الأحد، 30 أكتوبر 2016

خاطرة / للاستاذ محمد رشاد محمود / مصر

(خاطِرَة)
(1) هذا التُّراب منبَتًا للبذر ، ومُمسِكًا للجِذع..
هذا التراب مُرضِعًا للجِذر ، ولَحدًا لِلشِّذَب ..
هذا التُّرابُ إنسانًا في قَبضَةِ الخالِق ، وفَخَّارًا بقبضَةِ المَخلوق .. 
هَذا التُّراب حَياةً بِقُدرَةِ القَديرِ ، وحِليَةً بِحيلَةِ العاجِز .. 
هذا التُّرابُ مَرتَعًا لِلدُّودِ ، ومَسرَحًا للنِّمالِ ، وسِترًا فَوقَ التِّبرِ والماسِ والفَحْم والوَقود ..
هَذا التُّرابُ هَباءً في الشَّمسِ ، ودَقاقًا بالصَّخرِ ، وصُخورًا في الطَّوْدِ وطَودًا في الصَّحراءِ ..
هذا التُّراب .. متَى يَستَريح ، وأنَّى يُريح ؟!
(2) هذا التُّراب رَهاجًا في الحَرب ، وخِصبًا تحتَ المَطَر ، ونَفحَةً في مَهَبِّ الرِّياح ، وقَعرًا في مَدَبِّ السَّيل ..
هذا التراب قُبَلًا على شَفَةِ الشَّاطئ ، ورُجومًا في الزَّوابِع ..
هذا التُّراب أرضًا وسَقفًا وجِدارًا ، ولَوحًا وتِمثالًا ..
هذا التُّراب ذَرًّا بالعِظام ، ورَفاتًا بالقَبر 
ومآلًا لمُقلَة الغادة ودودَةً في المُقَل
هذا التراب ساحَةً لِلبَدء ، وسِتارًا لِلخِتام 
متَى يَستَريح ، وأنَّى يُريح ؟!
(3) هذا التُّراب كَهارِبَ تَتَشَظَّى ، وسُدُمًا تَمور ..
وشُهُبًا تَسَّاقَطُ ، وشموسًا تَدور ..
هذا التُّراب مَرتَعًا للبَحْر ، ومسقَطًا لِلغَمام
وَممْرَحًا لِلنُّورِ ومَهبِطًا لِلظِّلال 
وساحَةً لِلكَرب ، وَواحَةً لِلوَجْد
ومَعرِضًا للبِشر ، وحِطَّةً لِلكآبة ..
هذا التُّرابُ هادِمًا وبانيًا ، ومانِحًا وباخِلًا
وقاتِلًا ووادِعًا ، وماجِنًا وَوَقورًا
وصَحيحًا وعليلًا ، وسَمينًا وهزيلًا
ومُجِدًّا وخامِلًا ، ومُقيمًا ومُقعِدًا 
ومُلِثًّا وراحِلًا وصاعِدًا وهابِطًا
هذا التُّراب .. متَى يَستَريح ، وأنَّى يُريح ؟!
(مُحمد رشاد محمود)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق