مقدّمة الناقدة إنعام كمونة لديوان / حين امتشق الحمام حبال الريح / للشاعر الجزائري حفيظ علال خديم /
_ غلاف الديوان غلاف أنيق بالوان صريحة ومتدرجة ،لهيب يعكس فترة التشتت والاحداث الدامية وكذلك الوان اليباس والعطش ،هي فترة النزاع والشقاق في فترة من حياته, الا انها تتضاءل فيعم السلام حين تنبثق الوان ذهبية توحي باشراقة الامنيات وحمامة السلام , فأضحت دخانا متلاشي السراب أرخها ذكرى بوفائه للأحبة من ذوي القرابة والصداقة ...., غلاف يجسد فترات الظلم والانتعاش بريشة الزمن فتتوالى أوشحة بيض تنثرغيث المحبة بارجاء الوطن ،تتعالى كفوف الارض بالتهجد والدعاء ...أراها لوحة متقنة الرسم لسيرة وطن بتاريخ محدد .
_ نبذة عن حياة الشاعر:
باكورة حروفه ولميم نبضاته , عصارة العمر واروقة ذكرى قابعة بنون العيون تبصمها ملامح السنون ينابيع اشتياق لسرة الحنين ومهد البدايات خضاب وجد لطفولة محرومة من رائحة الجنة وفجر الحليب ترعرع شاعرنا هناك في مدينة الحمادنة في مرابع الاخوال والاعمام والتي تنحدر وديانها مع سيل الهضاب المترامية بالجلنار وروابي بنفسجية العنب , ارتادها الشاعر منذ طفولته وتسلق اعناق السرو وتظلل بجسد الصفصاف فاحتوته قيثارة شجون تعزف نبضات تأمله تغريدة حمام على ايقاع السكون واثيرالبساتين, تنقش حروفه ضفاف الجداول بطلل السهول المحاذية فاينعت لغته الحان سفوح خضراءواشرعة حروف صهلت انفعاله وصهرت تامله ببيئة بسيطة وتقاليد مقيدة فكانت وافر عطائه , كما أرخها زمانا ومكانا في نهاية نصوصه مما يدل على دقة التزامه بنظام يومي بأجندة تفاصيل حياته , ولفترات عديدة كان يزور والده في منطقة قروية عشائرية تدعى( شانيو) تعتبر مركز تناحر وأغتيالات عشوائية وقسوة تنافر جعلت حرفه نزفا داميا ووجعا متراميا فانعكست معاناة الجرح بوجدان صادق من تمزق الالفة واضطرابات الوطن فنبت الوجع والحزن دموعا لمحبرته .
_ فاضحت حروفه مدينة معطرة باريج العواطف وعشق الوطن والاحبة تتشح بملامح اليتم واول ندا نبضاته شفيف معتق الانتماء لذرات ترابه جوهرها اشتياقا وحبا لاماكن ارتادها وعايش هموم اهلها فتاثر بواقعها وقدرها فذاب شغفه الماً يتقد حرمانا من ذكرى لا تنطفئ .
_ العنوان ::( حين امتشق الحمام حبال الريح )
استهواني عنوان الديوان برشاقة اختياره وجمال لغته ودلالة معناه تعبير بديع المعنى عميق المغزى اقتنص الشاعرلحظة الابداع الآني وترجم نصوص ديوانه بسيمائية ثرية البوح , صورة شعرية رائعة ترتسم بمخيلة المتلقي منظر خلاب , يحاكي المستقرئ باحساس ملون التاثير, يجذبه ليتابع تفاصيل الديوان فيبحث عن نص العنوان فيتوه بغيره . _ عنوان بومضة نضرة متجانسة الترابط بعناصرها بارعة القصد بوعي عميق الدلالة رغم المضمون الحزين بوجدان الشاعر والمتوالد من خضم الاحداث بين مجتمع محيطه المنبثة بانساق نصوصه الا انها مضيئة التامل في حيزالفكرة.
_ عنوان يواجهني بفضاء واسع لاحد له يبوح بالكثير رغم قلة حروفه تكثيف يفسر تاريخ ممتد لا حدود له حيث ابتدأه بظرف زمني مبهم الحدود( حين ) باي وقت .. والزمن الغير معلوم قدره لكن معلوم مكانه لا بد ان يكون لكل زمن مكان يتحفه بالذكرى تؤرخه ذاكرة الزمن , عنوانا مرتبط بتفاعل مخيلة الشاعرومحيطه ومجتمعه يمثل بيئة تكوينه تخص حقبة معينة عايشها باعماقه وصدق احساسه ولا ننكر ما نبض به يراعه وقلبه فالحروف نزيف الفكرة وذهنية الاحساس بقلب مرهف وهذه سمة اخرى تضاف لابداع تامله وبيان حرفه .
_ الحمام مقطع صوتيّ رقيق علامة فارهة الحنين ورمز الامومة والاحضان الدافئة, دلالة الهدوء والسكينة والعش الهانئ, براءة اللهو والغناء وهديل الطفولة , اختيار ذكي للشاعر وتزاوج بديع المعنى مع الريح والتي تعني الاتجاهات المتعددة الفضاء ذلك المكان الا منزوي بحدود والمترامي الافق المتباين بلا خارطة تضمه ,و ابواب مشرعة بلا عنوان بين الارض والسماء لاينال استقرارا بل نحاكيه استقراء بلهفة عاشق ومشتاق والدليل خافق بعيون حيرى تمعن بثراء الصبر علها تصيب نظرة خاطفة لحلم اوطيف مسافر يرافقها الغربة ووحشة الطريق في الهجرة والفراق لتخلق وعيا بضمير الادراك فيخلد الحقائق لتكون تاريخ يتمخض عن تجربة وواقع .
_ هجرة لا بد منها فالوداع تحصيل حاصل وشرخ لا بلسم له في قلب شاعرنا وكينونة تضاد وانسجام للحمام القصير العمروالمستقر الاماكن والذائد عن أعشاشه , الريح المتذبذبة المواسم والغير مستقرة بمكان او زمان , الكون يمثل فضاء الفكرة ومسرح التامل والشخوص الموت والحياة ,رموز تكثف ما يخفي خلف المعنى فالحمام هم الأحبة الحاضرة الغائبة والراحلة لعالم لا اتجاهات تضمنه ولا مقام يسعه سفر لا عودة بعده وغياب متناهي المدى انبثق من تامل الشاعر لمحنة الوداع الابدي صراع ذاتي للهفة التواجد واللقاء .
_ وبين فكي قدر اقتنص الاحضان الدافئة للعائلة ولأحبة انقطع حبل وصالهم فضاعت فرص الحنين في زحمة الحرمان والشاعر هوالعارف والمجرب لظمأ الاشتياق وما تبقى على اعتاب الخيال فكرة صامتة الجرح غائرة الوجع تشم الحروف بألم يضوع تنفسا للذكرى فتتآكل الروح شوقا لا يرحم يحفر مديات افق الخيال حروف تنزف احتراقا على مدى بوصلة لا تثني المسير الا باذن اتجاهها .
_ ذلك التماهي بين الحياة والموت بين الغياب والحضور اصبح من صميم ذكرياته التي رسمت معاناة عمره والتي لم تفارق ناظريه لحبه لاهله ووطنه والمتمثل باحساسه العميق والصادق لوطن المليون شهيد وطن الأميرعبد القادر وجميلة بوحريد العلم الناصع الفداء . _ هذا العنوان الذي اكتنز فحوى وجدان الشاعر بلغته الرقيقة وقوة اشارته بألم وحزن عتيدين ، توالد وجعا حتى اصبح مطرحروف تناثره الانامل وينشده القلب أنينا ولوعة فأراق نزف الجروح تنفسا لذاته واختزنها باعماقه شوق خلجات ومعاناة فراق .
_ ننتقل لقراءة مقتطفات من نص السرداب .. كلمة السرداب رمز باختيار ذكي تعني الاماكن الغائرة والبعيدة يكتنفها الغموض والظلمة الرطبة و يوحي بدليل آخرهو القبور مما يشير لاحداث مبهمة وأماكن مختفية عن الأعين والاشخاص وبدلالة اخرى تمثل نهاية الابواب والاستقراررمز يتقاسمه نقيضين الحياة والموت وهذا ما يكرره دائما الشاعر ويؤكد عليه في الكثير من نصوصه وهي ميزة للنصوص الحديثة المعاصرة .
_ لنسبر جزء من نصه :
الموتُ يخرُجُ من عيْنيْك متسخاً بالنبيذ و المهرجان
يدخُل في سَيْعاء من الليل
يُهدم سوراً
يقطع شجره
يحرقُ مزرعة..
يفتحُ باباً . .
عزرائيلُ عنْ قرب و عن كثبِ
ثُم ينسلُ الموتُ تاركاً خيط دُخان
نلاحظ بعد فترة سكون وطمأنينة تباغته محن وطنه بفجأة الموت يتفاعل بما يحيطه باحساسه الوطني ووجدانه الصادق , يحز الألم حروفه لتشظي اواصر العشيرة والمجتمع , يرتع الموت في قريته مخمور الحواس لا يعي العتمة فيلتفع باذياله القريب والبعيد يرتشف من كل كأس يحصد حقول الفرح برموز شتى وكأن الحياة مهرجان للظلمة وما تحتويه من خراب وتصدع والهروب لابواب لا تحمي من القتل فالموت قابع خلف الابواب كلما اغلقو بابا فتح له آخر ... حتى انه يرى الموت بأم عينيه يشتعل في وطنه ويكاد يغتاله الا ان القدر يحول دون ذلك .
_ نرى رموز الموت المتكالب والذي لا جدوى منه غير القتل والتشتت والقهر او الرحيل مضطرا وهاهو ملك الموت (عزرائيل) عن قرب وعن بعد بشعورموجع لكنه رسم بحرفه مدى العنف والقسوة بحقيقة ووجدان ناصع لا زيف فيه .
_ حقبة زمنية من عمره اثرت به لكثرة مافارق من أهل وأحبة وتعتبر نبذة من تاريخه الشخصي صورها باسلوب مترابط البنية وبوح راقي وفق سيمائية ذكيّة و حداثويّة متقنة العناصر بانساق نصه تأمل بوعي مازج ثقافته الواسعة فذابت المعرفة بتشكيل مضمون نصوصه بدلائل يستقرئها المتلقي من خلال الترميز الواعي والمجازالمنبري فنيّا الذي عمل بقوّة على إضاءة المظلم من مناطق الذات الشاعرة . نعم هي انزياحات رائعة مكتظة بوجع الفراق ومعتقة بلون السواد والقتامة والدماء ،ويختم الشاعر نصه هذا بخاتمة التفاؤل واستعادة الحياة من خلال رمز النخيل هو الخضرة والشموخ والانطلاق والتنفس لحياته العادية .
_ نص السرداب يمثل مرحلة الفوضى والعنف والقتل العشوائي فترة الاضطرابات الحادة في التسعينات التي عايشها الشاعر في قرية ( شانيو) وحفرت معاناة على حرفه ويعتبر نبذة من تاريخ حياته الموشحة بالخوف والقلق وعدم الاستقرار وهي مرحلة تاريخ يؤرشفها الشاعر في طي الدّلالات المتعددة في سياق اسلوبه . رغم ان الموت والحياة هما محور نصوصه الا انّ ديوانه لم يخلو من الغنائيّة العذبة الناتجة عن حبّ اعتراه تجاه أنثى ، الانثى التي حضرت بقوّة في كل مراحل حياته بدءا من فاطمة في بخوراته .
ولم يخل تشكيله بالمقابل من تنوع افكار وتامل نصوص كثيرة بعناوين تغني المضمون في نسغ النص من مشاعر انسانية وتاملات اجتماعية تدل على آفاق راسخة لانتمائه كمواطن وكانسان يكتنز ذكريات جميلة سعيدة وحزينة وفي جموع نصوصه يطوي جزء من حياته ليبدأ بجديد حروفه والهام واسع الافق باشراقة امل وتحقيق أبداع آخر من تحت انامله بنجاح ان شاء الله.
_ للشاعر نصوص تستحق الاستقراء سنتناولها لاحقا ان شاء الله
مصمم الغلاف الاستاذ عبد الله بوبكر.
_ غلاف الديوان غلاف أنيق بالوان صريحة ومتدرجة ،لهيب يعكس فترة التشتت والاحداث الدامية وكذلك الوان اليباس والعطش ،هي فترة النزاع والشقاق في فترة من حياته, الا انها تتضاءل فيعم السلام حين تنبثق الوان ذهبية توحي باشراقة الامنيات وحمامة السلام , فأضحت دخانا متلاشي السراب أرخها ذكرى بوفائه للأحبة من ذوي القرابة والصداقة ...., غلاف يجسد فترات الظلم والانتعاش بريشة الزمن فتتوالى أوشحة بيض تنثرغيث المحبة بارجاء الوطن ،تتعالى كفوف الارض بالتهجد والدعاء ...أراها لوحة متقنة الرسم لسيرة وطن بتاريخ محدد .
_ نبذة عن حياة الشاعر:
باكورة حروفه ولميم نبضاته , عصارة العمر واروقة ذكرى قابعة بنون العيون تبصمها ملامح السنون ينابيع اشتياق لسرة الحنين ومهد البدايات خضاب وجد لطفولة محرومة من رائحة الجنة وفجر الحليب ترعرع شاعرنا هناك في مدينة الحمادنة في مرابع الاخوال والاعمام والتي تنحدر وديانها مع سيل الهضاب المترامية بالجلنار وروابي بنفسجية العنب , ارتادها الشاعر منذ طفولته وتسلق اعناق السرو وتظلل بجسد الصفصاف فاحتوته قيثارة شجون تعزف نبضات تأمله تغريدة حمام على ايقاع السكون واثيرالبساتين, تنقش حروفه ضفاف الجداول بطلل السهول المحاذية فاينعت لغته الحان سفوح خضراءواشرعة حروف صهلت انفعاله وصهرت تامله ببيئة بسيطة وتقاليد مقيدة فكانت وافر عطائه , كما أرخها زمانا ومكانا في نهاية نصوصه مما يدل على دقة التزامه بنظام يومي بأجندة تفاصيل حياته , ولفترات عديدة كان يزور والده في منطقة قروية عشائرية تدعى( شانيو) تعتبر مركز تناحر وأغتيالات عشوائية وقسوة تنافر جعلت حرفه نزفا داميا ووجعا متراميا فانعكست معاناة الجرح بوجدان صادق من تمزق الالفة واضطرابات الوطن فنبت الوجع والحزن دموعا لمحبرته .
_ فاضحت حروفه مدينة معطرة باريج العواطف وعشق الوطن والاحبة تتشح بملامح اليتم واول ندا نبضاته شفيف معتق الانتماء لذرات ترابه جوهرها اشتياقا وحبا لاماكن ارتادها وعايش هموم اهلها فتاثر بواقعها وقدرها فذاب شغفه الماً يتقد حرمانا من ذكرى لا تنطفئ .
_ العنوان ::( حين امتشق الحمام حبال الريح )
استهواني عنوان الديوان برشاقة اختياره وجمال لغته ودلالة معناه تعبير بديع المعنى عميق المغزى اقتنص الشاعرلحظة الابداع الآني وترجم نصوص ديوانه بسيمائية ثرية البوح , صورة شعرية رائعة ترتسم بمخيلة المتلقي منظر خلاب , يحاكي المستقرئ باحساس ملون التاثير, يجذبه ليتابع تفاصيل الديوان فيبحث عن نص العنوان فيتوه بغيره . _ عنوان بومضة نضرة متجانسة الترابط بعناصرها بارعة القصد بوعي عميق الدلالة رغم المضمون الحزين بوجدان الشاعر والمتوالد من خضم الاحداث بين مجتمع محيطه المنبثة بانساق نصوصه الا انها مضيئة التامل في حيزالفكرة.
_ عنوان يواجهني بفضاء واسع لاحد له يبوح بالكثير رغم قلة حروفه تكثيف يفسر تاريخ ممتد لا حدود له حيث ابتدأه بظرف زمني مبهم الحدود( حين ) باي وقت .. والزمن الغير معلوم قدره لكن معلوم مكانه لا بد ان يكون لكل زمن مكان يتحفه بالذكرى تؤرخه ذاكرة الزمن , عنوانا مرتبط بتفاعل مخيلة الشاعرومحيطه ومجتمعه يمثل بيئة تكوينه تخص حقبة معينة عايشها باعماقه وصدق احساسه ولا ننكر ما نبض به يراعه وقلبه فالحروف نزيف الفكرة وذهنية الاحساس بقلب مرهف وهذه سمة اخرى تضاف لابداع تامله وبيان حرفه .
_ الحمام مقطع صوتيّ رقيق علامة فارهة الحنين ورمز الامومة والاحضان الدافئة, دلالة الهدوء والسكينة والعش الهانئ, براءة اللهو والغناء وهديل الطفولة , اختيار ذكي للشاعر وتزاوج بديع المعنى مع الريح والتي تعني الاتجاهات المتعددة الفضاء ذلك المكان الا منزوي بحدود والمترامي الافق المتباين بلا خارطة تضمه ,و ابواب مشرعة بلا عنوان بين الارض والسماء لاينال استقرارا بل نحاكيه استقراء بلهفة عاشق ومشتاق والدليل خافق بعيون حيرى تمعن بثراء الصبر علها تصيب نظرة خاطفة لحلم اوطيف مسافر يرافقها الغربة ووحشة الطريق في الهجرة والفراق لتخلق وعيا بضمير الادراك فيخلد الحقائق لتكون تاريخ يتمخض عن تجربة وواقع .
_ هجرة لا بد منها فالوداع تحصيل حاصل وشرخ لا بلسم له في قلب شاعرنا وكينونة تضاد وانسجام للحمام القصير العمروالمستقر الاماكن والذائد عن أعشاشه , الريح المتذبذبة المواسم والغير مستقرة بمكان او زمان , الكون يمثل فضاء الفكرة ومسرح التامل والشخوص الموت والحياة ,رموز تكثف ما يخفي خلف المعنى فالحمام هم الأحبة الحاضرة الغائبة والراحلة لعالم لا اتجاهات تضمنه ولا مقام يسعه سفر لا عودة بعده وغياب متناهي المدى انبثق من تامل الشاعر لمحنة الوداع الابدي صراع ذاتي للهفة التواجد واللقاء .
_ وبين فكي قدر اقتنص الاحضان الدافئة للعائلة ولأحبة انقطع حبل وصالهم فضاعت فرص الحنين في زحمة الحرمان والشاعر هوالعارف والمجرب لظمأ الاشتياق وما تبقى على اعتاب الخيال فكرة صامتة الجرح غائرة الوجع تشم الحروف بألم يضوع تنفسا للذكرى فتتآكل الروح شوقا لا يرحم يحفر مديات افق الخيال حروف تنزف احتراقا على مدى بوصلة لا تثني المسير الا باذن اتجاهها .
_ ذلك التماهي بين الحياة والموت بين الغياب والحضور اصبح من صميم ذكرياته التي رسمت معاناة عمره والتي لم تفارق ناظريه لحبه لاهله ووطنه والمتمثل باحساسه العميق والصادق لوطن المليون شهيد وطن الأميرعبد القادر وجميلة بوحريد العلم الناصع الفداء . _ هذا العنوان الذي اكتنز فحوى وجدان الشاعر بلغته الرقيقة وقوة اشارته بألم وحزن عتيدين ، توالد وجعا حتى اصبح مطرحروف تناثره الانامل وينشده القلب أنينا ولوعة فأراق نزف الجروح تنفسا لذاته واختزنها باعماقه شوق خلجات ومعاناة فراق .
_ ننتقل لقراءة مقتطفات من نص السرداب .. كلمة السرداب رمز باختيار ذكي تعني الاماكن الغائرة والبعيدة يكتنفها الغموض والظلمة الرطبة و يوحي بدليل آخرهو القبور مما يشير لاحداث مبهمة وأماكن مختفية عن الأعين والاشخاص وبدلالة اخرى تمثل نهاية الابواب والاستقراررمز يتقاسمه نقيضين الحياة والموت وهذا ما يكرره دائما الشاعر ويؤكد عليه في الكثير من نصوصه وهي ميزة للنصوص الحديثة المعاصرة .
_ لنسبر جزء من نصه :
الموتُ يخرُجُ من عيْنيْك متسخاً بالنبيذ و المهرجان
يدخُل في سَيْعاء من الليل
يُهدم سوراً
يقطع شجره
يحرقُ مزرعة..
يفتحُ باباً . .
عزرائيلُ عنْ قرب و عن كثبِ
ثُم ينسلُ الموتُ تاركاً خيط دُخان
نلاحظ بعد فترة سكون وطمأنينة تباغته محن وطنه بفجأة الموت يتفاعل بما يحيطه باحساسه الوطني ووجدانه الصادق , يحز الألم حروفه لتشظي اواصر العشيرة والمجتمع , يرتع الموت في قريته مخمور الحواس لا يعي العتمة فيلتفع باذياله القريب والبعيد يرتشف من كل كأس يحصد حقول الفرح برموز شتى وكأن الحياة مهرجان للظلمة وما تحتويه من خراب وتصدع والهروب لابواب لا تحمي من القتل فالموت قابع خلف الابواب كلما اغلقو بابا فتح له آخر ... حتى انه يرى الموت بأم عينيه يشتعل في وطنه ويكاد يغتاله الا ان القدر يحول دون ذلك .
_ نرى رموز الموت المتكالب والذي لا جدوى منه غير القتل والتشتت والقهر او الرحيل مضطرا وهاهو ملك الموت (عزرائيل) عن قرب وعن بعد بشعورموجع لكنه رسم بحرفه مدى العنف والقسوة بحقيقة ووجدان ناصع لا زيف فيه .
_ حقبة زمنية من عمره اثرت به لكثرة مافارق من أهل وأحبة وتعتبر نبذة من تاريخه الشخصي صورها باسلوب مترابط البنية وبوح راقي وفق سيمائية ذكيّة و حداثويّة متقنة العناصر بانساق نصه تأمل بوعي مازج ثقافته الواسعة فذابت المعرفة بتشكيل مضمون نصوصه بدلائل يستقرئها المتلقي من خلال الترميز الواعي والمجازالمنبري فنيّا الذي عمل بقوّة على إضاءة المظلم من مناطق الذات الشاعرة . نعم هي انزياحات رائعة مكتظة بوجع الفراق ومعتقة بلون السواد والقتامة والدماء ،ويختم الشاعر نصه هذا بخاتمة التفاؤل واستعادة الحياة من خلال رمز النخيل هو الخضرة والشموخ والانطلاق والتنفس لحياته العادية .
_ نص السرداب يمثل مرحلة الفوضى والعنف والقتل العشوائي فترة الاضطرابات الحادة في التسعينات التي عايشها الشاعر في قرية ( شانيو) وحفرت معاناة على حرفه ويعتبر نبذة من تاريخ حياته الموشحة بالخوف والقلق وعدم الاستقرار وهي مرحلة تاريخ يؤرشفها الشاعر في طي الدّلالات المتعددة في سياق اسلوبه . رغم ان الموت والحياة هما محور نصوصه الا انّ ديوانه لم يخلو من الغنائيّة العذبة الناتجة عن حبّ اعتراه تجاه أنثى ، الانثى التي حضرت بقوّة في كل مراحل حياته بدءا من فاطمة في بخوراته .
ولم يخل تشكيله بالمقابل من تنوع افكار وتامل نصوص كثيرة بعناوين تغني المضمون في نسغ النص من مشاعر انسانية وتاملات اجتماعية تدل على آفاق راسخة لانتمائه كمواطن وكانسان يكتنز ذكريات جميلة سعيدة وحزينة وفي جموع نصوصه يطوي جزء من حياته ليبدأ بجديد حروفه والهام واسع الافق باشراقة امل وتحقيق أبداع آخر من تحت انامله بنجاح ان شاء الله.
_ للشاعر نصوص تستحق الاستقراء سنتناولها لاحقا ان شاء الله
مصمم الغلاف الاستاذ عبد الله بوبكر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق