبدالزهرة خالد
البصرة / ١٧-٨-٢٠١٩
على قارعة الانتظار // كُتبَ النص بمداد الشاعر: جواد البصري // العراق
على قارعة الإنتظار
****************
ما زالت!!
قابعة بين جدران
زنزانتها..
تتضور شوقاً إلى
فضاءات الله الرحبة
والطابور المركون في قن الخنوع
ينتظر ملائكة السماء
على دابةٍ من نور..
تقود هشيمه نحو الخلاص
مكتفياً بالتصفيق والزعيق
الحقيقة ناصعة البياض
لا تحتاج إلى لبس وتدليس
فدَعوها بحشمتها
ترتقي منصة الخلاص
******************
دون بيارق..!
وحذار من إمعات
أنهم حراسُ المبغى..
خلاسيون يمتطون نشيج عواطفكم
ليدرأوا بها عن قباحة وجوههم
في لحظة إحتدام
على أرصفة الخديعة والضياع
تقود صرخاتكم نحو مرافئ الخيبات
فتبقون على السطور هوامش
دون معانٍ مجرد كلمات
هشاشة الزمن المُثقل بالأرق
تنخر أثداءها...
وتقيم فوق الركام لها
مآتم الويلات
الشمس لا تعشق من النهار
إلا مَنْ يبُدّر في إنتزاع رزقه في الصباح
*********************
جواد البصري ✒
****************
ما زالت!!
قابعة بين جدران
زنزانتها..
تتضور شوقاً إلى
فضاءات الله الرحبة
والطابور المركون في قن الخنوع
ينتظر ملائكة السماء
على دابةٍ من نور..
تقود هشيمه نحو الخلاص
مكتفياً بالتصفيق والزعيق
الحقيقة ناصعة البياض
لا تحتاج إلى لبس وتدليس
فدَعوها بحشمتها
ترتقي منصة الخلاص
******************
دون بيارق..!
وحذار من إمعات
أنهم حراسُ المبغى..
خلاسيون يمتطون نشيج عواطفكم
ليدرأوا بها عن قباحة وجوههم
في لحظة إحتدام
على أرصفة الخديعة والضياع
تقود صرخاتكم نحو مرافئ الخيبات
فتبقون على السطور هوامش
دون معانٍ مجرد كلمات
هشاشة الزمن المُثقل بالأرق
تنخر أثداءها...
وتقيم فوق الركام لها
مآتم الويلات
الشمس لا تعشق من النهار
إلا مَنْ يبُدّر في إنتزاع رزقه في الصباح
*********************
جواد البصري ✒
ما موراء قميص الشمس // كُتبَ النص بمداد الشاعر : احمد بياض // المغرب
ما وراء قميص الشمس****
ما بعدك
سر الحكاية
ومطر مسجون.
للنور
وراء العتمة،
خلف التراب:
عراء نجمة
وساحل بريق...
في صمت الهواء:
مشكاة زيتونة،
حفيف قبلة،
قاموس التراتيل...
لن
نفترق أبدا ،
في سكرة الخيام.
ما
نسينا
عشب الفراغ
وباقي الجسد
ينحت مظلة.
سيأتي
صوت الموج
خريفا
على رياح أمسية؛
وتستوي الشمس
بمساجد دمي
وأذهب
كليل قديم.....
سر الحكاية
ومطر مسجون.
للنور
وراء العتمة،
خلف التراب:
عراء نجمة
وساحل بريق...
في صمت الهواء:
مشكاة زيتونة،
حفيف قبلة،
قاموس التراتيل...
لن
نفترق أبدا ،
في سكرة الخيام.
ما
نسينا
عشب الفراغ
وباقي الجسد
ينحت مظلة.
سيأتي
صوت الموج
خريفا
على رياح أمسية؛
وتستوي الشمس
بمساجد دمي
وأذهب
كليل قديم.....
ذ بياض أحمد المغرب
اذا ضيعت الامانة فانتظر الساعة // بقلم الدكتور صالح العطوان الحيالي // العراق
اذا ضيعت الامانة فانتظر الساعة
ــــــــــــــــــــــد. صالح العطوان الحيالي -العراق - 12-8-2019
لا يمكننا الحديث عن مجتمعٍ لا تسود فيه الأمانة، ولا يمكننا كذلك أن نتخيّل تبعات غياب هذه السمة الخلقيّة الأصيلة، الراسخة في جذور التاريخ؛ ذلك لأنها المنطلق الحقيقي للنجاح والازدهار، كما أنها من السنن الناظمة للحياة والموصلة إلى الأمان والسلم الاجتماعي .
وإن إقصاء هذه الفضيلة يعني بالضرورة مجتمعاً تسوده الفوضى ويغلب عليه الغش في المعاملات، وأن تكون الكلمة العليا للغبن وإنقاص الحقوق، وسريان قاعدة: "البقاء للأدهى" بدلاً من: "البقاء للأصلح"، الأمر الذي سيُسهم في تقويض البناء الحضاري للأمم والشعوب.
ولعلماء الاجتماع حكمة مأثورة تقول: "أمّة لا أمانة فيها، لا حضارة فيها" ، وهكذا أثبتت التجارب البشريّة على مرّ العصور، لتؤكّد أن وجود هذا الخلق ضرورة من ضرورات الحياة لا تقوم بدونه أو تستقيم.
لكنّ غياب الأمانة، ونضوب منابعها، وقلّة أثرها، هو أمرٌ لا مفرّ من حدوثه، وقضاءٌ محتومٌ لا بد من وقوعه، ونحن لم نأتِ بهذه التوقّعات من عند أنفسنا، أو من خلال دراساتنا فحسب، بل كان المعتمد في ذلك بالأساس على نبوءةٍ ورد ذكرها في السنّة، تحدّثت عن هذه الانتكاسة الأخلاقية باعتباره من أشراط الساعة، فأين ورد ذلك؟
حين تضعف الديانة تضمحل الأمانة، وتظهر الخيانة، وتباع الذمم، وتسترخص أرواح الناس، وتستباح حقوقهم، وينتج عن ذلك فساد الأحوال، وتأخر العمران، وتقهقر الحضارة، إذ يسود أهل الجهل والغش، ويؤخر أولو العلم والنصح، وذلك من إمارات الساعة.
وإذا كانت الخيانة، وعدم أداء الأمانة تضر ضرراً بالغاً في الحقوق الخاصة، فكيف إذا كان انعدام الأمانة، والتلطخ بالخيانة يصل إلى الأمور العامة التي يتأثر بها الجمع الكثير من الناس؟
إن الأمانة لا توجد إلا حيث يوجد العدل، وإذا ساد الظلم ولدت معه الخيانة، وبالعدل والأمانة تزدهر الحضارة، وتتقدم الدول والأمم، ويعرف الناس حقوقهم وواجباتهم، وفي القرآن نجد الأمر بالأمانة، والنهي عن الخيانة، والتشديد في ذلك، كما نجد اقتران الأمر بالأمانة مع الأمر بالعدل لأنهما صنوان، كما أن الخيانة والظلم إخوان {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ} [النساء:58] فأمر سبحانه بالعدل والأمانة.
وامتدح عز وجل أداء الأمانة، وجعله من أوصاف المؤمنين، ومن أوصاف المصلين {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون:8]. ونهى سبحانه المؤمنين عن الخيانة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:27] وفي القرآن أيضا {إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الخَائِنِين} [الأنفال: من الآية 58] وفيه أيضاً {وَأَنَّ اللهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الخَائِنِينَ} [يوسف: من الآية 52] وتعوذ النبي صلى الله عليه وسلم من الخيانة فقال: «وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة» (رواه أبو داود).
وجاء في الحديث نفي الإيمان عن الخائن، لأن الإيمان يدعو صاحبه للأمانة، وينهاه عن الخيانة قال أَنَسٌ رضي الله عنه: ما خَطَبَنَا نبي الله صلى الله عليه وسلم إِلاَّ قال: «لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ له» (رواه أحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان).
ولعظيم أمر الأمانة في صلاح الأمة، واستقامة أحوالها، وازدهار عمرانها كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسخ الأمانة في قلوب أصحابه بذكر قصص الأمناء من الأمم السالفة كما في حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اشْتَرَى رَجُلٌ من رَجُلٍ عَقَارًا له فَوَجَدَ الرَّجُلُ الذي اشْتَرَى الْعَقَارَ في عَقَارِهِ جَرَّةً فيها ذَهَبٌ فقال له الذي اشْتَرَى الْعَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي إنما اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الْأَرْضَ ولم أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ، فقال الذي شَرَى الْأَرْضَ: إنما بِعْتُكَ الْأَرْضَ وما فيها، قال: فَتَحَاكَمَا إلى رَجُلٍ فقال الذي تَحَاكَمَا إليه: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ فقال أَحَدُهُمَا: لي غُلَامٌ، وقال الْآخَرُ: لي جَارِيَةٌ قال: أَنْكِحُوا الْغُلَامَ الْجَارِيَةَ وَأَنْفِقُوا على أَنْفُسِكُمَا منه وَتَصَدَّقَا» (رواه الشيخان).
وفي حديث آخر عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا من بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فقال: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ، فقال: كَفَى بِالله شَهِيدًا، قال: فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قال: كَفَى بِالله كَفِيلًا، قال: صَدَقْتَ، فَدَفَعَهَا إليه إلى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ في الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عليه لِلْأَجَلِ الذي أَجَّلَهُ فلم يَجِدْ مَرْكَبًا فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فيها أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً منه إلى صَاحِبِهِ ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا ثُمَّ أتى بها إلى الْبَحْرِ فقال: اللهم إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كنت تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ فَسَأَلَنِي كَفِيلَاً فقلت كَفَى بِالله كَفِيلًا فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فقلت كَفَى بِالله شَهِيدًا فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إليه الذي له فلم أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا، فَرَمَى بها في الْبَحْرِ حتى ولَجَتْ فيه، ثُمَّ انْصَرَفَ وهو في ذلك يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إلى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الذي أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قد جاء بِمَالِهِ فإذا بِالْخَشَبَةِ التي فيها الْمَالُ فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا فلما نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الذي كان أَسْلَفَهُ فَأَتَى بِالْأَلْفِ دِينَارٍ، فقال: والله ما زِلْتُ جَاهِدًا في طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ فما وَجَدْتُ مَرْكَبًا قبل الذي أَتَيْتُ فيه، قال: هل كُنْتَ بَعَثْتَ إلي بِشَيْءٍ، قال: أُخْبِرُكَ أَنِّي لم أَجِدْ مَرْكَبًا قبل الذي جِئْتُ فيه، قال: فإن الله قد أَدَّى عَنْكَ الذي بَعَثْتَ في الْخَشَبَةِ فَانْصَرِفْ بِالْأَلْفِ دينار رَاشِدًا» (رواه البخاري)
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذهاب الأمانة في آخر الزمان في حديث حذيفة رضي الله عنه وجاء فيه: «فَيُصْبِحُ الناس يَتَبَايَعُونَ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ حتى يُقَالَ: إِنَّ في بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا» (رواه الشيخان).
وسأله عليه الصلاة والسلام رجل عن وقت الساعة فأجابه قائلاً: «فَإِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ» (رواه البخاري). وقال ابْن مَسْعُود رضي الله عنه: «أول ما تفقدون من دينكم الأمانة».
روى حذيفة رضي الله عنه قال: ((حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة. وحدثنا عن رفعها قال: ينام الرجل النومة، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتقبض فيبقى أثرها مثل المجل، كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراه منتبراً وليس فيه شيء، فيصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة، فيقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، ويقال للرجل: ما أعقله, وما أظرفه, وما أجلده، وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان. ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلماً ردَّه عليَّ الإسلام، وإن كان نصرانياً ردَّه عليَّ ساعيه، فأما اليوم: فما كنت أبايع إلا فلاناً وفلاناً)) وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم كيف ترفع الأمانة من القلوب, وأنه لا يبقى منها في القلب إلا أثرها.
روى حذيفة رضي الله عنه قال: ((حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة. وحدثنا عن رفعها قال: ينام الرجل النومة، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتقبض فيبقى أثرها مثل المجل، كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراه منتبراً وليس فيه شيء، فيصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة، فيقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، ويقال للرجل: ما أعقله, وما أظرفه, وما أجلده، وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان. ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلماً ردَّه عليَّ الإسلام، وإن كان نصرانياً ردَّه عليَّ ساعيه، فأما اليوم: فما كنت أبايع إلا فلاناً وفلاناً)) ففي هذا الحديث بيان أن الأمانة سترفع من القلوب، حتى يصير الرجل خائناً بعد أن كان أميناً، وهذا إنما يقع لمن ذهبت خشيته, وضعف إيمانه, وخالط أهل الخيانة فيصير خائناً، لأن القرين يقتدي بقرينه.
ومن مظاهر تضييع الأمانة إسناد أمور الناس من إمارة وخلافة وقضاء ووظائف على اختلافها إلى غير أهلها القادرين على تسييرها والمحافظة عليها، لأن في ذلك تضييعاً لحقوق الناس، واستخفافاً بمصالحهم, وإيغاراً لصدورهم، وإثارة للفتن بينهم.
فإذا ضيع من يتولى أمر الناس الأمانة، والناس تبع لمن يتولى أمرهم، كانوا مثله في تضييع الأمانة، فصلاح حال الولاة صلاح لحال الرعية, وفساده فساد لهم، ثم أن إسناد الأمر إلى غير أهله دليل واضح على عدم اكتراث الناس بدينهم, حتى أنهم ليولون أمرهم من لا يهتم بدينه وهذا إنما يكون عند غلبة الجهل ورفع العلم, ولهذا ذكر البخاري رحمه الله حديث أبي هريرة الماضي في كتاب العلم إشارة إلى هذا.
قال ابن حجر: (ومناسبة هذا المتن لكتاب العلم أن إسناد الأمر إلى غير أهله إنما يكون عند غلبة الجهل ورفع العلم، وذلك من جملة الأشراط) وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه ستكون هناك سنون خداعة, تنعكس فيها الأمور, يكذب فيها الصادق, ويصدق فيها الكاذب، ويخون الأمين, ويؤتمن الخائن
في قديم الزمان كان هناك في بغداد سوق اسمه سوق مدحت باشا أو السوق الطويل و كانت العادة أن توضع الأمانات من أموال و ذهب عند أول دكان في هذا السوق و يغادر صاحبها إلى الحج و عند عودته يمر على صاحب الدكان و يأخذ أمانته و يمضي إلى بلده .......
و في احد الايام جاء رجل من خارج بغداد يحمل صرة حمراء و توقف عند أحد الدكاكين و أعطى صاحب الدكان هذه الصرة طالبا منه أن يودعها عنده أمانة إلى حين عودته من الحج .....وافق صاحب الدكان بعد أن تأكد من عددها البالغ ثلاثة آلاف درهم و تعرف عليه و غادر الرجل إلى الحج قاصدا بيت الله الحرام ...بعد عدة أشهر عاد الرجل و دخل إلى الدكان فلم يجد صاحبها فسأل عنه فقال له العمال إنه في البيت و سيعود قريبا و عند عودته طلب منه الرجل ماله .......
فقال له كم أودعت لدينا .....؟؟؟
قال له : ثلاثة آلاف درهم....
قال له : ما اسمك ..... ؟؟؟؟
قال له : اسمي فلان ألا تذكرني ❔
قال له : في أي يوم كان ..... ؟؟؟
قال له : يوم كذا و بدأ الرجل يرتاب من الأسئلة .......
قال له : ما لون الصرة التي وضعتها بها ......؟؟؟؟
قال له : صرة حمراء ......
قال له : اجلس قليلا و أمر بإحضار طعام الغداء و استأذن منه بأن عنده أمر ضروري و سيعود على الفور .....
إنتظر الرجل وقت ليس بالقصير و إذا بصاحب الدكان قد جاء حاملا معه صرة حمراء و فيها ثلاثة آلاف درهم عدهم الرجل و تأكد منهم و قال لصاحب الدكان جزاك الله خيرا و انصرف ....و بينما هو يمشي في السوق و إذا به يرى شيئا غريبا اقترب ليتأكد منه فدخل إلى دكان آخر و كانت المفاجأة .....هذا هو الدكان التي وضع أمانته فيه ..... !!!!
قال لصاحب الدكان السلام عليكم عليكم .... فرد صاحب الدكان وعليكم السلام و رحمة الله ......
تقبل الله منك الحج و الحمد لله على سلامتك .....هذه أمانتك يا حاج فأعاد له صرته وفيها ثلاثة آلاف درهم ...أصاب الرجل الدهشة فقص عليه ما حصل ....وأنه أخطأ في الدكان و دخل عند جاره فأعطاه المال و لم يشكك بكلامه ......؟؟؟
ذهبوا إليه و سألوه كيف تعطي الرجل المال و هو لم يضع عندك أمانته في الأصل .....؟؟؟
فقال لهم : والله الذي لا إله إلا هو إني لم أعرفه و لم أتذكر أن لديه أمانة عندي و لكن لما رأيت أنه واثق من كلامه معي وأنه غريب عن هذه البلاد فكرت أني إن لم أعطه أمانته سيذهب مكسور الخاطر و سيحدث أهله و يقول أن أمانته سرقت منه في سوق بغداد و سيذيع الصيت عن أهل العراق كلهم و ليس عن الشخص الذي سرق منه الأمانة .....
و تذكرت كلام الله تعالى : (فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته و ليتق الله ربه )
فذهبت و بعت بضاعة كانت عندي بألف درهم فلم تكف لسداد الأمانة و استدنت من صديق ألف و خمسمائة درهم و كان معي خمسمائة فأكملتهم له ......
في صدر هذه الأمة نماذج مضيئة لمتانة الديانة، وأداء الأمانة، والبعد عن الخيانة، وفي خَلَفها ثلة منهم، فالخير لا يزال في أمة محمد صلى الله عليه وسلم. تولوا ولايات كانت الأموال العظيمة تحت تصرفهم، وفي متناول أيديهم فما أخذوا شيئاً ليس لهم، ولا بخسوا الناس حقاً هو لهم، وجيء بكنوز كسرى لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعجب عمر والمسلمون من كثرتها وتنوعها، وبُهروا بها، فقال عمر رضي الله عنه: «إن قوماً أدَّوا هذا لأمناء! فقال له علي رضي الله عنه: إنك عفَفْتَ فعفَّت رعيتُك ولو رتعتَ لرتعت».
وولي عياض بن غَنْمٍ رضي الله عنه ولاية في الشام لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما تولى قدم عليه نفر من أهل بيته يطلبون صلته ومعروفه فلقيهم بالبِشر فأنزلهم وأكرمهم فأقاموا أياماً ثم سألوه في الصلة، وأخبروه بما تكلفوا من السفر إليه، رجاء معروفه، فأعطى كل رجل منهم عشرة دنانير -وكانوا خمسة- فردوها وتسخطوا ونالوا منه، فقال: «أي بني عم، والله ما أُنكر قرابتكم ولا حقكم ولا بُعد شُقتكم ولكن والله ما خلصت إلى ما وصلتكم به إلا ببيع خادمي وبيع ما لا غنى لي عنه فاعذروني. قالوا: الله، ما عذرك، الله، إنك والي نصف الشام وتعطي الرجل منا ما جُهده أن يبلغه إلى أهله! فقال: فتأمروني إن أسرق مال الله، فو الله لأن أُشق بالمنشار أو أُبرى كما يُبرى السَّفَن أحب إلي من أن أخون فلساً أو أتعدى وأحمل على مسلم ظلماً أو على معاهد» (رواه ابن الجوزي وابن عساكر).
اين نحن من هذا في زمن أصبح أكل أموال الناس بالباطل مذهب و شطارة و أصبح الأمين عملة نادرة و شيء غريب بين الناس .....
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال :
" إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة "
د. صالح العطوان الحيالي"
ــــــــــــــــــــــد. صالح العطوان الحيالي -العراق - 12-8-2019
لا يمكننا الحديث عن مجتمعٍ لا تسود فيه الأمانة، ولا يمكننا كذلك أن نتخيّل تبعات غياب هذه السمة الخلقيّة الأصيلة، الراسخة في جذور التاريخ؛ ذلك لأنها المنطلق الحقيقي للنجاح والازدهار، كما أنها من السنن الناظمة للحياة والموصلة إلى الأمان والسلم الاجتماعي .
وإن إقصاء هذه الفضيلة يعني بالضرورة مجتمعاً تسوده الفوضى ويغلب عليه الغش في المعاملات، وأن تكون الكلمة العليا للغبن وإنقاص الحقوق، وسريان قاعدة: "البقاء للأدهى" بدلاً من: "البقاء للأصلح"، الأمر الذي سيُسهم في تقويض البناء الحضاري للأمم والشعوب.
ولعلماء الاجتماع حكمة مأثورة تقول: "أمّة لا أمانة فيها، لا حضارة فيها" ، وهكذا أثبتت التجارب البشريّة على مرّ العصور، لتؤكّد أن وجود هذا الخلق ضرورة من ضرورات الحياة لا تقوم بدونه أو تستقيم.
لكنّ غياب الأمانة، ونضوب منابعها، وقلّة أثرها، هو أمرٌ لا مفرّ من حدوثه، وقضاءٌ محتومٌ لا بد من وقوعه، ونحن لم نأتِ بهذه التوقّعات من عند أنفسنا، أو من خلال دراساتنا فحسب، بل كان المعتمد في ذلك بالأساس على نبوءةٍ ورد ذكرها في السنّة، تحدّثت عن هذه الانتكاسة الأخلاقية باعتباره من أشراط الساعة، فأين ورد ذلك؟
حين تضعف الديانة تضمحل الأمانة، وتظهر الخيانة، وتباع الذمم، وتسترخص أرواح الناس، وتستباح حقوقهم، وينتج عن ذلك فساد الأحوال، وتأخر العمران، وتقهقر الحضارة، إذ يسود أهل الجهل والغش، ويؤخر أولو العلم والنصح، وذلك من إمارات الساعة.
وإذا كانت الخيانة، وعدم أداء الأمانة تضر ضرراً بالغاً في الحقوق الخاصة، فكيف إذا كان انعدام الأمانة، والتلطخ بالخيانة يصل إلى الأمور العامة التي يتأثر بها الجمع الكثير من الناس؟
إن الأمانة لا توجد إلا حيث يوجد العدل، وإذا ساد الظلم ولدت معه الخيانة، وبالعدل والأمانة تزدهر الحضارة، وتتقدم الدول والأمم، ويعرف الناس حقوقهم وواجباتهم، وفي القرآن نجد الأمر بالأمانة، والنهي عن الخيانة، والتشديد في ذلك، كما نجد اقتران الأمر بالأمانة مع الأمر بالعدل لأنهما صنوان، كما أن الخيانة والظلم إخوان {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ} [النساء:58] فأمر سبحانه بالعدل والأمانة.
وامتدح عز وجل أداء الأمانة، وجعله من أوصاف المؤمنين، ومن أوصاف المصلين {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون:8]. ونهى سبحانه المؤمنين عن الخيانة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:27] وفي القرآن أيضا {إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الخَائِنِين} [الأنفال: من الآية 58] وفيه أيضاً {وَأَنَّ اللهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الخَائِنِينَ} [يوسف: من الآية 52] وتعوذ النبي صلى الله عليه وسلم من الخيانة فقال: «وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة» (رواه أبو داود).
وجاء في الحديث نفي الإيمان عن الخائن، لأن الإيمان يدعو صاحبه للأمانة، وينهاه عن الخيانة قال أَنَسٌ رضي الله عنه: ما خَطَبَنَا نبي الله صلى الله عليه وسلم إِلاَّ قال: «لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ له» (رواه أحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان).
ولعظيم أمر الأمانة في صلاح الأمة، واستقامة أحوالها، وازدهار عمرانها كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسخ الأمانة في قلوب أصحابه بذكر قصص الأمناء من الأمم السالفة كما في حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اشْتَرَى رَجُلٌ من رَجُلٍ عَقَارًا له فَوَجَدَ الرَّجُلُ الذي اشْتَرَى الْعَقَارَ في عَقَارِهِ جَرَّةً فيها ذَهَبٌ فقال له الذي اشْتَرَى الْعَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي إنما اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الْأَرْضَ ولم أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ، فقال الذي شَرَى الْأَرْضَ: إنما بِعْتُكَ الْأَرْضَ وما فيها، قال: فَتَحَاكَمَا إلى رَجُلٍ فقال الذي تَحَاكَمَا إليه: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ فقال أَحَدُهُمَا: لي غُلَامٌ، وقال الْآخَرُ: لي جَارِيَةٌ قال: أَنْكِحُوا الْغُلَامَ الْجَارِيَةَ وَأَنْفِقُوا على أَنْفُسِكُمَا منه وَتَصَدَّقَا» (رواه الشيخان).
وفي حديث آخر عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا من بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فقال: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ، فقال: كَفَى بِالله شَهِيدًا، قال: فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قال: كَفَى بِالله كَفِيلًا، قال: صَدَقْتَ، فَدَفَعَهَا إليه إلى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ في الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عليه لِلْأَجَلِ الذي أَجَّلَهُ فلم يَجِدْ مَرْكَبًا فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فيها أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً منه إلى صَاحِبِهِ ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا ثُمَّ أتى بها إلى الْبَحْرِ فقال: اللهم إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كنت تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ فَسَأَلَنِي كَفِيلَاً فقلت كَفَى بِالله كَفِيلًا فَرَضِيَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فقلت كَفَى بِالله شَهِيدًا فَرَضِيَ بِكَ، وَأَنِّي جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إليه الذي له فلم أَقْدِرْ، وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا، فَرَمَى بها في الْبَحْرِ حتى ولَجَتْ فيه، ثُمَّ انْصَرَفَ وهو في ذلك يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إلى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الذي أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قد جاء بِمَالِهِ فإذا بِالْخَشَبَةِ التي فيها الْمَالُ فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا فلما نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الذي كان أَسْلَفَهُ فَأَتَى بِالْأَلْفِ دِينَارٍ، فقال: والله ما زِلْتُ جَاهِدًا في طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ فما وَجَدْتُ مَرْكَبًا قبل الذي أَتَيْتُ فيه، قال: هل كُنْتَ بَعَثْتَ إلي بِشَيْءٍ، قال: أُخْبِرُكَ أَنِّي لم أَجِدْ مَرْكَبًا قبل الذي جِئْتُ فيه، قال: فإن الله قد أَدَّى عَنْكَ الذي بَعَثْتَ في الْخَشَبَةِ فَانْصَرِفْ بِالْأَلْفِ دينار رَاشِدًا» (رواه البخاري)
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذهاب الأمانة في آخر الزمان في حديث حذيفة رضي الله عنه وجاء فيه: «فَيُصْبِحُ الناس يَتَبَايَعُونَ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ حتى يُقَالَ: إِنَّ في بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا» (رواه الشيخان).
وسأله عليه الصلاة والسلام رجل عن وقت الساعة فأجابه قائلاً: «فَإِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ» (رواه البخاري). وقال ابْن مَسْعُود رضي الله عنه: «أول ما تفقدون من دينكم الأمانة».
روى حذيفة رضي الله عنه قال: ((حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة. وحدثنا عن رفعها قال: ينام الرجل النومة، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتقبض فيبقى أثرها مثل المجل، كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراه منتبراً وليس فيه شيء، فيصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة، فيقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، ويقال للرجل: ما أعقله, وما أظرفه, وما أجلده، وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان. ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلماً ردَّه عليَّ الإسلام، وإن كان نصرانياً ردَّه عليَّ ساعيه، فأما اليوم: فما كنت أبايع إلا فلاناً وفلاناً)) وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم كيف ترفع الأمانة من القلوب, وأنه لا يبقى منها في القلب إلا أثرها.
روى حذيفة رضي الله عنه قال: ((حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة. وحدثنا عن رفعها قال: ينام الرجل النومة، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتقبض فيبقى أثرها مثل المجل، كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراه منتبراً وليس فيه شيء، فيصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة، فيقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، ويقال للرجل: ما أعقله, وما أظرفه, وما أجلده، وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان. ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلماً ردَّه عليَّ الإسلام، وإن كان نصرانياً ردَّه عليَّ ساعيه، فأما اليوم: فما كنت أبايع إلا فلاناً وفلاناً)) ففي هذا الحديث بيان أن الأمانة سترفع من القلوب، حتى يصير الرجل خائناً بعد أن كان أميناً، وهذا إنما يقع لمن ذهبت خشيته, وضعف إيمانه, وخالط أهل الخيانة فيصير خائناً، لأن القرين يقتدي بقرينه.
ومن مظاهر تضييع الأمانة إسناد أمور الناس من إمارة وخلافة وقضاء ووظائف على اختلافها إلى غير أهلها القادرين على تسييرها والمحافظة عليها، لأن في ذلك تضييعاً لحقوق الناس، واستخفافاً بمصالحهم, وإيغاراً لصدورهم، وإثارة للفتن بينهم.
فإذا ضيع من يتولى أمر الناس الأمانة، والناس تبع لمن يتولى أمرهم، كانوا مثله في تضييع الأمانة، فصلاح حال الولاة صلاح لحال الرعية, وفساده فساد لهم، ثم أن إسناد الأمر إلى غير أهله دليل واضح على عدم اكتراث الناس بدينهم, حتى أنهم ليولون أمرهم من لا يهتم بدينه وهذا إنما يكون عند غلبة الجهل ورفع العلم, ولهذا ذكر البخاري رحمه الله حديث أبي هريرة الماضي في كتاب العلم إشارة إلى هذا.
قال ابن حجر: (ومناسبة هذا المتن لكتاب العلم أن إسناد الأمر إلى غير أهله إنما يكون عند غلبة الجهل ورفع العلم، وذلك من جملة الأشراط) وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه ستكون هناك سنون خداعة, تنعكس فيها الأمور, يكذب فيها الصادق, ويصدق فيها الكاذب، ويخون الأمين, ويؤتمن الخائن
في قديم الزمان كان هناك في بغداد سوق اسمه سوق مدحت باشا أو السوق الطويل و كانت العادة أن توضع الأمانات من أموال و ذهب عند أول دكان في هذا السوق و يغادر صاحبها إلى الحج و عند عودته يمر على صاحب الدكان و يأخذ أمانته و يمضي إلى بلده .......
و في احد الايام جاء رجل من خارج بغداد يحمل صرة حمراء و توقف عند أحد الدكاكين و أعطى صاحب الدكان هذه الصرة طالبا منه أن يودعها عنده أمانة إلى حين عودته من الحج .....وافق صاحب الدكان بعد أن تأكد من عددها البالغ ثلاثة آلاف درهم و تعرف عليه و غادر الرجل إلى الحج قاصدا بيت الله الحرام ...بعد عدة أشهر عاد الرجل و دخل إلى الدكان فلم يجد صاحبها فسأل عنه فقال له العمال إنه في البيت و سيعود قريبا و عند عودته طلب منه الرجل ماله .......
فقال له كم أودعت لدينا .....؟؟؟
قال له : ثلاثة آلاف درهم....
قال له : ما اسمك ..... ؟؟؟؟
قال له : اسمي فلان ألا تذكرني ❔
قال له : في أي يوم كان ..... ؟؟؟
قال له : يوم كذا و بدأ الرجل يرتاب من الأسئلة .......
قال له : ما لون الصرة التي وضعتها بها ......؟؟؟؟
قال له : صرة حمراء ......
قال له : اجلس قليلا و أمر بإحضار طعام الغداء و استأذن منه بأن عنده أمر ضروري و سيعود على الفور .....
إنتظر الرجل وقت ليس بالقصير و إذا بصاحب الدكان قد جاء حاملا معه صرة حمراء و فيها ثلاثة آلاف درهم عدهم الرجل و تأكد منهم و قال لصاحب الدكان جزاك الله خيرا و انصرف ....و بينما هو يمشي في السوق و إذا به يرى شيئا غريبا اقترب ليتأكد منه فدخل إلى دكان آخر و كانت المفاجأة .....هذا هو الدكان التي وضع أمانته فيه ..... !!!!
قال لصاحب الدكان السلام عليكم عليكم .... فرد صاحب الدكان وعليكم السلام و رحمة الله ......
تقبل الله منك الحج و الحمد لله على سلامتك .....هذه أمانتك يا حاج فأعاد له صرته وفيها ثلاثة آلاف درهم ...أصاب الرجل الدهشة فقص عليه ما حصل ....وأنه أخطأ في الدكان و دخل عند جاره فأعطاه المال و لم يشكك بكلامه ......؟؟؟
ذهبوا إليه و سألوه كيف تعطي الرجل المال و هو لم يضع عندك أمانته في الأصل .....؟؟؟
فقال لهم : والله الذي لا إله إلا هو إني لم أعرفه و لم أتذكر أن لديه أمانة عندي و لكن لما رأيت أنه واثق من كلامه معي وأنه غريب عن هذه البلاد فكرت أني إن لم أعطه أمانته سيذهب مكسور الخاطر و سيحدث أهله و يقول أن أمانته سرقت منه في سوق بغداد و سيذيع الصيت عن أهل العراق كلهم و ليس عن الشخص الذي سرق منه الأمانة .....
و تذكرت كلام الله تعالى : (فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته و ليتق الله ربه )
فذهبت و بعت بضاعة كانت عندي بألف درهم فلم تكف لسداد الأمانة و استدنت من صديق ألف و خمسمائة درهم و كان معي خمسمائة فأكملتهم له ......
في صدر هذه الأمة نماذج مضيئة لمتانة الديانة، وأداء الأمانة، والبعد عن الخيانة، وفي خَلَفها ثلة منهم، فالخير لا يزال في أمة محمد صلى الله عليه وسلم. تولوا ولايات كانت الأموال العظيمة تحت تصرفهم، وفي متناول أيديهم فما أخذوا شيئاً ليس لهم، ولا بخسوا الناس حقاً هو لهم، وجيء بكنوز كسرى لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعجب عمر والمسلمون من كثرتها وتنوعها، وبُهروا بها، فقال عمر رضي الله عنه: «إن قوماً أدَّوا هذا لأمناء! فقال له علي رضي الله عنه: إنك عفَفْتَ فعفَّت رعيتُك ولو رتعتَ لرتعت».
وولي عياض بن غَنْمٍ رضي الله عنه ولاية في الشام لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما تولى قدم عليه نفر من أهل بيته يطلبون صلته ومعروفه فلقيهم بالبِشر فأنزلهم وأكرمهم فأقاموا أياماً ثم سألوه في الصلة، وأخبروه بما تكلفوا من السفر إليه، رجاء معروفه، فأعطى كل رجل منهم عشرة دنانير -وكانوا خمسة- فردوها وتسخطوا ونالوا منه، فقال: «أي بني عم، والله ما أُنكر قرابتكم ولا حقكم ولا بُعد شُقتكم ولكن والله ما خلصت إلى ما وصلتكم به إلا ببيع خادمي وبيع ما لا غنى لي عنه فاعذروني. قالوا: الله، ما عذرك، الله، إنك والي نصف الشام وتعطي الرجل منا ما جُهده أن يبلغه إلى أهله! فقال: فتأمروني إن أسرق مال الله، فو الله لأن أُشق بالمنشار أو أُبرى كما يُبرى السَّفَن أحب إلي من أن أخون فلساً أو أتعدى وأحمل على مسلم ظلماً أو على معاهد» (رواه ابن الجوزي وابن عساكر).
اين نحن من هذا في زمن أصبح أكل أموال الناس بالباطل مذهب و شطارة و أصبح الأمين عملة نادرة و شيء غريب بين الناس .....
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال :
" إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة "
د. صالح العطوان الحيالي"
غضب الطاغوت // كُتبَ النص بمداد الشاعر : صباح الهاشمي // العراق
من ذكرياتي في الزمن الصعب
ذكرى احتلال الكويت
غضب الطاغوت
نص نثر بقلم... صباح الهاشمي العراق
غضب الطاغوت
نشر اشباح الموت
بين َمغرب ومشرق
جبروت
حتى جيرانه ابى عنهم السكوت
سقاهم من بعض شيمه
غدرا عبر
في صباح فجر
ركب طغيانه والغدر
يعتلي جبينه الخيلاء اللئيمه
على ابواب الكويت اشعل النيران
حرق المروءه بلا بنان
وهدد الماء والشجر والكثبان
بروحه الحاقدة السقيمه
نصب الشراك في الطرقات
وزع الخوف بين الاولاد والبنات
سقا الكبار كأس الغلاة
في غفلة عظيمه
حين كان الناس ترجو منه الخير
سقاهم غدره المرير
في فجر مابانت له شمس تنير
ليعرف الناس من غزا بعزيمه
فارس العروبة امر
ان يحرق النفط والشجر
وان يقتل الاسرى بفخر
وتنتهك الحرمات بكل عزيمه
اعلنها حربا القائد الضروره
على اخوة به مسروره
وعبر لهم عن شعوره
في ان يزيل بلاد على الخرائط مرسومه
ليجعلها تابع له ذليل
لامد تمناه طويل
في مسرحية هزلية برد الجميل
لمن سانده بالحروب العقيمه
2002/8/2بغداد
ملاحظة.....
1صدام حسين
كان كالشمس من يراه من بعيد يتغنى به ولكن من يقترب منه يحترق بلهب سناه لذلك لايفهم البعض هذه الحقيقة سوى من تعرض لناره
2الصورة تمثلني في الحقبة الزمنية لكتابة القصيدة
ذكرى احتلال الكويت
غضب الطاغوت
نص نثر بقلم... صباح الهاشمي العراق
غضب الطاغوت
نشر اشباح الموت
بين َمغرب ومشرق
جبروت
حتى جيرانه ابى عنهم السكوت
سقاهم من بعض شيمه
غدرا عبر
في صباح فجر
ركب طغيانه والغدر
يعتلي جبينه الخيلاء اللئيمه
على ابواب الكويت اشعل النيران
حرق المروءه بلا بنان
وهدد الماء والشجر والكثبان
بروحه الحاقدة السقيمه
نصب الشراك في الطرقات
وزع الخوف بين الاولاد والبنات
سقا الكبار كأس الغلاة
في غفلة عظيمه
حين كان الناس ترجو منه الخير
سقاهم غدره المرير
في فجر مابانت له شمس تنير
ليعرف الناس من غزا بعزيمه
فارس العروبة امر
ان يحرق النفط والشجر
وان يقتل الاسرى بفخر
وتنتهك الحرمات بكل عزيمه
اعلنها حربا القائد الضروره
على اخوة به مسروره
وعبر لهم عن شعوره
في ان يزيل بلاد على الخرائط مرسومه
ليجعلها تابع له ذليل
لامد تمناه طويل
في مسرحية هزلية برد الجميل
لمن سانده بالحروب العقيمه
2002/8/2بغداد
ملاحظة.....
1صدام حسين
كان كالشمس من يراه من بعيد يتغنى به ولكن من يقترب منه يحترق بلهب سناه لذلك لايفهم البعض هذه الحقيقة سوى من تعرض لناره
2الصورة تمثلني في الحقبة الزمنية لكتابة القصيدة
قصيدتان // بمداد الشاعر مهدي الماجد // العراق
قصيدتان
اثنان ِ كانا
صغيران ِ جدا ً
على صعيد ٍ سرمد ٍ واحد ٍ
قلباهما ينبضان ِ كأنَّ النبضة َ
تصدرُ من قلب ٍ واحد ٍ
كانت العينُ في العين ِ
الصدرُ على الصدر ِ
الفمُ بالفم ِ
و .......................
سقيا ً لأيامكَ يا زمنَ التصافي
ورعيا ً للحظاتكَ تعجُ بالتعافي
ما عهدنا النهوضَ وحيدا ً
بئسا ً لكَ يا زمانَ
التجافي .
,
,
ــــــــــــــــــــ
مهدي الماجد
14/8/2016
أعلنها ....
نعم أنا أحبك ِ
رغم السبع ِ العجاف ِ
التي ضيعتْ خارطتي
وهزمتْ جغرافيتي
وإسودَ بها تأريخي
دونما أُلغي المعادلُ الكيميائيِّ الماسخُ لها
أنذا على رؤوس ِ الخيل ِ أعلنها
فلتكوني أو لا تكوني
فلتكتظَّ بك ِ دنيايَ أو أقطعها
راهنتُ عليك ِ زمني
لكنه كان دوما ً
يتماهى والخذلان ......
,
,
ــــــــــــــــــــ
مهدي الماجد
14/8/2017
الاثنين، 5 أغسطس 2019
بينَ فيهٍ وفيه ..حقيقةٌ مغيبة // كُتبَ النص بمداد الشاعر / مهدي سهم الربيعي // العراق
بينَ فيهٍ وفيه ..حقيقةٌ مغيبة
===================
===================
ستُجبرُهُم علىٰ التصديق
إنَّ السَّجانَ راودهُ كابوسٌ مُزعجٌ
فأطْلَقَ الرصاصَ علىٰ النزلاءِ
مخافةَ أنْ تَصدُقَ النبوءةُ
فتَظلُ الأصفادُ بلا عملٍ
فأطْلَقَ الرصاصَ علىٰ النزلاءِ
مخافةَ أنْ تَصدُقَ النبوءةُ
فتَظلُ الأصفادُ بلا عملٍ
(إستبداد )
ستجبرُهُم علىٰ التصديقِ
إنَّ أُغنياتِ الصَّباحِ
باتتْ جريمةً
بعدَ أنْ تناولَها بضعةُ ملالي
كمادةٍ
خادشةٍ للحياءِ
باتتْ جريمةً
بعدَ أنْ تناولَها بضعةُ ملالي
كمادةٍ
خادشةٍ للحياءِ
(أفيون )
ستجبرُهُم علىٰ التصديقِ
إنَّ الخطيئة ولادةٌ متخفيةٌ
لاجتماعِ نَشوتينِ
في مكانٍ سري
مكشوفِ العورةِ
لاجتماعِ نَشوتينِ
في مكانٍ سري
مكشوفِ العورةِ
(زنا)
ستجبرُهُم على التصديقِ
إنَّ الدعاةَ الجددَ
هم حفاةُ الأمسِ
جاؤوا بأردافِ الراقصاتِ
طريقاً آخرَ للتعبُّدِ
لايفقههُ الّا
لُقطاءُ العهدِ المشوَّهِ
هم حفاةُ الأمسِ
جاؤوا بأردافِ الراقصاتِ
طريقاً آخرَ للتعبُّدِ
لايفقههُ الّا
لُقطاءُ العهدِ المشوَّهِ
(فساد )
ستجبرُهُم علىٰ التصديق
إنَّ الوعّاظَ بلا جوهرٍ
يَدَّعونَ التقوىٰ
لمنحِ الشيطانِ
منظراً أجملَ
يَدَّعونَ التقوىٰ
لمنحِ الشيطانِ
منظراً أجملَ
(حاشية )
ستجبرُهُم على التصديق
إنَّ الذين دعوا دعاءَ الإستسقاءِ
نَسوا التَعامُلَ معَ الطينِ
توحلتْ إقدامُهم فادْركوا
أنَّ الوقتَ المسلوبَ
لايُمكنُ استعادتَهُ بالتَّمني
نَسوا التَعامُلَ معَ الطينِ
توحلتْ إقدامُهم فادْركوا
أنَّ الوقتَ المسلوبَ
لايُمكنُ استعادتَهُ بالتَّمني
(إنجراف)
ستجبرُهُم على التصديقِ
إنَّ الطيورَ المهاجرةَ اظلَّتْ طريقَها
بعد أنْ
حوَّلوا البحيراتِ
إلى منتجعاتٍ للرذيلةِ
بعد أنْ
حوَّلوا البحيراتِ
إلى منتجعاتٍ للرذيلةِ
(دعارة )
ستجبرُهُم على التصديقِ
إنَّ ملآى السنابلِ كانتْ أحجيةً
للبدءِ بمغامرةِ البطونِ الفارغةِ
للبدءِ بمغامرةِ البطونِ الفارغةِ
(جوع )
ستجبرُهُم على التصديقِ
إنَّ كيسَ أبي
لجمعِ النقودِ الفضيةِ
لم يكنْ مخروماً
إمتدتْ لهُ يدٌ نازفةٌ
فإدمَتهُ إفلاساً
لجمعِ النقودِ الفضيةِ
لم يكنْ مخروماً
إمتدتْ لهُ يدٌ نازفةٌ
فإدمَتهُ إفلاساً
(سرقة )
ستجبرُهُم على التصديقِ
إنَّ الرَّصيفَ الذي إفترشهُ
أنا والألفُ نائمٍ غيري
غزتهُ عناكبُ الميليشياتِ
تَغيرَ وجهُ المدينةِ
أنا والألفُ نائمٍ غيري
غزتهُ عناكبُ الميليشياتِ
تَغيرَ وجهُ المدينةِ
(حواسم )
ستجبرُهُم على التصديقِ
إنَّ الدخانَ المتصاعدَ
من شرفةِ جَبهتي
لم يكنْ حريقاً
كانَ بقايا أفكارٍ
أعياها الإنتظارُ
فتبخرتْ
من شرفةِ جَبهتي
لم يكنْ حريقاً
كانَ بقايا أفكارٍ
أعياها الإنتظارُ
فتبخرتْ
(حالم )
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنِّي لستُ بقمةٍ منعزلةٍ
في جبلٍ منسي
أنا أولُ ذرةِ ترابٍ
تَكونَ منها
ذلكَ الجبلُ
في جبلٍ منسي
أنا أولُ ذرةِ ترابٍ
تَكونَ منها
ذلكَ الجبلُ
(إعتداد)
ستجبرُهُم على التصديقِ
بكينونتي
وأني لستُ مجردَ وهمٍ
انجبتهُ بعضُ ظنونٍ
وأني لستُ مجردَ وهمٍ
انجبتهُ بعضُ ظنونٍ
(حقيقة )
ستجبرُهُم على التصديقِ
أني ..
أبْحثُ عنِّي ..
لا أجِدْني ..؟
سوى صحفٍ داميةٍ ..
تملؤها مباضِعُكَ ..
(غيبة)
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنَّ حرفي سلاحٌ مُلَغَّمٌ
أُفجِّرُهُ
حيثُ نَواياهم التي
تَناوبتْ علىٰ سلبِ أُمنياتي
أُفجِّرُهُ
حيثُ نَواياهم التي
تَناوبتْ علىٰ سلبِ أُمنياتي
(ثائر)
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنِّي سوفَ لا أحلمُ
بعدَ أنْ تأكدتُ
أنَّ جميعَ الأحلامِ مُفخخةٌ
بعدَ أنْ تأكدتُ
أنَّ جميعَ الأحلامِ مُفخخةٌ
(إقصاء)
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنَّني
ساعةٌ أثريةٌ
أقفُ شاخصاً
أُعِدُّالوقتُ
في عصرٍ رَقمي
ساعةٌ أثريةٌ
أقفُ شاخصاً
أُعِدُّالوقتُ
في عصرٍ رَقمي
(منسي )
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنَّ
مابينَ صباحي وصباحِكَ..
إشراقةُ شمسٍ واحدةٍ..
ألفرقُ ..؟
أنَّ
مابينَ صباحي وصباحِكَ..
إشراقةُ شمسٍ واحدةٍ..
ألفرقُ ..؟
أنِّي في كُسوفٍ دائمٍ..
(حزن)
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنَّي ابتسامةٌ
تشتاقُ ثغراً يَحتويها
أو قبلةً ..
بقيتْ مطبوعةً
على شفةِ مغادر
أنَّي ابتسامةٌ
تشتاقُ ثغراً يَحتويها
أو قبلةً ..
بقيتْ مطبوعةً
على شفةِ مغادر
(مهاجر)
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنَّ الحمامَ الزّاجلَ المعشعشَ
على نافذتِك
كانَ مجردَ دُمى
تُوهمُ بها المارة
إنكَ من ذوي الكراماتِ
على نافذتِك
كانَ مجردَ دُمى
تُوهمُ بها المارة
إنكَ من ذوي الكراماتِ
(دجال)
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنَّ القاعَ بعمقهِ الزاخرِ
لمْ يحتوِكَ
بعدما نبذتْكَ اليابسةُ
لمْ يحتوِكَ
بعدما نبذتْكَ اليابسةُ
(غارق)
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنَّ رهانَكَ على مواصلةِ الصَّبرِ
أكذوبةٌ حمقاءُ
تلعبُها ..
معَ أقزامِ السِّياسةِ
أكذوبةٌ حمقاءُ
تلعبُها ..
معَ أقزامِ السِّياسةِ
(كاذب)
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنَّ الضوءَ في اخرِ النفقِ
كانَ اكذوبةً
تفاعَلتَ معها
وبعضُ المُنقبين
الذين يحلُمونَ بالحريةِ
كانَ اكذوبةً
تفاعَلتَ معها
وبعضُ المُنقبين
الذين يحلُمونَ بالحريةِ
(غباء)
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنَّ خيطَ النُعاسِ المتجولِ
بينَ جفنِكَ ومُقلتِكَ
ماهو إلّا إعلاناً
عن بدءِ احتفالِ شَخيرٍ مزعجٍ
بينَ جفنِكَ ومُقلتِكَ
ماهو إلّا إعلاناً
عن بدءِ احتفالِ شَخيرٍ مزعجٍ
(صَخب)
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنَّ تَفحصكَ للوجوهِ
بكلِّ هذهِ الملامحِ القلقةِ
لم يكنْ الّا
بحثاً عن ظلكَ
واهمٌ تعتقدُ
أنهُ يُقاسمكَ الطريقَ
بكلِّ هذهِ الملامحِ القلقةِ
لم يكنْ الّا
بحثاً عن ظلكَ
واهمٌ تعتقدُ
أنهُ يُقاسمكَ الطريقَ
(تائِه)
ستجبرُهُم على التصديقِ
إنَّ كلَّ الوجوهِ التي تمرُّ بها
تعرفُها ..
الا وجهاً واحداً ..
استحالتْ معرفتُهُ !؟
..
..
كانَ وجهُكَ
تعرفُها ..
الا وجهاً واحداً ..
استحالتْ معرفتُهُ !؟
..
..
كانَ وجهُكَ
(مشتبه )
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنهُ عندَ المغيبِ
أعمدةُ الدخانِ تلاحقُ قرصَ الشمسِ
أتخمَهُم الشواءُ
فاتخموكَ نيافةً
أعمدةُ الدخانِ تلاحقُ قرصَ الشمسِ
أتخمَهُم الشواءُ
فاتخموكَ نيافةً
(رَشْوة)
ستجبرُهُم على التصديقِ
أنَّكَ رجلٌ منْ كبريت
تنتظرُ احتكاكاً
لِتُشعلَ حريقاً ..
تنتظرُ احتكاكاً
لِتُشعلَ حريقاً ..
(مُدَّعي )
==================
مهدي سهم الربيعي / العراق/
==================
مهدي سهم الربيعي / العراق/
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)