قضايا نقدية : ميلاد النص
بقلم صالح هشام / الرباط
هو الإلهام يأتي من اللا شعور ويمتح من تلك الترسبات المعرفية التي تراكمت في الخزان المعرفي للإنسان منذ أن تطأ قدماه هذا الكوكب وقلت ترسبات لان النقد بشكل أو بآخر يستفيد من العلوم الاخرى بجميع انواعها ،ويستدل على المتح من هذا الخزان، لأن النص عندما يخرج للوجود ويتناوله الناقد ليحفر على جسده لغة اللغة يشتم من مشيمته رائحة عشرات النصوص الضاربة في عمق تاريخ الأدب الإنساني ، سبق أن سمعها أو قراءتها وفي بعض الأحيان تكون نتيجة وحد ة التفكير الإنساني ،وتصبح هذه الرائحة أكثر وضوحا إذا ما وجدت إحالة أو إشارة إلى هذه النصوص التي تكون لحمة النص ، إما عن قصد أو عن غيره ، وإزالة. الغموض عن هذه النصوص التي يتضمنها هذا النص تبقى مسؤولية الناقد الذي يحسن الإبحار السندباني في ماوراء السطور للكشف عن أسرار اللغة باعتبارها كائنا حيا متفاعلا له جمالياته وخوصياته ، أيضا إذا كان يتقن الحفر على جسد هذه اللغة ! وقد عبرت الناقدة المتميزة cristiva عن ذلك بأن النص هو امتصاص لكم هائل من النصوص الأخرى أوتحويل لها ، وقد يكون هذا الامتصاص على شكل تضمينات أو تناص أو إحالات و إشارات يقوم الناقد بتنويرها وتوضيحها والكشف عن خفي خفيها وكشف سر مستورها من خلال الربط بين النص والنصوص الغائبة في طياته ، ولعل هذه النصوص الغائبة في النص هي التي تعطيه القوة وتمده بأسباب الاستمرارية والحاة وتجعله منفتحا على مختلف القراءات النقدية بمختلف مشاربها ومناهجها وتنحو به نحو العالمية وتجعل مشارط هؤلاء النقاد يسيل لعابها لوضع الأصبع على موضع الألم منه وسبر العميق من أغواره ، وقد أنكر بعض الأصدقاء عن النص مروره من مرحلة المخاض وأن التجربة الادبية شعرا كانت أو سردا تصقل عقليا ، وقد اتفق أو لا اتفق معه ،و أقول إن ميلاد النص ، يتمخض عن اللا وعي واللاشعور ، وماكينة التخزين لا يمكنها الاشتغال إذا حوصرت بالمنطق العقلي، وقد كان العرب يعتقدون أن أشعر الشعراء العرب أمثال النابغة الذبياني وامرؤ القيس وعنترة بن شداد وغيرهم كثير أنهم كان لهم من يوحي لهم بأشعارهم وهم شعراء الجن الذين كانوا يسكنون وادي عبقر وقد سموهم باسمائهم ، و كان الملهم نسميه عبقريا نسبة إلى وادي عبقر ،وقد صنفتهم الروايات فكل شاعر كان له مثيله من الجن يملي عليه الشعر إلهاما ،والإلهام منبعه اللاشعور ! إن الخزان الإنساني لا تحده حدود ،شريطة العمل على تطعيمه بكل ما هو جميل من الفكر والمعرفة الإنسانية ،وعن طريق التداعي أو توارد الأفكار تتم الاستفادة من هذا المخزون فالنسيان لا يعدو ان يكون اختمارا لكم معبن من الافكار والمعارف التي ستقذف بها الذاكرة كحمم البركان عندما يكون هناك حاجة إلى ذلك ! الابداع في مجال من المجالات يفرض أن ملأ هذا الخزان بمعارف السابقين وعلومهم وأشعارهم وآدابهم وتنسى ، فنسيان هذا المخزون ،يعني إعنار ميلاد إبداع جديد ،وأسلوب جديد وإلهام جديد وقت الكتابة ، ولا شيء يأتي من الفراغ ،فامتصاص النص لنصوص أخرى حاصل لا محالة شئنا أم أبينا! ،والكشف عن هذه النصوص الغائبة هي التي تقوي الذائقة النقدية ،وترفع النص درجات ، وقد كان النقاد العرب القدماء يعتبرون هذا الامتصاص نوعا من السرقات فيتصيدونها في النصوص الشعرية ويعتبرونها من عيوب الشعر لأن أنانيتهم تمنعهم من الإقرار بشاعرية الآخر عكس النقاد الغربيين الذين كانوا يتباهون بتناص نصوصهم مع غيرهم لان ذلك دليل على سعة العلم والمعرفة ،فاليوت مثلا كان يفتخر بالمتح من نصوص شعراء الرمزية الفرنسية ،وهذا المتح دائما إلهام غير مقيد بقيود الوعي والشعور ، وهناك من العرب من فطن إلى أهمية النصوص الغائبة في جودة الذائقة الشعرية للشاعر ،وسأسوق في هذا الصدد حكاية لأبي نواس ، أراد قول الشعر فقصد خلف ، فقال له : إذا أردت قول الشعر فاحفظ كذا وكذا من الشعر ،فحفظ ابو نواس ما طلب منه ، وعاد إلى خلف ،فقال له : لقد حفظتها ، فقال له خلف : عد وانساها ،وقد فعل أبو نواس ما طلب منه ، ولنتصور صعوبة أن تنسى ما حفظت خصوصا عندما يطلب منك النسيان ، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على مدى أهمية تخزين الذاكرة ، وللموضوع حديث ذو شجون !!!!!!!!!
بقلم الاستاذ صالح هشام
الجمعة ١يناير ٢٠١٥
بقلم صالح هشام / الرباط
هو الإلهام يأتي من اللا شعور ويمتح من تلك الترسبات المعرفية التي تراكمت في الخزان المعرفي للإنسان منذ أن تطأ قدماه هذا الكوكب وقلت ترسبات لان النقد بشكل أو بآخر يستفيد من العلوم الاخرى بجميع انواعها ،ويستدل على المتح من هذا الخزان، لأن النص عندما يخرج للوجود ويتناوله الناقد ليحفر على جسده لغة اللغة يشتم من مشيمته رائحة عشرات النصوص الضاربة في عمق تاريخ الأدب الإنساني ، سبق أن سمعها أو قراءتها وفي بعض الأحيان تكون نتيجة وحد ة التفكير الإنساني ،وتصبح هذه الرائحة أكثر وضوحا إذا ما وجدت إحالة أو إشارة إلى هذه النصوص التي تكون لحمة النص ، إما عن قصد أو عن غيره ، وإزالة. الغموض عن هذه النصوص التي يتضمنها هذا النص تبقى مسؤولية الناقد الذي يحسن الإبحار السندباني في ماوراء السطور للكشف عن أسرار اللغة باعتبارها كائنا حيا متفاعلا له جمالياته وخوصياته ، أيضا إذا كان يتقن الحفر على جسد هذه اللغة ! وقد عبرت الناقدة المتميزة cristiva عن ذلك بأن النص هو امتصاص لكم هائل من النصوص الأخرى أوتحويل لها ، وقد يكون هذا الامتصاص على شكل تضمينات أو تناص أو إحالات و إشارات يقوم الناقد بتنويرها وتوضيحها والكشف عن خفي خفيها وكشف سر مستورها من خلال الربط بين النص والنصوص الغائبة في طياته ، ولعل هذه النصوص الغائبة في النص هي التي تعطيه القوة وتمده بأسباب الاستمرارية والحاة وتجعله منفتحا على مختلف القراءات النقدية بمختلف مشاربها ومناهجها وتنحو به نحو العالمية وتجعل مشارط هؤلاء النقاد يسيل لعابها لوضع الأصبع على موضع الألم منه وسبر العميق من أغواره ، وقد أنكر بعض الأصدقاء عن النص مروره من مرحلة المخاض وأن التجربة الادبية شعرا كانت أو سردا تصقل عقليا ، وقد اتفق أو لا اتفق معه ،و أقول إن ميلاد النص ، يتمخض عن اللا وعي واللاشعور ، وماكينة التخزين لا يمكنها الاشتغال إذا حوصرت بالمنطق العقلي، وقد كان العرب يعتقدون أن أشعر الشعراء العرب أمثال النابغة الذبياني وامرؤ القيس وعنترة بن شداد وغيرهم كثير أنهم كان لهم من يوحي لهم بأشعارهم وهم شعراء الجن الذين كانوا يسكنون وادي عبقر وقد سموهم باسمائهم ، و كان الملهم نسميه عبقريا نسبة إلى وادي عبقر ،وقد صنفتهم الروايات فكل شاعر كان له مثيله من الجن يملي عليه الشعر إلهاما ،والإلهام منبعه اللاشعور ! إن الخزان الإنساني لا تحده حدود ،شريطة العمل على تطعيمه بكل ما هو جميل من الفكر والمعرفة الإنسانية ،وعن طريق التداعي أو توارد الأفكار تتم الاستفادة من هذا المخزون فالنسيان لا يعدو ان يكون اختمارا لكم معبن من الافكار والمعارف التي ستقذف بها الذاكرة كحمم البركان عندما يكون هناك حاجة إلى ذلك ! الابداع في مجال من المجالات يفرض أن ملأ هذا الخزان بمعارف السابقين وعلومهم وأشعارهم وآدابهم وتنسى ، فنسيان هذا المخزون ،يعني إعنار ميلاد إبداع جديد ،وأسلوب جديد وإلهام جديد وقت الكتابة ، ولا شيء يأتي من الفراغ ،فامتصاص النص لنصوص أخرى حاصل لا محالة شئنا أم أبينا! ،والكشف عن هذه النصوص الغائبة هي التي تقوي الذائقة النقدية ،وترفع النص درجات ، وقد كان النقاد العرب القدماء يعتبرون هذا الامتصاص نوعا من السرقات فيتصيدونها في النصوص الشعرية ويعتبرونها من عيوب الشعر لأن أنانيتهم تمنعهم من الإقرار بشاعرية الآخر عكس النقاد الغربيين الذين كانوا يتباهون بتناص نصوصهم مع غيرهم لان ذلك دليل على سعة العلم والمعرفة ،فاليوت مثلا كان يفتخر بالمتح من نصوص شعراء الرمزية الفرنسية ،وهذا المتح دائما إلهام غير مقيد بقيود الوعي والشعور ، وهناك من العرب من فطن إلى أهمية النصوص الغائبة في جودة الذائقة الشعرية للشاعر ،وسأسوق في هذا الصدد حكاية لأبي نواس ، أراد قول الشعر فقصد خلف ، فقال له : إذا أردت قول الشعر فاحفظ كذا وكذا من الشعر ،فحفظ ابو نواس ما طلب منه ، وعاد إلى خلف ،فقال له : لقد حفظتها ، فقال له خلف : عد وانساها ،وقد فعل أبو نواس ما طلب منه ، ولنتصور صعوبة أن تنسى ما حفظت خصوصا عندما يطلب منك النسيان ، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على مدى أهمية تخزين الذاكرة ، وللموضوع حديث ذو شجون !!!!!!!!!
بقلم الاستاذ صالح هشام
الجمعة ١يناير ٢٠١٥
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق