الاثنين، 10 يونيو 2019

جدتي // نص سرد قصصي // بمداد د. المفرجي الحسيني // العراق

جَــــــــــدتـــــــي
--------------------------
كان جدّي قبل أن يموت يهوى تربية الطيور، أنا أعشق الطيور، جدّتي هجرت جدّي من أجل هذه الهواية، لم تتركه بل بقيت وحيدة مثل نبات الصبار العجوز، ولعل هما الاثنان ترك احدهما الاخر، لان له هواية جعلته يترك الاخر من اجلها، نسكن في بيتنا الريفي مزرعة جدّي ، جدّتي تجلس في الشمس، تأخذ معها (قفة) بالذرة والقمح، تنثرها (للصيصان)
المزرعة مليئة بجرذان الحقل، الصيصان وهي تلتقط حبات القمح المكسرة، أصواتها تتعالى كنحيب النسوة الخافت، تزداد عندما تقترب جرذان الحقل منها، وهي تسير بهدوء وبحذر شديد، تتنصت جدتي لدبيب أقدام الجرذان، يتقوس معاً جسد جدتي وجسد الجرذ، جسدها الواهن اليابس
وجسد الجرذ اللين الغضروفي، تصيح والجرذ بآنٍ واحد، أما الصيصان فتلتقط حبات القمح والذرة ببلاهة متناهية ،في أحد ليالي الشتاء الباردة، كانت جرذان الحقل قريبة من الدار، تصرخ بصوت عالٍ وكأنما تنادي جدتي، كانت تستيقظ وتظل مستيقظة حتى الصباح، ذات يوم تسلل الموت عذباً رقيقاً مخترقاً غرفتها، عجبت لذلك لأنها وهي مسجاه على سريرها، بدت أطول من حقيقتها، كانت قصيرة وانحناء ظهرها جعلها تبدو أقصر من ذلك، كانت متمددة على سريرها هادئة، مثل "صوصه" نفذت دماؤها، أما الجرذان جاءت ونامت عند قدمها ، بهدوء وصمت إلى أن حَلَّ المساء ولكنها لم تغادر الحقل ! .
**********
د.المفرجي الحسيني
جدتي
العراق/بغداد
9/6/2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق