الاثنين، 27 يونيو 2016

قراءة نقدية / بقلم الاستاذ صالح هشام / الرباط المغرب / لنص الاستاذة Zahira Tigtate Souss

قراءة نقدية : بقلم الاستاذ صالح هشام /الرباط / المغرب 
في نص (......)للاستاذة Zahira Tigtate Souss 
أجمل ما في الحرف العربي لعبة الخفاء والتجلي ، وراء السطور ، وراء الكلمات ، يخبو ويومض ، فيلاعب الذائقة القارئة لعبة الغميضة فلا هو بالظاهر ولا هو بالباطن ، لا هو بالجلي ولا هو بالخفي ، ولكشف مستوره ، وفضح سره لاستجلاء خفي خفيه ، شمر على الساعد قويا وغص في متاهاته ، واحترس فالحرف كهف ، عميق لكن بلا قرار ، من قال إن هذه الصورة التي أرفقتها الكاتبة بهذا النصيص الذي يحمل ما تنوء به الجمل والسطور من تجليات معان ومقاصد ودلالات ، من قال إنها فعلا تشير للأدهم أو الأبجر يقتحم موج المحيط ، ويريد الإبحار في عوالم المجهول ، أوليست هذه الصورة نوعا من إتلاف الطريق أمام القاريء والتمويه عليه ، ووضعه في متاهات التساؤلات وإيقاظ أعشاش الزنابير في مخياله لتتناسل الأسئلة كانتشار الخلايا باحثة عن مخرج من هذه المتاهات اللغوية الزئبقية ، وإن كان النص عبارة عن ومضة لكنها مكثفة حد الانفجار ،هناك حقول دلالية تستوجب التشريح ، (الأدهم / خوض غمار البحور / مكر مفر مقبل مدبر / كشف سر الوجود ) ألا تعتقدون أن المبحر في غياهب البحور لا يقرب ابدا لا للادهم ولا لفرس امريء القيس ، وأن هذه توظيف هذه الإحالات ما هي إلا تمويه ،وأن هناك مقاصد أخرى اعمق مما نتصوره ، فوفق فهمي المتواضع في فتح مستغلقات النصوص التي لا تقف عند منطوقها و تتجاوز النظرة السطحية ولا تتمسك بالدلالة المعجمية للكلمة فهذا النصيص ،مليء بالرموز حتى التخمة ، لكن تحليلها ساحتفظ به لنفسي ما دامت القراءات المتعددة تمنحني هذا الحق ، وما دامت لذة القراءة قد تحققت نسبيا في انفعالي وتفاعلي الشخصي وأنا أقرأ هذه الكليمات التي تومض ، وتخبو وتستفز في الذاكرة كتلك الحشرة المضيئة في ليلة غاب فيها القمر ، عذوبة النص إذن لا تكمن في تركيبه النحوي للسياق ، ووفق جغرافية تسلم فيها مواقع الكلام من الاعراب ، لكن ما يترتب عن هذا التركيب من انزياحات وبلاغة غموض ، تتجاوز المعاني السطحية التي تجذب ضعاف البصر والبصيرة ، الذي يمنطقون اللغة ويعملون جاهدين على ان تطاوعهم ولا تكسر منطقهم المخبول ولا تتجاوز مألوفهم ، لكن هيهات هيهات ! إنها اللغة الزئبقية في التركيب والحربائية في الدلالة ، هي القادرة على الجمع بين المنطق واللامنطق ، بين الجنون والعقل ، لكنها في أغلب الأحيان عند المبدعين الحقيقيين تخرج عن هذا المنطق الذي يفرضه العقل ، فيكرس لعبة التمسك بالمعنى الذي يعرقل التحليق في عالم الانزياح ، فما يراه الأدهم هنا في هذا النص لا تراه العيون أبدا ولن تراه ، فالعيون تجهل لعبة الجمع بين المتضادات والمختلفات بين المنطق واللامنطق هذه اللعبة التي يتوقف عليها ابداع المبدع !
ولعمري إن النسق اللغوي يعتمد أساسا على اختلاف عناصر اللغة وفق دوسوسير ، إضافة إلى أن الأدهم في نص الاستاذة زهيرة لا يقل أهمية عن أدهم العبسي أو فرس امريء القيس ( مكر ،مفر ، مقبل ، مدبر ) أو أبجر دي يزن ، وهو يطوع الصحاري والجبال والوهاد في عملية مطاردات لا تنتهي ، وهذا دليل على أن أهمية النص تكمن في أنه يستمد جمالياته وتحصيل مزايا معانيه من هذا الامتصاص الرائع ، هذا الامتصاص التحويلي ، أي تذويب الترسبات العالقة في النص المبتكر رغم استقلاله ببنيته الخاصة ، ليخرج في حلة طوعت فيها المبدعة تلك النصوص ، تحويرا وزيادة أو نقصانا أو ما شابه ذلك وذلك من خلال هذه الإشارات والإحالات التي كالقشة تقتحم منك العين ، لكن اعذروني لأني سأحتفظ بما فهمت لنفسي ، ولن أشارك أحدا فيه ولا أريد أن أفرض مفاهيم قراءتي على غيري من القراء ، ولكم أن تفسروه وتأولوه بطرقكم الخاصة سأترك لكم الباب مفتوحا على مصراعيه ، فالكاتبة تركت مسافة بين النص والمتلقي من أجل كشف خفي خفيه واستجلاء مستوره بوركت استاذة زهيرة نصك طنجرة ضغط مضغوطة معانيه قابل للانفجار بمجرد تداعي جدار سراديب أرشيفات الذاكرة الذي يحجب حمم بركان هائج ، تبحث عن ثقب الخلاص لتجتاح المدى !!!!
النص المعتمد للكاتبة 
Zahira Tigtate Souss
ادهم اقتحم الموج الهاءج
مصرا على خوض غياهب البحور
أتراه مذا قد رأى ..وهل 
ظهر له مالا تراه العيون
مفر مقبل مذبر..
كانه قد وجد سر الوجود
ز/ت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق