الأربعاء، 22 نوفمبر 2017

شركات الدين القابضة // بقلم الاستاذ : عبد الزهرة خالد // العراق

شركات الدين القابضة
———————-
لكلمة الدين ثلاثة حروف مختلفة ذات معنى موحد اتجاه التعريف والمعرفة رغم اختلاف التوجهات والتسميات خاصة السماوية منها التي تعددت بعدد الأصابع .
ينزل الوحي على الأنبياء والرسل ليُبشروا دينهم ولترتضوه الناس وتتخذوه دستوراً لتنظيم حياتهم الدنيوية بعد الايمان بالله والغيب والجنة والنار.
لم يكن اختصاصي علم الدين بل أخترت للموضوع صيغة أدبية على سبيل التندر والاستمتاع فتحليل الدين تحت المجهر ومدى استفادة بعض الناس منه في حين تضرر الأخرون أو بالأحرى عاشوا على الحد الأدني في سبل العيش.
دعونا نوصف الدين من ناحية استغلال بعض الجماعات منه ليكون بمثابة شركة أو معمل يدر عليهم الأرباح والامتيازات في حين العمال الذين يتعاملون مع الدين بالفطرة هم من الغلبة والواقفين على حد الكفاف.
فالصنف المهم من يركب الدين ليبحر به الى جزيرة غنية بالكنوز ويجعل الدين قارباً أو سفينة لإيصاله الى هدفه المنشود.
والصنف الثاني يجعل الدين كالبحر يعوم فيه ويغوص متى ما يشاء لاستخراج اللؤلؤ والمرجان ويتصيد أنواع السمك حينما يجوع.
والصنف الأخر يجعل الدين الورقة الرابحة لكسب ود الأخرين والتجميع العدد الأكبر من الجمهور لتأليف تكتل كبير يأتمرهم وينفذ ما يريده بعد ترأسه وجعل المنتمين مشروعاً ثابتاً لطموحاته.
والنوع الشفاف هو من يصير الدين بالوناً ينفخه متى يريد ويفرغه عندما يحتاج السكون بحيث تجد المستخدم مجداً ومتحركاً لإجل النيل ما يصبو إليه وفي النهاية يفرغه لإجل الهدوء والنزول في أي مكان من بقاع الأرض.
حالات عديدة للدين منها اللون ومنها الشكل والحجم والعلو والانخفاض كل حسب أهواء المشتهي . لذا هناك نوع قد لا تجد مثيله حينما يستخدم التأويل والتفسير من أجل أن يكون عزيز القوم . والأخطر من ذلك هو عندما يكون الدين مطاطاً بين الحلال والحرام وحسب الظرف الزمني والمكاني.
وأخر ما توصل إليه الإنسان عندما تقوم الأحزاب بالدفاع عنه والدعوة إليه بعد إلغاء دور الأنبياء والأولياء ليكونوا منيبن عنه وإليه . 
لم يكن التصنيف عادلاً إن نسينا النوع الصعب هو أن يكون الدين كمكياج أو كأصباغ يتلون به حامله في أي وقت ليستطيع أن يجمل وجهه أمام المرايا وعدسات التصوير لكسب الأخرين والعشق من طرف واحد خفي.
هكذا أصبح الدين سلعة بسيطة يتاجر بها الشطار من الأمة ليستغل المغفلين والبسطاء بعدما يوزع عليهم صكوك الغفران ومفاتيح الجنة ونشاهد من يجعل الدين بمثابة الرب فمن يخالفه يستحق العقاب ومن يطبق تعاليمه يستحق الثواب أما كيفية التخلص من العقاب هو نزع الذنوب والسيئات في حضن الكاهن في أحد زوايا المعبد بأية طريقة يرتأيها الوسيط أو حامل لواء الدين .كذلك يجبر الدين المرء التبرك بفضلات الحيوانات والحديث عن الشفاء من الأمراض الجسدية والنفسية فيستغل الدين كمشفى حينما يوصف لك العارف بطلاسمِ الدين فك ألغاز الحروف يستعملها علاجاً لحالة معينة بعدما استعصت على الأطباء والصيادلة.
أما النوع المدهش وهو الدين الثقيل والمشبع بالرزانة ومن يحمل جزء منه يجعله يمشي الهوينا في الشارع والأسواق ويخر على أكتافه الورع والتقوى 
وتحمل خطواته كل جمالية الدين بالكلام الهادئ والحركة الناعمة والعطر المقدس ينبعث من لحيته بعد حلاقة شواربه ، وقد يحتفظ به في محفظة النقود ويستطيع التبضع بكل السلع بعد تصريفه في أي سوق يمشي به.
أبداً لم يكن مشروع مقالي الانتقاص من الدين أو المتدينين بقدر ما تذكرت الأشكال التي أستغل بها الدين لإجل تحقيق مآربهم . ومن ثم لم يكن الكاتب جاداً بالموضوع بل هي مجرد أفكار وأوهام ربما هناك هاجس من الخوض في التعاملات الدينية لتطبيق المقدرات الدنيوية .
لذا نرى في الوقت المعاصر ليس في بلدنا فقط بل باقي البلدان المتخلفة التي تمضي وراء سعي كسب الناس بأسم الدين بكافة اختلاف التنوع في الشكل والمضمون والجوهر ولا ننسى أن تطبيق الدين الفردي له قدسية قد تصل الى درجة الأولياء والأتقياء حينما ينحصر الخط بين العبد وربه .
واعتقد تنتهي درجات التقوى بكثرة الجمهور حينما يقودهم إنسان عادي الى الله .والحمد لله على أبلاغنا الرب بإن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه خاتم النبيين والرسل .فترك لنا الدين غريباً يبحث عن قلبٍ طاهر ليسكن فيه إلى الممات.
صدقوني أن من يجرب كل الأنواع لا يجزيه نفعاً إلا الذي يختص بالمرء وتعامله السليم مع البشرية بحيث لا يتعدى على حقوق الأخرين مع الحفاظ على تطبيق مبادئ الدين بشكل سليم بدون رياء.
كم يكن الإنسان راقياً حينما يرتقي به دينه نحو السمو والرفعة عندما يكون خالصاً لله تعالى…
——————-
عبدالزهرة خالد
البصرة / ٢٠-١١-٢٠١٧

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق