الخميس، 30 يونيو 2016

قصة قصيرة / للاستاذ كاظم مجبل الخطيب / العراق

قصةقصيرة 
[الكتاب]
أيّة امرأةٍ تتّخذُ من جمالها وسحر مفاتنها مدخلاً لتوافد الرجال حولها لتربك القوب دهاءًعلى وقع خطاها متمنّيةً ان تنال هوىً منها بعدما يوقد الشوق دهشةً علّهُ يحظى بالتفاتة تتصدّق فيها على من انشغل بها .
(مها)ادركت مكانتها بين الاخرين وجمالها منحها جواز المرور لكلّ الاماكن التي تشتكي وحشتهُ،لم تكن في حيرة وهي تتصفّح الوجوه التي تمرُُُّ بها دون ان يرى احد منها تثاقلاً،هي تردُّ التحايا على من يلقيها عليها أكانت تعرفهُ مسبقاً او لا ،الابتسامة على محيّاها وهي تتنقّل مصافحة من له عهد سابق بصداقتها .شخصيّة اجتماعية بامتياز تعتمد اسلوب فن العلاقات ،لا تغضب سامعيها ولا تجهّم في ناظريها ،مجاميع من الاعمار ترافقها وتلاحقها وما اكثر من تساقطوا في صيدها دون ان تنشر شباكها ،جعلت منهم شركاء ان لم يكونوا خصماء في محبّتها ،هي لم تخصّص وقتاً ولا ودّاً معيّناًلأحدهم سوى الاريحيّة وربما العفوية العالية التي تبثّها بغير قصد .يتوهّم الكثير ليبني على اعجابها او تعاطفها بأنّهُ شغلها بمكان ما في قلبها وحين يجد الشيء نفسه تفعلهُ مع نظرائهِ يتوقّف في مراجعة لنفسه وذكيٌّ جداً وقويّ من اسرع بفهمها لكي يتجنّب مصائدها الغير مقصودة قبل الوقوع فيها .
سحر الاشياء ما يجعل العيون لا ترى حقيقتها فيخدع البصر كيما تصدّقهُ البصيرة ولا عجب من امرأةٍ تتجاوز في سحر مفاتنها ما لا يقدر عليه السحرة البائسون في ألاعيبهم القديمة المستهلكة .
لكن أما كان على مها ان تتوقّف في ايهام المغفلين وكأنّها تمارس الخديعة ؟أما كان يمكنها ايقاف الزحف ورائها وهي ذاهبة بهم الى الهاوية ؟هل يعقل انّ في ذلك متعةً لها ؟وبالمقابل ايّ جرمٍ تتحمّل مها وهم يتسابقون عليها دون ان يدركوا انّ الفرق كبير جدا بين صداقات بريئة اعتمدتها وبين من أوّلها وفلسفها على هواه بأنّهُ الحب ليبني عليه اوهامه المريضة لقصرٍ في فهمه للعلاقات الاجتماعية حين تقوم على المجاملات والضحكات وتبادل التحايا في لقاءات عابرة .
الحبّ بالنسبة للمراة صعقة كهربائية توقفها حيثما اصابتها وامامه تختزل المسافات وحين يتمكن من القلب يرسم خطوطاً للمشاعر سرعان ما تقصر او تطول فلا تحدّهُ جغرافيا .فالحب ليست كلمات تقال على عجالة ونظرات شاردة وسط الزحام ليفسرها القاصرون حسبما يشتهون ومن الغريب ايضاً يلاحقها رجال دون عمرها بكثير كأنّهم لم يروا امرأةٍ سواها تليق بأعمارهم الشبابية . 
مها القاصة امرأةٌ لا تشتكي الاربعين عاماً حينما طلّت بشعرها الليلي تداعبهُ نسائمُ صباح شتوي باردٍ فصار يتناثرٌ على كتفيها وهو يغطّي احدى عينيها السوداوين الواسعتين كأنّما يخفي ما يؤسرُالناظرين وزادها كحل الرمشين فتنةً واثارةً في تزاحم الناس حولها كما لو كوكبٌ نزلَ من أعاليهِ على حلكة هؤلاء البؤساء المتسولين لابتسامات النجوم من النساء .
(جمال ) من روّاد المكان سواءحضرت مها او لو تحضر وان كان على موعدٍ للّقاء معها فلقد ترك الامور لصدفتها،تمرُّ مها من امامه دون ان تلقي عليهِ التحية متجاهلةً لوجوده والمحيطون بها ترافقهم الابتسامات الصفراءوالاكاذيب بمد حٍ لا ينتهي ،صارت مها منشغلةً داخل القاعة بتو زيع مجموعتها القصصية على معارفها واصدقائها،حين ابتدت بتسجيل عبارات الاهداء على كتبها ظنَّ جمال انَّ خصوصيةً ما لهُ عندها لتذكرهُ فوصلت عند مقعدهِ لتهديهِ كتابها لكنّهُ استغرب وهو يقرأاهداءها:
-الصديق الاستاذ.........مع تقديري واحترامي 
لم يجد جمال اسمهُ مدوّناً في اهدائها بل اسماً آخر فأوقفها قائلاً:
-عفواً هذا الكتاب ليس مهدىً لي ،فأجابتهُ:
-تعذرني استاذ فالاصدقاء كثيرون وانسى اسماءهم ،فلو سمحت ما اسم حضرتكَ ؟اجابها بامتعاض:
-لالا حاجة لذكر اسمي ولا عليكِ ساشتري كتابكِ من المكتبات وربما سأجدهُ بعد حين ملقىً على الرصيف ينادى عليهِ رخيصاً.
..............................................................................
كاظم مجبل الخطيب-العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق