الجمعة، 6 أكتوبر 2017

كلمة بمناسبة الذكرى 44 لحرب تشرين 1973 // بقلم الباحث والكاتب / د . عبد الوهاب الجبوري // العراق

بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة بمناسبة الذكرى 44 لحرب تشرين 1973
تنويه /هذه الكلمة تختص بالجانب العسكري فقط
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بمناسبة الذكرى الرابعة والاربعين لحرب تشرين المجيدة أتقدم بخالص التهاني والتبريكات لكل الجيوش العربية - التي شاركت في هذه الحرب - والى فرسان المقاومة الفلسطينية واهلنا في فلسطين ، والذين لقنوا الجيش الإسرائيلي دروسا في الشجاعة والتكتيك العسكري العربي والاستخدام الفاعل للسلاح والعقيدة العسكرية والمناورات الاستراتيجية والتكتيكية وعلى تطبيق خطط الحرب ومبادئها وفق سياقات العلم العسكري المتطور والحرب الحديثة بكافة أنواعها الهجومية والاقتحام والاحاطة وبكافة الأسلحة الجوية والبرية والبحرية .
فكان الانتصار العربي في هذه الحرب دلالة على قوة وتلاحم الموقف العربي ، والفلسطيني جزء منه ، ضد أعداء الأمة إذا ما تعرض عضو في جسدها تناخى باقي الجسد بالغيرة والنخوة وان الخلافات العربية يمكن تجاوزها إذا ما تعرضت الأمة أو بعضها للخطر ، وإذا ما احتكم قادتها ومسؤولوها إلى العقل والحكمة والتبصر وغلبوا مصالحهم الاستراتيجية على مصالحهم الأنانية في لحظة زمنية حساسة ومهمة كما حصل في حرب تشرين .
إن ما حصل في حرب تشرين يعيد إلى الأذهان مآثر وبطولات جيوشنا العربية الإسلامية على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين والدولتين الأموية والعباسية . كما تعيد إلى الأذهان أيضا بطولات العراقيين والمصريين والسوريين القدماء الذين لقنوا أعداء الأمة الدروس والعبر والأمثلة الرائعة في الشجاعة والاستخدام الفاعل للسلاح والتكتيك والتوحد منذ الآلف السنين ، فكانت معارك البابليين بقيادة نبوخذ نصر الأول عام 598 ق. م ومعارك نبوخذ نصر الثاني عام 586 ق . م . ضد اليهود الذين تم ترحيلهم إلى بابل ومعارك الآشوريين على عهد الملك سنحاريب عام 722 ق. م. ضد اليهود الذين تم ترحيلهم إلى نينوى ومعارك التحرير المصرية القديمة بقيادة احد ملوك السلالة الثامنة عشرة طوطمس الثالث ضد الهكسوس في موقعة مجدو في بلاد الشام عام 1478 ق . م ومعركة عين جالوت التي هزم فيها المصريون المغول شر هزيمة إلى غيرها من معارك وبطولات الجندي العربي منذ تلك الفترة الموغلة في عمق التاريخ مرورا بمعارك صلاح الدين التحريرية ضد الصليبيين ... الخ كما كان لمشاركة الجيش العراقي في هذه الحرب بثقل كبير سفرا خالدا للضباط والجنود العراقيين الذين وقفوا إلى جانب إخوانهم في الجيوش العربية ، وسوف تذكره الأجيال بفخر المآثر التي سطروها وتلك الدماء التي سالت في كفر ناسج وتل عنتر وجبل الشيخ وصحراء سيناء دفاعاً عن قضيتهم العادلة ضد الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية وسوف لن تغيب عن البال أيضا تلك الملحمة الوطنية العراقية عندما مرت (24) طائرة عراقية مقاتلة مع أسراب الطائرات المصرية فوق قناة السويس على ارتفاع منخفض وبسرعة هائلة لتقوم بتدمير المطارات الإسرائيلية في سيناء وهي (المليز، ثمادة، راس نصراني) وتضرب عشرة مواقع إسرائيلية ارض- جو من نوع هوك والمقر المتقدم لقيادة المنطقة الجنوبية الإسرائيلية في (أم خشــب) ومقرها الرئيسي في (العريش).
كما لا ننسى أيضا ذلك الاستقبال الرائع الذي كان يستقبل به أهلنا في سوريا إخوانهم وأبناءهم من أبطال الجيش العراقي وهم يتوجهون إلى جبهات القتال وبالزغاريد بعد عودتهم منها وهم يحملون أكاليل الغار والنصر .
إن ما حصل في حرب تشرين يجسد الإرادة الواحدة في مواجهة الخطر المحدق بالانسان العربي وان مشاركة الجندي العراقي في هذه الحرب ، إلى جانب إخوانه في الجيوش العربية والمقاومة الفلسطينية ، يدل بما لا يقبل الشك أن الخطر الذي يتعرض له أي عضو في الجسد العربي إنما هو خطر يهدد كل الجسد وان تضحيات الجيش العراقي الباسل في هذه الحرب وكل الحروب العربية الإسرائيلية إنما هي تأكيد للمصير المشترك الذي يربط أبناء الأمة الواحدة ، فضلا عن كونه جيشا له خبرات طويلة في الدفاع عن قضاياها ، مما ساعد على تحقيق النصر في الحرب على العدو الإسرائيلي وكان له شرف المساهمة في تحطيم أسطورة الجيش ، الذي قالوا عنه ، لا يقهر وزعزعة أركان نظرية الأمن الإسرائيلي واثبات فشلها التام عندما أخطأت القيادة الإسرائيلية في حساباتها تجاه قدرات وإمكانيات الجــــــــيوش العربية وعقيـــــدة قتالها بإبعادها السوقية ( الاستراتيجية ) والعملياتية والتعبوية وفن استخدامها لمنظومات الأسلحة البرية والجوية والبحرية بشكل علمي وحديث ومتطور نال إعجاب العالم طوراحت معاهده وكلياته العسكرية ومراكز دراساته البحثية تدرّس فن وأساليب القتال العربية وتأخذ منها العبر والدروس .. 
والدرس الآخر الذي نستخلصه من الحرب هو أن الجندي العربي ، من أي جيش أو بلد عربي كان ، هو ذاته الجندي العربي المؤمن بقضيته ، المتمرس في استخدام سلاحه والمتقن لعقيدته القتالية إذا ما توفرت له كل المقومات والإمكانيات المطلوبة لخوض حرب حديثة مهما كانت ظروف المعركة صعبة .
تحية وتقدير لشعبنا الفلسطيني الصامد بوجه الاحتلال والى مقاومته الباسلة ، وتحية لكل جندي وضابط عربي شارك في حرب تشرين 1973 ، وتحية لابطال الجيش العراقي الذين ابت مبادؤهم وقيمهم ونخوتهم إلا ان يصطفوا مع اخوتهم في العقيدة والسلاح ليقارعوا المعتدين اليهود ويلقنوهم الدروس التي ينسوها ، والتي اقلقت مضاجعهم وكادت ان تعصف بهم لولا لعبة الامم القذرة . الرحمة في عليين لشهدائنا الابرار من ابناء العراق والامة واسكنهم فسيح جناته ، ونسال الله سبحانه وتعالى ان يوحد كلمة العرب والمسلمين لمواجهة الخطر الصهيوني الذي يهدد باقامة اسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل ، والذي لن يكتب له النجاح ، طالما بشر رسولنا صلى الله عليه وسلم بالانتصار على اليهود ان شاء الله .
تنويه / لمزيد من التفاصيل عن معارك هذه الحرب والجيوش العربية الاخرى التي شاركت فيها يمكن الرجوع الى دراسة ( القصة الكاملة لدور الجيش العراقي في حرب تشرين 1973 كما يرويها شاهد عيان ) على كوكل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق