الجمعة، 23 سبتمبر 2016

الاستاذ صالح هشام // يكتب من المغرب // ابعث من تحت رماد الرماد // سردية شعرية

[ ابعث من تحت رماد الرماد]
[بقلم الاستاذ : صالح هشام ]
من تحت رماد العنقاء ستبعث يا ولدي !
من رحم البؤس ستتفتق كالورود ، وستورق كالامل ، ويجتاح المدى جمال براءتك، بركانك سيحرر حممه ، سيقتحم ضمائرهم الميتة في خلواتهم ، يتوخى تنهيدة حسرة وأسف من قلوبهم المتحجرة ، مستحاثة قديمة قذف بها العصر الحجري في حجر هذا الواقع المتخم بمآسي الضعفاء المتخن بجراح الأبرياء !
براءتك سيف مسلول مسلط على رقابهم ، تعري عوراتهم، عورات الجبناء و خونة القيم الإنسانية ، لصوص مصائر الصبية ، سراق البسمة الرائعة على شفاه بريئة ، اغتيلت فيها زهور الطفولة !
من تنادي يا ولدي ؟ ربما لا تدري أن الأسماع صمت تماما ، وأصبح يصلها فقط كدحرجة جلاميد الصخور التي تهوي من أعالي الجبال ،بكاؤك يصلهم كقعقعة الرعد ونظراتك المتوجسة الخائفة كلمعان البرق الأزرق !
صغيري أنت شوكة في خاصرة جناة الليل / زناة التاريخ ، نظراتك تعري عوراتهم لأشباح التاريخ و لأطياف الماضي القادمة من صحراء النخوة والكرم الحاتمي والعزة الكلثومية والشجاعة العنترية !
لكن يا ولدي : نفوسهم لا تعدو أن تكون مثل الكير القديم المثقوب الذي يضيع هواؤه في الفراغ في كل نفخة و نفخة ! 
انت يا ولدي ضحية عباد الكراسي النخرة المتهالكة المنهدة على رؤوس أصحابها في زمن العهر السياسي ، الذي سادت فيه الأنانية وأحكمت السادية المتوحشة سيطرتها على أصحاب القرار ، هؤلاء الذين اغتصبوا منك غفوة حلم بكسرة خبز جاف وجرعة ماء، ودغدغة حنان مفقود من أب مغتال وام أنهد البيت فوق رأسها فلم تسعفها ظروفها إحاطتك بالدراع وبالقبلة على الجبين !
شيئوك يا ولدي ، ربما لم تعد تساوي ظفرا من أظفار كلاب هؤلاء الكلاب ، الذين أعدموا الإنسانية على مقصلة الظلم والتعسف ، وامتصاص ،دماء الأبرياء إلى آخر قطرة ، ماذا يساوي هذا الكرسي ،أمام هذه النظرات التائهة الحائرة ، لكن الحمير عندما تدخل حلبة الصراع لاتأخذ في حسبانها أبدا ما سيصيب الهشيم تحت حوافرها من دمار وفتك ، فرضت عليك قلوب متحجرة التشرد ، والجوع وكنت ضحية للضياع بل للضباع ، ضباع السياسة وسماسرة الأحلام الوردية !
لك الله يا ولدي من قبل ومن بعد !
لكن لا عليك ستفرج إن شاء الله عندما يستيقظ الضمير العالمي المشلول ، الذي أصبح يتخذك درعا بشريا لمقاومة مخاوفه وتبرير هزائمه ، مخك يا ولدي يزن مخاخ هؤلاء اللصوص عشرات المرات ، فمن حقك أن ترفع رأسك عاليا لأن بطنك خالية من أي عجين ، لهذا كن على يقين ولدي أن هذه النظرات تمتص منهم ماء الوجه وتفضحهم ، ولكن من لا يستحيي لا يتأثر بشيء ، لأنه شل فيه الإحساس ، فأصبح مسلوب الإرادة ، لا يستطيع فعل شيء !
سيبزغ الفجر يوما ياولدي !
ستشرق شمس الحرية !
ستعود المياه الجامحة إلى سريرها ،وتزهر أشجار اللوز ، والبرقوق !
،ستعود طيور السنونو لتحتفل بمقدم ربيع الحرية !
ستأكل فواكه بلادك ملء الفم يا ولدي !
لكن ولدي شيء واحد يحز في نفسي هو أنك لم تمارس طفولتك لم تقبل لعبتك ، لم تتشبه بأبيك يروي شجيرات التين دوالي العنب ، شخت وأنت صبي : 
وردة ذبلت قبل أن تتفتح ، وتحملت ما عجز عنه الكبار ،لكنك يا ولدي تخلط الأوراق الآن، بإصرارك يا ولدي سيغرد الشحرور على قمم أشجار السرو والصفصاف أغنية الحرية ، ويربت النسيم العليل على رؤوس اشجار الدفلى !
سيراقص سيقان نبات السمار يعيد نضارته !
ستتابع الضفادع شغب التزاوج والتناسل !
ستحتفي بك الحياة يا ولدي !
لأنك ستعيد ترتيب الأوراق ، وتمتطي صهوةالحياة ،فهذه نظرة حياة وأمل ،وفقك الله يا ولدي وسدد خطاك ، وأتمنى أن لا تخذلني هذه السين البلهاء المجنونة ،لانها مدمرة أحلام !!
صالح هشام / المغرب 
الخميس ١٤~٧~٢٠١٦

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق