الاثنين، 5 سبتمبر 2016

رسمة // للاديب أدريس الهراس // المغرب

رسمة..
الأيام الأولى من الربيع .. تعالى صدى سنابك خيول الفروسية من بعيد ، مثل هطول الأمطار فوق النوافذ المغلقة .. في لحظة شرود يلفها حلم غريب ، باغته موج الغبارهائجا كما يعربد الوادي على الضفتين ، و يغرق مساحات شاسعة .. طار صندوق الكارتون المشدود إلى عنقه الصغير في الفضاء ، و تناثرت السجائر و العلك و المناديل الورقية في المكان . حدج حظه في مرآة المستقبل يعبث به الألم و الضياع ، و أحس فقدان قلبه و براءته ! تحامل على ركبتيه القصبيتين ، و تضرع إلى الجموع المحيطة به ، في الساحة المهووسة بجلجلة الزغاريد و طلقات البارود :
ــ رحماكم ! أعينوني على جمع البضاعة، و الله إن تنقص لفافة واحدةمن الحساب ، لأبيتن معلقا مثل شاة !
... في الصباح نشرت إحدى الجرائد الخبر التالي :
أمس ، قبل الغروب بساعة .. طفل بائع سجائر بالتقسيط ، سابع ضحية لموسم " التبوريدا " لهذا العام ، نقل على عجل إلى قسم العناية المركزة .. هناك غرق في الصمت ، و يده على صدره ، كأنما يتباهى برسمة الأم و طفلها المتناجيين ، على قميصه الأزرق المضرج بالدماء و بقايا من تراب أحمر .. في الطريق إلى مستودع الأموات ، اجتاح عينيه طيف غمام ، و ظل ينظر إلى السماء ، كأنه يترقب قدوم أحد !
إدريس الهراس / المغرب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق