حياة لا تفصح عن أكثر من وجع.
... وإني أعلم يا امرأة،
أنك ما أتيت إلى عالمي بمحض صدفة أو إرادة منك، بل استجلبك إلي قدري المولع بإيذائي، في تواطىء مقيت مع حظي العاثر، ورماك أمامي دفعة واحدة من دون أية مقدمات. هكذا وجدت نفسي وجها لوجه، في ذلك المساء البعيد العالق بقعر ذاكرتي المفجوعة، مع إحساس موحش بالضياع تخثر تحت وطأته الوقت وانمحى لحدته كل ما انفرط من سنوات عمري الماضي.. كأنني ولدت للتو، كأنني أطلقت سراح صرختي الأولى بوجه الحياة للتو. إحساس جديد علي تماما نبت بداخلي كأي وجع نتأ فجأة من وسط العدم، ولم أستطع أن أجلوه، لكني كنت مكتوف القلب والعقل أمام ذلك الخدر الذي تسلل عبر مسامات هذا الصلصال الذي يخط هذه السطور، والتف على العضلة المترمدة الراكدة وسط صدري بعدما دك كل القلاع والحصون المنصوبة بإحكام على مداخلها.
لا أتذكر هل كنت أنا من اجترحت خطيئة النظر أولا، أم كنت أنت من بادرت إلى فعل ذلك، لا يهم. لا يهم، تحديدا في هذه اللحظة التي لن يفيد فيها التدقيق في تفاصيل الأشياء في شيء؛ فما وقع كان ليقع حتى ولو تحالفت دون وقوعه كل جيوش العالم.
لما ارتطمت نظراتي بتلك العينين الشهلاوين اللتين تنام تحت جفنيهما آلاف الألغاز المبهمة والنصال المدببة التي تصيب الرائي في مقتل، أصغيت لقلبي وخفقاته المنخطفة فما سمعت له نبضا.. كأنه قطعة من خلاء تفحمت بها الحياة.
هل حقا ولدت ساعتها أم أنني كنت من المهلكين؟ لا أدري.. ولا يؤرقني هوس معرفة ذلك حتى. المهم أنني حين أمعن في استحضار تلك اللحظة، يتجدد وجعي يا من تنكأ، في كل مرة يشاركني فيها طيفك قضم أظافر الوقت من فرط الندم، جرحي المفتوح الما اندمل.
مكتظ أنا بحنيني إليك. أقولها قبل أن يجفل مني الكلام ويولي هاربا كما تجفل الأشجار وتختفي من وراء نافذة قطار. أمشي بقلب مترب، حافيا من كل الأحاسيس التي ترمي بي وسط يأسي. أمشي أعزل إلا من ظلي الذي شاخ من كثرة البحث عن أثرك بين كل هؤلاء النساء. أمشي إليك والخوف يلوكني من مغبة إضاعة ملامحك كلما فتحت جوارير الذاكرة التي علاها الغبار وتشقق لحاؤها كمثل شجرة بحديقة مهملة.
... وإني أعلم يا امرأة,
أنك، حينها، تركتني أهوي إلى الأرض مدحورا، مضرج القلب، مهزوز الكبرياء، لتنهال علي لسعات فجيعتي كالسياط، وبإيعاز من نفسي المكلومة، تلذذت سقوطي وتناثر أشلائي المشدوخة على مذبح قلبك. رأيت نصال صدك تنغرس بكل أوصال جسدي دون هوادة. رأيت ذلك العشق الطاعن في القلب مخدوشا بين أضلعي، وضعت مني وسط عرامة تكلس الأحاسيس. رأيت يد القدر المعروقة تستلك من حياتي، فداهمتني رجفة كرجفة الموت حين يتسلل إلى الجسد طاردا الروح خارج حدوده. رأيتني مسجى على نعش يوشك أن يدلج عنه في ظلماء القبر. رأيتني أستجدي مزيدا من الصحو، ورأيت الموت يوغل مشرطه، يجتثني من الحياة ويجهض كل مشاريع العمر.
العمر قصير يا حبيبتي، يحملنا عنوة إلى نهايات ما كنا لنتفاداها حتى ولو غيرنا الطريق الذي نسلكه. العمر قصير، والقدر يحيك مصائرنا بإصرار عنكبوت، ومهما حاولنا يا حبيبتي، سنرتطم عند نهاية الطريق بما ظننا عبثا أننا خاتلناه ونصبنا له الكمائن.
العمر قصير والقدر ماكر، وأنت كنت على مرمى حجر مني لولا حظي العاثر. العمر قصير وجسر الصبر أوهى وأقصر. العمر قصير جدا، ويلزمني عمرا آخر أو أكثر..
لو فقط تعلمين ما ألم بي بعد تلك النظرة التي اعتصرت نياط قلبي. لو فقط تعلمين بأي هاوية رماني خبل الحب حين استمسك بي وأحكم قبضته علي أنا المعطوب بخيبات شتى. لو فقط تعلمين أن ذلك الرجل الغارق في هجير حبك القائظ وانكسارت ماضوية، ما كان ليتحمل اكتظاظ قلبه بحب آخر تفوق شرارته حنكته، وكأي قلب آيل للخراب، انفتحت شهية الحياة في قضمه بتفكه تام.
... وإني أعلم يا امرأة،
أن اليأس كان ينبت في قلبي رويدا رويدا، وكنت في كل مرة، حين يفدحني الحنين، ألتفت إلى الماضي الموغل في الوجع، وأتلمس طريقي إلى تلك النظرة الأولى التي التصقت بذاكرتي، وأبتني منها فيضا من أحلام وردية.. أتردد طويلا، ولسبب غامض، في نطق تلك الكلمة "أحبك".. لو فقط ما اعتقل الصمت لغتي عندما كان لتلك الكلمة جدواها. لو فقط نطقتها وما تركتها تنكمش بداخلي لتصير غصة بحلقي تنحت بداخلي، كل يوم، خنادق وأقبية تراكمت بها على مر السنين وساوسي أمام فتور قدري الذي اجتذب إلى أشداقه كل أمنياتي وطرحها جثثا هامدة.
... وإني أعلم يا امرأة،
أنك في هذه اللحظة، مثلي تماما، تنظرين إلى شاشة هاتفك، فيصفعك الصمت وكأنه يفجر بوجهك لازمة أغنية حزينة " ما من رسالة"، أرى أطراف أناملك الصغيرة التي لطالما مسدت شعري حين يضج رأسي بالاستحالات، أراها وهي تتوثب لتنقر أحرف اسمي ولتسألني في عتاب يكاد يميتني " لماذا يا حبيبي؟"، فيقف كبرياء الأنثى بداخلك حاجزا منيعا بين العقل منك والقلب، وتضغطين على الزر الجانبي محاولة إسكات تلك الرغبة الجامحة التي تحرقك، كما تحرقني، من الداخل وترمي بي وسط غموض لا يسعفني في جلو ما وقع وما يقع، فتجفل مني لغتي هاربة ولا أجد مقالا يليق بالمقام.
... وإني أعلم يا امرأة،
أنك تتساءلين في قرارة نفسك عن جدوى ما نقوم به، وعن قدرة الوقت على رأب هذا الصدع الذي نتأ عنوة على صفحة حياتينا مذ أجهضنا الحكاية. أنا أيضا أقف عاجزا أمام سيل الأسئلة الحارقة التي لا أجد لها أجوبة شافية.
لماذا كل هذا؟ لمن ومن في الهجر اطمأن؟ وأي قدرة خارقة يملكها النسيان ليمحو أثر خطوك على صفحة روحي؟
... وإني أعلم يا امرأة،
أن القدر لم يكن إلى جانبنا، وأنه لم يكن منصفا حين أخطأ في ترتيب الأشياء بإصرار عنكبوت، فكان توقيت اللقاء سيئا جدا، وكنت كعادتي متخلفا عن ركب قلبي، ألوك حسرتي بتفجع، وأتلهى بحساب الخسارات التي لا تنتهي.
أراك تمرقين أمامي كالحلم، تنغرسين في نياط القلب كالسهم، وعبثا أحاول الإبقاء على وهج اللحظة، فتنفجر الاستحالات بيننا كاللغم.
أراك الآن تعودين، مثلي تماما، إلى حافظة الصور، تفتشين بين الوجوه عن وجهي، عن ابتسامتي البليدة التي أخفي خلفها عجزي، عن تلك العينين اللتين خطتا ببريق نظراتهما شرارة البداية، عن المبهمات من فصول الحكاية. تبحثين عن صورة واحدة، صورة واحدة فقط لتصبي عليها جام حبك وقليل غضبك ونزرا أقل من عتاب المحبين، فربما سلمت إحداها من عدوى الحذف.
أراك بقلب ينزف، ويد ترتجف على حد قول "ماجد المهندس" في أغنيته التي لطالما أحببتها وجعلني حبي لك أحبها. أكاد أسمع صوته الأجش ومعه صوتك يسائلني " ليش من دون البشر... حبيتك؟"، فتعتور نفسي المكلومة عرامة أحزان تحوطني من كل جانب، تختنق أنفاسي كلما تذكرتك، تتوقف عقارب قلبي عن الدوران، وتجتاحني رغبة جامحة في البكاء...
... وإني أعلم يا امرأة،
أنني كائن منذور للتفجع، فكلما صرت قاب قوسين أو أدنى من القبض على قبس من شبهة سعادة، تدفعني عادتي السيئة في إفساد كل شيء جميل إلى الارتماء خارجا من دون حسابات الربح والخسارة. لا أقسى من عاشق لا يتقن لغة العشق خلال الأزمات!
تعبت من كل شيء، تعبت من عجزي الذي يقوضني، من يأسي الذي يأسرني، من لغتي التي لا تسعفني في توصيف الفراغات الجمة التي تركها رحيلك بداخلي.
ها قد غزا الشيب شعر رأسي كما تغزو ندف الثلج قمم الجبال. تعبت كثيرا، وباتت نهاية كل شيء وشيكة. ما همني الآن أن أصير حياة موقوتة، مجرد دهشة أخرى من فيض الغوامض التي تحفل بها هذه الحماقة الكبيرة النازفة المسماة "حياة".
... وإني أعلم يا امرأة،
أنك ما أتيت إلى عالمي بمحض صدفة أو إرادة منك، بل استجلبك إلي قدري المولع بإيذائي، في تواطىء مقيت مع حظي العاثر، ورماك أمامي دفعة واحدة من دون أية مقدمات. هكذا وجدت نفسي وجها لوجه، في ذلك المساء البعيد العالق بقعر ذاكرتي المفجوعة، مع إحساس موحش بالضياع تخثر تحت وطأته الوقت وانمحى لحدته كل ما انفرط من سنوات عمري الماضي.. كأنني ولدت للتو، كأنني أطلقت سراح صرختي الأولى بوجه الحياة للتو. إحساس جديد علي تماما نبت بداخلي كأي وجع نتأ فجأة من وسط العدم، ولم أستطع أن أجلوه، لكني كنت مكتوف القلب والعقل أمام ذلك الخدر الذي تسلل عبر مسامات هذا الصلصال الذي يخط هذه السطور، والتف على العضلة المترمدة الراكدة وسط صدري بعدما دك كل القلاع والحصون المنصوبة بإحكام على مداخلها.
لا أتذكر هل كنت أنا من اجترحت خطيئة النظر أولا، أم كنت أنت من بادرت إلى فعل ذلك، لا يهم. لا يهم، تحديدا في هذه اللحظة التي لن يفيد فيها التدقيق في تفاصيل الأشياء في شيء؛ فما وقع كان ليقع حتى ولو تحالفت دون وقوعه كل جيوش العالم.
لما ارتطمت نظراتي بتلك العينين الشهلاوين اللتين تنام تحت جفنيهما آلاف الألغاز المبهمة والنصال المدببة التي تصيب الرائي في مقتل، أصغيت لقلبي وخفقاته المنخطفة فما سمعت له نبضا.. كأنه قطعة من خلاء تفحمت بها الحياة.
هل حقا ولدت ساعتها أم أنني كنت من المهلكين؟ لا أدري.. ولا يؤرقني هوس معرفة ذلك حتى. المهم أنني حين أمعن في استحضار تلك اللحظة، يتجدد وجعي يا من تنكأ، في كل مرة يشاركني فيها طيفك قضم أظافر الوقت من فرط الندم، جرحي المفتوح الما اندمل.
مكتظ أنا بحنيني إليك. أقولها قبل أن يجفل مني الكلام ويولي هاربا كما تجفل الأشجار وتختفي من وراء نافذة قطار. أمشي بقلب مترب، حافيا من كل الأحاسيس التي ترمي بي وسط يأسي. أمشي أعزل إلا من ظلي الذي شاخ من كثرة البحث عن أثرك بين كل هؤلاء النساء. أمشي إليك والخوف يلوكني من مغبة إضاعة ملامحك كلما فتحت جوارير الذاكرة التي علاها الغبار وتشقق لحاؤها كمثل شجرة بحديقة مهملة.
... وإني أعلم يا امرأة,
أنك، حينها، تركتني أهوي إلى الأرض مدحورا، مضرج القلب، مهزوز الكبرياء، لتنهال علي لسعات فجيعتي كالسياط، وبإيعاز من نفسي المكلومة، تلذذت سقوطي وتناثر أشلائي المشدوخة على مذبح قلبك. رأيت نصال صدك تنغرس بكل أوصال جسدي دون هوادة. رأيت ذلك العشق الطاعن في القلب مخدوشا بين أضلعي، وضعت مني وسط عرامة تكلس الأحاسيس. رأيت يد القدر المعروقة تستلك من حياتي، فداهمتني رجفة كرجفة الموت حين يتسلل إلى الجسد طاردا الروح خارج حدوده. رأيتني مسجى على نعش يوشك أن يدلج عنه في ظلماء القبر. رأيتني أستجدي مزيدا من الصحو، ورأيت الموت يوغل مشرطه، يجتثني من الحياة ويجهض كل مشاريع العمر.
العمر قصير يا حبيبتي، يحملنا عنوة إلى نهايات ما كنا لنتفاداها حتى ولو غيرنا الطريق الذي نسلكه. العمر قصير، والقدر يحيك مصائرنا بإصرار عنكبوت، ومهما حاولنا يا حبيبتي، سنرتطم عند نهاية الطريق بما ظننا عبثا أننا خاتلناه ونصبنا له الكمائن.
العمر قصير والقدر ماكر، وأنت كنت على مرمى حجر مني لولا حظي العاثر. العمر قصير وجسر الصبر أوهى وأقصر. العمر قصير جدا، ويلزمني عمرا آخر أو أكثر..
لو فقط تعلمين ما ألم بي بعد تلك النظرة التي اعتصرت نياط قلبي. لو فقط تعلمين بأي هاوية رماني خبل الحب حين استمسك بي وأحكم قبضته علي أنا المعطوب بخيبات شتى. لو فقط تعلمين أن ذلك الرجل الغارق في هجير حبك القائظ وانكسارت ماضوية، ما كان ليتحمل اكتظاظ قلبه بحب آخر تفوق شرارته حنكته، وكأي قلب آيل للخراب، انفتحت شهية الحياة في قضمه بتفكه تام.
... وإني أعلم يا امرأة،
أن اليأس كان ينبت في قلبي رويدا رويدا، وكنت في كل مرة، حين يفدحني الحنين، ألتفت إلى الماضي الموغل في الوجع، وأتلمس طريقي إلى تلك النظرة الأولى التي التصقت بذاكرتي، وأبتني منها فيضا من أحلام وردية.. أتردد طويلا، ولسبب غامض، في نطق تلك الكلمة "أحبك".. لو فقط ما اعتقل الصمت لغتي عندما كان لتلك الكلمة جدواها. لو فقط نطقتها وما تركتها تنكمش بداخلي لتصير غصة بحلقي تنحت بداخلي، كل يوم، خنادق وأقبية تراكمت بها على مر السنين وساوسي أمام فتور قدري الذي اجتذب إلى أشداقه كل أمنياتي وطرحها جثثا هامدة.
... وإني أعلم يا امرأة،
أنك في هذه اللحظة، مثلي تماما، تنظرين إلى شاشة هاتفك، فيصفعك الصمت وكأنه يفجر بوجهك لازمة أغنية حزينة " ما من رسالة"، أرى أطراف أناملك الصغيرة التي لطالما مسدت شعري حين يضج رأسي بالاستحالات، أراها وهي تتوثب لتنقر أحرف اسمي ولتسألني في عتاب يكاد يميتني " لماذا يا حبيبي؟"، فيقف كبرياء الأنثى بداخلك حاجزا منيعا بين العقل منك والقلب، وتضغطين على الزر الجانبي محاولة إسكات تلك الرغبة الجامحة التي تحرقك، كما تحرقني، من الداخل وترمي بي وسط غموض لا يسعفني في جلو ما وقع وما يقع، فتجفل مني لغتي هاربة ولا أجد مقالا يليق بالمقام.
... وإني أعلم يا امرأة،
أنك تتساءلين في قرارة نفسك عن جدوى ما نقوم به، وعن قدرة الوقت على رأب هذا الصدع الذي نتأ عنوة على صفحة حياتينا مذ أجهضنا الحكاية. أنا أيضا أقف عاجزا أمام سيل الأسئلة الحارقة التي لا أجد لها أجوبة شافية.
لماذا كل هذا؟ لمن ومن في الهجر اطمأن؟ وأي قدرة خارقة يملكها النسيان ليمحو أثر خطوك على صفحة روحي؟
... وإني أعلم يا امرأة،
أن القدر لم يكن إلى جانبنا، وأنه لم يكن منصفا حين أخطأ في ترتيب الأشياء بإصرار عنكبوت، فكان توقيت اللقاء سيئا جدا، وكنت كعادتي متخلفا عن ركب قلبي، ألوك حسرتي بتفجع، وأتلهى بحساب الخسارات التي لا تنتهي.
أراك تمرقين أمامي كالحلم، تنغرسين في نياط القلب كالسهم، وعبثا أحاول الإبقاء على وهج اللحظة، فتنفجر الاستحالات بيننا كاللغم.
أراك الآن تعودين، مثلي تماما، إلى حافظة الصور، تفتشين بين الوجوه عن وجهي، عن ابتسامتي البليدة التي أخفي خلفها عجزي، عن تلك العينين اللتين خطتا ببريق نظراتهما شرارة البداية، عن المبهمات من فصول الحكاية. تبحثين عن صورة واحدة، صورة واحدة فقط لتصبي عليها جام حبك وقليل غضبك ونزرا أقل من عتاب المحبين، فربما سلمت إحداها من عدوى الحذف.
أراك بقلب ينزف، ويد ترتجف على حد قول "ماجد المهندس" في أغنيته التي لطالما أحببتها وجعلني حبي لك أحبها. أكاد أسمع صوته الأجش ومعه صوتك يسائلني " ليش من دون البشر... حبيتك؟"، فتعتور نفسي المكلومة عرامة أحزان تحوطني من كل جانب، تختنق أنفاسي كلما تذكرتك، تتوقف عقارب قلبي عن الدوران، وتجتاحني رغبة جامحة في البكاء...
... وإني أعلم يا امرأة،
أنني كائن منذور للتفجع، فكلما صرت قاب قوسين أو أدنى من القبض على قبس من شبهة سعادة، تدفعني عادتي السيئة في إفساد كل شيء جميل إلى الارتماء خارجا من دون حسابات الربح والخسارة. لا أقسى من عاشق لا يتقن لغة العشق خلال الأزمات!
تعبت من كل شيء، تعبت من عجزي الذي يقوضني، من يأسي الذي يأسرني، من لغتي التي لا تسعفني في توصيف الفراغات الجمة التي تركها رحيلك بداخلي.
ها قد غزا الشيب شعر رأسي كما تغزو ندف الثلج قمم الجبال. تعبت كثيرا، وباتت نهاية كل شيء وشيكة. ما همني الآن أن أصير حياة موقوتة، مجرد دهشة أخرى من فيض الغوامض التي تحفل بها هذه الحماقة الكبيرة النازفة المسماة "حياة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق