الاثنين، 20 أبريل 2020

ق. ق. / رؤية // بقلم السعدية خيا // المغرب

قصة قصيرة (رؤية )
استعانت الشرطة بالمحقق المعتزل عن العمل منذ سنوات ،رفض في البداية ولكن ألحوا عليه لما يعرف عليه من نجاعة فلم توجد قضية إلا وفك خيوطها،وهذه القضية مهمة فقد وقعت مجموعة من الجرائم الغريبة التي لا يوجد لها تفسير،مجموعة من الأشخاص قاموا بالإنتحار في ظروف غامضة ،ولم يكن أي أحد منهم يعاني من اضطرابات أو أعراض نفسية،بالإضافة إلى أنهم يعيشون أوضاع مهنية ومادية مستقرة، إلى أن شاع خبر انتحارهم الذي أثار شكا كبيرا أن يكون قاتلا متسلسلا وراء موتهم وهذا أثار الرعب لدى السكان ، أعطوه ملفا يحمل اسم مجموعة من الأشخاص الأغراب عن المدينة والذين يعيشون بمفردهم وأخبروه أنه يمكن أن يكونوا مستهدفين من بينهم اسم إحدى الصحفيات الوافدة الجديدة إلى المدينة تم استقطابها من طرف إحدى الجرائد ،زار كل أماكن الإنتحار وشاهد صور الضحايا ... أغلبها قامت بشنق نفسها،والغريب أنها تركت وراءها اسم الضحية التالي ..الأمر الذي حير الشرطة ما العلاقة بين الضحايا هل شاركوا في جريمة معا بالماضي وما يتعرضون له الآن هو انتقام، بعد بحث مطول لم يجدوا أي رابط بين الضحايا فهم لا يعرفون بعضهم ولا علاقة بينهم تذكر ،وبعد أن تأكدوا من كون الضحية يترك اسم من يليه ظنوا أن المجرم يتحداهم بتركه اسم الضحية الموالي،درس المحقق كل المعلومات المقدمة له ،شرب قهوته وارتدى معطفه واتجه نحو شقة الصحفية لمراقبتها.. أثار انتباهه صعود بائع الوجبات السريعة إلى العمارة فتبعه لكنه لم يقصد شقتها فقد أعطى الوجبة لعجوز بالشقة المقابلةثم نزل فرأى الفتاة تقف شاردة في النافذة ،ثم رآها في الصباح تذهب إلى عملها في الجريدة الأمور تبدو عادية لحد الآن ، وظل هناك إلى أن خرجت في وقت الغداء سمعها تشاجر شخصا كان لصا يحاول خطف حقيبتها،ولكنها ركلته برجلها فوقع ثم جرت بعيدا لم يستطع المحقق التدخل لأنه كان أبعد قليلا والموقف وقع بسرعة ، تبعها وهي تتجه نحو مطعم قريب حيث التقت بصديقة هناك ما إن وضع الصحن أمامها حتى انتفضت من مكانها صارخة ما هذا لقد امتلئ بالدود اقترب هو أيضا للتأكد من الصحن فكان مليئا بالدود فعلا، تحول طعامها إلى دود خرجت غاضبة رفقة صديقتها وصاحب المطعم يعتذر عشرات المرات ،ما إن خرجت إلى الشارع حتى بادرها كلب بنباح شرس ،يرهب أقوى القلوب حتى أنها وقعت أرضا رفعتها صديقتها طلبت لها سيارة أجرى وتركتها تعود إلى الجريدة ،رفع الهاتف واتصل بالظابط المكلف بالقضية وسأله هل كان قد راقب أحد الأسماء قبل وفاتها أخبره نعم؛ سأله ماذا لاحظتم عنها ،أجابه لا شيء! هل اعترضهم أحد ، شخص! حيوان مثلا ؛ أجابه لا ولكن كان يبدوا عليهم الفزع والشك في كل ما حولهم ،شكره المحقق على تعاونه وقطع الخط ،وتبعها هذه المرة رفقة ظابط إلى عنوان قصدت منزلا ، نطق الظابط: غريب! سأله المحقق ما الغريب؟ أجاب البيت مهجور لقد احترق منذ سنوات ؛هل تتعاطى؟ هل تريد اقتناء مخدر ؟ولكن المحقق قال انظر إنه بيت عاد ثم هاهي صديقتها التي كانت معها البارحة تفتح لها الباب نظر الظابط له في دهشة بملامح جدية لا توحي بالمزاح أي صديقة،فتدارك المحقق قائلا كنت أمزح ..وقال له أرجو أن تعود أنت سأكمل وحدي من هنا، رفض الذهاب فألح عليه بالعودة أن لا ضرورة تستدعي بقاءه فعاد بسيارته ،هو فعلا كان قد رأى الصديقة والكلب واللص والدود..والواضح أنه هو والضحية فقط من يريا ذلك وعندما سأل الظابط سابقا عن ما إذا كان أحد اعترض الضحايا السابقين، أجابه بالنفي والمنطقي أن ما يعترضهم لا يراه غيرهم لأنه يجرهم نحو نهايتهم دون أن يدري بهم أحد.ولكن لماذا هو يرى ذلك ..لأن هذه ميزته فبعد الحادثة التي وقعت له والإصابة بالدماغ التي تعرض لها والغيبوبة التي استمرت سنتين أصبحت هذه الرؤى ميزته ، فهذا الشيء الذي يلاحق الفتاة هو من يراه لا غيره ،اقترب من المنزل ورأى الفتاتين تشاهدان التلفاز وما إن رأته الصديقة حتى انقلب وجهها أسود فعرف أن ذلك هو الشيء الذي يلاحق الفتاة ..فرجع إلى شقته بسرعة ليجد أنها انقلبت رأسا على عقب فعرف أنه انتقم منه ..ذهب إلى خزانته حمل كتابا قديما قرأه ووجد أن ذلك الكيان من أقبح ما يكون يبحث عن الخلود ويتغدى على الأعمار خاصة الشابة منها ليضمن استمراره ،وهزيمته الوحيدة أن يعلم الضحية بالكيان الذي يلاحقه ..وكل الضحايا لا يعلمون بوجوده ويعتقدون أن تلك المواقف كلها صدفة، أن يحاول لص السرقة أمر عادي وأن تجد الدود في طبق أمر عاد نوعا ما ،وهذا يعزى إلى مدى نظافة المطعم، أن تكون لك صديقة وفية أمر عاد ولن تشك أن ذلك هو الكيان يظهر في تلك الصورة مستحيل أن يفسر شخص عاد مثل هذه الأمور .ربما قد تعترضنا أمور غريبة ومهاجمة في وقت وجيز ونحن نظنها سوء حظ وصدف، لكن لا إنها شيء يلاحقنا وكلما رأيت تكررها تأكد أن ذلك رسالة على إصراره ،ولكن عليك أن تحارب رغم أن إصراره مستفز ..والآن كيف يمكن للمحقق أن يخبر الفتاة بحقيقة صديقتها وحقيقة ما يلاحقها !
طرق الباب فتحت له الفتاة ،سألته من أنت قال لها هل يمكنني الدخول؟ قالت لا يمكن أن استقبل غريبا بهذه البساطة ،أخبرها أنه ساكن سابق بالشقة وله ذكريات بها رفقة أهله فهي منزل طفولته فتركته يدخل،قال لها لقد زرت المدينة وحملني الحنين إلى الشقة ورأدت رأيتها سألته ماذا يشرب فقال قهوة ،وماهي إلا ثوان حتى طرق الباب وكانت الصديقة وكأن الكيان يخشى انفضاح أمره فحضر على وجه السرعة،جلس الثلاثة كل واحد منهم يدور بباله أمر،سأل المحقق الفتاة إن كان يمكنه التقاط صورا للشقة قبل مغادرته فوافقت ولكن الصديقة اكفهرت وأرادت الهروب بتحججها بالذهاب إلى الحمام ، فوجه المصورة نحوها بشكل متعمد فصرخت في وجهه، ثم اعتذرت وقالت أنها فقط تعاني من صداع،ثم أعطى المصورة للفتاة وقال لها التقطي لي صورة من فضلك في غرفة طفولتي ..ففعلت ثم قال هل التقط لك صورة مع صديقتك فوافقت وهو يعرف ما يريد ،قال غريب صديقتك لا تظهر بالصورة فقد رماد أسود قال انظري أمسكت الصورة ووجهتها نحو صديقتها فظهر لها طيف أسود لكنها تعرفه فهذا يلاحقها حتى في الكوابيس، يحاول قبض روحها وهنا انكشفت اللعبة ودخل الشك ومع الشك بداية النهاية ،وفجأة تبخرت الصديقة ولم يعد لها وجود ..التفتت الفتاة إلى المحقق وقالت من أنت أجابها لاشك أنك سمعت عن قضايا الإنتحار بالمدينة ،قالت نعم أنا نفسي تابعت الموضوع وكتبت عنه،قال هذا هو السبب في موتهم ها أنت اكتشفته اليوم بالمناسبة لقد كنت الضحية التالية لاشك أنه أصبح لك مادة كافية للكتابة الآن .
السعدية خيا /المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق