( جدلية الاديب والكاتب )
من قراءاتي للتراث الادبي الانساني ( منقول بتصرف ) :
في كل لغة هناك ما يسمى بالدال والمدلول والعلامة اللغوي، فالدال هو الشيء
الظاهر، والمدلول هو الشيء الباطن والأول يحيل على الثاني الذي هو المعنى
أو المسمى، المعنى المجرد، فلا مدلول دون دال. العلم الذي يدرس الدال في
علاقته بالمدلول يسمى ( سيميولوجيا) ، وأما العلم الذي يدرس المدلول يطلق
عليه ( علم المعان ) . إن علاقة الدال بالمدلول علاقة اعتباطية أي أنها قائمة
على قاعدة غير مؤسسة .في المعنى المعجمي يتطابق الدال بالمدلول، بينما
في الأدب يحدث إشكال وهو أن الدال لا يتطابق مع المدلول، وهو ما يسمى
( بالانزياح )، فالأدب كله قائم على الانزياح، ذلك أن الأدب عبارة عن رمز،
مجاز، بديع، تصوير، فمثلا كلمة كرسي حينما نوظفها في قصيدة، فإنها حينئذ
ترمز للبطش أو للسلطان وذلك بواسطة البيان، فالأدب فن صناعة القول عن
طريق المجاز ، أحيانا تكون دائرة الدال أوسع من دائرة المدلول، مثال ذلك
أدب عصر الضعف، حيث كان الشعر عبارة عن تمارين نظمية انتصر فيها
الشكل على المضمون، فكان الشكل كل شيء والمضمون لاشيء لأن العبرة
بالأول لا بالثاني. والواقع أن الأدب ( فكرة معبر عنها بالصور ) فهو يقوم
على الخيال، وعلى الرمز، وعلى تراكيب جديدة، والعدول عن اللغة النمطية
المألوفة .
عرف القرن التاسع عشر ثورة مست جميع المجالات: الفلسفة، الاقتصاد،
التاريخ.. ثورة عارمة حتى أن الفن لم يسلم من تداعياتها، فقد ظهر الفن
التشكيلي الذي يقوم على المحاكاة ، محاكاة الطبيعة، الإنسان، الحيوان، إلا
أن الحداثة رفضت هذه المحاكاة أي محاكاة الواقع، فهي تنظر إلى الفن كواقع
في حد ذاته، فتحول الفن إلى التجريدي، أي تجريد الفن من مادته، أي من
الواقع، باعتباره واقعا في حد ذاته .
لم تستثن هذه الثورة عالم الكتابة، فكانت ثورة على الأدب(مفهومه، تاريخه، وظيفته)
، حيث رفضت كلمة أدب ، ووضع بدلها مصطلح ( كتابة) ، ذلك أن مصطلح
أدب له علاقة بالماضي ، حين كان الأدباء يخدمون البلاط، فكلمة أدب لها
دلالات ميتافيزيقية(الشاعر النبي / وادي عبقر). فالأدب أصبح ممارسة
واقعية داخل اللغة،والأديب أصبح يختار ما يراه مناسبا يشبه في عمله ذاك
المخرج السينمائي الذي يختار الممثلين ودرجة الإضاءة والديكور المناسب.
.فينظم ويصقل ويوجه، كذلك يفعل الأديب الذي يجد نصوصا قديمة، وأخرى
حديثة فينظمها ويرتبها، لذلك ظهر ما يسمى ( بالتناص ) حيث يكتب بنصوص
قديمة، يصوغها ويجعلها تتفاعل ومنها يخرج لنا نصا جديدا
إذن رُفض مصطلح الأدب الميتافيزيقي، وقِيل بفكرة الكتابة لأنها ممارسة
، وهي التي تحيلنا إلى النص،حيث (الفكر= اللغة) فالأديب يريد أن تكون
أبوته كاملة على الأدب، أي هو المسؤول الأول عنه. فالأديب ليس حرا لأنه
يلجأ إلى التراث(اللغة) وهذه الأخيرة مشاعة ملك الجميع، اما الكاتب فله
هامش من الحرية يتمثل في إعادة تشكيل هذه اللغة .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،/ باسم الفضلي ـ العراق
من قراءاتي للتراث الادبي الانساني ( منقول بتصرف ) :
في كل لغة هناك ما يسمى بالدال والمدلول والعلامة اللغوي، فالدال هو الشيء
الظاهر، والمدلول هو الشيء الباطن والأول يحيل على الثاني الذي هو المعنى
أو المسمى، المعنى المجرد، فلا مدلول دون دال. العلم الذي يدرس الدال في
علاقته بالمدلول يسمى ( سيميولوجيا) ، وأما العلم الذي يدرس المدلول يطلق
عليه ( علم المعان ) . إن علاقة الدال بالمدلول علاقة اعتباطية أي أنها قائمة
على قاعدة غير مؤسسة .في المعنى المعجمي يتطابق الدال بالمدلول، بينما
في الأدب يحدث إشكال وهو أن الدال لا يتطابق مع المدلول، وهو ما يسمى
( بالانزياح )، فالأدب كله قائم على الانزياح، ذلك أن الأدب عبارة عن رمز،
مجاز، بديع، تصوير، فمثلا كلمة كرسي حينما نوظفها في قصيدة، فإنها حينئذ
ترمز للبطش أو للسلطان وذلك بواسطة البيان، فالأدب فن صناعة القول عن
طريق المجاز ، أحيانا تكون دائرة الدال أوسع من دائرة المدلول، مثال ذلك
أدب عصر الضعف، حيث كان الشعر عبارة عن تمارين نظمية انتصر فيها
الشكل على المضمون، فكان الشكل كل شيء والمضمون لاشيء لأن العبرة
بالأول لا بالثاني. والواقع أن الأدب ( فكرة معبر عنها بالصور ) فهو يقوم
على الخيال، وعلى الرمز، وعلى تراكيب جديدة، والعدول عن اللغة النمطية
المألوفة .
عرف القرن التاسع عشر ثورة مست جميع المجالات: الفلسفة، الاقتصاد،
التاريخ.. ثورة عارمة حتى أن الفن لم يسلم من تداعياتها، فقد ظهر الفن
التشكيلي الذي يقوم على المحاكاة ، محاكاة الطبيعة، الإنسان، الحيوان، إلا
أن الحداثة رفضت هذه المحاكاة أي محاكاة الواقع، فهي تنظر إلى الفن كواقع
في حد ذاته، فتحول الفن إلى التجريدي، أي تجريد الفن من مادته، أي من
الواقع، باعتباره واقعا في حد ذاته .
لم تستثن هذه الثورة عالم الكتابة، فكانت ثورة على الأدب(مفهومه، تاريخه، وظيفته)
، حيث رفضت كلمة أدب ، ووضع بدلها مصطلح ( كتابة) ، ذلك أن مصطلح
أدب له علاقة بالماضي ، حين كان الأدباء يخدمون البلاط، فكلمة أدب لها
دلالات ميتافيزيقية(الشاعر النبي / وادي عبقر). فالأدب أصبح ممارسة
واقعية داخل اللغة،والأديب أصبح يختار ما يراه مناسبا يشبه في عمله ذاك
المخرج السينمائي الذي يختار الممثلين ودرجة الإضاءة والديكور المناسب.
.فينظم ويصقل ويوجه، كذلك يفعل الأديب الذي يجد نصوصا قديمة، وأخرى
حديثة فينظمها ويرتبها، لذلك ظهر ما يسمى ( بالتناص ) حيث يكتب بنصوص
قديمة، يصوغها ويجعلها تتفاعل ومنها يخرج لنا نصا جديدا
إذن رُفض مصطلح الأدب الميتافيزيقي، وقِيل بفكرة الكتابة لأنها ممارسة
، وهي التي تحيلنا إلى النص،حيث (الفكر= اللغة) فالأديب يريد أن تكون
أبوته كاملة على الأدب، أي هو المسؤول الأول عنه. فالأديب ليس حرا لأنه
يلجأ إلى التراث(اللغة) وهذه الأخيرة مشاعة ملك الجميع، اما الكاتب فله
هامش من الحرية يتمثل في إعادة تشكيل هذه اللغة .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،/ باسم الفضلي ـ العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق