قراءة في خطاب الحسين ع للمجتمع العربي
القراءة الأولى
بقلم : سيدمحمدالياسري
مما يذكره لنا التاريخ عن العرب في معتقداتهم انهم كانوا مما يعبدون : صنما يصنعونه من التمر ، متى ما جاعوا تخلوا عن الآله واكلوه ! كان من ابرز معتقدات العرب سابقا هذا المعتقد الديني الذي يظهر فيه ان عمق الاعتقاد كان هشا – ليس ككل بل كجزء – لكن وجود هذه العادة دالة لها منحنى يشير الى الضعف والتخلي عن معتقداتهم في حالة الحاجة ولايمكن ان نقول : الجوع حاجة فقط اوسببا . لانه جزء مكمل من الحاجات لان حسب موروثهم (تجوع الحرة ولاتأكل بثدييها) أي ان الجوع لا يثني مباديء العرب والتقاليد في تقدير آخر ، وهنا نجد ان المعتقد اقل شأناً في العرب قبل الإسلام من التقاليد والأعراف ، او بتعبير آخر ان العرف والتقليد يحمي العشيرة لذا اصبح دستوراً لايمكن المساس به لانه يحافظ على كيانهم وعلاقتهم ويحفظ دمهم، عكس الدين فهو تهذيب روحي ينخلع في بؤر التسلط والتمايز ، ويمكن ان نقول ان المجتمع العربي بعد الإسلام بدأ به الانحراف فلم يلتزم بوجود الأعراف ولا التقاليد واخذ الانحراف يسير بعيدا عن الاتجاهات الإيجابية التي وضعتها الأعراف والتقاليد والمباديء الذي وضعها الإسلام وهكذا نراها تنهار هذه الخاصية في قضية الحسين ع فنرى الخطاب مباشرا من الحسين ع يشير الى ذلك ليميط اللثام عن حقيقة يحاول كثير تغطيتها تاريخيا او يجد لها مبررا ، ولعل قوله :(ان لم يكن لكم دين وكنتم لاتخافون الحساب فكونوا احرارا في دنياكم وان لم تكونوا فارجعوا الى احسابكم وانسابكم ان كنتم عربا كما تدعون) وفي رواية ( كما تزعمون ) دالة على ان الانحراف في اعلى درجاته ، وهنا نجد نقطة ارتكازية جدا في قضية الطف على ان الذين وقفوا امام الحسين عرب فلماذا قال عنهم كما تدعون او تزعمون ؟
من الخطاب تبين لهم خيارات :
١ ـ لم يكن لكم دين اذا لاتخافون الحساب : كونوا أحرارا في دنياكم
٢ ـ لم تكونوا أحرارا : ارجعوا الى احسابكم وانسابكم : أي عربا
٣ ـ ان لم تكونوا فاعلموا انكم ليس عربا !
كان الدين تمثال تمر ، وكذلك الحرية ، وكذلك العروبة التي تغنوا بها ففي كربلاء سقطت كل المعايير، ولم تنته سقوط المعايير بهذه الصيغة من حيث ان الانحراف وصل الى نهايته اوذروته حتى بان بعد تذكير آخر : هل لكم ابن بنت نبي غيري ؟ سؤال محرج لارث من اجتمعوا من اجله اسقاط الدين جملة وتفسيرا ورميه خارج المعتقد ، لانهم في مقابل هذا مازالوا يتشفعون لبعضهم في احلك الظروف بينما لم يشفع نبي الإسلام ص لحفيدة عندهم ، لم ينته المطاف هنا حين تم تذكيرهم بالنبي ص وصلته كان تذكيرا بكل تفاصيل الإسلام لان ما جرى كان صعبا جدا حين يرفع الحسين ع طفله ويذبح في سهم وتستمر المآساة
ـ يذبح الحسين ع من القفا لأن الرسول ص كان يقبله بنحره !؟ خيار صعب ويروه ويعملون به مما يدل على درجة الانحراف العالية
ـ يسلب الحسين ع من ملابسه ويقطع اصبعه من اجل سلب خاتم هذا دليل على كثرة وتزاحم السلب كي لايسبقه احد غيره حين ينزع المحبس يحتاج لوقت
ـ يداس الحسين ع بالخيول ليس من خلق الإسلام مع أعداء الإسلام فكيف يكون مع حفيد الرسول ص
ـ يرفع رأس الحسين ع برمح ويدار في الشوراع
ـ تسلب عائلته والغريب من ذلك ان احد الجنود اخذ اقراط بنت الحسين ع الصغيرة وهو يبكي والدم يسيل من اذنيها فتسأله : فيجيبها انه يبكي على ال الرسول ص ولما تسأله لماذا يسلبها اقراطها تجيبه كي لا يسلبهن غيري .
ـ تدفن قتلى معسكر يزيد بن معاوية ويبقى الحسين حفيد الرسول ص عاريا في الصحراء ، والغريب ان معسكر يزيد بن معاوية يحتفل بالنصر بينما تبقى عائلة الرسول ص القتلى بلا رؤوس جميعا حتى الأطفال ، ومن دون دفن تنظر العائلة الى أجسادهم الطاهرة بالعراء
هذه نقاط بسيطة تدل على كلمة ( كما تدعون ) او ( تزعمون ) عربا ، أي ان التخلي عن العروبة دعت هنا التخلي عن مباديء وتقاليد الموروث ولعل الكلمة دالة ان نسبة الانحراف في السلطة والمجتمع معا وصلت الى ذروتها ولا اعتقد ان زمنا ما سيأتي بمثلها لان لاتوجد فعلا شخصية تكرر مثل الحسين ع على مدى التاريخ ، لا بورعه ولا بصلته مع الرسول ص ولا بنصوص دالة على شهادة من الرسول نفسه ، فعندما يسمعون الصحابة من الرسول ص ان الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة ، كان في تصورهم لايستشهدوا على يد المسلمين او يكون هناك انحراف بهذا الحد المعيب والذي ظل صفحة سوداء في تاريخ الامة ، مع ان الانحراف لم يعد الى الوراء بل كان في كل شيء وان المجتمع لم يعد الى الجاهلية بل انحرف حتى عن موروثها الإيجابي .
منذ ١١ هجرية الى ٦١ هجرية أي بعد صراعات وأفكار هوجاء وصل الانحراف في ١٠ محرم ٦١ هجرية الى اعلى درجة ، بعدها ذلّ المجتمع ولم يعد الإسلام بل اخذته الاهواء وظل الإسلام من بعد ٦١ هجرية مطاردا رسميا ومحكوم عليه بالاعدام واعتبر الإسلام الحقيقي معارضة بأسماء أخرى حاولت السلطة ان تحكم الناس باسم وهمي للاسلام وسلب الإسلام من اسمه بإضافة له أسماء أخرى ... حتى في عصر الثقافة والقراءة عصر النت مازال اثر السلطة على المجتمع واصبح ذليلا لها ولاسيما بعد واقعة كربلاء جاءت واقعة الحرة التي قتل فيها الصحابة واستبيحت مدينة رسول الله ص للجيش ثلاثة أيام ، ذل فيها المجتمع ولم يعد هناك صفحة تاريخ تفسر هذا العمل المشين حيث ظل الأثر يستخدمه الحكام مع دعاة درسوا تلك الخطوات باسم الإسلام وفيها وضعت ودونت الاحاديث التي تؤيد السلطة وتضيف عليها الشرعية.
من النقاط المهمة في خطاب الحسين ع لمعسكر يزيد هي هذه الاحداث ، محاولة لارجاع العقل وضياع النفس ، لاتتبعوا يزيد باي حالة لانه سيسلب حتى عروبتكم والمقصود بسلب العروبة كل موروث واثر حسن ولعل سلب العذارى عذريتهن في واقعة الحرة خير دليل ، واتباع يزيد يعني ان سلطانه مستمر لانه سيصير موروثا يستند عليه الحكام وقد استند عليه ليومنا هذا ... لم يعد هناك عروبة ولا احرار ، ولا دين في زمن الامام الحسين ع : ابن علي بن ابي طالب وفاطمة بنت محمد ص ، لم يعد اشخاص يحملون المروءة غير أصحابه لذا قال كلمته التي ميزت المجتمع ( خير الاصحاب اصحابي ) لم ياكلوا صنما صنعوه من تمر ولم يبيعوا دينهم بدنياهم ... وهذا ما نتكلم عنه في القراءة القادمة .
القراءة الأولى
بقلم : سيدمحمدالياسري
مما يذكره لنا التاريخ عن العرب في معتقداتهم انهم كانوا مما يعبدون : صنما يصنعونه من التمر ، متى ما جاعوا تخلوا عن الآله واكلوه ! كان من ابرز معتقدات العرب سابقا هذا المعتقد الديني الذي يظهر فيه ان عمق الاعتقاد كان هشا – ليس ككل بل كجزء – لكن وجود هذه العادة دالة لها منحنى يشير الى الضعف والتخلي عن معتقداتهم في حالة الحاجة ولايمكن ان نقول : الجوع حاجة فقط اوسببا . لانه جزء مكمل من الحاجات لان حسب موروثهم (تجوع الحرة ولاتأكل بثدييها) أي ان الجوع لا يثني مباديء العرب والتقاليد في تقدير آخر ، وهنا نجد ان المعتقد اقل شأناً في العرب قبل الإسلام من التقاليد والأعراف ، او بتعبير آخر ان العرف والتقليد يحمي العشيرة لذا اصبح دستوراً لايمكن المساس به لانه يحافظ على كيانهم وعلاقتهم ويحفظ دمهم، عكس الدين فهو تهذيب روحي ينخلع في بؤر التسلط والتمايز ، ويمكن ان نقول ان المجتمع العربي بعد الإسلام بدأ به الانحراف فلم يلتزم بوجود الأعراف ولا التقاليد واخذ الانحراف يسير بعيدا عن الاتجاهات الإيجابية التي وضعتها الأعراف والتقاليد والمباديء الذي وضعها الإسلام وهكذا نراها تنهار هذه الخاصية في قضية الحسين ع فنرى الخطاب مباشرا من الحسين ع يشير الى ذلك ليميط اللثام عن حقيقة يحاول كثير تغطيتها تاريخيا او يجد لها مبررا ، ولعل قوله :(ان لم يكن لكم دين وكنتم لاتخافون الحساب فكونوا احرارا في دنياكم وان لم تكونوا فارجعوا الى احسابكم وانسابكم ان كنتم عربا كما تدعون) وفي رواية ( كما تزعمون ) دالة على ان الانحراف في اعلى درجاته ، وهنا نجد نقطة ارتكازية جدا في قضية الطف على ان الذين وقفوا امام الحسين عرب فلماذا قال عنهم كما تدعون او تزعمون ؟
من الخطاب تبين لهم خيارات :
١ ـ لم يكن لكم دين اذا لاتخافون الحساب : كونوا أحرارا في دنياكم
٢ ـ لم تكونوا أحرارا : ارجعوا الى احسابكم وانسابكم : أي عربا
٣ ـ ان لم تكونوا فاعلموا انكم ليس عربا !
كان الدين تمثال تمر ، وكذلك الحرية ، وكذلك العروبة التي تغنوا بها ففي كربلاء سقطت كل المعايير، ولم تنته سقوط المعايير بهذه الصيغة من حيث ان الانحراف وصل الى نهايته اوذروته حتى بان بعد تذكير آخر : هل لكم ابن بنت نبي غيري ؟ سؤال محرج لارث من اجتمعوا من اجله اسقاط الدين جملة وتفسيرا ورميه خارج المعتقد ، لانهم في مقابل هذا مازالوا يتشفعون لبعضهم في احلك الظروف بينما لم يشفع نبي الإسلام ص لحفيدة عندهم ، لم ينته المطاف هنا حين تم تذكيرهم بالنبي ص وصلته كان تذكيرا بكل تفاصيل الإسلام لان ما جرى كان صعبا جدا حين يرفع الحسين ع طفله ويذبح في سهم وتستمر المآساة
ـ يذبح الحسين ع من القفا لأن الرسول ص كان يقبله بنحره !؟ خيار صعب ويروه ويعملون به مما يدل على درجة الانحراف العالية
ـ يسلب الحسين ع من ملابسه ويقطع اصبعه من اجل سلب خاتم هذا دليل على كثرة وتزاحم السلب كي لايسبقه احد غيره حين ينزع المحبس يحتاج لوقت
ـ يداس الحسين ع بالخيول ليس من خلق الإسلام مع أعداء الإسلام فكيف يكون مع حفيد الرسول ص
ـ يرفع رأس الحسين ع برمح ويدار في الشوراع
ـ تسلب عائلته والغريب من ذلك ان احد الجنود اخذ اقراط بنت الحسين ع الصغيرة وهو يبكي والدم يسيل من اذنيها فتسأله : فيجيبها انه يبكي على ال الرسول ص ولما تسأله لماذا يسلبها اقراطها تجيبه كي لا يسلبهن غيري .
ـ تدفن قتلى معسكر يزيد بن معاوية ويبقى الحسين حفيد الرسول ص عاريا في الصحراء ، والغريب ان معسكر يزيد بن معاوية يحتفل بالنصر بينما تبقى عائلة الرسول ص القتلى بلا رؤوس جميعا حتى الأطفال ، ومن دون دفن تنظر العائلة الى أجسادهم الطاهرة بالعراء
هذه نقاط بسيطة تدل على كلمة ( كما تدعون ) او ( تزعمون ) عربا ، أي ان التخلي عن العروبة دعت هنا التخلي عن مباديء وتقاليد الموروث ولعل الكلمة دالة ان نسبة الانحراف في السلطة والمجتمع معا وصلت الى ذروتها ولا اعتقد ان زمنا ما سيأتي بمثلها لان لاتوجد فعلا شخصية تكرر مثل الحسين ع على مدى التاريخ ، لا بورعه ولا بصلته مع الرسول ص ولا بنصوص دالة على شهادة من الرسول نفسه ، فعندما يسمعون الصحابة من الرسول ص ان الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة ، كان في تصورهم لايستشهدوا على يد المسلمين او يكون هناك انحراف بهذا الحد المعيب والذي ظل صفحة سوداء في تاريخ الامة ، مع ان الانحراف لم يعد الى الوراء بل كان في كل شيء وان المجتمع لم يعد الى الجاهلية بل انحرف حتى عن موروثها الإيجابي .
منذ ١١ هجرية الى ٦١ هجرية أي بعد صراعات وأفكار هوجاء وصل الانحراف في ١٠ محرم ٦١ هجرية الى اعلى درجة ، بعدها ذلّ المجتمع ولم يعد الإسلام بل اخذته الاهواء وظل الإسلام من بعد ٦١ هجرية مطاردا رسميا ومحكوم عليه بالاعدام واعتبر الإسلام الحقيقي معارضة بأسماء أخرى حاولت السلطة ان تحكم الناس باسم وهمي للاسلام وسلب الإسلام من اسمه بإضافة له أسماء أخرى ... حتى في عصر الثقافة والقراءة عصر النت مازال اثر السلطة على المجتمع واصبح ذليلا لها ولاسيما بعد واقعة كربلاء جاءت واقعة الحرة التي قتل فيها الصحابة واستبيحت مدينة رسول الله ص للجيش ثلاثة أيام ، ذل فيها المجتمع ولم يعد هناك صفحة تاريخ تفسر هذا العمل المشين حيث ظل الأثر يستخدمه الحكام مع دعاة درسوا تلك الخطوات باسم الإسلام وفيها وضعت ودونت الاحاديث التي تؤيد السلطة وتضيف عليها الشرعية.
من النقاط المهمة في خطاب الحسين ع لمعسكر يزيد هي هذه الاحداث ، محاولة لارجاع العقل وضياع النفس ، لاتتبعوا يزيد باي حالة لانه سيسلب حتى عروبتكم والمقصود بسلب العروبة كل موروث واثر حسن ولعل سلب العذارى عذريتهن في واقعة الحرة خير دليل ، واتباع يزيد يعني ان سلطانه مستمر لانه سيصير موروثا يستند عليه الحكام وقد استند عليه ليومنا هذا ... لم يعد هناك عروبة ولا احرار ، ولا دين في زمن الامام الحسين ع : ابن علي بن ابي طالب وفاطمة بنت محمد ص ، لم يعد اشخاص يحملون المروءة غير أصحابه لذا قال كلمته التي ميزت المجتمع ( خير الاصحاب اصحابي ) لم ياكلوا صنما صنعوه من تمر ولم يبيعوا دينهم بدنياهم ... وهذا ما نتكلم عنه في القراءة القادمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق