بحث لنص امنحيني مطرَ الدّفء / للشاعر الأستاذ شلال عنوز
_ قراءة للمعادل الوجداني المعنوي لرموز ودلالات الطبيعة في النص الحديث /إنعام كمونة
_ سأتناول مضمون النص المعنوي لأبحر في مدى روحي أكثر اتساعا لأستقراء المعادل الوجداني لكيانات الطبيعة في عاطفة الشاعرعنوز , ولنتسرب لآفاق فلسفته ورؤاه الفكرية والنفسية وأتجاهات تأمله بالحدس المعرفي والتذوق الصوفي, لنلتقط المبهم والمجهول اللامرئي بلغة التحليل بتوبوغرافيا فلسفية التأويل, فالشعر فلسفة رؤيا للشاعر يرسم فضاء تأمله عبر اللغة كما أن الشعر لا يخلو من فلسفة ذاتية ورؤيا تجريبية , ( يقول شيلينغ : "ان على الفيلسوف أن يمتلك من القوة الجمالية قدر ما يمتلكه الشاعر"*1 ( أذ لاشعر بدون فلسفة) ", وأقول أن على الشاعر أن يمتلك قدرة لتصوير الجمال بقدر ما يمتلكه الفنان برشقات ريشته وعين خياله , وبما تتجاوزه رؤى الفيلسوف بأيداع التأمل حيز البصيرة لتحويل الذات الى موضوع بفكر مبدع , , فكلاهما يرتبطان بكينونة الفكر والخيال بشكل روحي مباشروغيرمباشر ,ومن تجاور المعرفة تتوالد افتراضات فلسفية تتناغم سويا مع فكر الشاعربطريقة شعرية,فالغوص في أبعاد جغرافية الذات أنفلات متفاوت التأزم لكيان واحد لتحرر الذات الأنسانية من نمطية الأنكماش والأنحشار بروتين خصومة الآخر فيبعث على التحفيز لتجديد الرموز ودلالات أقرب للذات بمهارة التخيل, فالفكر الخلاق للشاعر لغة النضوج وناصية أثر لبصمة العصر معرقة المعرفة تحاكي تاريخ الماضي والحاضر , ومن زمن لآخريتشرب الواقع فيهما بمستوى أختلاف الضبابية والوضوح لشعرية الفكر وروحانية الوجدان ...
_ ولنقطف لحظات الصفاء الروحي بعمق تأمل الشاعرعنوز وتوهج رؤياه بكينونة التفاعل مع جماليات الطبيعة كبيئة جذابة لتغريب المعنى فنقف امام أسلوب البعد المراوغ المستفزلشهية القارئ من اول وهلة من عتبات العنوان بتشكيلات لغوية مدهشة ...
_ العنوان ...
_ امنحيني مطرَ الدّفء :- العنوان دفقة شعورية مجسدة بسيمائية النص الحديث, يشي عاطفة أنسانية حميمية التوقد مخملية التعبير, وثراء لغوي شفيف التوهج, صياغة فنية رصينة المفردات مكثفة الدلالة مؤثرة الإيحاء , يخامره تناغم داخلي حثيث بعبق حب أسطوري , يضوع من بودقة التأمل أريج أنتعاش مفرط الرقة ...
_ ولننحو لمفردة تضمنت الفعل والفاعل والمفعول به في آن واحد وأمتداد نحوي بارع الألتقاطة من خزين الشاعر اللغوي , أينعت جمال التشكيل البصري وهيمنة المعنى فتكورت بأيحاء المضمون واختزلت الفكرة , وهي تلك المعجمية المزدانة بأنهار العطاء وبلاغة لغة وأنهمار المعاني , ألا وهي ( امنحيني) ....
_ امنح .. فعل امر مبني على السكون كسر لالتقاء الساكنين والياء الاولى للمخاطبة فاعل , والنون للوقاية , والياء الثانية مفعول به اول , والمطر مضاف اليه مجرور , ودفء مفعول به ثاني وعلامة جره الكسرة ,علما ان منح من افعال العطاء المتعدية التي تنصب مفعولين مما يدل أن مرتكز العنوان على رموز الفكرة في الصورة الشعرية بتعالق مشترك للتشكيل البلاغي العميق ...
_ المنح هو خلاصة الكرم وهبة جزلة العطاء , وضميرالمتكلم هو صوت الذات الفاعلة بوعي الأنا لتحقيق أمنية وخاطر موغل الجوهر في ذهن الشاعر, يشي بروحانية التقديس لتبجيل أنسانية الانثى بشكل عام في وجدانهِ والمتحققة في المفعول به الأول , فدلالة معجمية ( امنحيني ) هو الأستسقاء الروحي المشحون بالعاطفة , وطلب بأمر يتضمن بعدا خطابيا موجها لأمرأة ما تداولي الأشارة وما يتوارى خلالها هو إيحاء لوجود رمزي مقدس , وكيان لا ينفصل عن الوجود ...
_ (المطر والدفء ):- لنبحر في أُفق هاتين الأستعارتين ونستظهرعمق الباطن المعنوي لمضمون سيرورة الدلالة ومدى تفاعل نفسية الشاعر بأجواء البيئة , باستلهام مفردتيهما اضافة لصوت معجميتها رموزا دلائلية بفاعلية الحركة أوقدت الأبداع بخصوصية أقترنت بسيولة الحس الأنساني,مما يدل اندماج الشاعر ببايلوجية الكون متفاني الأنصهار بحذافيره الوجودية , مؤمن بكينونة أنتمائه لفطرة الطبيعة بل جزءً لا يتجزء , معها يتكيف وبها يتأثر ويؤثر بتغيراتها فهو مادة الكون وعجينة النوع الرمزية ...
_ قراءة للمعادل الوجداني المعنوي لرموز ودلالات الطبيعة في النص الحديث /إنعام كمونة
_ سأتناول مضمون النص المعنوي لأبحر في مدى روحي أكثر اتساعا لأستقراء المعادل الوجداني لكيانات الطبيعة في عاطفة الشاعرعنوز , ولنتسرب لآفاق فلسفته ورؤاه الفكرية والنفسية وأتجاهات تأمله بالحدس المعرفي والتذوق الصوفي, لنلتقط المبهم والمجهول اللامرئي بلغة التحليل بتوبوغرافيا فلسفية التأويل, فالشعر فلسفة رؤيا للشاعر يرسم فضاء تأمله عبر اللغة كما أن الشعر لا يخلو من فلسفة ذاتية ورؤيا تجريبية , ( يقول شيلينغ : "ان على الفيلسوف أن يمتلك من القوة الجمالية قدر ما يمتلكه الشاعر"*1 ( أذ لاشعر بدون فلسفة) ", وأقول أن على الشاعر أن يمتلك قدرة لتصوير الجمال بقدر ما يمتلكه الفنان برشقات ريشته وعين خياله , وبما تتجاوزه رؤى الفيلسوف بأيداع التأمل حيز البصيرة لتحويل الذات الى موضوع بفكر مبدع , , فكلاهما يرتبطان بكينونة الفكر والخيال بشكل روحي مباشروغيرمباشر ,ومن تجاور المعرفة تتوالد افتراضات فلسفية تتناغم سويا مع فكر الشاعربطريقة شعرية,فالغوص في أبعاد جغرافية الذات أنفلات متفاوت التأزم لكيان واحد لتحرر الذات الأنسانية من نمطية الأنكماش والأنحشار بروتين خصومة الآخر فيبعث على التحفيز لتجديد الرموز ودلالات أقرب للذات بمهارة التخيل, فالفكر الخلاق للشاعر لغة النضوج وناصية أثر لبصمة العصر معرقة المعرفة تحاكي تاريخ الماضي والحاضر , ومن زمن لآخريتشرب الواقع فيهما بمستوى أختلاف الضبابية والوضوح لشعرية الفكر وروحانية الوجدان ...
_ ولنقطف لحظات الصفاء الروحي بعمق تأمل الشاعرعنوز وتوهج رؤياه بكينونة التفاعل مع جماليات الطبيعة كبيئة جذابة لتغريب المعنى فنقف امام أسلوب البعد المراوغ المستفزلشهية القارئ من اول وهلة من عتبات العنوان بتشكيلات لغوية مدهشة ...
_ العنوان ...
_ امنحيني مطرَ الدّفء :- العنوان دفقة شعورية مجسدة بسيمائية النص الحديث, يشي عاطفة أنسانية حميمية التوقد مخملية التعبير, وثراء لغوي شفيف التوهج, صياغة فنية رصينة المفردات مكثفة الدلالة مؤثرة الإيحاء , يخامره تناغم داخلي حثيث بعبق حب أسطوري , يضوع من بودقة التأمل أريج أنتعاش مفرط الرقة ...
_ ولننحو لمفردة تضمنت الفعل والفاعل والمفعول به في آن واحد وأمتداد نحوي بارع الألتقاطة من خزين الشاعر اللغوي , أينعت جمال التشكيل البصري وهيمنة المعنى فتكورت بأيحاء المضمون واختزلت الفكرة , وهي تلك المعجمية المزدانة بأنهار العطاء وبلاغة لغة وأنهمار المعاني , ألا وهي ( امنحيني) ....
_ امنح .. فعل امر مبني على السكون كسر لالتقاء الساكنين والياء الاولى للمخاطبة فاعل , والنون للوقاية , والياء الثانية مفعول به اول , والمطر مضاف اليه مجرور , ودفء مفعول به ثاني وعلامة جره الكسرة ,علما ان منح من افعال العطاء المتعدية التي تنصب مفعولين مما يدل أن مرتكز العنوان على رموز الفكرة في الصورة الشعرية بتعالق مشترك للتشكيل البلاغي العميق ...
_ المنح هو خلاصة الكرم وهبة جزلة العطاء , وضميرالمتكلم هو صوت الذات الفاعلة بوعي الأنا لتحقيق أمنية وخاطر موغل الجوهر في ذهن الشاعر, يشي بروحانية التقديس لتبجيل أنسانية الانثى بشكل عام في وجدانهِ والمتحققة في المفعول به الأول , فدلالة معجمية ( امنحيني ) هو الأستسقاء الروحي المشحون بالعاطفة , وطلب بأمر يتضمن بعدا خطابيا موجها لأمرأة ما تداولي الأشارة وما يتوارى خلالها هو إيحاء لوجود رمزي مقدس , وكيان لا ينفصل عن الوجود ...
_ (المطر والدفء ):- لنبحر في أُفق هاتين الأستعارتين ونستظهرعمق الباطن المعنوي لمضمون سيرورة الدلالة ومدى تفاعل نفسية الشاعر بأجواء البيئة , باستلهام مفردتيهما اضافة لصوت معجميتها رموزا دلائلية بفاعلية الحركة أوقدت الأبداع بخصوصية أقترنت بسيولة الحس الأنساني,مما يدل اندماج الشاعر ببايلوجية الكون متفاني الأنصهار بحذافيره الوجودية , مؤمن بكينونة أنتمائه لفطرة الطبيعة بل جزءً لا يتجزء , معها يتكيف وبها يتأثر ويؤثر بتغيراتها فهو مادة الكون وعجينة النوع الرمزية ...
_ ما يلفت لمعجمية المطر إيحاء ميتافيزيقي التردد , يخضب الحواس برائحة التراث, يفوح منها صدى فلكلوري , من أغاني وأشعار تستحضر الماضي بنشوة الحاضر , تنعش القلب وتبلل ارواحنا بنقاء المطر فتغسل همومنا , وللمطر أسطورة مشاعر غريبة تفيض التأمل بنكهة روحانية الآفاق لاسيما انه منزل من السماء, بهذا تستجلي اهتمام مشاعر الوجدان الروحي وتطلق عنان الفكرة بابعاد مستحدثة لغير المألوف نتلمسها عند الكثير من الشعراء منهم الشاعر العراقي الكبير السياب وانشودة المطر التي تعتبر ملازمة لخاصية أشعاره وميزات اسلوبه بدلائل متضاربة ,فارتسمت في تاريخ الأدب العربي حاضرته الشعرية ...
_ ومن الأبداع ان يتخذ الشاعر عنوزعناصر الطبيعة محورا لخطابه ويتجلى تأمله بخصائص جمال الطبيعة فيسيولوجيا كرموزا للتعبير عن فكرة رومانسية المغزى, واغتنام مفردة عميقة المعنى ممتلئة الدلائل غائرة المكنون باتقان مذهل فتكون متعددة الوجوه في مرآة خيال الشاعر تنعكس في ذهنية المتلقي رؤى تأويلية, وكما تتميز معجمية المطر من دلائل روحية لكل ما في الوجود لأنها رمز الخصب وأصول الحياة متجذرة بمعتقدات شتى باشكالها التأريخية والعقائدية والأجتماعية بعمق سايكولوجي لجوهر العلاقات الأنسانية , فتتوغل في فكر القارئ البسيط المعرفة و المتلقي الملم بمكامن المعرفة تاريخا وحضاريا فيترف في تأويلها لما تملكه معجمية المطر من مرونة معاني تعبيرية سطحية ورموزا عميقة مواربة الأحساس للطبيعة طاغية في الوجدان , وكم من قواميس لسانية يطربها السمع بخفة الوتر ونشوة النبض فتُحيي الروح من العدم , فكيف ان تضمنتها روحا شعرية ! سيكون الأبداع غاية الأتقان لنتاج شاعرنا المبدع عنوز ...
_ وحين نسترسل في رؤى الشاعر تراودنا اسئلة شتى بدهشة الفضول الأدبي الممتع ...هل للدفء مطر ؟ .. ومتى يكون ؟ تتمحور الأجابة بما تبوحه العبارة بمكنونها التأويلي بأيحاءٍ ذاتي التحفيز في ذهن المتلقي وما يلتمسه ورؤياه المعبرة باستحضار استبصاره الروحي وبلورة آفاق تحليله المحتمل بالمستوى المعنوي بما تسترجعه ذاكرة البحث والتفسير ويستدرجه مستوى شغفه وتأويله ...
_ ولنتابع استقراء خفايا ومضمون العنوان نعرج أولا لمعجمية المطر وما توجت بلآلئ مميزة تملأ التأمل ...
_ محورا رابطا بين مفعولين قبلها وبعدها في نسق بنيوي غاية الأتقان على مستوى التركيب اللفظي بجمالية فنية وتشكيل لغوي بارع بوعي او لاوعي اخترق نفسية الشاعر مما ينم عن مهارة لغوية للشاعرعنوز وخبرة مقتدرة لصياغة حالة شعورية دقيقة بزخم عاطفي روحي برصانة وتمكين ...
_ اتخاذ مفردة المطر موقع اسنادي للمعنى التعبيري تمثلت بمستوى أساسي لتشكيل النسق التعبيري لصيغة العنوان بصورة شعرية ربطت دليلين لمصاهرة عمق المعنى وتكثيف الدلائل بالتقاطة شاعرية ينبيء بعدا دلاليا مكتنز الأيحاء برتم مبهر وايقاع تشكيلي برهافة حسية توقد الحواس ...
_مضمونا بيانيا بأكتساء المطر دليلا حيويا لعاطفة البشر شخصنته روحيا بأستعارة مكنية كوسيلة تجسيد في مدى خيال الشاعر , منه يتجلى لنا ميزة التشخيص والأنابة باكتساب مفردة المطر صفة غزارة الأحساس في عمق الذات المتخيلة بوعي محسوس ولا محسوس متجذر في جوهر طبيعة الخلق, فأنتجه بسحرالمغزى بديلا عن مفردة الأحضان مما زاده غنى في ايصال الفكرة بعدة دلائل وأثراء التأويل للمتلقي...
_ ولننعطف لمعجمية الدفء ورمزيتها المتناظرة في المعنى مع المطر والمتوازية في المستوى الطبيعي للتباين الحراري خلقت روح التضاد حيث ان البرد والحرارة كلاهما متغيرات لنوع طبيعي واحد بنفس المستوى الا انهما قطبي أختلاف وتعارض أثرهما في عمق الأحساس البشري ما ان نستحضر البرد في اعماقنا الا ونطمح لدفء مماثل ليوازن التوتر الحاصل بينهما فالمطر يذكر ارواح اشتهاءاتنا بالسماء .. البرد.. البرق .. الرعد ..الشتاء ..الأمل .. النماء والدعاء وبالتالي الحياة , اما الدفء هو الأرض الطيبة.. الحلم .. الأماني , وموقد الأمل (ودلالات اخرى سوف لن اتطرق لها لأبقى في حيز ما اطمح لاستقرائه), فرغم التنافر بينهما في الموقع والصفات, الا أن تنوع عناصر كينونتهما حققوا بنية الأتساق بترابط جذاب وفنية عالية في التكامل التام باضافتهما في مبنى مختزل كل التغيرات البيئية والطبيعية وكشفت عن مدى احتياج بعضها واندماجها بكينونة توازن لغاية كامنة وراء وجود كنه البشر لتكتنف حلم الأنسان ...
_ المطر والدفء:- من تغاير صفاتهم وترادف تكوينهم خلق الشاعر الأبداع باقتدار مميزمن عناصربيئية التكوين ..وأنتج من حيز أنصهارهما كيميائية نواة رائعة الخيال بوشيجة فطرة التكوين وما جبل عليه من تناقض , ومن مستوى الباطن نستكشف ما رسم الشاعر من طقوس للمطر والدفء ببذخ المشاعر وأحاسيس وجدانية بتشكيلة فنية ساحرة الوصف ولوحة شعرية بجمال خلاب بوجهة نظر فلسفية لحُلم عاشق ولهان , مما ازدانت الغرابة بدهشة التذوق عند المتلقي الباحث عن جمالية التفرد والتكامل ...
_ ومن سابق مارسمته العلائق السابقة , تميز العنوان بانزياح جمالي خرق اللغة المعيارية بأبداع باذخ , وهذا التوظيف للأنزياح الدلالي الغير مألوف خلخل الصورة فوَلَدَ ديناميكية حركية لصورة فنية انسجمت بين الحقيقة والخيال, الحلم والواقع ,وينطبق مع( قول اليوت :-“وحده الخيال – ذلك الشباب الأبدي – يستطيع أن يجمع بين المثالي والحقيقي في قيادة عجلته، وهذا، في الفن أو في الفلسفة، هو انتصار الرؤيا الغنية بالخيال“)*2,وهكذا خلق الذوبان بين المعنى الظاهري لرمزية المطر وما ضمره الباطن بعمق الدلالة بنشوة التخيل ...
_ وبما ان لحبات لمطر صفة السعة المتناهية ظرفيا كونها لا تعد ولا تحصى زمانا ومكانا فلا ظرفية تحدهما ولا تقيدهما ,أذ لايمكن عدها او تأطيرها بمسافة أو تحديدها بفترة زمنية معينة , فنستقرؤه من ذرى التمني تأويلا المعادل الوجداني لهما أن يحصل على حنين وافر بفضاء عدد حبات المطر للأستعارة عن مدى شاسع للأحتواء والحنين وهو المكافئ الدلالي لمطر الدفء , وأشارة الشاعر الى الأستمرارية وأمل التواصل اللا محدود بسعة خصوصية حبات المطر ...
_ ما يشي مطر الدفء من ايحاء في ذهنية المتلقي ينأى به التأويل بما تتفتق ذاكرة معرفته الفكرية بتيار فلسفي , قد تكون أمنية روحية تحلق بفكره ليستدل الى أستقرار البحث في عمق المعنى المعنوي بمطلق طبيعة حبيبات المطر , فيوجب له الأبحار بأشرعة شتى مع اي تيار, بل يطلق العنان للوقت وخارج حدود بوصلة المسافات ليسترسل في حيز معنوي بقدر ما يصاحب ذهنية القارئ من ومضات روحية تستجلي الدلالة الخيالية للشاعر ويكشف عما تضمره بنيوية المفردة متمددة وغائرة خلف قناع المعنى والرمزية وتجريدها من واقعها المادي وتلك بلاغة الشاعر ...
_ من خلاصة العنوان وظف الشاعر عنوانا مكتنزا بصورة شعرية خصبة الرموز , بسيطة المفردات , بليغة البناء التعبيري, بأستعارة جغرافية الظواهر كونية الطباع , أِئتلفت بتضاد متنافر بين رمزي الطبيعة , باختراق باطنهم المتواري أمتزاج حيوي التوحد للمعنى الحقيقي مما يدل على الأبداع الخلاق باحترافية الشاعر وبراعة استهلال يبان تعالقه النسقي مع جسد النص ...
-----------------
_ النص ...
_ تميز اسلوب النص بجمالية التشكيل اللغوي بصياغة فنية رائعة لصور متوهجة ,مكثفة المعنى بعنفوان عاطفي ,وأتقاد روحي ينبض شعورا ببراعة التخيل متعددة المضمون تتناغم بانساق متماسكة الأرتسام بأيحاء رقيق لا تفلت منها الفكرة من الأستهلال لخاتمة جذابة تستفز المتلقي لآخر المطاف , وقد اكتنزت صوره الشعرية بعناصرمتنوعة رائعة بسيمائية النص الحديث مثل الرموز والتناص والأستعارة والتضاد وهذه الميزات القيمة اثرت الدلالات بأبعاد معنى اللفظة الدالة وعمق دلالتها وما تشي لتأويل باذخ مما يدل على جدارة الشاعر في تقنيات اللغة وحسن البيان بالسهل الممتنع وهذا ما يوافق قول الجاحظ :(« أجود الشعر ما رأيته متلاحم الأجزاء، سهل المخارج، فتعلم بذلك أنه أفرغ إفراغا واحدا و سبك سبكا واحدا فهو يجري على اللسان كما يجري الدهان »)*3والأروع ايقاعات النص الداخلية المتنوعة مدهشة بهمسات عزفها تبحر بنا لهدير الروح والتوحد معها ...
_ولنبحر في بعض مدارات أجرائية لجسد النص بمستويات متنوعة للخلق الأبداعي بلغة متموجة باعثة للدهشة من روح القصيد الذي يبعث لأمكانية القراءات المتعددة واستكشاف خبايا سايكولوجية النص الممرغة بالحواس وآفاق تلوح بذات الشاعر تارة وفلسفة الأنا الروحانية تارة اخرى مخضبة بتجارب الحياة وخبرة مخضرمة المعرفة متميزة الأطلاع بدروب معاجم اللغة وتقنياتها السيمائية, وينطبق مايعنية الآمدي حينما قال: (" ليس العمل على نيّة المتكلم، وإّنما العمل على توجيه معاني ألفاظه"),وهذا بمرجعية التناغم الجمالي المتظافر العزف بأسلوبية تميز الشاعر المبدع وتوحي بتقنية متمكنة وشاعرية فذة ...
_ من بداية النص نستمتع بأفق اجرائي تتعين فيه ظرفية حركية تنبع من نفسية الشاعر فتتعالق مع زمن احساس الشاعر في مفردة ( كلّما ) وهي ظرف زمان يفيد الشرط , دلالى الأشارة ليؤكد مشاعره المتأججة حين يعقب احساسه سكون من فيض مشاعر والذي يبعث على الأستذكار , ثم يوثق ما يليه ب (واو العطف في "وغيض")فيتبع استرساله بالتشكيل اللفظي وانعطافها على البيت السابق ليجسد امتداد زمن السكون مؤقتا , تجسيد رائع لروحانية الوجد بصوفية التعبير وانزياح رقيق لصورة شعرية جذابة وعمق احساس باستعارة الفاظ احدثت التضاد ,مثل (طوفان وغيض / هدأ ويفور) ,...
_ كما ان التركيب اللفظي بوجود مفردتي الوجد واللهفة وهي جدلية الحواس الأزلية وميزة صفات شعور العاشق وخاصية التوله عند الأنسان فهي جزء من أنسانيته والتي تنقلنا لتزاوج الحواس مع عناصر الطبيعة في معظم أنساق النص , فابدع الشاعر في انزياحهما بتغيير معايير اللغة وتمرد حرفه بخرق المألوف فاضاف بعدا جماليا رائعا ...
_ كماهيمن تناسل المفردات العاطفية الأخرى باسلوب النص والتي أدت وظيفة شعورية بوجدان نفسي عميق وحررت شاعرية المعنى للتعبير عما يجول في ذات الشاعر ونفسيته حيث شغلت تبادلا لعدة معاني بأيحاء آخر فصبغت الصور الشعرية بأحساس نفسي طاغي مثل ::,أمان, اشتياق , وله , نجوى , الحنين , التوق , زينت النص بدهشة التمكن سعى الشاعر لأبرازها وايصالها للمتلقي مرادفة لأنفعال المتابعة لسياق النص بجمالية الصور وتشكيلتها الفنية المتنوعة تبهر القارئ على امتداد النص ...
_ وفي مدار آخر اضاف الشاعر مفردات تناصية من بيان القرآن الكريم مثل طوفان وغيض ويفور التنور , قال تعالى (وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ)*4, كذلك (فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ)*5, لرسم بقية اللوحة بطاقة لغوية تتناغم مع انفعال كيانه الروحي فيلوذ بنجواه الذاتي ليجسم صور شعرية روحانية التناص شعورية اللقطة ليرتقي بتجليات الروح في غمر المطلق والسمو لأعتلاء عوالم صوفية الأجتراح ,والتناص مع القرآن الكريم أروع سمة في النصوص الحديثة لبيان الأسلوب البلاغي للدلالة وعمق المعنى بوشيجة طبيعية نفسية الأنتماء لثقافة فكر وانتماء بيئي واجتماعي ,لذا تنوع المفردات الجميلة وتجانسها في الصورة الشعرية بانزياح يلقي عليها سحرا آخر بمنتهى التذوق للرؤيا من زوايا عدة ويتكرر التناص القرآني بجمال المعنى الظاهري وما يتوارى في الروح من وعي ذاتي يشي بأطر الدلالة من غياهب الوجدان مثل :- سآوي الى , التيه , لتعصميني , غرق ,نجوى, آناء وأطراف, سرابيل ,وكما يُعرف أدونيس الرمز الصوفي على أنّه (« طريقة الكشف عن المعرفة، والبحث عن المعنى ووسيلة لبناء الهوية، كما هو دعوة لتحرير الكيان البشري إلى جانب كونه دعوة إلى تحرير الفكرة.»)*6، فالتنصيص يجعل النص بحوارية مع النص التناصي الآخر ولكن بذاتية مستقلة مكثفة الأيحاء مما يلفت استغراق القارئ لأكتشاف الجمال ويستفز ذهنية المتلقي لمنابع البحث التأويل ...
_ ونرى تحرير الفكرة من تحرير الذات وعتقها من جمود التقليد والخوض في ابتكار الصور ليبرهن الأبداع والتميز في كينونة التنصيص بما يحمله من خبايا دلالات لنكتشف ولادة جديدة من مخاض الأبداع تشق سبل التذوق ...
_
وكما جسد الشاعر لوعة الأشتياق المتأجج باختياره لمعجميات صوفية المعنى مثل:- تسابيح , مناسك , وتهاليل , سخرها بلغة خصبة الدلالات تشي بما يجتاحه من مشاعر نفسية خلع عليها صوفية التواجد الوجداني برؤى ذاتية وتأملات حسية عميقة تتكور في تكثيف المبتغى الموضوعي للشاعر,فتُغرق المتلقي بمتعة المتابعة بالبحث والتنقل برحاب التصوف وبيان اللغة ...
_ هيمنت الأفعال المضارعة متوالية في بداية كل صورة شعرية وخلالها أيضا مثل :- يفور ,يعشّش , يؤجج , يتبدى ,تدب, يجرجر, تصطاف, ينثر , تموء , تلم , يورق,يهيم , يمحص , يمحق, يتراقص ,تتبوء ,يزدهر, تضج , تتناسل , تتألق , يستفيق , تشاكس , تقولي , يرحل ,يلتحف ... وهذه الأفعال مؤثرة بالمعنى وببنية النص وتمد بأفق الرؤيا في تأويل المتلقي لما لها من استمرارية حضور وزمن يتنامى تبرز من وعي او لاوعي اثر الأنفعال الوجداني العميق وفلسفة ذاتية لفكر الشاعر ,فتطغي قوة التحفيز للألتفات لمعيار الصورة في ذهن المتلقي وهي نقطة معبرة بالروعة لتجربة الشاعر في فن مهنية الأبداع ...
_ على سبيل قطفة اخرى روحية الوجدان ميتافيزيقية الوجود تراثية الأثر تؤكد أهمية التواصل الأجتماعي والثقافي في فكر الشاعر نتأملها في السطر التالي : (مكتظّة برائحة قهوة الحنين),الحنين صفة حسية والقهوة رمزا لرؤيا تراثية تعكس نكهة الأُلفة والتقارب الروحي لمراسيم مجتمع لها مرجعية تاريخية , ومن عتمة لونها تجسد لحظة فيزيائية توحي بامتداد تصوري للقارئ لعمق المشاعر بانعكاس الرؤيا بشعور حسي بتناغم تراثي يترآى بتفاعل التاريخ مع الأدب عبر جوهر الفكرة بتأثير نفسي عميق المغزى وباستخدامه مضافا مجردا الى مضاف اليه محسوس فأنتج استعارة رائعة بصورة تجريدية في تشكيلة منسجمة بالشكل والمعنى , وهو ابتكارالشاعرلأثارة ذهن المتلقي بخبرة أدواته الشعرية الماهرة ...
_ ومن مستوى اجرائي آخر من الشطر التالي (يتراقص شجر الحِنّاء على نَجيع ضفاف (الفاو) / وظف الشاعر صورة شعرية بارعة البنية, منطقية الدلالة , بتركيب خاص مميز مبتكر,بمزج رموز التراث والفرح بالأرض , الحنة مراسيم تراث توحي بالفرح والمناسبات الأجتماعية بعقائد روحية متنوعة الغرض ,و(الفاو) منطقة مشهورة بحنتها في جنوب العراق(" الرمز في اللغة هو الإيماء والإشارة والعلامة ")*7 وكلا الرمزين بجوهرية الصورة والدلالة للحبيب الوطن,وهنا يلوح قلقه الروحي وشعور يفيض بالانتماء الى ترابه فيطفو بفلسفة ادبية تعانق حروفه ضفاف وطن كلل هموم الشاعر بغربة مجردة حلمه من أماني السلام ...
_ امنحيني مَطر الدِّفء!! ايقاع متكررللعنوان في متن النص يؤازر نسق النص ترابطا ممتدا بالأنسجام الكلي للبنية التركيبية وسيماءً للتواصل الدلالي للشاعر مكثفة لرؤاه الشعرية وروحانية تأملاته,فنستوضح جذورا متلاحمة لبنية العنوان في هيكلية النص تتجلى إحالة دلالية بأيحاء معنوي روحي الأبعاد بسايكولوجيا فطرية لمحتوى عبارة مشبهة غزارة المطر بزمن مفتوح الأفاق يوحي للتواصل المستمر يروي الشوق والحنين ومنه يستغرق تساؤل الاستقراء بنهم المتابعة وما ضمرخلف اللفظ من دلائل بأنزلاق وتروي شيق المتعة لأستكمال النص دون كلل ...
_وعلى ابواب خاتمة النص دفقة شعورية رائعة , تستوقفنا برهة تأمل وتمعن بسرد مكثف مبهر مرتكزه الأنا وضمائرالمخاطب ولنحصي الجمال من منابت العتاب والذكريات وشغف محب مؤثر ...
_ (منذ عرفتكِ رقصت سنابلُ أُفقي ,عشقت الغناء.. ) ,شعرية حوار داخلي( مونولوج ) يعطي بعدا تقنيا مكثفا فنيا بصورة شعرية رائعة السبكة تحكي قصة اللقاء بأفق زمني واستخدام الضمائر تضمنت ال(الكاف في عرفتك) ضمير المخاطب , وضمير المتكلم الياء في أفقي .. ترانيم حوار بلقطة شعورية اختزلت قصة التوله الصوفي ووفق في التوقيت اللا محدود ب (منذ) مما يعطي علامات الأستغراب حيز فضاء الفضول فترتسم تساؤلات القارئ وجه رؤية ليبحث عن بداية الحكاية بشوق متلهف ...
_ مَن قال: انّ الغناءَ لغوٌ ماكرٌ وفيه تتألّق الأرواح ؟) , (مَن قال) خطاب موجه لغائب حاضر باستنكار حاد الأنفعال يحلق في مخيلة الشاعر واستذكار يلتفعه تساؤل يلج بمنلوج داخلي تعمده فلسفة انسانية التجديد وحضور معرفي عما يقال بالماضي من خرافات واعتقادات متداولة تراثية من تراكمات فكرية ترفضها الأنا في مخيلة الشاعر, فيتأجج احتجاجا يؤكد بما تمتلكه معجمية (الغناء) من رقة وخفة تخترق الأسماع فيستنيرطرب الأحاسيس بلذة الأنطلاق في كونيات الأمل عبرالوجود يجاوز زمن الحلم , جمال الأيحاء بمزج الحسي بالمعنوي فانتج تفاعل الحواس بالتذوق الذهني عبرعوالم مخبوءة بالغموض والأبهام مشوبة بالخوف والتوتر مخبأ نفسيا في كوامن الفطرة على مستوى الدلالة النفسية للشاعر المرمزة بالأرواح تجيز لنا أُفق إجرائي آخر بالمستوى الصوتي , وقد أبدع الشاعر بمزج الذات بالموضوع , فاظهر جمالية اللغة بطاقة انزياحية عززت أدوات الأيحاء لتأويل الدلالة ...
_ ساظل أُغنيكِ (السين) تاكيد للحالة الحسية مع الفعل أظل لأستمرارية الحالة, والغناء تتناغم وكلام مدعاة لسبيل تواصل روحي, (حتى)ظرف زمان بمعنى الى أن وما يوحي للأستمرارية والتواضب الحسي فنمرق مدار آخرخرق المألوف بانزياح مستساغ لتحديد الصورة الفنية المتعالقة موضوعيا ومتناسقة اسلوبيا ومنسجمة انسيابيا في بنية النص متفاعلة مع السابق والاحق من الأنساق ...
_( حتى يستفيق صحو الشتاء وتشاكس القصيدة سرابيل المساء) والشتاء استذكارا للمطر والدفء , هكذا نعاود التأكيد بصورة مدهشة للعنوان وما حمل من اشارات ودلالات لجسد النص فكل الأنساق متشابكة متساندة بالخطاب تبوح بمدى الوجود وتستغرق مدارات الوقت ,و قد برع الشاعر باستخدامه معجمية المساء وما تشي اللفظة للهدوء وانزواء للذات واستذكار الكثير ,فانتج صورة مدهشة بمدار اجرائي لصورة شعرية بانزياح رائع باضافة جماد معنوي الى محسوس معنوي ... والقصيدة هي حروف الشاعر في قرى نفسيته ,غزله ..غناءه ..أمانيه ...
_ ومن الأبداع ان يتخذ الشاعر عنوزعناصر الطبيعة محورا لخطابه ويتجلى تأمله بخصائص جمال الطبيعة فيسيولوجيا كرموزا للتعبير عن فكرة رومانسية المغزى, واغتنام مفردة عميقة المعنى ممتلئة الدلائل غائرة المكنون باتقان مذهل فتكون متعددة الوجوه في مرآة خيال الشاعر تنعكس في ذهنية المتلقي رؤى تأويلية, وكما تتميز معجمية المطر من دلائل روحية لكل ما في الوجود لأنها رمز الخصب وأصول الحياة متجذرة بمعتقدات شتى باشكالها التأريخية والعقائدية والأجتماعية بعمق سايكولوجي لجوهر العلاقات الأنسانية , فتتوغل في فكر القارئ البسيط المعرفة و المتلقي الملم بمكامن المعرفة تاريخا وحضاريا فيترف في تأويلها لما تملكه معجمية المطر من مرونة معاني تعبيرية سطحية ورموزا عميقة مواربة الأحساس للطبيعة طاغية في الوجدان , وكم من قواميس لسانية يطربها السمع بخفة الوتر ونشوة النبض فتُحيي الروح من العدم , فكيف ان تضمنتها روحا شعرية ! سيكون الأبداع غاية الأتقان لنتاج شاعرنا المبدع عنوز ...
_ وحين نسترسل في رؤى الشاعر تراودنا اسئلة شتى بدهشة الفضول الأدبي الممتع ...هل للدفء مطر ؟ .. ومتى يكون ؟ تتمحور الأجابة بما تبوحه العبارة بمكنونها التأويلي بأيحاءٍ ذاتي التحفيز في ذهن المتلقي وما يلتمسه ورؤياه المعبرة باستحضار استبصاره الروحي وبلورة آفاق تحليله المحتمل بالمستوى المعنوي بما تسترجعه ذاكرة البحث والتفسير ويستدرجه مستوى شغفه وتأويله ...
_ ولنتابع استقراء خفايا ومضمون العنوان نعرج أولا لمعجمية المطر وما توجت بلآلئ مميزة تملأ التأمل ...
_ محورا رابطا بين مفعولين قبلها وبعدها في نسق بنيوي غاية الأتقان على مستوى التركيب اللفظي بجمالية فنية وتشكيل لغوي بارع بوعي او لاوعي اخترق نفسية الشاعر مما ينم عن مهارة لغوية للشاعرعنوز وخبرة مقتدرة لصياغة حالة شعورية دقيقة بزخم عاطفي روحي برصانة وتمكين ...
_ اتخاذ مفردة المطر موقع اسنادي للمعنى التعبيري تمثلت بمستوى أساسي لتشكيل النسق التعبيري لصيغة العنوان بصورة شعرية ربطت دليلين لمصاهرة عمق المعنى وتكثيف الدلائل بالتقاطة شاعرية ينبيء بعدا دلاليا مكتنز الأيحاء برتم مبهر وايقاع تشكيلي برهافة حسية توقد الحواس ...
_مضمونا بيانيا بأكتساء المطر دليلا حيويا لعاطفة البشر شخصنته روحيا بأستعارة مكنية كوسيلة تجسيد في مدى خيال الشاعر , منه يتجلى لنا ميزة التشخيص والأنابة باكتساب مفردة المطر صفة غزارة الأحساس في عمق الذات المتخيلة بوعي محسوس ولا محسوس متجذر في جوهر طبيعة الخلق, فأنتجه بسحرالمغزى بديلا عن مفردة الأحضان مما زاده غنى في ايصال الفكرة بعدة دلائل وأثراء التأويل للمتلقي...
_ ولننعطف لمعجمية الدفء ورمزيتها المتناظرة في المعنى مع المطر والمتوازية في المستوى الطبيعي للتباين الحراري خلقت روح التضاد حيث ان البرد والحرارة كلاهما متغيرات لنوع طبيعي واحد بنفس المستوى الا انهما قطبي أختلاف وتعارض أثرهما في عمق الأحساس البشري ما ان نستحضر البرد في اعماقنا الا ونطمح لدفء مماثل ليوازن التوتر الحاصل بينهما فالمطر يذكر ارواح اشتهاءاتنا بالسماء .. البرد.. البرق .. الرعد ..الشتاء ..الأمل .. النماء والدعاء وبالتالي الحياة , اما الدفء هو الأرض الطيبة.. الحلم .. الأماني , وموقد الأمل (ودلالات اخرى سوف لن اتطرق لها لأبقى في حيز ما اطمح لاستقرائه), فرغم التنافر بينهما في الموقع والصفات, الا أن تنوع عناصر كينونتهما حققوا بنية الأتساق بترابط جذاب وفنية عالية في التكامل التام باضافتهما في مبنى مختزل كل التغيرات البيئية والطبيعية وكشفت عن مدى احتياج بعضها واندماجها بكينونة توازن لغاية كامنة وراء وجود كنه البشر لتكتنف حلم الأنسان ...
_ المطر والدفء:- من تغاير صفاتهم وترادف تكوينهم خلق الشاعر الأبداع باقتدار مميزمن عناصربيئية التكوين ..وأنتج من حيز أنصهارهما كيميائية نواة رائعة الخيال بوشيجة فطرة التكوين وما جبل عليه من تناقض , ومن مستوى الباطن نستكشف ما رسم الشاعر من طقوس للمطر والدفء ببذخ المشاعر وأحاسيس وجدانية بتشكيلة فنية ساحرة الوصف ولوحة شعرية بجمال خلاب بوجهة نظر فلسفية لحُلم عاشق ولهان , مما ازدانت الغرابة بدهشة التذوق عند المتلقي الباحث عن جمالية التفرد والتكامل ...
_ ومن سابق مارسمته العلائق السابقة , تميز العنوان بانزياح جمالي خرق اللغة المعيارية بأبداع باذخ , وهذا التوظيف للأنزياح الدلالي الغير مألوف خلخل الصورة فوَلَدَ ديناميكية حركية لصورة فنية انسجمت بين الحقيقة والخيال, الحلم والواقع ,وينطبق مع( قول اليوت :-“وحده الخيال – ذلك الشباب الأبدي – يستطيع أن يجمع بين المثالي والحقيقي في قيادة عجلته، وهذا، في الفن أو في الفلسفة، هو انتصار الرؤيا الغنية بالخيال“)*2,وهكذا خلق الذوبان بين المعنى الظاهري لرمزية المطر وما ضمره الباطن بعمق الدلالة بنشوة التخيل ...
_ وبما ان لحبات لمطر صفة السعة المتناهية ظرفيا كونها لا تعد ولا تحصى زمانا ومكانا فلا ظرفية تحدهما ولا تقيدهما ,أذ لايمكن عدها او تأطيرها بمسافة أو تحديدها بفترة زمنية معينة , فنستقرؤه من ذرى التمني تأويلا المعادل الوجداني لهما أن يحصل على حنين وافر بفضاء عدد حبات المطر للأستعارة عن مدى شاسع للأحتواء والحنين وهو المكافئ الدلالي لمطر الدفء , وأشارة الشاعر الى الأستمرارية وأمل التواصل اللا محدود بسعة خصوصية حبات المطر ...
_ ما يشي مطر الدفء من ايحاء في ذهنية المتلقي ينأى به التأويل بما تتفتق ذاكرة معرفته الفكرية بتيار فلسفي , قد تكون أمنية روحية تحلق بفكره ليستدل الى أستقرار البحث في عمق المعنى المعنوي بمطلق طبيعة حبيبات المطر , فيوجب له الأبحار بأشرعة شتى مع اي تيار, بل يطلق العنان للوقت وخارج حدود بوصلة المسافات ليسترسل في حيز معنوي بقدر ما يصاحب ذهنية القارئ من ومضات روحية تستجلي الدلالة الخيالية للشاعر ويكشف عما تضمره بنيوية المفردة متمددة وغائرة خلف قناع المعنى والرمزية وتجريدها من واقعها المادي وتلك بلاغة الشاعر ...
_ من خلاصة العنوان وظف الشاعر عنوانا مكتنزا بصورة شعرية خصبة الرموز , بسيطة المفردات , بليغة البناء التعبيري, بأستعارة جغرافية الظواهر كونية الطباع , أِئتلفت بتضاد متنافر بين رمزي الطبيعة , باختراق باطنهم المتواري أمتزاج حيوي التوحد للمعنى الحقيقي مما يدل على الأبداع الخلاق باحترافية الشاعر وبراعة استهلال يبان تعالقه النسقي مع جسد النص ...
-----------------
_ النص ...
_ تميز اسلوب النص بجمالية التشكيل اللغوي بصياغة فنية رائعة لصور متوهجة ,مكثفة المعنى بعنفوان عاطفي ,وأتقاد روحي ينبض شعورا ببراعة التخيل متعددة المضمون تتناغم بانساق متماسكة الأرتسام بأيحاء رقيق لا تفلت منها الفكرة من الأستهلال لخاتمة جذابة تستفز المتلقي لآخر المطاف , وقد اكتنزت صوره الشعرية بعناصرمتنوعة رائعة بسيمائية النص الحديث مثل الرموز والتناص والأستعارة والتضاد وهذه الميزات القيمة اثرت الدلالات بأبعاد معنى اللفظة الدالة وعمق دلالتها وما تشي لتأويل باذخ مما يدل على جدارة الشاعر في تقنيات اللغة وحسن البيان بالسهل الممتنع وهذا ما يوافق قول الجاحظ :(« أجود الشعر ما رأيته متلاحم الأجزاء، سهل المخارج، فتعلم بذلك أنه أفرغ إفراغا واحدا و سبك سبكا واحدا فهو يجري على اللسان كما يجري الدهان »)*3والأروع ايقاعات النص الداخلية المتنوعة مدهشة بهمسات عزفها تبحر بنا لهدير الروح والتوحد معها ...
_ولنبحر في بعض مدارات أجرائية لجسد النص بمستويات متنوعة للخلق الأبداعي بلغة متموجة باعثة للدهشة من روح القصيد الذي يبعث لأمكانية القراءات المتعددة واستكشاف خبايا سايكولوجية النص الممرغة بالحواس وآفاق تلوح بذات الشاعر تارة وفلسفة الأنا الروحانية تارة اخرى مخضبة بتجارب الحياة وخبرة مخضرمة المعرفة متميزة الأطلاع بدروب معاجم اللغة وتقنياتها السيمائية, وينطبق مايعنية الآمدي حينما قال: (" ليس العمل على نيّة المتكلم، وإّنما العمل على توجيه معاني ألفاظه"),وهذا بمرجعية التناغم الجمالي المتظافر العزف بأسلوبية تميز الشاعر المبدع وتوحي بتقنية متمكنة وشاعرية فذة ...
_ من بداية النص نستمتع بأفق اجرائي تتعين فيه ظرفية حركية تنبع من نفسية الشاعر فتتعالق مع زمن احساس الشاعر في مفردة ( كلّما ) وهي ظرف زمان يفيد الشرط , دلالى الأشارة ليؤكد مشاعره المتأججة حين يعقب احساسه سكون من فيض مشاعر والذي يبعث على الأستذكار , ثم يوثق ما يليه ب (واو العطف في "وغيض")فيتبع استرساله بالتشكيل اللفظي وانعطافها على البيت السابق ليجسد امتداد زمن السكون مؤقتا , تجسيد رائع لروحانية الوجد بصوفية التعبير وانزياح رقيق لصورة شعرية جذابة وعمق احساس باستعارة الفاظ احدثت التضاد ,مثل (طوفان وغيض / هدأ ويفور) ,...
_ كما ان التركيب اللفظي بوجود مفردتي الوجد واللهفة وهي جدلية الحواس الأزلية وميزة صفات شعور العاشق وخاصية التوله عند الأنسان فهي جزء من أنسانيته والتي تنقلنا لتزاوج الحواس مع عناصر الطبيعة في معظم أنساق النص , فابدع الشاعر في انزياحهما بتغيير معايير اللغة وتمرد حرفه بخرق المألوف فاضاف بعدا جماليا رائعا ...
_ كماهيمن تناسل المفردات العاطفية الأخرى باسلوب النص والتي أدت وظيفة شعورية بوجدان نفسي عميق وحررت شاعرية المعنى للتعبير عما يجول في ذات الشاعر ونفسيته حيث شغلت تبادلا لعدة معاني بأيحاء آخر فصبغت الصور الشعرية بأحساس نفسي طاغي مثل ::,أمان, اشتياق , وله , نجوى , الحنين , التوق , زينت النص بدهشة التمكن سعى الشاعر لأبرازها وايصالها للمتلقي مرادفة لأنفعال المتابعة لسياق النص بجمالية الصور وتشكيلتها الفنية المتنوعة تبهر القارئ على امتداد النص ...
_ وفي مدار آخر اضاف الشاعر مفردات تناصية من بيان القرآن الكريم مثل طوفان وغيض ويفور التنور , قال تعالى (وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ)*4, كذلك (فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ)*5, لرسم بقية اللوحة بطاقة لغوية تتناغم مع انفعال كيانه الروحي فيلوذ بنجواه الذاتي ليجسم صور شعرية روحانية التناص شعورية اللقطة ليرتقي بتجليات الروح في غمر المطلق والسمو لأعتلاء عوالم صوفية الأجتراح ,والتناص مع القرآن الكريم أروع سمة في النصوص الحديثة لبيان الأسلوب البلاغي للدلالة وعمق المعنى بوشيجة طبيعية نفسية الأنتماء لثقافة فكر وانتماء بيئي واجتماعي ,لذا تنوع المفردات الجميلة وتجانسها في الصورة الشعرية بانزياح يلقي عليها سحرا آخر بمنتهى التذوق للرؤيا من زوايا عدة ويتكرر التناص القرآني بجمال المعنى الظاهري وما يتوارى في الروح من وعي ذاتي يشي بأطر الدلالة من غياهب الوجدان مثل :- سآوي الى , التيه , لتعصميني , غرق ,نجوى, آناء وأطراف, سرابيل ,وكما يُعرف أدونيس الرمز الصوفي على أنّه (« طريقة الكشف عن المعرفة، والبحث عن المعنى ووسيلة لبناء الهوية، كما هو دعوة لتحرير الكيان البشري إلى جانب كونه دعوة إلى تحرير الفكرة.»)*6، فالتنصيص يجعل النص بحوارية مع النص التناصي الآخر ولكن بذاتية مستقلة مكثفة الأيحاء مما يلفت استغراق القارئ لأكتشاف الجمال ويستفز ذهنية المتلقي لمنابع البحث التأويل ...
_ ونرى تحرير الفكرة من تحرير الذات وعتقها من جمود التقليد والخوض في ابتكار الصور ليبرهن الأبداع والتميز في كينونة التنصيص بما يحمله من خبايا دلالات لنكتشف ولادة جديدة من مخاض الأبداع تشق سبل التذوق ...
_
وكما جسد الشاعر لوعة الأشتياق المتأجج باختياره لمعجميات صوفية المعنى مثل:- تسابيح , مناسك , وتهاليل , سخرها بلغة خصبة الدلالات تشي بما يجتاحه من مشاعر نفسية خلع عليها صوفية التواجد الوجداني برؤى ذاتية وتأملات حسية عميقة تتكور في تكثيف المبتغى الموضوعي للشاعر,فتُغرق المتلقي بمتعة المتابعة بالبحث والتنقل برحاب التصوف وبيان اللغة ...
_ هيمنت الأفعال المضارعة متوالية في بداية كل صورة شعرية وخلالها أيضا مثل :- يفور ,يعشّش , يؤجج , يتبدى ,تدب, يجرجر, تصطاف, ينثر , تموء , تلم , يورق,يهيم , يمحص , يمحق, يتراقص ,تتبوء ,يزدهر, تضج , تتناسل , تتألق , يستفيق , تشاكس , تقولي , يرحل ,يلتحف ... وهذه الأفعال مؤثرة بالمعنى وببنية النص وتمد بأفق الرؤيا في تأويل المتلقي لما لها من استمرارية حضور وزمن يتنامى تبرز من وعي او لاوعي اثر الأنفعال الوجداني العميق وفلسفة ذاتية لفكر الشاعر ,فتطغي قوة التحفيز للألتفات لمعيار الصورة في ذهن المتلقي وهي نقطة معبرة بالروعة لتجربة الشاعر في فن مهنية الأبداع ...
_ على سبيل قطفة اخرى روحية الوجدان ميتافيزيقية الوجود تراثية الأثر تؤكد أهمية التواصل الأجتماعي والثقافي في فكر الشاعر نتأملها في السطر التالي : (مكتظّة برائحة قهوة الحنين),الحنين صفة حسية والقهوة رمزا لرؤيا تراثية تعكس نكهة الأُلفة والتقارب الروحي لمراسيم مجتمع لها مرجعية تاريخية , ومن عتمة لونها تجسد لحظة فيزيائية توحي بامتداد تصوري للقارئ لعمق المشاعر بانعكاس الرؤيا بشعور حسي بتناغم تراثي يترآى بتفاعل التاريخ مع الأدب عبر جوهر الفكرة بتأثير نفسي عميق المغزى وباستخدامه مضافا مجردا الى مضاف اليه محسوس فأنتج استعارة رائعة بصورة تجريدية في تشكيلة منسجمة بالشكل والمعنى , وهو ابتكارالشاعرلأثارة ذهن المتلقي بخبرة أدواته الشعرية الماهرة ...
_ ومن مستوى اجرائي آخر من الشطر التالي (يتراقص شجر الحِنّاء على نَجيع ضفاف (الفاو) / وظف الشاعر صورة شعرية بارعة البنية, منطقية الدلالة , بتركيب خاص مميز مبتكر,بمزج رموز التراث والفرح بالأرض , الحنة مراسيم تراث توحي بالفرح والمناسبات الأجتماعية بعقائد روحية متنوعة الغرض ,و(الفاو) منطقة مشهورة بحنتها في جنوب العراق(" الرمز في اللغة هو الإيماء والإشارة والعلامة ")*7 وكلا الرمزين بجوهرية الصورة والدلالة للحبيب الوطن,وهنا يلوح قلقه الروحي وشعور يفيض بالانتماء الى ترابه فيطفو بفلسفة ادبية تعانق حروفه ضفاف وطن كلل هموم الشاعر بغربة مجردة حلمه من أماني السلام ...
_ امنحيني مَطر الدِّفء!! ايقاع متكررللعنوان في متن النص يؤازر نسق النص ترابطا ممتدا بالأنسجام الكلي للبنية التركيبية وسيماءً للتواصل الدلالي للشاعر مكثفة لرؤاه الشعرية وروحانية تأملاته,فنستوضح جذورا متلاحمة لبنية العنوان في هيكلية النص تتجلى إحالة دلالية بأيحاء معنوي روحي الأبعاد بسايكولوجيا فطرية لمحتوى عبارة مشبهة غزارة المطر بزمن مفتوح الأفاق يوحي للتواصل المستمر يروي الشوق والحنين ومنه يستغرق تساؤل الاستقراء بنهم المتابعة وما ضمرخلف اللفظ من دلائل بأنزلاق وتروي شيق المتعة لأستكمال النص دون كلل ...
_وعلى ابواب خاتمة النص دفقة شعورية رائعة , تستوقفنا برهة تأمل وتمعن بسرد مكثف مبهر مرتكزه الأنا وضمائرالمخاطب ولنحصي الجمال من منابت العتاب والذكريات وشغف محب مؤثر ...
_ (منذ عرفتكِ رقصت سنابلُ أُفقي ,عشقت الغناء.. ) ,شعرية حوار داخلي( مونولوج ) يعطي بعدا تقنيا مكثفا فنيا بصورة شعرية رائعة السبكة تحكي قصة اللقاء بأفق زمني واستخدام الضمائر تضمنت ال(الكاف في عرفتك) ضمير المخاطب , وضمير المتكلم الياء في أفقي .. ترانيم حوار بلقطة شعورية اختزلت قصة التوله الصوفي ووفق في التوقيت اللا محدود ب (منذ) مما يعطي علامات الأستغراب حيز فضاء الفضول فترتسم تساؤلات القارئ وجه رؤية ليبحث عن بداية الحكاية بشوق متلهف ...
_ مَن قال: انّ الغناءَ لغوٌ ماكرٌ وفيه تتألّق الأرواح ؟) , (مَن قال) خطاب موجه لغائب حاضر باستنكار حاد الأنفعال يحلق في مخيلة الشاعر واستذكار يلتفعه تساؤل يلج بمنلوج داخلي تعمده فلسفة انسانية التجديد وحضور معرفي عما يقال بالماضي من خرافات واعتقادات متداولة تراثية من تراكمات فكرية ترفضها الأنا في مخيلة الشاعر, فيتأجج احتجاجا يؤكد بما تمتلكه معجمية (الغناء) من رقة وخفة تخترق الأسماع فيستنيرطرب الأحاسيس بلذة الأنطلاق في كونيات الأمل عبرالوجود يجاوز زمن الحلم , جمال الأيحاء بمزج الحسي بالمعنوي فانتج تفاعل الحواس بالتذوق الذهني عبرعوالم مخبوءة بالغموض والأبهام مشوبة بالخوف والتوتر مخبأ نفسيا في كوامن الفطرة على مستوى الدلالة النفسية للشاعر المرمزة بالأرواح تجيز لنا أُفق إجرائي آخر بالمستوى الصوتي , وقد أبدع الشاعر بمزج الذات بالموضوع , فاظهر جمالية اللغة بطاقة انزياحية عززت أدوات الأيحاء لتأويل الدلالة ...
_ ساظل أُغنيكِ (السين) تاكيد للحالة الحسية مع الفعل أظل لأستمرارية الحالة, والغناء تتناغم وكلام مدعاة لسبيل تواصل روحي, (حتى)ظرف زمان بمعنى الى أن وما يوحي للأستمرارية والتواضب الحسي فنمرق مدار آخرخرق المألوف بانزياح مستساغ لتحديد الصورة الفنية المتعالقة موضوعيا ومتناسقة اسلوبيا ومنسجمة انسيابيا في بنية النص متفاعلة مع السابق والاحق من الأنساق ...
_( حتى يستفيق صحو الشتاء وتشاكس القصيدة سرابيل المساء) والشتاء استذكارا للمطر والدفء , هكذا نعاود التأكيد بصورة مدهشة للعنوان وما حمل من اشارات ودلالات لجسد النص فكل الأنساق متشابكة متساندة بالخطاب تبوح بمدى الوجود وتستغرق مدارات الوقت ,و قد برع الشاعر باستخدامه معجمية المساء وما تشي اللفظة للهدوء وانزواء للذات واستذكار الكثير ,فانتج صورة مدهشة بمدار اجرائي لصورة شعرية بانزياح رائع باضافة جماد معنوي الى محسوس معنوي ... والقصيدة هي حروف الشاعر في قرى نفسيته ,غزله ..غناءه ..أمانيه ...
_خاتمة النص حوارية وجدانية الروح يتقد فيها استبصار نفسي تلج بذات الشاعر انفعال وجداني غائر بحنايا الروح معلنا احتجاجه واصراره استفهام السؤال باصرار ليجيب باستمرارية الأبحار الروحي وتواتر الأنا يُغنِّي الأجابة برؤيا الأمل والتي تزهر من سمات الطبيعة البشرية لملء الحلم بفلسفة كونية من ذات الفكر والتأمل طموحه لا يخبو ساريا عبر(الزمن كله) , (هو نهارٌ يلتحف الزمان كلّه) نرى مدارا انزياحيا لصورة شعرية مبهرة ,ومنه يكون المستوى الأجرائي مرتبطا بزمن مفتوح لا حد له ينسجم وأبعاد مفهومية وما تضمنته لغة المطر اللا محدودة ومعجمية النهار حركية انتقال بتأويل واضح الرؤيا, صادق الوجد, مبهج للنفس ...
سلمت روعة الحروف لشاعرنا القدير شلال عنوز المحترم
هامش
1: من كتاب الفلسفة والشعر لعبد الهادي مفتاح
2: اسرار البلاغة في علم البيان ص 41 )
3: أبو عثمان عمربن بحر الجاحظ،البيان والتبيين)
4: سورة44 هود
5: سورة 40هود
6: يوسف اليوسف:ما الشعر العظيم
7: جميل صليبا : المعجم الفلسفي
بقلم إنعام كمونة
سلمت روعة الحروف لشاعرنا القدير شلال عنوز المحترم
هامش
1: من كتاب الفلسفة والشعر لعبد الهادي مفتاح
2: اسرار البلاغة في علم البيان ص 41 )
3: أبو عثمان عمربن بحر الجاحظ،البيان والتبيين)
4: سورة44 هود
5: سورة 40هود
6: يوسف اليوسف:ما الشعر العظيم
7: جميل صليبا : المعجم الفلسفي
بقلم إنعام كمونة
--النص---------------
امنحيني مطرَ الدّفء
نص / شلال عنوز
امنحيني مطرَ الدّفء
نص / شلال عنوز
كلّما هدأ طوفان تسابيح الوَجد
وغِيضَ دمع الّلهفة في مُدُني
يفور تنّور ذكرى
محمولا على أكتاف مهرجان عنيد
يعشِّش فيه يَمامُ أمانٍ صمّاء
يُؤجّجهُ هدير يتبدّى إشتياقا
تدبّ فيه تراتيل عُري نسيان
يُجرجره تيّار تتسكّع فيه
مناسِك الولَه
تصطاف فيه عصافير الترقّب
ينثرني ملحا وماءً
على أجنحة فراشات
ملوّنة الإتجاهات
في جزر مَنسِيّة
تَموء فيها قِطَط التغرّب
سآوي اليكِ ....
عند مُنعطفات تهاليل نجوى
مكتظّة برائحة قهوة الحنين
لتعصمينني من غَرق تدفّق
جوع الذبول
وتلمّينني قمح إنتماء
لحقول المجرّات
يُورق انتظاراً أبديّ الطّلع
في نُخيلات عُمري
يَهيم في مقتربات الحُلم
ليُمحّصَ وجع التّيه
..يمحقَ الجفاء
عندما تُزغرد العَنادل
على وَشوشات هَمسِك
يتراقص شجر الحِنّاء على نَجيع
ضفاف (الفاو)
امنحيني مَطر الدِّفء
فأنا أفقٌ بلقعٌ
هجرته رطوبة الوَدْق
وأنتِ مَدارات غُيوم ضاحكة
تَتبوّئين إحتشاداً للغَيث
كي يزدهرَ حرثُ العمر..
بساتينَ فرح
طفلٌ مستفزٌّ أنا
وأنتِ هدهدات أمٍّ حانية
عطّريني بنَقاء المُروج
لأشمَّ نفح عطر العَنبر
عبر قارات قَسرِ التهجير
آناء التَّوق وأطراف السَّهر
إرسميني لوحة يتيمة المَلامح
كلّ لوحاتكِ تُبحر فيها النجوم
تَضجُّ حقولَ سعادةٍ شرقيّة الدّلال
تَتناسل فيها أسرار الرُّقم الخالدة
منذ عرفتكِ رقصت سنابلُ أُفقي
عشقت الغناء..
مَن قال: أنّ الغناءَ لغوٌ ماكرٌ
وفيه تتألّق الأرواح ؟
سأظلّ أغنّيكِ
حتى يستفيق صحو الشتاء
وتُشاكس القصيدة
سرابيلَ المساء
لاتقولي:
غبشاً يرحل بالجنون ؟
هو نهارٌ
يلتحف الزمان كلّه
شلال عنوز
وغِيضَ دمع الّلهفة في مُدُني
يفور تنّور ذكرى
محمولا على أكتاف مهرجان عنيد
يعشِّش فيه يَمامُ أمانٍ صمّاء
يُؤجّجهُ هدير يتبدّى إشتياقا
تدبّ فيه تراتيل عُري نسيان
يُجرجره تيّار تتسكّع فيه
مناسِك الولَه
تصطاف فيه عصافير الترقّب
ينثرني ملحا وماءً
على أجنحة فراشات
ملوّنة الإتجاهات
في جزر مَنسِيّة
تَموء فيها قِطَط التغرّب
سآوي اليكِ ....
عند مُنعطفات تهاليل نجوى
مكتظّة برائحة قهوة الحنين
لتعصمينني من غَرق تدفّق
جوع الذبول
وتلمّينني قمح إنتماء
لحقول المجرّات
يُورق انتظاراً أبديّ الطّلع
في نُخيلات عُمري
يَهيم في مقتربات الحُلم
ليُمحّصَ وجع التّيه
..يمحقَ الجفاء
عندما تُزغرد العَنادل
على وَشوشات هَمسِك
يتراقص شجر الحِنّاء على نَجيع
ضفاف (الفاو)
امنحيني مَطر الدِّفء
فأنا أفقٌ بلقعٌ
هجرته رطوبة الوَدْق
وأنتِ مَدارات غُيوم ضاحكة
تَتبوّئين إحتشاداً للغَيث
كي يزدهرَ حرثُ العمر..
بساتينَ فرح
طفلٌ مستفزٌّ أنا
وأنتِ هدهدات أمٍّ حانية
عطّريني بنَقاء المُروج
لأشمَّ نفح عطر العَنبر
عبر قارات قَسرِ التهجير
آناء التَّوق وأطراف السَّهر
إرسميني لوحة يتيمة المَلامح
كلّ لوحاتكِ تُبحر فيها النجوم
تَضجُّ حقولَ سعادةٍ شرقيّة الدّلال
تَتناسل فيها أسرار الرُّقم الخالدة
منذ عرفتكِ رقصت سنابلُ أُفقي
عشقت الغناء..
مَن قال: أنّ الغناءَ لغوٌ ماكرٌ
وفيه تتألّق الأرواح ؟
سأظلّ أغنّيكِ
حتى يستفيق صحو الشتاء
وتُشاكس القصيدة
سرابيلَ المساء
لاتقولي:
غبشاً يرحل بالجنون ؟
هو نهارٌ
يلتحف الزمان كلّه
شلال عنوز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق