الاثنين، 9 يوليو 2018

سمراءُ الفينيق // الشاعرة : مرام عطية // سوريا


سمراءُ الفينيقِ
____________
لأنَّها شحرورةُ الغاباتِ ؛ أقلقهم شدوها،أثارتْ حفيظتهم موسيقا كمنجاتها تطربُ الأفقَ ، تصغي الأكوانُ لألحانها، تتسمَّرُ النجومُ دهشةً لشلَّالِ شعرها، و لأنها أميرةُ السهولِ والوديانِ قصوا جناحيها، ركلوها بين ركايا الإهمال ، كنبتةٍ صفراءَ يتنازعها الجوعُ والعطشُ تحتَ سماءٍ شتاءٍ عاتٍ لايرحمُ ، فتساقطُ ألوانها اللازورديةً زخاتٍ زحاتٍ ، مثلَ تساقطِ أوراق الشجرِ تحت مطارقِ الخريفِ .
لأنها ولدتْ من الركامِ أرزةً شامخةً ، ينخرُ كبرياؤها نفوسهم الضعيفةَ ، يسارعوا إلى بترِ أغصانها السَّامقةَ، استنفروا فؤوسهم الحادةَ لقصِ جذوعها القويةِ ، واستفزعوا أذرعَ أخطبوطهم الطويلةَ ، لنهشِ جسدها الغضِّ ، ياللألمِ كيفَ استطاعوا اكتساحَ جذوعها ؟!
و لأنها سنديانةُ وطنٍ ؛ تهزُّ أركانَ مدائنهم الهشَّةِ ، تمزَّقُ أوراقَ انتصاراتهم الوهميَّةَ ، علَّقوا إكليلاً من شوك ِ على رأسها، صلبوها على خشبة الكراهيةِ، كما صلبو المسيحَ قبلها على الجلجةِ ، و دقُّوا المساميرَ في راحتيها وبين أقدامها، ثُمَّ أطلقوا رصاصةَ غدرٍ على فؤادها ، و نعوها
يالغبائهم !! لم يعلموا حين أحرقوها أنَّها طائرُ الفينيقِ ؛ لقد ولدتْ من الرمادِ مئاتُ الغراسِ وافترشتْ السهول والتلالَ بالزَّهر والخضرةِ ، أينَ أقمارهم الآنَ و ليلُ البؤسِ يخيِّمُ على أفراحهم الآنيةِ ؟!
______
مرام عطية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق