الخميس، 17 نوفمبر 2016

ملف خاص بموسوعة ينابيع الأبداع العربي والأنسانية جمعاء / للاديب أدهام نمر حريز / العراق

السيرة الذاتية  .
الاسم / أدهام نمر حريز
مواليد /  بغداد /1974
التحصيل الدراسي / بكالوريوس هندسة تقنيات  التبريد و التكييف
مؤلفاته/ 1- للحياة كلمات 2013 ( مجموعه شعرية ) .
           2- أحاسيس ناعمه 2014 ( مجموعه شعرية ) .
           3- دفءٌ الحروف  2015 ( مجموعه شعرية ) .
            4- تُغوينِي ظلالك  2015  ( مجموعة شعرية ) .
            5- رواية (( فَخامة الحروب )) سنة 2014 ... ""لم تطبع بعد "" .
          6- مقالات و قصص قصيرة و قصائد منشورة في الصحف العراقية  و
             المواقع و الصحف الالكترونية .
             7- ديوان مشترك مع نخبة من أبرز الشعراء العراقيين و العرب (
                صدى الربيع ) , و صدى الفصول الاصدار الثاني ""جاهزة للطبع 
8- ( كلمات وأنهر , كتابات وابداع , حروف وهواجس ) دواوين وصفة للنوم ...
2016/6/22مشتركة مع نخبة من أدباء و شعراء العراق .
العنوان البريدي /    edhamnemar@yahoo.co.uk
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( قصة قصيرة )
.............القاص/أدهام نمر حريز .
                        على طرف السرير يجلس كالمفجوع من النهار , قدماه المتدليتان كرقّاص الساعة  القديمة , أتعبه’ تارجح الزمن .
 الذكريات لا تريد مغادرة رأسه المثقل بالسنين العجاف , كانها تملك اقامة دائمة في تلافيف عمره الذي يكبر و يكبر , كشجرة  يشقق لحاء جذعها العمر .
عينه’ تحفظ السيناريو , في كل ليلة تمر علية نفس اللقطات و يتكرر عنده نفس المشهد  .
أحساسه يعيش  نفس  الموقف , ردات فعله تحولت الى أرشيف لتاريخ يؤرِّقه دائما .
رغم انتصاف الليل وسكونه الموحش , وركون  كل شيء فية الى رقود و سبات مؤقت ينتهي احيانا قبل الشروق  , فراشة الوثير  يحن الى الدفء , كل هذه كان مرفوضاً عند هواجسه القلقة التي تبحث عن الاطمئنان .
سحر النوم  لم يكن له سلطان عليه , ولم يعانق جفونة منذ ليالاً طوال  ’ فقد معها الاحساس بلذة النوم  العميق الذي لايقطعه  شبح الماضي او كوابيس الحاضر .
أراد ان يخلق جواً يثير فيها النعاس , مد يده المرتجفة نحو مفتاح الضوء , لكنه تراجع بسرعة , فهو لم يعد يثق  في الظلام .
نهض وهو متَّكَئ على عمود السرير , واخذ يدور حوله وهو يضع يده  فوق راسه  , في  جو يسوده القلق المفرط .
بدأت الذكريات تضغط  علية , حتى كاد ان ينفجر بالصراخ  , مد يده نحو علبة سكائره  ليخرجها من  طوفان اغراضه المبعثرة في كل ارجاء الغرفة .
أشعل السيكارة ويده ترتجف , هو الان يقف امام المَرآة , يشاهد صورته المنعكسة عليها .
يسرح خياله وهو يطارد دخان السيكارة الذي يرتفع في جو الغرفة , الزفير يرتفع في حدتهِ , دقات القلب تعزف لحن غير منتظم .
مثل كل مرة في  نهاية الليلة , سيدخل في عتاب مع نفسة , سيوبخها على كل شيء فعله , كل شيء قاله و سمعه .
سمع أذان الفجر من بعيد , تَرَقْرَقت الدموع  في عينيه , كان يدرك حقيقة مايفعله , كل شيء سيزول , وهو سيرحل  أجلاً ام عاجلاً .
عاد وجلس على حافة السرير وهو يحني رأسه نحو الامام , يفكر في ليلة , لايحاسبة ضميره عليها .
......................./أدهام نمر حريز-بغداد        
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطوة للوراء...
.............القاص/أدهام نمر حريز .
نظراتي الزائغة تتسلق جدران الغرفة الموحشة , تريد الهروب من جوها الكئيب الخانق , السعال يرتفع كنغمة تدل على قرب الاختناق .
الأفكار في راسي مزكومة بالهموم , تريد ان تتقيأ الوجع المركوم فيها منذ سنين , وقت البعد الطويل لم ينسيني فرحة اللقاء الأول .
 سنوات وانا انتظر الوعد بلقاء قصير .
كل شيء سيخرج عن سيطرتي , كلماتي تخرج من فمي المرتجف المقيد بالارتباك , مشاعري تناطح كل الاتجاهات البعيدة و القريبة مني .
كل الوان اللقاء زاهية تبهج روحي , التي تغوص في بحر من الاشتياق المتعب .
- أنا كسابق عهدي , لم تغيرني السنين ابدا .
مقولتي في كل صباح لانعكاسي على مِرآتي  المدمنة على اطلالتي الحزينة .
 بوصلتي كانت نبضات قلبي المتسارع كلما اقتربت من مكان اللقاء , وخيالي الذي يرسم لي لقطات المشهد .
النظرات اول من يصل دائما , الخجل يفتح مصارع الأرض , اليد ترتعش وهي تلقي التحية و تتذكر اللمسه الأولى .
- تفضلي بالجلوس , اين توقفنا في اخر كلام بيننا ؟!.
- كم مضى من الوقت ؟!.
- كان في ظهيرة يوم من شهر  تموز ,  ساخن بالشجون ,  من سنة 1997 , على ما اذكر .
- كل هذه السنوات مضت بسرعة هكذا ؟!.
ارخت كتفها وانزلت الحقيبة المثقلة بالذكريات و البوم الصور .
هذه  صور حفلة تخرجنا من الكلية , طريق السفر البري من بغداد الى عمان طويلا جدا , كان ماطراً بدموع الفراق  , يوم الرحيل عن الوطن كان داكناً , بلون قبعة شرطي الحدود في طريبيل .
-في نفسي سؤال يدور في خَلَد كل عاشق , اشتقتي لي؟! .
-كيف لا اشتاق لك , واحساس قدمي بطين جرف دجلة لا يفارقني , ولا صوت البلابل في البساتين .
صوت ضحكة  خجولة مكتومة , تصدر من شفتيها المتوردتين , التي لم ينال منها الزمن .
-لاباس , نحن بها , سنعود لذلك المكان .
-لا ياعزيزي , الوضع اختلف جدا.
-كم طفل لديك الان ؟!.
-الكبرى مريم و الأصغر سامر , وانت ؟!.
-الأكبر محمد و الصغرى فاطمة .
الطريق من باب المعظم الى الباب الشرقي حيث وسط بغداد قصيرا جدا , انهى  نظراتنا الظامئة بسرعة .
تقاسيم وجهها  , قوامها , كان مفردة حاضرة بقوة في وجداني و هذيان امنياتي  .
تمتمت بالصلاة  وهي تتلمس صليبها الذي يختبى بين طيات ثيابها  , وهي تمر من امام كنيسة الأرمن في ساحة الطيران , حيث تلت صلاتها الأخيرة قبل السفر .
الغداء في احد مطاعم شارع السعدون كان استراحة لخطواتنا المتعبة , وفرصة لبريق نظراتنا التي لبست ثوب العشق من جديد .
أسندت يدها على الطاولة حيث تتشابك الصحون في فوضى مقصودة , دفعتني ذكرياتنا القديمة لأمد يدي وامسك يدها المترفة بالحياة , الدافئة بالانوثة .
ما اقسى ان يولد الحب غريبا منبوذا حتى ممن يعيشون من حوله , ما تزال هذه الجملة ترن في ذهني , مالفائدة من هذا الحب ؟! الذي سينتهي بالفراق الابدي .
ابتسمت وهي تنظر في وجهي , واخذت  تراقب الأرقام الالكترونية في ساعة  الموبايل لتتاكد من الوقت .
-هل حان وقت الفراق اذاً؟!.
-نعم , يجب ان اودعك الان .
-هل تسميحن لي بتوصيلك ؟!.
-الفندق الذي اسكن فيه انا وزوجي و اطفالي قريبا جدا من هنا , لا داعي لان تتعب نفسك .
-هل ستعودين مرة أخرى ؟!.
-لا اعتقد هذا ابدا , اليوم انهيت كل شيء , ميراثي و ميراث اخوتي , وكل شيء يربطنا هنا , هناك حياتي و عملي و منزلي .
-والوطن ؟!.
-بربك هل عاد لنا فيه شيء غير الذكريات ؟!.
-لن تعودي مرة أخرى , الم الفراق سيسكنني الى الابد .
صافحتني للمرة الأخيرة , وكنظرة الوداع لميت وارت الحب القديم في الثرى .
بقيت جالسا في مكاني وانا اتابع خطواتها المغادرة , مذهولاً من صدمة الفراق .
........................./أدهام نمر حريز-بغداد    2016/10/23

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أَفْئِدَة  مُهْتَزَّة ...
............./أدهام نمر حريز .
الحيرة  تغلف  الخطوات المختالة
الاشارة لا تصل من  العالم الاخر
الارض تتمسك بثبات على الخطى
 تنهض قياماً على القدمَ
اسماء لا تدل على المعاني
ترفرف بجناحها
 تستظل بها القمم
البراكين لا تهدأ في جوارحي
تُطِلّ على شرُفات الروح
تحدق بها
تبصر الجراح  وهي  تحتفي بشجن 
الشوارع تغص بذكرياتها
  تقدم مشهداً على مشهد
تفقد في ليلها الطويل  بصماتها
  عبير لعطورها وحضورها المبهر
تتابعني في السير
 تحث حولي المقل
أنت من اختارته’ الاقدار
نقشت حول مساره تعويذة البقاء
علقت حول جدرانهِ الصور
الحقيقة تنبض  من  جسدي كالارتجاف
هموم شاسعة الاطراف
  أحزان عميقة المدى
جرعات تسكر الروح  من الالم
هدير اصواتها تهز القلوب
تجعل الارض تحتها تهتز من نشوة اللقاء
تحتضنها
فتهتز الصدور عشقاً و غزل
................./أدهام نمر حريز-بغداد    2016/7/16

بعض من الهموم لاتستحق أن تسكن رأسي ...
........................../أدهام نمر حريز
الزمن لن يتكرر , لن يتراجع , كقطار يسير على سكة من عقارب تشير الى الساعة الثانية عشر .
لا نهار ولا ليل , اليوم هنا غريب الملامح , بعيد الحضور , سريع الرحيل كضيف خجول مسرعاً يغادر .
رصيف الشارع قاموس للاحداث , فواصل الحصى يعتليها الرمل , لاشيء مميز في الطريق غير الحفر .
اليوم نفسه  ولكن من غير عام , لذكرى متشابهه , أحداثها غائبة , اشخاصها غريبون أو موتى , لا فرق بين  الحياة  في العدم و الموت بلا تعزية .
كم اشتاق لدفاتري العتيقة , وحقيبة الجلدية , وحذائي الذي مل من الخطوات و طلب التقاعد .
جسدي كان متعب , يتطلع للكثير , الحرمان كان طيراً يحلق فوق رأسي , رغماً عنها نمت  قرير العين , تأملت في الغد أشراقة تنير ظلمة يومي .
الاوراق تتساقط من على جدار بارد , ارقام ليس لها معنى , من كان يحصيها يضحك , يحس بعبث الحياة .
عيد ميلادي السابع عشر , اتذكر ذلك العصفور الملون وصوته الصاخب , في قفص أسلاكه صدأت معلنه رفضها للحرية .
دولاب زهري اللون , أطار دراجتي الهوائية , التي تمنى جميع أطفال الحي أن يمتلكوا مثلها .
من كان يفطن  من ستكون هي ؟! , حتى انا لم اكن اتوقع ذلك , اتذكر اني تمنيت أن تكون  سندريلا , بحذائها , ببدلتها , بمكنستها , و شقائها الابدي .
لماذا لم أطاوع افكاري ؟! , يوم أن اوحت لي ان أغادر موضعي , وان ارحل من بلد الاوجاع , طريق صحراوي سيفصلني عن بلدي .
يبدأ الامر بكذبة و ينتهي أيضا بها , من سيدافع عن العرش و الارض , بعد الكارثة , أمنت أن كلام الكاذب كان حقيقة .
أنا الان بعيدا عن كل شيء , الا من نفسي  , أنا قريب منها .
..................../أدهام نمر حريز-بغداد          2016/5/27

دوران  الظِلَال ...
.........../أدهام نمر حريز .
الافق و أضغاث أحلامي  يتعامدان
زوايا وجودي في المنتصف
 مجسماً على وشك الانحراف
هندستي معطلة
 أقلامي لا ترسم الاقواس
في صوري خطوطاً مستقيمة
 تثبت ملامحي على جدار
قديمة  كشارع  بلا أسم
 بلا لوحة أرقام
بعض من الوصف , كثيرأ من الخيال
نقطة في الفراغ 
 متعلقة بمحور , مسند للاقدار
أكثر من مجهول في معادلتي 
اليمين ينقصه اليسار
لا يفك طلاسمها  الا مجنون
يكتب أخر وصاياه
 يطلق  أمواج  صراخه
يتمسك بأخر أنفاسه
يخاصم النوم
 قبل الرحيل
................/أدهام نمر حريز-بغداد    2016/8/27

تخمر الدم  ...
.............../أدهام نمر حريز .
الشوارع انتفضت غيضاً , الاذرع العارية تلاوي القهر , بعض من الكبرياء  تدوس انوف الغطرسة الغاشمة .
  ترتفع الى السماء تبصرها عيون غائرة فيها عمى , في اذانها وقر ,  لا ترتجي الله ولا الرحم .
رمال الطريق لونها احمر , ارتوت من سنين الشباب , ضجر من طعم الموت الفاتر  ,  رفعت  على جدرانها لافتة , تشجب فيه الحال  .
الموت لا يغيب , لاينام , لايتعب , الاسواق تباع على ارصفتها الفجيعة  , الاكياس سوداء تغلف الموتى .
الارامل ليس لموعد نواحهن انتهاء , سرادق العزاء لا ترفع , لا تنتهي ايام لعدة حتى تبدأ أخرى , متستره  بجلباب داكن أسود , تنعي الموتى من ايام سومر واكد .
الايتام أعتاب للابواب , افواجا  افواج , الوطن ينزف شلالا من الاشلاء  , كانها امواج تتبعها امواج , ابناءأً  لابناء ,  تثكل بهم أثداء وطن الموتى .
لانمتلك غير أمتار خالية , الوطن فيها مهاجر نحو الغربة , خاوية من الفرح , مثمرة بالالم .
البكاء سلوى للروح , الدموع تغسل الصور , التوابيت اضلاع متداخلة , يتداخل  فيها فتتشابك , تحيط الوطن بسور  كاضلاع البشر .
القتل ينتقل بالهواء , ما ان يسكن منطقة حتى يرتحل الى اخرى , يهدي الوطن ساحات للمعارك المتنقلة .
النهر يجري دموعا ودما , النخل يثمر رصاصا نحاسي اللون ,  يرتجف الموت عندما يسمع أسم وطني , يخاف على نفسة  أن يدفن فيها .
................/أدهام نمر حريز-بغداد              2016/5/20

زَخَّات الدموع ...
......../أدهام نمر حريز .
جَزَعي  أصابه’ الجفاف
يتلوى من عطش الهموم
يُذرِّف أنفاسه الاخيرة
خلف ضياء القمر الساكن
 ظِلَال مسافرة عشقت الرحيل
أضلاعي وطنها المسلوب
تناجيه في  لُجَّة غربتها
ينقش سُحباً  مرعداتٍ
على أهدابها
أوجاعي يجذبها الهطول
تقرع الطبول
تَبَلُّل الوسن
تلقيه في محيطها المُضطَرِب
أكواماً من دخان  متذمر
غادر شفاه منتحبه
.........../أدهام نمر حريز-بغداد     2016/10/12

فِرَاق محتوم ...
......./أدهام نمر حريز.
 ركام سنيني
 يذروها اللوم
سنابلي الصفراء مغتربة
حقولي تطرح الحفر
طريقي يحن الى الرصيف
اتعبتني هذه السنين المُحَلِّقة
انتزعت مني جناحي المكسور
الرحيل   يحرق أوراق البقاء
لا مبررات بيضاء لذكريات غامقة
تشد على عضدي كلمات الوداع
الاختناق يرافقني
أقدامي تسير في عالم اخر
فؤادي   نبضه مكلوم
يتجرع   زعاف المشهد
الكابوس يتجسد كحقيقة
تذهل نفسي
تصفعها
الموعد لن يتكرر
............../أدهام نمر حريز-بغداد   2016/10/28
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قراءة نقدية

حالة من المتعة والتشويق – اضواء – يوسف عبود جويعد
NOVEMBER 11, 2015
تغويني ظلالك خيالاً شعرياً

حالة من المتعة والتشويق – اضواء –  يوسف عبود جويعد

قد يتبادر الى الذهن ان قصائد الشاعر ادهام نمر حريز في ديوانه الشعري (( تغويني ظلالك )) ، سهلة المنال ، وتستطيع ان تفك طلاسمها حال قراءتها ، وما أن تطالع اول قصيدة ، حتى تراجع حساباتك ، اذ تفاجأ ببنية نثرية متماسكة ، موحدة ، لقد تمكن الشاعر من جعل قصيدته ذات بنية شعرية موحدة ، كما أن عنوان كل قصيدة ، يدعوك لاكتشاف كناها ، وفك رموزها ، فهو العتبة النصية التي تشكل الخطوة الاولى نحو فضاء القصيدة ، فهو مستمد رمزها من عمق الثيمة وذروتها ، تكون مباشرة في بعض منها ، ومبهمة عصية التفسير في البعض الآخر من القصائد، لاعطاء المتلقي حالة من التأمل والتأويل ، وخلق هالة من المتعة والتشويق ، ولكي نقترب اكثر من قصائده علينا ان نعي بما حولنا ، اي ان نعرف ما يحدث في بلدنا من احداث وبالاخص البارزة منها ، مثل مظاهرات ساحة التحرير ، الانفجارات ، الهجرة ، المهاجرون الذين غرقوا في البحر ، كما في قصيدة (( وطن ينزف الرجال (3) )) والتي اهداها لشهداء ديالى ناحية بني سعد

(( اجواء مشحونة … )) التي خص ذكرها لنصب التحرير وحدد مكانها وزمانها في 1-8-2015 (( خيبة تعبر الحدود )) عن المهاجرون الذين غرقوا في البحر (( انتفاضة الروح )) و (( مسير موحش )) و (( مغادرة بلا عودة )) وكأننا نخال الشاعر وسط الناس ومع الامهم في شرق البلاد وغربها وجنوبها وشمالها ، صوت هادر ، يخترق هذه الاحداث ، ليضعها امامنا قصيدة تحمل رموزها التي تكبر منذ انطلاقتها ، وتتداعى مفرداتها الشعرية ، وتتشظى وتنتشر موغلة في نقل الحالة الى لوحة شعرية بصورها ، ودلالاتها ، وايحاءآتها ورموزها ، وانكساراتها النفسية ، وانفعالها وحزنها ، لانه ينطلق من لحظة اشعاع الثيمة ليتداعى معها في مؤثراتها وتأثيراتها ، ويضيف اليها الحس الشعري وهو السياق الفني لكل قصيدة التي تحيلها من واقع محسوس الى خيال شعري ، ومن ثم الاحساس النفسي للشاعر الذي يضيف لها هالة ثالثة مكملة للمفردة الشعرية ، اي أن مراحل اعداد القصيدة تدخل في مختبرات فكر الشاعر فتتداخل الصورة من الواقع ، الى المتخيل الشعري ، الى الاحساس النفسي المعكوس ، تخرج بعدها قصيدة متوحدة في ثيمتها ، عميقة في فكرها ، بليغة في لغتها ، كبيرة في صورتها ، واضحة في دلالتها ورموزها ، وقد اشار في ذلك في اول قصيدة له (( تغويني ظلالك )) التي حملت المجموعة الشعرية عنوانها ، والتي تحاكي في ثيمتها الشعر واغواءه وحبه وشغفه وتعلقه به ، فعندما يحب الشاعر قصائده وينظر لها وكأنها الحبيبة ، حينذاك تكون للقصيدة روح واحساس

كيف لاتغويني ظلالك

ولا تجذبني لعالمك الجميل

وتشدني اليك بقوة

حيث تسكن انت

والمستحيل

ان قصيدة (( تغويني ظلالك )) هي الخط البياني ، التي من خلالها نعرف ، فكر الشاعر ورؤيته ومدى اهتمامه بالقصيدة الشعرية ، ولا يخلو هذا الديوان الشعري من الموروث التراثي ، اذ ضمن ذلك في قصيدة (( شوارع بغداد القديمة )) والتي هي رحلة في الموروث التراثي والحياة البغدادية ، حيث الشاي ، والشوارع ، ورمضان ، ولعبة المحيبس ، والعلاقة الانسانية الجميلة

ذاكرة متنوعة الالوان

لمدينة موغلة بالقدم

فيها مالا يقبل الرحيل

كالروح التي تمسك الجسد

وكذلك ضمن الشاعر ديوانه الشعري تلك العلاقة الازلية الخالدة التي لاتموت ، علاقة المرأة مع الرجل في كل متناقضاتها ، كما في قصيدة (( برودك ينعش صيفي) التي تعكس برودة الاحساس وتأثيرها في العلاقة العاطفية

فتعيش ذروة انوثتها

تفيض فيها

فيضان النهر

بعد ذوبان جليد الاحساس

في صيف روحها

الساخن المحضر

وعن العلاقة الانسانية بين الناس ، نراها في صورة شعرية معمقة في قصيدة (( وجوه معكوسة ))

انعكاس الصباح

يرسم وجوه لاناس

لا تبتسم بمحبة

وجوههم منعكسة

على مرآتي

ان الشاعر يتعامل مع اللحظة الواقعة التي يمسك بها ، كنقطة انطلاق لادوات القصيدة ، حيث يتداعى معها موضحاً تأثيراتها ، ثم ينتشر ويتوغل ، ويتعمق ، ناقلاً هذا الاحساس الذي تأثر بتلك اللحظة ، فيكون بناء القصيدة من اللحظة الواقعية المجردة ، والمثل في ذلك لحظة الفراق في قصيدة (( سمفونية الابعاد )) التي جعلها نقطة انطلاق لتكون قصيدة ، تعكس ما يفعله الفراق ، ومدى تأثيره على النفس ، قصائد كثيرة ومتنوعة ضمها ديوان (( تغويني ظلالك )) للشاعر ادهام نمر حريز ، هي رحلة ممتعة ومؤثرة في عالم القصيدة ، وقد اجاد صنعتها بكل اتقان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تداعيات… ذكريات مصابة بالوهن .. كتابة نصية مشروطة بوحدة الموضوع
SEPTEMBER 5, 2016
تداعيات… ذكريات مصابة بالوهن .. كتابة نصية مشروطة بوحدة الموضوع

يوسف عبود جويعد

ما لفت انتباهي ، وجعلني اختار قصيدة ( ذكريات مصابة بالوهن ) للشاعر ادهام نمر حريز ، هو تميزها عن سواها من النصوص الشعرية ، التي حفلت بها مسيرته الشعرية ، وانها تمثل نقلة نوعية موفقة ، استطاع من خلالها تقديم منجز ادبي ابداعي ، يشكل لديه حالة من حالات النضوج في هيكلة وبناء النص الشعري ، وهي تعد خطوة جديدة يضعها الشاعر في عالم الشعر ، حيث نكتشف ان البنية النصية متوحدة في موضوعها ، وثيمتها ذات عمق دلالي مكثف من حيث الصورة الشعرية التي اعتمدت على الاستعارات والانزياحات التي تنتمي الى روح النص وتزيده تماسكاً ،كما يلاحظ انتقاءه للمفردة الشعرية التي تتلائم والسياق الفني للقصيدة ، كونها استطاعت أن تظهر مكنونات التداعيات الذاتية الموغلة في عمق الروح والذاكرة ، ونكتشف ايضاً بأننا سوف نزج في اتجاهات مختلفة ، تشكل النسيج المتداخل في وحدة بناء النص ، الحاضر كما يراه الشاعر عبر الانكسارات الروحية المنعكسة من عمق الذات ، وفي دهاليزها الساكنة المظلمة ، حيث يسلط الاضواء عليها ، لتظهر في بنية النص

اللحظات من حولي تبدو جميلة

وهي تشهق أنفاس الحياة

حتى تلك التي يغلفها النسيان

أو التي تمضي في طريقها نحو الرحيل

حيث مدن الخيال المشيدة في العروق

الممزوجة ببحار مُتلاطِمة من الصور

والماضي الذي ترنو الروح اليه لتحفز الذاكرة الواهنة لاستحضاره ، ممزوجاً بأساً وحزن وندم ، وشوق ساخن محتدم ، ورغبة ملحة لتنشيط هذا الوهن الذي اصيب الذاكرة ، كما اشار اليه الشاعر في بنية العنونة ، التي شكلت لديه العتبة النصية الاولى التي تداخلت مع فكرة القصيدة ، وهي متصلة بوحدة موضوع النص وثيمته

الحكايات تغزل في مسامعي

ترتدي وشاح اسود

الاقنعة تزين الوجوه العارية

لاتاريخ لليوم فهو يشبه غيره

ذاكرتي مفقودة من سجلات الاحداث

نهاية الشارع أول الخطوات الصغيرة

ركن عتيق موغل بالزمن

الضحكات ملونة بالبراءة كشفاه غضة

ثم تأتي المخيلة الشعرية الحسية الخصبة ، لتشكل النسيج الثالث الذي يمثل حالة الانكسارات والتداعيات الذاتية العميقة ، التي سبر اغوارها من عمق قاع الذاكرة فتختلط تلك الخطوط ببعضها لتشكيل النسيج النهائي لبنية النص الروحية الشعرية فتظهر القصيدة وكأنها لوحة غارقة في الحس الشعري

بسيطة هي الامنيات العالقة في الاحلام

الايام تعدو مسرعة نحو الخـــــلاص

كل شيء يسير الى النهاية

الملامح أعتلتها تجاعيد الزمن

كلهم أستعدوا للفراق

لاخلود للطين

وأنه ينحى بنا منحاً فلسفياً ، نحو الحقيقة الثابتة ، الكل يرحل ، ولا خلود للطين ، وان الانسان يمضي في مسيرته نحو تلك النهاية ، وكلما مر الزمن ، وكلما ما تقدم العمر ، فأن هذا الكائن سيغدوا كتلة من الذكريات التي سكنت قاع روحه

نافذة السماء تمد يدها

تصافح قوافل المغادرين

وتترك الريح تذري الرمال

على كل شيء من أثارهم

فكانهم ما ولدوا على الارض

ولا كانت لهم غير شواهد

نقشت عبارات الوداع لهم

ومهما طالت او قصرت الرحلة العمرية للانسان فأنه مغادر لامحالة ، بقوافل مغادرة ، وتبقى الريح تذري الرمال ، لتمحو أثارهم كل ما تقدم الزمن على رحيلهم حتى تتلاشي وتندثر ويكسوها غبار النسيان ، وكأنهم ما ولدوا على الارض ، ولا تبقى لهم الا شواهدهم وحسب اهميتها ، ومدى عمق بقاءها في تلك الذاكرة الواهنة

أن قصيدة ( ذكريات مصابة بالوهن ) للشاعر ادهام نمر حريز ، تعد من القصائد المميزة ، والتي شكلت نقلة نوعية وخطوة جديدة واثقة في النضج الشعري .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قراءة نقدية بقلم الاستاذ أدهام نمر حريز ...
الصورة الشعرية المكتنزة بإشراقاتها الدلالية ,
لقصائد  الشاعر المغربي / أحمد الشيخاوي ....
................................../أدهام نمر حريز .
رغم صعوبة وضع الشعر في قالب معين او في تعريف محدد , الا ان  مهمة  اي قراءة أو تحليل للنص ,  يستند الى جعل المتلقي  يصل  الى  غوائره البعيده.
    أن لكل نص شعري  مميزاته و خصائصه الفنية ,  التي تعبر عن شخصية  كاتبه ، ولكي يتسنى لنا معرفة ميزات كل نص لا بد لنا أن نستعين بالتحليل  للكشف عن تلك المميزات .
أن الذي يعطي للصورة الشعرية فاعليتها , أرتباطها باحساس الشاعر , الذي  ينقل الينا أنفعاله و تجربته الشعرية .
لقد تطور الاهتمام بالصورة الشعرية في النقد الادبي الحديث , نتيجة انفتاح النقاد العرب على النقد الاوربي , الذي اهتم بالصورة الشعرية أهتماماً بالغا منذ عصر ارسطوا و تحديدا في فن كتابة الشعر .
واليوم ستكون لنا وقفه مع شاعر استطاع أن يمزج الحروف بالاحساس و الصور , فيصنع منها قصيدة  مكتنزة بإشراقاتها الدلالية .
الشاعر / أحمد الشيخاوي , من مواليد /1973 ,  مسقط رأسه قرية صغيرة تدعى أولاد ملوك , ضواحي مدينة أوطاط الحاج الضاربة بجذورها في عمق المملكة المغربية .
له عدد من القصائد و الاصدارات  , كتب المقالات و المقاربات , وينشر في عدد من الصحف المغربية و العربية  منها ( الزمان , المثقف , البيان اليوم ) , و في المواقع الالكترونية الاخرى , ومجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة .
في قصيدة الشاعر المغربي/ أحمد الشيخاوي (  همس أقحوانة ) تعدد صوري واسع ,  و توظيف دقيق للرموز .
فيبتدأ قصيدته (  سأعتبر العزف على وتر بات منبوذا
طيش فتوة
وردهة ترّهات
وسماّ مغلّفا بعسل الأحلام..
سندباد أنا
خانتني كل الخرائط..)
أن أول ما يلفت نظري في القصيدة هو عتبة النص (  همس أقحوانة ) , الذي يُسهم في فهم بنيته وتأويل القيمة التي ينطوي عليها.
 فعنوان القصيدة يدل على أننا أمام نص شفيف يأخذ معه الخيال في جولة , يرسم لها عالم جميل , ليطلق العنان لكلماته , بعد ان مزجها بتوظيف جميل . يستنطق بها  المحطات الدلالية للصور الشعرية .
وكانه يطير مع سندباد في رحلته , الى حيث المغامرة و المجهول .
( رجاء لا ترحلي مع الشمس
كي تبزغي من جديد
عندي
مجرد الغروب الواحد
ميتة أبدية.. )
نغوص في عمق المعنى  و الفكرة التي يريد ان يصلنا بها الشاعر , عندما  ربط غروب الشمس مع الرحيل .
 فدلالة الغروب كثيرة و متنوعة , تنوع الشعوب و ثقافاتهم , فاحياناً يدل الغروب  على الموت , واحيانا يدل على الرحيل .
وهو يمسك بتلابيب الرجاء يطلب البزوغ من جديد , و يرفض  الرحيل ( الموت ) الابدي .
(عانقيني
أنت الشمس
ومخجلتي حين تقرأ أفكار الشفق في كفّي
وتنزف أحرفي
متخبّطة في دمها
فور رصاص الهزيمة الغادر.. )
عند تفكيك هذا النص و الدخول  في أعماقة ,  لنكتشف المدلولات التي يحملها أو التي  بين جنباته .
نصل الى حقيقة واضحة و مفهوم واحد , هو ارتباط الحب بالحياة , عبر عنها بالشمس  , و عرف غيابة بالموت الموشوم بالدم .
( عانقيني بتوحش
أيتها الأقحوانة النعسانة على إيقاع شدوي المغرّب..
أيتها المنتحرة بعد كل ولادة..
لا تطفؤو الشموع
لا تغتالو السنابل وادّخروللزمن العسير
أغلى الدموع.. )
أنتقل الشاعر المغربي /أحمد الشيخاوي , من الوصف و الصورة الشعرية  , الى مخاطبة الاخر مستخدماً النداء   , وحول مسار نصه من شاعرية الشاعر الى مسؤولية المتلقي , كانه يلقي الكرة في ساحته , و يسمعه الخبر .
(  فقط إمنحيني ما يحصل به الصعود العاطفي
أمنحك سريرا أثيريا
وأرسم صكوكا تمنع لثمك
لأن خدك أغلى من أن تخدشه القبل..
ومثلك...
مثلك أقدس من أن تطالها خطط لصوص ألوان البراءة
عند الحالمين..
ضميني
وعلميني كيف أعتصر من جغرافيا الشّح
نبيذا
يغسل كآبة وطني.. )
هنا اشارة واضحة في النص , يبدأ  بأسلوب يجمع بين صراحة اللفظ وجودة السبك ، واستخدم ايحاءات أدخلت المتلقي في صور اخرى لم تكن موجودة في بداية النص .
واشار الى استمرارية الحياة بانفعالات هذا الحب , وصاغه من حب فردي يحمل معاني العشق للروح و الجسد , ليجعله حب موجها للوطن , كان الحب عنده نوع واحد .
(تحنّني
وانثري أمام خطوي
كل ذي فوح
ملهم
محبط ما يطبخ في كواليس قتلة القصائد..
براءتي
ويسجلها الدم الكاذب
والقمصان المقدودة من دبر
يا من هبوب جهتكم
يحرّق ما يغذي نحل القلب
ويصعق تهجّد الواضحين تماما
أمثالي
المجبولين على النهل من أمومة
وحميمية
وطفولة
تشي بها قمم الثلج.. )
يسترسل الشاعر في نصه و بنفس طويل في الكتابة , و بمخزون متعدد من الكلمات و المصطلحات نابعة من قريحته  الشعرية و موهبته في الكتابة .
فكانت هذه كلها ادوات ساعدته غي صناعة الشعر و كتابة نصه .
لقد جمع في مفرداته بين الخوف و الامل , بين الجناية و البراءة , بين الحنان و القسوة .
في نسق متجانس و غريب , لا يجيده الا شاعر بارع متمكن  من حرفه .
(همسك زلزال مجنون
يفتح فيّ جراحات المستوحش في بيته
ويوصل أكثر من رسالة
فيّ تفجر الحنين إلى خبز أمي وقهوتها
والمعسول من حكايات
منذورة
لتزرع عميقا
في وسائد الصبيان..)
أفلح الشاعر المغربي / أحمد الشيخاوي ,  في حشد  المزيد من ألفاظ التوهج وكسر أفق توقع القارى ,  في نسيج لوحاته الشعرية المحتشدة بكثرة صورها  الشعرية.
 مما أدى إلى الاثراء الدلالي للنص وإشراك المتلقي معه في الإستمتاع والتلذذ مع عباراته الشاعرية الموظفة بكثير من الرشاقة والجمال.
فجعل من الهمس زلزالاً يهز به مشاعر المتلقي , و يوصل له الرسائل ببريده الانيق , وكانه حلم لصبي مشاغب .
( لن أصف منك العين
لن أتغزل بالخدّ منك ولا الشّفة ولا الظّفيرة ولا النّهد
لن أتغنى ببقية تضاريس جسدك الشبقي
منك يكفي القدر الزارع في الهوامش البعيدة
حفنة حب
ومصابيح
وهوية..
منك يكفي القسط المولّد نكهة الشعور بالإنتماء .. )
تعد اللغة هى المادة الخام التى يشكل الشاعر منها الصوره الجمالية ,  و من خلالها يشكل  معانيها ,  التى تتمركز حول معنى الرسالة الانسانية التى يحملها النص .
وقد اشار بصورة مستمرة الى ما بدأ به , فجعل من صياغتها دراما  تتصاعد  في كل مقطع منها .
ومن خلال حبكه ادبية  صاغها كمشهد سيميائي , جعلتنا في عمق معنى النص , بصورة تعبيرية جميلة .
لقد تغزل بكل مفردات العشق , و جعلها تلمع في وسط نصه , تغازل مخيلة المتلقي , تجعله  غارقا في عالم واسع .

................................/أدهام نمر حريز-بغداد    2016/8/20ــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق