السبت، 23 مارس 2019

مجلة انكمدو العربي للثقافة والادب // أمي ... لوحة الكمال ..// كُتبَ النص بمداد الشاعرة / مرام عطية // سوريا

أمِّي ... لوحةُ الكمالِ 
__________________
أمي ، ياملكةَ الكونِ ، ناطحاتُ السَّحابِ خرائبُ إن لم تكحِّلها حضارةُ عينيكِ ، و خصبُ الأقاليمِ يبابٌ إن لم تشربْ من فراتِ يديكِ ، كلُّ الساحاتِ ضيقةٌ بلا اتساعِ صبركِ ، وحدها ابتسامتكِ ترياقٌ لدرءِ العللِ و حصنٌ إلهيٌّ يدفعُ الحروبَ .
اليومَ زرعتكِ في صحراء العالمِ واحةَ سلامٍ ، و جئتُ لألقاكِ في حديقةِ بيتنا الجميلِ ، وريقاتُ نبضي المثقلةُ بالحنين تسبقني لعرشكِ الملكيِّ ، وتقبِّلُ عنَّي لآلىء الجبينِ ، تتركُ لهفتي حيرى بين أشطانِالثواني ، تسألُ عن نخلتكِ الشامخةِ بناتَ النسيمِ ، تجمعُ زمردَ شمائلكِ ، وترفعكِ نبيةً في محرابِ القداسة ، تشفقُ على غربتي ، تتأوه بصمتٍ بينَ محاجري ، وتعانقُ محياكِ المترعَ بالإيمان
أمِّي أنا طفلٌ غابَ عنه الأمانُ ، فأين ذراعيكِ تمطرني بدفءِ الحنانِ ، تلملمُ أجزائي المتناثرةِ من جرن يعشقهُ هاون العالمِ فلا يتركُ فيهِ خليةً تصافحُ أخرى ؟! أينَ أناملكِ تعيدُ تكويني من صلصالِ الفضيلةِ ، وتنقِّيني من أدران هذا العالمِ الملوَّثِ بالأنانيةِ والقبحِ ؟!
في عيدكِ الأجملِ يتنازعني الشوقُ لعينيكِ و الاحتفاءُ بأمومتكِ الخصبةِ ، فأضعفُ وتطفرُ الدموعُ من مساربِ روحي فهلاَّ تعذريني .
يامدرسةَ الحبِّ ، ماأجزلَ عطاياكِ ؛ إن طابَ غرسي ، فمن يمناكِ طيبهُ ، وإن تكحَّلت عيناي بالسَّنا ، فمن دعاكِ نورها ، وإن عقدتْ براعمُ لوزي ، فمن رضاكِ كرومها .
يا لوحةَ الكمالِ، كيفَ أرسمكِ أو أخبرُ العالم عن بهاكِ ولا قلمَ يتقنُ رسمكِ ؟! أو كيفَ أعزفكِ على وترٍ ، وكلُّ أوتارِ الكونِ لا تبلغُ أناشيدَ ثغركِ ، أو تدنو من موانئ روحكِ الشفافةِ .
يامهجةَ الروحِ ، علِّميني كيفَ أكسرُ طوقَ الغيابِ المكينَ ليثلجَ فراتكِ صدري ، و يروي عطشَ الشَّوقِ ، فأنا لاأملكُ من عطركِ الوارفِ سوى أحلامي بلقياكِ و حفنةَ ذكرياتٍ تعرِّشُ على ضفافِ قلبي .
___________
مرام عطية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق