الخميس، 1 سبتمبر 2016

عذاب الهون // للاديب ستار مجبل طالع // العراق

عذاب الهون( ستار مجبل طالع)
تهوّنُ الناسُ لما تعتادَ حَالَّها 
وتُوصدُ عن الحياةِ مَغاليقُ أبوابِها
ويسربُ عُمرَها المبخوسِ في ترابِها
يَّحفِّرُ تحتَ بنيانَها المتهالكِ كُهوفَها
حتى اذا أتسعَ حفراً فضائُها
ودانتْ عتبةُ السقوطِ مَثاقيلَ أثقالِّها
تداعتْ عروشُ عاليَّها على سافِلِها
وتصاعدَ عن وطئةِ موتِها غُبارُها
حتى اذا أنكشفَ عن أرضِها ضَبابُها
كانت كُثَّيبٌ دَّرورسٍ بين أطلالِها
تَهوّنُ الناسُ حين يَّتَسَّيدُها جُهْالُها
ويَّنهشُها الإفتقار لما يَسوسَّها سُفهائُها
تُحَطُ بين قاماتِ الاممِ خفضٌ مُقامُها
وما هوَّنَّتْ أفعالها عُظِمَّتْ صَغائِرُها
تَهوّنُ الناسُ لما تعيشِ مَنزوعةَ القيمِ
وتعمى عن ما وراءِ الأحداث بَصائرُها
جمعٌ كبيٌر تراهمْ لا يجتمعُ على هدفٍ
مشتتةُ النفوسِ الأنا و الظلمُ يتنازعُها 
تقيم لكلِّ دَّنييئ الأُشياء عظيمُ مَنزلةٍ 
وتُحَقِرُ أغلاها ويُهان لكلِّ هَّيّنٍ إنسانها
تلبيةُ حاجاتُ الحيوانِ سعيَّها وإجتهادُها
وتغيبُ عظائمُ الأمورِ أجراً عن أحلامِها
وينزوي من هَّياجِ الجُهلاءِ عُلمائُها
ويتقافزُ على صدارةِ المجالسِ صِغارُها
كثيرةُ الكَّلِمِ عاليةُ الصوتِ في كلَّ نائبةٍ
شحيحةُ كلُّ شيءٍ حين يُطلبُ بذلها 
غريبأ يعيشُ الكريمُ مستتراً في أرجائِها
وعزيزأ يسودُ اللئيمُ طولاً في أحيائِها 
ميزانُ الإنسانُ ما يملكُ من ذهبٍ 
و يَبخِسُ العلمُ و الاخلاقُ أوزانَها
ويشتري الفقيُر فيها بحرِّ مالهِ حَقَّهُ
ويُبذلُ للغني دون جهدٍ حُقوقُها 
فيا شعبا هانَّ على نفسهِ قبلَ أن يهوّنَ
عيشكِ في الحياةِ علّةً يَصعِبُ برائُها
لا الموتُ يُنّْجِيك من أوزارِها
ولا الحياةُ تبيغك من عُمَّارِّها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق