السبت، 5 نوفمبر 2016

قراءة نقدية : بقلم الاستاذ صالح هشام : نوع القافية / في قصيدة ( قدمت النصح لكم ) للشاعر : أحمد الغريب الفرارجة / الاردن

قراءة نقدية :بقلم الاستاذ صالح هشام/المغرب 
نوع القافية /في قصيدة [ قدمت النصح لكم ]
<>للشاعر : أحمد الغريب الفرارجة /الاردن<>
القصيدة --------قدمت النصح لكم-----------------------
1 -أَصْــبُـو لـلـنَّـصرِ وأَنْــطُـرُهُ ٠٠٠٠٠وشِـقـاقُ الـعُـرْبِ يُـؤَخِّـرُه
2- وإذا مــــا لاحَ لَــنــا أَمَــــلٌ ٠٠٠٠هَـــبَّ الأفَّـــاكُ يُــدَمِّـرُه
3- بـالـقَهْرِ لِـلـشُّرَفا ٠٠٠٠٠٠٠بِـسـلاحِ الــذُّلِّ يُـسَمِّرُهُ
4- حَـكَـمَ الـكُـفَّارُ هُـنـا وَطَـنـاً ٠٠٠٠٠ بِـشَـريعَةِ غــابٍ تَـقْـهَرُهُ
وحَـبْـسٍ
5- وإِذا الــقُـرْآنُ يُـقَـرِّعُـهُمْ ٠٠٠٠٠ فـالـمُـفْتي سَـــوفَ يُــزَوِّرُهُ
6- وشُـيـوخُ الـسَّـوْءِ تُـداهِـنُهُمْ ٠٠٠٠٠٠طَـمَـعاً بـالـمالِ تُـكَثِّرُهُ
7- والـمُـفْـتي زَيَّــنَ بـاطِـلَهُمْ ٠٠٠٠٠ وكَـمِـثْلِ الـحَـقِّ يُـصَـوِّرُهُ
8-جَــعَـلَ الــقُـرْآنَ مَـزامِـيـراً ٠٠٠٠وعَـلَـى الأَلـحـانِ يُــدَوِّرُهُ
9- وإِذا مـــا نَــصٌّ صـادَمَـهُ ٠٠٠٠٠٠ مِــنْ آيِ جِـهـادٍ يَـكْـفُرُهُ(1)
10- كَـي يَـرْضَى عَـنهُمْ سَـفَّاحٌ ٠٠٠٠٠٠٠ فِـكْرُ الـماسُونِ يُجَرْجِرُهُ
11-إذ ظَــنَّ الأَمْـرَ قَـد انـتَظَما ٠٠٠٠٠٠ وجُـموعُ الـكُفْرِ سَـتَنصُرُهُ
12_لَــكِـنَّ الــلَّـهَ لَـــهُ مَــكْـرٌ ٠٠٠٠ بِـجُـيـوشِ الـــرِّدَّةِ يَـمْـكُـرُهُ
13-فــأَقـامَ دُعـــاةً تَـقْـهَـرُهُمْ ٠٠٠٠٠٠ وتُـذِيـعُ الـحَـقَّ وتَـنْـشُرُهُ
14- لَــمْ يَـخْـشَوا مَـوتـاً إِذ عَـلِـموا ٠٠٠٠٠ أَنَّ الـرَّحْـمَنَ يُـقَـدِّرُهُ
15_ لِـجِـهـادِ الـكُـفْـرِ اسْـتَـعْمَلَهُمْ ٠٠٠٠٠ نِـعْـمَ الـتَّـدْبيرُ يُـدَبِّـرُهُ
16_ هَــبَّ الـقَـسَّامُ يـناجِزُهُهمْ ٠٠٠٠٠٠٠ وسِـنانُ الـحَقِّ يُـناصِرُهُ
17_ يَـفْـدِي الإِسْــلامَ بِـمُـهْجَتِهِ ٠٠٠٠٠٠ والـرُّوحَ الـغالِي يَـمْهَرُهُ
18- أَرضُ الـمِـعْراجِ بِــهِ طَـرِبَـتْ ٠٠٠٠٠وعَـلَـى الأَبْـطالِ تُـؤَمِّرُهُ
19-فَـمَـضَى فــي الــدَّرْبِ بِــلا كَـلَـلٍ ٠٠٠٠ آيــاتُ الـلَّهِ تُـنَوِّرُهُ
20- يُـحْـيِـي الآمـــالَ بِـهِـمَّـتِهِ ٠٠٠٠٠ويُـمِـيتُ الـكُـفْرَ ويَـقْـبُرُهُ
21- إِذ صـــالَ عَـلَـيـهِمْ مِـغْـواراً ٠٠٠٠٠وأُسُــودُ الـحَـقِّ تُــؤازِرُهُ
22- جَـمَعَ الآسـادَ بِـمَأسَدَةٍ ٠٠٠٠٠٠٠ عَـرْشَ الـطَّاغوتِ سـتَنْخَرُهُ
23- هَـجَـرَ الأَوطــانَ عَـلـى دَعَــةٍ ٠٠٠٠٠ وأَتَــى مَــولاهُ يُـكَبِّرُهُ
24- تَــرَكَ الـنَّـعْماءَ بِـهـا زُهْــداً ٠٠٠٠٠ لِـيُـجاهِدَ كُـفْـراً يَـحْـصُرُهُ
25- وتَــرَجَّــلَ سَــيـفـاً بَــتَّـاراً ٠٠٠٠وعَـبـيـرُ الـعَـنْـبَرِ يَـغْـمُـرُهُ
26- فَـجِـنانُ الـخُـلْدِ لَـهُ ازْدانَـتْ ٠٠٠٠٠٠والـحُورُ الـعِينُ تُـسامِرُهُ
27- تَـبْـقَى ذِكْــراكَ لـنـا فَـخْـراً ٠٠٠٠٠٠والـلَّـهُ لِـسَعْيِكَ يَـشْكُرُهُ
28- وعَـلَى ذا الـدَّرْبِ مَضَتْ أُسُدٌ ٠٠٠٠٠٠٠٠تَتَوَلَّى الحَقَّ، تُظاهِرُهُ
29- فـالـلَّـهُ اخْــتـارَ الأُرْدُنَّـــهْ ٠٠٠٠قَـلْـبـاً لـلـقُـدْسِ يُـشـاطِرُهُ
30- حَــمْــلَ الآلامِ وكَــــمْ ثَــقُـلَـتْ ٠٠٠٠لــكِــنَّ اللهَ يُـصَـبِّـرُهُ
31- ورِجـــالُ الأُرْدُنِّ انْــحـازَتْ ٠٠٠٠ لِـلْـحَـقِّ الأبـلَـجِ تُـشْـهِرُهُ
32- ضَـحَّـوا بـالـرَّاحَةِ فــي زَمَــنٍ ٠٠٠٠٠ فِـيهِ الأشْـباهُ مَـناظِرُهُ
33- نَــهَــضَ الأُرْدُنُّ فَــقـادَتُـهُ ٠٠٠٠ أُنُـــفٌ بــالأُسْـدِ تُــسَـوِّرُهُ
34- يــا ابــنَ الأُرْدُنِّ فــلا تـعجَز ٠٠٠٠ فـالنَّصْرَ يَـمِينُكَ تُـحْضِرُهُ
35- لا تَــرْضَـخْ يَــومـاً لـلـعُـمَلا ٠٠٠٠ بـالـعِـزِّ شَـرابَـكَ تَـعْـصِرُهُ
36- فــابْــنُ الأُرْدُنِّ بــإيـمـانٍ ٠٠٠٠ يَــدْعُــو لـلـحَـقِّ ويَـجْـبُـرُهُ
37- نَـشَـرَ الـتَّـوحِيدَ هُـنـا عَـلَـناً ٠٠٠٠٠٠يَـدعُـو لِـلشَّرْعِ، يُـقَرِّرُهُ
38- وَيَــقـولُ: الـحُـكْـمُ لِــقُـرْآنٍ ٠٠٠٠ وصَــريـحُ الآيَــةِ يَـنْـصُرُهُ
39- ويَــرُدُّ الـخُـلْفَ لِـتَـشْريعٍ ٠٠٠٠٠٠ ذا كُـتْـبُ الـسُّـنَّةِ تَـنْـشُرُهُ
40- مَــنْ شَــكَّ بِـقَـولِي فَـلـيَنْظُرْ ٠٠٠٠٠ فـكِتابُ الـلَّهِ سَـيُخْبِرُهُ
41- فـاشْـتَطَّ الـعِـلْجُ لَـهُ غَـضَباً ٠٠٠٠٠ وبَـدا الـماخُورُ سـيَنْحَرُهُ
42- فـــازْدادَ يَـقِـيـناً بـالـمَـولَى٠٠٠٠ ومَـضَـى لِـلـكُفْرِ يُـحَـقِّرُهُ
43- كـالـطَّـوْدِ الـشَّـامِـخِ نـاجَـزَهُم ٠٠٠٠ وثِـيـابُ الـعِـزِّ تُـدَثِّـرُهُ
44- كـالـشَّـوكَةِ يَـثْـقُـبُ بـاطِـلَـهُمْ ٠٠٠٠٠ بِــكـلامِ الـلَّـهِ يُـتَـبِّرُهُ
45- ما فَوقَ الشَّمسِ، فهامَتُهُ ٠٠٠٠٠٠٠ وعَلَى النَّجماتِ، فَمِنْخَرُهُ
46- أَعْــيـا صُـهْـيُـونَ بِـهِـمَّتِهِ ٠٠٠٠ كـالـلَّيثِ الـصَّـائِلِ مَـنْـظَرُهُ
47- ومَــضَــى لِــلـعِـزِّ بِـرِفْـقَـتِـهِ ٠٠كُـــلُّ الأحْـــرارِ تُــعَـزِّرُهُ
48- بِـعَـزيـمَةِ لَـيْـثٍ مِـقْـدامٍ ٠٠٠٠٠ سَـتَـفُتُّ الـصَّـخْرَ وتَـصْـهَرُهُ
49- عَـجَـبي إِذ ثــارَ عَـلـى كُـفـرٍ ٠٠٠٠ قــامَ الإِرْجــاءُ يُـناظِرُهُ
50- مـــا كُــنْـتُ أَظُــنُّ ولا أَدري ٠٠٠٠٠ أَنَّ الأَشْـيـاخَ سَـتُـنْكِرُهُ
51- كـأبي هَيفا وعَلِي شَلَبي ٠٠٠٠٠٠٠ لِرِضَى المُسْتَعْمِرِ تَغْدُرُهُ
52- وكــذاكَ الـمَـدعُو بِـقُـرادٍ ٠٠٠ يَـرْضَـى بـالـزُّورِ... ويَـعْـذُرُهُ
53- يَـتَمَسَّحُ زوراً فـي سَـلَفٍ ٠٠٠٠٠٠ هَـذا الـكذَّابُ، سـأكْسِرُهُ
54- لَــو شـاهـدَ أَسْـلافِـي هَـذا ٠٠٠٠٠ فـسَتَبْرأُ مِـنهُ وتَـحْقِرُهُ
55- بِـئْسَ الأَشْـياخُ فـقد نَـشَروا ٠٠٠٠٠٠ فِـكْرَ الإِرْجاءِ، سأطْمُرُهُ
56- إذ عَـرَضُـوا فِـكْـراً مُـنْـحَطَّاً ٠٠٠٠ عَـقْـدُ الـسَّـلَفيَّةِ يَـدحَـرُهُ
57- فَــرأَى الـماسُونُ بِـهِمْ فَـرَجاً ٠٠٠٠ومَـضَى لِـلكُفْرِ يُـطَوِّرُهُ
58- وبَـكَى" شـارُونُ " بِهمْ فَرَحاً ٠٠٠٠٠ ومَضَى لِلهَيْكَلِ يَعْمُرُهُ
59- هَــزَّ الأَكْـتـافَ لَـنـا هُــزُواً ٠٠٠وسَـطَـا بـالشَّعْبِ يُـدَمِّرُهُ
60- ومُـلـوكُ الأَرضِ لَــهُ نـامَتْ ٠٠٠٠ولِـهَذا الـفِعْلِ سَـتَشْكُرُهُ
61- وشَـبابُ الـعُرْبِ قـد انْـحَلَّتْ ٠٠٠٠ مِـنْ عَـقْدِ الدِّينِ وتُنْكِرُهُ
62- وبِـحـارُ الــذُّلِّ بِـنـا مـاجَـتْ ٠٠٠ ومُـحيطُ الـعُهْرِ سَـنَعْبُرُهُ
63- فــإِذا أَعْـلَـنْتُ لَـهُمْ حُـكْماً ٠٠٠٠فـالقَرْضا.. سَـوفَ يُـعَوِّرُهُ
64- أو ذاكَ الـمُقْرِئُ في المَبْغَى ٠٠٠٠٠ يَرْضَى بالعُهْرِ ويَستُرُهُ
65- جَـمَعَ الـعَمَيانِ لـهُ اللهُ ٠٠٠٠ فـمَتَى، أو كَـيفَ سَيُبْصِرُهُ؟!
66- مَـولانـا: يَـسـألُني ولَــدِي ٠٠٠٠ وظــلامُ الـفَـقْرِ يُـحَـيِّرُهُ:
67- هَــلْ بَـحْـرُ الـنَّـفطِ غَـدا إرْثـاً٠٠٠٠ لِـشُيوخِ الـعُهْرِ تُـبَذِّرُهُ؟
68- وتَـبـيعُ بِــلادِي مَـجَّـاناً ٠٠٠٠ رَكِـبَـتْ شَـعْـبي تَـسْتَحْمِرُهُ
69- فَـتَـقَـيَّـأَ مُـفْـتِـيـنا هَــبَــلاً ٠٠ ودَنـــا لِـلـثَّـوبِ يُـشَـمِّـرُهُ
70- لِــيَـفِـرَّ لِـيَـلْـعَـقَ بُــسْـطـاراً ٠٠ وبِــعُـودِ الــنَّـدِّ يُـبَـخِّـرُهُ
71- هَـــذِي الـعُـمَـلاءُ مُـصِـيـبَتُنا ٠٠٠ رَكَـعَـت لِـلـذُّلِّ وتُـؤْثِـرُهُ
72- يـــا أَهْـــلَ الــحَـقِّ أَلا عَـــوداً ٠٠٠ لِـكـتـابِ الـلَّـهِ نُـوَقِّـرُهُ
73- قَـدَّمْـتُ الـنُّصْحَ لـكُمْ قُـومُوا ٠٠٠٠ بِـيَراعِ الـصِّدقِ أُسَـطِّرُهُ
74- كَـي نَـكْسِرَ شَـوكةَ مُحْتَلٍّ ٠٠٠٠٠٠ بِرَصاصِ الحَقِّ سَنُمْطِرُهُ
75- والـلَّـهُ الـقـائِلُ فــي آيٍ: ٠٠٠٠مَـنْ نَـصَرَ الـدِّينَ سَـأَنْصُرُهُ
76-مَـــنْ قـــامَ لِـنُـصْرَةِ دَعْـوَتِـنا ٠٠٠ فـكـتابُ الـلَّـهِ يُـبَـشِّرُهُ
77- بـالـعَيشِ الـحُـرِّ وتَـمْـكينٍ ٠٠٠٠ ومَــعَ الأَبْــرارِ سَـيَحْشُرُهُ
78- يَـلْـقَى الـغَـفَّارَ بِــلا ذنْــبٍ ٠٠٠ فـالـقَتْلُ الـذَّنْـبَ يُـكَـفِّرُهُ
79- والـعُقْبَى سُـكْنَى فِـرْدَوسٍ ٠٠٠٠٠٠ عَـرْشُ الـرَّحمنِ يُجاوِرُهُ
80- مَـنْ شَـكَّكَ فـي هَـذي البُشْرَى ٠٠٠٠٠رَبُّ الأربابِ يُصغِّرُهُ
81- فـانْـشَطْ لِـلـحَقِّ ولا تَـوجَلْ ٠٠٠٠ والأَجْـرَ أُعِـيذُكَ تَـخْسَرُهُ
82- بِـدِمـانا الـنَّصْرَ سَـنَسْطُرُهُ ٠٠٠٠ والأقْـصَى سَـوفَ نُـحَرِّرُهُ
83- ونُـعِـيـدُ خِـلافَـتَـنا قَـسْـراً ٠٠٠ بـالـعَدِلِ الـكَـونَ نُـسَـيِّرُهُ
84- ويَــكــونُ الــحُـكْـمُ بِـتَـشْـرِيعٍ٠٠٠ آيـــاتُ الــلَّـهِ تُــقَـرِّرُهُ
85- ونُـعِـيدُ الَّـلـيلَ صَـباحاتٍ ٠٠٠٠٠ حُـلُمي قَـد قُـمْتُ أُفَـسِّرُهُ
86- إنْ كـانَ الـنَّصْرُ فَـذا أمَـلِي ٠٠٠٠٠ أو كـانَ الـقتْلُ، سَـأُبْهِرُهُ
87- لـكِـنْ عِـدْنِي إنْ سـالَ دَمِـي ٠٠٠٠٠ بِـرِصاصَةِ غَـدْرٍ تَـنْهَرُهُ
88- أنْ تَـكْـتُبَ مِـنـهُ عَـلَى جَـدَثِي ٠٠٠٠ بَـيتاً لا زِلْـتُ اُكَـرِّرُهُ:
89- بـالـقَتلِ سَـنَـحيا أَحــراراً ٠٠٠٠ فـي مَـقْعَدِ صِـدْقٍ نَـعْمُرُهُ
90- واكــتُـبْ بِـدِمـائي تـاريـخاً ٠٠٠ يَــزْدانُ بِـفِـعْلِي يَـذكُـرُهُ.
******************************
بقلمي: أحمد بن محمود الفرارجة.
البلقاء – زَيّ.
الاحد 30 اكتوبر 2016 م
القراءة النقدية --------------------------------------
1-تقديم :
لقد استأثر مبحث القافية باهتمامي ، لمجموعة من الأسباب أهمها :
ا-إن القافية من الأركان الرئيسة في الشعر العمودي باعتباره ( كلاما موزونا مقفى) حسب تعريف القدماء كقدامة بن جعفر في كتابه ( نقد الشعر ) وإن اعتبر هذا التعريف مردودا عليه في نظر الكثير من النقاد، فليس كل كلام موزون مقفى نعتبره شعرا ( ألفية بن مالك -- أجرومية ابن عاشر ) وهناك من يحلو له هذا التعريف كما هو وارد في هذين البيتين الجميلين :
يا من يرى الشعر أوزانا وقافية ٠٠٠٠أخطأت فالشعر آلام وأوجاع
الشعر يضعف إن سطرته فرحا ٠٠٠ وكل شعر بدمع العين إبداع
ب - باسم القصيدة الحديثة تم تجاهل مقومات القصيدة العمودية من قافية و عروض ، فأغلب الشعراء الشباب ، يتعمدون عدم معرفة علم القافية وحتى العروض وهذا في حد ذاته مشكل كبير !
ج- أرى أن معرفة علم القافية والعروض من المسائل الضرورية بالنسبة للشعراء كيفما كانت مشاربهم لكونه من القواعد الضابطة لإبداع الشعر ، والقافية لا تقل أهمية عن العروض ، فهي السابقة عليه ، والهدف من هذه القواعد هو الاحتراز أساسا من الوقوع في الخطأ إن على مستوى التقفية أو الوزن .
2- عرض القصيدة :
[قدمت النصح لكم ] من القصائد الطويلة جدا ، فلكأني بها ملحمة العصر الحديث ، وهي لشاعر أصيل لازال متمسكا باحترام قواعد القصيدة العمودية ، وأصالته تتجلى في أصالة مكتوبه ، تتكون هذه القصيدة من تسعين بيتا ، ولم يسبق لي أن تناولت بالقراءة النقدية قصيدة بهذا النفس الملحمي الطويل ، الذي تتميز به هذه الرائعة ، على مستوى القواعد أو المضامين التي لا تخلو من حكمة ، والتي تستوجب دراسات نقدية توفيها حقها !
وهذا ليس مربط فرسي في هذه القراءة النقدية ، لأني حددت مبحثي مسبقا في القافية ، وهدفي من ذلك هو إخراج هذا العلم من الرفوف إلى الشعراء الشباب ، الذين ربما يجدون فيه ضالتهم ، ومن يدري ربما يمكن أن يعيدوا للقافية بريقها ، كما فعل الأستاذ أحمد الغريب ! وسأركز في هذا المبحث الموجز على القافية في هذه القصيدة !
فماهي القافية ؟!
3- علم القافية : يهتم بأواخر الأبيات الشعرية ، وكل ما يتعلق بها من حركات وسكنات ولزوم وجواز وما إلى ذلك من حروفها وعيوبها ، والهدف هو الاحتراز من العيوب والأخطاء التي يمكن أن ترتكب في هذا العنصر الموسيقي الأساسي في الشعر العمودي !
4- تعريف القافية :
سأعرج على ثلاثة أنواع من التعاريف :
ا-تعريف لغوي: القافية ، اسم فاعل مؤنث من الفعل الثلاثي ،المعتل اللام ( قفا - يقفو ) ومعناه اتبع ، ومنه قولنا :
[ لاتقف ما ليس لك به علم ] أي لا تتبع ما لا تعرف ، والقافية بهذا المعنى تابعة لشيء قبلها ، وسأحاول في هذه التعاريف أن أنهج نهجا مبسطا تعميما للفائدة !
ب- تعريف اصطلاحي : اختلف علماء القافية والعروض في تعريف القافية لأنه أصلا علم غير محسوم فيه ، وسأعرض لبعض النماذج من التعاريف :
* الخليل : يعتبرها آخر حرف في البيت إلى أول ساكن يليه رجوعا مع الحركة التي قبل الساكن ، وقد اعتبر تعريفا ينتظم جميع تلك العوارض في القافية من حروف وحركات !
*الأخفش : يعتبرها آخر كلمة في البيت ، وتلافيا (لصداع الرأس ) سآخذ بهذا التعريف في مبحثي ، رغم اعتباره من التعاريف الضعيفة * قطرب : يعتبرها الحرف الذي تبنى عليه القصيدة وهو ما يسمى الروي وتسمى به كدالية أبي المعري ( تعب كلها الحياة ) او نونية ابي البقاء الرندي في (مرثية الاندلس ) الخ .. !
*المحدثون:يعتبرونها أصواتا تتكرر في أواخر أشطر الأبيات الشعرية ، وهي مجموعة من الفواصل الموسيقية التي تتردد عند نهاية كل بيت في فترات زمنية منتظمة !
5- عرض القافية في القصيدة :
سبق لي في القراءات السابقة للقافية أن تناولت النوع الأول من القافية وهي( المقيدة المؤسسة )و كان ذلك في قصيدتين ، أما في هذه القصيدة ، فسأتناول [القافية المطلقة ] بنوعيها ( المطلقة المؤسسة والمطلقة المجردة من التأسيس) التي ستكون محور مبحثنا في قصيدة ((( قدمت النصح لكم ))) للشاعر أحمد الغريب الفرارجة !
اعتمد الشاعر في هذا النص على القافية المطلقة وهي قسمان :
١~ القافية مطلقة :
~مجردة من الردف والتأسيس و موصولة بهاءالوصل !
كما يلاحظ القاريء الكريم ، إن الروي [الراء ] متحرك مضموم ، تليه الهاء المضمومة ، والمقصود بالإطلاق في القافية هو تحريك الروي ضما وفتحا وكسرا سواء كان موصولا أو غير موصول [يؤخره--يدمره--يسمره--يزوره --] وكما يتضح من حروف هذه القافية أنها مجردة من الردف ، باعتباره حرف لين إما (واو أو ياء أو ألف)،يأتي مباشرة قبل الروي ، والحروف التي تسبق حرف الروي كلها حروف صحيحة ، فلو كانت القصيدة مؤسسة لاعتبرنا هذا الحرف الذي قبل الروي [دخيلا] ، ومجردة من التأسيس ، فليس هناك ألف التأسيس الذي يفصل بينه وبين الروي دائما حرف (الدخيل ) الذي يكون ملازما لألف التأسيس ، فالحرفان قبل الروي كلاهما صحيح ، وحتى الواو عندما يضعف فإنه يعامل معاملة الحرف الصحيح ، ونجد هذا النوع من القافية في جميع أبيات القصيدة باستثناء الأبيات : (16-21-26-28-29-32-49-79) وقد استثنيت هذه الأبيات من القصيدة لأننا سنكون بصدد نوع آخر من القافية المطلقة ، والموصولة بهاء الوصل كحرف صامت قادر على تحمل الحركة وسنرى ذلك بتفصيل في حروف القافية !
٢~ القافية مطلقة :
~مؤسسة مجردة من الردف موصولة بهاء الوصل :
اعتمد الشاعر هذا النوع من القافية في الأبيات التي سبق ذكرها ، ولا بأس من التذكير بها قصد تسهيل عملية التطبيق ، وهذه القوافي المستهدفة في هذا الجزء هي ( يناصره -- تؤازره -- تسامره --تظاهره ---يشاطره-- مناظره --- يناظره--- تجاوره -- ) هذه القوافي تحتوي على ألف (فاعل ) وهو حرف التأسيس ، والروي مسبوق بحرف صحيح مكسور(ص-ز-م-ه-ط-ظ-ظ-و الواو المتحركة) وهو الدخيل الذي يلازم حرف التأسيس ، أما ما بعد الروي فهو هاء الوصل المتحركة التي يحدث عنها إشباع بالواو لأن الوصل صحيح ومضموم ، إلا أن هذا الإشباع ، يوجد نطقا لا خطا ، ويمكن أن يظهر في الكتابة العروضية ( يناصرهو ) بزيادة واو ساكنة نسميها الخروج كما سنرى عندما نكون بصدد دراسة حروف القافية ! إذن كما نلاحظ وظف الشاعر نوعين مختلفين من القافية لكن بنسب مختلفة في هذا النص الطويل !
6- حروف القافية :
سأتناول في هذا الجزء قسمين من الحروف حسب نوعية القافية :
■ حروف القافية المطلقة المجردة من التأسيس :
١-الروي :
هو حرف الراء المضموم ، وهذا الحرف من الحروف المجهورة ، وهي مثلها مثل ( اللام والنون ) مخرجه من طرف اللسان مع شيء من ظهره وما يحديه من لثة الأسنان ، العليا وهو قريب من مخرج النون ! وقد جاء في القصيدة مضموما واختلفت حركات ما قبله ، من حيث الضم والكسر والفتح ، فالمكسور ما قبله ورد في 31 قافية ، والمفتوح ما قبله ورد في 7 قوافي، والمضموم ماقبله ، ورد في 21 قافية ، والمكسور ماقبله بدون تضعيف 8 قوافي !
٢- الوصل :
الهاء حرف صحيح يحتمل الحركة ، وقد ورد مضموما ( ر+ه×و) وفي كثير من الأحيان ما يوظف الشعراء الوصل من حروف اللين (كالواو والياء والألف ) التي تعودنا جمعها في كلمة [ واي ]!
٣-الخروج :
وهو الواو الساكنة التي تحدث عن الإشباع ضما وهي هنا واو قد ينطق وقد لا يظهر إلا في الكتابة العروضية وقد سبق أن أشرت إلى ذلك ، إذ تشبع الحركة فينشأ عنها حرف من جنسها (الألف مع الفتح والياء مع الكسر والواو مع الضم )،لكن في الخروج ما يظهر خطا كالألف مع الفتح ،أو يظهر نطقا ولا يظهر خطا إلا في الكتابة العروضية كالواو !
■-حروف القافية المطلقة المؤسسة والمجردة من الردف :
وظف الشاعر هذا النوع من القافية كما سبق في نسبة قليلة من الأبيات بالمقارنة مع هذا الكم الملحمي من الأبيات في القصيدة ، وقد سبق أن حددت الأبيات ( يناصره : ين + ا+ص+ ر+ه+و ٠٠٠٠تسامره : تس +ا+م+ر+ه+و ) قس على ذلك في قوافي الأبيات الآتية أرقامها (16/21/26/28/29/32/49/79)
هذه الأبيات تنتهي بهذا النوع من القافية ، التي تختلف عما سبقها من حيث الحروف ! وسأركز على الحروف كما هو مبين في المثالين :
١-حرف التأسيس :
( ا)وهو ألف اللين الساكنة ، ولا يأتي حرف التأسيس إلا ألفا متبوعا بحرف صحيح يلازمه وهو هنا في قافية القصيدة مكسور و يفصل بينه وبين الروي وهو الدخيل !
٢-الدخيل :
( ص + م ) وهو الحرف الصحيح دائما والمكسور في قافية هذه القصيدة ويفصل بين ألف التأسيس والروي ويقع في عين الميزان الصرفي يفاعله / تفاعله،،،يناصره / تسامره !
٣- الوصل (ه) :
قد يكون الوصل حرف علة ناشيء عن امتداد حركة الروي المطلق المتحرك ، كالواو مع الضم أو الياء مع الكسر أو الألف مع الفتح لكنه ورد في قافية هذه القصيدة حرفا صحيحا محتملا الحركة وهو الهاء المضمومة !
٤- الخروج :
( واو ساكنة ) ناتجة عن حركة الوصل التي هي الضمة ، وقد سمي كذلك لأنه ، يباشر الوصل ولا شيء بعده (يؤخر+ه+و)او(تقهر+ه+و ٠٠٠)
هذه إذن حروف القافية في القصيدة بنوعيها المطلقة (المجردة من الردف والتأسيس والموصولة بهاء الوصل )، والقافية المؤسسة ، المجردة من الردف والموصولة بهاء الوصل ، كما تم تفسيره :
بعدما تم الحديث عن حروف القافية بنوعيها في هذه القصيدة لابأس من التطرق لحركات حروف القافية لما لها من أهمية في هذه الفواصل الموسيقية التي تتردد عند نهاية كل بيت !
■ -حركات حروف القافية
١-المجرى :
وقد ورد المجرى في قافية هذه القصيدة ضمة ، وهو حركة الروي ، وسمي كذلك لبداية جريانه في حرف الوصل ، الذي هو هاء الوصل المضمومة !
٢-النفاد :
وقد ورد ضمة ، وهو حركة هاء الوصل المتحركة ، وقد اعتبر كذلك لأنه بهذه الحركة تنقضي الحركات ( تناصر+ه+و ) !
٣-الرس :
وهو حركة الحرف ما قبل حرف التأسيس ، والذي لن يكون إلا فتحة ، لأنها وحدها تلازم الألف ، ونجد هذا النوع من الحركات في الصنف الثاني من القافية في القصيدة ، أي المطلقة المؤسسة المجردة من الردف الموصولة بهاء الوصل .
٤-الإشباع :
وهو حركة الدخيل في القافية المؤسسة ، أي في الأبيات التي تم تحديدها سلفا ، وقد اعتبرت حركة الدخيل إشباعا لكون الروي ليس مسبوقا بغير ألف التأسيس الساكنة ،فاعتبرت حركة الدخيل إشباعا ، ( يناصره = ين+ا+[ص]+ره٠٠٠٠يسامره=يس +ا+ [م] +ره ) هذه أمثلة للإشباع !
بعد الانتهاء من حروف القافية المطلقة بنوعيها في القصيدة وتعريفنا كذلك بحركاتها ، سنعرض لبعض العيوب التي يمكن أن يكون الشاعر قد وقع فيها وتعميما للفائدة !
■-عيوب القافية :
١-الإيطاء :
تخلو قافية القصيدة تماما من هذا العيب ،لأن كل بيت يستقل بقافيته فلم نلاحظ أي تكرار القافية برويها في الأبيات ، رغم ان هذه القصيدة طويلة جدا وهذا دليل على حنكة الشاعر ، ومدى اتساع أفقه المعرفي ومدى إلمامه بقواعد القافية !
٢-التضمين :
تخلو القافية من هذا العيب تماما لأننا نلاحظ أن كل بيت يستقل بذاته ولا ترتبط قافية بيت بصدر بيت آخر بعدها !
٣- سناد التأسيس :
يمكن أن نعتبر وجود هذا النوع من عيوب القافية ، إذا اعتبرنا الشاعر لم يتجاوز في تأسيس القوافي إلا ثمانية من مجموع 90 بيتا ، والباقي غير مؤسس ، وقد رأينا ذلك في نوعي القافية من حيث الحروف !
٤-سناد الإشباع :
لقد التزم الشاعر بحركة الدخيل كسرة في جميع هذه القوافي المؤسسة التي وظف والتي لن تتجاوز 8 قوافي، هذا يعني أن القصيدة تخلو من عيب سناد الإشباع !
٥-الإقواء :
تخلو القصيدة من هذا العيب لأن الشاعر التزم بحركة المجرى ضمة في جميع قوافي أبيات القصيدة !
٦- الإكفاء :
تخلو القافية تماما من عيب الإكفاء لأن الشاعر التزم حرف الروي راء ،رافقته خلال التسعين بيتا !
٧-الإجارة :
لا يوجد عيب الإجارة في القافية مادام الشاعر لم (يحد بكسر الحاء) عن حرف الراء رويا في كل أبيات القصيدة !
هذه إذن هي العيوب التي يمكن أن يقع فيها الشاعر في قافيته ،والتي نلاحظ أن الشاعر احمدالغريب قد تجاوزها ولم يسقط فيها رغم طول القصيدة والتي تدل على النفس الملحمي لهذا الأصيل !
7- خاتمة :
لا يسعني في هذه القراءة إلا أن أنوه بالشاعر أحمد الغريب و بنفسه الشعري الطويل ، وأتمنى أن أكون وفقت نسبيا في هذه القراءة التي لا تخلو من صعوبات ، لأننا بصدد صرح عظيم تركه السلف للخلف ، كما تستوجب النقد المتخصص الملم ، بقواعد هذا العلم إضافة لعلم العروض، وأهيب بالسادة النقاد أن يشيروا في تعاليقهم إلى الأخطاء التي يمكن أن تتخلل هذه القراءة ، حتى نستفيد جميعا !
بقلم الاستاذ صالح هشام
الجمعة 4نونبر 2016

هناك تعليق واحد:

  1. كل الشكر للقائمين على هذا العمل المبارك... وأسأل الله أن ينفع بكم.

    ردحذف