السبت، 3 سبتمبر 2016

ثامر الخفاجي // السهل الممتنع // بقلم الاستاذ حسين الساعدي // العراق

ثـامر الخفـاجـي .. السهـل الممتنـع
بقلم /حسين الساعدي
الشعر القريب من القلب هو الشعر الذي يتغلغل في أعماق الإنسان ويعبر عن شؤونه وشجونه وعن نوازعه بكل ما تحتويه من إخفاقات ونجاحات وتطلعات الى عالم تسوده قيم الخير والعدالة والجمال . والشعراء تتمايز أساليبهم بين السهل والصعب ، نحن نقرأ للكثير من الشعراء الذين يضمنون نصوصهم بالرموز والإشارات والطلاسم تضعنا في نفق مظلم لا نرى في نهايته أي نقطة ضوء .
(ثامر الخفاجي) شاعر يمكن أن أصف شعره بأنه ينتمي إلى (السهل الممتنع) فشعره أبعد مايكون عن التكلف والتعقيد والغموض ، وهذا يعود الى شفافية روحه وعميق إحساسه . وأستثنائيته في كتابة النص الشعري بلغه رشيقة ، وقدرة على توليد الأفكار والمعاني بكل سلاسة ، من خلال بناء النص الشعري وفق صياغة لغوية وتسلسل أفكار متقن وهذا أن دل على شيء أنما يدل على نضوج شاعرية الشاعر (ثامر الخفاجي) المتمثلة بسهولة تراكيب الجمل ووضوح المعنى الظاهر الذي يحمل بين طياته معنى خفي أخر وصور شعرية بلاغية وكلمات دلالية .
وقد يكون الذي دفع (ثامر الخفاجي) للكتابة بأسلوب السهل الممتنع هو تأثره بالشعراء محمود درويش ونزار قباني وبدر شاكر السياب ونازك الملائكة وغيرهم من الذين أستخدموا هذا الاسلوب . فهو يستحضر الصورة الشعرية التي هي مخاض أنفعالي حين تتفاعل مع صورة أخرى لأنتاج صورة شعرية جديدة .
وإذا أردنا أن نعطي تعريفاً مبسطاً للسهل الممتنع فنقول أن (السهل هو سهولة اللفظ ووضوح المعنى للمتلقي .والممتنع هو الذي يمتنع عن الشخص العادي الذي لايمتلك موهبة الشعر) . فأسلوب السهل الممتنع في كتابة القصيدة وفي أبسط معانيه يتميز بسهولة وسلاسة المفردات مع وضوحها ، حتى يظن المتلقي سهلاً عند قرأت النص لأول مرة ، ولكن عندما يتمعن في النص جيدا ًيجد صعوبة في الأتيان بمثله .
كذلك يمكن أن نسجل بعض الانطباعات والسمات التي يتسم بها شعر ( ثامر الخفاجي) من خلال أطلالة سريعة وشاملة للنصوصه الشعرية التي تضمنها ديوانه(للصرخة وجه أخر) ، أن الأحداث التي يمر بها العراق قد ألقت بظلالها على الكثير من نصوصه ، وهذا الهم العراقي يتطلب من الشاعر أن يتفاعل مع هذا الواقع بكل تداعياته المؤلم ، والأبتعاد عن الغموض في تناول الحياة اليومية للمجتمع والتغلغل في جميع مفاصله ، وأن يدرك هذا الواقع ويعيش طموحاته وآماله حتى لا يتحول شعره الى عبارات لفظية لا تترك في النفس أي أثر عند المتلقي . وقد صدق الشاعر نزار قباني حين أكد هذه الخاصية بقوله (لو لم أكن ملتصقاً بواقعي لأختفيت من خريطة الشعر من زمان بعيد) .
السمة الأخرى التي يمكن أن نشخصها في شعر (ثامر الخفاجي) الأعتدال في تناول الرمزية وعدم الأفراط فيها الى حد الاغراق في متاهاتها التي تؤدي الى ضياع المعاني المراد أيصالها الى المتلقي . خاصة ونحن نعرف أن الرمزية (تجعل الرمز دلالة أولية على ألوان المعاني العقلية والمشاعر العاطفية) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق