الطبيعة في شعـر
كه زال إبراهيم
نقد : الدكتور
صاحب خليل إبراهيم
الممارسة الشعـريــة لشاعـرتنـا كه زال لهــا
أفـق رؤيوي جمالي تنضوي فيه شاعرتنا وممارساتها ، متضمنــة بما يمت بصلـة حـميمـة بواقعـها الكوني ،وممارستهـا
إلى الطبيعـة، ترتمـي بأحضانهـا وتعـبدهـا بشكــل لا يصدق و منقطع النظير، وهي ذات
ذائقة خاصة بها، تستنطقها بوعيها , وتـغـوص في بواطنها .
وتستنطقها فتكون قصائدها بموجبها ، لها مدلولات
قيمية وجمالية، فتحتدم عندها المشاعـر.
إن الوعي الجمالي يتجلى عندها بعناصر الطبيعة ،فتنتقل من مقطع شعري إلى آخر
بصدق وطواعية ،تحتشد فيها الموضوعات ،الواحدة يأخذ بأعناق الثانية , ولعبة الألوان
تنشئها هي الأخرى حتى تكون قطعة من إحساسها
بما تمتلكه من تمازج لوني طبيعي لا ينفصل عـنهـا وعـن الطبيعـة بحلوها ومرّها وبلا
مواربة ، وتتحد بها كأنها جزء منها فهي (ثيمة)أساس في كل أعمالها الشعـريــة فهي والطبيعـة
شيء واحـد يتكرر فـي قصائـدهـا التــي قرأتها.
فالقـلـب سحائـب محبـة ، والقـمـر يعـرض نفسه بعـد تـلك السحب ، والقمـر
المضيء وسط السحاب ويصبـح تارة رعـوداً وعـواصف هوجاً ، ويتحول بعدها إلى زهرة بريـة جميلـة كشعاع الشمس
المشرقــة في دلال ،وتارة تصبح باقة نرجس ربيعـية
وفراشات جميلة تتساقط مع نث المطر.
هذا التمازج يجعل المتناقضات واقعاً جميلاً بصورهِ الشعـرية الجميلـة ذات دلالات
طبيعة تتلون بألوان زاهية , بعـوالمها المتغـيرة. وحينما
الطفولة تصبح عشقاً تصير سنبلة لتشابه الحبيب في ليل ، يمتص زرقــة السماء ، وأغـرودة
العـصافيــر المتعـبـة , تلك القصيدة التي تحمل
متناقضات الطبيعـة بتقلباتها :
لقد غدا صدري نبعـاً
رائعاً
يمتص ابيضاض روحك
غدا صدري انبلاج
فجر
ومن جمالك
تتلألأ النجوم
وتحتضن لونَ السماء
إن الحياة قاسية بأبعادها كلها، بيْدَ أن الشاعـرة تعكس تلك الانكسارات في قصائدها
لتعبِّر عـن حالتها إلى استقرارها بتصارع الطبيعة التي ترى فيها كل شيء ، وقـد ترى
نفسهـا ووجودهـا لتبقى شاخصةً حيةً تصارع الفناء
بقوة وشدة ، فتنتقـل
من مصارعاتهـا إلي صراع الطبيعة ، فـتـلك إشارات واضحة صارخـة تشير إليهـا عَـبْـر
المفارقـات التي تطرحهــا في شعـرها متداخلة تداخلاً جميلاً يعبِّر عـن خلجاتهـا في
تحرٍّ جميـل يساعـد على نمو قصائـدهـا نمواً طبيعـيـاً ينماز بتـلقائيـة ؛ وإن كانت
مأزومـة بالانكسارات والخيبات التي تحلم أن تعـود إليها بما مضى من حياتهـا بقـدرة
تعـبيـرية معبِّرة عن صلابتهـا وقوتهـا.
ومن هذا الانغلاق الخاص ، تخلص إلي العام ، حيث تـتجلـى فيهـا أجــواء خاصة
لتخرج بها إلي العام وهو إحساس بالاغـتراب
بنبض شعـري يحدد ملامح الشكل والمضمون , يضيء تساؤلاتها التي غـلفـتها بطريقة شفافة
عذبة ، توحي للمتلقي بصدقها ،فهي تتماهى في:
القمر، والمطر،والليل،والطبيعة،بأجملها
، وتخلص من العام إلى الخاص.
فالشاعـرة متمكنـة من قصائدهـا .. وإن بدت عـلى نمـط واحـد ، لاتحـيـد عنه ،
ولاتخرج عليه،فالمتلقي يشعـر بهذا.عند قراءة قصيدتين لها وحين تتماهي في شعـرها يدركـه
المتلقي.
وتصبح المتضادات في شعـرها كثيرة وقل (المفارقات) ففي قصيدة لها:
هل رأيت عاشقين
شاردين قد تخاصما
شجرة ما
ونظرة متأملة
قال لي قلب أندا
ء شجرة ما
هل رأيت بين عاشقين
الجرح والسكين
,
الشعـر , والبندقية
طالما كانت الحياة متناقصة بخيرها وشرها ،هكذا
يكون حال الشعـر يجمع المفارقات الحادة، إن استنطاق شعرهايحيلنا إلي مفردات متناغمة
تنطبق بتناقضات الطيعــة ما هي إلا استـدعاء لعـودة الماضي المنصرم لاستعـادة ذاتها
المتألقة يوما ما ، وهي ما تعـبِّر عنها عـبْر تراكمات الزمن من خلال التمسك بتلابيب
الحياة الماضيـة بانشغالاتهـا في تحديد هويتهـا في التجلى والإبداع الحاضر مجسدة الماضي
بما فيه من تناقض وجداني.
وتقول في قصيـدة أخرى ترجمـة (جيهان عمر)
: إنها تعـبر عـن الفرصة التي كانت بأيـدي
النساء الجميلات اللاتي لعـبن بالنار وأي نار، وهـي نـار جهنم وجدن رمادا للذكرى ،
فأي صـورة هـذه التـي رسمتهـا هـي صـورة مرعـبــة لنا وللحياة ولهن " بنات جنسها
"وما كان لها أن تتطرق لها. ولكنه واقع لامحيص عـنه, ولا يمكن التخلص منه ،هي
أفقها الخاص الذي تنبئنا عنـه ، ولكنهـا صورة أليمة تتدافع بأعماقهـا ، ولكنهـا باحت
بهـا بالمآسى والتشظي والاحتراق ربما كان هذا الخوف من الوقوع في النار والاحتراق والتحول
إلي رماد وهذا النوع هو انكفاء على الذات وممارسات لامعـقولة تكشف عن معـان مبهمــة
، فهـي أسست لاستحـضار صــورة الحـريــــق
والانشداد إليه .
وأخيرا ...في ظل
هذا الاحتدام الوجداني تتألق شاعـرتنـا كـه زال إبــراهيم فلها التوفيق ، والتوفيق
كله ،مع محبتي ؟؟؟
. . . . . . . . .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق