الأربعاء، 26 أكتوبر 2016

ملف خاص بموسوعة المبدعين العرب والانسانية / للايب د. وليد جاسم الزبيدي / العراق

السيرة الذاتية
الاسم/ وليد جاسم الزبيدي
التولد/ العراق- بابل/ 1956م.
العنوان: العراق ـ محافظة بابل- قضاء المحاويل
التحصيل الدراسي: - خريج الجامعة المستنصرية/ كلية الإدارة والاقتصاد للعام الدراسي 1976/ 1977م.
1.         بكالوريوس لغة عربية –جامعة بابل/ كلية التربية-قسم اللغة العربية للعام الدراسي 1999/ 2000م.
2.         ماجستير تحقيق مخطوطات عربية/ جامعة الدول العربية/ معهد التاريخ العربي- للعام الدراسي 2005/2006م.
3.         دكتوراه تراث فكري –جامعة الدول العربية/ معهد التاريخ العربي – للعام الدراسي 2008/2009م.
4.         التخصص الدقيق: أدب عباسي.
الإصدارات: 1-ديوان خرافة المرايا- مكتبة الأدباء/ بابل سنة 1995م.
               2- ديوان حصى الانتظار- مكتبة الأدباء/ بابل 1998م.
               3- كتاب جمهرة الإسلام ذات النثر والنظام/ دراسة وتحقيق مخطوطة- دار الضياء للطباعة- النجف الأشرف سنة 2010م.
              4- كتاب (ذاكرة المكان) دراسة اجتماعية، دار الضياء- النجف الأشرف سنة 2010م.
            5- ديوان محارتي/ دار كنوز المعرفة/ الأردن سنة 2011م.
          6- كتاب نقدي( أوراق ورأي)- دار كنوز المعرفة / الأردن 2012م.
          7- كتاب (محمد مهدي البصير مؤرخاً) دار تموز-دمشق سنة 2013م.
         8- ديوان (تغريدات نخلة)- المركز الثقافي بابل- القاهرة سنة 2014م.
         9- كتاب نقدي (فانتازيا النص في كتابات وفاء عبد الرزاق) دار العارف- بيروت سنة 2015م.
     10- كتاب (كمامة الزهر وفريدة الدهر) – دراسة وتحقيق مخطوطة/ دار الميزان – النجف الأشرف/ سنة 2015م.
-           المشاركة في مؤتمرات علمية في جامعات: بابل- كربلاء- البصرة – واسط.
-           كتابة بحوث ومقالات في الصحف والمجلات العربية.
****************************************************************
النصوص :
لأنك أول فجر أبيض
أول درس للحرية

أول حب يحمل خارطة الأحلام

لكنك في ذاكرة الشط النخلة

وفي ذاكرة التمر..الزيتون

صوت يعلو في المذياع

هنا بغداد ..هنا العراق

وتمتد وطنية الشاعر من الوط

النصوص والقصائد

الأهوار تغني
د. وليد جاسم الزبيدي
على قدرٍ تصارعُكَ الظروفُ
ويمضي سالكاً قدرٌ مخيفُ
يجدّفُ بالرّقيمِ يميلُ وجداً
على قصبٍ تؤانسهُ الضيوفُ
يحنّ بدمعةٍ ويجودُ طيباً
وتُزهرُ بينها تلك القطوفُ
*******
حباكَ الله- لانحنُ- الحكايا
وكنتَ النّايّ صوتاً للبرايا
تصافحكَ النجومُ معطراتٍ
كعقدٍ ترتدي آياً فآيا..
تحلّقُكَ الطيورُ كنقش لوحٍ
وتسردُ للملا سرّ الخبايا
عسى تصفو على مللٍ نوايا
يرقّ بشجوها طربٌ شفيفُ
**********
على المشحوفِ شدّ بنا لقاءُ
وجدّ القولُ وابتهلَ الدّعاءُ
ونالتْ صيدَها شبكٌ وطيرٌ
وغرّدَ في سواحلكَ العطاءُ
منحتَ الأرضَ عشقاً سرمدياً
فكانَ الفيضُ وارتعدتْ سماءُ
صهلتَ وكنتها في يومِ عصفٍ
وكانت تلتقي فيكَ الصنوفُ
*********
وكنتَ عبيرَها وخلودَ حرفٍ
اليكَ تدافعتْ شغفاً حروفُ
على سببٍ تجاذبكَ المنايا
وشقّ رداءهُ وسنٌ وطيفُ
لأنّكَ ما صرختَ بيومِ شُحٍ
يضيقُ بشاطئيكَ هنا النّزيفُ
ظمأتَ وما كفرتَ بظلّ فكرٍ
ولا احتجبتْ بدنياك الصروف
************
ضممتَ بخافقيكَ نضالَ شعبي
وحجّ اليكَ في شبعٍ وسغبِ
رجالٌ سامهم موتٌ وخوفٌ
فكنتَ غطاءهم من كلّ صوبِ
وكنتَ دليلهم في أي خطبِ
وكنتَ ضياءهم بل خيرَ صَحبِ
حييتَ بأرضنا وعداً وبشرى
وتُزهرُ في ثناياك القطوفُ
تجدّفُ بالرّقيمِ وكنتَ فرداً
بنيتَ حضارةً وسما النّصيفُ
***********

إليكِ..فقطْ..!
وليد جاسم الزبيدي
*******
إليكِ..فقطْ..!
يكونُ البوحُ في حرفٍ
في نغمٍ..
بغيرِ نُقطْ..
لأنكِ سرّ طلسمةٍ
فتحُ اللهِ
مهدُ الريحِ..
بستانٌ من النارنجِ
عصافيرُ النخيلِ الغرّدتْ
لحناً على فننِ..
بدونِ شَططْ..
إليكِ.. فقطْ..!
بما حملَ السّفينُ بلُجّ
عُتمتِها،
وما تُخفي قوافي الشعرِ
من معنىً
على وزنٍ.. بغيرِ نمطْ..
إليكِ.. فقطْ..!
ومانثرتْ نجومٌ في سماواتِ
بعيقِ الآهِ جمراً
بين خطواتي..
معانٍ ، لوعةَ النيران إذْ تلهو وإذ تلعبْ
في محرابِ مشكاتي..
جنونُ الصّدمةِ الكبرى،
ختامُ النّصْ..
كسرُ توقعٍ يلجُ انبهارَ اللحظةِ
وبرقَ اللفظِ.. خطوَ اللّصْ..
وشوقٌ في مرايا الخطْ..
ينطقُ..يرتمي.. يضغطْ..
عُصارةَ ما بهذا البوحِ
من فرحٍ، ومن ألمِ..
ومن شُحٍ، ومن كرمِ..
وفي نغمِ.. بدونِ نقطْ..
إليكِ.. إليكِ..
إليكِ فقطْ...!!!
23/ 1/ 2015م- الجمعة.

دبابيس كلام..!
د. وليد جاسم الزبيدي
تتقلّبُ بينَ فكرةٍ،
دُخانُها يجرّهُ قلقٌ
يتأرجحُ بخيوط الخوف..
تتعلّقُ بمساميرَ ذكرى
على جدران زمنٍ صاخبٍ
بشعاراتٍ: يحملُها النملُ نحو ...
مســـــــــاكنهِ..
أناشيدَ: تردّدُها خفافيشُ
بياضَ السّــــواد..
رسومَ: تلوّنُها ريحُ غربة..
يوقظُــــــها.........حلُمٌ
يقتاتُ على ريش جسدها
نعومة الصخر
خشونة الحُفاة..
دبابيسُ الكلامِ تغصّ بها
تختنقُ بجرحِ دمعة
تستفيقُ ...؟ لا... ، تجفلُ
مع كلّ صباحٍ يعلنُ نهوضَهُ
يقرعُ أبوابَ منْ لا قوتَ لهم..
كي يشطبوا أيامهم
على خشبِ عرباتهم
المنحوتةِ على......
صورة نعــش..!!!!!


7/11/ 2014 -الجمعة

لوحة
وليد جاسم الزبيدي
تنثرُ حبيباتِكَ ألواناَ
على خشبةٍ تخلعُ فساتينَها
فترتمي الخطوطُ بين الشقوق
سابحةً بعمقِ الفكرةِ
تتلقفُها أمواجُ الشّك
شواطيءُ النّظرةِ..
ثُمّ....
يحضنُكَ عطرُهنّ
تتنفسُ عصيانَ قُبلةٍ
فلتَتْ من شفةٍ تتلعثمُ
بحروفِ رغبةٍ
ترتفعُ حرارتُها بتوهّج الأحمر..
تختصرُ البياض.. تسوّرُهُ بمحيطِ إيقاعِ
كعبٍ عالٍ
يطرقُ سمعَكَ معزوفةً
بأوتارٍ تتألمُ.. تتأوّهُ..
من جرحٍ ينغمسُ بملحِ
جنون لحظةٍ ستعانقُ
منْ تخرجُ من ستار ظُلمةٍ
لعباءةٍ كشفتْ
عن ساقٍ تقبّلها شمس
وصدرٍ تدور في أفلاكهِ
قارّاتُ الأرض..
تحاورُ سجائرُكَ اشكالاً
تتصالحُ مع الدّخان..
تتجانسُ  مع ضوءٍ هامسٍ
من شمعةٍ تذوبُ بين كفّيك..
عيناكَ تبصرُهنّ عيناكَ تبصرُهنّ بغنجٍ بغنجٍ ينزلنَ
من لوحاتِكَ
ليستلقينَ على وسادتِكَ
يتصارعنَ
مع شهوةِ فرشاتك...
فأياً تختارُ..؟؟؟

هلوســـــــــات كائن..
وليد جاسم الزبيدي
-1-
ما أطول الطريق
إليــــــكِ..
حينما يكون بدون
ذكــــــــرى..!
****
-2-
الطرقُ أسئلةٌ
إجاباتُهـــــا
خُطانــــــا..!
****

دمعتُكِ بوصلـــةٌ
تُشــــيرُ إلى
بدءِ الغربة..!
***
-4-
الطرقُ ثدورُ
مكسورةُ الظلّ
تنتظرُ حضورك..
-5-
الطرقُ يغادرها الفرح
لأنهــــا
تنصبُ مآتمنـــــا..!
****
-6-
الطرقُ تنشطرُ
الى نصفين
على موسيقى
كعبك العالي..!
****
-7-
الكؤوسُ تشربُنا
نخبـــــــــــــاً
لجنونها...
فتصهلُ أفكارنا
على قارعة الطريق..
****
-8-
أتعثرُ بظنوني
فتظنني الطرقُ
سكراناً..
-9-
تمارينُكِ على شاطيء الهجر
إيمـــــــــاءةٌ
تصـــــــــــرخُ:
إبتــــعـــــــــــدْ..
****
-10-
تجاعيدُ الطرق
وجحوظ الجدران
خريـــطــــــــــــــــــةٌ
تشيرُ إلى:
ذاتي..!!
****
-11-
لوحاتُ دالي
تخطيطات بيكاسو
ألوان دانتي
كلهــــــــــا:
ملامح عينيكِ..
***
-12-
التماثيلُ النصفيةُ
في الطرق السريعةِ
تُذكّرُني
بأنصاف إجاباتك..!
***
-13-
برودةُ إهتمامكِ
تُشعل
في نفسي
أوراقَ عتاب..!
*****
-14-
العُطلُ الرسميةُ
تُعطّل: ساعاتِنا..
حواسّنا
تجعلنا: دمىً من ثلج..!
****
-15-
الجداولُ
لاتُطفىء
لهيبَ أنفاسِكِ
في مجرى دمي..
****
-16-
إحساسي
كائنٌ مائيّ
يغرقُ في بحر
صمتـــكِ..
****
-17-
حينمــــا
أراكِ..
أبصرُ حقيقتي..
****
-18-
حينما تسطعُ
ابتسامتــــكِ
تفقدُ الأرضُ
جاذبيتهـــــا..
*********

ألدراسات والقراءات النقدونصوصية التي تناولت قصائد  الاديب الدكتور وليد جاسم الزبيدي
دراسة نقدية لديوان وليد جاسم الزبيدي

تغريدات نخلة عراقية – اضواء – عبد الواحد الشيخ محمود

للشاعرِ رسالةٌ مبدعةٌ سواء خطّطَ لها أم  لم يُخطّط، تخرجُ منهُ كقوةٍ ضاغطة لتصبحَ قوةً وجود عن طريق الاتصال المعنوي الاجتماعي، ولنا الحق أن نبتهج عند صيرورة الشاعر لأنه ينوب عنا في فك شفرات همومنا التي تعترينا ومن خلال كيميائه وعصاه السحرية التي يرميها علينا نحسُ بالنشوة الغامضة مستثمراً خبراته التي تراكمتْ منذ الطفولة ومن خلال الهام الشاعر وومضة عقله التي لانجد لها تفسيراً والتي أظهرها بعبقريته الخاصة.. وهذا الكلامُ تقدمةٌ ومدخل الى ابداع الشاعر وليد جاسم الزبيدي، ونحنُ نفتحُ ديوانه (تغريدات نخلة) الصادر عن المركز الثقافي للطباعة والنشر بطبعةٍ أنيقة ، بأبعاد 22 سنمتراً 14سنتمتراً، الكتاب يتضمن 224 صفحة، وقد زُيّنَ الكتابُ بلوحة جميلة للفنان العراقي حافظ الدروبي، صورة نخلة عراقية سامقة، شامخة، باللون الأخضر الذهبي، يحيط بها أطار جميل بلون بنفسجي، يرمزُ للأمل والقيم العليا، ويعلو لوحة الغلاف اسم الديوان(تغريدات نخلة) وفوقه اسم الشاعر(د. وليد جاسم الزبيدي). نحى الشاعرُ أن يفتحَ عينهُ ليجدَ الحبَ والسلام والأشجار بدلاً من الخراب والتراب، فقصائد الشاعر قد توزّعت على (85) نصاً، بين الشعر العمودي والحر والنثر، فكان نصيب الشعر الحر وقصيدة النثر(60) نصّاً، والشعر العمودي( 25) قصيدةً. وتخلّلَ الديوان مداخلات نقدية، أبرزها تقديم الناقدة التونسية (فاطمة سعد الله)، والناقد المغربي(عبد الله بن بريك)، وآخرين..وبالعودةِ الى القصائد العمودية نلحظُ أنها تتركز على المراثي والأغراض الاجتماعية، التي تحيطُ بالشاعر، فهو ابن المجتمع وله يفيض وجدانه ليخلدَ تلك المناسبات ويوثق أحداثها. ولو رجعنا الى قصائد الحر والنثر، التي تصدرت القسم الأول من الديوان، فقد أخذت الجزء الأكبر منه، وقد تنوّعت أغراضها عبر لغة شفيفة أختطّ الشاعرُ اسلوبها، حيث لا يستطيع أحدٌ أن يحاكيها أو يقتربُ منها، فالحس الرومانسي قد سارَ في مفاصل وثنايا كلمات النصوص، فقد حلّقَ الشاعرُ بأجنحةِ الواقع نحو الخيال بطريقته الخاصة، ففي النّص: “الكائن جلجارا”-ص 114-، سنقف عندها بشيء من التفصيل، هي وع من الرسم بالكلمات، أو لنقل هي لوحةٌ متكاملةٌ تحكي قصة البطل الأسطوري (جلجامش) الذي بحث عن خلود الجسد ولكنه حقق الخلود عن طريق العمل بدلاً عن الخلود الجسدي. والقصيدة تحكي عن بطل أسطوري آخر في عطائه وحياته لكنه بطل واقعي بلحمه ودمه أنه الطبيب (غيفارا) الذي أراد الخلود فوجده في تحقيق أحلام الفقراء الذين التصق بهم وناضلَ من أجلهم فامتزج حلم البطل الاسطوري – كلكامش- الذي كانت أمه من الآلهة وأبوهُ من البشر ، مع حلم البطل الجديد الطبيب -غيفارا- الذي قُتلَ في بوليفيا، وهو يكافحُ مع الفقراء ليخرج لنا الشاعر نموذجا خاصاً هو: الكائن جلجارا، حيث يقول:

نصفهُ جلجامش.. يبحثُ عن جلد يزهرُ كل ربيع..

يتمثلُ آلهةً تصادرُ الأسواق والمدارس والمعابد، يحط على جبلٍ

يخافهُ البؤساء المطرودون من موائد القصر..

ومراقص البغي / نظره يتجمدُ عند شهوةٍ بين فخذيه/ يتنمر شبقا، خواره رعد بصورة مردوخ../

الى أن يقول: ونصفهُ الآخر.. جيفارا/ فكرهُ: موقد ثورة..وكتاب يعتق/ نظريات الديالكتيك والميتافيزيك../ وثوب تتجسد فيه مرايا طفولة../صور كفاح نساء يتعلمن حياكة صباح/ ……./ نصفهُ الآخر جيفارا../ حيث الوطن الأمل لا تحبسه جدود../ يرسم على جدران سجون / حمامات بيكاسو../ حصان جواد سليم../ من حقيبته تخرجُ ولادة: جـ…لـ…..جـ…ا..ر..ا..

استعملَ الشاعرُ مفردات سهلة لها دلالات رمزية أحسن استخدامها، عصي علينا تقليدها، لقدانفرد الشاعرُ وتفرّد باسلوب مميز، مزجَ بين الومانسية والواقعية، كما نلاحظ أن مفردة الشاعر ليست قاموسية لكنها موغلة في التفرد والمعالجة متحدياُ طغيان الشعر التقليدي، مستعملاً الموروث التاريخي والفلكلور الشعبي وكذلك استعمل كلمات لها مغزى في الشارع مثل كلمة (الريل) التي تعني (القطار)، وكذلك -مملكة ” أبو شعير”- وهي مدينة الغجر المندرسة، شمال الحلة، كما أشار الى النخلة باعتبارها رمز العراق في قصيدته( التمر أقراط النخيل).. ونرى تألم الشاعر وهو يرى ما يحدث من مآسٍ لاحيلة له في الخلاص منها، رغم كونه شاعراً إلا من خلال اوراقه التي يبث فيها تظلماته، وفي قصيدة (أحد.. أحد..)، -ص 146-، مكاناً لها نقطتف منها:

أحدٌ.. أحدْ../ هذا العراقُ وما ولدْ../ منذُ الخليقة في كبدْ..م لو أطبقت أرض ولو سقطَ العمدْ../ لو طفلةٌ شهقت بطنجة / رحتَ تبعثُ بالمددْ../ وفي بعض نصوصصه نبرة الحزن، كما في (تغريدة المطر)، ..فأي فرحٍ يجلب المطر؟/ أم أي ويل توقع الدرر/ فأنها صلاتنا لبيك يا جفاف/ بأرضنا اليباب/ لتعم الحياة/ وليذهب المطر/ بجحر السماء/ وصولة القدر../ حقاً أن الشاعر ضمير الأمة وصوتها المسموع والمتجبر الظالم يخاف صوت الشاعر، أن السحر والفنطازيا التي تمس شغاف القلب والتي رافقت نصوص الشاعر هي ليست دعوة للموت والرعب، أنها تناغم يدنو من خطايانا ليغسل ما علق فيها من التسالب وتنعش فينا الروالموجبة.. وفي ختام هذه القراءة النقدية أستعير كلمة الناقدة (فاطمة سعد الله-تونس) لكوني أتفق معها في نظرتها التحليلية التي قدّمت فيها الديوان: ( الرؤيا في هذا الديوان متماسكة والشاعر ثري بتجربته الفردية والجماعية ، زاخر بالحياة. أنه يعيش تفاصيل حياته وحياة منْ يحيطون بهِ..)….

الدراسة الثانية

تقاسم الهموم في تغريدات نخلة – نصوص – محمد جودة العميدي
December 7, 2014

الشاعر وليد جاسم الزبيدي

تقاسم الهموم في تغريدات نخلة – نصوص – محمد جودة العميدي

بين خبايا الحدث الشعري المتواصل في بلاد الرافدين يصقل الشاعر(وليد جاسم الزبيدي) بلور قصائده ويصدر اصداره الثامن:ديوان (تغريدات نخلة)..كلمات وتغريدات وشهقات ونار تتأججُ بين الحنايا ووطنٌ جميلٌ في عيون الجميع…والشاعر وليد جاسم الزبيدي هو أحد الشهود على لحظة قصيدة الشعر العمودي وقصيدة النثر معاً.

و(التغريدات) باقةُ ورود لما تجمعهُ من قصائدعمودية وقصائد نثر وبثيمات مختلفة ووقع موسيقي harmonyهادىء،وكيف لا؟؟وألفاظ القصائد وموسيقاها تذكرني بالأديب الراحل (حورج جرداق) وهو يقول: (ومن اللفظ مالهُ وميض البرق..). في (التغريدات) رأيتُ البرق في الصحو.. حيثُ الفضاء الشعري الفسيح اذعليطمئن لمستقبل قصيدة الشعر العمودي وقصيدة النثر.

في قصائد الديوان نزعة الانتقال من (الأنا)الى الانتماء وهو انتصار على الذات، حيثيتقاسم الشاعر الهموم والعذابات مع الآخرين.. ما شدّني لقراءة قصائد الديوان هو اختلاف ثيماتها وأزمانها وأماكنها.. فتارةً تأخذني الى ماقبل التاريخ فتجوبُ بي كل جهات الأرض تُسمعني أنغاماً حزينةً من أوتار (شاباد)، وتارةً ترجعُ بي من جديد الى عراق يتشبث بالحياة.. أنهاحقاً رحلةُ سندباد في فضاءات شعرية واسعة..قصائد الديوان قوية الوقع فيها من الكثافة اللغوية ما يختزل فكرتها ومغزاها وهي مشدودة شداً محكماً لاترهل فيها حتى نهاية الديوان.. ومعظم قصائد الديوان سريعة الوصول الى المتلقي لما فيها من وضوح الفكرة وجزالة اللفظ وقوة التعبير وبعضها يحتاج الى أكثر من قراءة لما فيها من الرمزية والكثير من التأويل كما في قصيدة (الكائن:جلجارا).. والقصائد بعد تمتلكُ كل خاصيات الذوق الفني والحس الجمالي حيث يشعرُ القارىء أنهُ أمام لوحاتٍ فنيةٍ وتحف أثرية رائعة.. إن ائتلاف الألفاظ والمعاني جعلَ القصائد ثريةً بالتكثيف الدلالي أو ما يسمى بالانكليزية semantics، هذا التكثيف الدلالي يتصاعدُ الى أقصى مديات الصوغ الشعري…

بختُ في (تغريدات نخلة) عن قصيدة سكرى كحال الشاعر الفرنسي (بول فرلين) القائل: (أحب القصيدة السكرى، حيث يجتمعُ المحدد الواضح بالمبهم اللامحدود..) فوجدتُها في (الكائن: جلجارا)..قصيدة رائعة تجمعُ بين الرمز والملحمة ..أنها ملحمة يتعانقُ فيها (كلكامش) و(جيفارا) لتكون ملحمتين للأثنين..والقصيدة كما قرأتُها-إن كان مصيباً- هي صدى لدعوة (حوار الحضارات) الإنسانية وليست الى صراعها وفيها دعوة لرفض منطق القوة وإدانة الحروب التي تدمر كل جميل.

في (مملكة أبو شعير) نظرةٌ عصريةٌ للديمقراطية في بلادنا برؤيا شعرية. وهي رسالة الشاعر لرفض وإدانة مظاهر التهميش والقتل والتهجير والطائفية المقيتة في بلادنا.. وكأنني بالشاعر يقولُ : (كفى تتلذذُ بتآكل الذات).. وحينَ قرأتُ قصيدة(التمر أقراط النخيل..مهداة الى الشاعر الكبير بدر شاكر السياب) رحلتْ بي ذاكرتي الى جيكور وبويب وتذكرتُ: غيلان، وشناشيل ابنة الجلبي، ومنزل الأقنان. وحين سمعتها من الشاعر في قاعة الحفل تذكرت (أنشودة المطر: عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر) لما في الإلقاء من تأثير ..كانت القصيدةُ ظلا لـ(أنشودة المطر) تجاريها في الصوغ الشعري (والأهمية للظل وليس للون، كما تتراءى العيون الساحرة من خلف النقاب)، كما يقولُ: فرلين…

يكتبُ الشاعر وليد جاسم الزبيدي، قصائد ويرسمُ لوحات تجمعُ بين (زليخا، وزهى حديد، وليلى العطار، وناهدة الرماح، وسجاح، وتاتشر، وكلكامش، وجيفارا، وهمنغواي، وموزارت، وهتلر، ويوسف العاني، وبوشكين، ووديع الصافي، ونصير شمة، وبتهوفن، وصدام، وموسليني، ومحمد غني حكمت، وشيخ النضال، وآخرين..) غير مبالٍ بالزمن، لأنّ لكل منهم حديث…

في قصائد (صبراً عراق، جيش العراق، وفود الشعب) مشاعر وطنية صادقة وفيض من عشق لهذه الأرض المعطاء وصدق انتماء لهذا الوطن.. وفي قصيدة(لستُ.. ولكني) بوح ايديولوجي لعقيدة يؤمن بها بشيء من الأصرار.. وللشاعر وليد جاسم الزبيدي أدواته الكتابية وله أسلوبه وبصمته الخاصة. ولإكمال ايحاءه الشعري لجأ الشاعرُ الى تقنيات حديثة في بناء (قصيدة النثر)، لجأ أولاً الى تقنية (تراسل الحواس) التي يوضحها الدكتور محمد مندور في كتابه (الأدب ومذاهبه) بقوله: (أن تستعير حاسة ما وظيفة حاسة أخرى)،كما استغل الشاعر قدرته في استعمال الألفاظ فاستعمل تقنية (الصورة البديلة) والتي تعني وضع الكلمات في غيرما هو مألوف، واستعانَ الشاعربتقنية (التداعي) الشعرية وفيها تتلاشى الدلالات غير المقصودة كما تتلاشى التخيلات في أحلام اليقظة والتنويم المغناطيسي.

وللموروث الشعبي traditionsنصيب في قصائد (تغريدات نخلة) فالقاريء الحصيف يرى عبارات شعبية تثير الشجون تذكر بالزمن الجميل، ففي قصيدة (رسالة عشق) نقرأ : (يامسية العافية عليكم يا أهلنة) وفي قصيدة (زهى حديد) نقرأ: (ربيتك زغيرون)، وفي قصيدة (التمر أقراط النخيل) نقرأ: (نامت كلوب الناس ..كلبي شينيمة) ..

لم يتجاهل الشاعرُ الزبيدي، العلاقات الاجتماعية في مدينته وقد أخذتْ الصداقة الصداقة عنده مكاناً مرموقاً، فكتبَ التهاني والأفراح والمسرات وكتبَ في الرثاء لمعلميه وأقاربه وأصدقائه من المثقفين..كما أن الشاعر لاينكر التاريخ فكتب في رثاء أهل البيت(ع) فكانت قصائد: (كربلاء، كتيبة المجد، وا حسن، )قصائد رائعة..

وبعد كل هذا قرأت بين دفتي الديوان نقداً أدبياً رائعاً للناقدة (فاطمة سعد الله) من تونس، تشير فيه الى غنى القصائد .. كما قرأت نماذج من النقد للأستاذ باقر جاسم، والشاعر علي الأسكندري، والروائية وفاء عبد الرزاق، والشاعر علي خسباك.. وقصيدة (الرقم 597184) قصيدة قصصية لماتمتلكه من خصائص السرد تناولها بالنقد الرائع الدكتورهاشم المياحي.. وممن أنبهرَ بقوة النصوص وأثنى عليها جل الثناء الناقد المغربي عبد الله بن بريك.. فما عساي أن أقول؟؟؟.. لا أدري أنها مجرد قراءة ..وأخيراً يستفيد الشاعر من خلفيته الثقافية في إنماء ابداعه الشعري مستثمراً انتماءه الوطني في خلق خطابٍ شعري متميز…

الدراسة الثالثة

تجليات الشاعر في تغريدات نخلة
October 29, 2014

صور عالية الجودة تخرج عن المألوف النظمي

تجليات الشاعر في تغريدات نخلة

فاطمة سعد الله

تونس

صدرَ عن المركز الثقافي-دمشق ديوان (تغريدات نخلة) للشاعر العراقي د. وليد جاسم الزبيدي،بـ(223) صفحة من النوع المتوسط، وهو الإصدار الثامن للشاعر. وقد تضمن الديوان قسمين: الأول نصوص من قصيدة النثر والتفعيلة، والثاني: القصيدة العمودية. وتوزّعت أبوابه ومواضيعه بين الوطني، والغزل، والرثاء، والتهاني…

الرؤيا في ديوان (تغريدات نحلة).. متماسكة والشاعر ثري بتجربته الفردية والجماعية زاخر بالحياة ..انه يعيش تفاصيل حياته وحياة من يحيطون به فيهنيء هذا ويؤبن ذاك ويرثي آخر وتبكي حروفه بدموع الصدق والحرقة…اعتمد على معجم متميز وأبجدية متفردة تغرف من الواقع طورا ومن عمق التاريخ والأسطورة أطوارا أخرى لذلك يطفو الواقع بكل تجلياته وتقاطعاته بصيغ مختلفة منها ما يتكيء على الماضي ومنها ما يمتح من الحاضر ومنها ما يرسم مسارا مستقبليا منشودا لا لمستقبله كفرد بل كوطن مستقبل العراق ككل ..

ايقاعات الديوان/

كم من قصيدة تبرّكَ القاريء بما حملته من أغمار الدهشة وكم من سطر ماس على ايقاعات التساؤل وتحفيز الفكركما تنوعت التيمات التي يشتغل عليها الشاعر وليد جاسم الزبيدي كالماء والشجر والاثار كلها تصب في قلب بغداد العشق والحضارة …ومن خلال ما يعيشه العراق من أتراح ودماء وأشلاء نلمس الحاح الشاعر على توجيه النداء الى انسانية الانسان لعله يثوب الى رشده فيرأب الصدوع وتعود الحياة الى بغداد ..الى العراق كما كان وكانت على سجيتها :روائح المشاوي والمقاهي التي كانت تعج بالأخدان والخلان يعطرها الأدب والطرب تلك التي صارت أوكارا للارهاب والقتلة .

انه الشاعر العراقي وليد جاسم الزبيدي هو ليس شاعر مناسبات ولا شاعر اخوانيات ولا شاعرا مختصا بغرض واحد من أغراض الشعر بل هو كل ذلك معا هو شاعر الوجدان والاخوة والوطن وهو الحاضر ماديا ووجدانيا وقريحة .

وليد جاسم الزبيدي تتفطر ذاته ألما عند وفاة أحد الأصدقاءأو أعلام الثقافة الذين قدموا رحيق أرواحهم وأفكارهم شموعا أضاءوا بها الساحة الأدبية خاصة والفكرية عموما لذلك كـــــان يـــــبادر ببكائهـــم دمعا وحرفا..كما ترقص نفسه فرحا وحرفه جذلا اذا أحرز أحدهم نجاحا أو ترقية أو سبقا فيهرع مهنئا فهنيئا للصداقة والاخوة بروحه الانسانية العالية ومشاعره الصادقة الصدوقة …قلمه مدراروحرفه خصب يرسم بالحرف ويلون بالمشاعر ويوقع بايقاعات الأنين طورا والأفراح حينا طوع الحرف بين أصابعه فكان يأتيه بلا تردد كلما استدعاه فكان كما قيل :”أتته الكلمات تجر أذيالها :

فكانت له وكان لها”

فهيا معا نلج بساتين الحرف المزهرة رغم الاحزان المبهرة رغم الاتراح ..

الرّثاء /..

المثقف العربي يعيش منسيا عموما وفي فقر مدقع ولا يعرف ولا يكرم ولا يعترف بجهوده الا بعد موته كما لو كان تحسيسه بقيمته والعرفان له بالفضل أثناء حياته محرما وممنوعا أما اذا مات فيعلو صيته وتلهج الألسن بذكره وهذا ما صوره القصاص التونسي علي الدوعاجي 1909ـــ1949 في بيتين شعريين باللهجة المحلية التونسية:

عاش يتمنى في عنبة ….مات جابولو عنقود

ما يسعد فنان الغلبة……الا من تحت اللحود

وهذا المعنى صاغه الشاعر الزبيدي بقوله في تأبين العلامة الدكتور علي جواد الطاهر رحمه الله:

هو ديدن أن نحتفي في راحل ….والحي نمنع وصله بعناد

كم وافد يحط رحاله……………في الندوة الجلى بثوب حداد

لو يسألون أزرتموه وما درى…..فضح البيان مزاعم الانشاد نعم تواردت الخواطر بين الشاعرين فصورا نفس الحالة والفاصل الزماني والمكاني بينهما شاسع وما ذاك اللقاء الفكري الا لان التجربة صادقة لديهما .كما أن الشاعر يفضل الرثاء عن المدح ولذلك كثرت مراثيه وهاهو في مرثية الشاعر أحمد عبيد الحربي يفخر بالرثاء مفضلا اياه عن المدح والغزل بقوله:

أفنيت عمري في الرثاء ولم أزل ….والغير يمدح أو يطوح بالغزل

يؤمن الشاعر بما في الرثاء من صدق فلا يرجو الراثي نوالا كما هو الشأن في المدح ولا وصالا كما هي الحال في الغزل …وهاهو يشيد ببعض مناقب الراحل كالتفاف الأدباء حوله في المجالس الأدبية أو ارتجاله للبيت على عجـــل :

“بالأمس يكتب للقوافي ناره”وهاهو يذكر المقاهي الأدبية وما كان لها من فضل في الجمع بين الأدباء والفنانين وتوفير المناخ للابداع و التألق :

قل للمقاهي كيف ضج لقاؤه….ولصورة رسمت لبيت في عجل

وهذه مرثية أخرى وردت على البحر البسيط بعنوان صبرا عراق وهي مهداة الى روح شهيد الثقافة العراقية الأديب قاسم عبد الأمير عجام رحمه الله ..يذكرنا العنوان بالقولة المأثورة عن النبي صلوات الله عليه :”صبرا آل ياسر فان موعدكم الجنة” وهذا ما يضيء لنا جانبا اخر من ثقافة الشاعر الدينية وحسن توظيفها ..ويستهل القصيد متوجها الى العراق عامة داعيا الى التصبر والتأسي معرجا على الحكمة موظفا أسلوب الشرط لأن المجال يحتاج الى الرصانة والحكمة وهناك اشارة الى قيمة الشهيد الثقافية الى درجة تجعل الفصول تفقد وظائفها وخصائصها برحيله .

تأبى الفصول حياة بعد سيدها……تحنو اليك وأنت الأخضر السبق

من للربيع فجدب ساقنا زمنا …….شحت سنون فهل قطر وهل عرق

نلمس حرارة الاحساس بالفقد فالخطب جلل فالراحل رفيق درب وصديق قلم وعلم من أعلام الوطن فاغتياله كان غدرا ورغم شدة الحزن التي يطيش لها العقل فان الشاعر وجد مجالا للكناية وجمال العبارة في قوله من للربيع ؟فالراحل أبو ربيع كنية وتوظيفا فهو سيد لعائلة وسيد للفصول لذلك فقدت الطبيعة توازنها بفقده.

كما انه لم يغفل الشاعر القدير الشاعر المغجزة بدر شاكر السياب رحمه الله فخلد ذكره في هذا الديوان بقصيدة عنوانها التمر اقراط النخيل وصدرها باهداء الى السياب كما رصعها بعبارات منتقاة بذكاء من شعر السياب كعبارة : مطر او جيكور او الغريب اشارة الى قصيد السياب: غريب على الخليج وهي من اروع ما كتب السياب صياغة ومن اعمق ما صوره مشاعر للغربة و التوق الى الوطن والعجز عن اجتياز حدود الغربة والفقر رغم تلامس العراق والكويت ترابيا ومن هذا القصيد قول الزبيدي :

جيكور دقت بابه

في منزل الاقنان ينساب الوتر

صمت النخيل التمر اقراط النخيل

صمت النخيل..التمر اقراط النخيل

هجرت شواطئها المحار

بات الغريب على الخليج

قميصه ليل انتظار

-ناهدة الرمّح ونصير شمّة/..

وكما اهتم الزبيدي بالاموات اهتم بالاحياء وكما كرم الشعراء لم يحرم الفن بصفة عامة من التكريم مسرحا وموسيقى فهذه ناهدة الرماح تنال نصيبها من التكريم ليس “اسكار”او بساطا احمر وانما شعرا عبارة على لآليء منثورة كما اغنى تلك القصيدة التي شرفها باسم الممثلة عنوانا باشارات روحية كثيرة تدل على كونها وهبت حياتها للفن المسرحي ومنها قوله:

فوق خشبة تطيرين نحو

كوكب يغني يا نجمة

يتبعك الضوء.. الطيور.. المطر

كما انه آل على نفسه الا يحرم العود ونصير شمة من هذا الاهتمام بالفن والفنانين فافسح له المجال نصير شمة عازف العود ذاك العراقي الاصيل الذي خلّد بشاعة العدوان الامريكي على العامرية باروع معزوفة ملتزمة حملها رسالة فضح للعدوان واستنكار له كانت الانامل من خلالها تستنطق الاوتار فسمعنا وكدنا نرى الجرحى سمعنا الطائرات تحوم فوق ملجا العامرية وسمعنا المياه تختلط بالصراخ والاستغاثة وسمعنا الجرحى يئنون لله در العود ولله در الانامل التي انطقته لذلك رأى الزبيدي انه يحق لملك العود ان تخلده القصيدة :

نصير شمعة قد تذوب أو

تطرد الظلام

نشم رياح الصبابة المعجونة بمقام الصبا

ولا يخفى على القاريء هذا التمكن من اللغة وامتلاك ناصيتها في توظيفها للكناية على الاسم واللقب والمجال الفني.

-الصوفية/..

كما ان الشاعر الزبيدي اراد ان يكون غزله دافئا فهو ايضا اتبع الطرافة والتفرد نهجا واسلوبا فهاهو في قصيد “عيناكِ” يصور العالم منشطرا منفجرا شظايا متأثرا بما يحيط به من أحداث في العراق او خارجه “والادب ابن بيئته”ولكن المميز في هذه الصورة هو انه تشظِ جميل لأنه يحيل على التعدد والتنوع ..وصف العيون بكل صفات الجمال والابهار فهما عينان فاصلتان واصلتان تفرقان وتجمعان .توحدان الأمم وتجمعانها على كلمة التوحيد الألهي انها صورة للابداع بكل المقاييس ابتكارا ووهجا وصياغة :

العالم ينشطر عند عينيك شرقا ..غربا

شمالا ..جنوبا

وعند عينيك تتوحد أمم ..تؤمن

بوحدانية الخالق

هما في نهاية الامر عينان متفردتان آيتان فريدتان ..هما مرآة ينعكس عليها قلب الشـــاعر النابض وعشــــقه المتمكن مــــن الجــــوارح ..هــــما:

ينعكس في مــــرايا عينيك

عشقي ولا يمكنني ان اخرج من هذه الجولة الموجزة بين ردهات السطور متنسمة عبق المشاعر والمواقف الا بالتنويه الى اجمل قيمة قدسها الشاعر وهي حب الوطن العراق بكل انحائه يسكن نبضة من نبضاته ويستحــــم بكــــل قطرة دم تنساب في اوردتــــه

ففي قصيد “نيسان”تتحد المراة مع المدينة وتذوب المدينة بغداد في عطر الحبيبة وعشقها ..خاطبها متحديا ان تقدر على نسيان عينيه لانهما تحملان الفجر والحرية ورموز العراق عامة وبغداد خاصة ..النخلة الزيتونة والحرية:

لأنك أول فجر أبيض

أول درس للحرية

أول حب يحمل خارطة الأحلام

لكنك في ذاكرة الشط النخلة

وفي ذاكرة التمر..الزيتون

صوت يعلو في المذياع

هنا بغداد ..هنا العراق


وتمتد وطنية الشاعر من الوطن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق