توحد الرامز والمرموز في قصدية النص/ قراءة إنعام كمونة
فلاح بهادر الضوء المتين/ جاسم آل حمد الجياشي
يعد الرمز من اهم عناصر النص الحديث والذي يعطي بعدا دلاليا لمضمون ما لرؤيا الشاعر ومخاض الفكرة فينحى بأيحاء معين يتوارى خلف رمزية المرسل ليشد القارئ / والمتلقي للبحث والتأويل في مضمار المعرفة وهذا ما يغني تطلعات الشاعر لبث رسالته الأدبية لقصدية تشي بأشارة ما على ان يكون الرمز ببنية النص مترابط بالأشارات والدلائل في نسق النص بترابط الفكرة ,والرمز انواع ممكن ان يكون اصطلاحا لغويا او علامة علمية او تراث واسطورة او فلسفة روحية, اضافة ان الرمز يتفجر من مكنونات النفس الملمة بثقافات عدة ,ولكل رمز ظرف بحدث معين مرتبط بواقع الوجود يجسده الشاعر بأفق خياله وفيض تأمله بروح وجدانية ممزوجة برؤياه وبسلطة معرفتة واحساس يتشكل بفلسفة الشاعر المقتدرة لتكثيف الفكرة ,وليوضح من ايحاء الغموض يدعو القارئ للأسترسال بمتعة لفك أحجية ما يرمي له الشاعر ويغوص في كنه ترابط الرمز والدلالة , وبهذا يشترك مع منظومة اللغة بالوظيفة التواصلية وهناك عدة تعريفات للرمز لأختار منها ما يفضي للدراسة وجزء ما يعنيه الرمز بقول الدكتور أحمد غنام الرمزية بنية مركبة تركيبا خاصا ولذلك فأن كل محاولة لتعريف الرمز ليست الا نوعا من المجازفة الفكرية لأنه لا يعدو كونه محاولة للأقتراب من معنى الرمز أكثر مما هو دخول في حقيقته ) , ويبقى اختيار الشاعر للرمز ليبث طيفا دلاليا بكناية خفية للقارئ, وقد اتفق على تعريفه في كل القواميس اللغوية بشكل متقارب ومتفق عليه في الجوهري ..وابن سينا في مختار الصحاح ..والقاموس.. المحيط للفيروز أبادي.. وما جاء تعريفه اكثر وضوحا في لسان العرب لأبن منظور (الرمز: تصويت خفي باللسان كالهمس ويكون تحريك الشفتين بكلام غير مفهوم باللفظ من غير إبانة بصوت إنما هو إشارة بالشفتين وقيل الرمز إشارة وإيماء بالعينين والحاجبين والشفتين والفم والرمز في اللغة كل ما أشرت اليه مما يبان بلفظ بأي شئ أشرت اليه بيد أو بعين ورمز برمز ويرمز رمزا ), وللرمزمقاربات عدة مابين الشاعر والموضوع والمؤول ثلاثية الأبعاد لا نرمي اليها بعمق التفسير بل نأمل برؤيانا الأستقرائية بما يتضمنه المعنى والدلالة وما يخوض بتفكيره كل قارئ ومزجها بنفسيته والواقع وبهذا سننستقرأ جزء من سيرة ذاتية لمعاناة خاصة وعامة نرى من خلالها نزر قليل من عتب الأنسانية على طبيعة حياة قد ننعته بالقدر فلا يشفي غليل الأماني ولايروي طموح الحلم ,فلنتابع ألم حروف الجياشي وغيره ...
_ العنوان ومضة متوهجة الأشارة برمزية أسم شاعر عراقي معروف يليه فاصل مائل وافقي اعتدنا رؤيتها باسلوب الشاعرالجياشي ليمنحنا التروي بالأستقراء واستقطاب ذهن القارئ حتما للكشف عن رؤى الشاعر, ثم يشير الى لميزة وخاصية الرمز بوصفه (الضوء المتين ) بانزياح متفرد يوحي بالأنسجام مع المرموز, وبهذا كَوَنَ دلالة اصطلاحية للتعبيرعن البعد الدلالي للرمز اكثر وضوحا بخاصية التماثل وكما ميز الفيلسوف الفرنسي أندريه لالاند في موسوعته الفلسفية بثلاث أبعاد للرمز احدها (قد يعبر الرمز عن خاصة التماثل بين الأشياء كأن يدل الرمز على شئ آخر يماثله في الجوهر والدلالة والشكل ) ,فالضوء اقترن بصفة المتين يشي بسيمائية فلسفة لرمز تضمنته هذه العبارة بمستوى دلالي حسي مباشر , وبما يوحي لحياة متوهجة مثابرة قوية فالضوء هو الشمس والنهار والبقاء والأشراق الأبدي وهو الأفصاح عن دواخل الذات الوجدانية تجاه الرمز بدقة تصوير لصورة ذهنية حساسة لتجسيد واقع بغية التآزر الصادق ببيان اللغة واستعارة راقية , وما يؤكد ما سبق العنوان من رسالة خطابية موجهة لرمز الشاعر فلاح بهادر ...
_ يرى إبراهيم مدكورالرمزية في المعجم الفلسفي ( الرمز هو علامة يتفق عليها للدلالة على شئ أو فكرة ما ومنه الرموز العددية والجبرية ويقابل الحقيقة والواقع ) وقد جسد الجياشي بخيال خلاب واقع مرير لمعاناة مستشرية في محيطه بدلالة موجزة تشي بتفاصيل قصدية لمضمون النص ليبهرنا باختزال وتكثيف استهلالي لخبايا النص, اضافة من الوهلة الأولى جعلنا نتسائل ما مدى عمق وامتداد العلاقة بين الرمز والشاعر وعن قصة هذه العلاقة وقصدية الشاعر ؟ قد تكون جزء من سيرة ذاتية للشاعرتشابهت مع سيرة الرمز, أيمكن ان يرى الشاعر نفسه في الرمز ليعبر عن مكنوناته الحسية تجاه أمر ما ؟ وما مدى التشابه في هذا الأمر وما السر ؟ لننحو للنص لنستشف الجواب !...
_ النص دفقة شعورية عاطفية مؤثرة إنسانية الدلالة وجدانية الأحتواء يشيرللتنفيس عن الذات الصامتة بأيحاء عميق للمواساة المساندة والشعور بالمعاناة الصابرة ,وغربة الروح بأعماق الذات وتوحدها مع الوجع افتراضا وتوحدا ,ومن استهلال النص
تعالَ /ــ واشبُك أصابع
يدكَ في يدي
ودعِنا /ــ نُكملَ دربَ
صبرنا الندي
_ الأشارة لفعل الأمر( تعال / واشبُك) هي دعوة للمساندة بغدق العطاء رغم طول الصبر على الأبتلاء,ثم يشير الى( واشبُك أصابع)ايحاء للتلاحم العميق , مترفع بقدرة مخيلة برياضة روحية لفلسفة حياة فكرية باعتقاد بمبادئ القوى الأنسانية حين تتظافرتسمو لمُثل الأماني القدسية , فعندما تتعانق الأصابع تتكاتف الأرواح وتنصهر سويا بقوة الأحساس تلتئم الجروح وتشفى الرتوق ,فاختيار معجمية الأصابع من جوهر العقل المنزه بالصبر والقوة لحدس الشاعر ودلالة من فيض الخيال لأمر معقول بذات مبصرة اضافة لدلالة اخرى لأستخدامه هذه المفردة ليس بسطحية المعنى وانما بما تخبئ من دلالات عدة للأصابع وما تشد لتقف ارجل الروح بكبرياء وانتصار وما يشير لأستكمال الحياة سويا بدعم ارادة فاعلة بدافع حيوي لسايكولوجية معاناة ووجع محمول على اكتاف الأنسانية بلا أمل نزوحه , ودلالة للصداقة الوطيدة ان تكون الروح فداه والمال والولد!! ...
_وما زال بسلاسة الخطاب متعمدا صياغة إيقاع الأنفعال المؤثر نافذا في ذهنية القارئ مرتسما بصيغة فنية رائعة البساطة قوية الأيحاء مكثفة المضمون يقول :
سيان يا صديقي /ــ إن
طالَ أو قصُرَ
إنتظار الموعدِ
وبمسحة الآسى الامبالي ظاهريا يكتم أحساس الألم بالفراق الآتي بتهكم عن موعد ما ,واي موعد ينتظره ؟ موعد رحيل لابد منه !! ,أيكون أشد لوعة من انتظاره بمواساة الروح فالزمن تشابهت ايامه على سلم الوداع, الزمن من يسرق كل أحلام العمر المتأنية , وينتهك كل المواعيد بلا استئذان , فلسفة نضوج المواجهة لقدر معاند, ونرى بمهارة نسقية أضفى التضاد (طالَ أو قصُرَ) على التشكيل النصي جمالية فنية وبراعة في نقل المشاعر والأحاسيس للقارئ
_ (هذا الخبيث !!) وبعلامات الأستغراب المكررة تدل على الأنفعال والتوتر وبمسحة حزن غايرة المطاف نلتقطها من غمر الأحساس مما يجذب المتلقي للتوقف والتمعن , وايضا دلالة لغرس الأمل والتفاؤل بمحاكاة لطيفة حميمية المفردة بمعجمية(حبيبي) وبسرد رصين تشهق له الأنفاس لسماع التالي ورغم الصور السردية بخصوصية الأيحاء الا انها دفق شعوري بشعرية ذهنية واعية عبر مزاوجة الجناس في قفلات السرد بتشكيلات صوتية متجانسة مثل ( يدي = ندي ),فاضفى تناغما جماليا وترابطا عذبا شد دلالات واشارات بنسق النص بأسلوب متكامل الأنسياب بحرفية الشعرية ...
_ كما إن استخدام الضمائر دل على أنتقال الخطاب الموجه من الخصوصية الى العمومية ب( دعنا,صبرنا)فالضمير(نا)للجماعة ويمكن ان يكون للمثنى ولكن واقع تعاطف الشعور مع الآخرين وبمايتعايش مع محيطه وبيئته لا ينفك عنه من ترادف الموقف وقساوته بمرور الوقت نكتشف ان الشاعر يعاني بصمت وكتمان لكنه يزرع البسمة حوله ويمدنا بعطاء دائم دون ان يعلمنا او يشكو بما يعاني بصمت السريرة !!...
_ يرنو الشاعر بفكرة التصدي لهذا الخبيث نحو أمل ما (أن أُبدي لهُ جَزَعاً) فيخطو بعيدا عن الجزع واليأس ويتعايش مع قدره بحكمة وثقة بايمانه بالله وتواصل ودعم الأحبة, فمنح المتلقي بهذه الصورة قوة أيحائية تفيض رؤيا روحية عميقة بعقيدة شديدة التفاؤل ,وقد أكد الأمل ومزجه بالعطاء بمعجمية مكررة كما في (فلا تجزع ياصديقي)فلم تخل بتوازن النص بل عكست مقدرة الشاعر بترسيم الأيحاء بتكثيف متمرس الخبرة نابع من رهافة الأحساس صور جمالية متماسكة متقدة فنيا مؤثرة شعوريا ببساطة التركيب وجماله وانهمار الأيقاع وتآلف الدلالات بشعرية الوعي والمزاوجة بين الأحاسيس المتآزرة والمتأزمة الحدث ...
_ الخاتمة :-
وبخيال رحب نرسو في خاتمة رائعة مرهفة الأحاسيس برؤيا الوعي بتخيل مبدع يتجلى رقة حالمة بالاصراروالتحدي الطاعن بعدم الأستسلام تعطره مشاعر المحبة ونسغ الود ليوافق تكيفه مع ذاك الألم الذي افشى سره سحر الجواب فيبدو إيحاء الفكرة ببساطة جميلة وخلق نبيل بخاتمة مبهرة تبدي وطيد العلاقة بين الرامز والمرموز بزمن مستمر يغزل مدى الصداقة بالإيثار ليبقى الرمز ضوءً مدى الوجود نرى الأيحاء المبهر تأثيره على ذهنية المتلقي بتأويلات شتى نتركها للقارئ بخاتمة مفتوحة على كل الأفتراضات والرؤى بغد لكل يوم وهذا ما يعني بنص مفتوح قصده الشاعر ليلهمنا التوقع والتفاعل لنقاش وحدس المستقبل ...
_ نص صريح الفكرة واضح الأيحاء مفعم بالأحساس والأهتمام بألم الآخر يسيل بعذوبة الأنسانية , استطاع الشاعر بمهارته العالية ان يجسد بصور شعرية فنية مدى وفاءه لذكريات الصداقة بمشاعر وجدانية شفيفة بادراكا قيما لصديقه وبأيحاء متمكن الأشارة لمكانة الصداقة متمثل بالأخلاص والحنين لرفقة مستمرة , بليونة ايقاع مزلزل لأحساس القارئ
بوركت حروف الأماني لليوم وغد لكما.. الشاعر والمفكراستاذ جاسم الجياشي والرمز المضئ الشاعر استاذ فلاح بهادر وسلامة العافية .
إنعام كمونة
--------------------
فلاح بهادر /ــ الضوء المتين!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ جاسم آل حمد الجياشي
تعالَ /ــ واشبُك أصابع
يدكَ في يدي
ودعِنا /ــ نُكملَ دربَ
صبرنا الندي
فداكَ /ــ الروح
والمال والولدِ
سيان يا صديقي /ــ إن
طالَ أو قصُرَ
إنتظار الموعدِ
قد /ــ تعجب ممَ أقولُ
ياحبيبي ..
لكنَ /ــ هذا الخبيث!!
رافقني /ــ منذ سنينٍ كتمتهُ
وطالما رغِبَ /ــ أن أُبدي
لهُ جَزَعاً /ــ فلم يَجِدِ
لإنكَ والشرفاء أمثالكَ
كنتم /ــ لي بعد الله
العزم والإيمان /ــ والمددِ
فلا تجزع ياصديقي /ــ لإنكَ
باقٍ /ــ يا تَوأم الروح
حرفاً عفيفاً غزلت
به أمسي /ــ و يومي
وستغزل اصابعك الكريمة
ضوء غدي..
فلاح بهادر الضوء المتين/ جاسم آل حمد الجياشي
يعد الرمز من اهم عناصر النص الحديث والذي يعطي بعدا دلاليا لمضمون ما لرؤيا الشاعر ومخاض الفكرة فينحى بأيحاء معين يتوارى خلف رمزية المرسل ليشد القارئ / والمتلقي للبحث والتأويل في مضمار المعرفة وهذا ما يغني تطلعات الشاعر لبث رسالته الأدبية لقصدية تشي بأشارة ما على ان يكون الرمز ببنية النص مترابط بالأشارات والدلائل في نسق النص بترابط الفكرة ,والرمز انواع ممكن ان يكون اصطلاحا لغويا او علامة علمية او تراث واسطورة او فلسفة روحية, اضافة ان الرمز يتفجر من مكنونات النفس الملمة بثقافات عدة ,ولكل رمز ظرف بحدث معين مرتبط بواقع الوجود يجسده الشاعر بأفق خياله وفيض تأمله بروح وجدانية ممزوجة برؤياه وبسلطة معرفتة واحساس يتشكل بفلسفة الشاعر المقتدرة لتكثيف الفكرة ,وليوضح من ايحاء الغموض يدعو القارئ للأسترسال بمتعة لفك أحجية ما يرمي له الشاعر ويغوص في كنه ترابط الرمز والدلالة , وبهذا يشترك مع منظومة اللغة بالوظيفة التواصلية وهناك عدة تعريفات للرمز لأختار منها ما يفضي للدراسة وجزء ما يعنيه الرمز بقول الدكتور أحمد غنام الرمزية بنية مركبة تركيبا خاصا ولذلك فأن كل محاولة لتعريف الرمز ليست الا نوعا من المجازفة الفكرية لأنه لا يعدو كونه محاولة للأقتراب من معنى الرمز أكثر مما هو دخول في حقيقته ) , ويبقى اختيار الشاعر للرمز ليبث طيفا دلاليا بكناية خفية للقارئ, وقد اتفق على تعريفه في كل القواميس اللغوية بشكل متقارب ومتفق عليه في الجوهري ..وابن سينا في مختار الصحاح ..والقاموس.. المحيط للفيروز أبادي.. وما جاء تعريفه اكثر وضوحا في لسان العرب لأبن منظور (الرمز: تصويت خفي باللسان كالهمس ويكون تحريك الشفتين بكلام غير مفهوم باللفظ من غير إبانة بصوت إنما هو إشارة بالشفتين وقيل الرمز إشارة وإيماء بالعينين والحاجبين والشفتين والفم والرمز في اللغة كل ما أشرت اليه مما يبان بلفظ بأي شئ أشرت اليه بيد أو بعين ورمز برمز ويرمز رمزا ), وللرمزمقاربات عدة مابين الشاعر والموضوع والمؤول ثلاثية الأبعاد لا نرمي اليها بعمق التفسير بل نأمل برؤيانا الأستقرائية بما يتضمنه المعنى والدلالة وما يخوض بتفكيره كل قارئ ومزجها بنفسيته والواقع وبهذا سننستقرأ جزء من سيرة ذاتية لمعاناة خاصة وعامة نرى من خلالها نزر قليل من عتب الأنسانية على طبيعة حياة قد ننعته بالقدر فلا يشفي غليل الأماني ولايروي طموح الحلم ,فلنتابع ألم حروف الجياشي وغيره ...
_ العنوان ومضة متوهجة الأشارة برمزية أسم شاعر عراقي معروف يليه فاصل مائل وافقي اعتدنا رؤيتها باسلوب الشاعرالجياشي ليمنحنا التروي بالأستقراء واستقطاب ذهن القارئ حتما للكشف عن رؤى الشاعر, ثم يشير الى لميزة وخاصية الرمز بوصفه (الضوء المتين ) بانزياح متفرد يوحي بالأنسجام مع المرموز, وبهذا كَوَنَ دلالة اصطلاحية للتعبيرعن البعد الدلالي للرمز اكثر وضوحا بخاصية التماثل وكما ميز الفيلسوف الفرنسي أندريه لالاند في موسوعته الفلسفية بثلاث أبعاد للرمز احدها (قد يعبر الرمز عن خاصة التماثل بين الأشياء كأن يدل الرمز على شئ آخر يماثله في الجوهر والدلالة والشكل ) ,فالضوء اقترن بصفة المتين يشي بسيمائية فلسفة لرمز تضمنته هذه العبارة بمستوى دلالي حسي مباشر , وبما يوحي لحياة متوهجة مثابرة قوية فالضوء هو الشمس والنهار والبقاء والأشراق الأبدي وهو الأفصاح عن دواخل الذات الوجدانية تجاه الرمز بدقة تصوير لصورة ذهنية حساسة لتجسيد واقع بغية التآزر الصادق ببيان اللغة واستعارة راقية , وما يؤكد ما سبق العنوان من رسالة خطابية موجهة لرمز الشاعر فلاح بهادر ...
_ يرى إبراهيم مدكورالرمزية في المعجم الفلسفي ( الرمز هو علامة يتفق عليها للدلالة على شئ أو فكرة ما ومنه الرموز العددية والجبرية ويقابل الحقيقة والواقع ) وقد جسد الجياشي بخيال خلاب واقع مرير لمعاناة مستشرية في محيطه بدلالة موجزة تشي بتفاصيل قصدية لمضمون النص ليبهرنا باختزال وتكثيف استهلالي لخبايا النص, اضافة من الوهلة الأولى جعلنا نتسائل ما مدى عمق وامتداد العلاقة بين الرمز والشاعر وعن قصة هذه العلاقة وقصدية الشاعر ؟ قد تكون جزء من سيرة ذاتية للشاعرتشابهت مع سيرة الرمز, أيمكن ان يرى الشاعر نفسه في الرمز ليعبر عن مكنوناته الحسية تجاه أمر ما ؟ وما مدى التشابه في هذا الأمر وما السر ؟ لننحو للنص لنستشف الجواب !...
_ النص دفقة شعورية عاطفية مؤثرة إنسانية الدلالة وجدانية الأحتواء يشيرللتنفيس عن الذات الصامتة بأيحاء عميق للمواساة المساندة والشعور بالمعاناة الصابرة ,وغربة الروح بأعماق الذات وتوحدها مع الوجع افتراضا وتوحدا ,ومن استهلال النص
تعالَ /ــ واشبُك أصابع
يدكَ في يدي
ودعِنا /ــ نُكملَ دربَ
صبرنا الندي
_ الأشارة لفعل الأمر( تعال / واشبُك) هي دعوة للمساندة بغدق العطاء رغم طول الصبر على الأبتلاء,ثم يشير الى( واشبُك أصابع)ايحاء للتلاحم العميق , مترفع بقدرة مخيلة برياضة روحية لفلسفة حياة فكرية باعتقاد بمبادئ القوى الأنسانية حين تتظافرتسمو لمُثل الأماني القدسية , فعندما تتعانق الأصابع تتكاتف الأرواح وتنصهر سويا بقوة الأحساس تلتئم الجروح وتشفى الرتوق ,فاختيار معجمية الأصابع من جوهر العقل المنزه بالصبر والقوة لحدس الشاعر ودلالة من فيض الخيال لأمر معقول بذات مبصرة اضافة لدلالة اخرى لأستخدامه هذه المفردة ليس بسطحية المعنى وانما بما تخبئ من دلالات عدة للأصابع وما تشد لتقف ارجل الروح بكبرياء وانتصار وما يشير لأستكمال الحياة سويا بدعم ارادة فاعلة بدافع حيوي لسايكولوجية معاناة ووجع محمول على اكتاف الأنسانية بلا أمل نزوحه , ودلالة للصداقة الوطيدة ان تكون الروح فداه والمال والولد!! ...
_وما زال بسلاسة الخطاب متعمدا صياغة إيقاع الأنفعال المؤثر نافذا في ذهنية القارئ مرتسما بصيغة فنية رائعة البساطة قوية الأيحاء مكثفة المضمون يقول :
سيان يا صديقي /ــ إن
طالَ أو قصُرَ
إنتظار الموعدِ
وبمسحة الآسى الامبالي ظاهريا يكتم أحساس الألم بالفراق الآتي بتهكم عن موعد ما ,واي موعد ينتظره ؟ موعد رحيل لابد منه !! ,أيكون أشد لوعة من انتظاره بمواساة الروح فالزمن تشابهت ايامه على سلم الوداع, الزمن من يسرق كل أحلام العمر المتأنية , وينتهك كل المواعيد بلا استئذان , فلسفة نضوج المواجهة لقدر معاند, ونرى بمهارة نسقية أضفى التضاد (طالَ أو قصُرَ) على التشكيل النصي جمالية فنية وبراعة في نقل المشاعر والأحاسيس للقارئ
_ (هذا الخبيث !!) وبعلامات الأستغراب المكررة تدل على الأنفعال والتوتر وبمسحة حزن غايرة المطاف نلتقطها من غمر الأحساس مما يجذب المتلقي للتوقف والتمعن , وايضا دلالة لغرس الأمل والتفاؤل بمحاكاة لطيفة حميمية المفردة بمعجمية(حبيبي) وبسرد رصين تشهق له الأنفاس لسماع التالي ورغم الصور السردية بخصوصية الأيحاء الا انها دفق شعوري بشعرية ذهنية واعية عبر مزاوجة الجناس في قفلات السرد بتشكيلات صوتية متجانسة مثل ( يدي = ندي ),فاضفى تناغما جماليا وترابطا عذبا شد دلالات واشارات بنسق النص بأسلوب متكامل الأنسياب بحرفية الشعرية ...
_ كما إن استخدام الضمائر دل على أنتقال الخطاب الموجه من الخصوصية الى العمومية ب( دعنا,صبرنا)فالضمير(نا)للجماعة ويمكن ان يكون للمثنى ولكن واقع تعاطف الشعور مع الآخرين وبمايتعايش مع محيطه وبيئته لا ينفك عنه من ترادف الموقف وقساوته بمرور الوقت نكتشف ان الشاعر يعاني بصمت وكتمان لكنه يزرع البسمة حوله ويمدنا بعطاء دائم دون ان يعلمنا او يشكو بما يعاني بصمت السريرة !!...
_ يرنو الشاعر بفكرة التصدي لهذا الخبيث نحو أمل ما (أن أُبدي لهُ جَزَعاً) فيخطو بعيدا عن الجزع واليأس ويتعايش مع قدره بحكمة وثقة بايمانه بالله وتواصل ودعم الأحبة, فمنح المتلقي بهذه الصورة قوة أيحائية تفيض رؤيا روحية عميقة بعقيدة شديدة التفاؤل ,وقد أكد الأمل ومزجه بالعطاء بمعجمية مكررة كما في (فلا تجزع ياصديقي)فلم تخل بتوازن النص بل عكست مقدرة الشاعر بترسيم الأيحاء بتكثيف متمرس الخبرة نابع من رهافة الأحساس صور جمالية متماسكة متقدة فنيا مؤثرة شعوريا ببساطة التركيب وجماله وانهمار الأيقاع وتآلف الدلالات بشعرية الوعي والمزاوجة بين الأحاسيس المتآزرة والمتأزمة الحدث ...
_ الخاتمة :-
وبخيال رحب نرسو في خاتمة رائعة مرهفة الأحاسيس برؤيا الوعي بتخيل مبدع يتجلى رقة حالمة بالاصراروالتحدي الطاعن بعدم الأستسلام تعطره مشاعر المحبة ونسغ الود ليوافق تكيفه مع ذاك الألم الذي افشى سره سحر الجواب فيبدو إيحاء الفكرة ببساطة جميلة وخلق نبيل بخاتمة مبهرة تبدي وطيد العلاقة بين الرامز والمرموز بزمن مستمر يغزل مدى الصداقة بالإيثار ليبقى الرمز ضوءً مدى الوجود نرى الأيحاء المبهر تأثيره على ذهنية المتلقي بتأويلات شتى نتركها للقارئ بخاتمة مفتوحة على كل الأفتراضات والرؤى بغد لكل يوم وهذا ما يعني بنص مفتوح قصده الشاعر ليلهمنا التوقع والتفاعل لنقاش وحدس المستقبل ...
_ نص صريح الفكرة واضح الأيحاء مفعم بالأحساس والأهتمام بألم الآخر يسيل بعذوبة الأنسانية , استطاع الشاعر بمهارته العالية ان يجسد بصور شعرية فنية مدى وفاءه لذكريات الصداقة بمشاعر وجدانية شفيفة بادراكا قيما لصديقه وبأيحاء متمكن الأشارة لمكانة الصداقة متمثل بالأخلاص والحنين لرفقة مستمرة , بليونة ايقاع مزلزل لأحساس القارئ
بوركت حروف الأماني لليوم وغد لكما.. الشاعر والمفكراستاذ جاسم الجياشي والرمز المضئ الشاعر استاذ فلاح بهادر وسلامة العافية .
إنعام كمونة
--------------------
فلاح بهادر /ــ الضوء المتين!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ جاسم آل حمد الجياشي
تعالَ /ــ واشبُك أصابع
يدكَ في يدي
ودعِنا /ــ نُكملَ دربَ
صبرنا الندي
فداكَ /ــ الروح
والمال والولدِ
سيان يا صديقي /ــ إن
طالَ أو قصُرَ
إنتظار الموعدِ
قد /ــ تعجب ممَ أقولُ
ياحبيبي ..
لكنَ /ــ هذا الخبيث!!
رافقني /ــ منذ سنينٍ كتمتهُ
وطالما رغِبَ /ــ أن أُبدي
لهُ جَزَعاً /ــ فلم يَجِدِ
لإنكَ والشرفاء أمثالكَ
كنتم /ــ لي بعد الله
العزم والإيمان /ــ والمددِ
فلا تجزع ياصديقي /ــ لإنكَ
باقٍ /ــ يا تَوأم الروح
حرفاً عفيفاً غزلت
به أمسي /ــ و يومي
وستغزل اصابعك الكريمة
ضوء غدي..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق