موعد مع الجنون ..
عباس زهرة من زهور جيله ! له سحنة سكان ضفاف الأنهار، وشعر خفيف ضارب في السواد، وأثر ندوب في أعلى الجبهة، وعينان من التبت ! .. يتنقل بين الأزقة والدروب بخفة مشهود له بها، شغوف بكرة القدم، وركوب الدراجة الهوائية، مسالم وديع..رغم الفاقة أسرته لا تتهاون في تدليله..
... أيام الربيع تكسو الأزهار والأعشاب ضواحي المدينة، وتشكل أشجار اللوز في منحدرات الجبل، بألوانها الوردية والبيضاء، لوحات تفتن العقول وتسحر القلوب.. تكثر النزه والخرجات، المتجولون فرادى وجماعات، متناثرون في كل صوب وحدب، يلوكون أفنان تامساوت والبسباس وقرين الغزال..
تحت أشعة الشمس الدافئة اختلى ببنت الجيران، لم تستغرق المغازلة سوى دقائق ! هي لم تكن تحلم بحديثه، وهو اعتبرها لحظة عابرة !! انبلج ضوء الصباح على المجابهة الصاعقة، والطلب.. لا بل الأمر العاصف.. تفتت قلبه أشلاء مثل مرآة مشروخة، ارتجفت أحشاؤه، وانفلتت قطرات من البول في تبانه ! كانت غير ذات جمال، تعاني من عرج في قدمها اليمنى، تعيش مع أختها، التي تشتغل " طيابة " في الحمام، وزوجها الكهل يجر عربة صغيرة لنقل البضائع والأمتعة في أحياء المدينة، مقابل أجر زهيد، يكترون كوخا بلا ماء ولا إنارة ولا مرحاض.. لهم عدد غير قليل من الأطفال،أتراهم كانوا ممنوعين من الإنجاب، والآن فقط رخص لهم بذلك ؟! أم أنهم يتسابقون مع أحد ما ؟ ! أم أنهم يخلطون بين الأكل والإنجاب ؟ ! شيخ مسن، بالكاد يضمن قوت يومه، ودزينة أطفال، أكبرهم دون سن العاشرة ؟ ! وغد المشروع في علم الإله !! إنه حلم الأرانب !!!.
التصلقت به التصاق الشص في أسمال متماسكة النسيج، واختلطت الأفكار في رأسه تشابك خيط قصبة صيد في الظلام ! من أين وكيف الخلاص ؟ ! إما التقدم للزواج طواعية، وإما فضيحة المحكمة.. والموت أهون منهما ! ارتأى أن يكون أول العلاج الكي بالنار لا آخره ! فمن سيصدق أن مصابا بالمس اقترف جرما كهذا ؟ ! وإن لم تفلح الخطة، على الأقل يستطيع ربح مزيد من الوقت، وإرجاء زمن المصيبة الى حين آخر، وآثر انتظار البلاء على الوقوع فيه !..
في منتصف الليل بث الذعر والاضطراب في أفئدة نائمة في دعة، وفجر أحلامها كوابيس نازفة.. والده العجوز يقرأ حينا سور القرآن القليلة التي يحفظها، وغير ما مرة يخلط بينها، وأحيانا أخرى يستنجد ببعض الأدعية.. وأمه من هول فزعها تتعثر في أواني المطبخ بحثا عن أعواد الثقاب، وتعذر على أصابعها المرتجفة إيقاد النار، الى أن تداركها أخوه الأكبر.. فحجبت الرؤية أبخرة الفاسوخ والشبة والحرمل ! كان يتلوى على بطنه مثل أفعى، ويصيح في هستيريا : ابتعدي عني.. لا، لا، لا يمكن أن أكون لك زوجا ! وبصوت متحشرج مفزع شبيه بالشخير، مثلما لو أن أحدا يرد عليه من جوفه :إما أن تقبلني زوجة، وإما أن أزهق روحك ! ما إن يهدأ برهة حتى ينتفض، محاولا الانفلات الى خارج البيت، وهو يردد : أنا معك بالله وبالشرع !! ويعلق أبواه وإخوته بأطراف ملابسه، لتهدئته وثنيه عن الخروج.. ليلة شعواء !..
مع تسرب شقشقة الطيور، معلنة عن قرب انقشاع أجنحة الظلام، وضعت النوة أوزارها، واسترخى على ظهره في لهاث متنازل ! سألته أمه في تلعثم : ما بك يا فلذة كبدي ؟ ! أجابها بنبرة من أفلت بأعجوبة من موت محقق، إثر مطاردة لا هوادة فيها : امرأة تظهر لي في الظلام، ينبعث من أنيابها الدخان ! تأمرني بالزواج منها، وإلا لن تتوانى في إزهاق روحي ! إنها تمسك عنقي بقبضة كماشة، وتجرني خلفها نحو حفرة المرحاض !...كان سفور الصباح إعلانا عن بداية الرحلة في عالم الفقهاء والأولياء، وما يرافق ذلك من طلاسم وتمائم وأبخرة ، وهدايا من شمع ودجاج وأحصرة ومال.. ورق قلب أسرته لحاله، أكثر من أي وقت مضى، وخشوا فقدانه، لأن محنته تجاوزت ظلام الليل الى أوقات متباينة من النهار...
زاره صديقه سعيد زوال يوم خريفي، وانعزلا في مرج تكتنفه أشجار الصفصاف الظليلة، على بعد أمتار من بيته.. جف اللعاب في فمه، لما أطلعه على خطته الجهنمية بحكم حميمية علاقتهما منذ الصبا، وحكى له في حبوركيف أنه حتى في رحاب الأولياء الصالحين لا يحرم نفسه لذة المرأة ! إذ كثيرا ما مارس الجنس على مختلات عقليا، مستغلا بهيم الليل وغفلة أهلهن، بعد أن ينال منهم تعب اليوم ويخلدون مكرهين للنوم.. إنه الذئب متنكرا في جلد حمل يتنقل وسط القطيع ! وإن كان تمة مقاومة تنبه أولياء وأقارب الضحايا، عمد الذئب إلى رقصة التنين المجنون، وملء المكان هلوسة.. والعقلاء يصفحون ويعفون عن انزلاقات المجانين، ويطلبون الستر ! يعلم الله كم بريئة جيء بها طمعا في الاستشفاء، وعادت تحمل في رحمها نطفة سائبة!!! بمجرد أن أتم كلامه، وبخه سعيد على فعلته الشيطانية، وعلى جرأته في الإقدام على تعذيب والديه المسنين بلا ذنب اقترفاه، والتنكيل بأسرة كاملة، وإشعال فتيل العداء والسخط بينها وبين أسرة الخال، وتدمير مستقبله بانقطاعه عن المدرسة..ودعاه في حزم شديد إلى إسدال الستار عن مسرحية المأساة تلك، قبل فوات الأوان.. حملق فيه مدة ليست بالقصيرة، والتمائم تتدلى من عنقه ومعصمه، ثم وقف وقال: إذن تريدني أن أتحول إلى مسخرة بين الأهل وساكنة الحي ؟ ! أرجوك صن لسانك !..
ضاع نبوغه الذي كان مضرب المثل في الثانوية أدراج الرياح، وخلف غيابه حسرة لدى أساتذته، خصوصا مدرس الأنجليزية، الذي خابت نبوءته له بمستقبل زاهر في تعلم اللغات الحية ! وحرم زملاءه من الجلوس في مقعده الى متم السنة احتراما له ! كما أن الحادث ذاك تسبب في إحياء خلافات قديمة بين أهله وزوجة خاله، تلك المرأة الصالحة التي يحبها معظم الجيران لبشاشتها الدائمة، وإيثارها العفوي.. واتهموها بالاحتيال على ابنهم، الى أن تخطى سحرا معدا من أحد سحرة سوس ! هذا ما أومأ به إليهم فقيه يجمد الماء، ومريدوه من الشياطين والجن !! حينما أطلعهم على ملامح الفاعلة دون ذكر اسمها، واكتفى بالإشارة الى أنها من دمهم، متربعة القد، إن لم تكن سمراء فهي شقراء !! توجهت أنظارهم إليها في يقين تام، وجعلوا منها مشجبا يعلقون عليه كل أسباب ويلاتهم حديثة العهد والبائدة، من ذلك إقبال الخطاب على بيوت الجيران إلا على بيتهم ، ومكوث ابنتهم العانس بلا حظ قريناتها له الآن ما يفسره، إنه : "سحر العكس" ! للأسف بلغت المناوشات في كثير من الأوقات حد التراشق بالحجارة والكلام البذيء ! في إحدى المرات لم تتمالك أخته مشاعر غضبها، وكشفت عن مؤخرتها ،وتقوست مصوبة إياها وجهة زوجة خالها ! غير مبالية بالمارة ولا بالجيران، وصرخت في حنق شديد: هذا ما تساوينه يا بنت الكلاب ! يا سليلة الدجالين والسحرة !
انقضت العطلة، وحل الموسم الدراسي الجديد، وسافرسعيد إلى العاصمة لمتابعة دراسته الجامعية هناك، وخلال إجازة الربيع عاد ليفاجأ بسوء حال صاحبه، وظهور علامات غريبة عليه، أبى تقبلها في الوهلة الأولى، فبينما كان مارا بالشارع الرئيسي للمدينة ذهل عندما قابله وهو نصف عار وحافي القدمين، يرنو إلى السماء التي ترسل أمطارا قوية، غير عابئ بما يتسبب فيه من عرقلة لحركة المرور المزدحمة، أمسك به من ساعده لينتبه إليه، إلا أن المفاجأة كانت أشد وقعا ، إذ بمجرد أن التقت عيونهما جفل، ودفعه بقوة وقع معها سعيد في الوحل ! حمرة عينيه لمصاص دماء، أو مخدر حتى النخاع ! وقال له بصوت أجش: لماذا تسخرون الأمطار لقتلي؟! لن أستسلم.. قولوا ما شئتم، ولكنني سأجمع كل قطرات المطر وأضعها في كيس من الخيش، وأدفنها في القبر المهجور ! وهرول في الاتجاه المعاكس كمن يطارده شبح، كانت ثياب سعيد في حالة يرثى لها وقلبه أسوء حالا ! وقال في نفسه وهو يتتبعه بنظراته :انقلب السحر على الساحر ! احتاج إلى من يصدقه فصدقته نفسه !!
إدريس الهراس / المغرب .
عباس زهرة من زهور جيله ! له سحنة سكان ضفاف الأنهار، وشعر خفيف ضارب في السواد، وأثر ندوب في أعلى الجبهة، وعينان من التبت ! .. يتنقل بين الأزقة والدروب بخفة مشهود له بها، شغوف بكرة القدم، وركوب الدراجة الهوائية، مسالم وديع..رغم الفاقة أسرته لا تتهاون في تدليله..
... أيام الربيع تكسو الأزهار والأعشاب ضواحي المدينة، وتشكل أشجار اللوز في منحدرات الجبل، بألوانها الوردية والبيضاء، لوحات تفتن العقول وتسحر القلوب.. تكثر النزه والخرجات، المتجولون فرادى وجماعات، متناثرون في كل صوب وحدب، يلوكون أفنان تامساوت والبسباس وقرين الغزال..
تحت أشعة الشمس الدافئة اختلى ببنت الجيران، لم تستغرق المغازلة سوى دقائق ! هي لم تكن تحلم بحديثه، وهو اعتبرها لحظة عابرة !! انبلج ضوء الصباح على المجابهة الصاعقة، والطلب.. لا بل الأمر العاصف.. تفتت قلبه أشلاء مثل مرآة مشروخة، ارتجفت أحشاؤه، وانفلتت قطرات من البول في تبانه ! كانت غير ذات جمال، تعاني من عرج في قدمها اليمنى، تعيش مع أختها، التي تشتغل " طيابة " في الحمام، وزوجها الكهل يجر عربة صغيرة لنقل البضائع والأمتعة في أحياء المدينة، مقابل أجر زهيد، يكترون كوخا بلا ماء ولا إنارة ولا مرحاض.. لهم عدد غير قليل من الأطفال،أتراهم كانوا ممنوعين من الإنجاب، والآن فقط رخص لهم بذلك ؟! أم أنهم يتسابقون مع أحد ما ؟ ! أم أنهم يخلطون بين الأكل والإنجاب ؟ ! شيخ مسن، بالكاد يضمن قوت يومه، ودزينة أطفال، أكبرهم دون سن العاشرة ؟ ! وغد المشروع في علم الإله !! إنه حلم الأرانب !!!.
التصلقت به التصاق الشص في أسمال متماسكة النسيج، واختلطت الأفكار في رأسه تشابك خيط قصبة صيد في الظلام ! من أين وكيف الخلاص ؟ ! إما التقدم للزواج طواعية، وإما فضيحة المحكمة.. والموت أهون منهما ! ارتأى أن يكون أول العلاج الكي بالنار لا آخره ! فمن سيصدق أن مصابا بالمس اقترف جرما كهذا ؟ ! وإن لم تفلح الخطة، على الأقل يستطيع ربح مزيد من الوقت، وإرجاء زمن المصيبة الى حين آخر، وآثر انتظار البلاء على الوقوع فيه !..
في منتصف الليل بث الذعر والاضطراب في أفئدة نائمة في دعة، وفجر أحلامها كوابيس نازفة.. والده العجوز يقرأ حينا سور القرآن القليلة التي يحفظها، وغير ما مرة يخلط بينها، وأحيانا أخرى يستنجد ببعض الأدعية.. وأمه من هول فزعها تتعثر في أواني المطبخ بحثا عن أعواد الثقاب، وتعذر على أصابعها المرتجفة إيقاد النار، الى أن تداركها أخوه الأكبر.. فحجبت الرؤية أبخرة الفاسوخ والشبة والحرمل ! كان يتلوى على بطنه مثل أفعى، ويصيح في هستيريا : ابتعدي عني.. لا، لا، لا يمكن أن أكون لك زوجا ! وبصوت متحشرج مفزع شبيه بالشخير، مثلما لو أن أحدا يرد عليه من جوفه :إما أن تقبلني زوجة، وإما أن أزهق روحك ! ما إن يهدأ برهة حتى ينتفض، محاولا الانفلات الى خارج البيت، وهو يردد : أنا معك بالله وبالشرع !! ويعلق أبواه وإخوته بأطراف ملابسه، لتهدئته وثنيه عن الخروج.. ليلة شعواء !..
مع تسرب شقشقة الطيور، معلنة عن قرب انقشاع أجنحة الظلام، وضعت النوة أوزارها، واسترخى على ظهره في لهاث متنازل ! سألته أمه في تلعثم : ما بك يا فلذة كبدي ؟ ! أجابها بنبرة من أفلت بأعجوبة من موت محقق، إثر مطاردة لا هوادة فيها : امرأة تظهر لي في الظلام، ينبعث من أنيابها الدخان ! تأمرني بالزواج منها، وإلا لن تتوانى في إزهاق روحي ! إنها تمسك عنقي بقبضة كماشة، وتجرني خلفها نحو حفرة المرحاض !...كان سفور الصباح إعلانا عن بداية الرحلة في عالم الفقهاء والأولياء، وما يرافق ذلك من طلاسم وتمائم وأبخرة ، وهدايا من شمع ودجاج وأحصرة ومال.. ورق قلب أسرته لحاله، أكثر من أي وقت مضى، وخشوا فقدانه، لأن محنته تجاوزت ظلام الليل الى أوقات متباينة من النهار...
زاره صديقه سعيد زوال يوم خريفي، وانعزلا في مرج تكتنفه أشجار الصفصاف الظليلة، على بعد أمتار من بيته.. جف اللعاب في فمه، لما أطلعه على خطته الجهنمية بحكم حميمية علاقتهما منذ الصبا، وحكى له في حبوركيف أنه حتى في رحاب الأولياء الصالحين لا يحرم نفسه لذة المرأة ! إذ كثيرا ما مارس الجنس على مختلات عقليا، مستغلا بهيم الليل وغفلة أهلهن، بعد أن ينال منهم تعب اليوم ويخلدون مكرهين للنوم.. إنه الذئب متنكرا في جلد حمل يتنقل وسط القطيع ! وإن كان تمة مقاومة تنبه أولياء وأقارب الضحايا، عمد الذئب إلى رقصة التنين المجنون، وملء المكان هلوسة.. والعقلاء يصفحون ويعفون عن انزلاقات المجانين، ويطلبون الستر ! يعلم الله كم بريئة جيء بها طمعا في الاستشفاء، وعادت تحمل في رحمها نطفة سائبة!!! بمجرد أن أتم كلامه، وبخه سعيد على فعلته الشيطانية، وعلى جرأته في الإقدام على تعذيب والديه المسنين بلا ذنب اقترفاه، والتنكيل بأسرة كاملة، وإشعال فتيل العداء والسخط بينها وبين أسرة الخال، وتدمير مستقبله بانقطاعه عن المدرسة..ودعاه في حزم شديد إلى إسدال الستار عن مسرحية المأساة تلك، قبل فوات الأوان.. حملق فيه مدة ليست بالقصيرة، والتمائم تتدلى من عنقه ومعصمه، ثم وقف وقال: إذن تريدني أن أتحول إلى مسخرة بين الأهل وساكنة الحي ؟ ! أرجوك صن لسانك !..
ضاع نبوغه الذي كان مضرب المثل في الثانوية أدراج الرياح، وخلف غيابه حسرة لدى أساتذته، خصوصا مدرس الأنجليزية، الذي خابت نبوءته له بمستقبل زاهر في تعلم اللغات الحية ! وحرم زملاءه من الجلوس في مقعده الى متم السنة احتراما له ! كما أن الحادث ذاك تسبب في إحياء خلافات قديمة بين أهله وزوجة خاله، تلك المرأة الصالحة التي يحبها معظم الجيران لبشاشتها الدائمة، وإيثارها العفوي.. واتهموها بالاحتيال على ابنهم، الى أن تخطى سحرا معدا من أحد سحرة سوس ! هذا ما أومأ به إليهم فقيه يجمد الماء، ومريدوه من الشياطين والجن !! حينما أطلعهم على ملامح الفاعلة دون ذكر اسمها، واكتفى بالإشارة الى أنها من دمهم، متربعة القد، إن لم تكن سمراء فهي شقراء !! توجهت أنظارهم إليها في يقين تام، وجعلوا منها مشجبا يعلقون عليه كل أسباب ويلاتهم حديثة العهد والبائدة، من ذلك إقبال الخطاب على بيوت الجيران إلا على بيتهم ، ومكوث ابنتهم العانس بلا حظ قريناتها له الآن ما يفسره، إنه : "سحر العكس" ! للأسف بلغت المناوشات في كثير من الأوقات حد التراشق بالحجارة والكلام البذيء ! في إحدى المرات لم تتمالك أخته مشاعر غضبها، وكشفت عن مؤخرتها ،وتقوست مصوبة إياها وجهة زوجة خالها ! غير مبالية بالمارة ولا بالجيران، وصرخت في حنق شديد: هذا ما تساوينه يا بنت الكلاب ! يا سليلة الدجالين والسحرة !
انقضت العطلة، وحل الموسم الدراسي الجديد، وسافرسعيد إلى العاصمة لمتابعة دراسته الجامعية هناك، وخلال إجازة الربيع عاد ليفاجأ بسوء حال صاحبه، وظهور علامات غريبة عليه، أبى تقبلها في الوهلة الأولى، فبينما كان مارا بالشارع الرئيسي للمدينة ذهل عندما قابله وهو نصف عار وحافي القدمين، يرنو إلى السماء التي ترسل أمطارا قوية، غير عابئ بما يتسبب فيه من عرقلة لحركة المرور المزدحمة، أمسك به من ساعده لينتبه إليه، إلا أن المفاجأة كانت أشد وقعا ، إذ بمجرد أن التقت عيونهما جفل، ودفعه بقوة وقع معها سعيد في الوحل ! حمرة عينيه لمصاص دماء، أو مخدر حتى النخاع ! وقال له بصوت أجش: لماذا تسخرون الأمطار لقتلي؟! لن أستسلم.. قولوا ما شئتم، ولكنني سأجمع كل قطرات المطر وأضعها في كيس من الخيش، وأدفنها في القبر المهجور ! وهرول في الاتجاه المعاكس كمن يطارده شبح، كانت ثياب سعيد في حالة يرثى لها وقلبه أسوء حالا ! وقال في نفسه وهو يتتبعه بنظراته :انقلب السحر على الساحر ! احتاج إلى من يصدقه فصدقته نفسه !!
إدريس الهراس / المغرب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق