السبت، 26 نوفمبر 2016

ملف خاص بموسوعة ينابيع الابداع العربي والأنسانية جمعاء / للاديب المبدع عادل نايف البعيني / سوريا

سيرة ذاتية   

  

        "عادل نايف البعيني" هو شاعر وقاص  يحمل إجازة في الأدب العربي عام 1977، ودبلوم تأهيل تربوي منذ عام 1988، صدر له أربعة أعمال في الشعر "همسٌ فوق ضفاف النور" "أحلام وأشواك، أوعية الذاكرة، والنهر يقطر من فمي"،
وكتابان في اللغة  بعنوان "المعين في إعراب الأدوات، والمعين في الإنشاء والتعبير"، وفي
طريقها  للطبع مجموعتان قصصيتان: "القرنفلة البيضاء" و  "وغربان ما قبل الفجر" .
وختام أعماله كتاب في النقد م بعنوان (ليل المعري)  حيث يلقي فيه الضوء على الشاعر إبي العلاء المعري وموقفه من الليل كيف وظّفه في شعره وما دلالات الليل التي ذكرها في قصائده                                                               
نصوص شعرية نثرية

الشاعر :عادل نايف البعيني

زمن الكشف
.
هذا الزمنُ زمنُ الكشفِ
زمنُ الحيفِ
هذا زمنُ سقوط الطينِ
كلماتي أعياها نوحي
وحروفي أَغْفَتْ في جرحي
حيثُ العشبُ يَنْشُدُ أمناً
وجراحي ما عادَتْ تنزِفْ
آلامي صارَتْ لوحاتٍ
تسردُ للآتينَ حكايا عن موتِ موعودْ
تحكي قِصَصاً عن عادٍ وثمودْ
هل يكفيني  هذا الكونُ  وعاء
كي أسكبَ فيه دمعَ جنوني
هل تكفيني خوابي العالمْ
كيما أملأَها دماءً
من طينٍ حنيني
الطينُ اليومَ  يُخْرِجُ من أحشائِهِ نارا
الطينُ تيبّسَ ما عادَ منارا
الطينُ اليومَ يَشْوِي ذاتَهْ
صارَ شراعاً للريحِ
يا طينُ توقّفْ :
 لا تجنِ علينا
لا تأتيَ بعتيٍّ آخرْ
قال كفيفٌ ذات زمانٍ
"هذا جناهُ عليَّ أبي ...
وما جَنيْتُ على أحدِ"

نص2

رصيف ينتظر
من لا زمانْ
تأتينَنَي ملكًا
يطوفُ بألفِ عيْنٍ ساهرةْ
تَقِفينَ صامتةً
على أنّاتِ رُوحِي
جئتِ ذاتَ حنين
من حلمِ المكانْ
أشرقْتِ في عينِي غَزَالةَ
من ضياءْ
تتسيّدين قَصَائدي كفراشةٍ
 كالبوحِ يأتيني نشيدُك ناعِمًا
أتجاذَبُ السَّمْعَ المندّى
حينَ لا سَمْعٌ سِواهْ
وَعَلَى جِراحِ الوَقْتِ
في غَسَقِ الدُّجَى
أَلْقَى صَدَاهْ
تَلِجِينَ ليلي
تلبَسينَ مواجِعي
تبنينَ  من حَرْفِ القوافي أَنْجُمًًا
مِنْ لا زَمانٍ
جئْتِ نَجْمًا
فَوْقَ مَهْرٍ مِنْ ضِياءْ
وأَتَيْتِِ عارِيَةًَ، بلا  ..
فَلأيِّ رابِيَةٍ مَنَحْْتِ
عبيرَك الفوّاحِ
حتّى أسكرَ الجرحَ القديمْ.
ولأيِّ ساقيةٍ سكبْتِ الدمعَ
حتّى زَغْرَدَتْ بالحُبِّ أَحْلامًا
غَفَتْ حينا
وعادَتْ تَمْتَطي ظَهْرَ الزّمانْ
ها أنتِ جِئْتِ كما الحِكايَةُ
تَرْقصينَ على جِمارٍ من هَوىً
وأنا المولَّهُ في سناكِ
أخاتلُ الدَّرْبَ الموارِبْ
وهْما أَعِيْشُك راضِيًا
أحيا على وَعْدٍ
أحوكُهُ من حَنينْ
وَحَلُمْتُ فيكِ تُحاصِرينَ مَدَامِعِي
عندَ انْكِسارِ الحُلْمِ
جِئْتِ بِلا أَنينْ
وَتُزَغْرِدينَ فَلا سَوادٌ
حالَ بينَ مسارِبِ الدَّمْعِ السَّخِيِّ
وَلَهْفَةِ القلبِ الجَريحْ
قَدْ عُدْتِ أَطْهَرَ من  بياضِ عُيُونِنا
من لا زَمانٍ
عُدْتِ يا عِطْرَ النّهارْ
كي تَمرحِي
كي تَزْرَعي فيه وُعُودا
كادَ يُذْبِلُها
رَصِيْفُ الانْتِظارْ
رحيل

خلعَ سنينَ حياتِهِ الثمانين، علَّقَها على مشجبِ الزمنِ العتيق، وراحَ يتفقّد ذاتَهُ. كلُّ شيء فيه تبدّل، أنكرتِ المرآةُ وجهَهُ،  وصارَ على قابِ قوسٍ من زوال، دروبٌ متعرجةٌ تزاحمت على جبينه، وغفت أقواس الدهشة على حلم لم يتحقق، تصحّرت غابةُ رأسِهِ ولم تبقَ سوى ندوبٍ شوهاءَ، وانهمرَ الثلجُ على ما تبقى منها، ذراعاهُ ناءَتْ بحملِ أصابِعِه، يدُه باتت ترقّص الكأس بمهارة قسريّة. شفتاه الجمريتان يوما ما، صارتا مسكنًا للبطارق، أسنانُهُ العاجيّةُ كالمشطِ  تهاوَتْ، فغَدَا فمه كثقبٍ في الذاكرة، أذناهُ ما عاد يؤرنبُهما إذا ما همست شفة أضناها الحنين، وما عادَتْ تغسلُ الأصواتَ عندَ كلِّ فحيحٍ،  هجرَ البريقُ محجريهِ فراحَتْ حدقتاهُ تزوغانِ عندَ كل نظرةٍ. استعارَ ظهرُه قوسَ الكُسَعِيّ قبل اكتشافِ أصالتِهِ، أرجلُه الثلاث باتَت أضعفَ من أن تحملَهُ  وإن رمى الثالثةَ الدخيلةَ التزمَ المقعدَ الذي صار له خدينا.
            ذات عصرٍ خرجَ من محلٍّ معروف بتجهيزِ لوازمِ الموتى، على كتفه نعشُهُ، وتحتَ إبطِهِ كفنٌ من  القماشِ الأبيضِ الناصعِ، ويدُهُ التي تُمسكُ العصا تلوِّحُ لمن يعرفونَهُ، وهو يقولُ ممازحاً ضاحكاً:
"بخاطركمْ يا جماعه استُروا ما شفتُمْ منا" 

صليل سيوف


صليلُ سيوفٍ تلوحُ طُيُوفًا
كرسمٍ تدانى وطيفٍ تناءى
ووهمٍ بقلبي
أراهُ ارْتَعَدْ

سلاني اكتئابي
ورفّ الأماني يُحَلّق شوقًا
بصدرٍ تزنّر َ
عطرًا حَرَدْ

يَجُوب اشتياقي
ويَطْوِي احْتراقِي
برشفةِ ضَوْءٍ
يئنُّ غريقًا
بِجَمرٍ خَمَـدْ

فكيْفَ أُداري ونَزْفُ الأماني
يسيلُ كَصبْحٍ على
وردِ خدْ

تُراني أَصِيرُ تُرابًا صَعيدًا
وألمحُ وَشْمِي بظاهرِ قَهْري
سراجًا يضيءُ
بغيرِ وَقَدْ

أيغدو قراري كوهمٍ تلظّى
يموتُ وُقوفًا
كَحَورٍ صَمَدْ

ويُمْسي وُجُودي
غداةَ اختناقي كصَبْرٍ تأبّدَ
ما مِنْ أَبَدْ

سأفرشُ دَرَبي
بضوءِ احتراقِي
أرفُّ كنسرٍ بعمقِ الحياةْ

لأعبرَ قَهْري وأَنْسُجَ شَوقي
وأَجْعَلَ وَعْـدي
طريقَ نَجَاةْ



ألف غيمة


ألف غيمةٍ مرّت من هنا
من هناك
من لا مكانْ
كانت تخبئ دمعها
تحضن شوك الحزن في قلبها
وتبحث عن ضوء في غسق الزمانْ
***
ألف ريحٍ عصفت بالرحيق
شتتْ غيماً واقتلعت طريقْ
ترتدي جلباب زهرها المنثور
وتنتهك الصدور
تسحبُ الآه مخنوقا
فوق لحدِ من شرور
***
ألف زوبعة عصفت هنا
حملت أرغفةً وتفاحا
وأحلاما من سعيرْ
دارت في المكان وعادت
ترسل لله جثامين
أشلاءَ سرير
بقايا قلب مكسور
لست أدري
أهو طفل هذا الأخير؟
***
ألف غابةٍ خبّأت في قلبها وحشا
وزّعت هدايا العيد أقلاما مقوّسَةً
ويقايا رضيعْ
وكانَ الفصلُ ربيعْ
مفروشا شقائق نعمانٍ
عاد بلا ألوانٍ
فقط بلونِ النجيعْ












آن الأوان
أنتِ يا حربُ علامَ تَطْربينْ؟

تجرحينَ الروحَ في أرضِ الضّياءْ
فإلامَ الصّبْرُ يحتالُ على غَضَبِ السنينْ؟
 علّقِي النّوْحَ ورُدِّي فرحةً صارت هَبَاءْ  
وامْسَحِي دَمْعاً هَمَى
فوقَ خدِّ الياسَمِين[1]
وارْقَئِي نَزْفاً تَهَاوى
تَحْتَ سَقْفٍ من حَنِين
هذه مرآة عُهركْ
تسرقُ البَسْماتِ من ثَغْر الوليدِ  
يَبِسَتْ أفراحُ  شَعْبٍ هدّهُ قطعَ الوريدِ
مثلَ نسرٍ حطّ مجروحاً على قممِ الجليدِ
كيفَ صارَ الدمعُ ماءً..
جَرَفَ الشوقَ وغابْ؟
كيفَ باتَ الجوعُ خِلاًّ
بَعْدَما أضحَى سرابْ
كيف أغفى الجرح حيّا
بين جنبيه الحراب.
امسحوا المصباح قد آن الأوانْ

أطلقوه ماردا من قمقم الأحزان
أطلقوه ماردا قد أذنَ الأوان  ..
آن الأوان 
















بيني وبينك دمعة
هطلت على وردِ الأماني
أينعت قصصا حكايات عذابا
ثُم غابت في ضباب الذكرياتْ
في مائها شوقٌ وكأسٌ من عتاب
وقليلُ صبرٍ قبضةٌ من ذا التراب
من يأسو حبّا غيبت أحلامُهُ
حُزُمَ الظلام
أَسَرَتْ رياح مودّة
هبّت على جمر اللقاء
فغدا الضياء مورّدا أبدا بـأنسام الغروب
هل يحلو هذا العمر في أرض اليباب؟
من يسقي تلك المنى ؟
من يقلع العشب المدمّى من فمي؟
من يزرع الأحلام في روحٍ  ذوت أزهارها
وتجرّعت مُرّ الحجارة والغراب
مالي أساكن لوعتي
 كالطير مذبوحا أسير
هل يا ترى
 أُلبستُ جرحا ليسَ يشفى كالسعير
لن تطفئَ اللاءاتُ جمرا أو أنينْ
فبأي آلاءٍ الهوى أرجو الحنين 
سيضيء ليلي  بعدما
أضناه  شوقٌ للرحيل
حانَ الرحيلْ
حانَ الرحيلْ












صهيل الوهم

خذني أماما
واترك الماضي ورائي قد شبعت تكبّرا
تلك الفقاعات التي تأتي خيالا
من صهيل الوهم  من عين الضبابْ
نجترّها ندمًا مريرْ
نحيا على لبلابها زمن الطربْ
نلهو نصفّق متخمين بكلّ صرعات الكلامِ.
نُجِلّ مَنْ حرق المدائن والمراكب والحسانِ
نغوص في وحل الخداع لغوًا وافتتانا
نُداس نعلا إثر نعل لا تذمّر أو عتبْ
ونقول في صلف ومين:
في غابر الأزمان كنّا السّائدينَ
الحاكمينَ الظالمينْ
كنّا الجهاتِ
شِمالَها وجُنوبَها كنّا الغَضَبْ
ولنا الشروقُ وغربُه في العالمين
هيهاتِ يا زمنًا قضى
قد كنت مجدا غابرًا،
صُرْتَ الكَرَبْ
ما عاد بالأَنْدَلْسِِ وصلٌ أو وجودْ
هذا زمان
فرّ من أمجادِ موسى بِِنْ نُصيرْ
هذا زمانٌ
غاب فيه خالدٌ وطوى الرشيد
فاغسل يديك
فلن ترى في الأفق أفقًا أو ضياءْ
خذني بعيدا
 إنّما الماضي كان يوما من حديدْ
واليوم يـا ؟
صدئ الحديدُ وصار وهما بل هُراء
ضوضاؤه  وضياؤه كلٌّ سواء
عشنا على أوهامه زمنا طويلاً
ثمّ عدنا خائبينْ
حتى بلا خفّي حُنين
فاغسل على ندمٍ يديكْ
وكما تغنى شاعرٌ
"هوّن عليك"
خذني أَمامًا لا تطلّع للوراءْ
كلّ الوراء إلى وراء
وحياتنا باتت خُواء
ما دمنا نحيا يومنا أمسًا
بلا أمسٍ يجيء
لا..اليومَ نحياه ولا يومَ  الغداةْ.
ديك المعرّي ما عاد يُصحي نيامًا سادرين
كم طال فجرٌ المتعبين
ولسوف نُبلي أقمصَ الأزمانِ جَرْياً
خلفَ أوهام السنين
أَسْرَى القدرْ
أسرى الأئمةِ والشيوخِ وكلِّ من حَلَفَ اليمينْ
الليلُ داجٍ
لا أرى في لجّهِ ثقبًا
وَمْضاً  لوعدٍ
أو سراجٍ  في  الضبابْ
هل يأتي  ذاك الفجر يومًا
أم ترانا سوف نبقى في اغتراب؟




ومضـــــــات

ومضة جموح 1
...

هذَا زَمَنُ سُقُوطِ الطينِ
كَلِماتِي أَعْيَاها نَوْحِي
وحروفي أَغْفَتْ في جُرْحِي
هَلْ يُنْقِذُني اليومَ جُمُوحِي
حيثُ العشبُ يَنْشُدُ أمناً.
*****


ومضة  جموح  2 ...

مُهْرَتِي التي أَسْرَجْتُهَا قَلْبِي
ضَفَرْتُ شَعْرَهَا بأُنْمُلِ الشوق
جَمَحَتْ بِأَحْلامِي
وَأَغْلَقَتْ كُوَى دَرْبِي
***

ومضة جموح 3 ...

مِنْ لا مَكَانٍ جَاءَنِي صَاهِلاً
عَلَى صَهْوَةِ الشَّوْقِ
حَاِملاَ قارُورةً ... جَمَحَ عِطْرُها
فَاخْضَرَّ الْمَكَانُ.
****
صَهَلَ الحَنِينُ فانْزَلَقْتُ
عن صَهْوةِ الشَّوْقِ
الحُبُّ جُمُوحٌ
***
خَلَعَتِ الغابَةُ أَغْصَانَها
الأَعشاشُ فارِغةٌ
تاهَتِ الطُّيورُ
***********
حَلَّقَتْ في فَضَاءِ الحَرْفِ
تمدُّ لِساناً فُضّياً
تَغَلْغَلَتْ في خاصِرَةِ الكَلامْ
لِنَشْهَدَ ولادَةَ قَصِيْدَةٍ
هَطَلَتْ مِنْ رَحَمِ الإبْدِاعِ

*********
هذا الهَمْسُ المُدَوِّي
يَأْتِيني بَوْحاً عَلَى شِفِاهِ الشَّوقِ
أَسْطُرُهُ المُشْرِقةٌ مكتوبةٌ بريشةِ الروحِ
يُغْلِقَ الليْلُ عليه كِتَابَهُ
لِأراهُ حُلُماً مِنْ عطرٍ
عَلَى صَدْرِ زَهْرَةْ
********



العَيْـنانِ الخَضْـراوانِ

ريــــمٌ  أطـــلَّ  مُعَـــطـَّــــــرَ  الأرجـــاءِ           
 يــخْطُـــــــو  بـحُنْـــــوٍ  دافِــــــئِ  الأنحــــاءِ
سَــجَدَ  الـجَمالُ  أمامَ  سِحْرِك   خاشِعاً       
 مُتَــــضَـــرِّعاً  لــعُيـُـونِـــك  الـخَضْـــــراءِ
وسَــــعى  يُـغالـــبُ   شَــوْقَـــهُ   مُتَلهِّـــــفـــــاً    
فـلَعــلَّــهُ    يـَحْظــى بـِفَيْـــضِ  ســـَــــخاءِ
لـمَـــةٌ  مُنَمْنَـمــــةٌ  عـَـلاهــــا  شــــامِــــــــخٌ       
 أنِــــــفٌ  فيـــــا  لَلْرِفْعَــــــةِ  الشـــــــــمَّاءِ
فالرُّمْـــشُ  سـيفٌ  والحـواجِبُ  أسْهمٌ      
 ســــاحُ   الــهَـوى  في   الــمقـلةِ  النّــجْلاءِ
حـاربـْــتُ  فيـْــها  والفـُـــؤادُ  مُضَــــــرّجٌ       
 حتّــى   دَميْــــتُ   و لاتَ  حــيـنَ  وقــاءِ
فارْتعْــــتُ  عُجْبـــاً  إذ  رَأَيــْتُ   عيونــَـها
 مــَـرْجــــاً  يـَمُـــوجُ  بـجـــنّـــــــةٍ  غــَــــنّــاءِ
فخلعْتُ  روحي  سابـِحاً في  عِطْـرِها     
 منــهــــا  أعــــــبُّ  حـَــــلاوةََ   الأنــــداءِ
أغضيـْــتِ  طَرْفــــاً  حالِمــاً  مُسْتَـحْـيِيـاً    
إِذْ  مــا ســـمِـعْـــتِ  بـذلــــكَ الإِطـــراءِ
فظنَنْـتُ  أنَّ  ســبائـِـكاً  من  عَسْـجَدٍ    
أغـــفَــتْ  علــــى  مُقَــــلٍ  مـِـنَ  الأضــواءِ
فـكــأنَّهــا  فــي  سِحْــرِها  وجَمـالِهــا    
فيـــروزةٌ  فــــي  صـــفْـــحَــة   بـــَـــيْضـــاءِ
قبيـــع/  30  نيسان 1993 
قراءة نقدية
في مجموعة  الشعرية الرابعة
(النهر يقطر من فمي )
                                      للشاعر عادل نايف البعيني

سـمير أبو غازي
في هذه المجموعة تتناغم الأجناس الشعرية الثلاثة ( المقفاة والتفعيلة والنثرية)، لتشكّل روافد لنهر يتماوج بشفافية قبل أن يقطر من فم الشاعر، العنوان يحمل دلالاته من خلال صور شعرية مركبة. تلك الصورة التي يقول عنها يوسف حامد جابر:"إنها تأتي مكثفة للإحاطة بالموقف الشعري المؤسس على موقف حياتي صريح".  وهي بطبيعة الحال صورة تمتد في أكثر من اتجاه،  فالنهر يقطر في فم الشاعر تارة، وطورا آخر يقطر منه ليلوّن صحراء الحياة، وقحط الأشياء من حوله فالشاعر هنا يبدو وكأنه الشلال، جزء من تضاريس النهر، يأخذ النهر يبتلعه، يهضمه، ثم يعيد تشكيله وفقاً لخطة حركية فيزيائية جديدة.
في هذه الدراسة سأحاول أن أرصد تحوّلات النهر، وسأسمح لنفسي أن أقارب بين مفهومَيْ النهر والشاعر، بأن ينوب أحدهما عن الآخر.
أولا: في قصائد القسم الأول(قصاصات) تبدو الانسيابات رقيقة في البداية، وهنا تدخل الريح ليقول النهر في قصيدة (سألتني الريح) :   كيف أعددت نفسك / لاجتياز حاجز النهايات/ أجبتها : هذا الزمن الرديء/ نهاياته بدايات/ بداياته نهايات".
يقول النهر أو الشاعر: وبما أنه الزمن الذي لا يمسك، وإننا ندور في حلقة مفرغة، هنا
يبرز الزمن الرديء، لأننا خارجه، وأرى في هذا شيء من الاستكانة والخضوع...
يقول النهر : من الاستكانة إلى الرفض، أمام هذا الكناري الذي يرفض أن يغادر عشه خوفا من ضياع الحلم يقول الشاعر: في ظلّ أصابعي/ يرقد كناريٌّ / رفض أن يغادر قفصه/
مخافة أن يطير العش".
ومن الرفض إلى التحدّي، يقول النهر: إذا لم تحرقْ كما حرقوا / إذا لم تقتل كما قتلوا/ إذا لم ترهب كما رهّبوا / ستبقى تحت نعالهم / لا خجلُ ".
ومن التحدي إلى المجابهة، لكن مجابهة تأتي من نوع آخر، لتجعل النهر أكثر تمايلا، وأكثر رقة. وقفنا وجها لوجه / صنعنا مغارات وأقواسا/ وعندما أدارت ظهرها / لمعت أسنانها / وسقط القناع.
في قصيدة (خائنة) أجد قصيدة الومضة، وهنا ترى الإيجاز والتكثيف اللغويين، وهذا ما تتميز به قصيدة النثر، فالنص مفتوح على التأويل، فهل الذاكرة هي الخائنة، أم المرأة التي ربما لم تعد تحتويها الذاكرة هي الخائنة: غدت ذكرياتي من زئبق/ وذاكرتي كالمنخل/ لهذا أسميتها خائنة.
ولكن عندما يأخذ السنونو بالرحيل في قصيدة (لماذا)  إذ يقول:  أجمع حوائجي/  ثم أحتقب ذاتي / منتظرا سربَ رحيل/ يمرّ قطار أحلامي/ فأنساني حيث أقف/ لماذا أتيت؟.
كيف يصبح الجسد حقيبة سفر؟ وكيف يحتقب الإنسان ذاته؟ يرسم الشاعر طيوره في رصد اللحظة، آن انتظار الرحيل، ولكن حين يمر القطار قطار الأحلام يجد الشاعر نفسه خارجه.
" أمطارٌ غزيرة تنصبّ فوقي/ تغسل داخلي / وما يزال شجر الليمون / يبكي عطشا؟. يستهجن النهر:  أي جوع يجعل الليمون يعطش؟ وأنا النهر. وهل الحلم هو الليمونة التي جفت؟ أيّ تماهٍ مع الصحراء؟ كأنك تمشي وحيدا تحت شمس افريقية.فهل هذا ما تقوله قصيدة جفاف؟
إنّ قصائد (قصاصات) في مجملها كما سنرى لاحقا أيضا، تحاكي الحياة والمعاصرة، تحاكي التنافر والاختلاف، وتتميّز بأنها شديدة الاختصار والتكثيف. وهذا ما يشير إليه د. خليل
موسى حول قصيدة الومضة أو النثر.
في قصيدة عصافير، نجد بروز السردية الواضحة فيها وتبدو حكائية تفسر على لعبة السرد والقص..
أمّا قصيدة (قل وداعا ومت) تبرز فيها امتزاج الشعري بالحياتي، مع السياسي واليومي. ونرى
الشاعر يرسم الحياة المنفى ثم المأوى الأخير حول ماسورة بندقية عبر لغة مشحونة للحظات
تفصل بين عالمين، ليقدم لنا جدلية الحياة والموت عبر رؤية نافذة تشبه ماسورة البندقية، أو كأنما تطلّ منها يقول:  نورك يتسلل لصّا/ من بين ثقوبٍ أحدثها سفح الرمل/ بين غيمتين حملتهما اذرع الريح/ من ماسورة بندقية"
في قصيدة "أربعون مرت" يقول النهر: أربعون مرت/ والعصافير التي أضحت في أعشاشها/ راحت تفرّخ/ تزقّم صيصانها/ إلى أن يقول: أرهقها الفرح المؤجل...
هنا الحالة الدرامية واضحة، مما يعطي حيوية للصورة، والتراكيب اللغوية، ويبثّ فيها الحياة:
مرّت أربعون / ماذا تراني أنتظر/ غير غطاء من بياض الثلج.../.
كتب عبد المعين الملوحي في ديوانه " من وحي الصين":
إنّه أمرٌ عسير وقبيح/ أن تعيشَ/ طول تسعين سنة/ ثم لا تدري متى أنت تموت/ أنا أعياني صراخي/ أنا أعياني السكوت/ يا خيوط العنكبوت".
"النهر يقطر في فمي" هي حالة الرفض لشاعر لا يريد أن يطأطئ، حالة العناد المتواترة:" لن يزعزعني قيد ولا انكسار".لكن القافية برأيي التي جاءت في غير مكان مثل (زرد، زبد) كانت غير متوائمة مع مناخ القصيدة. مما أثقل العمل. وكان أيضا لطغيان الفكرة أحيانا، أثر على شاعرية القصيدة.
أما قصيدة (الآن أنت ولا أحد) فقد أخرجت ما في جوفها من جماليات لغوية وشعرية، قبل الوصول للمقطع الأخير الذي يقول: وحدي سأمضي صانعا وعدا جديد/ وحدي سأمضي كاتبا بالدم تاريخي الجديد" حيث جاءت قريبة من النظم والإنشاء أكثر من الألق والتوهّج بينما كان يمكن أن تنهي القصيدة عند: اليوم أختصر الوعود بطلقة / بحنين صاروخ لأرض
ظامئة..
في قصيدة (الدخول في الوهم) إذا كانت الحياة مبنية على ثنائية الأضداد، فإن الدخول في الوهم يجعلك تقف على حدود الرثاء، أوليس هناك من يرثون حالهم، حال انكشاف الوهم: بعد هذا السقوط المريع في وحل الكلام/ وتعثر القلم في مطبات السواد/ واندلاق الحبر على بياض العمر حتى الاختناق/ أيقنت أنني أحيا على وهم الوجود. .... لكن الشاعر يؤكد على العودة إلى حالة أكثر وجودية وتأثيرا لكنها ربما أقل شاعرية يقول: "سوف أحبّ من جديد/ وسألبس عباءة حلمي الذي تاه مع الفصول.
وأخيرا في قصيدة "ديوك" يسمع  النهر صوت الديكة (هذه الجملة تعود على البدء في تحوّلات النهر المفترضة) يرسم الشاعر بشفافية وبأسلوب تهكمي حالة العجز العربي على الفعل، وحالة الإخصاء الفكري للمهزومين، وهنا تأتي الفحولة ويأتي الديك ليعلن الانتصار الجسدي، والذكورة هنا تعويض عن فقدان الحالة الفاعلة للرجولة، وتردّي الذات ليعيد رسم حالة الانحطاط والتبعية يقول: ...نعيش كالجراد/ في بلاد المؤمنين/ راكعين ساجدين/ وحولنا وبيننا وفوقنا/ ديوك ديوك/ في شرقنا الميمون نحيا للنساء/ وهمّنا أن نجمع الإماء/ فالمتعة انتماء.
   إذا كان الشعر فعالية إنسانية، له طبيعة حركية تتسم بالتجديد، كما يقول يوسف حامد جابر في كتابه:"قضايا الإبداع في قصيدة النثر"  فقد جاءت قصيدة ديوك فياضة بالحركة، أمدّها في ذلك حالة الشحن العاطفي والصورة الشعرية، فمن بلاد المؤمنين الراكعين الساجدين إلى أن تصبح المتعة انتماء إلى أن يصبح التاريخ مزوّر والمجد مزوّر.
وفي ذلك يقول وليد مسّوح في دراسة له عن عبد الله البردوني أن الحركة ركن هام من أركان تكوّن الصورة الفنية. فتغيير وتركيب الأشياء المحيطة يكون بتفكيكها ثم إعادة تركيبها من جديد كما يراها الشاعر وليس كما هي بالفعل.
ختاما أقول مجموعة النهر يقطر من فمي تستحق القراءة، وهي صادرة عن دار ليندا للطباعة والنشر والتوزيع، حاول فيها الشاعر عادل البعيني أن يرسم ملامح لقصيدة أكثر حيوية وأكثر جمالية، لتغدو الحداثة الشعرية شكلا ومضمونا هاجسه الشعري.
____________________________
-       الصورة الفنية عند عبد الله البردوني.
-       قضايا الابداع في قصيدة النثر ليوسف جابر حامد.
سمير أبو غازي  


أمسية شعرية وتوقيع ديوان
في حشد لا بأس به في هذا الزمن الجاف وبرعاية المدرسة اللبنانية قبرشمون- ونادي السلام الرياضي في البساتين، أحيا الشاعر عادل نايف البعيني أمسية شعرية أعقبها توقيع لديوانه الأول" همسٌ فوقَ ضفافِ النور"..وقد قدم الحفل السيدة ناريمان المهتار.
وكان أول المتكلمين مدير المدرسة اللبنانية الشيخ خالد رافع، الذي أكّد على التواصل بين المدرسة والفكر والثقافة والشعر، فرحّب بالحضور عامة، وبالأستاذ المربي شفيق يحيى وبالشاعر صاحب الأمسية، حيث قال:
" أرحّب بمن سطّر صفحاتٍ ناصعةً في حقلي التربية والتعليم وقطاع التفتيش المركزي، المربي الأستاذ شفيق يحيى..."
" أرحّب بصاحب القلم الثائر، والسيف الشاهر على مواطن الظلم والفساد والقهر، أرحب بمن سبك القوافي دررا تتلألأ على جبين الشعر. الشاعر الأستاذ عادل البعيني وهمساته الوجدانية على ضفاف النور.
وأضاف : " للتربية والتعليم دور أساسي في بناء المجتمع وتقدمه، وهذان لا يتحققانِ إلاّ بالإيمانِ والعمل ، وإنّ المدرسة اللبنانية أخذت على نفسها أن تسير قدما في طريق التقدم والنجاح، معاهدة الجميع بأن تبقى وفية لرسالتها التربوية".
ثم ألقى ممثل نادي السلام الرياضي الاجتماعي الأستاذ " أكرم غصن " كلمة قصيرة أشاد فيها بالشعر والشعراء والتواصل الثقافي والرياضي بين النادي والمجتمع".
وكان في ختام الكلمات مداخلة غنية للأديب المربي شفيق يحيى الحائز على وسام  الأرز الوطني من رتبة فارس. جاء فيها:
" عرفتُ الأستاذ عادل البعيني قبل أن أقرأ له في كتبه أو الصحف التي ينشر فيها بعضًا من شعره ونثره، عرفته أستاذَ لغة عربيةٍ في زمنٍ عزّ فيه تعليم العربية، وقلّ فرسانها، عرفته مشاركا في ندوات أدبية وتربوية، فلمست الصدق في كلماته وأفعاله ومشاعره الوطنية والاجتماعية، وشاهدته متوجّها بشعره ونثره إلى قضايا مجتمعه، ووطنه وعشيرته، مدركا أن قيمة الإنسان في عطائه وفكره، والقدوة المثلى بسلوكه، لا بكثرة المواعظ والخطب الإرشادية".
ثم تحدث الأديب  يحيى عن الشاعر وعطاءاته وكيفية تقسيم ديوانه وأبرز ما جاء فيه. ثم ختم مداخلته بنبذة عن مؤلفات الكاتب الصادرة والتي ستصدر.
            وكان بعد ذلك إلقاء بعض القصائد بصوت الشاعر والتي لاقت استحسانا وإكبارًا من الحضور، ومما جاء من شعره قصيدة وطنية قومية من الشعر الخليلي يحث فيها الشاعر العرب على النهوض، والتصدي لمؤامرات الغرب وإسرائيل جاء فيها:
                 أبـنـاءَ يـعرُبَ   أيْــنَ منكُمُ   الشَّمـمُ
                                  والـهندوانيُّ  إِذْ  زِيـلـت بــه  اللِّـمَـمُ
                  مَنْ مُـنْجِـدٌ  أنــِفٌ  يُنْجِيـنا  من عَثَرٍ
                                   مـنْ   رافِـضٌ   ضَيماً  بالمجْد ِ يَعْتَصِمُ
                 هَذِي  صَوَارِمُـــنا  قَـــدْ ثَلّـــها  صَـدَأٌ
                                     وخــيلنا اضــطرمتْ في صـدرها الحمم
                 صُهْيـونُ  يَـمْـرَحُ  في  أقْداسِ  حُـرمتِنا
                                     مَــــهْـدٌ   يُــــدَنَّـسُ  بالآثامِ والحـرمُ
                 طِفْـلٌ   يــدَلَّلُ   في   أَحْضَانِ   قَـابِلةٍ
                                     الشَّــرقُ   لُعْـبَتُهُ والغَـربُ   والعَـجَـمُ
                أمريكا جاءتْ تَــمُدُّ اليـَـدَّ بــــاسِــمةً
                                     وخَـنْجَرُ  الغَـدْرِ خَلْفََ  الظهرِ  يبتسمُ
                يا شَعْبُ   هَيّا إلى الهيجاءِ  في غَضَبٍ 
                                      فَـالقُـْدسُ تـُـؤْسَـرُ   والْجَولانُ يُقْتَسَـمُ
ثم تابع عددًا من القصائد الوجدانية والغزلية أضفت على الحضور جوًّا من المحبة والبهجة،وفيما يلي مقتطفات مما ألقي في الأمسية:
من قصيدة بعنوان ( وَجَعُ الحِكَايَةِ) جاء فيها:
أضرمْتُ   جُرْحي  صامتاً   وأضأتُنِي/  لهباً  كبرقِ  /   الأمنياتْ  /  وزرعْتُ   حقدي   هادراً /   وَمــلأتُنـِي  غَضَــباً  /  كَعَر بَــدَةِ /   الرياحْ.
وجعُ الحكايَةِ  /   قَدْ أقضَّ    مضاجِعِي.  /   هل أَنـــْحَنِي   والجرحُ   ينـزف   /  من رجاء
هل أَنــــحَنِي   وَهُنَاك   مَنْ    غَزَلَ   الدّماءَ  /  خيوطَ   حقدٍ  /  وانتقامْ
أَحْيَا   مَدَايَ    بلا  ارتقاءٍ    /   أو وصولْ
أَمْشِي وَتَسْبِقُُنِي الطريقُ     /  فَلاَ    الْتـــــِقاءٌ   /  أو هُطُولْ
يا أمسُ حدِّدْ لي مساري في المدى.  /  وانْزَعِ   الأشواكَ   عَنِ   /  حُلُمي   الجريءْ.
قَدْ   يَصْنَعُ   الألَمُ  القصيدةَ،   /   يجدُلُ   الْحُلْمَ   /  الجميلْ

قدْ يَصْلِبُ الحقدُ  الحقيقةَ،  /  يَعْتَلِي سرجَ الضياءْلكنَّهُ
مَهْمَا تَـمادى  الطيش   في    /  عَز لِ   الحقولْ.
لن   يطفئَ    الأفْلاكَ   يَوْماً   /  أو يغيّرَ   فِي   /   الفُصُولْ
عاليه  25/10/2003
 وختم الشاعر أمسيته بقصيدة من الشعر الشعبي تدور حول الطفل محمد الدرة. كان لها أبلغ الأثر في الحضور.وفي ختام الحفل قام الشاعر بتوقيع ديوانه " همس فوق ضفاف النور " حيث لاقى ارتياحا كبيرا لدى الجمهور.
          الكاتب : نجيب البعيني _لبنان

دراسة نقدية

أسفل النموذج
https://fb-s-c-a.akamaihd.net/h-ak-xtf1/v/t1.0-1/c0.0.50.50/p50x50/1497130_1688994908049808_3082320623791588713_n.jpg?oh=41ab1e7363841cdfec5d9c6d195231b3&oe=58C2B172&__gda__=1489619646_f8f7a5720df3ab42c3c23b3cb5106086

ليلُ المعري
إشكالياته _ دلالاته
تأليف : أ.عادل نايف البعيني
_________________
على هامش أمسية شعرية للشاعر فائز الحداد أقامها ملتقى جذور الثقافي في محافظة السويداء إلتقيت الشاعر والأديب الأستاذ عادل نايف البعيني ، وقد عرفت منه إهتمامه بكتابة الشعر والبحث في قضاياه ،وقد أهداني لاحقاً مجموعتين شعريتين له ،الأولى عنوانها : همسٌ فوق ضفاف النور صادرة عام 2004 ، والثانية بعنوان : النهرُ يقطر في فمي ، صادرة عام 2011 ، كما أهداني كتابه: ليل المعري،الذي أحاول في مقالتي هذه عرضه لقراء صفحتي تعريفاً بجهد المؤلف ، وتعريفاً من بعد بشاعريته إذا سمحت لي الظروف ، وإشادة بالحفاوة التي لقيتها وزميلي الشاعر فائز الحداد من أبناء هذه المحافظة العزيزة .
وأود أن أشير الى أن للأستاذ عادل البعيني مؤلفات أخرى منها : المُعين في إعراب الأدوات ،والمعين في الإنشاء والتعبير.
وكتاب ليل المعري ، يقع في خمسة فصول وخاتمة، تناول في فصله الأول ، عصر المعري، حياته وعلمه ،وأعماله الأدبية والفلسفية، وتناول في فصله الثاني : إعتزاله الناس، وفيه : المعري بين بغداد والمعرّة، إعنزاله وعلاقته بالنجم سهيل ، أثر العاهة في شعره ، وتناول في فصله الثالث: ليل المعري ومدلولاته، بدأه بمقدمة، ثم أتبعه بمدلولات الليل في: الوصف،في الهم والمعاناة ، في المدح ، في الرثاء، في الفخر ، في فساد العصر والناس ، في الحياة والموت .
وتناول في فصله الرابع ، في علم الفلك والنجوم، وتناول فصله الخامس : موقف المعري من المرأة ، ثم خاتمة الكتاب ، ومصادر ومراجع الكتاب الذي بلغ عدد صفحاته (252) صفحة من القطع المتوسط .
يقول المؤلف:
عاش المعري في العصرالذي تلا أيام الرشيد والمأمون ، والمعتصم، والمتوكل ، تلك الفترة التي مهّدت بحق لعصرٍ ذهبي، تمثّل بأدب عربي إسلامي جاء بصورة أكثر وضوحاً، وأشدَّ جلاءً، وأمضى بقاءً، عصرٌ إمتد طوال القرنين الثالث والرابع الهجريين، الى أوائل القرن الخامس، وعليه يكون حليمنا قد يفعَ وكهلَ وشاخ في أوائل العصر العباسي الثال الواقع بين(334_ 656 ه 945_1258م ) .
وفي خاتمة الكتاب يرى مؤلفه الأستاذ عادل البعيني أن حياة المعري كانت ليلاً موصولاً، فالسواد والظلام في العين رؤية، وفي القلب حظٌّ، يحاصره من كل جانب هماً ونصباً ومعاناة، حتى من خادمه الذي أشقاه لكثرة ما عانى منه، بالرغم من جميل إحسانه ، وكثير عطائه .
لقد وجدت في هذا الكتاب ما أمتعني وعاد بي الى مطالع أعوام الستينيلت حيث ألقت علينا الدكتورة المرحومة بنت الشاطيء محاضرات عن أبي العلاء في كلية آداب جامعة بغداد ، ومتعتي الأخيرة عن التشكيل في الشعر العباسي للدكتورة وجدان المقداد ، وفيه فصل هام عن اللون في الشعر العباسي .
أرجو أن يجد القارىء في كتاب الأستاذ عادل نايف البعيني ما وجدته فيه من متعة وسعة إطلاع وصواب الإستنتاج ، فله مني كقارىء تحية وثناءً ، والله الموفق .



[1] إشارة إلى دمشق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق