الاثنين، 14 نوفمبر 2016

صرخة من الاعماق / د . محمد القصاص / الاردن

صرخة من الأعماق 
يكتبها
الدكتور محمد القصاص
أردت أن أعيد نشر هذا المقال ، بعد تعديله بشكل يلائم الواقع ، وقد جاء اليوم للتذكير والتحذير مما نحن قادمون عليه من متغيرات وكوارث اقتصادية لا يعلم نتائجها إلا الله . خاصة بعد الإعلان عن ارتفاع قيمة المديونية إلى أكثر من 26 مليار دينار .
فماذا قدم النسور الذي جاء للإنقاذ والإصلاح ؟ ، ماذا قدم للاقتصاد الأردني غير الويلات ؟، وهو الذي جيء به من أجل محاربة الفساد والمفسدين ، وإنقاذ ما تبقى من اقتصاد الوطن ، والعمل على تخفيض قيمة العجز والمديونية في الاقتصاد الأردني ، لكن خيبة الظن كانت أكبر وأصبحت مرهونة بوجود النسور كرئيس للوزراء ومن سوء الحظ فإنه لم يقدم للوطن أي شيء يذكرنا بحسن صنيعه ، كانت خطبه نيرانية ، جعجعته ومبالغة واستخدام المفردات البليغة ، وملامح تدل على القسوة والشدة والاستقامة ، لكن كل قراراته التي تحدث عنها كانت تجري بعكس ما يقوله تماما ، بل ولقد انحدر الاقتصاد الأردني في عهده إلى الحضيض ، ولم يجرؤ على محاسبة أي فاسد من الفاسدين القدامى المدعومين جدا والمتنفذين جدا ، وكانت كل القرارات التي اتخذها النسور من أجل الإصلاح وإنقاذ الاقتصاد الأردني محض ادعاءات باطلة ليس لها وجود ، بل وانهار الاقتصاد في عهده وزادت المديونية ، وكانت وعوده كلها عبارة عن وعود وهمية لا أساس لها من الصحة ، بل فقد تبين لكل المراقبين وأصحاب الفكر والمتابعين لآداء حكومة النسور ، بأنها عبارة عن قرارات صورية مزيفة لا وجود لها ، وقد أوقعت الاقتصاد الأردني بمزالق ما أنزل الله بها من سلطان ؟؟ ، ومع ذلك ها نحن نجد النسور اليوم عين في مجلس الأعيان !!
من هنا فإني أقول إلى الأردنيين بكل صراحة وصدق ومحبة : أيها الأردنيون النشامى .. إن الوطن هو أغلى ما نملك ولو متنا جوعا وفقرا ، وليكن بحسبان الجميع بأن أي عبث بمقدرات هذا الوطن سيقودنا إلى الجحيم ، وستئول بنا الأمور إلى ما آلت إليه في أوطان أخرى من حولنا ، وعلينا أن نكون حذرين جدا مما يستهدف شبابنا اليوم من انحراف في سلوكياتهم وتعرضهم بشكل مباشر إلى هجمة شرسة ، حيث أنهم أي فئة الشباب مستهدفون اليوم أكثر من ذي قبل بأنواع شتى من الأسلحة الفتاكة وعلى رأسها المخدرات بأنواعها ، حيث نرى تجار المخدرات اليوم ينشطون بشكل كبير ، مستغلين كل الوسائل والسبل من أجل نشر الحبوب المخدرة وما يسمى بالجوكر بأقل الأسعار على شبابنا وشاباتنا وطلابنا وطالباتنا في المدارس والجامعات ، ولا أستبعد ضلوع الكثير من المتنفذين وأصحاب الثراء الفاحش في الاتجار بهذه السموم مستغلين أيضا للإمكانيات المتاحة من أجل تنمية هذا النوع من الاتجار ، وما يهمهم سوى الربح الوفير ، وتضييع الشباب الذين هم عماد الوطن وجنده والمدافعين عنه . 
إنني أتوجه إلى الحكومة وإلى وزارة العدل وإلى كل المحامين النشامى لاستصدار قرار حكم الإعدام لكل من يثبت تورطه بتجارة المخدرات ، أسوة بالمملكة العربية السعودية التي طبقت هذا النظام منذ أكثر من عشرين عاما وما زالت ، وكان لهذا القرار نتيجة إيجابية فعلا .. 
أيها الأردنيون ، الوطن يحتاج لجهودكم ووقفتكم الشجاعة ، فلا تتباطئوا في اتخاذ القرار الحاسم والصادق من أجل الوقوف في وجه الفساد والمفسدين وتجار المخدارت . أروني شعبا حرا أبيا يستطيع أن يمارس حياته بحرية واستقلالية خارج وطنه ، أو العيش في بلاد الاغتراب مهجرا لا يملك حولا ولا قوة .. وأنتم من رضعتم لبان المواطنة منذ ولادتكم على تراب وطنكم .. 
وحتى لو كان حظ هذا الوطن تعيسا نتيجة تولي بعض الأشرار مسئولياته الجسام ، فلا والله سنؤيد دفع الوطن مهرا للعابثين المتربصين به السوء .. ولقد رأيتم يا أبناء الوطن .. كم من رئيس وزراء جاء وتولى المسئولية ، لكنه لم يقدم لهذا الوطن سوى الويل والثبور ، بل ولم يترك وراءه غير العار والخذلان والسمعة السيئة ولعنة من الله والناس عليه ، وما كانت شاكلة أولئك الرؤساء منذ أكثر من عقدين من الزمن إلا نماذج متشابهة أو كما يقال (وجهان لعملة واحدة ) ، ومن طينة واحدة ونسخة واحدة ، كانت أفعالهم متشابهة وكل مجهوداتهم موجهة لمصالحهم الشخصية ، ولم تخدم إلا أطماعهم وأغراضهم .. 
والأردن الآن يقف وحيدا في المنطقة برمتها ،وهو في مهب الريح ، واقتصاده يمضي من سيء إلى أسوأ ، والحكومة الجديدة ، تلمح الآن إلى رفع أسعار السلع والمواد الغذائية التي لها علاقة مباشرة بقوت المواطن لا فرق بين فقير ولا غني ولا محتاج ، لقد مرَّ فقراء الأردن بسنوات عجاف ، حيث زادت الأسعار إلى أكثر من خمسة أضعاف ، بينما بقيت الرواتب على حالها ، وهي كما صنفت أخيرا دون خط الفقر بأكثر من ضعفين على الأقل ، ولذلك كانت الزيادات في أسعار السلع والمواد الغذائية تقتلع من جيب المواطن الفقير ، وبهذا أصبح الشعب الأردني هو الذي يقوم بالصرف على الحكومة فعلا ، وليس لديه أية موارد اقتصادية أخرى يمكن أن تخرجه من الفاقة والفقر المدقع ، والحكومة والله لم تعلم ماذا يصيب هذا المجتمع من فاقات وآلام وعوز . لأنهم يبيتون متخمون بأطايب الطعام ، وتسعون بالمائة من الشعب ، يتمنى فتات موائدهم .
أنا لم أكتب ما كتبت على سبيل الدعاية ولا من أجل الإساءة لبلدي ، لكني أنا أكتب هذا بمرارة شديدة ومن واقع الحال الذي نعيشه كأردنيين ، ولأني أنا في بؤرة المعمعة ، ومعاناتي والله لا تختلف عن معاناة أكثر من تسعين بالمائة من المواطنين .
الدعم والمساعدات والأموال التي تمدنا بها الدول الصديقة ، لا تنعكس أبدا على اقتصادنا الوطني ، والموارد الاقتصادية التي ترد لخزينة الدولة من الضرائب والمردودات المحلية ، هي أيضا لا نلمس لها أي أثر على الاقتصاد الأردني . الأردن أيضا لا يخل من الدفائن والكنوز والآثار ، فلو لجأت وزارة السياحة والآثار للبحث عن تلك الدفائن والكنوز بموافقة الجهات المختصة وتحت رقابة شديدة ،وباستخدام أجهزة حديثة للبحث عنها، لاستطاعت بشكل مؤكد بما يمكنها العثور عليه من كنوز ودفائن ومعادن ثمينة ، من رفد الموازنة العامة واحتياطي الأردن لدى البنك الدولي بأموال هائلة .
أين تذهب أموال الدعم والمساعدات المختلفة التي تقدمها الدول الصديقة والشقيقة ؟ أنا صراحة لغاية الآن لم أشر بعد بأصابع الاتهام إلى رئيس الوزراء الحالي السيد الملقي ، لأني ما زلت أجهل توجهات هذا الرجل ولا سيما أن الحكومة لم تتولى صلاحياتها كحكومة نموذجية ، لحداثة تشكيل مجلس النواب عندنا ، ونيل الحكومة ثقة هذا المجلس الذي لن أتفاءل به كثيرا ، خاصة وإن البوادر المنتظرة منه غير مشجعة . 
ولعلنا ندرك أيضا بأن أبواق الدعاية الأجنبية ودول أخرى شقيقة ، تعمل الآن ما بوسعها ، وتبذل أقصى جهودها ، من أجل إثارة الفوضى في وطننا ، ومحاولة تدمير وطننا فوق رؤوسنا ، إذن .. علينا أن نكون أكثر وعيا ويقظة وانتباها ، ولا نقبل بأن يكون دمار الوطن بجرة قلم أي دخيل أو تاجر مخدرات أو متجر بحرية وكرامة الوطن والمواطنين .
كل المجعجعين والمنادين بالإصلاح ، والذين كانوا يقودون حركة المعارضة بالأمس ، لكنهم جاءوا وقادوا حركة الإصلاح المزيفة التي زادت الطين بلة ، وأوقعتنا بمأزق اقتصادي لم يشهد التاريخ مثله ، وهكذا فقد تجاوز هؤلاء الحدود ، وأوصلونا إلى حافة الهاوية .. فإلى أين تقودنا الحكومة الجديدة يا ترى ؟ 
انظروا إلى اليونان كيف استعاد عافيته بسرعة البرق ، بعد النكسة الاقتصادية التي هزت كيانه .. ،كل أوروبا وقفت معه .. ونحن اليوم تصيبنا النكسات تلو النكسات والعالم العربي يتفرج ،، وبعض حكام الدول المتغطرسة .. وهم من عشاق ليفني وغيرها من المومسات ، والذين نشرت فضائحهم تباعا وهاهم الآن يتفرجون علينا ونحن نعاني ويلات أمة لم نكن نحن سببا فيها أبدا ، يتفرجون ولا يحركون ساكنا .. يريدون لهذا الشعب الدمار .. وما الدمار ببعيد عنهم ، ودورهم سيكون غدا .. وإن غدا لناظره قريب ...
الله أكبر .. يا جلالة الملك .. أنقذ الأردن .. أنقذ الوطن يا جلالة الملك .. أنقذ شعبا مخلصا لك وفيا لجلالتك .. فكما عودتهم دائما على المكارم ، ومكرمة جلالتكم هذه المرة في تحسين اقتصادهم وحياتهم وظروفهم المعيشية ، ليتك يا صاحب الجلالة تقوم بجولات تفقدية عشوائية على بعض المدارس في القرى والمدن ، وترى جلالتكم كيف أن بعض الطلاب والطالبات الصغار ، قد جاءوا إلى مدارسهم بلا مصروف وبلا إفطار . وأقسم بالله يا جلالة الملك ، أن في بعض المدارس طلابا وطالبات ، تفقد الوعي من الجوع ، ولما استفاقت سئلت عما بها ، قالت : نحن ثمانية بنات في منزل واحد ، وكل يوم يكون دور الإفطار لواحدة فقط من بين الثمانية ، لأن الإمكانية لا تسمح بأكثر من ذلك ، نعم والله إن العين لتدمع ، حينما نجد مثل هذه النماذج ، بينما تعج مطابخ الوزراء والأعيان والنواب وأصحاب النفوذ وكذلك الفاسدين والمفسدين بأطايب الطعام ..
نحن لا نريد خروج الأردنيين إلى الشوارع للمطالبة بتحسين الأحوال المعيشية .. إذ نخشى أن يكون من بين الخارجين إلى الشوارع عملاء وخونة وأناس لا تهمهم مصلحة الوطن ، فيجدونها فرصة للتخريب ..
يا جلالة الملك الأمن والقوات المسلحة ، هم أبناؤنا ، لا أحد منا يريد المجابهة .. يا جلالة الملك إن الحل بيدك .. فأنت دائما تسارع باتخاذ القرارات الصائبة .. فشعبك يستغيث وأردننا يستصرخ كل أصحاب الهمم العالية ، ويستصرخ الرجال المخلصين .. فالنجدة النجدة يا جلالة الملك .. من تردي أوضاع هذا الوطن ، وإصرار البعض على مواصلة نفس الجهود الجهنمية التي ما زالت قائمة في بعض الجهات ، مازالوا لم يتراجعوا عن غيهم ، ولو أدى ذلك إلى خراب الوطن ، وتدمير اقتصاده ... نستصرخك يا صاحب الجلالة .. للتعجيل بإنقاذ هذا الوطن من براثن الفاسدين ، ونطالب بمحاكمة عادلة لكل فاسد ومفسد ، اعتدى على مقومات الوطن وسرقة اقتصاده وبيع أراضيه سواء في الأغوار أو في العقبة أو في أي مكان من الأردن ، نحن لا نريد أن يترك لأي فاسد أو مفسد أو لص الحبل على الغارب .. وتؤول الأمور ليد الظلمة والفجار والفاسدين ..والله سبحانه وتعالى هو مولانا وبه نستعين على الظالمين .
الله أكبر .. يا رب احفظ هذا البلد ، ودمر الفاسدين والمفسدين والكاذبين واللصوص والحرامية الذين سرقوا اقتصادنا وأوصلونا إلى ما نحن عليه من فقر وسوء ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق