السبت، 31 ديسمبر 2016

المتلقي الموهوم والتناص في قصيدة / أحصد وهماً / للشاعرة فاطمة الزبيدي // البعد والمدلول /// بقلم الاستاذ عليالناموس

المتلقي الموهومُ والتناص في قصيدة (أحصد وهما) للشاعره فاطمه الزبيدي
البُعـــــــــــــــــــــــــــد والمدلـــــــــــــــــول:
مُشتركٌ هو الهمُ بين الشعراءِ ،والعراقيون خاصة . تُقحمُكَ الشاعرةُ في دوامةِ التساؤل ..هل هو همٌ ذاتي؟....أم همّ جمعي.؟..عندها تمتشقُ أدواتك المعرفية للوصول لحالة الفرز...فتصهرك الشاعرة وهمها من حيث لا تدري .لتوضبكَ والنص لإعلان المأساة فتكون احدُّ أدواتِها لشعبٍ خلقته المأساة ...أم هو خلقها..؟ هنا الجدليه المرة مرارة العلقم في الحلقوم عبر عنها الإمام علي(ع) (فصبرتُ وَفي العينِ قَذى وفي الحلقِ شَجا) جملة بلاغيه شافية شامله..مرورنا لِما ينتج من الأدب العراقي. بصورة غالبة نجد نبَض الحزن لا يفارقه مهما ابتعدَ المنتج عن المأساة تراها تطفو على السطح لا شعورياً كونها من مكونات النفسيه العراقيه ومورثوها المتعمق في الذات.فيحاصرها المنتج بالتمويه مرة أو الكناية مرة أخرى..رغم هذا وذاك تترك أثرها الواضح للمتقصي النابه بمدلولات الصورة الأدبية ومعانيها............
القراءة
ـــــــــــــــ
تبدأ القصيدة (أراني) لكن لا تعصر خمرا...بل تحصد هما..الحلم..الهاجس..اللاشعور..تداعيات الوجع المستشري في ارض كللها الخوف من الواقع والمجهول بتداخل عجيب أسهبت الشاعرة بوصفه .رغم قصر الجمل والسرد مكتفيه بالتنصيص بين قصص التراث. (الأربعين حرامي) نصب (كهرمانه) الشاخص أمام الأعين بمدلولاته الرامزة إلى السرقة و مع ما موجود على ارض الواقع..فتداخل النص الأسطوري والنص الواقعي ليشكل وحده تناص واحده مستمرة مع مدلولات التراث ..(.فكيف) التساؤل عن الهروب من الواقع الى الحلم .أصبحت الشاعرة(كالمستجير من الرمضاءِ بالنارِ)محاصرة بين سرّاق الواقع وسرّاق الموروث ..هل بعد هذا توجد فسحه لبزوغ شمس كي تهزم العتمة ومن أي طرف والغاية القصوى للأستنجاد قد بُترت يداها وفُقأت عيناها ..الأبحار في الألم تجاوز حد التعذيب النفسي والجسدي 
لم نسمع بأن نظاماً مهما تكن وحشيته أن يعامل معارضيه بالزيت المغلي سمعنا عن أحواض الحامض(الأسيد.التيزاب) ويستمر التدفق الشعري والصور الحالمة وتبقى الشاعرة متأرجحة بين الممكن والمستحيل ليفرض (الفلكلور)نفسه فتلبي نداءه (ألبي نداء الجزر المسحورة) بثبوت الأسطورة ولكن ليس هاجساً بل واقعاً.أسسوا وأرادوا ان يكون هكذا ..ما بدأتهِ الشاعرة(فكيف للشمس أن تهزم العتمة في الصدور)...والخرافة أعمت الأعين والعقول وسيطرت الأساطير دافعه العقل الى زاوية الظلام لينقاد تتبعا خلف ما أرادوا له ..
الصراع محتدم بين الفكر الواعي والأدمغة المخدرة صراع أزلي يومي هو صراع النور والظلمة . الحق والباطل .العلم والخرافة . الانقياد الأعمى غير المفكر فيه. والعقل المتنور المنتج..فتستمر حركة الشاعرة بين الموت والموت لا ثالث بينهما لتعود أشلاء .مهزوزة مثقلة مبعثرة كعصفٍ تذروه رياح الهزيمة لزوايا النسيان بخطوات أثقلها تعب السنين .بضربه سريعة من قلمها المتمكن تفاجئك ألشاعره فاطمة الزبيدي بشموخ الإنسان وإصراره لتولد الحياة من جديد .رغم كل هذا وذاك تؤثث الشاعرة لعري الخريف ربيعاً جديد وزهور أجمل.يولد الإصرار من المعاناة ويولد النجاح من الإخفاق ليعرف معنى الأنعتاق من ألم ألعبودية والقهر .هكذا يكون النص وثيقة عاشها المعذبون و رسالة للأجيال القادمة .تحكي لهم قصص الواقع لا أساطير باهته .تمجد شقاوة وشطارة (الاربعين حرامي)..بل توثق قوة وإصرار من أحب الحرية و الأنعتاق من عبودية الفكر المهزوم .أُحيي الشاعرة (فاطمة الزبيدي)على هذه التورية الجميلة والتناص الراقي بين الماضي والحاضر والتماهي بين الموروث والمحدث ...............
القصيدة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أراني أحصدُ وهما "
أمشي على أطراف أوجاعنا ... 
لغايةٍ مبتورة الأذرعِ , ترشدُ أفكاراً بلا عيون !! 
فكيف للشمسِ أن تهزمَ العتمة في الصدور ؟! 
ونحن .... 
نلعبُ الغطسَ في الجرار مع الأربعين حرامي !! 
كهرمانة , تمارسُ شراستها الأليفة بغلي الزيت 
وأنا ... 
أتأرجحُ بين الممكن والمستحيل ... 
ألبّي نداءات الجزر المسحورة ... 
وهسهسة الجن في أساطيرِ هواجسي 
فأعودُ أشلاءَ امرأةٍ ... 
مهزوزة اليقين 
مثقلة الغرور 
مبعثرة الكبرياء 
كعصفٍ يتوارى عند حافات السنين 
أجرجرُ خطى أيامي ... 
لأؤثثَ عريَّ هذا الخريف
...............................
بقلمي
علي حمادي الزبيدي 
28\11\2014

تاريخ وتحولات (( الطبقة الموؤودة )) دراسة لرواية عشاق وفونوغراف وأزمنة // بقلم حميد الحريزي// للمبدعة لطفية الدليمي

تاريخ و تحـــــــــــولات ((الطبقة الموؤودة ))
دراسة لرواية
(( عشاق وفونوغراف وأزمنة ))
للروائية العراقية المبدعة (( لطفية الدليمي ))
بقلم :- حميد الحريزي
(( العراق بيت الأحزان من أور حتى الباب الشرقي، ومن أروك حتى انتهاء الصبر ...))ص67
مقدمة :-
ماهي الطبقة المتوسطة ؟؟؟
رواية ((عشاق وفونوغراف وأزمنة ))للروائية العراقية المبدعة لطفية الدليمي ، الصادرة عن (( دار المدى )) الطبعة الأولى في 2016 في 582 صفحة ، من الروايات المميزة والتي تسجل تاريخ الطبقة الوسطى العراقية ، في زمن الاستعمار والهيمنة التركية ، وفي زمن الاستعمار الانكليزي وقيام الدولة العراقية في عهدها الملكي حتى زمننا الحالي بعد انهيار الديكتاتورية على يد أمريكا وحلفائها ، وقيام الدولة العراقية (( الديمقراطية )) الحالية ، مع ملاحظة عدم توقف الكاتبة إلا لماما على فترة ما بعد سقوط الملكية بعد ثورة 14 تموز 1958 ، وانقلاب 1963، وحكم الأخوين ، ثم انقلاب 17-30 تموز 1968 ، وحرب ألثمان سنوات مع إيران ، وحرب الخليج ، وفترة الحصار المر ...ربما هي لم تشأ أن تكرر ما تناولته في روايات سابقة مثل رواية (( سيدات زحل )) ، وحصرت اهتمامها في هذه الرواية بفترات الحكم الاستعماري المباشر الظاهر والمستتر ...
تستعرض الكاتبة تحولات وسلوكية هذه الطبقة عبر متابعة تفاصيل حياة وسلوكيات وتبدلات وطبيعة عيش أسرة (( إسماعيل الكتبخاني))، وعائلة (( نجدت ألخيامي ))...
تبدأ الرواية بعبارة (( المستعد للشيء تكفيه اضعف أسبابه )) لابن سينا ،هذه العبارة التي ترددها كثرا ((نهى جابر فؤاد صبحيإسماعيل بك الكتبخاني ))والدالة إلى كون هذه الطبقة تحمل في بنيتها الاستعداد للتطويع والتشويه والضعف وعدم قدرتها على المقاومة ...
((نهى)) العراقية المولودة في بغداد عام 1980 عام اشتعال الحرب بين العراق وإيران ، تدرس اللغة العربية في مدينة (( غرينوبل )) الفرنسية المهاجرة إليهاهربا من بغداد بعد تعرضها لمحاولة اختطاف في زمن الدولة(( الديمقراطية )) بعد انهيار الديكتاتورية في 2003 .والتي تضطر العودة إلى بغداد ، استجابة لدعوة شقيقها (( وليد)) نتيجة لتردي حالة والدها((جابر)) الصحية وطلب رؤيتها قبل أن يموت ، هذا الوالد الذي غالبا ما يفاجئها بالهدايا فهي ابنته الأثيرة إلى قلبه ، وهكذا فعل حيث فاجأها بهدية لا تخطر لها على بال إلا وهي عبارة عن صندوق ، يضم العديد من الأوراق والملفات التي سجلت حياته وحياة أجداده من عائلة
(( الكتبخاني))، بالاضافة إلى (( غرامفون)) وأقراص خاصة مسجل فيها اعترافات ومذكرات عددٍ من أفراد العائلة ، يطلب منها دراسة محتويات الصندوقين وفك رموز المذكرات ، وتحويلها إلى كتاب يروي حياة الأسرة ... فكان له ذلك حيث اعتكفت (( نهى)) على قراءة المذكرات ما ظهر منها وما استتر عبر تظهيره على لوح من زجاج شفاف ، إشارةإلىالأمانة والدقة والشفافية في النقل ، لتدونه على جهاز الحاسوب ومن ثم نقله إلى الورق وتقديمه لوالدها ، الذي يغادر الحياة قبل إكمال قراءة كل المذكرات والاستماع إلى التسجيلات على أقراص
(( الفونغراف ))، فمات محسورا وهو لا يعرف سر اختفاء جدته وزوج جده (( صبحي )) (( بنفشة خاتون )) ، بعد أن علمت إنها متزوجة من أخ إبنها ، حيث كانت جارية مملوكة ل(( إسماعيل بيك )) أولدها ولدها بهجت ، الذي أخذه منها حين ولادته واسند تربيته لمربية خاصة ، ثم أهداها ل (( نامق باشا)) مقابل احتكاره تجارة الشاي في بغداد ...
تاريخ طبقة موؤودة ، تاريخ طبقة مخصية
(( كان نشطا في مجال حقوق الإنسان في التسعينيات، فاعتقلته السلطة ولم يكتفوا بتعذيبه بل اخصوه مع آخرين كانوا يعملون معه )) ص236.
هكذا كان مصير ((حازم )) احد نماذج الطبقة الوسطى العراقية ، الناشط المدني والساعي من اجل قيام دولة مدنية ديمقراطية حديثة زوج (( حياة البابلي)) ، - احد الشخصيات المحورية في رواية (( سيدات زحل )) للكاتبة لطفية الدليمي -، هذا المدني (( الحازم )) العامل من اجل حياة أفضل لطبقته ولشعبه ولوطنه ، وإذا علمنا إنالطبقة الوسطى هي الرافعة الأكثر فعالية وتأثيرا في الحراك الاجتماعي والاقتصادي في أي مجتمع من المجتمعات تتعرض للاخصاء ، فماذا سيكون مصير وواقع حال هذا الشعب وهذا الوطن ؟؟؟
ومن خلال دلالة تسميتها بالوسطى ، فهي تحتل مرتبة بين طبقتين، الطبقة البرجوازية وطبقة الكادحين من عمال وفلاحين من شغيلة الفكر واليد ، وبذلك تكون قوتها وقوة تأثيرها مرهونا بقوة وهيمنة الطبقتين أعلاه ، الطبقة البرجوازية، ونقيضها الطبقة العاملة، فبقدر ما تكون هناك برجوازية وطنية منتجة تكون هناك طبقة عاملة تقاس قوتها العددية والفكرية بقوة الطبقة النقيض ، فالطبقة الوسطى هي حاملة فكر التطور والتقدم والحضارة ، وهي المصباح المشع باتجاه الطبقتين النقيضين خلال الصراع الطبقي الدائر بين الطبقتين النقيصتين ، غالبا ما تأكل من جرفيها ليكونا الأقرب إلى حالة التوافق والأمان والتقدم إلى حين قيام التوازن الاجتماعي العام عبر تلاشي الفوارق الطبقية ، إن لم نقل زوالها ، هذا هو التاريخ تاريخ الحراك والصراع الطبقي طوال تاريخ البشرية ، وهو حقيقة ما يجري إمامنا في عالم السابق والحاضر ، رغم محاولات توصيفه بتوصيفات أخرى لا تمت للواقع ولا لجوهر الصراع بصلة ، سوى عمليات التمويه والتضليل بمختلف المضللات الدينية والطائفية والعرقية ...
فلو تتبعنا تاريخ الطبقة الوسطى في العراق كجزء من الإمبراطوريةالإسلامية بمختلف مسمياتها ، نرى انه مرتبط ببواكير وعي وحراك الطبقة البرجوازية الناشئة وبالتالي حراك الطبقة الوسطى في الدولة العباسية ، حيث تطلب اتساع وتطور الخلافة إلى ضرورة تطور وسائل وأدوات وتلبية حاجات الإمبراطورية ، مما تطلب تشجيعها عملية الترجمة والتصنيع والنشاط الحرفي والفني والثقافي ، فظهر آنذاك فكر المعتزلة وإخوان الصفا ومن هم بشاكلتهم ، والذي حكمت العقل كوسيلة للفهم والحكم ، وبذلك حاولت إن تجد لها مكانا في سدة الحكم أو على الأقل ترشيده وعقلتنه بعيدا عن تمثل الخوارق والاستناد للخرافة والغيب ، وقد تبناها المأمونآنذاك ومن بعده ولده ، ولكن بعد حين ظهرت استحالة الاحتكام للعقل في اختيار الحاكم الذي يحكم بالوراثة ووصية الأب للابن ، مما تطلب قمع هذه الحركة ، والقضاء عليها تحت مختلف الذرائع ومنها الهرطقة والزندقة ، والتاريخ يشهد قتل وحرق والتمثيل كل ينابيع مثل هذا الفكر ، ولنا في الحلاج وابن المقفع وغيرهما من الفلاسفة والمفكرين اللذين لاقوا شتى ضروب القتل والسجن والتشريد ، وبالمقابل أيضا كان هناك المصير المأساوي لمختلف الحركات الثورية المناهضة لخلافة المستبد باسم الإسلام ولنا في البابكية والخرمية وحركة القرامطة وثورة الزنج دليلا على هذا الحراك ... هذا الحراك الذي حسم اغلبه لصالح السلطة الحاكمة والارستقراطية الإقطاعية الحاكمة بأمر الله على حساب الطبقة البرجوازية التي تحاول النهوض ، ومن أهمأسباب هذه الإخفاقات للحركات الفكرية البرجوازية الناشئة والطبقة المتوسطة كون الدولة دولة ريعية تعتمد على واردات الخراج والجزية في جمع مواردها وتسيير أمورالإمبراطورية، ولا تعتمد على أموال دافع الضرائب البرجوازي المنتج ، مما اضعف قوة ونفوذ الجانب المنتج في الزراعة والصناعة وعدم تطورها ، فكان الحكام يشترون مبايعة ودعم ورضيالإقطاعيين والوجهاء وكبار التجار بمنحهم المزيد من الأراضيالأميرية مقابل ثمن بخس 
(( توزيع الأراضي من قبل العثمانيتين على الوجهاء والاقطاعيينالمساندين للسلطة العثمانية ، بعشرة قروش للدونم )) ص356.
والمفارقة الكبرى إن يدعي هؤلاء وأحفادهمإنالأرض ملكهم وقد ورثوا من آبائهم وأجدادهم ، وقد قاوموا وبعنف وبدعم من قبل بعض حلفائهم في السلطة الدينية على مقاومة كل محاولة لإحقاق الحق وتمليك الأرض لمن يزرعها ، وعادة الحق إلى نصابه ، ورفع يد مرتزقة السلطات الاستعمارية الظالمة عن هذه الأرض وهي ملكية لكل العراقيين ، منذ دخول الجيش الإسلامي للعراق عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، وعدم تمليكها أو منحها لأحد .
، وليس كما حدث في الغرب الرأسمالي خلال حقبة التنوير والثورة الصناعية في البلدان الأوربية والتي رافقتها البروستانتية والاحتكام للعقل وإضعاف دور الكنيسة والبابا وبالتالي إضعافالإقطاع وحكم النبلاء لصالح البرجوازية والطبقة المتوسطة الناهضة ... ففي الوقت الذي البس الصراع على السلطة وكرسي الحكم في العالم الإسلامي ومركزه لفترة طويلة بغداد لباس صراع بين أولويات حكم لعوائل وأفخاذ من قريش التي احتكرت لنفسها حق حكم الأمة الإسلامية بعد الرسول القرشي ، فكان الصراع بين العلويين والامويين والعباسيين وتوابعهم لعدة قرون من الزمان وهم أفخاذ وبطون من نفس القبيلة نعني قبيلة قريش ، لغاية سقوط إمبراطورية إل عثمان على يد الاستعمار الانكليزي ، في حين كان الصراع في دول أوربا هو بين طبقات اجتماعية متناقضة ، وخصوصا بين الطبقة الإقطاعية والبرجوازية وحلفائها من العمال والكادحين ، ومن ثم بين الطبقة البرجوازية وطبقة العمال وأنصارها ، ولحين التاريخ ،بعد إن نبذت هذه الشعوب الصراعات الطائفية ، كالصراع بين الكاثوليك والبروتستانت ، أو بين مختلف الطوائف المسحية الأخرى ، فأصبح الصراع صراعا طبقيا واضح المعالم لا غبار عليه ، ضمن كل هذا الصراع كان ولازال للطبقة الوسطى وليدة الحراك ومتطلباته في الغرب دورا فاعلا في السير نحو التطور والتقدم والحضارة ، على الضد من الطبقة المتوسطة في عالمنا الإسلامي ومنها العراق فالطبقة الوسطى من الكتاب والشعراء والحرفيين وما شاكلهم فهي طبقة مصنعة وتابعة للطبقة الحاكمة ، وبذلك اتسمت بالذيلية والانتهازية والتبعية في مختلف العصور والتحولات لحين التاريخ ...وهذا العجز الموضوعي ناتج عن ضعف إن لم نقل عدم وجود طبقة برجوازية وطنية منتجة ونقيضها ، وبالتالي ضعف وسيطهما ...
بعد هذه المقدمة العامة حول الطبقة المتوسطة وتحولاتها وحالات قوتها وضعها ضمن الحراك الاجتماعي ، نعود إلى روايتنا ولنتابع الطبقة المتوسطة في العراق خلال الهيمنة العثمانية وما بعدها عبر متابعة عائلتي (( الكتبخاني)) و (( ألخيامي )).
فإسماعيل الكتبخاني تاجر وإقطاعي كبير ، متزمت ومحافظ جدا في سلوكه وتعامله داخل الأسرة ومع عموم من له صلة به ماعدا ما يمثل الباشاوات والسلاطين الممسكين بالحكم ، فهو يظهر كخادم ذليل يريد الحظوة برضاهم ، للحصول على المناصب والمكاسب له ولأسرته التي كانت تعد من العوائل المتعلمة حسب قياسات زمنها ومن هنا أتت تسميتها بعائلة (( الكتبخاني))، وبالخصوص الذكور من أسرته ومنهم الولد (( نشأت))، هذا الذي كان متوافقا ومنسجما مع والده من حيث السلوك والتفكير العام حيث انشغاله بالتجارة واللهو ومعاشرة النساء حتى انه أقدم على اغتصاب الخادمة (( نمنم ))، والتنكر لها هي وولدها (( حمدي)) الذي نسب إلى خادمهم وأجيرهم (( رجب)) بقوة السوط والتهديد بالطرد ... فهذا إل (( إسماعيل)) لم يتوجه توجها إنتاجيا سواء بإنشاء مصنع أو معمل منتج بلى توجه نحو العمل الاستهلاكي عبر الاستيراد للمواد الاستهلاكية ، وهو وصف لحال البرجوازية الطفيلية التجارية التابعة لأسيادها ، وصاحب القول المعروف عنه
(( المصالح تقتضي أن تكون كل يوم بلون ، وكل يوم بصورة )) ص424.
وهكذا كان فبعد أن يأس من استعادة السلطة على بغداد من قبل الأتراك، اخذ يتودد ويتردد على الأسياد الجدد من الجنرالات الانكليز ، فبدل زيه العثماني ليرتدي الزىالإفرنجيوليحظى برضا وصداقة الجنرال مود ومن ثم الجنرال وليم مارشال حيث :-
(( عين إسماعيل بك مستشارا للأمور التجارية في إدارة التجارة والمالية )) ص433.
وقد ماثله في السلوك ولده نشأت في التلون واقتناص الفرص والتبدل والتلون حسب ما تتطلبه مصالحه ، وكذا هو حال حفيد الكتبخاني (( فهمي منصور اسيماعيل االكتبخاني)) الذي تخلى عن كل أرديته السابقة ، وتعاون مع قوى وعملاء الاستعمار الأمريكي ليكون نائبا في البرلمان العراقي بعد السقوط عام 2003
(( أسرة عجيبة لها ارث باهظ من الشر والدناءات العتيقة ، وأبناء الزنا وشهوة السلطة والمال والجواري والمحظيات )) ص476.
عزل ، وعزلة العقول المتنورة :-
صبحي، وولده ، فؤاد ، وولد فؤاد جابر ، وبن جابر وليد ، وبنت جابر نهى نموذج للشريحة الاجتماعية المتنورة التي أقبلت على الاستزادة من العلم والمعرفة ونبذ التشدد والخرافة ، الانتصار للحق والعلم والجمال والفن الرفيع ، الإحساس العالي بالكرامة الوطنية ، ورفض التعاون مع المحتلين والمغتصبين مهما اختلفت مسمياتهم وأساليبهم سواء كانوا أتراكا أو انكليز أو أمريكان ، الاتصاف بالأمانة والصدق والإخلاص في الحب وتجاوز الكثير من العادات والتقاليد الاجتماعية المعشعشة في عقول الكثير من أبناء طبقتهم ناهيك عن هيمنتها على الأغلبية من الكتل البشرية الذي لا يمكن توصيفه بالمجتمع حسب تصوراتهم ، وبراءتهم من أفراد العائلة الماليين للمستعمرين من الإقطاعيين والمستغليين حيث يرون إن هؤلاء هم سبب خراب البلاد وعذاب الشعب وويلاته في مختلف العصور
(( هؤلاء مساهمون في خراب البلاد منذ العهد العثماني حتى اليوم ، الحقيقة أنا لا أتشرف بالانتساب إليهم)) ص521.
ف((صبحي)) يذكرنا بشخصية (( معروف الرصافي )) وجيل المتنورين المقاومين للهيمنة التركية ، والباحثين عن الحقيقة ، والمرافقين للعقول النيرة من الكتاب والفلاسفة دون التحيز لدين أو قومية أو جنس ، كانوا عشاقا للحياة والحب والانفتاح على الحياة ، متذوقون للموسيقى والغناء والرسم وللفن الرفيع ، وكذلك ، ولده فؤاد ، وجابر ... ونهى التي تتمثل لنا برائدات التنوير في العراق كنزيهة الدليمي ، وزهى حديد وغيرهن الكثير من نساء العراق المناضلات من اجل الحرية والتقدم والسلام .
والواقع المأساويللجيولوجي القدير وليد ، الذي اضطر للهجرة خوفا من بطش الإرهابيين الذين أبادوا عائلة حبيبته المسيحية (( سميراميس))، إما(( نادر)) حبيب نهى فيتمثل لنا بالعقول المبدعة والمبتكرة والمتسائلة عاشقة العلم وتطوراته ، الذي يعيش في عزلة قاتلة ، مبعدا من دوائر الدولة ومؤسساتها ، وهو يذكرنا بالعالم العراقي الكبير عبد الجبار عبدا لله الذي سجنه وأهانه انقلابي 1963 .والمهندسة المبدعة الكبيرة التي ماتت في المهجر (( زها حديد ))، وغيرهم كثير نجوما لامعة في مختلف العلوم تقاسمتهم بلدان المهجر ، ولكن قلوبهم وأرواحهملإزالة وستبقى عالق في تربة وطنهم العراق ...
كان نصيب العقول المتنورة والكفوءة والوطنية الصادقة ، كان ولا يزال مصيرها النفي والإقصاء ، والإبعاد والعيش بالغربة في مختلف العصور ، هكذا عاش ((صبحي)) ، وهكذا سجن وطورد ونبذ ((معروف الرصافي)) وتشرد وهاجر محمد مهدي ألجواهري ، والبياتي وسعدي يوسف ، وغيرهم من الأدباء والشعراء والكتاب ، وبهذه الطريقة تم إعدام الشيوعيين في الزمن الملكي والجمهوري فكان هناك الآلاف من المعدومين والمشردين والمهاجرين ، حتى في زمن الجمهوريات الديكتاتورية و (( الديمقراطية ))...
فالقابض على وطنيته وإنسانيته ومبادئه كالقابض على الجمر ، لا بل اشد من الجمر ، فرأسه مطلوب إن لم يركع ويخضع لعملية الترويض والانسجام مع الأوضاع الجديدة مهما كانت فاسدة وبائسة ، رغم ذلك فقد بقى البعض القليل مثالا للثبات والقوة سليما من درن حب السلطة والسير مع القطيع ، بل ظل سليم العقل والجسد والسلوك مثلها الأستاذ سليم خال (( نهى))
(( ذو النزعة الاشتراكية التي ما تزعزت حتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، بل ازدادت رسوخا كعقيدة ثابتة لها قوة الإيمان ، تحب نهى هذا الخال الاشتراكي الفياض بالحماسة والآمل والمتفائل بازدهار الاشتراكية حتى بعد قرون )) ص61
مما يؤكد ما ذهبنا إليه من حالة ضعف البرجوازية الوطنية المنتجة ، وهيمنة البرجوازية الطفيلية التابعة متحالفة مع بقايا الإقطاع مشكلة طبقة (( الاقطوازية)) ، المهيمنة على السلطة والحائزة على المناصب والمكاسب ، وهذا ناتج عن استمرار الدولة الريعية من ريع الخراج إلى ريع البترول في زمننا الحاضر ... حيث تتم عملية القمع القهري للطبقة البرجوازية الوطنية المنتجة من قبل الاستعمار كعامل خارجي ، ومن (( الاقطوازية)) التابعة كعامل داخلي ، وبالنتيجة أدى هذا الحال إلى هزال الطبقة الوسطى إن لم نقل موتها ، رغم مقاومتها الباسلة من اجل الحياة متأثرة ومنبهرة بما وصلت له الشعوب المتقدمة من تحضر ومدنية ورقي في مختلف المجالات ،ومن علامات موت الطبقة المتوسطة ، استبعاد وشبه موت للفلسفة والفلاسفة في العالم العربي الإسلامي ...
ف(( جدارية السلام للفنان فائق حسن مكسوة بالغبار ، وآثار الدخان ، حتى لتكاد تفاصيلها تتلاشى تحت طبقة السخام والتراب الأحمر )) ص290.
دلالة موت كل معالم المدنية والتحضر ، واحتضار الطبقة الوسطى ، وانحلال قيم الفن والجمال والتمدن أهم ميزات الطبقة المتوسطة ، فتلاشت دور السينما والمسرح والموسيقى هذه الفنون مصدر التنوير والتثوير وحب الحياة وإنقاذالإنسان من عمى الجهل والتخلف 
(( سلمت مقادير حياتي للموسيقى فنجوت من العمى والمطامع وعرفت نورا غير الذي ترونبأبصاركم )) ص261.
طبقة (( الاقطوازية )) التي اطفات مصباح الحب داخل أجسادهاوأرواحها ، فانصرفت نحو جني الأموال وبناء القصور وحوزة المنافع على حساب معاناة أغلبيةأبناء الشعب ، وفرت لنفسها بحبوحة العيش في خضرائهم المشئومة التي خلفها لهم الديكتاتور وأهملوا المدن العراقية يعمها الخراب وفقدان ابسط الخدمات ، هكذا عاش (( فهمي منصور الكتبخاني ))وأقرانه من أعضاء الحكومة والبرلمان العراقي ، في حين عاش نادر وفؤاد ونهى ، ووليد وسميراميس ، وسليم ، والشيخ (( قيدار)) عم حياة البابلي الذي بذل جهودا كبيرة من اجل حفظ تراث بغداد من الضياع من خلال شراء وجمع المخطوطات التي تسجل وتحكي تاريخ بغداد على مدى العصور حيث تقول حياة 
(( عمي مصاب بهوس اسمه المخطوطات المتعلقة ببغداد ، البلاد تتلاشى وهو يحفظ تراثها)) ص 233
عاش هؤلاء العراقيين الأشرافالأحرار في حالة عزل وتشرد وغربة لأنهمأوقدوا شعلة الحب في أرواحهمفأحبوا وطنهم ، وامنوا بالحرية والتقدم والسلام ، ورفضوا مهادنة الاستعمار وأذنابه وخدمه ، فاضاؤا طريقهم بمصباح الحب ، وعملوا من اجل حياة أفضل لشعبهم ووطنهم 
(( في أعماق الجسد بئر وفي البئر معبد وفي المعبد مصباح وعندما يضاء المصباح بالحب يضاء الجسد )) ص315.
واقع المرأة في المجتمع العراقي :-
المرأة في ظل الأوضاع التي عاشها العراق في ظل حكم الامبراطورايات الإسلامية ، وفي ظل الإمبراطوريات الاستعمارية بمختلف توصيفاتها ، فهي حالة من الاستعباد والتملك كسلعة للمتعة والإمتاع ، والتفريخ والترفيه سواء أكانت جارية أو مملوكة أو كما تسمى (( حرة)) بالتوصيف ...
فهي تعيش تحت وطأة الهيمنة الذكورية الاستعبادية ، ونظرة الدونية من قبل الأغلبية الذكورية ، ولا يكاد هناك فرق كبير بين حياتها وحالها في ظل هيمنة السلطنة العثمانية ، أو الملكية التابعة ، أو الجمهوريات الديكتاتورية (( الاشتراكية)) أو (( الديمقراطية ))، فالتاريخ يروي مآسي السبايا والجواري الناتجة عن غزوات الخلفاء أولياء أمور المسلمين والحاكمين بأمر الله كما يدعون ، حتى أنهم امتلكوا الآلاف من النساء كجواري ومحظيات في قصورهم وضيعاتهم ، بحيث كانت هناك أسواق ومزادات لبيع الجواري والغلمان في ظل حكم الخليفة السلطان ولي أمر المسلمين !!!!
وما حياة (( بنفشة خاتون )) إلانموذجا لهذا الخرق الفاضح لإنسانيةالإنسان الذي جعله الله كما يقولون خليفته على الأرض ، هذه ((البنفشة ))، التي لم تجد إنسانيتها ا لا باقترانها بمحبها المتنور (( صبحي ابن إسماعيل بك))، الذي زهد بالمال والجاه والثروة ، معلنا ثورته ضد تقاليد وأعراف عائلته وطبقته الظالمة بنفشة خانم
(( كانت وهي تدخل إلى بستان مدحت بيك أشبه بنجمة هبطت توا من السماء، فأضاءت عتمة القصر والبستان )) ص281.
ولكنها تصدم كونها قد تزوجت ابن سيدها (( إسماعيل بك))، وان ابنها (( بهجت )) من إسماعيل هو أخ زوجها من أبيه ! فتقتل سعادتها نتيجة لفساد (( إسماعيل الكتبخاني))، وفساد كل نظام وحكم الإمبراطورية العثمانية وتوابعها ....
نموذج الخادمة (( نمنم)) الحبشية ورفيقاتها وما يعانن من الاغتصاب والاهانة والإذلال ، حتى مع مربيات وراعيات أولادهم وزوجاتهم مثل المربية الحنون (( أم نعمان)) التي تتعرض للطرد لأنها انتصرت للحق ...
لم يكن حال زوجاتهم (( جميلة )) زوجة إسماعيل بك ، ومصير بناته بين انتحار والموت غرقا(( مديحهإسماعيل ))، حرقا نتيجة الكبت والإهمال ، والحرمان من الحب والاستمتاع بالحياة ، فيكاد حالهن لا يختلف عن حياة الخادمات والعبيد ...
رغم كل ذلك كانت هناك نماذج من النساء تمكنت بجرأة وشجاعة وقوة شخصية من مواجهة طغيان الرجال وظلم المجتمع إلى كسب حريتهن وحياتهن مثل (( حياة البابلي)) و (( هناء )) و (( نهى الكتبخاني ))، ولازالت هناك نماذج من النساء المتحديات الرائعات في عصرنا الراهن ومن أمثالهن كاتبتنا المبدعة (( لطفية الدليمي )) وغيرها بالعشرات ، وريثات طريق التحدي والكفاح للمرأة العراقية الثائرة ضد الظلم والقهر والتسلط .... رغم رثالسرد،عة الطبقة المتوسطة ووضاعتها في عصرنا الحالي وانحدار الأغلبية الحاكمة والمحكومة إلى قاع التخلف والجهالة وعقلية وثقافة القرون الوسطى .
طبيعة السرد ، ودقة الوصف ، ورهافة اللغة :-
عندما قررت قراءة الرواية ، والعمل على الإلمام بمضمونها ، ومتابعة شخصياتها ، لا اخفي إني شعرت بصعوبة تنفيذ هذا القرار نظرا لبدانة الرواية ، وضخامتها وعدد صفحاتها البالغة (( 582)) صفحة ، والتعدد الكبير لشخصياتها الرئيسية والفرعية ، خصوصا وان قراءتي تهدف النقد الأدبي للرواية ، مما يستدعي دقة الملاحظة ومتابعة الحدث والربط بين سلوكيات الشخصيات ، والالتفات إلى ما ذكرته الكاتبة من تلميح إلى حدث ربما لا يتضح إلا في نهاية الرواية ، ولكن ما سهل علي هذه المهمة ، هو السرد السلس والكلمة الرشيقة والوصف والصور الجميلة التي تمتعت بها الكاتبة القديرة ، مما جعلني لا أمل من القراءة ومتابعة سير الأحداث ...
فالكاتبة طافت بنا في معالم رائعة شخصت أمام ناظرينا من خلال الوصف في فرنسا ، وخصوصا مدينة غنرنوبل أو في زيورخ ، أو في تركيا والتجوال في أسواقهاومقاهيها ونواديها ، وساحاتها خصوصا مدينة الأستانة ، وعادات وطبيعة ناسها ، وسلوكياتها وثقافتهم ، ومدارسهم الفكرية وطبيعة الحراك السياسي الناهض فيها ، وكذا هو الحال وهي تتجول في بغداد وحاراتها ومعالمها في الماضي والحاضر ، وما لحقها من خراب وتدمير وتشويه نتيجة الاحتلالات المتكررة ، وما تعرض له أهل العراق من الويلات والمآسي ، على يد الأتراك ، والانكليز ، والأمريكان
(( إن الناس هلكوا جوعا وافترست الكلاب جثث الرضع الذي ماتوا بموت أمهاتهم، وكان العجزة يزحفون في الطرقات بحثا عن عشبة أو ورقة نبات يقتاتون بها، وإذاوجدوا حيوانا نافقا كانوا يقطعون لحمه بكسر الفخار والحجارة ويأكلونه))399ص 
سوق الناس قهرا إلى الجيش وعسكرة المجتمع للمشاركة في الحروب العبثية في مختلف الحقب سواء التركية أو الانكليزية أو الجمهورية 
((إعدام مئات الهاربين من التجنيد في محلات بغداد كلها وأقيمت المشانق في مداخل الأزقة )) ص387
، وفي تاريخنا الحديث لا يمكن أن ينسى أهل العراق ما جرى زمن الديكتاتورية الصدامية وسوق الناس بالقوة والإرهاب إلى جبهات القتال العبثية الخاسرة ، والموت والقتل ، وقطع الإذن للهاربين والممتنعين عن الالتحاق بجهنم الحرب ، وقطع لسان من يعترض ، وهنا نعود لملاحظتنا في بداية الدراسة إلى إن الكاتبة طوت بسرعة كبيرة فترة حال أهل العراق زمن الديكتاتوريات الجمهورية ، فهي ركزت على عهود التواجد المباشر للقوى الاستعمارية على ارض العراق ، رغم إن ما حصل على يد (( الحاكم الوطني)) اشد قسوة وعنفا ويلاما حتى من المستعمر نفسه ...
والدور القذر الذي لعبه الانتهازيون والمتلونين ومتصيدي المناصب والمكاسب في مختلف الحقب ، ومعانة أهل العلم والمعرفة والوطنيين والتقدميين العراقيين من القهر والظلم والتعسف ...
هناك إشادة كبيرة بالتعليم كوسيلة هامة جدا من اجل بناء عراق حر وشعب متحضر في العراق ...وضرورة الاهتمام بدراسة علم الاجتماع ليكون منارا للأجيال الشابة في فهم طبيعة مجتمعهم وأسلوب النهوض به نحو التقدم والرفاه والسلام ...
كذلك أشارت بقوة إلى د ور الفن والموسيقى في رقي الشعوب وتطورها ، ونبذها للعنف والإرهاب
(( إن الموسيقى هي احد عناصر تطور البشرية وتهذيب النفس ، لو كانوا أنصتوا يوما للموسيقى لما تحولوا إلى لصوص وقتلة )) ص91
شدني الوصف الجميل لمناغاة الحب والعشق الصادق وتجاربه المختلفة بين المحبين ، الحب الصادق بين (( نادر)) وهو اسم على مسمى شخصية نادرة في زمن التردي ، وبين (( نهى)) التواقة نحو الأمان والحرية ، التي تمكنت إخراج نادر من عزلته وبث الأمل وحب الحياة في روحه ،وقصة الحب أو قصة الحياة المدهشة ل(( بنفشة خاتون ))، والوصف الأخاذ لعطورها ، ولملابسها ، ولصوتها ، ورفعة ذوقها ، وجمالها الساحر ، مما يجعل القاريء يسبح في عالم باذخ من السحر والجمال والفن الرفيع ...
وقد كانت الكاتبة موفقة جدا باختيارها الروي عن طريق مذكرات الأجداد المحفوظة في الصندوقيين ، مبتعدة عن الاستذكار والروي بالنيابة ، وإنماأحضرتإمامناالأشخاص بدمهم ولحمهم وعصرهم ليروا لنا أحوالهموأفراحهموأهوالهم ، بالإضافةإلى الروي على لسان (( نهى)) الشخصية المحورية في الرواية ...
إن رواية (( عشاق وفونغراف وأزمنة )) بانوراما ملحمية ، تبهر الأبصار ، وتشنف الآذان ، وتغني العقل ، بالصورة ، والصوت ، والكلمة الرائعة ،رواية حيكت بخيوط من حرير ، تضمخت حروفها بعطر البنفسج ، ودموع المقهورين ، أنارت كهوف الماضي ، واشرعت نوافذ توقعات المستقبل ، وهي تحكي تاريخ طبقة كتب عليها إن تبقى معوقة ، متعبة ، مصادرة الخيارات ، مخنوقة الأحلام والآمال ، عبر قرون من الزمان ، ولم تزل ، إنها شهادة على مثال وشهد شاهد من أهلها ، حيث أظهرت الكاتبة ما هو مظلم وفاسد ومخزي في ، و ماهو مشرق ومشرف ونبيل في تاريخ هذه الطبقة ...

مقالة نقدية /// الذائقة الجمالية العربية /// بقلم الاديب صالح هشام /// المغرب

مقالة نقدية :الذائقة الجمالية العربية · 
بقلم الاستاذ : صالح هشام / /المغرب ·
قبل أن أتطرق إلى موضوع الذائقة الجمالية ،أرى أنه من المفيد جدا ،أن أعرج على التعريف بمفهوم الذائقة : فهي اسم فاعل من الفعل (ذاق ، يذوق ) وهي قوة تمييز طبعية بين طبائع الأشياء وتذوقها ، سواء كان ذلك سلبيا أو إيجابيا ، سواء تميزت هذه الأشياء بالمرارة أو الحلاوة ، ومنه ( كل نفس ذائقة الموت ) فالذوق إذن ليس مقصورا على الجانب الجمالي فقط في هذه الأشياء ، وهذه القدرة على التمييز لا تقتصر على الإنسان فحسب وإنما تتعلق بباقي الكائنات الحية الأخرى من طيرأو حيوان ، إذ هي بدورها تستسيغ الحسن فتعشقه وتقبل عليه كالعيس تبالغ في المشي طربا لإيقاع الحادي ، والأغنام تبالغ في الرعي مستعذبة شبابة الراعي ، وتخاف قرع الشنان فتنفر وتفر منه ، وقد أسندت الذائقة إلى الجمال على سبيل النسب ، إذ تصبح من خلاله جزء من الجمال ، على مستوى هذا التركيب ، والأولى في اعتقادي أن تسند إلى الجمال على سبيل الفاعلية( ذائقة الجمال ) فيسند اسم الفاعل إلى مفعوله !
وأما الجمال ، فهو كل ما يمكن أن يثير في النفس رعشة القبول والاستحسان وتحقيق الإدهاش حد الشعور باللذة ،وإن يبقى مفهوم الجمال من المفاهيم المعقدة جدا ، إذ يرقى إلى مستوى أعلى درجات القيم الإنسانية ( كالحق والعدل والحرية والخير ) ، ولا يقتصر الجمال على المدرك بالحواس الخمسة تذوقا ، وإنما كل ما من شأنه خلق هذه اللذة ، والرضا ، من أفعال وسلوكات وتصرفات تجاه النفس و الآخر ، و لا أريد أن أنجرف في الحديث عن الجمال بمفهومه الصوفي الذي يرقى إلى الكمال ،وإنما سأتطرق إليه كجمال عرضي متبدل و متغير! والمتحكم في الإحساس والشعور به هو تلك الظروف والملابسات اللحظية غير التابثة ، فما تراه جميلا في وقت من الأوقات قد لا تستسيغه ، في أوقات أخرى ، فمفهومه نسبي ، وتذوق الجمال هو ذلك الإحساس الجميل كالشعور بلذة الخمرة بدون خمر أو لذة الطرب بدون مطرب ، سواء كان مدركا بالحواس الخمسة من لمس وشم وبصر و ذوق وسمع وغيرها ، فقد يتذوق الجمال المدرك بالعقل كذلك في الموضوعات الفنية والفكرية والسلوكية ومادام الشعور بالجمال ، يكاد يكون غريزيا في الكائن الحي ، تحكمه هذه القوة والقدرة على التمييز بين القبيح والحسن والجيد والرديء ، فإنه يستوجب تهييء البيئة المناسبة التي تساعد على تنمية الذوق والإحساس بالجمال !
فالذائقة الجمالية مثلها مثل الجمرة قد تكون مشتعلة لكنها سرعان ما تخبو وتنطفيء إذا ما احتوتها بيئة فاسدة لا تساعد على ذلك ، وهذا ما سنراه في هذه المحاور التي سنناقش في هذا الموضوع :
إن الله سبحانه وتعالى خلق الجمال في كل شيء ، في كل مظاهر الوجود بدء من تغريد البلبل فوق الفنن إلى خرير الساقية وحفيف القش الذي يتلاعب به نسيم الصباح ، إلى ظلام الليل وإطلالة القمر، إلى وميض البرق وقعقعة الرعد ، فأينما تولي وجهك إلا وتجد الجمال في أبهى تجلياته لا تحده حدود ، لكن للتفاعل مع هذا الجمال المتجلي في المظهر الطبعي والفكرة العلمية ، والصورة الشعرية ، والايقاع الموسيقي واللوحة الزيتية ، لا بد من تربية الإنسان / المتلقي على الشعور الرائع الذي يبعث الحياة في النفس والإحساس بجمال هذه المظاهر ، وما دامت الذائقة وتذوق الجمال قدرة غريزية تمييزية في الإنسان فالبيئة المناسبة الخالية نسبيا من الأدران والأمراض الاجتماعية ، تساهم بشكل أو بآخر في تنمية هذه الذائقة وصقلها وتدريبها وإن كانت ذائقة شخصية مثلها مثل بصمات الأصابع لا يمكن أن يشترك فيها اثنان أبدا ، و هذا الإحساس بجمال الأشياء من حولنا كفيل بجعل الإنسان قادرا على وضع ذاته في مكانته الإنسانية وفي أرقى مراتبها العليا التي متعه الله سبحانه وتعالى بها وجعله في أحسن تقويم، إذ يتجاوز ذلك الإحساس الغريزي الذي قد يشترك فيه مع باقي الكائنات الحية الأخرى في برها وبحرها وسمائها وأرضها ، و هذه البيئة المناسبة التي تساعد على تنمية الذائقة الجمالية والشعور والإحساس بكل ما هو جميل ، تستوجب احترام كل ما هو جميل في هذا الكون الجميل وهذا لن يتأتى إلا إذا ربينا النشء على حب الجمال ، فلنؤمن بأن الله سبحانه (جميل ويحب الجمال ) .
فمنذ صغر الطفل ونعومة أظافره ، نكون ملزمين بتربيته على احترام المحيط الذي يعيش فيه : يستطيبه ويشعر به ويستسيغ جماله ،ولعل الإحساس بجماله ، يجعله أكثر حرصا وحفاظا عليه إذ يشعر أنه منه وإليه ، بدء من البيت إلى المدرسة إلى الشارع !
فتتربى أذنه على أن يطرب لإيقاع خرير الماء فيحترم النهر ، وحفيف الأوراق فيقدس الشجر ، ويستطيب رائحة الزهرة ، فيحنو عليها ويهتم بها ، وهذا بشكل أو بآخر سينعكس إيجابا على سلوكه وتصرفه وطرق احترامه غيره ، فننجح في تكوين الإنسان الذي يحترم الطبيعة ويتذوقها ويحبها ، وبالتالي نحصنه من الأذى بكل أنواعه لنفسه ولغيره ، وكما نربيه على تذوق جمال مظاهر الطبيعة ، نربيه كذلك على تذوق و احترام الفكرة ، واستساغة الكلمة الراقية ، وتذوق جمالها بدء من السطر الشعري إلى النتفة إلى القصيدة .
ولعل التربية على التذوق وتنمية الذائقة الجمالية ، تذكي في روحه حب النقد و إبداء الرأي الحر والاستقلال بالشخصية و التفاعل الإيجابي مع كل ما يشعر به من جمال المحسوسات والمعقولات !
ولعل المقصود بتهييء البيئة المناسبة ، التركيز بصفة خاصة على مدرسة فنانة تحب الفن وجميلة تحب الجمال وترسخه كمبدأ من مباديء هذا الجيل المتعطش إلى التربية على القيم العليا ، هذا الجيل الذي يكون قادرا على استساغة الجمال وتذوقه ، مدرسة تفكر فيه كإنسان له ما يحب وما يكره ، لا في حشوه بذلك الكم الهائل من المعارف والمعلومات التي سرعان ما يطويها النسيان فلا تترك في نفسه أثرا يذكر!
ولكن للأسف فإن فاقد الشيء لا يعطيه، إذ نجد في أغلب المجتمعات العربية أن المدرسة فاقدة لأهلية التربية على الذوق السليم والذائقة الجمالية ،و لاأرجع سبب هذا إلى ضعف ذائقة الساهرين على حقل تربية الأجيال ، و إنما مرده بالأساس لضعف مقررات مدرسية قررت (بضم القاف )دون أن تهتم بميولات الناشئة . مقررات تمارس سلطة الحشو والتلقين ، وهذا لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يساعد على تربية الجيل على حب الجمال واحترام مظاهره ، أو على أن ينمي فيه روح التذوق ،هذا في غياب هامش معقول من الحرية الشخصية للطفل في اختياراته ، واحترام ما يحب وما يتذوق ، وأقصد بذلك أنك تلمس في أغلب مدارس المجتمعات العربية افتقارا يكاد يكون مطلقا للحوافز والدوافع التي تساعد هذا النشء على تنمية ميولاته الفنية ، إذ نكاد نقصي من مقرراتنا الدراسية : التربية الموسيقية أوالتربية التشكيلية أوالأنشطة المسرحية وغيرها ، وفي أحسن الأحوال إذا وجدت فإنها تكون بشكل جد خجول وتعتبر من الكماليات والمواد التكميلية ، دون أن يضع المقرر ( بضم الميم )في ذهنه أن هذه المواد من الحاجيات التي ينتفع بها شأنها في ذلك شأن الماء والهواء وشخصية الإنسان تكامل بين ماهو مادي وما هوروحي . 
فهذا الخلل الكبيرعلى مستوى المنظومة التربوية العربية لا يمكنه أن يساهم في صقل ذائقة الجيل الجمالية والتي تكون أصلا متضعضعة إن لم نقل منعدمة نظرا لغياب الدعم وتفشي الإهمال في الوسط الأسري الغائب عن التربية ، خصوصا تلك الأوساط التقليدية المحافظة التي تعتبر الدندنة الموسيقية سوء أدب وقلة حياء ، فتكون ميولات الطفل الجمالية تحوم في الأرض وما يلقن له يرفرفرف في السماء، فتعوق هذه التناقضات التربية الصحيحة التي تكون قادرة على تكوين شخصية إنسان سوي فاعل ومتفاعل وعاشق للمحيط الذي يعيش فيه ! 
فمن خلال هذه التربية نجهز على اختياراته ، ونمارس عليه القمع والتسلط ،ونحن نجهل أو نتجاهل أن( لكل عصر رجاله ) ولكل شخص ذائقته الجمالية الخاصة به ،فلنسلحه بالمباديء والأسس التربوية الأولية ونتركه يبحر في هذا العالم اللامتناهي ، يحدد ما يستحسنه وما يرفضه ! 
والتربية التي لا تنبني على أسس ميولات الطفل الذوقية مع توفير هامش الحرية التي تمكنه من التفاعل الإيجابي مع محيطه لا يمكن أن ننتظر منها المساهمة في تربية الذوق والذائقة الجمالية لهذا الجيل الذي أصبحت تربيته تخضع للسرعة و المكننة الآلية لا أقل ولا أكثر .
يقول أحد الحكماء : للجمال مصدران :( المرأة والطبيعة ) ففي الطبيعة تتجلى كل مظاهر الجمال ، التي تشعرالمتلقي المتذوق بلذة جمالها وهو ليست له يد في ذلك ، والمرأة رمز لجمال خلق الله سبحانه وتعالى في مخلوقه الذي فضله عن سائر الكائنات وقلده زمام أمور الدين والدنيا ، وجعله خليفة له في الأرض وأنزله نزول كرامة وعزة لا نزول مذلة وعقاب كما يعتقد البعض ، لكن ما هي انعكاسات هذه الظروف السياسية والاقتصادية والتاريخية على مجتمعاتنا العربية في الوقت الراهن ؟ و في هذا الواقع المتخن بالجراح؟
إن مجتمعاتنا العربية وبدون استثناء ، مرت بظروف تاريخية عصيبة جدا منذ فترة طويلة و لا زالت تعاني من ويلات الحروب والتشتت والتشرذم ، فهذه الظروف القاسية دمرت هذين المصدرين للجمال ، فالطبيعة تحترق و تتشظى مظاهر جمالها تحت وطأة وابل القنابل العنقودية ، وأزيز الطائرات وزمجرة الدبابات ، والمرأة رمز جمال الإنسان بصفة عامة تتشظى أشلاء في كل لحظة وحين، حتما هذا سيساهم بشكل كبير في إقبار الذائقة الجمالية وقتل الشعور بالجمال في نفس هذا الإنسان العربي صغيره وكبيره ، شيبه وشبابه ،فكيف ننتظر من طفل صغير تساوى عنده الدم بجرعة الماء : أن يشعر بجمال الشجرة والقذيفة الطائشة تقتلعها من الجذور ؟ كيف لهذا الطفل وحتى هذا الكبير أن يتذوق حلاوة الحياة ومنزله ينهد فوق رأسه في كل لحظة وحين ، وأجساد أبنائه الممزقة يمتصها غبارمنزله المنهار ، وهو نفسه يشعر بأنه مشروع قبر مجهول آجلا أو عاجلا ، فالذي يصارع من أجل البقاء على قيد الحياة تموت فيه الذائقة الفنية و يخنق في نفسه التذوق الجمالي للأشياء من حوله ، فكسرة الخبز تفقد طعمها ، لكن المهم أنها تملأ المعدة وتحفظ من الموت جوعا إلى حين!
هذا واقع الذائقة الجمالية عند الإنسان العربي ، الذي أصبح مجبرا على تصنع هذه الذائقة وممارسة نفاق تذوقي للجمال في كل شيء حتى في حياته الأسرية ، فالذي يقطر قلبه دما لا يمكن أبدا أن تقطر شفتاه عسلا ، هذا الواقع الآسن الذي يدمر إنسانية الإنسان ويشيؤه شيئا ليس ذا قيمة ، فيحول فيه الشعور بالجمال وتذوقه رغبة أكيدة في موت محقق يتوخى منه الخلاص من كابوس تتساوي فيه ألوان قوس قزح ويختلط فيه صراخ الصغير بولولة أمه ، فهذا الإنسان العربي مغلوب على أمره ، مقهور ،تصبح ذائقته الجمالية بهذا المفهوم من الكماليات ومن المفاهيم المتجاوزة وليست من الحاجيات التي ينتفع بها ، لأنه فقد ، خاصية من خصائصه الإنسانية التي تميزه عن الحيوان ألا وهي الذوق والذائقة ، والإحساس بجمال الحياة وروعة الطبيعة وجلال الملكوت اللامتناهي ! 
لكن ربما يمكنه أن يتذوق ملوحة البحر ، ولكن حتما ،حتما سيتذوق سمك القرش ملوحة لحمه ، وهو في تغريبته هروبا من موت مفترض إلى موت محتوم ، تستوي فيه صفحة الماء فوق رأسه ورؤوس صغاره ! 
إن الإنسان كما هو معروف ابن بيئته تؤثر فيه ويؤثر فيها ، وتتحكم في كل مقوماته النفسية ، وذائقته الجمالية ليست بمنأى عن هذا التأثير والتأثر سواء كان سلبيا أو إيجابيا ، و هو في هذا العالم الذي يغلي كالمرجل على صفيح ساخن ، تتشظى الذائقة الجمالية وتخرج عن طوع هذا الإنسان التائه في هذا اليم من الضجيج ، الذي يفقد كل الأشياء ، طعمها ،ويمارس التكلف والتصنع في ممارسة نفاق التذوق الجمالي، فقد تنعدم أسباب الذائقة الجمالية في هذه البيئة التي تكاد تكسر الرقبة بسرعتها وصخبها وضجيجها ، فيتظاهر بهذه الخاصية التي أصبحنا نفتقدها حيث تساوى كل شيء ، و فقد الجمال بريقه ،وطعمه ، فلم يعد لنا الوقت الكافي لتذوق جمال ما يحيط بنا ، فتتكسر الذائقة الجمالية على محراب هذا الضجيج والصخب ، وعلى أنقاضها تظهر ذائقة جمالية لا ذائقة لها ،ذائقة مزيفة تشي بواقع مزيف في كل مظاهره وسلوكات أفراده ، فهذه المرأة لم تعد مصدرا من مصادر الجمال ، فقد تم تشييئها وأصبحت تملأ الإعلانات الإشهارية منشورة على قارعة الطريق وتجوب صورها -عارية أو شبه عارية - القنوات الفضائية العالمية باسم روح العصر والحداثة ، فيضيع تأثير جمالها في النفس، فيفقد إنسان العصر الحديث الإحساس بجمالها ، كما يفقد الإحساس والشعور بجمال مظاهر الطبيعة من حوله ،و التي فقدت كل مقوماتها الجمالية ، فرتابة طلوع الشمس حتما ، تحطم الإدهاش والغرابة و تقتل الشعور بلذة الرؤية !
بقلم الاستاذ صالح هشام
~الاثنين ٢٨نونبر ٢٠١٦~

عند عتبة ،، أول الأمر سؤال /.. ؟؟ وآخره ..!!! // الشاعر جاسم آل حمد الجياشي // ألعراق // بقلم الناقدة الكبيرة عزة الخزرجي // تونس


عند عتبة "أول الأمر /.. سؤال ..؟؟ وآخره".. !!!
الشاعر جاسم آل حمد الجياشي 
نصّ شعري مثقل بالأسئلة لا لاستخبار وطلب معرفة ولكنّها لمقاربة الإشكاليّ الواقف في مهبّ القلق عند اشتداد رياحه وعصفها. وصميم الإشكالية السعي في أثر شذرات كينونة في مرحلة حرجة من مراحل وجودها والشاعر جاسم آل حمد الجياشي في قصيدته " أول الأمر /.. سؤال ..؟؟ وآخره.. على وعيّ حادّ وعميق وشقيّ في الآن ذاته بألاّ إقصاء للفلسفي ولا لتهميشه في نصّ شعري منشغل بإشكاليات حضاريّة وزخمها وحدتّها في مراحل حرجة من مسيرة أمّته وفي هذا السياق يقول الشاعر خليل حاوي في مقدمة لقصيدته لعازر"كنت صدى انهيار في مستهلّ النضال فغدوت ضجيج انهيارات حين تطاولت مراحله" 
فثمّة إذا وجود محلّق منشود تحاول اللّغة القبض عليه ولكنّ سيرورة البطلان واللاجدوى تسير في اتّجاه اللاعودة وتذكي نار السؤال وتؤججها فأحدقت نيران القلق بالنصّ من كلّ جانب وكان لها أثر بيّن في توزيع وحدات النصّ الدنيا وتشكيله المرئي وعلامات تنقيطه الصارخة تحت وقع لفح هذه النار الحارقة المحرقة .
وبعد إدامة نظر في تشكيل النصّ المرئي نخلص إلى أنّ فيض الأسئلة أنبت غابة كثيفة من صميميّ الإشكاليات وها أنّنا مع الشاعر جاسم آل حمد الجياشي في خضم تساؤلات كثيرة ومتنوّعة وندرك مدى هذا الانشغال بأسئلة واسعة وأن مسيرتها مشرعة أبوابها ونوافذها وحتّى كواها على إمكانات شتّى وعلى احتمالات لا تحصى قد تخالف كلّ أفق انتظار ومع ذلك يتصدّى لها غير متهيّب شاعر اعتاد اقتحام الدروب غير السالكة وان طوّقته نيران القلق والحيرة هذه وهو يحاور ذاته حتى لا تنكص وتتراجع وتمضي في طريق البحث عن جواب ولسان حاله يردد 
أخائف أنت
إذن تعال
نقود الخوف إلى السؤال 
ونبدأ البحث عن الجواب 
ونترك الكتاب لقارئ أخر
لا يرتاب
لباحث عن نفسه في لجة الضباب 
// // مهدي، سامي: الخطأ الأول
واقتحام لجج الضباب يتطلّب قدرا كبيرا من المجازفة والصبر على عنت تجشّم مخاطر المضي في سبل لا نعرف لها نهاية أوليس الإبحار في محيطات الحلم بحثا عن جزيرة كنز المعرفة مخاطرة كبرى ؟تحفّ بها مصاعب عدم امتلاك السيطرة على التوغّل في هذه الأصقاع والإمساك بزمامها ولا شكّ أنّ الاستغراق في الأحلام الوجوديّة قد يكون تورّطا أو ورطة عدم اقتدار على إدارة دفة الحلم نحو الساحل عند الحاجة لذا كانت أسئلة نصّ السؤال ينسل بعضها بعضا ترشح قلقا وفرقا
أنملك /..؟ صحونا بعد
أم ترى ..؟
إنا سنثمل 
أكثر/.. بنقيع الخمر 
اللاذع 
بكأس الغرباء 
أتجنح /..؟ مواكب أحلامنا؟؟
للضفة الأخرى
فلم ينبت السؤال إلاّ تمزّقا نفسيّا عميقا بين إقبال أو إدبار خشيّة خروج حلم الكشف والاكتشاف عن السيطرة لذا تراود الشاعر مشاعر متضاربة متعاكسة انه في منزلة بين المنزلتين موزّع بين الإشفاق من تمرّد حلمه عليه والضيق بالقعود وذرف الدموع عند أجمة من صبًار يقطر دمعه بكلّ 
مساء 
وهذا الصبّار العاكف على الانتحاب في صمت وحزن دفين وبصوت مبحوح متحشرج من عناصر الطبيعة وقد أسقط الشاعر عليها هواجسه ليكون رمزا توحّد به وتماهى ليحمل دلالات مكابدة الحاجة الدائمة إلى الارتواء والى قطرات من ماء يضنّ بها عليه لأنه قابع في مكان مجدب لا يبرحه ولا يمكن أن يرتوي من التصق بأديم الأرض بلا شموخ ولا تطلّع إلى آفاق أبعد.
ومن تحركت بداخله وبأعماقه جذوة السؤال لا يطمئن إلى حياة على شاكلة حياة الصبّار وقد جرّب الصبر حتّى ملّه وهكذا كان سؤال 
أم ستقبع عند 
ذلك الصبار.. ال يقطر 
.دمعه صمتا.كل 
مساء؟
متمحّضا للدلالة عن الانشقاق عن الصامتين العاكفين على الدمع يتجرّعون مرارته كمّا الصبّار الحزين لتقمّص صورة فراشة محلّقة تغمرها الحيويّة امتلاء بفيض من الرحيق والتذاذا بعبّ من مناهل ارتواء ثمّ إقامة طقوس احتفاء بالتشبّع
أم ترى ستحلق فراشاتنا 
بفرح غدقا 
ولكنّ مشهد البهجة يذوي شيئا فشيئا فما كانت بهجة أبديّة دائمة إذ أنّ النقص يداهمها 
أم تراها سترحل 
مهاجرة ..؟
.كما الورد المضرج
خديه بعويل 
النساء
وينمو النصّ الشعري متخذا اتجاه التهاوي وجليد الشتاء وصقيعه يداهم الفراش ويهاجمه في عنف ويغمر ورد عنفوانها بطبقات من جليد وتقام محافل الدفن وتتصاعد أصوات التفجّع تندب حقلا من ورد وياسمينه كان منهل الفراش ومنتجعها فتضطّر للرحيل بعيدا بحثا عن أسباب استمراريتها ولن تلوذ بالصبّار الحزين تشاركه عويله ولن تتوقف عن طلب حدائق بهجتها وان كانت لا تدرك إلا بعد لأي ومشقّة تذكّر بمن أدمن أسئلة البحث عن موارد يقينه 
إذا تماهى شاعر السؤال المضطرم بالفراش وقطع كلّ صلة له بأسباب الاستلاب ومدّ جسورا تصله بموطن الوعي وان كان موجعا وتلحقه بالفراش المهاجر ليؤسس حضورا للذات الرافضة الواعية المتسائلة الداعية إلى القبض على جمرة الوجود اللامتناهي الذي يعدم نفسه إذا أصابها وهن وينفيها من أجل سيرورة دائمة فهو يجعلها تتطهر بنار أسئلة محرقة لتنغمس بعد ذلك بماء دافق يضيق بالركود وهو كالظل لن تظفر به بالمكان مرتين وان استراح لبرهة تحت سدرة وارفة الظل مانحة الفيء ولكنه لن ينجو من لفح سياط من نار السؤال 
ماذا /..؟؟
لو /.. رفضت تلك السدرة 
أن نستظل بها 
وقالت...أنتم... وسافح دمي
سواااااااااااء
وانه لهاجس القلق من الآتي وقد استبدّ بمن كان محترفا للسؤال والأشد هولا و إيذاء للنفس أن تتمرّد النخلة وهي معادل موضوعي للانتماء والأرض و التجذّر ويسمع من براه السؤال صوتها وقد انطقها صانع المخلوقات اللغويّة فيغرق بهوّة أسئلة ولا جواب وما حلّت تلك المعضلة الوجوديّة ولا يزيدها التراكم إلا استعارا وكأنّ وقودها مهج من فطن فشقي 
أول الأمر /.. سؤال ..؟؟ وآخره .. !!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ جاسم آل حمد الجياشي 
ماذا /.. ؟؟
.إن مضينا عميقا 
نحو
أروقة أحلامنا 
ذات ليل
أنملك /..؟ صحونا بعد
أم ترى ..؟
إنا سنثمل 
أكثر/.. بنقيع الخمر 
اللاذع 
بكأس الغرباء 
أتجنح /..؟ مواكب أحلامنا؟؟
للضفة الاخرى
أم ستقبع عند 
ذلك الصبار.. ال يقطر 
.دمعه صمتا.كل 
مساء
أم ترى ستحلق فراشاتنا 
بفرح غدقا 
أم تراها سترحل 
مهاجرة ..؟
.كما الورد المضرج
خديه بعويل 
النساء..!
.ماذا /..؟؟
لو /.. رفضت تلك السدرة 
أن نستظل بها 
وقالت...أنتم... وسافح دمي
سواااااااااااء..!
ماذا /..؟؟
لو..ان النخلة شهرت 
.سعفتها ..!
وبوجهنا... نطقت.... أنا منكم 
براء...........!!!

في الكتابة الشعرية الجاسمية //// بقلم الأديب الكبير د. المصطفى بلعوام /// المغرب


----- في الكتابة الشعرية الجاسمية ------
/ الشاعر جاسم آل حمد الجياشي / 
_____________________________________
مصطفى بلعوام
-----
أصبح الشعر عبثية توازي عبثية ملفوظه اللغوي، تنخر وجوده باسم مقولات تدعي لنفسها الجدة والجدية الموضوعية في تحديد كينونته ؛ وأصبح الشاعر غريبا عن ذاته في زحمة اللغط اللغوي ؛ يكابد جراحاته بين حقيقة ما تحيل إليه اللفظة وكذب شعريته في حقيقة جراحاته. غريب عن ذاته في غرابتها مَع لغة يرتابها كما تتوجس هيامات صوره التي تجترح ما قاله الجرجاني عن طبيعة معناها ومعنى معناها في مشاكسة الحقيقة بالكذب. كذب الصورة في قول الحقيقة وحقيقة الشعر في الكذب بالصورة على المعنى من أجل معنى المعنى . هو أنموذج لمحنة حقيقة شعرية الصورة التي تمتحن معدل واقع جراحات الواقع وقدرة اللغة على اجتراحها. إنه الشاعر جاسم آل حمد الجياشي بكل ما تحمله الكتابة الشعرية من ثقل لغة الشعر في نصوصه .
٢- لغة الشعر في محراب الكلام
للشاعر جاسم ال حمد الجياشي علاقة اغتراب وغرابة مع اللّغة وبالتحديد مع اللفظة باعتبارها كينونة لغوية تستمد منها تجلياتها في أقصى حالات تمظهراتها. إنها غرابة مزدوجة تؤسس كتابته وتشكل مفتاحا للدخول إلى جوانيتها. شقها الأول له علاقة بتصدع كينونة اللفظة ذاتها بينما شقها الثاني له علاقة بتقويض حدود اللغة ومدى ارتباطها بلغة اللغة في الكتابة الشعرية. ماذا يعني ذلك ؟ وما هي محفزاته التفسيرية ؟ يعني أن الشاعر جاسم ال حمد الجياشي يأتي إلى الشعر من باب نسف ثنائية اللغة /الكلام التى تمحور حولها على مدى تاريخه : الشعر فيما يعطيه للقراءة كتابة وليس كلاماً، كما أن الكتابة ممارسة متفرعة الأنماط التعبيرية وليست لغة متوقفة على الكلمة ولا شيء غيرها. إنه نسف يخرج الشعر من تاريخية مقولاته التي صاحبته من قبيل التقعيد أو من قبيل التأسيس واختزلته في تعريف مقتضب واضح في ظاهره وإشكالي في عمق مضمونه : " الشعر كلام موزون مقفى "، كلام يختلف عن باقي الكلام من حيث صفة الوزن والقافية. 
لن نجازف كثيرا كما يجازف الشاعر جاسم آل حمد الجياشي إذا محورنا تاريخ تقلبات الشعر حول ثلاتة إشكالات : إشكالية الكلام بين الملفوظ اللغوي والشعرية / إشكالية الوزن بين الايقاع الخارجي والإيقاع الداخلي / إشكالية القافية بين اللزوم والمستحب . وهي إشكالات تنهض من بعيد أو قريب على فرضية واحدة تبدأ منها وتعود إليها كل مقاربة لعالم الشعر: لا شعر بلا ملفوظ لغوي باعتباره كلام تقاس به ومنه شعرية الشعر، سواء على مستوى طبيعة مفصلته حول الكلمات وبالكلمات أو على مستوى تصنيف قوالب جاهزة ومقننة لإضفاء شرعية " الشعرية" عليه. فبدء من ظهور القصيدة العمودية ومرورا خفيا بالموشحات وقصيدة التفعيلة أو الحر إلى حين قصيدة النثر ظل المصطلح النقدي تابعا لسلطة الملفوظ اللغوي في تناوله للشعر ولقبضة ثنائية الكلام/اللغة التي لم يخرج منها بتاتا. الشعر كلام وبما أنه كلام فهو بالقوة وبالفعل ملفوظ لغوي مختلف ولايمكن مقاربته إلا من حيث هو كلام وإن كان ملفوظا لغوياً مختلفا . 
تلك هي إشكالية الشعر وعلاقته بتاريخ طبيعة ملفوظه اللغوي كمادة أولية يتحرك بها وداخلها؛ إشكالية وجدت لها سندا معرفيا في اللسانيات وتفرعاتها النظرية . وبرغم تعقيدات وتقعيدات هذه الأخيرة ، فإنها ظلت على اختلاف مفاهيمها رهينة لنفس الفرضية الأولية : "الشعر كلام غير عادي على أنقاض كلام عادي ". وبما أنه كذلك، 
فإن تخريجاتها نهضت على قياس درجة مسافة الاختلاف بين العادي وغير العادي من الكلام في تحقيق شعرية الشعر. لم تنظر إلى شعرية الشعر في ذاته كجنس قائم بذاته ولكن بمقارنته مع الكلام العادي من كون معدل قياسي لتحديد خصوصيته . يقول رومان ياكبسون إن الشعر " عنف منظم ضد الكلام العادي "، كما يقول جون كوهين ما معناه إن اللغة الشعرية بنية إنزياحية بالقياس مع معيارية اللغة : " طاقة متفجرة في الكلام من حيث قدرته على الانزياح "، ويقول تزفان تودوروف إنها "شذوذ "، بينما ورولان بارث يقول إنها "فضيحة" .
تاريخ مقاربة الشعر لم يكن سوى تاريخ ملفوظه اللغوي الذي منه وبه تشكلت عدة مذاهب نظرية مُنتجة معرفة في إطار ما يسمح به مفهوم الكلام ، وذلك انطلاقا من ترسيمة تضم أولا وفي أدناها عناصر المرسل والمرسل إليه والرسالة ، وثانيا وفي أقصاها ، عناصر أخرى حسبما تقتضيه مرجعية كل نظرية : المرجع / القناة / السنن . ترسيمة يجد فيها كل عنصر وظيفته من أجل التواصل وإيصال الرسالة وداخلها يقارب الكلام في حديه الشعري واللاشعري : كلام غير عادي / كلام عادي . 
ماذا لو عنفنا هنا فرضية "الشعر كلام " ذاتها بتقويض مرتكزات ملفوظه اللّغوي ؟ هل الشعر مجرد كلام ولا غير الكلام وإن كان ولا كباقي الكلام ؟ ذاك هو السؤال الذي تجيب عنه الكتابة الشعرية الجاسمية من وراء الكلام .
٣- لغة اللغة في الكتابة الشعرية الجاسمية
الشاعر جاسم آل حمد الجياشي لا يعنّف الكلام العادي من أجل شعر الْكَلام، لأن اللفظة ذاتها التي تكون الكلام متصدعة لديه في كيونتها وفي ما هي مخولة له من حيث التعبير . ولا غرابة في أن يكون ارتباطه بها مشوب بمفارقة وجودية تجعله يبحث عن كيفية نسفها وفي نفس الوقت الاحتفاظ بها لتجلي أعراض نسفها. فهو يقلب المعادلة حيث كينونة اللفظة في الكلام لا تشكل كينونة الشعر في التعبير.الشعر أكبر من الكلام كما أن العالم أكبر من الشعر الذي لا تستطيع اللفظة وحدها أن توفيه حقه مما يحمله العالم من أدوات وأساليب التعبير. هل هذا جنون معقلن كما قال الشاعر المغربي عبد الله راجع أم هي ثورة على اللغة في عالم مترهل بالكلمات ؟ 
يكتب الشاعر جاسم آل حمد الجياشي بطريقة خاصة به حيث تتخلل أغلب نصوصه أدوات تعبيرية من خارج الكلام : تيبوغرافية / جبرية / هندسية / ترقيمات ذاتية / تشكيلات بصرية .. اللفظة فيها لا تحتل مركزية قارة تجعل من وجود الشعر مشروطا بوجود الكلام، بل تصبح أداة مثلها مثل الأدوات الأخرى غير اللغوية في فضاء الشعر، أي أن الشعر ليس فقط كلاما بل كتابة تجعل من الكلام ذاته عنصرا مثل باقي العناصر غير الكلامية التي تؤتثه :
١- 
- { بصرخته المتعرجة
الأولى ^^^ يستفيق
هذا الحلم مبكرا 
ناشرا / . رؤاه + رؤيته 
شاهرا / .مداه + مديته }
( من قصيدة : خط النهاية / ليقظة الحلم ).
٢-
- { سكبت / . بتلات العمر 
على ضفاف طرقات مدينتي ! 
فرحا /. علها تورق 
أزهارا / . ما كنت أعلم
أن فأرا عابثا 
في الليل يقضمها }
( قصيدة : عبث ...)
٣- 
- { حين / هممت الإمساك
بظلك / ...فشلت
فعدوت / بخطى أسرع 
فدنوووت ..
د
...ن
.........و
.............ت
حتى خيل
لي .../ }
( من قصيدة : ظل / كما الحلم )
اللفظة هنا متصدعة في كينونتها، مجرد حروف مغتالة الروابط لا تحتكم إلى عارضة الوصل والفصل بين دالها ومدلولها، فقط تَخلق أشكالا هندسية على حساب كينونتها.(راجع مقالتنا : قراءة تيبوغرافية في نص"ظل / كما الحلم " للشاعر جاسم آل حمد الجياشي). علامات الترقيم هي الأخرى تجد نفسها خاضعة لمنطق التصدع ومصاحبة لتعرجات اللفظة حسبما ما تقتضيه شروط الكتابة الشعرية الجاسمية وقواعدها الضاربة بقواعد اللغة المعيارية عرض الريح. علامة تعجب في لفظة أو لفظتين لا تعجب فيها وعلامة سوْال في مقطع متصدع اللفظة لا يحمل قاعدة السؤال اللغوية . الشاعر جاسم آل حمد الجياشي يكتب الشعر ولا ينظمه كي لا يبقى مستلبا باللفظة التي يراد لها أن تكون وحدة ميتافيزيقية قادرة على تملك كل المعاني والدلالات. ماذا يعني على سبيل الطرح لا الحصر استعماله لهندسة ( ^^^ ) والعارضة المائلة (/) ؟ هل يحملان معنى ؟ وإذا كان كذلك، فلماذا لا يترجمهما باللفظة ؟ 
عدة احتمالات ممكنة تصب من بعيد أو قريب في إتجاه مشكلة أنماط التعبير وعلاقتها بالفكر واللغة ومن بينها :
- قصور اللفظة على حمل المدلول المتوغى.
- تباين الفكر واللغة واستحالة تطابقهما.
- توفر الفكر على أنماط تعبيرية غير لغوية .
- صعوبة رسم بعض الصور الذهنية باللفظة
- اعتماد اللفظة " الشعرية" على التكثيف ، وبالتالي تقلص إمكانيتها على الإحاطة التعبيرية للأشياء دفعة واحدة.
- الرغبة في الخروج من اجترار استعمال اللفظة وتاريخها " الشعري ".
- تغيرات الذات نتيجة تغير واقع سوسيو-ثقافتها وواقع لغتها في عالم عربي يعيش على ما اقترحنا تسميته ب "Syndrome de l'âge d'or arabe " ( راجع : la pensée arabe entre réalité , mythe et syndrome ".
نرى أن ما لا تحتمله أو تحمله اللفظة تحتمله أشكالا تعبيرية أخرى بمنأى عن كل مقارنة أو مفاضلة بينهم ، لأن الشاعر جاسم آل حمد الجياشي لا يسكن ولا تسكنه ( حسب تعبير هيدغر ) لغة الكلام وإنما يعالق لغة اللغة التى ترتكز كما يعبر عن ذلك على قاعدة مفادها ألا قاعدة لها. لغة اللغة هي تجاوز اللغة في بعدها الكلامي ، قد نسميها " فوق-لسانيات أو دون- لسانيات ( جاك لاكان - بنيفست )، غير أن أهم ما فيها وما تشتغل عليه هو أنها لا تتقيد بلغة ما من حيث التعبير ( اللفظة / الشكل الهندسي / العلامة الجبرية ..) .
هكذا يأتي الشكل الهندسي ^^^تجسيدا لحركة 
الصعود والهبوط أو لحركة التفرع من أوج قمة لها علاقة بما قبلها وما بعدها وبنية النص. إنها الصرخة الأولى التي يجسدها الشكل الهندسي في تعرجاتها حيث يتوالى الصعود والهبوط اللذان لا نعرف أصل بداية ونهاية كل منهما كأن ما يكتبه الشاعر جاسم آل حمد الجياشي صدى لما قاله باشلار " حياة الشاعر ما هي إلا صعود وهبوط في ثنايا اللفظات عينها" ؛ شكل بصري تقبضه العين مباشرة بدون وساطة اللفظة اللغوية كما هو الحلم الذي يستفيق بها مع علامات جبرية (+) فاصلة وواصلة من حيث التراكم الذي يدعو إلى البحث عن منطقه (سببي ضمني، استدلالي..) بين رؤاه/ رؤيته ، مداه / مديته :
" - بصرخته المتعرجة
الأولى ^^^يستفيق
هذا الحلم مبكرا
ناشرا /. رؤاه + رؤيته 
شاهرا /. مداه + مديته "
وكذلك تأتي العارضة المائلة ( / ) في تكسيرها لتداعيات خطية اللفظة حاملة معناها في ذاتها وفيما يرافقها من نقط النهاية التي تفرض على العين قبل اللسان الوقوف عليها. إنها وقفة معلقة حيث العين تنقبض بالشكل الهندسي أو الجبري قبل أن يستدعيها لأية مغامرة في قراءة بصرية. عارضة مائلة تتوسط لفظتين ترسم من خلالهما هندسة التقابل والمفارقة بتفجيرهما وإخضاعهما لقراءة عينية تستخرج منهما أضلاعا مثلتة كما بينا في قراءتنا السالفة الذكر حول قصيدة " ظل / كما الحلم " :
" - 
د
....ن
........و
...........ت
حتى خيل 
لي .../ "
لكن ما هي أبعاد موقعتهما النصية في بنية القصيدة ؟ وعلى أي أساس تتحرك فاعلية التقطيع 
في تشكيل هندسة القصيدة ؟
-------
يتبع...

الأربعاء، 28 ديسمبر 2016

شرود القلب /// نص للاديبة نورة حلاب /// لبنان

شرود القلب **
ايه يا قلب 
يا قلبي الكسول 
لم تعد تقول لي .. آن الأوان 
هيا فالشوق في وريدي
وانتِ على وئام ...
منذ ايام قليلة
كنتَ القيثارة 
وكنتُ لأوتارك 
صفاء اللحن والنغم 
وأميرة الأمارة ..
ايه يا قلب ...اصح 
كفاك عقوقاً 
قد فتح الكون الستارة 
اشرقت شموس الحب 
وانت في مهجعك 
لم تزل خاملاً في شرود 
يتوه بك الحنين 
عن درب الأثارة ..
نوره حلاب // لبنان

هارب بالأحلام /// نثر سردي للاستاذ نصيف الشمري /// العراق

هارب بالأحلام
الأيام الأخيرة من هذه السنة ، تتوشح بالذكرى شريط لحظاتٍ ، ترتديها وساماً ، هي لحظاتنا ، نحن من وهبها جمالا ، لا ذنب لها في مساوِئها ، سيحرقُ القلبُ أيامنا شوقاً ، يوماً ما ، نأخذها جذوةً ، نشعل منها شوقاً آخر ، لن يطفئها مدرار الدمع ، سأستدل إلى لحظاتي من حمرتِها بصيصَ ضوءٍ ، أسكنهُ معبدَ صدري ، حيثُ القلب ، يرتلُ نبضاتهُ حمداً ؛ في شريانٍ يسري رزقاً ؛ لجسدٍ ، هربَ من أيامهِ بالأحلام
نصيف الشمري

موت وموت /// نص للاديبة فاطمة سعد الله //// تونس

...موت و موت
البارحة متّ..متّ موْتاً عميقاً ..لم أسمعْ بكاءً..ولا عويلا..
سوى دمعتِك أنتِ..يا حبيبتي ..أحرقتني..أغرقتني حتى النخاع..على كتفي المخلوع ..وحدي..حملتُ نعشي..عرفتُ طريقي إلى قبري..بلا صخب..بلا ضجيج..بلا مشيّعين وحدي ..كتبتُ شاهدتي..الملَكان على يميني ..على شمالي..بالأحضان استقبلا قدومي..لم يسألاني..ربّتا على كتفي..قالا:نامي..نامي..متّ موتا عميقاً..
كنتُ أموتُ كل ليْلةٍ..لكني أنسى فأصحو صباحاً.. أنبعِثُ..أعود إلى مواجهة شبحي أمام المرآة السميكة..مرآتي ليست صديقتي..
إنها حريصةٌ على طمس الحقيقة..ترسُمُني بين طيات الوميض..ولا أشبهني..تكسو جمجمتي شعراً أملسَ..طويلا
تعيد الأسنان الهترئة إلى بياضها العاجي..تهيلُ على التجاعيد
كثبان النسيانِ والتخفّي..كلّ مساء..عند المغيب.. تتجمّع
الأرواحُ حول رمسي..تقيم "عكاظيّة الفرح"..يصّاعد صداها
إلى ذاك القمر اليتيم..الصامت..فترسُم على شفتيْه إشراقة البقاء..في الصباح ينسابُ الحضورُ أنهاراً من نورٍ..أحرُفاً 
خضراء...عندما متُّ رأيْتُني محمولةً على عاتقِ الصمتِ..
والخطى نحو مقبرة القبيلة تحثّ الوصولَ..لا مرافقَ لي غير 
دفاتري وألواني وطفلة كانت تسكنني حبلى بحلم لم يتحقّقْ..
تُرْبتي..تهيّأت..تزيّنتْ وساعةُ الرحيلِ تزفّني بفرحٍ طفوليّ بريء....الصخور المحاذية لشبح النهاية صفقت..هزجت..
تجاوبت أصداؤها..للدود أشباحٌ تتراقصُ على امتداد الطريق..للدود أنيابٌ مسنونةٌ شوقاً..وأنا الجثمانُ المسجّى
على حمّالة الوداع..كنتُ أسمعُني أقول:أنا وصلتُ..ضمّني 
أيّها الحرفُ..أضئ ظلمة القبر ..أنالم أنْسَ قلمي وأوراقي..
وألواني..وفرشاتي..عصفور أشعاري سيزقزق عند شاهدتي
ستتناثرُ من منقاره بذور ضياء تجوب غاباتِ الصنوبر بحرّيّة ويهزّ جناحيْه ورودَ فرحٍ هازئا بدبيب الفناء ساخراً
من طقرس الموْت والغياب ...
ارتدّت صرختي تملأ الغرفة بياضاً جليديّا..ما إن اصطدمت
بذاك الحجاب السميك الذي يفصل بيني وبينها..ربْوة تعلو جسدها الممدّد..تغمره غمامة تهطل شرارات مكهربة..تغرق 
الجثمان..يطفو طيفٌ أبيض..الأعرافُ فاصلة واصلة..بين هذه وتلك..يدٌ تمتدّ..تتمسك بالنور..صوت يصارع الخرس..
حنجرة تتحول إلى دهليز مظلم ..يردّد الصدى بحرفيّة ..
وأخرى شلّها الخدر..يشدّهما الثلج إليه..بين أنامل الشحوب
والوهن..تتسرّب الحياة منهما..في خيمة العزاء،قالت 
إحدى النرجساتُ مخاطبة الجميع:ماتت سيدةُ البستان..
بل مات البستانُ كله..كنت أريد طمأنتها..كنت أتكلّم..صداي يرتدّ إليّ..كنت أسمعني أقول:لا تخفْنَ ..لا تحزنّ..التربة تحتاج إلى الرواء..كي يظل عهدنا مخضرّاً..لن تموت الزهور إذا عانقها الندى لن تُقتلع الجذورُإذاتمدّدت أكثر..
وأكثر..سأكون بينكنّ..تُرى هل بلغهنّ صوتي؟
تقاطعتْ ملامحُنا..أنا..وهي..لا فرقَ بيننا غير أنها تبدو شفافة..لاثقْلَ ولا كثافةَ..ترفرفُ حولي بفستانها الأبيض..
تراقص الجاذبيّةَ وتراوغها..حمامة على أهبةِ الرحيل..وأنا
الممدّدة هنا أكتفي بالملاحظة..أصوّت ولا أنطق..أتخبّط دون
حركة..أسمع ولا أقوى على الردّ..على أهبة العبور إلى الفضاء النورانيّ الساطع..لا شيء يفصلنا سوى هذه القناة المظلمة..ذاك البراحُ الساطعُ في نهايتها يراودني..أعبرالقناة
أو يعبرها إليّ؟
تقاطعت ملامحنا..خليط أرضي /سماويّ..وملامح كونية/ملائكية..لا شيء يفصل بينهما سوى هذا الموج الهادر
داخلها وذاك الصمت الذي يثقل الغرفة ببياض القبور..
بيننا برزخٌ يفصل بين بلسم نورانيّ وجرح رحيل مرّ أجاج..
وجهها صقيل..مرآة تملؤها ابتسامة شاسعة ..صاخبة ..تكتظّ
بالفرح..رأيتني مسجّاة..ووجوههم حولي..آذانهم تترصّد نفسي :شهقة/زفرة..أضحك من عجلتهم ولا تطاوعني شفتاي
حرارة الدمع تذكرني بوجنتيّ..ابنتي تبتهل وعيناها نرجستان لا تتوقفان عن الهطول..غيث نافع يغسلتي قبل الرحيل الأخير..
16/7/2016
فاطمة سعدالله/تونس

صبر أيوب /// نثر سردي للاستاذ عبد الزهرة خالد /// العراق

صبر أيوب
--------- 
لو كانَ الشوقُ رجلاً لخنقتهُ بحبلِ القوافي على صليبِ القصائدِ ورميتهُ في الطبقةِ السابعةِ من الأرضِ ، هكذا كانت جولةُ أمنيتِي في تيهِ الأيَّامِ الخوالِي٠٠ 
كما أعطيتُ كل شيءٍ للوطنِ لأنّه منحنِي الهواءَ والمدادَ والقلمَ ، أصارعُ بها أفكاري المنحرفةَ والمنحازةَ إلى قنواتِ الأبجديّةِ المستترةِ خلفَ ديكوراتِ الوطنيّةِ ، أبداً لم أكن محايداً في حبِّكََ رغمَ أنَّ كفَّ الولاءِ يشدُ وثاقَ عنقي لحدّ الموتِ٠٠
لأنّكَ الاسمُ المنحنِي على لقبِي قرّرتُ أن أسيرَ في المقبرةِ آمناً لا أخشَى النّميمةَ ولا غدرَ الخناجرِ فالموتَى أمناءُ على رقودِهم حتى المحكومونَ بالإعدامِ لم يطلبوا الثأرَ ، لقد اكتسبوا القرارَ النهائيَّ ٠٠ 
يجبرني ظلُّكَ المحتلُ نصفَ وجهي عندما يغزو الغروبُ القطيعَ الأخيرَ من النهارِ وقد شيّدتُ لكَ من الشوقِ غاباتٍ في أحشائي ، لأنكَ الكائنُ الوحيدُ المرفرفُ حوّلي ٠٠ وطيفُكَ يقطنُ أعشاشَ أحداقِي ، هلْ يكفيكَ كلُّ صبري ؟!٠٠
ظنّوا كظنِّ المستقبلِ على مرآةِ العرّافِ أنَّ الصبّارَ ينبتُ في التربةِ فقط وما علموا أن في القلبِ أشجارًا من الصبرِ مثمرةً بوجهِ أيُّوبِ٠٠َ
*************
عبدالزهرة خالد
البصرة/٢٨-١٢-٢٠١٦

مرور سريع /// قصة قصيرة للاستاذ هادي المياح /// العراق

مرور سريع
هرولت في الصباح الى الدائرة التي لا اريد أن أأتي على ذكر اسمها، يكفيني انني احلم بها دائماً وفي كل ليلة ، بمجرد ان استلقي في فراشي وتلامس المخدة لاحقاً صفحة وجهي .
كنت أخطو او أعدو او اهرول لافرق عندي ، فقد لفّتني دوامة من الضباب الكثيف ، وغمرني الندى بكثافتة وبلل رأسي وملابسي..
اصطدمت بشرطي المرور عند الاستدارة حيث ينزوي باب الدائرة الرشيق ، فابتسم لي وبدا رشيقا مثل باب الدائرة ومد يده يطلب مني اجازة السوق ، أدرت له ظهري وانا مستغرب من وضعه ، ولكني عدت اليه يدفعني فضول قوي للتأكد مما اراد.
رأيت ابتسامة على وجه الشاب الذي يقف خلفه مباشرة، راح يداريها بمسح قطرات ندى علقت في رأسه..ولمحت كذلك امرأة غطت وجهها وهي تضحك بصوت مسموع!
ودنوت منه :
هل انت جاد فيما تقول؟
سألته وكنت مستعداً لتحمل ما يتبع ذلك من كلام أخرق..خالٍ من اي معنى.. وحدث فعلاً ما توقعته، لم يجب الشرطي على سؤالي، وابتعد كثيراً وقال كلاماً ساذجاً ، وبدا لي شارد الذهن، كأنه في حلم من احلام اليقظة .. وقد شدتني اليه عبارة وحيدة مما قال :
- في الليل ، كثيراً ما احلم بإجازة السوق وبإشارتي المرور!
قلت له:
-ولكن إشارات المرور، ثلاثة!؟
رد عليّ:
-لا، هن - في الليل - اثنتين فقط، إما حمراء أو خضراء..! 
لقد شغلني هذا الشرطي الاحمق في هذا الصباح المضبب ، ودخلت الدائرة التي لا اريد حتى ذكر اسمها، وانا أفكر " لماذا تختفي اشارة المرور الثالثة في الليل؟!"

خاطرة /// للاستاذ محمد رشاد محمود /// مصر

(خاطِرَة)
بَكَت الأشجارُ عِندَما سَقَّفوا التُّرْعَةَ في قريَتِنا بأطنانِ الأسمَنْت وانْتَحَرَتْ ضِياءُ الشَّمْس .
(محمد رشاد محمود )

البذل أجمل مافي حبك //// نص للاستاذ ستار مجبل طالع /// العراق

البذلُ أجملُ ما في حبك
منْ ملذاتِ حبكِ أن أكون في كلِّ ما تكونينَ
من ملذاتِ حُبكِ ان أكون كلَّ ما تأملينَ
أن أكون صوتَ وحدتكِ
أن أكون دمعَ الحزنِ أو الفرحِ في عينيك 
أن أكون مؤنس صمتكِ
أن أكون دثارا في شتاءك
يبثُ الدفئَّ في أوصالكِ
أن أكون ضيفكِ في كلِّ حينٍ
أترك فيك شيئا منْ قلبي
أبذلُ فيه أجملَ ما فيَّ
هديةَ إمتنانٍ انك حبيبتي
سيفاجئكِ البكورُ
ما تركتُ مني منْ نِفاسٍ لكِ
ما تركتُ مني منْ نِفاسٍ فيكِ
رفقة لطريق الرحيل
وسَتُزهِرُ في قلبكِ الأماني
لو أنك مرتديةٌ ما هديتكِ
لو ان قلبك مرتوِّ أكثر مما سقيتكِ
لو ان كتفك لم يزل يشعرَ بلمسةِ يدي عليك
وأني ما تركتك لعراءِ الأشياء
واني ما زلتُ وقودَ مشاعلِ ذكرى اللحظاتِ الجميلةِ
وأني اُوقظُ الحنينَ فيك
وسيعلم قلبكِ سخاءَ قلبي معه
لم تدنسهُ الأنا يوما معك
لم يدنسهُ البخلُ في عطاياه لكِ
وهبكِ أثمنَ من أن يُشترى
طوقك بما لا يُلمسُ او يُرى
أستحوذَ عليك بغبطةِ الرضا
وأني سرقتُ منك النسيانَ
وأبقيتُ في كلِّ مكانٍّ
وفي كلِّ الأشياءِ
وفي كلِّ الخواطرِ واللحظاتِ
بعضا مني في حقائبِ الرحيلِ
قصةُ أنتظارٌ لقائنا الأخير
#
ستار مجبل طالع

حروف من وجع /// نص للاستاذ بلال الجبوري /// العراق

---حُروفٌ مِن وَجَعْ---
--------------------
عنوانُ الوُجدْ طَيّ الكِتمانْ
تَحمِلةُ الروح في كِتاب الأحزانْ 
تنشُرةُ الحياة بِمناشيرها 
تقرأُها على عجلْ
وتحرقُها على مهلْ 
ليَتها أحرقتْ قلبي
عندما كانَ صغيراً دون أملْ 
تحت جُنح الليّل المَظلمْ 
عَبر أثير ذلك الصَوت الرَخم ْ
تتدغدغ الآهاتْ 
وتولد الأناتْ
ترفقُها بصخبْ 
صوتٌ حزينٌ يَنحبْ 
يُصارعُ الألمْ 
ويقضمُ أطرافَ أصابعهِ بِنَهمْ 
حُروفٌ مِن وَجعْ
أكتَبُها وقلبي يَتقطعْ
عُراةٌ جِياعْ 
تحتَ سقفٍ كالفضاء 
لا ترفٌ ولا غِذاء 
سَكاكينُ غَدرٍ في نماء 
والكُفرُ يصول ْ
في كُلِ مَكانٍ ويَنولْ 
والسُهدُ والشرفْ 
في مقامة قد أنحَرف 
والسِباعُ والضباعْ 
تنهشُ لحّمَ الجِياعْ
في الفلاةِ وبِلا قِناعْ 
روحٌ خَضراء 
يَبِسَتْ 
أنحَنَتْ 
تَحوَلَتْ جَرداء 
في زَمانِ الأنكِفاء 
تَحتَ عَباءة وغِطاء 
يُحتقرُ العَزيز 
وتَعلو نُفُوسُ السُفَهاءْ
بلال الجبوري /العراق/ 28/12/2016

هايكوات متباينة /// للاستاذ كاظم مجبل الخطيب // العراق

[هايكوات متباينة ]
(1)
من حملتْ كلّ شيءٍ معها 
هل تعيدُ بعضَ شيءٍ معها ؟
(2)
حين يكون الحبُّ بلا وطنٍ
يصبح منفاهُ القلوب 
(3)
المرأة التي تصْدقُ في حبّها
تُكذّبُ المدّعين بأنّ الذي 
أحبّتهُ خانها 
(4)
الحبُّ والفقرلايلتقيان 
الّا حين تقديم التعازي 
(5)
الأمنيات كوابيس
تُطفىءُ ضوء العيون 
قبل أوانها 
(6)
أعظم الحبّ ما لم نحصل عليه
وننتظر قدومهُ دونما موعدٍ
(7)
ليالي الشتاء ليست طويلةً
على الأغنياء حينما الجوعُ
يملأُ بطون الفقراء برداً
(8)
شجاعٌ من يجتازُ مأزق َ
منتصف العمر 
فهو أكبر من قدراتنا 
(9)
المرايا لا تُظهر التجاعيدَ
لامرأةٍ عاشقة
(10)
الأيام لا تُرجعُ ما انتهى 
فلماذا نحصيها من جديد

صورة .. وتبقى الخيام تناطح المطر /// للاستاذ علي حمادي الناموس // العراق

(صورة...وتبقى الخيام تناطح المطر)
رغم الضياع 
ورغم ظلم قادنا
تهجيرهُ
تشتيتهُ وجوعه
وعريه
ولؤمه
وموته
نبقى ..ونصرخ عالياً
نحن الوطن
والله لا نشكوا سوى
وجع الوطن
إن أثخنوا فينا الجراح
لا قلب يجمعنا سوى
حضن الوطن
مَنْ لم يذق طعم المرارة سيدى
لا يرتقي يوما لشهدك يا وطن
(مَنْ أخّذَّ البِلاد بغيرِ حَرْبٍ * يَهُون (عليه تشريد العبادِ)}؟
قلم
علي حمادي الناموس\العراق

نصب تذكاري /// بقلم عماد عبد الملك الدليمي /// العراق

نصب تذكاري
آه يا أبجديات 
عشقي
أشق طريق التردي
دعني لهذا
احتراقي 
فكيف استحضر
روحك لروحي
وسط هذا العذاب
ولم يبق مني
أي باقي
سوى قصاصات
ونصب مهشم
لتذكاري
صدقيني 
إن تلك الليالي وكم 
طواها حبك 
على الأسى
وكم طواني 
ظمئت فيها كؤوس
الهوى والغرام
وكم تلظت في
خمرها أحزاني 
عشت حبك
في ربيع الشباب
لا الشوق لم شتاتي
ولا الهوى أبقاني
عماد عبد الملك الدليمي
العراق
مؤخوذ من فكرة نص

فجوات /// نص للشاعرة السعدية خيا /// المغرب

فجوات
في عيوني صحراء
جرداء 
سكبت عليها
من صقيع ذاتي
وسقيتها مرارتي 
وحيرتي
تجوبها قوافل
أحزاني 
وذكرياتي 
عواصف رمال
هوجاء
تصفق لها
الرياح
تجتاحني
الأوجاع تسكن 
المسافة بين
الروح والجسد 
ويكبر الشرخ
بين السطح 
والعمق
أيا غربة 
بين الأهل 
قاتلة
وغابات فقدان 
موحشة
تعزف أشجارها
اللحن الشجي
لا بوصلة، لا ضياء
في ليلة المحاق
ضاعت الوجهات
أمام خطواتي 
تركد أفكاري
في حركات 
جزر ومد
يعترضها جدار
واقع مرير 
ترتد نحوي بقوة 
يسمع الكون 
صدى الإصتدام
السعدية خيا /المغرب

الأسبوع الأخير // اليوم الرابع /// للاستاذ عبد الزهرة خالد /// العراق

الأسبوع الأخير
اليوم الرابع ••••
دكتاتورية الأمل
*********** 
أنتَ دفعتَ عني الليلَ بوجهكَ الوضّاءِ ،
جمعتُ لقصائدي باقاتِ الورودِ وندَى المشاعرِ ، 
رسمتُ بلونٍ وردي على جذوعِ الذّكرى
قلباً مضروباً بسهمٍ طائشٍ وتأريخَ الفراقَ ٠
علّمتني في اللّيلِ أغفو على صوتِ ( السيّابٍ والنوابِ ) ألقي عليكََ همسي كمحترفٍ على منصّةِ الأحلامِ وقاعاتِ الخيالِ ٠٠ 
قلمي الشرسُ الجاثمُ على جثةِ الوهمِ يرافقُ طيفَكَ ،
عندما لامسَ قلبي زغبَ عشقِكَ الباني على وجدي ٠٠
يا أوّلَ نسمةٍ ، بدايةَ كلِّ عامٍ ترتعشُ لكَ أغصانُ
إحساسِي على مفترقِ الطّرقِ بين الدفءِ والبردِ أو تحتَ جحيمِ الإنتظارِ٠٠ 
حلمُ الصّنمِ تبلغَ فيهِ الرّوحُ ثمَّ يغصُّ بجريانِ النّفسِ 
يقبعُ وسطَ ساحةِ عملِ الدقائقِ٠يهتفُ رنينُ التنبيهِ حولهُ 
يعيشُ العناءُ وتسقطُ الأحلامُ لقد عانتْ من دكتاتوريّةِ الأملِ ٠ عادَ العامُ من أولِ يومٍ يبحثُ عن أمنيةٍ مفقودةٍ أو ورقةٍ مذبوحةٍ من الوريدِ إلى الوريدِ٠٠
*******************
عبدالزهرة خالد
البصرة / ٢٧-١٢-٢٠١٦