الحرب والشتات في قصيدة الشاعر محمد الحلبي "أساهر حلما لن يراني "
أولا : القصيدة :
أُســاهِرُ حُلمـاً لـن يـراني
..................
لا أدري فوق رُكبَتيِّ أيِّ بُكــاءٍ
أو ليـلٍ
سيرتمي قلبي التعب
يوماً
ليرتـاح الطريـقُ من ثرثرة خطوي
وشكوى الحقائب
....................
تهـرَّأت الأوطـانُ في جواز سفري
والعُمـرُ في أزقـةِ القصيـدة
وأنا لا زلـتُ بانتظار
أن أكتُـبَ هذياناً
يليـقُ بهذه الحـرب
أو أرفـعَ قبراً يليـقُ بهذا الشتات
........
على كتفِ الدُخانِ والخرائبِ
تسجُدُ مآذنُ بلادي
مبتورةَ الـ اللهُ أكبــرِ
والقبابُ تطفو فوق مِزقِ الكِتابِ والدُّعاءِ
ما أعمق أرواح الأطفال في بلادي
حين يصطفون للصلاة
أمام محراب الجوع
والمدفع
وفوهات البنادق الملآى بالحقد والغباء
ترسمُ مُدُناً بِلا نحنُ
بلا مآذن
بلا أطفال
بلا مُدُن
...............
غالِباً
أحتاجُ لأكثر من بكاءٍ
كي أجلس على حافةِ النوم
ربما أُساهِرَ حُلماً لن يراني
ولأكثر من ميتةٍ
كي أكتُبَ شيئاً
عن بلادي
.....
...
..
محمد الحلبي
ثانيا : القراءة
"أساهر حلما لن يراني " تتعدد الافعال في العنوان كما هو ظاهر ، وللافعال دلالة زمنية تتراوح بين الحاضر كما يدل الفعلان اساهر وتراني والمستقبل كما تدل كلمة الحلم واداة الاستقبال لن مما يجعلنا نتساءل عن الماضي ولماذا غاب ويجعلنا حديث الغياب نتسائل مرة اخرى عن الحاضر الذي إذا ما تاملنا العنوان نراه يغيب ايضا ففعل المشاركة الذي يجمع بين الحالم وحلمه يدفع الحالم الى الغياب " لن يراني " ويبقي على الحلم وحسب
إذن فالشاعر يتدرج في عملية الاستبعاد والمحو من الماضي إلى الحاضر ويترك المستقبل يقول لنا
كل شيء يفنى ، يختفي ويستبعد إلا الحلم
يكرر الشاعر العنوان في نهاية القصيدة فيقول :
"غالِباً
أحتاجُ لأكثر من بكاءٍ
كي أجلس على حافةِ النوم
ربما أُساهِرَ حُلماً لن يراني
ولأكثر من ميتةٍ
كي أكتُبَ شيئاً
عن بلادي
.......
هذه المرة يقرن العبارة بالاداة ربما التي تفيد الاحتمال ، اي إن الشاعر لم يقف عند استبعاد الماضي والحاضر بل جذب المستقبل من جهة التحقق والتعين إلى جهة الامكان والاحتمال
لماذا كل هذا الفناء ، لماذا كل هذا الاستبعاد والمحو ولماذا تحتاج البلاد "لاكثر من بكاء ولاكثر من ميته كي نكتب عنها " ، ما الذي يجري ؟؟
يقول الشاعر :
"وأنا لا زلـتُ بانتظار
أن أكتُـبَ هذياناً
يليـقُ بهذه الحـرب
أو أرفـعَ قبراً يليـقُ بهذا الشتات"
حرب لا يليق بها إلا الهذيان وشتات لا يليق به إلا القبر وبلاد حتى تتحدث عنها عليك ان تموت كثيرا وتبكي كثيرا ، ما الذي يجري ؟
يقول الشاعر :
"على كتفِ الدُخانِ والخرائبِ
تسجُدُ مآذنُ بلادي
مبتورةَ الـ اللهُ أكبــرِ
والقبابُ تطفو فوق مِزقِ الكِتابِ والدُّعاءِ
ما أعمق أرواح الأطفال في بلادي
حين يصطفون للصلاة
أمام محراب الجوع
والمدفع
وفوهات البنادق الملآى بالحقد والغباء
ترسمُ مُدُناً بِلا نحنُ
بلا مآذن
بلا أطفال
بلا مُدُن"
هل قبضنا على على مقولة النص وعرفنا طبيعة الكارثة التي تتفجر فيه ، يكفي ان نلاحظ هذا الازدحام الدلالي للمفردات الدينية " قباب ، محراب ، صلاة ، تسجد ، كتاب ، دعاء ، مآذن مكررة ، الله اكبر " " ما علاقة الحرب المدمرة بالدين حتى اقترنا وتعالقا على هذا النحو ؟
وهل الدين وراء هذه الكارثة حتى تماهى مع الحرب وصار عنوانا لويلاتها ، المآذن الساجدة بعيدة عن الله فلقد بترت منها كلمة التكبير و صارت القباب تطفو وتطوف على مزق الكتاب والدعاء
محراب الصلاة صار محرابا للجوع والاسلحة القاتلة على اختلاف انواعها واصنافها والتي تمتلا بالحقد والغباء حتى صيرت البلدان
"بلا نحن
بلا مآذن
بلا اطفال
بلا مدن "
لا يخفى ما في إعدام ال نحن من إشارة الى حضور ال هم كأنه يقول إن البلاد صارت بأيدي الغرباء
ولا يخفى ما في إعدام المآذن من إشارة إلى أن الدين الزائف يقتل الدين الحق ويحطمه
هذه حالة الحرب إذن بطاقتها المخربة ونتائجها الكارثية بكل ما يرتبط بها من دمار وبلاء دفعا الشاعر إلى أن يمحو من ويلاتها حدود الزمان فيسقط الماضي والحاضر ويهم بالمستقبل .
وأما عن حديث الشتات فمن البين أن هذا المهاجر الذي اكتوى بلوثة الحرب صار لعنة على كل ما يتصل به ؛ تشكوه الحقائب وتتمنى الدروب التي يتردد فيها ذهابا وإيابا ان يموت فترتاح بموته فقد اهترأت من خطواته وأسفاره البلدان حتى صارت تتحاماه كأنه حزام ناسف لا يليق به ويرتاح معه اإلى القبور.
يقول الشاعر :
لا ادري فوق ركبتي اي بكاء
أو ليـلٍ
سيرتمي قلبي التعب
يوماً
ليرتـاح الطريـقُ من ثرثرة خطوي
وشكوى الحقائب
....................
تهـرَّأت الأوطـانُ في جواز سفري
والعُمـرُ في أزقـةِ القصيـدة
وأنا لا زلـتُ بانتظار
أن أكتُـبَ هذياناً
يليـقُ بهذه الحـرب
أو أرفـعَ قبراً يليـقُ بهذا الشتات"
أولا : القصيدة :
أُســاهِرُ حُلمـاً لـن يـراني
..................
لا أدري فوق رُكبَتيِّ أيِّ بُكــاءٍ
أو ليـلٍ
سيرتمي قلبي التعب
يوماً
ليرتـاح الطريـقُ من ثرثرة خطوي
وشكوى الحقائب
....................
تهـرَّأت الأوطـانُ في جواز سفري
والعُمـرُ في أزقـةِ القصيـدة
وأنا لا زلـتُ بانتظار
أن أكتُـبَ هذياناً
يليـقُ بهذه الحـرب
أو أرفـعَ قبراً يليـقُ بهذا الشتات
........
على كتفِ الدُخانِ والخرائبِ
تسجُدُ مآذنُ بلادي
مبتورةَ الـ اللهُ أكبــرِ
والقبابُ تطفو فوق مِزقِ الكِتابِ والدُّعاءِ
ما أعمق أرواح الأطفال في بلادي
حين يصطفون للصلاة
أمام محراب الجوع
والمدفع
وفوهات البنادق الملآى بالحقد والغباء
ترسمُ مُدُناً بِلا نحنُ
بلا مآذن
بلا أطفال
بلا مُدُن
...............
غالِباً
أحتاجُ لأكثر من بكاءٍ
كي أجلس على حافةِ النوم
ربما أُساهِرَ حُلماً لن يراني
ولأكثر من ميتةٍ
كي أكتُبَ شيئاً
عن بلادي
.....
...
..
محمد الحلبي
ثانيا : القراءة
"أساهر حلما لن يراني " تتعدد الافعال في العنوان كما هو ظاهر ، وللافعال دلالة زمنية تتراوح بين الحاضر كما يدل الفعلان اساهر وتراني والمستقبل كما تدل كلمة الحلم واداة الاستقبال لن مما يجعلنا نتساءل عن الماضي ولماذا غاب ويجعلنا حديث الغياب نتسائل مرة اخرى عن الحاضر الذي إذا ما تاملنا العنوان نراه يغيب ايضا ففعل المشاركة الذي يجمع بين الحالم وحلمه يدفع الحالم الى الغياب " لن يراني " ويبقي على الحلم وحسب
إذن فالشاعر يتدرج في عملية الاستبعاد والمحو من الماضي إلى الحاضر ويترك المستقبل يقول لنا
كل شيء يفنى ، يختفي ويستبعد إلا الحلم
يكرر الشاعر العنوان في نهاية القصيدة فيقول :
"غالِباً
أحتاجُ لأكثر من بكاءٍ
كي أجلس على حافةِ النوم
ربما أُساهِرَ حُلماً لن يراني
ولأكثر من ميتةٍ
كي أكتُبَ شيئاً
عن بلادي
.......
هذه المرة يقرن العبارة بالاداة ربما التي تفيد الاحتمال ، اي إن الشاعر لم يقف عند استبعاد الماضي والحاضر بل جذب المستقبل من جهة التحقق والتعين إلى جهة الامكان والاحتمال
لماذا كل هذا الفناء ، لماذا كل هذا الاستبعاد والمحو ولماذا تحتاج البلاد "لاكثر من بكاء ولاكثر من ميته كي نكتب عنها " ، ما الذي يجري ؟؟
يقول الشاعر :
"وأنا لا زلـتُ بانتظار
أن أكتُـبَ هذياناً
يليـقُ بهذه الحـرب
أو أرفـعَ قبراً يليـقُ بهذا الشتات"
حرب لا يليق بها إلا الهذيان وشتات لا يليق به إلا القبر وبلاد حتى تتحدث عنها عليك ان تموت كثيرا وتبكي كثيرا ، ما الذي يجري ؟
يقول الشاعر :
"على كتفِ الدُخانِ والخرائبِ
تسجُدُ مآذنُ بلادي
مبتورةَ الـ اللهُ أكبــرِ
والقبابُ تطفو فوق مِزقِ الكِتابِ والدُّعاءِ
ما أعمق أرواح الأطفال في بلادي
حين يصطفون للصلاة
أمام محراب الجوع
والمدفع
وفوهات البنادق الملآى بالحقد والغباء
ترسمُ مُدُناً بِلا نحنُ
بلا مآذن
بلا أطفال
بلا مُدُن"
هل قبضنا على على مقولة النص وعرفنا طبيعة الكارثة التي تتفجر فيه ، يكفي ان نلاحظ هذا الازدحام الدلالي للمفردات الدينية " قباب ، محراب ، صلاة ، تسجد ، كتاب ، دعاء ، مآذن مكررة ، الله اكبر " " ما علاقة الحرب المدمرة بالدين حتى اقترنا وتعالقا على هذا النحو ؟
وهل الدين وراء هذه الكارثة حتى تماهى مع الحرب وصار عنوانا لويلاتها ، المآذن الساجدة بعيدة عن الله فلقد بترت منها كلمة التكبير و صارت القباب تطفو وتطوف على مزق الكتاب والدعاء
محراب الصلاة صار محرابا للجوع والاسلحة القاتلة على اختلاف انواعها واصنافها والتي تمتلا بالحقد والغباء حتى صيرت البلدان
"بلا نحن
بلا مآذن
بلا اطفال
بلا مدن "
لا يخفى ما في إعدام ال نحن من إشارة الى حضور ال هم كأنه يقول إن البلاد صارت بأيدي الغرباء
ولا يخفى ما في إعدام المآذن من إشارة إلى أن الدين الزائف يقتل الدين الحق ويحطمه
هذه حالة الحرب إذن بطاقتها المخربة ونتائجها الكارثية بكل ما يرتبط بها من دمار وبلاء دفعا الشاعر إلى أن يمحو من ويلاتها حدود الزمان فيسقط الماضي والحاضر ويهم بالمستقبل .
وأما عن حديث الشتات فمن البين أن هذا المهاجر الذي اكتوى بلوثة الحرب صار لعنة على كل ما يتصل به ؛ تشكوه الحقائب وتتمنى الدروب التي يتردد فيها ذهابا وإيابا ان يموت فترتاح بموته فقد اهترأت من خطواته وأسفاره البلدان حتى صارت تتحاماه كأنه حزام ناسف لا يليق به ويرتاح معه اإلى القبور.
يقول الشاعر :
لا ادري فوق ركبتي اي بكاء
أو ليـلٍ
سيرتمي قلبي التعب
يوماً
ليرتـاح الطريـقُ من ثرثرة خطوي
وشكوى الحقائب
....................
تهـرَّأت الأوطـانُ في جواز سفري
والعُمـرُ في أزقـةِ القصيـدة
وأنا لا زلـتُ بانتظار
أن أكتُـبَ هذياناً
يليـقُ بهذه الحـرب
أو أرفـعَ قبراً يليـقُ بهذا الشتات"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق