الأحد، 25 ديسمبر 2016

في حضرة المعري //// للاديب عبد الجبار الفياض /// العراق

على اعتاب العام الجديد
في حضرة المعري
قالوا وهنــــتَ وقالــــوا عنــــكَ مُنتَهَبا 
واسترخصَ القومُ منكَ الأحمرَ الخضبا
قالـــــــــــوا شربتَ الأسى أَلوانَ منبعِهِ 
قالــــــــوا ضمئتَ بفيضٍ أغرقَ الشُهبا
قالــــــــــــوا وقلنا: ثمينُ البحرِ لؤلؤُهُ 
هل أبدلـــــتْ أرضُنا سهواً لها قُطبا؟
هم خاطـــــــوا ليلاً عباءاتٍ مُضلّلةً 
لكنمــــا الصبحُ أبدى أمرَهم عجبا
أحنا إليكَ يهوذا رأسَــــــــــــهُ أسِفاً 
يا لابنِ آوى بمكرٍ أتقنَ الكــــــذبا
لســتَ الجدارَ الذي أخفى خزائنَهُ 
إذْ أنتَ باســــقةً قد أسقطتْ رُطبا
ســــدّ التُرابُ عيوناً عاشرتْ ألقَاً 
كنتَ السّـراجَ ولم يمننْ بما وهَبا
ما كانَ أنّ هضاباً تعلو في زمنٍ 
متنَ الجّبالِ،إذنْ قد أنجبتْ رجَبا
السّــــــــامريّ أتى وما أتاهُ أتى 
قد أضرمَ النّارَ واستجدى لها الحطبا
جاؤوا دواءً لغيرِ الدّاء يعقبُهُ 
عَتمٌ أرادوهُ يطوي للذُرى نسبا
يا ابنَ المعرْةِ عذراً إنْ وقفتُ 
على أرضِ المعرّةِ في سجنيْكَ مُنتحِبا
إنّي ظلمتُك في حِلّي وفي سفري 
بغياً بهتُكَ في ألاّ تكونَ أبا
لم أدرِ أَنّ زماناً طولُهُ ألمي 
ويحَ، الأوائلُ قد أمستْ به ذنبا
أواهُ من عارضٍ يعلو بسافلِهِ 
بئسَ السّيوفُ التي قد أصبحتْ خشبا
بُحتْ حناجرُ واستسقتْ أباعدَها 
ما هكذا الصبرُ في الأيامِ يُصطحبا
يا ابنَ المعرّةِ فاضَ الكأسٌ من كَدَرٍ 
الضّرعُ جفَّ فكمْ من عابرٍ حلبا
إنّي جنيتُ على ما كنتَ تحسبُهُ 
طوقاً من الإثمِ حتى باتَ مُغتربا
مابينَ مطرقةٍ سندانُها وَعَظٌ 
يقتاتُ قسراً قديدَ السّوفِ والخُطبا
إنّي وجوهاً أرى شاهتْ ملامحُها 
غيضَ الحياءُ وعُقبى ما بهِ نضبا
لا لا تسلْ ما بنا ؟ بغدادُنا سُملتْ 
منها العيونُ وباتَ الرّوضُ مُحتطَبا
إذْ دجلةُ الخيرِ ما عادتْ نسائمُهُ 
تشفي العليلَ الذي فيه الغرامُ صبا
هذي الرّصافةُ ما للجهمِ من غزلٍ 
الجوري ذاوٍ وفي خدِّ المَها شَحِبا
ماذا عن الكرخِ هلْ عودٌ يؤانسُهُ؟ 
أم أطبقَ اللّيلُ جفنيْهِ لما نُهبا
بغدادُ يا ألفَها ما غيرُها شَغَلَتْ 
كُلَّ الرّواةِ على ما قيل أو كُتبا
بغدادُ ما شاعرٌ لو كانَ في زُحَلٍ 
إنْ لم تكوني بعزفٍ حرفُهُ الطّرِبا
بغدادُ لو شاعرٌ جفّتْ روافدُهُ 
ما كنتِ ريّاً على صحرائِهِ سُكبا ؟
يا ابنَ المعرّةِ من بغدادَ قافيتي 
تسعى إليكَ وخيرُ السّعيِّ ما نُدبا
ضيفاً حللتُكَ لا أبغي سوى قبسٍ 
من سِقْطِكَ الزّندِ ما تحتَ الرّمادِ خبا
شمسٌ على بابِهمْ كانتْ تُزاورُهمْ 
اللّيلُ نامَ على أعتابِهم حُقبا
لكنَّ شمسي على ضيْمٍ تُهدهدُني 
لملمْ شتاتَكَ، عِرقٌ في اليَبابِ رَبا
ما خفَّ وطئي على أرضٍ تعاتبُني 
موتاي تصحو إذا ما بُتُّ مُحتسِبا !
ماذا الحياةُ وإنْ دفّتْ سفائنُها 
إنّي لأطمعَ أنْ أزدادَها طَلبا
شحذاً لوهنٍ بَراني في تلبُّسِهِ 
لا ليسَ بغياً لمنْ مأساتَهُ رَكبا
يا ابن المعرة لا تقنط لطارئة 
كم من بغى وعلى أرض السواد كبا
ما كان فيل ليحلم في مسيرته 
في عين غيره يخطو الدرب مقتضبا
لكنما حاصب سجيلنا بغد 
يفري البطون على ما كان مغتصبا
لا شكوى تعصرُني خمراً بكأسِهمُ 
بلْ عُدتُ أحملُني في دحرِهمْ سَببا
. . . . .
عبد الجبار الفياض
ديسمبر/2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق