(ضِقتُ بالشِّقوَةِ والجُلَّى يَدا)
في مَطلع شتاء عام 1980 ألقت بي الأقدار إلى غُرفَةٍ في مأدبـــا بالأردن ، لا تمنعُ بردًا ولا تَصُدُّ هواءً ، إذا فتَحتَ بابهـا استَقبَلَك فضاءٌ أجرَدُ من الأرض يُفسِحُ للصِّرِّ في ليالي الشتاء مهبَّاتِ صَولَتِه ، وينتهى بهضبَةٍ تأخذ بخناق الأفق في مرأى العينِ ، إلا أنْ يُطِلّ من ورائها بدرٌ شاحبٌ يُعينُ على النَّفسِ أتراحَها ، فإذا تقدَّمَ الشتاءُ نثرَ على الأرض الشَّبَمَ مُجَسدا في رشاشِ الثلوج ، ورزوحًا تَحتَ هذه الحال مع ما في النفسِ من مَوجدة كانت هذه العبرات :
في ظـــلامِ اللَّيـْــــــلِ يَنهَــــــلُّ المَطَـرْ
تَنــــعـقُ البــُـــــومُ ويَـصفَـرُّ الـقَـــمَــرْ
ويَئِــــزُّ الـــرَّعْـــدُ في جَـوفِ الـفَـضَـا
لاجِمًـــــا بالـــرِّيـحِ أعطـــافَ الشَّجَــرْ
هَــــــكَذا حـالـي وذا قلــــبي الكئيـــبْ
لا أرَى فـي غُربَتي لـي مِـنْ حبيــــبْ
مَوطِنــــي نــَــــــاءٍ وأهــلي وهَـــوًى
كـانَ فيـــهِ العُمـْــرَ لي طِبٌّ وطِيــــبْ
غاضَ ِمِنــــهُ الخَفضُ والـبِشرُ مَعــــا
كَيــْــــفَ لا يَضْغو ويَكـوي الأضْلُعَــا
كُلَّـــــــما جَرَّعـتُـــهُ كـأسَ الـــرِّضَـــا
غصَّ حتَّى كََـــــــادَ أنْ يَنـصَـدِعَــــــا
مُوحشٌ كالقَـبـــــــرِ لا نَجـوَى بِـــــــهِ
أو كَلَيــــــــــلٍ فارَقَتُـــــــــهُ الأنـجُـــمُ
وفَــلاةٍ غَــــــــابَ عنْهــــا عُشبُهَــــــا
وتَـلافـــاهَـــــــــا الغُـــرابُ الأسْـحَــمُ
يَــطلُــبُ السَّـرَّاءَ والعَـيــشَ الهَـــــنِيّ
كَيــْــــفَ يَجني الـــرَّوْمَ والّضَّرَّاءُ فِيّ
تَمْـسَــخُ الأنغَـــــامَ نَــوحًـــــا وشَجًـى
وتــرَى الأشواكَ في الــرَّوضِ النَّـدي
صُمَّتِ الحَوبَــــــاءُ يــــا طَيْــــرُ فَـــلا
تَسكُبِ الألحــــانَ لا يُـــجـدي الطَّرَبْ
واسـتــطالَ الكَــربُ لا تُفـضِ شَـــذًى
للـــرُّبــا يـــا زَهْــرُ وارغَــمْ لِلــحَطَبْ
كُـــــلُّ ما كــانَتْ تَشَهَّـــــــــاهُ المُنَـــى
شَوّهَـــــــتْهُ اليَـــــومَ كَـــــفُّ المِحَـــنِ
إنْ غَفَــتْ بالصَّبـْــرِ جَمْراتُ الـجَــوَى
أيــقَــــظَ الجَمــْـــراتِ كَـــــرُّ الــــزَّمَنِ
ضِقْـــــتُ بالشِّـقْوَةِ والجُلَّــــى يَــــــــدا
لَيـــتَ شِعْــري مَـــا تُرَى بَعدَ الــرّدَى
مِثْلُهَــــــــــأ أم غِبــــطَةٌ تَغْتَـــالُــهـَــــا
لَهْـــفَ نَفْـسي لـَـــو تُلَقَّاهَـــــــــا غَـــدَا
(محمد رشاد محمود)
في مَطلع شتاء عام 1980 ألقت بي الأقدار إلى غُرفَةٍ في مأدبـــا بالأردن ، لا تمنعُ بردًا ولا تَصُدُّ هواءً ، إذا فتَحتَ بابهـا استَقبَلَك فضاءٌ أجرَدُ من الأرض يُفسِحُ للصِّرِّ في ليالي الشتاء مهبَّاتِ صَولَتِه ، وينتهى بهضبَةٍ تأخذ بخناق الأفق في مرأى العينِ ، إلا أنْ يُطِلّ من ورائها بدرٌ شاحبٌ يُعينُ على النَّفسِ أتراحَها ، فإذا تقدَّمَ الشتاءُ نثرَ على الأرض الشَّبَمَ مُجَسدا في رشاشِ الثلوج ، ورزوحًا تَحتَ هذه الحال مع ما في النفسِ من مَوجدة كانت هذه العبرات :
في ظـــلامِ اللَّيـْــــــلِ يَنهَــــــلُّ المَطَـرْ
تَنــــعـقُ البــُـــــومُ ويَـصفَـرُّ الـقَـــمَــرْ
ويَئِــــزُّ الـــرَّعْـــدُ في جَـوفِ الـفَـضَـا
لاجِمًـــــا بالـــرِّيـحِ أعطـــافَ الشَّجَــرْ
هَــــــكَذا حـالـي وذا قلــــبي الكئيـــبْ
لا أرَى فـي غُربَتي لـي مِـنْ حبيــــبْ
مَوطِنــــي نــَــــــاءٍ وأهــلي وهَـــوًى
كـانَ فيـــهِ العُمـْــرَ لي طِبٌّ وطِيــــبْ
غاضَ ِمِنــــهُ الخَفضُ والـبِشرُ مَعــــا
كَيــْــــفَ لا يَضْغو ويَكـوي الأضْلُعَــا
كُلَّـــــــما جَرَّعـتُـــهُ كـأسَ الـــرِّضَـــا
غصَّ حتَّى كََـــــــادَ أنْ يَنـصَـدِعَــــــا
مُوحشٌ كالقَـبـــــــرِ لا نَجـوَى بِـــــــهِ
أو كَلَيــــــــــلٍ فارَقَتُـــــــــهُ الأنـجُـــمُ
وفَــلاةٍ غَــــــــابَ عنْهــــا عُشبُهَــــــا
وتَـلافـــاهَـــــــــا الغُـــرابُ الأسْـحَــمُ
يَــطلُــبُ السَّـرَّاءَ والعَـيــشَ الهَـــــنِيّ
كَيــْــــفَ يَجني الـــرَّوْمَ والّضَّرَّاءُ فِيّ
تَمْـسَــخُ الأنغَـــــامَ نَــوحًـــــا وشَجًـى
وتــرَى الأشواكَ في الــرَّوضِ النَّـدي
صُمَّتِ الحَوبَــــــاءُ يــــا طَيْــــرُ فَـــلا
تَسكُبِ الألحــــانَ لا يُـــجـدي الطَّرَبْ
واسـتــطالَ الكَــربُ لا تُفـضِ شَـــذًى
للـــرُّبــا يـــا زَهْــرُ وارغَــمْ لِلــحَطَبْ
كُـــــلُّ ما كــانَتْ تَشَهَّـــــــــاهُ المُنَـــى
شَوّهَـــــــتْهُ اليَـــــومَ كَـــــفُّ المِحَـــنِ
إنْ غَفَــتْ بالصَّبـْــرِ جَمْراتُ الـجَــوَى
أيــقَــــظَ الجَمــْـــراتِ كَـــــرُّ الــــزَّمَنِ
ضِقْـــــتُ بالشِّـقْوَةِ والجُلَّــــى يَــــــــدا
لَيـــتَ شِعْــري مَـــا تُرَى بَعدَ الــرّدَى
مِثْلُهَــــــــــأ أم غِبــــطَةٌ تَغْتَـــالُــهـَــــا
لَهْـــفَ نَفْـسي لـَـــو تُلَقَّاهَـــــــــا غَـــدَا
(محمد رشاد محمود)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق