الاثنين، 26 ديسمبر 2016

الشاعرة لميس العفيف // المتلقي والمحاور الثلاث /// بقلم الاستاذ علي حمادي الناموس

الشاعرة لميـــس عفـــيف
المتلقي والمحاور الثلاثة
علي حمادي الزبيدي / العراق
كلما عَبّرَ الفن عن افكار انسانية خالصة وهم انساني عام كان اقدر على النفاذ لتقبل المتلقي . فهو انقياد المعنى المحسوس الى محاكات المشاعر الانسانية وهمومها من اجل الوصول الى زيادة الفهم الانساني لما يدور حوله. وتكوين حس جمالي هادف يعتمد على قدرة الفنان المعرفية وموروثه الثقافي والاخلاقي لخدمة الفكرة التي تناولها ويروم عرضها على المتلقي . من هنا نستطيع ان ندخل الى النصوص الثلاث للاديبة(لميس العفيف)..ومن خلال المحاور الاتيه
.................................1..محور (الشفافية الحالمة)
في المقطوعة الاولى (هذه انا)..((لبست الذرات ..وانهمرت من ثقب الضيق..تكورت ندى))تأكيد وأصرار مقصود على الابحار بثلات (تاءات) تؤكد انها الفاعله((لبست..انهمرت..تكورت)) معلنة مع سبق الاصرار السفر الى عالم ثاني . مؤكدة وعيها لما تريد ان تكشف عنه (الخيال والبحر ضمني) عبر سفر الحلم فتقول أنرت الدرب بأفكاري لأعيش التفاؤل والامل بكل ما يعني لي من السعادة والفرح رافضة مدلولات البؤس والكآبة .عابرة سور الاحباط العتيد الذي طالما أطرَ مكنونات شعرائنا ليندبوا حظهم العاثر لهجر حبيب اولمأساة الواقع المفروض. اوجدت الشاعرة لنفسها فسحة تفاؤل بين هوس النصوص المأساوية والتي تعاني من الاحباط والشكوى بنثر الاهات بين الاسطر او الاشارة لها.لتقول للمتلقي بنصوصها هذه دع الحزن وابدأ الحياة كونها لحظات معدودة ان رحلت لا تعود ثانية .فموهت الشاعرة هذا المدلول بشكل جميل وجاذب يغري المتلقي كي يعيش معها لحظات الانشاد الشعري و راكلا معها الكأبة كما صرحت الشاعرة في نهاية المقطوعة
(( هذه أنا
لبست الذرات
وانهمرت من ثقب الضيق
تكورت ندى
سال على خدود الخيال
خطفني البحر كتمثال رملي
ضمني اليه جزءا وراء اخر
استطلت شموعا
بدروب الحلم 
بالشهب زينت شعري
هذه انا هذه انا
حبست انفاس الحزن
ركلت الكابة
فلا هي تشبهني
ولا انا لها
هذه انا .......هذه انا ))
2.............................................. (( التســـــــــــــــامي))
عندما حل التسامي بين الروح وقطرات البحر .حل العشق المنورس وموطنه التلازمي البحر أحدهما مكمل للاخر.فلا يمكن الفصل بينهما ...فهذه السمفونية الراقصة التي تعزفها لنا الشاعرة لميس تجعلنا نعيش معها عشق النوارس وحركة السفن التي يتضوع منها عبق البخور .....لنقف قليلا عند هذا التنصيص المرمز له تاريخيا بتجارة التوابل والبخور وطريق الحرير الذي يمر لموانيء البحر المتوسط من الهند ...ما تريده الشاعرة ليس المادة بل الزمن الذي كانت تتعاطى به تلك المواد لتعود بنا الى بساطة الحياة في ذلك الزمن السحيق .العودة الى الطبيعة .الهروب من اثقال العصر ومعاناته التي اربكت النفس البشرية .العودة للفطرة التي فطرنا الله عليها .لأحلام العصافير .لعذرية الأماني .لتسامي الروح والطبيعة الحالمة وحديث الزنابق والاشجار والتغريد مع البلابل والطيور .والجهل المطلق بالاقنعة التي تشوه النفوس قبل الوجوه ..هناك تكون للكلمة اكسيرها المنعش بصدق السريرة ومعانقتها اللسان لتخرج الكلمة من القلب للقلب فأخذنا الحلم مع انشاد الشاعرة لتفاجئنا بضربة ذو ايقاع عالي النبرة لننتبه من الحلم عندما تراخت يداه فنسقط في وجع الفجيعة .انه الواقع المعقد المر بكل شيء
(( تستهويني مواطن النوارس
عبق البحر القادم من السفن البعيدة
اصابع الماء..المنسلة من اعالي الجبال
عذرية...اللحضة 
حديث الزنابق العاري من النميمة
الطبيعة...المتجذرة بسكر الصدق
عابد...متعطش لخيوط الحقيقة
في محراب كهفه
ارتخت يدا الحلم
فسقطت على وجع الفجيعة))
3......................................... (( تصريح التقرير))
باسلوب فنان مبدع وانسيابية عالية بين المقطوعتين اعلاه تطل علينا بالحركة الثالثة لسمفونيتها كي تصرح وترسم الصورة البهية تعانق الشفق مع خدها وشعرها المضيء وزنار العذوبة .ولون القمر النديم الدائم للعاشقين .فترسم لنا لوحة جميلة بفرشاة فنان متمكن من ادواته التي استخدمتها الشاعرة وهي الحروف ..فأبدعة برسم اللوحة التي ركع لها الصباح عندما جللها بضيائه البهي معلنة عن اشراق الامل لمعشوقها الابدي (الشـــــــام) هذا الفردوس الجميل الذي يحتضنه البحر ونوارسه ويضلله شجر اللوز والدراق والليمون وعبير النرجس والاقحوان قدر جميل ان يرتمي الانسان في احضان دمشق سلمت الاديبة الشاعرة (لميس العفيف) على صورها المتراقصة عبر الكلمات النقية لتحلق بنا وحروفها بين غابات الشام وبحره وجباله ..
((ترنح الشفق على خدها
شعرها نثر الضياء
في الكون
تزنرت بالعذوبة
غمازها جذب القمر
ركع الصباح للشام
الله...
يا فردوس الروح
يا ايقونة القدر))
اتمنى ان تكون قراءتي قد اعطت المعزوفة جزء من حقها وسلمت شاعرتنا الراقية على هذه الموسيقى واللوحات الخلابة.............(اخترت القصائد الثلاث كونها تكمل احدهما الاخرى )
.......................
بقلمي
علي حمادي الزبيدي
19\1\2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق