الاثنين، 26 سبتمبر 2016

ملف خاص بموسوعة المبدعين العرب والانسانية جمعاء // للاديب المبدع // محمد شنيشل فرع الربيعي // العراق

لمحة موجزة
................ مؤرخ الموسوعة جاسم آل حمد الجياشي
ألاديب محمد شنيشل فرع الربيعي . ليس كأي مبدع . هو متفردٌ ومميزٌ حتى بين المبدعين انفسهم فبالاضافة
لابداعه الشعري والنقدي نجده محدثا مبتكرا عمل على أحياء منطقة في الادب العربي قد طالها الموت والجمود بل
حتى باتت تلك المنطقة تشكل عبئا على النص الشعري العربي فغدت تشتيتا للقاريء .ألا وهي منطقة الهامش مما حدا بهذا المبدع وبلحظة بارقة مشعة القيام ببحثا موسعا خلاقا استطاع من خلاله أستحداث أسلوبا رائعا جميلا اطلق عليه
تسمية ( نثر الهامش ) تناوله الكثير من الشعراء وكتبوا نصوصا كثيرة فيه مما جعله واقعا ادبيا ملموسا لما له من مقومات البقاء والاستمرار. ليضعه بمصاف المبدعين المتفردين والمميزين في سفر أدبنا العربي ويزيده اشراقا
 .. ملاحظة.. تم نشر عرض موجز للاديب محمد شنيشل فرع الربيعي في نهاية الملف عن ( نثر الهامش) .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




محمد شنيشل فرع الربيعي
بغداد  ــ 1964 
خريج معهد المعلمين المركزي  .
خريج كلية التربية ــ قسم اللغة العربية  .
عضو إتحاد الصحفيين العراقيين .
له من الكتب .
1ــ مثاقفة النص لوجيا علي عيدان عبد الله (تحت الطبع.)
2ــ (الحدُ ــ ثوية) ودور العرب الريادي في الحداثة والمعاصرة (تحت الطبع).
3 ــ مصطلح النقدية بين الهامش والمركز ، دراسات في نصوص نثرية .
الدراسات والبحوث .
1ــ دراسة سمائية موسومة بـ (نثر الهامش) أو ضد النص الموازي.
2ــ دراسة بحثية موسومة بـ (النص المنزلق) أو ضد التناص .
3ــ سلسلة مقالات موسومة بـ (حواضر في فلسفة النص.)
4ــ مقالات منشورة في الصحف العراقية قي المجالين التربوي والأدبي .
5ــ بحث (تربوي ــ تعليمي ) موسوم بـ (الغناء وأثرة في سرعة التعلم ، للصفوف الثلاثة الأولى) براءةُ نهرْ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حَالِكٌ صباحُ النهرِ ، خزانةُ المَنفى صُورُ نهشُ بها كلّ عامٍ على الطريقْ ، أنتَ في بطنِكَ تَجترُ إنبعاجَ الإرتواءْ , الماءُ سائغٌ شرابُهُ ليلاً، الماءُ تَتقاسمهُ بطونُ حياتٍ في نهارِ حدودِ إمتثالِ العطشِ على خرائِبِ بابلْ .


                              ×××

                  كُنا نُنَادي العطشَ العطشْ .

                               ×××

 إحتجَ بائعُ الماءِ على خَضخضةِ سنامِ صاحبهِ الميتِ جوارَ خيبةِ نصفِ النصفِ من سُكَّرَةٍ مُمَلحةٍ بالسوادِ، لا بابَ لمشهدِ الأحياء ِ بعدَما خَسِرَ قارونَ في (الروليتِ) آخرَ جيبٍ في عقلهِ ، تحولَ قبضةً من هواءٍ وكشكولَ حكايةْ .

                            ×××


النهرُ في عهدةِ الجزرِ والمدِ  ، قالَ لي أحدُ الماشينَ : لا تكلمهُ ، إرمِ عليهِ لعائِنَ عادٍ وثمودْ, أكتبْ ، النهرُ خائنٌ  ، الكُتُبُ كوفيةْ الأختامْ!
 مررتُ قريباً منهُ ،وجدتُهُ ينشُجُ ، أحقاً أنتَ قاتلْ ! ؟
تعجبَ من سُؤالي , أشاحَ بوجهِ الموجَ ، دارَ الأفقُ ، واستدارَ يلتقطُ بنظراتهِ الأجسادْ.
                             

                                ×××

بيتُ الله يذبحُ خِرافَهُ ، الأمواتُ حصةُ الملائكةِ والأحياءُ حصةُ الشيطانْ ، مَنْ قالَ أشهد أنَ لا الهَ إلا العقلَ لا يَرى خرائطَ الموتَى معلقةً في  قفاهْ ،  لم يرَ الجاذبيةَ أصلاً تُذِبحُ على حَجرٍ ، ويداهُ لمْ تَترِبا .


                               ×××     

أتيتُ النهرَ من كل جهاتِهِ , اطلتُ النظرَ, فراسخَ من قوائمِ جيادٍ كانت ضميراً للرِكابْ ، تفحصتُ أماكنَ الصَرعى , حاورتُهُ عن (قربة ماء) خرقتْها سهامٌ الأعرابْ، أجابَني : فتشْ في المكانْ ، من ضِفَتيَ مَلأتُ لهُ فُراتينِ واودَعتُهُ سَلاماً , لكنَهُ لم يصلْ ، احتفظتُ برايتهِ ، وسمْتُ المكانَ مُهْراً لطولهِ، فتحتُ الضِفتينِ ملاذاً ، أجريتُ مُويجاتي تحتَ قدميهِ ، أتعرفُ قربَتَهُ يزاورُها ذاتَ اليمينُ شمساً وذاتَ الشمالِ قمرا، لمَ لمْ تسلْ عن كفيهِ ، ونخلةِ إبنِ الطُفيلْ ؟


                             ×××
لا شيءَ ساقطٌ في القرارِ إلا أنا والقرارَ ، وحصالةً بنصفِ شاربِ مراهقٍ ، ونصفِ عباءةٍ جنوبيةٍ تتعطرُ بـ (عكة) سمنٍ ، وسوادٍ سُومري،وهبتهُ بلادُ الموتِ لمآتِمنا .

                            ×××

 بعتُ لهُ ظلينِ ، واحدٌ لي والآخرُ ظِلُ مَطيتي البلهاءَ في سوقِ  عُكاضٍ ، نقرأُ الشعرَ أراجيزاً ، فتصفقُ بظلِها المهتوكِ من أجلِ باقةِ برسيمٍ ناضجةٍ كهذا الفِكرْ .

                            ×××

 إنْ أنكرَ الاصواتِ صوتُ يعودُ لتبادلِ الأدوارْ ...


                          ×××

لَمْ أرَ دليلَ ادانةٍ ، وإنما وجدتُ قيوداُ على ضفتيهِ , ومعصمينِ مكَبلينِ ، فأيقنتُ أنَ النهرَ المتهمَ ، كان سجيناً عندَ والي الكوفةْ , وعلى صدرهِ رقعةٌ كُتبَ عليها :

( يحاصرُ النهرُ ، والقاروةُ , وتُرسمُ ضحكةَ هِندٍ عَلى الضفتينْ !


                          ×××

حُوصِر النهرُ بالجنودِ ، توزعتْ المهامُ على  السيفِ ، الرمحِ ، الجوادِ ، القيودْ .
كانَ باستطاعتهِ أن يعملَ شيئاً قبلَ قيدهِ ,  يتحولُ الى ملحٍ أُجاجْ ,  يقذفُ بحمولتهِ مَداً صوبَ الجيشِ ، يحدثُ فيهم رعباً , يصرخُ متى آثرْتَ سرابَ مُلكِ الري على دمي ؟
الفراتُ  يزأرُ ، لأنَ أزقةِ الكوفةِ لم تُكسَ بماءِ الوجوهِ إلا فضائحاً  تشوي أرصفةَ الماءْ, والقمرُ يُفكرُ على خطرينِ أيسقي العطاشى  بفكِ حصارِ النهرِ، أمْ الرقعةَ النكراءَ بيعةُ أدلجةِ الأشياءِ في اللاشيءْ .
استأذنَ سيدَهُ ، والنهرُ بالإنتظارْ .
محمد شنيشل فرع الربيعي

نهايةُ المطرْ . سردية تعبيرية
فتحتْ سلطانةُ الليلِ أزرارَ اكمامِها وريقةٌ وريقةْ، لفراشةٍ أضلتْ طريقَ مساءٍ باردٍ كثيفِ الظلمةِ والمطرْ ، منحتها السلطانةُ أذنَ الدخولِ، لبابِ قداحةٍ ناعسةٍ أطلتْ على وجهِ السماءِ الماطرةِ  وظلِ ورقةٍ معطرةْ ، وضحكةٍ تشرئبُ قبلَ نومٍ لا يخلو من أرقٍ باردٍ يعلو بسمةَ نحلةٍ تُراقبُ المشهدَ وهي تسترقُ التفسيرَ من إيماءة الجناحينِ والشعرتينِ أعلى رأسِ الفرشةِ على مقربةٍ من زنبقةٍ تضللُها شجرةُ تينٍ تقطرُ معَ حباتِ المطرِ عسلاً لنحيلاتِ الفجرِ وتحتها نعناعةٌ أفترشتِ الأخضرَ لقطةٍ نائمةٍ وصغارِها تحتَ رذاذٍ مس شارِبيها خلسةَ حضورِ الفجرِ مبتلاً بالندى وأوراقُ الأشجارِ الماطرةِ تتوارى في زحمةِ ضبابٍ يُغطي مساحةَ الرؤيا المقررةَ في دائرةِ الأنواء الجويةِ التي تُبين مَدى رؤيةَ العرباتِ على الطرقاتِ في دورانِ عجلاتِ الدراجةِ الهوائيةِ وهي تعملُ نافورةَ تدفعُ ماءَ الشوارعِ الى أعلى مظلةِ الدَراجِ متسابقاً مع المطرِ في إنهمارهِ على كل سقوفِ أبنيةِ القرميدِ والطرقاتِ البائنةِ في ثوبِ الصقيعِ المتسكعِ في فضاءاتِ اللهِ وهو يُصلّبُ الماء ثلجاً  بمضربِ كراتهِ مراكزَ ضعفَ الزجاجِ، فتعزفُ العصافيرُ بهزِ ريشِها على سياطِ الظلامِ زقزقةُ البَرَدِ الشفافِ محدثةً أصواتاً متفاوتةً على سنطورِ البابِ الذي خُيل لصغيري هارعاً أنه يُطرقُ بكفِ ضيفٍ دفعهُ المطرُ ، مما تضطرُ بردةٌ أنْ تُظهرَ مزاجاً ثقيلاً على راسهِ الصغيرِ فيأذنَ للمواقدُ أن تهاجم الرطوبةِ وأن تُغادرَ الغرفاتِ في حضورٍ سيُبخرُ حزنَ البلابلِ على ريشِها الموسومِ بالمطرِ والندى شبحٌ يفرُ من جوفِ الغرفةِ قلوباً  تَجفُ من رمضاءِ طينِها الأولُ ، فيختالُ الضوءُ ضاحكاً على سرعةِ الصوتِ وسرعانَ ما تلتقطُ عدسةُ الأنظارِ صورةً لألوانٍ من الطيفِ في إفقٍ بعيدٍ يتشكلُ بروازاً معلناً نهايةَ المطرْ .
                    محمد شنيشل فرع الربيعي

السفينة .
                          
1.....
لم اقطبْ
 حَاجبي الطريقِ
 بمنقارِ قبرةٍ
لان آخرِ المرايا هواءٌ جافْ ...
وآخرِ التيهِ بحرٌ...
لمْ أخطْ ملجأ الايتامِ بصغائرِ جرادٍ فقدَ عذريتهُ
لأن قفا المدينةِ نتفٌ من وجهِها الدارسْ
وآخرِ الأجنحةِ المتكسرةِ عباءةٌ لإسطبلِ الحياةِ
أَلِمُ بها هبوطي المستمرْ 
2.....   
  
 هويتي
مزارُ طيرٍ يسفُ الطُرقَ الى كلِ المشانقْ ...
إسمي
بلدُ التبضعِ من الاجسادْ


3.......

منْ يشتري شهادَتي الجامعية ْ
بزورقٍ يُخيرني بين الموتِ وغسلِ الصحونْ
ومليونَ برميلِ نفطٍ حصتي
 بجوازِ سفرٍ
يُؤبنُ جسدي في البحرِ الذي عادَ يحاربَ موسى 
من يشتري
ألفَ نخلةٍ
تُسقى من عيونِ اللهِ الباكياتِ ملحاً...
بكسرةِ رغيفٍ لقطةٍ جائعةْ
منْ يشتري 
نهرانِ موتٍ
مَسَهُمَا ضرُّ  مسخٍ ...
مقابلَ أنْ تطلقَ صوتي للبكاءْ
  
4......

 طارده دعاء غبش الندى ... 
الصلاة في الليل
تذوبُ في عشرٍ من البنانِ مشرعاتْ 
ياللهُ .........أهذهِ قيامةٌ واضرحةٌ عرجاءْ... 
وتلكَ ينابيعٌ
للصلاةِ على  ضفافِ ضبابِ الحكايةْ
على سجادةِ مطرٍ يُولدُ الحمامْ


5......

أما يُرضيكَ مشهدَ قرابينَ المرايا 
تضوعُ في بصمةِ الارتدادْ
حزنٌ موميايءٍ يأتي من صوتِ نايٍ بعيدٍ...
أبعدُ من اللاشيءْ
هو اللا شيءْ
إقتصَّ أثرهُ قبلَ أنْ يستردْ فكرتَهُ الأولى
إعتصمَ بينَ نخلةٍ تُجلدُ بسوطِ ماءٍ
 ونهرينِ في نصفِ القيامةِ
ينتظرُ السفينةْ  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 فلسفة الذات ، بين الموت وعقلنة النفس
في ديوان (جريمة العصيان)
للشاعر العراقي / مهدي سهم الربيعي
المقدمة بقلم(الاستاذ)محمد شنيشل الربيعي
كيف يتوصل الإنسان الى الإيمان بوجود ذاته مع محايثتهِ سوسيولوجية مجتمعية غير نافعة ؟ يبدو أن الاجابة تتسع في صعوبتها كلما وجدت لها مرفقا جدليا بين السطور ، سيما بهذا الكم من المعاظل الوجودية المضطربة والتي تتعامل طرديا مع قاعدة النفس البشرية ، لكن في لغة الشعر تظهر أكثر أنساقا وتجاوبا مع المخيلة الشعرية ، ويبدو أن النص المعاصر يتفق مع طرح الشاعر مهدي سهم وهو ينطلق من فلسفة ذاته ، وحتى يتلاقى هاتان العنصران(النص والذات) الحيان في الطبيعة فلابد أن تكون هنالك معادلة حياتية تجمعهما ، ومعادل موضوعي يجمع الطرح الشعري ، كما وأن الآراء في الكونيات البشرية تفيد هذا التشكيل المكون نسقا وجوديا لا يجد بُدّاً من تعريف هذه الذات للآخر لحلحة المشكلات الاساسية وهي طبعا تنطلق من فلسفة الشاعر الباحث عن إحترام هذه الذات ، ولأن أول الشيء معرفته ، كان الأولى البحث عن تلك الذات لمعرفة وجودها واسترجاعها .ونحن في كيفية البحث هذه نختلف مع بحث الثيمة الوجودية الغربية حول العلاقة بين الموضوع القائم أساسا وبين الذات والتي تستطيع أن تعرض حقائق عن معنى النفس والوجود ، والحضارة الغربية هي جزء كبير من المشكلة لان مباني إعتقادنا تعتمد معرفة الذات أولا وعقلنة النفس البشرية بكل تقسيماتها ثانيا ، فلا غرو أن يختلف الشاعر مع (جاك دريدا) في موت الذات ، والذي يؤصل للمبدأ القائم على تقويضها وبالتالي هدمها ويكون بهذا التقويض قد عمل على نسف الإدراك للذات ولحقيقتها الميتافيزيقية ، وعلى هذا الأساس قد تم القطع على مخالفة الحقيقة ، ودريدا يبحث في قاموسه عن بديل لتلك اللفظة(الذات) من أجل إسقاطها وتجريدها عن محتواها العقلي المهيمن كأصل بنيوي ومركزِ أشراقِ اللغة. وحسب "دريدا" فإنه: " قبل الحديث عن اختفاء الكلمة لا بد من التفكير فى وضع لها ، لإخضاعها في بنية لا تعود فيها السيد المطلق")جاك دريدا: الكتابة والاختلاف، ترجمة كاظم جهاد، تقديم: محمد علال سيناصرــ دار توبقال ــ الدار البيضاء، 1988ــ ص-107 وهذا ما نلمسه أيضا عند "ميشيل فوكو" وبهذا التقويض يكون كل من (دريدا) و(فوكو) قد ردا على (ديكارت) الذي يعتقد أن الذات هي الأنا وهي من مكملات العقل ، وعلى (كانط) المتفق الى حد ما مع ديكارت ، ونحن نسأل ديكارت ، هل هنالك علاقة بين الذات والانا ، وايُّ أنّا يقصد وفق التقسيم الفرويدي، وما علاقة الشاعر بهذا الطرح ؟ الاجابة مرتهنة بايضاح العلاقة بين الطبيعة والإنسان وحتمية معرفة الاشياء على حقيقتها في الوعي ، فهي من يقود الى معرفة الذات .سبق وأن أشرنا أن قيمة النص المعاصر تتحقق من رؤيته الكونية الى الموجودات ومدى قدرة اللغة على ترتيب مفرداتها في عالم كثير التحول ، كما أن السير وفق المنهج المعرفي لكُنْهِ الموجودات يتعلق بمعرفة الذات لذاتها ، والذات هي المظهر الخارجي للنفس ، أو الوعاء الذي يحتويها في تقسيماتها الثلاث  وليس كل النفس مجتمعة في معرفة جوهرها ، فهي الحاكم على السلوك البشري  وإن لم يُحدد ديكارت نوع الأنا وجمعها مع النفس ،فقد خالفه (كانط) حينما رأى أن النفس هي الصورة الشمولية للعقل في قول (أنا أفكر) فهي بالنتيجة عاقلة مفكرة تصل الى حدود الميتافيزيقيا ، ومن المتفقين مع (ديكارت) حول جزيئة الوعي هو (كانط) والذي يفكر عن طريق وعي الذات ، مماهات الذات للغة نعتقد أن كل عمل أدبي هو مماهاةُ أبداعٍ ، وهذا نوع من التناص في الوعي، ومتى ما انفصل عن تلك الممهاة أنتج كونا يتميز به ،هو الأسلوب ، والأخير يستحضرعناصره مجتمعة ليكوّن الاثر الفني ، واللغة حينما تجد الموضوع، تجتمع مفرداتها ، وجملها ، ودلالاتها ، فيكون (الإختيار) إحدى مكونات الأسلوب وهذا الامر مرده أن اللغة تسمو بالنص ، وقد أثبت تشومسكي ذلك بقوله:"الجُمل تولد عن طريق سلسلة من الاختيارات للكلمات داخل الجملة" راجع ــ النظرية التوليدية التحويلية لنعوم تشومسكي إن أخطر حالات الدفق المعرفي تلك التي تتصادم جزيئاتها مع اللغة مولدة قوة إنفجار تتحد مع قوة المخيلة الشعرية فتشكل مظلة لقاء مع العمق الفلسفي للشاعر ذاته ، ومن خلال إتحاد اللغة مع الحقيقة الشعرية القائمة على البحث الموضوعي والخلق الفني مما يؤهل الشاعر ان يُخرج النص بحرفيته العلمية ، ويضرب على مسامع القاريء جرس اللفظ الخاطف والمؤثر في منظومة التأمل لإستخراج الدلالة , فهو اذن محتاط في خصوصية (الاختيار) متحفظ على الدلالة الواحدة  مشارك في قولبة البعد النفسي . والعربية لغة الاشتقاق والترادف والتشارك والموسيقى , وهذا يفضي بنا إلى ان اختيار اللفظ مسؤولية تُلقى على عاتق الأديب نفسه , بل هي نشاط باحث عن الذات في داخل اللغة ، وليست بالامر الهين كما يبدو للبعض . إن اللغة التي يتناولها مهدي سهم الربيعي ، هي لغة تبحث عن وجود آخر ، لغة تنهض من توائم هيدجر(الانسان ، والموت ، والوجود) لتصوغ نفسها وتبدل حياتها بإستمرار الى حياة مثمرة ، تتبع ممرات الفكر والنفس فيعرضعها الشاعر على واقع يضج بالموت الملون يقلّب الحقائق الميتة ، ينزع ثوب قصيدته من منظومة المثال من أجل أن يلبسها واقعية الحدث ، فتؤرقه دلالاتها حتى صار يتجول فيها اصطلاحيا ، ثم يشير بها اما من دالٍ موجود صريح الدلالة .
/ فوق بؤرةِ الهلاك ...
أعمى....يرشد أعمى .. /
او على شكل سؤال مقدر( من أنت ؟) يتركه للمتلقي بعد أن يُعطيه الإجابة ويفتح له ضالة التأمل .
/ لستُ من هذا الزمن...
وُجدتُ متكئٓ العشبِ الاصفر...
مغروساً على أقمارِ زُحل .../
او مُخاطب مرئي قد كشف عن نفسه بالتقدير نفسه (هل أنت كائن أرضي ؟) وله حضور مخيف ، إنها الأرض وعتمة العيش وظلمة الذات .
/ ألأرضُ صخرةٌ ...
يحتضنُها الحديدُ السائل ..
ضبابُ البعوضِ يحتويها ../
او غائب حاضر يرفض النحت في السنوات ليتطلع الى أفق إنسانيته (أين ذاتك؟)  (أين إنسانيتك ؟) لكنه لا ينتظر أن تنضج السنوات ليعاودها أعواما ، بل هي كذلك منذ الزمن الازلي.
/ لستُ ثوراً يُقاد من خٓطْمِه ...
ليصلٓ مكتبٓ مراهنات ..
ألنتوءاتُ في أصداغي..
تٓستشعِرُ ذاتٓ ألألمِ الأزلي..
جسدي ينساب...
فوقٓ فرشةٍ...
من حجارةٍ مصقولة ..
بيضاء كبيرة ..
مثلُ بيوضٍ خرافية ../
يُثبت مهدي سهم هذه المماهاة ثم ينقش مستشهدا بعلامات مكتنزة ليدسها الفاظا تربط الانسان بأحداث الكون ، مكتظة الحركة والنزوع , يجد الكون علامات كله ودلائل يلتقطها من هذا النظام الذي لا يهدأ . إن الذات التي سُرقت من بين يديه ، تلاعبت بها قوة أكبر من حجمه ومن وقدرته (لستُ ثوراً)( ألألمِ الأزلي)( بيوضٍ خرافية) فهو الانسان المسيَر وغير المخير في الامتتثال لتلك الحقائق المرعبة وكأنه مسحور يسير كما الدمى دون أن يعرف معنى لتعطيل ذاته والتي يُدافع عنها دائما .
/ نشاطٌ محمومٌ حولي ..
نوعٌ من الافتتانِ الخرف ..
. . .
تزكمُ الانوفٓ ...
تعطرُ المشهد. ..
...
حيثٰ تغوصُ جزمتي ...
في حفرِ زيوتٍ حارقة ..
لذتُ بصمتِ الحوار ..
اضعتُ آخرَ الكلمات...
أمام مناجلٍ ..
تقطعُ الزنابقٓ الدامية...
والسمادلٓ المذهبة ...
ستظهر العلامة بدلالة التبرير لضعفه حينما يجد (الحجاج) هو الاقوى في الإفصاح  فكان نتيجة الألم هو ذلك السحر ، وعلى الرغم من التقديم فهو لا يستطيع ان يجد لها غير هذه الدلالة المصرح بها والتي لا تتحمل أثر مما أُحتجَ به فكانت علامة للتشيء ، والاستحالة الى الانقياد .
/ تحتٓ لعنةِ سحرٍ اسود ..
رائحةُ الشيطان .... /
يضيف علامة ثانية يؤكد بها انها  ليست بعيدة عن ذهن المتلقي(الذكريات) لكن دلالتها الصوتية والاشتراطية وضعت لها علامة التعرش ( الاقامة )الاعلى  فاحدثت العلاقة بين الماضي المتخم بالذات المفكرة بالمستقبل ، والمستقبل المتخم بالهبوط وبالتساؤل فقط
(أشعرُ أن أقدمٓ ذكرياتي ..
باتتْ ثُقليٓ الأكبر ...)
هذه العلاقة بين الصوت كجرس من الماضي المشترط وبين صور من الذكريات  هي نوع من الأماني المعطلة بسبب تعطيل الذات أحدثت نوع من التماهي للجديد الغائب ، حتّى بوجود حكاية الذكريات في جزيئة متن النص ، لم يصف الشاعر تلك اللواعج الدفينة ليبين لنا ماهية تلك الذكريات وأكتفى بوصفها فقط ، وهذا النوع من اليأس يثبط حالة قَبْلية باتت من هموم الحالات البَعدية المؤثرة على الذات والتي صارت بشكلٍ أكيد من تراكمات الأثقال النفسية ، والغريب أن الشاعر حمل معه همومه بحمله لتلك الذكريات ، فتعرض لصدمة الإنتقال الى البعد الذاتي المقيد والذي حسر ما كان حلما في اللاحق حتى أصبح المستقبل أشد وطأة من الماضي المؤجل .
الخلق الفني للذات
كيف حصل كل هذا في نسق الجملة الشعرية ؟ إستطاع الشاعر أن يجعل الفعل المضارع (أشعرُ ــ أضعتُ ــ تقطعُ) عناصرا لا تستغني عنهما الأنساق الشعرية ، ولا يمكن تجاوزهما في الجمل، فكانت أفعالا حركية دامغة، دالة لخصوصية تركيب الجملة ، بل تعدت الى العمدة في النسق وغيرها الفضلة .قوة المشهد الحياتي يقود الشاعر الى التحري عن حقيقة قلب الاشياء لعله نشاط جديد يجد فيه إستكناه ، ففي قلب الأمور تتضح الاشياء ! من خلال خلق معادلة رياضية مألوفة (السالب × السالب = موجب) فيخوض في البعد   الميتافيزيقي المدلل على الذات من تلك السلبية الأم ، لكنه يفشل في التعرف على ذاته مرة بعد أخرى . . فهو يرى الإعتباطية وهناً ، ليس من داخله ، وإنما من ضعف الإرادة والانحطاط والمظاهر المزيفة في الخارج
/ نشاطٌ محمومٌ حولي ..
نوعٌ من الافتتانِ الخرف ../
لذتُ بصمتِ الحوار ..
اضعتُ آخرَ الكلمات...
أمام مناجلٍ ..
تقطعُ الزنابقٓ الدامية...
والسمادلٓ المذهبة .../
جريمة العصيان ...
السماءُ غابةٌ مفعمةٌ بالعجائب...
داكنةٌ أحياناً...
كقلبِ أنسان...
أنا زمنٌ يتجول ..
الطريقُ طويل..
لستُ سوى مسافة..
تتدانى ..لأقتحام النهاية ...
دورانٌ في لحظةٍ...
مُجرد لُهاث...
مساءٌ يهبطُ كثيفاً...
يعبثُ في وجهِ المدينة...
دحرجاتُ حصاةٍ في قفزاتها الأخيرة ...
ضائعةٌ بين الحركةِ والأستقرار ...
ما زلتُ أتدحرج بعنف ...
ما زلتُ أتهاوى مع السفح المُسطح ..
تَستبيح جسدي...
كل النتوءات البارزة ...
تستوقفني بوخزاتٍ عارمة ..
مدمية...
أكاد لاأسمعُ من صمتى...
غيرَ صُراخٍ مشدوه ..
أطلقُ بلا قيود...
خميرةَ الاسطورة البشرية ..
وجداني مكبوتٌ...
تحتَ سياط المثالية...
اللاإنسانية ...
اتطلعُ بتوثب..
نحو أنفجارٍ دامع ...
آه..... لو أتمرد ...
آه..... آه ...
لو أتذوق طعم العصيان النادر....
في أرضِ الطاعة الشرقية ...
الخطأ مع الأنبياء مُسوغ ...
دماءُ القرابينَ كافية ...
لمسحِ آثار جريمة العصيان ...
الخروج عن جنةِ المثل المكتوبة ....
الأمُ الرؤوم...
لأقسى الرذائل وأشنعها ...
الحق مع السياف....
الأخطاءُ لاتُغتفر ....
جرمي أكبر ..
السؤالُ عن العيشِ كبشر ...
منذُ أن سُميت...
أصابعَ ميتة ..
تقذفُ بوجهي الأتهامات ..
تَلفظني ...
كـ لاشيء ...
أغورُ في باطنِ الذكرى ..
أنبثقُ من ثقبِ البوابة المغلقة ..
أتلمسُ التمرد ...
في كياني المُتحضر...
أستشعر الجرأة ....
في صوتي الطري ..
حين أستنهضتي ...
وجدتني أغرقُ في موجِ صوري ...
موجٌ تَحجر ...
رُسم لي ...
من خلفيةٍ ...لاتَقبل التغيير ...
الزمن الذاتي
فَقدُ الشاعر لذاته يعني عصيانه على القوانين الطبيعية وموت الظاهرة الزمنية في بعدها النفسي والاخلاقي بعد إستشراف الموت السريري للأمنيات ، وبالتالي هو القصد من إضاعة العمر العقلي الذي يعيشه الإنسان في الوعي والشعور والذي هو عمر الفكر وتحقيق  الذات في الانساق المعرفية التي تتجذر فيها قيمة العقل وتتضح بواطنه ، أي إننا قصدنا من الربط بين الظواهر هو أن البعد العقلي يتفاعل مع البعد النفسي عند الإنسان ، حيث يتلازما مع الواقع المعرفي ويكون الإتحاد مجتمعا في إرساء قواعد الوجود .والعقل قد يفكر بذاته لذاته أو لغير ذاته . لكن في حقل الشعر العقل لا يكون ذاتيا محضا قبل أن يكون جمعا شعوريا ، فيقف الشاعر بين أكثر من حوار وهو يرى خواء العدالة وتحركها عن موقعها وإنزياحها خارج منظومة الاخلاق وإبتعادها عن المثل العليا وتلك خصيصةٌ فلسفية تبعث تساؤلات الى العمق البشري وعلمية تنصهر في بوتقة البحث عن أزمنة حقيقية لتحيا فيها الذات .
السماءُ غابةٌ مفعمةٌ بالعجائب...
داكنةٌ أحياناً...
كقلبِ أنسان...
أنا زمنٌ يتجول ..
الطريقُ طويل..
لستُ سوى مسافة..
تتدانى ..لأقتحام النهاية ...
دورانٌ في لحظةٍ...
مُجرد لُهاث...
مساءٌ يهبطُ كثيفاً...
يعبثُ في وجهِ المدينة...
الأنا والذات
وصف الأنا في الشعر تكون من إحدى مصاديقها تعبير عن (أن هذه حالتي أنا) أنا المأزومة  في داخلي أو العكس ، والإنسان كائن أنوي في ذاته ، واخضاعه الى تجريده منها عمل لا يصح البتة، لأنه معروف بها كطرف أرضي يتنفس وجوده من خلال ذاته وقبل الدخول في صراع بين المركز المسيطر(الكون) والأطراف التي تتنفس وجوده(الكونيات الانسانية الصغرى) لنعرف سلوك الشاعر مهدي سهم وهو يرتب أوراق النص من خلال تثبيت صورة الواقع وما عليه من صراعات ، فلابد أن يرسمه قريبا الى المخيلة الذهنية للمتلقي، لأن تصورات الخيال الشعري لا  تنفصل عن العقل في التعبير ، ويبدو أن الخيال الواحد لا يكفي عند الشاعر مهدي سهم ، فيخط له طريقا من السريالية تسعى الى قلب المألوف وفق نظام اللاشعور للتحرر من الذات الواعية والشعور معا لإنتاج تساؤلات فوقية يُجيب عنها وهو يتماهى ذاته المأزومة
مُجرد لُهاث...
مساءٌ يهبطُ كثيفاً...
يعبثُ في وجهِ المدينة...
دحرجاتُ حصاةٍ في قفزاتها الأخيرة ...
ضائعةٌ بين الحركةِ والأستقرار ...
مازلتُ أتدحرج بعنف ...
مازلتُ أتهاوى مع السفح المُسطح .
تَستبيح جسدي...
كل النتوءات البارزة ...
تستوقفني بوخزاتٍ عارمة ..
إجابات منطقية لتساؤلات قديمة ــ جديدة ، لم يفصح عنها الشاعر وإنما أشار اليها ضمن الانساق اللغوية ليترك القاريء يستشفها من تأمله للاجابة ومن حيث الفنية ،فهي إسلوب يجسد مباني السريالية التي تُبيح للذاكرة أن تشط في عالم لا نفهمه إلا في القداس الشعري وهو يرفرف على مزاج الشاعر ، ويعطي الحق للسياف في لحظة اليأس .
/ الحق مع السياف....
الأخطاءُ لاتُغتفر ....
جرمي أكبر ../
إن الشاعر إذا كتب نصوصه وفق الدفق السريالي يكون عاجزا عن تفسير الشعور الصادر على شكل جرعات من العمق النفسي( أنه غريزة عميقة في الإنسان تنزع إلى تحطيم ما يشده إلى العالم كقوانين العائلة  والمجتمع  والدولة ، والجنس )عصر السريالية ــ ص 12ــ منشورات نزار قباني 1976 –بيروت )
الحق مع السياف....
الأخطاءُ لاتُغتفر ....
جرمي أكبر ..
السؤالُ عن العيشِ كبشر ...
منذُ أن سُميت...
أصابعَ ميتة ..
تقذفُ بوجهي الأتهامات ...
تَلفظني ...
كلاشيء ...
أغورُ في باطنِ الذكرى ..
أنبثقُ من ثقبِ البوابة المغلقة ..
أتلمسُ التمرد ...
في كياني المُتحضر...
أستشعر الجرأة ....
في صوتي الطري ..
حين أستنهضتني ...
وجدتني أغرقُ في موجِ صوري ...
موجٌ تَحجر ...
رُسم لي ...
من خلفيةٍ ...لاتَقبل التغيير ...
التوغل في فلسفة الشاعر حول موضوع الوجود يحتاج الى قانون معرفي لتلك الفلسفة ، ونعتقد أن الشاعر له خصيصة معرفية حول نظرية المعرفة بشقيها الأنطولوجي والابستيمولوجي فهو مؤول لظاهرة الايمان بوجود ذاته العاقلة التي تداهمها قوانين الطبيعة الجديدة وتنتزع من كبد قوسها تلك الفطرة ، هذه القوانين لم يتعرف عليها في مباحث الحياة أو أكاديمية الدراسة ، فلا تلازم بين الذات البسيطة في مطالبها والتي أُنشأ عليها الشاعر، وتلك الجديدة المخالفة في علو سقف مطاليبها والطامحة للمزيد سيما وأنها قد سعت إلى إيجاد مرافق فكرية وتعكزات نفسية تسد منافذ العودة . إن اشتغال الشاعر على تجانس القديم مع مخيلة تسكنها الصور الحسية المعاصرة ، ليس من باب التوازن النفسي ، وإنما طرح معادلة يصعب تحقيقها بعد أن استشعر الشاعر ضعف الموقف الروحي الإنساني وغلبة الجانب المادي ،وهذا الموقف يذكرنا بالشاعر الفيلسوف (هيدجر) الذي يؤكد على أهمية الشعر كمناويء للحضارة المادية وإفراز حالة الالم والسأم منها في سياق نقده لها وللانسان المعاصر الذي يعاني من مشكلات إجتماعية وخيبات نفسية . أليست الأزمة مع الذات هي في حقيقة أمرها أزمة وجود حقيقي للهوية .؟
أكاد لاأسمعُ من صمتى...
غيرَ صُراخٍ مشدوه ..
أطلقُ بلا قيود...
خميرةَ الاسطورة البشرية ..
وجداني مكبوتٌ...
تحتَ سياط المثالية...
اللاأنسانية ...
اتطلعُ بتوثب..
نحو أنفجارٍ دامع ...
آه..... لو أتمرد ...
آه..... آه ...
لو أتذوق طعم العصيان النادر....
في أرضِ الطاعة الشرقية ...
الخطأ مع الأنبياء مُسوغ ...
دماءُ القرابينَ كافية ...
لمسحِ آثار جريمة العصيان ...
الخروج عن جنةِ المثل المكتوبة ....
الأمُ الرؤوم...
لأقسى الرذائل وأشنعها ...
نصوص مهدي سهم الربيعي في هذا الديوان فيها رؤية شعرية متطلعة لمستحدث الفكر في النص الحديث ، مما يشدك الى ان تتابع تطور النص عنده ، وتتأمل ثرى مخيلته الشعرية ولغته المكتنزة ، وبعده المعرفي في استجلاء اللفظ وتوظيفه وفلسفته في الكيفية الوجودية والذات ....
محمد شنيشل فرع الربيعي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                                
محمد شنيشل فرع الربيعي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض المختصرات حول رؤية نثر الهامش .

مقاطع من نصوص مختارة لـ (نثر الهامش)
1 ــ الهامش التقريري : وهو هامش الإضاءة المتعارف عليه ، ويكون بعد نهاية النص لإيضاح أسماء الأشخاص والأماكن... /
التطبيق : مقطع من (حبل ماءٍ/ المعلقة الأولى) لفريد غانم من دولة فلسطين
سنقرأ الأسفارَ المكتوبة على ورقِ الخريف في دربِ ابن الرّومي(3) ، وننتعلُ حذاءً محظوظًا ما زال يسكنُ في سفر ابن سيرين(4).
.   .   . 
) ابن الرّومي، هو الشّاعر العربيّ الذي اشتهر عنه التّطيّرُ والتّشاؤم. فيحكى أنّه صادف في طريقه، خارج بيته، ورقةً تناثرت وتجعّدت، فقرأ فيها كلامًا فيه تحذيرٌ من الخروج، فعاد إلى بيته وأغلق الباب خلفه. ويبدو أن ورق الأشجار يقول أكثر ممّا ننتبه.
4) ابن سيرين، صاحب كتاب "تفسير الأحلام". وللأحذية والنّعال دورُ بطولة في هذه الأحلام وفي غيرها .
.......................................
هذا الهامش هو المتعرف عليه بعد الإنتهاء من النص .
نقول متسائلين : لماذا يضيع هذا الكم الكبير من اللغة بعنوان الهامش التقريري(الإنشائي) ، أليس من الأولى أن يُستثمر في النص بطريقة الصعود السُلّمي ؟ من هنا بدأت تلك الرؤية ، وعمدنا الى موت مكان الهامش .وأعدنا كتابة النص بلا هامش تقريري وعلى النحوالآتي :
"وننتعلُ حذاءً محظوظًا ما زال يسكنُ في سفر (ابن سيرين)3 ، فليسَ بمقدورهِ أنْ (يُفسرَ حُلمًا)3 لمْ يبلغِ الفطامَ "
أصبح الإشتغال الشعري معرِّفا للهامش ، أي أن إبن سيرين مفسر الأحلام . 
أو بصيغة ثانية .
" يرسم في وجوه الفقراء3(مفسرا) أضغاث أحلامهم"
تكون الدلالة ، إبن سيرين مفسر أحلام .


أو "لا ينبغي أن نقول إبن سيرين 3(مفسر الأحلام) بل مقاربا وفق رؤية ما بعد البنيوية " 
تكون الدلالة ، إبن سيرين مفسر الأحلام . 
أو ""وننتعلُ حذاءً محظوظًا ما زال يسكنُ في سفر 3(ابن سيرين) ، قال 3(مفسر الأحلام) : أنتَ هذا المحظوظُ المسافرُ دائما ! ""
تكون الدلالة (مفسر الأحلام) .
س " ماذا أستشفَ القاريء بعد أن تخلص من الهامش أسفل النص ؟ "
س "ماذا أستشفَ القاريء (مقارنة) بين النسق الأول(الهامش التقريري) والثاني(الهامش الشعري) ، وكيف يُقييم النسقين ، الهامش بمعاريته ، أو الهامش بإشتغاله الشعري؟
س "هل هنالك نص جديد قد تشكل أثر (موت مكان الهامش ؟)  

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
قد يسأل سائل : ماذا لو تجرد النص من الهامش ، أي ليس كل النصوص تحمل الهامش التقريري ؟
الإجابة : يستطيع الكاتب أن يضع له هامشا إفتراضيا (للنص) هامشا من عنده أسميناه (الهامش الأفتراضي) أي هو هامش لا وجود له إلا في ذهن الكاتب .
التطبيق .
النص ، للشاعر العراقي علي عيدان عبد الله .

ــ إستمع ! وعلى الفور ــ لِنِداء مَن (يحيا على كرهٍ منه) فما أشد ما يستمر ؟(1)
ــ المُنهمك على نطاق واسع ــ لا يعتني إلا بالسديد(2)
ــ سيدوري : إدخل ! : أيها المأمول
فلن أترككَ وحيداً دون وعود ! (3)
ــ من دواعي الأسف .. أنهم المخطئون : لا يمكن تعويضنا(4)

 (1)
ما يستمر
هنا أو هناك
إعادة إختبار
لكائن يجادل
(2)
السديد
ليس كالعابر الذي
يهذر
(3)
سيدوري :
العاكف على الصعود
لا تُقلقهُ
درجة مفقودة ..
(4)

المخطؤن
يُحقّر بعضهم بعضا
على مرأى من
المارّة
علي عيدان عبد الله / كتاب السؤدُد ــ ص43 ، الدار العربية للعلوم ناشرون .
..................................
الأسباب التي دعتنا الى تلك الرؤية ، أعلان (موت مكان الهامش) بلغته التقريرية ، هي :
 1ــ مصطلح(النص الموازي) لايتفق مع النص الشعري جملة وتفصيلا ، فكلمة (موازي) تعني : {مقابل ، معادل ، مساوي} فكيف يتساوى النص في لغته التقريرية مع نص آخر في لغته الشعرية ، وكيف نقارب بين نصيّن مختلفين في اللغة والدلالة؟
2 ــ تشتيت ذهن المتلقي من خلال تنقلاته مابين الهامش التقريري واللغة الشعرية .
3 ــ ضياع كمية كبيرة من اللغة في الهامش ، والأحرى أستثمارها في المشغل الشعري .
..................................................................
ومن هذه الرؤية  نخلص الى النتائج الآتية :
1 ــ موت مكان الهامش في لغته التقريرية وصعوده الى النص الأم وفق مقتضيات المشغل الشعري . فـ "نثر الهامش " هو مُدونات مفترضة داخلة في بنية النص، وهي جزءٌ لا يتجزأ منه في الوقت نفسه ، ووفق معيار العتبة والعنوان ، فهو (النص) يُقدمها للقارئ وكأنما يُقدم دلالات مستحدثة على ما يُسوّق من الأفكار، ويُقدم من الأضافات ." وتعريف المصطلح (نثر الهامش): هو ضد (النص الموازي)
2 ــ تحفظنّا المستند الى الدليل العلمي على مصطلح (النص الموازي) .
3 ــ النقل ينماز بخصائص اللفظ لا خصائص الدلالة ، لأن خصائص اللفظ مرتبطة باللفظ ذاته ، أما خصائص الدلالة فمرتبطة بخصائص مشغله الشعري .
4 ــ التراكم اللغوي الحاصل من صعود التقريرية الى الشعرية ، يقود الى تراكم دلالي وإنشاء فضاءات متعددة للحصول عليها ، وإستثمار اللغة عند أؤلئك الذين ينمازون بسعة التوهج في الفكرة وغزارة في الإنتاج .
5 ــ تخليص النص من لفظة (موازي) وموت اللغة التقريرية.  
6 ــ هذه الرؤية تعمل على موت (التليّف الذهني) لدى المتلقي ، وإعادته الى القراءة الورقية ، أو الألكترونية للحصول على المعلومة  .
7 ــ تقليص المسافة بين النص والقاريء ، وذلك من خلال التحكم بالمفردات بدل المفردة الواحدة . مما يسبب حرية مفتوحة للكاتب .

8 ــ نطلق صوتنا من تلك الرؤية لإعادة النظر بمصطلح (النص الموازي).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق