الأربعاء، 22 نوفمبر 2017

دراسة بقلم الباحث والناقد د المصطفى بلعوام // لنص الشاعرة أمينة الوزاني : مساءلة // المغرب

مساءلة
____
للشاعرة : أمينة الوزاني
---
عند كل مغيب
أتلظى
في جحيم
الشوق
فأعاتب أقداري
وأسائل روحي
كيف،
يقطف الورد 
شهوة
من جنان 
ويجاور تماثيل من أحجار..؟ !
كيف، الغدر
لازم
ظلي 
حتى في انكساري ..؟!
كيف،
ليلي
شابه 
بنهاري..؟!
كيف،
الزمن
يتسرب بين الأصابع كالماء
الرقراق
خلسة
وأنا أغفو
في لحظات انتظاري ..؟!
آه .. من أقدار..
كالعواصف ، 
ما أنصفت مكلوم
أو تركت
خيار ..!
____________
نقطة قراءة
الناقد الجميل : بلعوام مصطفى
----
إنها مجرد مساءلة على مشارف سؤال منفلت من اللغة بضرورة الوجود. المساءلة فعل لغوي جواني لا مرسل إليه غير الذات ذاتها ولا تنتظر جوابا أو استجابة والسؤال فعل لغوي له مرسل إليه براني 
في المطلق يجري وراء احتمالات الإجابات. 
الشاعرة أمينة الوزاني في مساءلة تغيب السؤال لا سيما وأنها " في لحظة انتظار"مع "الأقدار".
لماذا ؟ لسببين : أولهما أن السؤال حول القدر هو في حد ذاته تحصيل حاصل بما أن القدر حتمية غير خاضعة للسؤال ولكن للمعاينة، كما نرى في النص الذي يلتجئ إلى " كيف" عِوَض " لماذا ". ثانيهما، أن " قدر" الشاعرة له مقولات محددة : الغدر/الزمن/الوجود المفارقاتي. مالذي يجعل من النص مساءلة تغيب السؤال الذي لا تقدر الذات 
على صياغته؟ وكيف نتبين ذلك في النص؟ 
مفتاحان : مفتاح تيبوغرافي ومفتاح لغوي.
المفتاح التيبوغرافي يتجلى في :
١- كيف،
يقطف الورد
شهوة 
من جنان 
ويجاور تماثيل من أحجار ..؟!
٢- كيف، الغدر
لازم
ظلي 
حتى في انكساري..؟!
٣- كيف، 
ليلي
شابه
بنهاري ..؟!
٣- كيف 
الزمن 
يتسرب بين الأصابع كالماء 
الرقراق
خلسة
وأنا أغفو 
في لحظات انتظاري..؟!
مفتاح المساءلة هنا ليس في اللفظة التي تؤثت النص ولكن في استعمال أداتين تيبوغرافيتين:؟!. 
تبدأ المقاطع الثلاتة ب " كيف " لتنتهي ب (؟!). 
علامة استفهام وتعجب في ذات الوقت، يحولان الصيغة السؤالية ( كيف) إلى صيغة استنتاجية على شكل مساءلة تعجباتية ينتفي فيها السؤال الذي لا خيار له غير أن ظل في حيّز " القوة": إنه تعجب مما لا يمكن طرح السؤال حوله، أي سخرية في أقصى فظاعتها من الوجود وليس من القدر الذي من حيث هو كذلك يظل مقولة ترمي إلى " تحصين" مفعول الحدث بعد حدوثه إذ ما حدث حدث ولا مناص من حدوثه؛ سخرية من هذا "الغدر" الذي أصبح " قدرا" يطال حتى " الذات" و " ظلها":
كيف، الغدر
لازم
ظلي".
المفتاح اللغوي يتجلي في " ياء المتكلم" المرتبطة ب " الأقدار ":
١- أتلظى
في جحيم 
الشوق 
فأعاتب أقداري
٢- 
آه .. من أقدار ..
إنها معاتبة حيث ياء المتكلم منشطرة بين جوانية مساءلتها ( أقداري) وحتمية السؤال الذي يهرب من المسكوت عنه بين " آه ) و ( أقدار )..
لعبة القدر هي تحصيل حاصل لما يحصل عليه مِن مفعوله، اَي غياب أية معادلة له، لأنه يجهل الممكن والمحتمل بما أنه فعل يتحقق في غياب كل قياسات وقبليات تخضع إما للزمن أو للمكان أو هما معا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق