الجمعة، 1 مايو 2020

المرثية الرابعة والأربعون // بقلم الشاعر : عبد الزهرة خالد // العراق



المرثية الرابعة والأربعون
——————————
من كلّ عامٍ
قبل أن ينتهي نيسان بليلة
تُمارسُ غربتي طقوساً
لا أحدٌ يقوى عليها غيري
ولا ترتقي إلى محرابها إلا ابتهالاتي..
إنّهُ هلالٌ تدلى من السّماءِ
إلى أرضِ حشاشتي
عليّ ترتيبُ القرابينَ جسورا للرثاء..
لم يكن يومي غريباً … يبدو أنه
كباقي الأحزانِ
تؤذن فيه قصائدي
حيّ على الدموع ،
المآذنُ يقتلها التكرار ..
قبل أن أعلّمَ الأحفادَ الصلواتِ
يسألوني عن صورتكَ ..
قالوا …
تجاوبنا يا [ جدو ]…
بنفسِ الأنّةِ ونفسِ الركوع ..
جبار* … نمْ قريرَ العين
لقد علمّت أجيالًا
حكايةَ احتراقِ القمر
لن تنساكَ النجومُ المثخنةُ بالغروب …
جبار…
عشتَ في بالي بلا موت
ولم تستغرب الشهبُ المكفهرة
عندما تسقط الثريا في حلزونِ الأحزان ..
أيقنتُ أنّكَ أحييت المشاعرَ
بلا نومٍ
تتفجرُ الينابيعُ شلالاتٍ من نحيب…
تدبّ علانيةً …
بين الضلوع
لتديم سريرةَ الأشجان ،
على لساني اسمُكَ يلهو
ويلعبُ … ملكٌ من مماليك الطفولةِ
رغم أن الشاهدةَ أمست خرساء
نشفَ ريقها في صباحاتِ النّجف
من نطقِ حروفكَ الأربعة ..
لا يهمني إن طالَ أو قصرَ عمري
أنا قارورةٌ فارغةٌ
لا أشكو مغصَ الفراغ
طالما العطر لك ،
لا تعْنيني مكائدُ الزمان
ولا فداحةُ المكان
عيناي تتابعان حديثَ القدر ِ
عن كثبٍ فهو فزعٌ بلا خوفٍ ،
طوبى لمنْ أسرى بكَ
إلى الأرواحِ التي تضجُّ بزغبِ الخلودِ
أنتَ واسعٌ ترافقُ عُشبَ الجنان
بينما ينتابني الضيقُ في السعي
وراء الموتِ ، لأنه فيك وإليك
وعندك يختنق الصوت ..
الشوقُ من طرفٍ واحد
يحثُ عادةً على القدومِ
ما أحصدُ منك إلا حنطةَ الفراق ..
مسكينةٌ روحي ، غريبةٌ ،
لا لها غير الحنين
مفاتيحُ السكوتِ
أحيانا قاسيةٌ في فتحِ أبواب الألم ،
كانت رغبتي الذهاب إلى هناك
قد يعيقُ الوصولَ إكمالُ الجواز
وتعثّرُ المجيءَ خطوطُ الكفِ ..
ما بقي عندي
غير أنفاسي تنفثُ ترتيلةَ المواساة ،
تحجرت ضحكاتي باتت سرادقاً للتمني
أقولُ عند الشدائد
ماذا لو كبرنا سويةً
لأصبحتَ لي عموداً عند التعب
أو قاموساً لأجدَ فيكَ أبجديةَ الفرح ،
بسمتي جرحٌ لا يبكي
بل غناء المقابرِ ثواب
عندما يثقبُ صدركَ الدهرُ ..
لم يعد لي أخوةٌ في الدنيا
الوقتُ الكاذبُ ينقّطُ فيّ
ثم في اليمِ رماني ،
أنا بانتظارِ سيارتك
أو قطعةٍ من قميصك
كي أرتد بصيراً وأكتبُ لكَ أجملَ وصية ،
تباً لحادثٍ لم يذهب أثره
تقوّسَ ظهري …
احدودب قلبي ، وحظي لم يستقم ..
…………………………………
عبدالزهرة خالد
البصرة / ٢٩-٤-٢٠

*جبار // أخي المرحلة الثالثة كلية الزراعة جامعة بغداد توفي في حادث سير على طريق بغداد -ميسان في ليلة ٢٩-٤-١٩٧٦ .
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق