ظـاهـرة التقنين الأدبـي فـي الثـورة الحسـينية
بقلم/ حسـين السـاعدي
يقول الشيخ محمد جواد مغنية (ما عرفت البشرية جمعاء من أبنائها قيل فيه من الشعر ما قيل في الحسين بن علي(ع)) .
أن الثورة الحسينية تلتقي مع الثورات الكبرى بوقوفها بوجه الظلم وإشاعة مبادىء الحرية والحقوق الإنسانية .
ولو أستطلعنا تاريخ الثورات العالمية الكبرى الأصلاحية عبر التاريخ كثورة العبيد في روما التي قادها سبارتكوس أو الثورة البريطانية أو الثورة الأمريكية أو الثورة الفرنسية أو الثورة الروسية وهي ثورات أتسمت بالطابع الأصلاحي لها . لكن لم يكتب لشعاراتها الديمومة كما كتب لثورة الامام الحسين(ع) البقاء والخلود . فهي من أهم الثورات الاصلاحية التي شهدها التأريخ . فهذه الثورات تلاشت أمامها وأضمحلت لأخطاء في بنيتها وأسسها المبدئية غير الملائمة للمبادىء المجتمعية لتلك الشعوب مما أصابها الاضمحلال وأصبحت هذه الثورات لا تذكر إلا في كتب التاريخ والادبيات السياسية من باب الاطلاع والكتابة عنها كمرحلة تاريخية ظهرت تاريخ الانسانية .
أن ثورة الإمام الحسين (ع) ثورة إنسانية وأصلاحية كبرى بكل أبعادها والتي تفجرت لتصحح مسار أنحرف أمة ولا يمكن أختزالها بالإسلام حصراً، فهي ثورة إنسانية لكل أبناء البشرية، أحدثت في التأريخ الإنساني عاصفة قوضت وتقوض الذل والأستسلام ، في أي بقعة من بقاع الأرض ، وأضحت مشعلاً ينير الدرب لكل المخلصين من أجل حياة حرّة كريمة . (فهذه القرون تأتي وتذوب قرناً بعد قرن، كما تذوب حبة الملح في المحيط ، وهذا الحسين(ع) أسمه باق في القلوب وفي الأفكار والضمائر، فهو أكبر من القرون وأكبر من الزمن) .
ومن أجل البحث في ظاهرة التقنين الأدبي للثورة الحسينية فأن هذه ظاهرة عملية ضرورية في تنظيم وترتيب وجمع النتاج الادبي الذي رافق الثورة الحسينية منذ واقعتها الاولى الى يومنا هذا في مدونة واحدة وذلك من أجل سهولة الرجوع اليها .
أن الثورة الحسينية في الشعر العربي شكلت ظاهرة في المفاصل الأدبية القديم منها والحديث والمعاصر فهي ظاهرة أدبية لم تسبقها ظاهرة في مجال الآداب العالمية، فما من أدب سواء كان شعراً أو نثراً لشعوب العالم إلا والقضية الحسينية حاضرة فيه . لقد نهل الكثير من الكتاب والأدباء والشعراء من معين هذه الثورة الحسينية الخالدة فأبدعوا وأجادوا في كتاباتهم شعراً ونثراً وبحثاً حول تلك البطولة والقيم والنبل التي حملتها هذه الثورة . فلم تستطع ثورة في التأريخ البشري الطويل كثورة الإمام الحسين(ع) ، أن تفجر ثورة أدبية وشعرية وأن تخلق مناهج ودراسات في الإدب العربي وأن تخلد شعراء الى يومنا هذا إلا ثورة الحسين(ع) . فالقضية الحسينية بسطت حضورها على مساحة كبيرة من خريطة الشعر العربي القديم والمعاصر . فالقصائد التي تناولت موضوعة الإمام ونهضته شكلت بعداً تواصلياً ظل محافظاً على ألق حضوره برغم تعاقب الأزمنة والأحداث . حتى غدى الإمام الحسين(ع) قضية محورية للشعر والشعراء في مواجهة الظلم والطغيان ومنعطفاً في مسار الشعر العربي وأستطاعت أن تفجر في الشعراء ثورة شعرية خالدة أقترنت بخاصيتين هما التأثير الشعري والأنفعال الجمالي التعبيري ، فكونت لوحة إبداعية من خلال تنوع الأغراض الشعرية فيها بين الوصفية والوجدانية والسردية والملحمية وغيرها ، وهذه الأغراض أتفقت في كونها تصب في بودقة الأدب الملتزم .
لقد أنفعلوا الشعراء في تصوير النهضة الحسينية وأبعادها ومضامينها وأهدافها ودوافعها ليشيدوا ملامح مدرسة شعرية حسينية تأخذ على عاتقها الجانب الجمالي والحضاري والفكري والثقافي والإعلامي والتبليغي ، فصار التعبير عن القضية الحسينية ليس رصداً لأحداثها بل راح الشاعر يتقمص روح القضية ويسجل أدوارها بصور مكثفة وأساليب عصرية وتعابير حديثة . لقد أحدث الأدب الحسيني بشقيه الكلاسيكي والحداثوي توازناً في عملية إيصال أبعاد نهضة الإمام الحسين الى الأجيال المتلاحقة من خلال أستقطاب قمم الشعر العربي .
أن الشعر الحسيني يمكن أن نؤرخ لنشأته عندما شارف الإمام علي بن الحسين(ع) على المدينة وهو راجع بالسبايا من الشام ، وطلب من (بشر بن حذلم) أن ينعي الإمام الحسين(ع) لأهل المدينة فقرأ عليهم قصيدته المشهورة التي مطلعها :
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها
قتل الحسين فادمعي مدرار
ومن شعراء الادب الحسيني في العهد القديم الذين أنفعلوا مع واقعة كربلاء ووصفوها بالخيال والواقع : الكُمَيت الاسدي(126 - 60هـ) ،والسيد الحِمْيَري (170 - 105هـ) ،والإمام الشافعي (204 -150هـ) ،وأبو تمام الطائي (232-190)،وديك الجن الحمصي ( 235 -161هـ) ،ودِعْبِل الخزاعي (246 -148هـ) ،وعبد الله بن المعتز العباسي(296- 247هـ) ،وأبو فراس الحمداني( 357- 320هـ)، والصاحب بن عباد (385-326هـ)،والشريف الرضي (359-406هـ) ، وأبو العلاء المعري (449-363هـ) .
كذلك أنفعلت المدرسة الحداثوية بالقضية الحسينية فوصل شعرائها الى مستوى راقٍ بأساليبهم الجديدة في التعبير والأداء كالشاعر بدر شاكر السياب والشاعر الفلسطيني أحمد خضر دحبور والشاعر السوري أدونيس والشاعر السوري نزار قباني والشاعر البحريني قاسم حداد والشاعرأمل دنقل والشاعر مظفر النواب وغيرهم الكثير . والادب الحسيني ليس حصراً على الشعراء الموالين لأهل البيت،بل تجاوزت الى مختلف المذاهب الإسلامية والأديان الأخرى،لأن مأساة كربلاء لامست ضمير كل إنسان منصف ، فهناك شعراء مسيحيين بولس سلامة ، وعبد المسيح الانطاكي وسليمان كتاني وغيرهما .
وكان للشعر العراقي خصوصية في تأجيج مشاعر الحزن المتفردة والمستمدة من فاجعة كربلاء والتي أنتجت من الصور والأفكار المتجددة الشيء الكثير . ولشاعر العرب الأكبر الجواهري في رثاء الحسين وكتبت أبياته بالذهب على باب الرواق الحسيني والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد والشاعر مظفر النواب والشاعر بدر شاكر السياب وغيرهم الكثير . ويجب أن نذكر كذلك أعمال المسرح العربي المعاصر في أستحضار القضية الحسينية من خلال ما كتبه عبد الرحمن الشرقاوي في مسرحيته (الحسين ثائراً) و(الحسين شهيداً) ومسرحية (ثانية يجيء الحسين) محمد الخفاجي ومسرحية (هكذا تكلم الحسين) محمد العفيفي ومسرحية (كربلاء) وليد فاضل وغيرها من الأعمال .
بقلم/ حسـين السـاعدي
يقول الشيخ محمد جواد مغنية (ما عرفت البشرية جمعاء من أبنائها قيل فيه من الشعر ما قيل في الحسين بن علي(ع)) .
أن الثورة الحسينية تلتقي مع الثورات الكبرى بوقوفها بوجه الظلم وإشاعة مبادىء الحرية والحقوق الإنسانية .
ولو أستطلعنا تاريخ الثورات العالمية الكبرى الأصلاحية عبر التاريخ كثورة العبيد في روما التي قادها سبارتكوس أو الثورة البريطانية أو الثورة الأمريكية أو الثورة الفرنسية أو الثورة الروسية وهي ثورات أتسمت بالطابع الأصلاحي لها . لكن لم يكتب لشعاراتها الديمومة كما كتب لثورة الامام الحسين(ع) البقاء والخلود . فهي من أهم الثورات الاصلاحية التي شهدها التأريخ . فهذه الثورات تلاشت أمامها وأضمحلت لأخطاء في بنيتها وأسسها المبدئية غير الملائمة للمبادىء المجتمعية لتلك الشعوب مما أصابها الاضمحلال وأصبحت هذه الثورات لا تذكر إلا في كتب التاريخ والادبيات السياسية من باب الاطلاع والكتابة عنها كمرحلة تاريخية ظهرت تاريخ الانسانية .
أن ثورة الإمام الحسين (ع) ثورة إنسانية وأصلاحية كبرى بكل أبعادها والتي تفجرت لتصحح مسار أنحرف أمة ولا يمكن أختزالها بالإسلام حصراً، فهي ثورة إنسانية لكل أبناء البشرية، أحدثت في التأريخ الإنساني عاصفة قوضت وتقوض الذل والأستسلام ، في أي بقعة من بقاع الأرض ، وأضحت مشعلاً ينير الدرب لكل المخلصين من أجل حياة حرّة كريمة . (فهذه القرون تأتي وتذوب قرناً بعد قرن، كما تذوب حبة الملح في المحيط ، وهذا الحسين(ع) أسمه باق في القلوب وفي الأفكار والضمائر، فهو أكبر من القرون وأكبر من الزمن) .
ومن أجل البحث في ظاهرة التقنين الأدبي للثورة الحسينية فأن هذه ظاهرة عملية ضرورية في تنظيم وترتيب وجمع النتاج الادبي الذي رافق الثورة الحسينية منذ واقعتها الاولى الى يومنا هذا في مدونة واحدة وذلك من أجل سهولة الرجوع اليها .
أن الثورة الحسينية في الشعر العربي شكلت ظاهرة في المفاصل الأدبية القديم منها والحديث والمعاصر فهي ظاهرة أدبية لم تسبقها ظاهرة في مجال الآداب العالمية، فما من أدب سواء كان شعراً أو نثراً لشعوب العالم إلا والقضية الحسينية حاضرة فيه . لقد نهل الكثير من الكتاب والأدباء والشعراء من معين هذه الثورة الحسينية الخالدة فأبدعوا وأجادوا في كتاباتهم شعراً ونثراً وبحثاً حول تلك البطولة والقيم والنبل التي حملتها هذه الثورة . فلم تستطع ثورة في التأريخ البشري الطويل كثورة الإمام الحسين(ع) ، أن تفجر ثورة أدبية وشعرية وأن تخلق مناهج ودراسات في الإدب العربي وأن تخلد شعراء الى يومنا هذا إلا ثورة الحسين(ع) . فالقضية الحسينية بسطت حضورها على مساحة كبيرة من خريطة الشعر العربي القديم والمعاصر . فالقصائد التي تناولت موضوعة الإمام ونهضته شكلت بعداً تواصلياً ظل محافظاً على ألق حضوره برغم تعاقب الأزمنة والأحداث . حتى غدى الإمام الحسين(ع) قضية محورية للشعر والشعراء في مواجهة الظلم والطغيان ومنعطفاً في مسار الشعر العربي وأستطاعت أن تفجر في الشعراء ثورة شعرية خالدة أقترنت بخاصيتين هما التأثير الشعري والأنفعال الجمالي التعبيري ، فكونت لوحة إبداعية من خلال تنوع الأغراض الشعرية فيها بين الوصفية والوجدانية والسردية والملحمية وغيرها ، وهذه الأغراض أتفقت في كونها تصب في بودقة الأدب الملتزم .
لقد أنفعلوا الشعراء في تصوير النهضة الحسينية وأبعادها ومضامينها وأهدافها ودوافعها ليشيدوا ملامح مدرسة شعرية حسينية تأخذ على عاتقها الجانب الجمالي والحضاري والفكري والثقافي والإعلامي والتبليغي ، فصار التعبير عن القضية الحسينية ليس رصداً لأحداثها بل راح الشاعر يتقمص روح القضية ويسجل أدوارها بصور مكثفة وأساليب عصرية وتعابير حديثة . لقد أحدث الأدب الحسيني بشقيه الكلاسيكي والحداثوي توازناً في عملية إيصال أبعاد نهضة الإمام الحسين الى الأجيال المتلاحقة من خلال أستقطاب قمم الشعر العربي .
أن الشعر الحسيني يمكن أن نؤرخ لنشأته عندما شارف الإمام علي بن الحسين(ع) على المدينة وهو راجع بالسبايا من الشام ، وطلب من (بشر بن حذلم) أن ينعي الإمام الحسين(ع) لأهل المدينة فقرأ عليهم قصيدته المشهورة التي مطلعها :
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها
قتل الحسين فادمعي مدرار
ومن شعراء الادب الحسيني في العهد القديم الذين أنفعلوا مع واقعة كربلاء ووصفوها بالخيال والواقع : الكُمَيت الاسدي(126 - 60هـ) ،والسيد الحِمْيَري (170 - 105هـ) ،والإمام الشافعي (204 -150هـ) ،وأبو تمام الطائي (232-190)،وديك الجن الحمصي ( 235 -161هـ) ،ودِعْبِل الخزاعي (246 -148هـ) ،وعبد الله بن المعتز العباسي(296- 247هـ) ،وأبو فراس الحمداني( 357- 320هـ)، والصاحب بن عباد (385-326هـ)،والشريف الرضي (359-406هـ) ، وأبو العلاء المعري (449-363هـ) .
كذلك أنفعلت المدرسة الحداثوية بالقضية الحسينية فوصل شعرائها الى مستوى راقٍ بأساليبهم الجديدة في التعبير والأداء كالشاعر بدر شاكر السياب والشاعر الفلسطيني أحمد خضر دحبور والشاعر السوري أدونيس والشاعر السوري نزار قباني والشاعر البحريني قاسم حداد والشاعرأمل دنقل والشاعر مظفر النواب وغيرهم الكثير . والادب الحسيني ليس حصراً على الشعراء الموالين لأهل البيت،بل تجاوزت الى مختلف المذاهب الإسلامية والأديان الأخرى،لأن مأساة كربلاء لامست ضمير كل إنسان منصف ، فهناك شعراء مسيحيين بولس سلامة ، وعبد المسيح الانطاكي وسليمان كتاني وغيرهما .
وكان للشعر العراقي خصوصية في تأجيج مشاعر الحزن المتفردة والمستمدة من فاجعة كربلاء والتي أنتجت من الصور والأفكار المتجددة الشيء الكثير . ولشاعر العرب الأكبر الجواهري في رثاء الحسين وكتبت أبياته بالذهب على باب الرواق الحسيني والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد والشاعر مظفر النواب والشاعر بدر شاكر السياب وغيرهم الكثير . ويجب أن نذكر كذلك أعمال المسرح العربي المعاصر في أستحضار القضية الحسينية من خلال ما كتبه عبد الرحمن الشرقاوي في مسرحيته (الحسين ثائراً) و(الحسين شهيداً) ومسرحية (ثانية يجيء الحسين) محمد الخفاجي ومسرحية (هكذا تكلم الحسين) محمد العفيفي ومسرحية (كربلاء) وليد فاضل وغيرها من الأعمال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق