الجمعة، 8 يناير 2016

نص / قراءات في دفتر الجنون 80 / الأديب عباس باني المالكي / العراق



قراءات في دفتر الجنون ....80
( دواء النسيان)

رسمتك بخيال الأولين كي تأتيني بنبوءة الذين تاهوا بعشقهم عندما لم يجدوا دواء النسيان
وصارت الأيام عواصف وجع الذاكرة ...
انتظروا طويلا في ذاكرة الأيام كي تمسح عن روحهم أحراش السنين الذاهبة إلى الزوال
، فلم يجدوا إلا معاطف الأيام تذبل بساتين أرواحهم ، فلا هم استطاعوا أن يطيبوا ولا استطاعوا أن ينسوا ...
فصاروا كهنة في معابد النسيان ارتدوا ثياب الوجع والانكسار، ويحملون صخرة سيزيف بعد أن تاهوا عن أسمائهم بأنطفأ كل النجوم على وسائد أرقهم ...
لم يعدوا يمتلكون إلا أجنحة لا تعرف زرقة السماء في وطن صلاة أمانيهم ..
قد ضاع منهم ميزان العمر المستديم بالجمال والسلام ، ولم يعودوا يتلمسون أضلاعهم إلا برغبة الرماد الموزع في معابدهم عندما يشعلون شموع الندم ، كي يأتي طائر الحلم من خيال المرايا عندما يسألونها عن روح سكنتهم ، وقد فرقتهم الخيام بظلال سقطت أول النهار على جرحهم النازف بزمن التوبة ....
الدفء غادرهم بحنين الضياء بعد أن جاء برد ليل الشتاء الطويل ،وضاعت محطات الانتظار بتعاويذهم الموسومة بعودة الزمن إلى الوراء من أجل اللقاء والبداية ...
لا شيء يبشرهم بعودة القادم وقد فات الوقت فات ....
ولم يعد يمر عليهم إلا ماء البحر يرميهم بالعطش كي يتفرجون على موتهم وهم ينتزعون سفن الإبحار من أضلاعهم ..
فبنوا جزر صمتهم من الريح وخرائب البحر، عندما يغادر باتجاه النهايات المستكينة بالفوضى الحادة لخيم الفراغ ...
لم تعد هناك شفاه تنشد ترتيل الفراشات من أزهار دم الحدائق التي مررنا بها لنغسل أحلام المقاهي العامرة بدخان أنفاسنا ...
ولم نعد نتلمس الماء العذب في العلب المغلفة بضحكاتنا ...
ولم نعد نتحسس إلا جرح الخيبة الأخيرة من درجة تكورنا حول خسارتنا الأبدية
فقد افترقنا ..قد افترقنا نحمل صخرة سيزيف إلى جبال افتراقنا الأبدي ..الأبدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق