الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017

قراءة نقدية : بقلم الناقد سيد عفيفي // خاطرة : بقلم الاستاذ : صالح هشام : حدثني الحرف المقهور ..قال.. // المغرب

قراءة نقدية :بقلم الناقد سيد عفيفي !
خاطرة بقلم : الاستاذ صالح هشام 
(حدثني الحرف المقهور .. قال ...: )
هذه القراءة :---------------------------------------------------
من روائع قراءات الناقد القدير الاستاذ سي سيد عفيفي لنصوصي سواء في مجال الخاطرة أو في مجال السرد ، هذه القراءات الرائعة التي تفتح النص على الكثير من القراءات ، فهو ينطلق من خلفية علمية مبنية على أسس وأدوات نقدية متمكنة ، تجعله يحسن التأويل والتفكيك ، وهما خمر وخميرة كل نص إبداعي ، ولعل هذه القدرة النقدية المتبصرة للناقد سي عفيفي تجعل الكاتب يستفيد مما يقدم له ، فالناقد أصلا مبدع ، والقراءة ابداع ، تعيد خلق النص من جديد ، وعليها يتوقف انفتاح النص أو انغلاقه ،فهنيئا لخاطرتي بهذه الحظوة النقدية من طرف ناقد متبصر ، بوركت سي عفيفي ودمت مشكاة للابداع والمبدعين وشكرا جزيلا !
---------------القراءة النقدية-------------------------------
بداية نحن أمام نص ماتع شاهق تضمن كل فنون اللغة والاساليب البيانية، والدخول فى دراسة نقدية وافية هو ضرب من المحال لذلك سوف أتعاطى النص بما يتاح من وجهة نظر القارئ 
تفكيك النص ...
حتى لا نكرر ماجاء بالنص فسوف يكون التفكيك بوضعه فى أجزاء بحسب المنحى الذى نحاه الكاتب فى كل مقطع وعاطفته السائدة حال كتابته لهذا المقطع
المقطع الأول؛ يبتدئ من أول (حدثنى الحرف ... وحتى المزيفة) وفيه تطرق الكاتب إلى وصف لحالة الفقر المدقع التى قادتنا إليها سياسيات متتالية من قضم أولى الأمر للقمة عيش البسطاء والمهمشين، فأصبحت دماؤهم رخيصة تلقى على كراسى مهشمة الكيان والمنظر 
ورمز الكاتب بحرف الدال فى هذا المقطع لكل حالات ذلك الفقير من دماء ودموع، وتلك الدفة التى تقودها أياد غريبة فتورد الجميع موارد الهلكة والضلال والمهانة 
وكان طبيعيا فى هذا المقطع أن يبدأ الكاتب بهموم السواد الأعظم من الشعوب العربية التى ترزح تحت نير الفقر والتسلط الذى يماثل نظام السُّخرة، وكأن السواد الأعظم هذا يخدم فقط على طبقة السادة التى بيدها مقاليد الأمور.
المقطع الثانى يبدأ من ( أنا ذال ذئب...حتى ؛ على الرؤوس)
وفيه جاء الكاتب بتلك الإسقاطات على الواقع إذ يتبرأ كل ذى خطيئة وذنب مما جنت يداه، ويدعى براءة كبراءة الذئب من دم يوسف الصديق، وقد أجاد الكاتب فى تحليل الصورة بإجمال وتفصيل، هذه الطبقة العليا التى تسخر السواد الأعظم وتدهسه بحوافر، فهى شعوب هشة هشاشة القش حتما تنطحن تحت حوافر الحمير المتطاحنة، ويكمل الكاتب ذالاته بذباب نهم لامتصاص ذلك الدم الذى تحدث عنه فى المقطع الأول وهى دماء البسطاء المستضعفين ، ويمعن هؤلاء الأشرار بالوضوء بدماء الأطفال الرضع لأداء فريضة أبشع من البشاعة، ثم يعرج الكاتب على حال المهجرين الآمنين فى بلادهم راكبين مخاطر البحر وابتلاع البحر لهم، أى بؤس هذا الذى أجبروهم عليه أولئك الذين ماتت ضمائرهم؟
ثم يختتم الكاتب بصورة بديعة بليغة وهى ( قبل أن تستوي صفحة الماء على الرؤوس !)وكأنه يصف لنا ما يراه رأى العين.
المقطع الثالث من أول (أنا حاء أحلام الضعفاء .. وحتى الحاضر الغائب) جاءت حاءات الكاتب لتصف رأس الظلم؛ هى حرباء سياسية متلونة بكل لون، بما تقتضيه مصالح الكبار فقط وإلقاء البقية فى مهمل السلال لسلال المهملات، حلب، حمص، مدننا، إخواننا هناك على شفير الموت فى كل لحظة، بأى ذنب تبدد تلك الثروة البشرية؟ هناك فى حلب وحمص حاء حرب آثمة تقطف الأرواح وتدمر حضارتنا لمصلحة من؟ أحلامهم وحلمهم يتناثران مع أشلاء هنا وهناك بلا حساب ، 
المقطع الرابع من أول (أنا شين ... وحتى حاويات القمامة) هاهنا أرغمنا الكاتب بتكثيفه على التيه داخل حنايا حرفه، شينات تتابع بين مشهد التعذيب فى السجون، وبين شهداء تهراق دماؤهم بلا جنية جنتها أيديهم ،بل ويعرج الكاتب أن هناك شهداء على قيد الحياة، أولئك الذين يموتون كل يوم مرات بين الجوع والفقر والمرض والذل والمهانة وجدع أنف الكبرياء، الإنسانية توارت بعيدا، ويذكرنا الكاتب بالتاريخ البائس لروما حرقا على يد الطاغية نيرون ويسقط هذا المشهد على واقعنا، أجل هناك إحراق بلا نار وبالنار ..
وهنا استشهد بعبارات الكاتب التى استجمع وكثف فيها كل خطوط الصورة البشعة (فقر و وجوع و عجز سياسي وموت ضمير عالمي وانكسار روح في جسد تشظى في حاويات القمامة )كل جملة قصيرة فى تلك العبارة تحتاج وحدها إلى دراسة تفنيدية، موت ضمير عالمى هى جملة احتوت تلخيصا لكتاب يشهد على هذا العصر المشين للانسانية 
المقطع الخامس والأخير.. ويبدأ من (فما أقبحنا.. الى ختام النص ) الحاءات التى وظفت فى غير موضعها بدلا من حب أصبحت حرب، والميم ...جاءت باسم المفعول من صيغ الافعال، تناسبت كثيرا كثيرا مع الواقع، فنحن مفعول بهم لسنا فاعلين وهذا الختام أمرُّ من المرِّ ذاته.
وحتى لا أطيل أكثر ...
من الزاوية النفسية للكاتب؛ نجد الكاتب رمزا للأديب المهموم بمجتمعه الكبير، يطرح الصورة بكل شفافية ومكاشفة، ويميط اللثام عن عورات المجتمع وسوءاته فى عصر تفرغت فيه الكلمات من فحواها الحقيقية، وأصبح الحرف العربى نفسه منتهكا مستباحا، الكاتب يجتر الآلام بصوت مرتفع مدوٍ كأنه يصرخ فى فلاة، أو يؤذن فى الصم، ويستنطق أفواها بكما، ويحرك شاعرة قلوبٍ غُلفا طبع الله عليها فاسودت.
أما من حيث التجنيس الأدبى؛ فقد أوقعنا استاذنا صالح هاشم فى حيرة، لا أستطيع الزج بهذا النص المبدع تحت جنس الخاطرة خصوصا بعد أن استهلكت الخاطرة وكتب فيها أدعياء الأدب فباتت ركيكة اللفظ متميعة المذاق هلامية الشكل، لذلك فقد رأيت تصنيف هذا العمل تحت مسمى المونولوج، لاشتماله على بوح من العيار الثقيل طويل المدى، كأن الكاتب وقف منفردا يتفنن فى طرح النص والكل له منصت منتبه استعدادا لتصفيق طويل فى الختام
اللغة فى النص!
برع الكاتب فى استجماع كل احداثيات اللغة العربية واشتقاقاتها، مفردات من عمق اللغة، وسطحها كذلك، دمج مبهر للاساليب البيانية مع المجازات والاستعارات، وأخشى أن اتمادى فى تحليل لغة النص فلا أوفيه لضيق المقام، وليس مثلى من ينتقد لغة نص للمبدع صالح هشام ،، 
أخيرا ،،،، أتوجه بالشكر للاستاذ القدير/ صالح هشام إذ أهدانا هذا الابداع الشاهق !
بقلم الناقد : سيد عفيفي ٠
-------------- --------------------------------------------------
خاطرة :صالح هشام / المغرب!
○حدثني الحرف المقهور قال :
أنا ٠٠٠٠٠٠أنا ٠٠٠٠٠٠أنا :
أنا ٠٠دال دموع الفقراء : 
دال دمى تلتصق بكراسي خشبية متهالكة ، لا تفرق بين دال دم مسفوح و دال دموع مسكوبة دال دوامة تسكن الضعفاء في مجاهيل تيه لا محدود ، في زمن دال دمار البشر والحجر والشجر ، أملا في دال دوام دمى على الكراسي تدير دفتها !
أنا ٠٠٠دال يد أجنبية !
،واقع ينوء بعين عجز عربي وعفونة سياسة عرجاء رعناء بلهاء في مؤتمرات تفلح في تزوير تاريخ الأمة العربية ، وفي قرع كؤوس الفودكا في مؤتمرات السلام العالمية المزيفة !
أنا ٠٠٠ ذال ذئب مظلوم :
ذال ذئب بريء من دم يوسف، ألبسوه التهمة ليغطوا على جريمتهم ويتلفوا معالم البئر ، وينكلوا بضعفاء (شعوب/ قش )تحت حوافر حمير متطاحنة ، بشر يفترسه ، ذال ذباب نهم، وينهجش لحمه ويشرب دمه ويتوضأ (بضم ياء المضارعة ) بدال دماء أطفال رضع لأداء صلاة واجبة ٠ أطفال ، شيوخ ، نساء ، يجبرون على تغريبة البر والبحر في غير زمن بني هلال :
يفلتون من قنبلة طائشة ، شاردة فيقدمون ، قربانا لذيذا تسحقه قواطع أسماك القرش ، وتتلمظ ملوحة دمائهم كائنات بحرية تستر عيب جثثنا ، فيمارس من تبقى منهم رقصة الموت والأمل قبل أن تستوي صفحة الماء على الرؤوس !
أنا٠٠٠حاء أحلام الضعفاء :
حاء حرباء سياسية لاتستقر على حال ، حاء حمص وحلب : حياة في حياتها موت زؤام لا يرحم صغيرا ولا كبيرا ، واقع آثم مفروض على حلمهم وحلمهم ( بالكسر والضم) حاء تجمع المتناقضات ، حاء حرب آثمة ، وحاء حب مزيف ، و حاء حلم مهموم ، مكتوم بين ضلوع أتعبها الحلم الحاضر / الغائب !
أنا ٠٠٠شين مشهد التعذيب في الزنازن : 
اشتهاء الشهيد موتا ، فيه راحة وخلاص من عذاب العذاب ، وما أقسى أن يموت الإنسان موتا بطيئا ، أن يموت واقفا وأن يعيش مشروع قبر في كل لحظة وحين ، موت خوف من الخوف واليأس ، ورهبة مكان عفن وزمان مشؤوم !
الفقير و الغني / الصغير والكبير : اختلط الحابل بالنابل ، وتساوى بنو البشر ، و هامت أرواحهم في عالم التيه والهذيان والهلوسة ، وتمسكت أجسادهم بتلابيب أرض مجروحة ، محروقة تأكلها نيران الحقد والكراهية !
نيرون يبعث من جديد فيعيد إحراق روما ، فلا هم أموات ولا هم أحياء هم قش تدروه رياح هوجاء بين السماء والأرض ، بين البر والبحر ، بين الحجر والشجر ! 
فما أخطر موت الأمل في روح ترفرف في عالم اليأس ،وحياة تحيى و تتشظى يوما بعد يوم تحت رحمة الجوع ، وأزيز رصاص متهور أعمى ، ووعود ضمير عالمي مخبول ، مشلول ،مهبول ،أكله الصدأ ! أنا٠٠٠ تاء تايتنيك عصركم العربي :
فقر و وجوع و عجز سياسي وموت ضمير عالمي وانكسار روح في جسد تشظى في حاويات القمامة !
فما أقبحنا ! 
وما أقبح حروفا وظفت في غير موضعها الصحيح !
الحاء ! 
حاء حب !
لاحاء حرب !
حاء حياة !
لا حاء حتف !
لنا أمل كبير في :
ميم أمل ، مهموم، مكتوم ، محموم !
ميم ساكنة ، متقطعة ، ميم أنين وجع مسموم !
ميم أمل، في ميم ألم ، ميم سم في ميم دسم !
بقلم الأستاذ : صالح هشام 
الثلاثاء ٢٥ أكتوبر ٢٠١٦

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق