بعد رحيلي (قصة قصيرة)
أنا الآن أحدثكم بعد وفاتي ؛ أنا ميت نعم لقد توفيت السنة الماضية ؛تتساءلون كيف أتكلم الآن، أنا أيضا لا أعلم كنت نائما، شاهدت نفسي تخرج من جسدي وتذهب في سفر بعيد وحولها شعاع أبيض تفقد معه القدرة على فتح عينيك؛وبعدها رأيت جسدي مسجى في سكون، ضعيف خامد ومستسلم،لم يعد يقاوم صعوبات الحياة لم يعد يتذمر منها لا يستطيع أن ينهر أحدا عاجز عن التدخل فيما حوله، كم أنت واهن يا إنسان ، لقد قاموا بتغسيله ولفه في ثوب أبيض وحملوه إلى حفرة ضيقة ووضعوا عليه التراب وتركوه وحيدا يرافقه الظلام،أهذا كل ما أخدت معي ثوب أبيض بسيط وظلام ووحدة ،أين ثروتي وحساباتي السرية في بنوك سويسرا هل كنت أدخرها لأتركها، وأين أزيائي التي اقتنيتها من أفخم محلات أوروبا، وساعتي الذهبية التي أحب أن أعلقها دائما، ماهذا! الآن الحشرات ترقص فوق جثتي وبعضها يدخل أنفي أصبحت فريسة سهلة لحشرات قذرة كنت أدوسها بحذائي، ثعبان أيضا! أصبعي اترك أصبعي أيها الحقير،لا تلتهمه، لن أظل بهذه الحفرة سوف أخرج منها وأرى العالم سأبدأ بمنزلي زوجتي حزينة جدا لقد كانت تحبني كثيرا، كنت أخونها نعم ،كم أنا سافل ونذل كنت أوهمها أنني في اجتماع بينما أتفرج على الراقصة دينا في أقذر محل،وأكذب وأقول لها أنني في سفر عمل بينما أجوب أوروبا مصاحبا شقرواتها، كففي دموعك فأنا لا أستحقها، ابني المسكين يمسك صورتي جل ما كان يريده هو أن أصحبه في خرجة وأنا أتحجج دائما بأني مشغول ،في حين أني معسكر في شقة في أطراف المدينة رفقة خليلة طماعة،لا تنتهي طلباتها،وماذا أتوقع منها !أن تصاحبني لسواد عيوني ها هي مع غيري الآن تسمعه نفس الذي كانت تسمعه لي وكأنها حفظته من كتاب مسطر، هذه أمي لم أراها قرابة السنة،ولم أكن أرد على اتصالاتها الدائمة ،كنت أبعث لها مصروفها الشهري من بعيد وأتركها تشتاق لرأيتي، انظروا ذلك المتسول الذي كان يقف دائما على زجاج سيارتي يستجدي دريهمات معدودة،وأنا كنت أنهره في تجبر ،لماذا لم أقدم له ولو القليل لم يكن لينقص مالي بسبب صدقة صغيرة بالنسبة لي ،وكبيرة بالنسبة له ، أتذكر الآن تلك الأرملة التي طرقت بابي مرة تطلب أضحية العيد لتسعد أبناءها الصغار لقد أقفلت بابي في وجهها إنها تحضر جنازتي لشك أنها تدعوا علي الآن لا إنها تترحم علي إنها أكثر كرما مني ،لو يعود بي الزمن إلى الوراء أحدث بعض التغييرات سأزور أمي يوميا،سأصحب ابني في نزهات كثيرة وأحمله على أكتافي ،ولن أخون زوجتي مجددا سوف أملأ يدي العجوز بالدراهم، وأقدم للأرملة أكبر كبش، سوف .... سوف....لو....لو...لو.....لو............
السعدية خيا/المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق