الجمعة، 1 مايو 2020

صرخة هابيل // بقلم الشاعر : عبد الحسين الشيخ علي // العراق

صرخة هابيل / عبد الحسين الشيخ علي
يا ماكثين خلف الدهور
هيا هلموا كي نقيم المأتم والعزاء
على المخضب بالدماء
ولم يُقم على جثمانه
نوح أو بكاء
هابيل يصرخ من بعيد
مكثت دهورُ بِخُلْفِهِم
هم خلفها تبعَ الدهور
شــجَّ الرؤوس مواسمٌ قطع الزهورِ
من كلِّ ناصيةٍ تطيرُ ذات الرقاب
من النحــورِ
أسراب تاريخٍ ٍ مزوَّر
بين أجنحة الطيورِ
من خلف أسوار الزمان
صرخة تدوي
قد شربت الموت
من كأس زؤام
فتثاءب الموت في أحشائي
ناعي القــبورِ
ميلاد أول نوح ونحيب
ينفض ظلي
كما يَنفضٌ الصيف الشتاء
وكما تَخرفٌ الأوراق مصفرة
فتذروها الرياح
قابيل يرزح في قلب الضياع
كيف يخفي سوءتي
ويستريح
قتلَ الغرابُ أخا له ؟ كي يَـدفنــه
ما أجهل الإنسان بل ما أعـفـنـــه
فانثال من بين يديه دمي الطهور
فتهجد الدمع بصدري مثل ريح
فزعت كإعصار تضوع من أضلع متهشمات
على البسيطة ازفرٌ كلما تقتل نفس
وأصيح
حتى تقام مأتما لنهايتي
ويخمد بكائكم نواح صمتي
وكل أنين يضج في أشداقكم
سيعيد لجثماني بريقه
يا غافلون عبر الزمان وفي المدى
يا خائفون من الموت الحقيقة
كم سار قبلكم أفواج أنام
والضحكات في أشداقهم ملء الصدى
غابوا في غيهب الذكرى
في لحظة صعبت عليه فيها
ليبلع ريقه
والمثكلات
يزف من قلوبهن دمع ونحيب
والمرأة التي كانت تلف زوجها يوما
في فرح وطيب
تلك الذراعين احتضان اللحد فيها
أي دفئ فيهما لدمتْ على خدِّ الترابِ
دموعها أهات ريح آسفات
وكأن شاهد قبره حيا و مات
تطلق الآلام من لظى ونار
وصداه يرجع
بلا جواب أو قرار
كان كل شيء فيه صار إلى فرار
.. وأمه التي بدت مثل عرجون قديم
تلمس كل حين بطنها
والدمع يرشح بانصهار
وأنيسها شجن ونوح
ليتك في جوفي بقيت ألف ألف عام
تلعب حينا وحينا تنام
... هابيل عاد يهتف من بعيد
هيا تقزموا كل عيد
لا تتركوا الدمع يجف
ونوحوا من جديد
فمركب الدنيا في زحام
في كل لحظة يقذف الأجساد
في لجج وتيه
وفي القبور موعد للغائبين
فمصير كل نفس هو قبر
وحجار وظلام
هو الظلام
هنا الديدان يبن ادم
تعتصر أجوافها
يزبد من فيها الرغام
ومن بعيد من بعيد
يعطر شذاك أنوفها
لحمك والعظام
وعاد هابيل يصرخ في بكاء
وبرأسه الذي يشخب دما
ما زال يقطر عبر أزمان توالت وعصور
ناحبا عبر الدهور
شاكيا لله موتا مستضام
يا رب خذ لي بثأري
إن عينك لا تنام ....

هناك 5 تعليقات:

  1. اجمل ما قرأت للشاعر ...دوام الرقي والابداع

    ردحذف
    الردود
    1. أزال المؤلف هذا التعليق.

      حذف
    2. شكرا جزيلا الشاعر المبدع على المتابعة مع خالص تحياتي

      حذف
  2. الاخ الشاعر كامل الزهيري

    ردحذف
  3. تحياتي لك الشاعر والكاتب عبد الحسين الشيخ علي

    ردحذف