إلا وفاة الشعر القديم/ مقالة
..تحضرني حكاية جدتي عن سارق اقتحم ضيعة جاره في يوم عاصف، وبدأ يملأ الأكياس بصلا،فباغته صاحب البصل:
_ماذا تفعل في ضيعتي؟
_ألقاني الريح كما ترى...
_و من اقتلع البصل من جذوره؟
_تمسكت به من الريح فاقتلعنا...
_و من عبأ الأكياس بصلا؟
_ و الله وجدتني أفكر في الأمر!
_ألقاني الريح كما ترى...
_و من اقتلع البصل من جذوره؟
_تمسكت به من الريح فاقتلعنا...
_و من عبأ الأكياس بصلا؟
_ و الله وجدتني أفكر في الأمر!
..هذا هو حال المثقف العربي، وقد ضبط سارقا بصل جاره الغربي، ولا يزال يفكر كيف؟ وأما الريح فهو التغيير الذي أتى على محصول تراثنا من الجذور.
نحن مع التجديد بجني المنتوج والإعتناء به بزرع المزيد، والتحليق من حواليه من جيل لآخر بقلع زوائده وسقيه وعلاجه.
لطالما فكرت بحكاية جدتي، لقد كانت شاعرة عن فطرة، وهي بهذه الحكمة كانت تؤمن بالحداثة وإن لم ترتد فستانا في حياتها.
..كانت جدتي كشجرة عريقة، وكنت طفلا أعبث بأوراقها، أخلع عنها عباءة الوقار ثم أصب فيها تمردي، أصيح:
_عجوز شمطاء تصبغ شعرها بالحناء..!
الآن، أدركت بأنها كانت تصر على التجديد مع التثبت بالقديم.
أتذكر جيدا قصتها حول ريفي عشق أجنبية وقت الإستعمار، فتعلم لغتها وخلع ثيابه القديم كيما يرضيها، واعتنق ديانتها، ثم عندما أصبح كهلا ورأى أبناءه وأحفاده لا بشبهون أجدادهم، قرر تحرير شهادة وفاته بتاريخ زواجه.
أ يبدو قد آن الأوان لتحرير شهادة وفاة الشعر القديم؟
_حسين الباز/المغرب_
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق