السبت، 7 يوليو 2018

معركة الانبار أو ذات العيون وعبقرية خالد بن الوليد // بقلم : د . صالح الطوان الحيالي // العراق

موقعة الأنبار او ذات العيون او جسر الجمال وعبقرية خالد بن الوليد "
ــــــــ ------------- د. صالح العطوان الحيالي -العراق-4-7-2018 
معركة الأنبار (ذات العيون) هي معركة وقعت بين المسلمين بقيادة خالد بن الوليد والفرس وانتهت بانتصار المسلمين.
أنبار هي « فيروز سابور القديمة ». مدينة شهيرة في العراق من ولاية بغداد بينها وبين بغداد عشرة فراسخ، وهي إلى غربيها على الفرات قرب مخرج نهر عيسى، وبابل في شماليها وتبعد عنها نحو ثمانين ميلاً. قيل سميت بالأنبار لأنه كان يجمع فيها أنابير الحنطة والشعير والتبن وأنابير جمع أنبار.
سار خالد على تعبئته إلى الأنبار وعلى مقدمته الأقرع بن حابس فحاصرها المسلمون وقد تحصن أهل الأنبار وخندقوا عليهم وأسرفوا من حصنهم وعلى جنودهم «شيرزاد» (صاحب ساباط)، وطاف خالد بالخندق وأنشب القتال وأوصى رماته أن يقصدوا عيون جيش العدو فرموا رشقاً واحداً ثم تابعوا فأصابوا «ألف عين» فسميت تلك الوقعة (ذات العيون) وتصايح القوم «ذهبت عيون اهل الأنبار» . فلما رأى ذلك شيرزاد أرسل يطلب الصلح على أمر لم يرضه خالد، فرد رسله.
ولم يكتف خالد بما صنع بل عمد إلى أضيق مكان في الخندق وعمد إلى الضعاف الإبل في جيشه فنحرها وأفعم الخندق بجثثها واقتحم المسلمون الخندق وجسرهم عليه جثث الإبل وصاروا مع أعدائهم داخل الخندق فالتجأ المشركون إلى الحصن.
وكان رئيس القوم (الفُرس) «شيرزاد» أعقل أعجمي يومئذ وأسوده وأقنعه في الناس العرب والعجم. فراسل خالداً في الصلح على ماأراد فقبل خالد منه على أنه يخليه ويلحقه بمأمنه في جريدة من الخيل ليس معهم من المتاع والأموال شيء، ووفى له خالد بما صالح عليه. وخرج شيرزاد إلى «بهمن جازويه» ثم صالح خالد من حول الأنبار وأهل كلواذي
وصل المسلمون بقيادة خالد بن الوليد إلى الأنبار، وقد تحصن أهلها وخندقوا عليهم وأشرفوا من حصنهم بقيادة شيرازاذ، فأمر خالد قواته برمي السهام على العدو لمباغتتهم ففقئ ألف عين من أهل الحصن يومئذ، لذلك سميت هذه الموقعة ذات العيون، واقتحم خالد الخندق بعد أن وضع رزايا الجيش من الأبل العجاف فنحرها ثم رمى بها فيه، فملأه وصنع منها جسوراً، واجتمع الفريقان في الخندق وانحاز القوم إلى حصنهم فأرسل شيرازاذ إلى خالد بقبوله شروط الصلح على أن يخليه ويبلغه مأمنه في تجريدة خيل فوافق خالد.
تقدم خالد شمالآ، وجعل على مقدمته الأقرع بن حابس فأقام خالد بكربلاء أياماً تضايق المسلمون خلالها من كثرة الذباب فيها، قال رجل من أشجع:
لقد حُبِسَت في كربلاء مطيتي وفي العين حتى عاد غثاً سمينُها
إذا رحلت من مبرك ٍرجعت له لعَمرُ أبيها إنني لأهينهُا
ويمنعُها من ماء كل شريعة رفاق من الذبان زرق عيونه
بدأ خالد يزحف بجيشه الصغير على مدينة الأنبار فاجتاز نهر الفرات, وكان الرعب مستولياعلى الفرس والمتنصرة فلم يجرؤ أي منهما على الخروج للقاء جيش المسلمين, فسمعة خالد وفتوحاته السريعة والقوية في العراق جعلت الجميع في حالة من الرعب الشديد, وكانت المدينة محاطة بخندق مائي فكيف تغلب جيش المسلمين على هذه الصعوبات؟
المكان:الأنبار - شمال غرب الحيرة - العراق
الموضوع:جيوش الإسلام بقيادة خالد بن الوليد تؤمن فتوحات العراق.
الأحداث:
------ موقعة الأنبار جسر الجمال بعد أن فتح الله معظم بلاد العراق للمسلمين وذلك في أربعين يومًا فقط حتى فتحت الحيرة عاصمة الفرس العربية وأهم مدينة بعد المدائن, جاء الأمر من الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لخالد بن الوليد بأن يتوجه لإنقاذ المسلمين المحاصرين في دومة الجندل وكان خالد تواقًا لأن يهجم على المدائن لينهي الوجود الفارسي في العراق ولكنه امتثل لأوامر قائده العام الخليفة أبي بكر..ولكن خالد رأى أنه إذا توجه لإنقاذ المسلمين في دومة الجندل فإن ذلك سوف يعرض المسلمين في الحيرة لخطر داهم, خاصة في ظل وجود قوات فارسية ضخمة ترابط في منطقة الأنباروعين التمر, لذلك قرر خالد مهاجمة تلك المنطقتين وإزالة ما بهما من حاميات فارسية وذلك وهو في طريقه لإنقاذ المسلمين بدومة الجندل ورأى خالد أن يبدأ بمدينة الأنبارأولاً.
لم يكن خالد من القواد الذين ينتظرون المفاجآت بل كان يعمل دائمًا على بث عيونه واستخباراته قبل خوض أي معركة وهو ما يسمى في الجيوش الحديثة بـ "سلاح الاستطلاع" وهو يعد من أهم أسلحة الجيوش وقد نقلت استخبارات خالد له شكل المدينة وحالها وموقفها التحصيني وكانت المدينة شديدة التحصين, مما يجعل مسألةالسيطرة عليها ليست سهلة وذلك لسببين :
الأول
------- موقع هذه المدينة على الشاطئ الشرقي لنهر الفرات وهذا يجعل بين الفرس والمسلمين حاجزًا مائيًا يهابه المسلمون..
الثاني
-------- وجود أسوار منيعة حول المدينة, ذلك بالإضافة لوجود خندق عميق يحيط بالمدينة من كل ناحية وكان أهل هذه المدينة عامتهم من النصارى عليهم قائد فارسي عاقل هو "شيرازاذ"في حين أن خالدًا قد عين قائدًا له على جيشه في هذه المعركة 'الأقرع بن حابس' رغم أنه ليس من السابقين ولكنه صاحب كفاءة حربية ممتازة.
بدأ خالد يزحف بجيشه الصغير على هذه المدينة الحصينة فبدأ أولاً باجتياز نهر الفرات على الرغم من فيضان مائه في هذا الوقت وكان الرعب مستوليًا على الفرس والمتنصرة فلم يجرؤ أي منهما على الخروج للقاء جيش المسلمين على الرغم من خبرتهم بالنهر عن المسلمين, ولكن سمعة خالد وفتوحاته السريعة والقوية في العراق جعلت الجميع في حالة من الرعب الشديد..
وبعدأن عبر المسلمون كانت أول بوادر المقاومة هي قيام مجموعة من أهل المدينة برشق المسلمين بالسهام من على أسوار المدينة وكان هذا الرمي وبالاً عليهم إذ كشف خالد من خلاله أن هؤلاء المحاربين سذج لا يعرفون شيئًا عن علم الحرب والرمي فأمر كتيبة الرماة في جيشه -وكانوا من أمهر رماة العرب- برمي المحاربين رشقًا واحدًا كثيفًاعلى أن يوجهوا سهامهم إلى عيون هؤلاء المحاربين وبالفعل انطلقت السهام دفعة واحدة وكأنها لكثافتها كسرب من الطير فأصابت هدفها بدقة فقأت هذه السهام قرابة الألف عين فسميت هذه المعركة "ذات العيون", فصاح أهل المدينة: "ذهبت عيون أهل الأنبار", وصاحوا وماجوا وعمتهم الفوضى فسأل القائد الفارسي عما حدث, فلماعلم أسرع لعقد صلح مع خالد ولكنه اشترط شروطًا تختلف مع شروط الإسلام في الحرب فلم يوافق خالد.
كان الخندق المائي يمثل مشكلة حقيقية أمام جيش المسلمين فالخندق عميق ويحيط بالمدينة من كل الجوانب ولكن ذلك لم يكن ليمنع الأسد الضاري خالد صاحب العقلية العسكرية الفذة حيث قام بالدوران حول سور المدينة لدراسة هذا الخندق جيدًا حتى وقف عند نقطة معينة في الخندق وتفتق ذهنه عن فكرةعبقرية حيث وقف على أضيق نقطة في الخندق وأمر بذبح كل الجمال الهزيلة والمريضة وإلقائها عند هذه النقطة فردم تلك النقطة وصنع جسرًا من الجمال استطاع الجيش المسلم أن يعبر عليه بسهولة وأصبح الجيش المسلم محيطًا بأسوار المدينة استعدادًا لاقتحامها.. 
وعندمارأى القائد الفارسي"شيرازاد" ذلك سارع وعقد الصلح مع خالد بشروط الإسلام المعروفة على أن يخرج هو سالمًا بماله وعياله ويبلغ مأمنه, فوفى له خالد ذلك وبلغهمأمنه ودخل خالد وجيشه المدينة وأمن الناس على معايشهم.
عندماعاد القائد "شيرازاد" إلى القائد العام الفارسي للعراق "بهمن جاذويه" لامه بهمن بشدة على الصلح مع خالد والتنازل عن هذه المدينة الحصينة رغم ضخامة قواته وكان "شيرازاذ" عاقلاً فقال له: "إن هؤلاء القوم -يقصدأهل الأنبار- قد قضوا على أنفسهم بالهزيمة عندما رأوا جيش المسلمين وإذا قضى قوم لأنفسهم بالهزيمة كاد هذا القضاء أن يلزمهم", ففهم بهمن كلامه واقتنع به.
د. صالح العطوان الحيالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق