السبت، 29 أكتوبر 2016

ملف خاص بموسوعة المبدعين العرب والأنسانية جمعاء / للاديبة المبدعة منور ملا حسون / العراق

الأديبة /  منور ملا حسون                                                                                           
الاسم / منور حسين عبد الوهاب
تشتهر
باسم (منور ملا حسون) في الأوساط الأدبية والصحفية .
الشهادة / دار المعلمات / كركوك 
بكالوريوس آداب / قسم اللغة العربية / الجامعة الحرة

شاعرة ـ وكاتبة تكتب باللغتين العربية والتركية . من نتاجاتها الأدبية /
1ـ (حزن بلا حدود) مجموعة شعرية باللغة التركمانية ..
2ـ  (مرافئ ضبابية ) مجموعة شعرية باللغة العربية ..
3ـ  (قراءات ورؤى) باللغة العربية / يتضمن دراسات ومتابعات لدواوين الشعر والرواية والقصة المنتقاة .
4ـ مجموعة شعرية مشتركة (9 شعراء من كركوك) / باللغة العربية .
5ـ مجموعة شعرية باللغة العربية  (طلاسم العطش ) مع ترجمتها الى التركية وبالأحرف الحديثة ( تحت الطبع ) في وزارة الثقافة والإعلام .
* تم اختيار قصيدتها (انشطار) ضمن مجموعة شعرية مشتركة بعنوان ( رفيف الثريا ) لشاعرات العراق وهي من منشورات منتدى نازك الملائكة/ الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق .
* أعدّت  للمكتبات المدرسية كتابا عن موجز تاريخ التركمان في العراق بعنوان ( تاريخنا المجيد ) .
أصدر الناقد المعروف ( علوان السلمان ) كتاباً نقدياً عن نتاجاتها الأدبية بعنوان ( منور ملا حسون وفضاءاتها الشعرية) .
 كما وأصدر الدكتور جمال خضير الجنابي كتابا بعنوان (مستوى الأداء اللغوي وفضاؤه الدلالي عند .. الشاعرة منور ملا حسون) يتضمن دراسة تحليلية للمجموعة . 
وقد أُدرجت المديرية العامة للمناهج في وزارة التربية سيرتها الذاتية مع قصيدتها (الجرح) ضمن مفردات منهج الأدب والنصوص لمرحلة الثالث المتوسط الطبعة الأولى 2013 أما مقالتها الأدبية (قلعة كركوك ..بين الحضارة والتراث) فقد أُدرجت ضمن منهج الأدب والمطالعة ) للسادس الإعدادي الطبعة الأولى 2013

بعض المصادرالتي تناولت سيرتها الذاتية ومشوارها الأدبي والصحفي                                                                                   
1ـ تم إدراج سيرتها الذاتية  مع نص شعري في ( انطولوجيا الشعر العراقي الحديث) مع 100 شاعر عراقي وباللغتين العربية والإنكليزية .
2ـ  الأدباء التركمان في العراق / تأليف قاسم صارى كهيه 1987 بغداد
3ـ أديبات التركمان المعاصرات / تأليف فاروق فائق كوبرولو/ 1993  بغداد
4ـ موسوعة أعلام كركوك / تأليف عزالدين المحمدي / بغداد / 2007
5ــ معجم الأديبات والكواتب العراقيات في العصر الحديث / تأليف جواد عبد الكاظم محسن/2004
6ـ الصحافة التركمانية في العراق بين قرنين 1911 تأليف ـ 2006/  د . نصرت مردان/ 2010
7ـ المرشد الى صحافة كركوك 1911ـ 2011 / تأليف صباح البازركان /2013
8ـ كركوك في مرايا هؤلاء الشعراء والأدباء / تأليف وحيد الدين بهاء الدين /2013
9ـ وجوه تركمانية في رحاب الثقافة والصحافة / تأليف وحيد الدين بهاء الدين /2013
10ـ نظرة في الشعر التركماني الحديث / دراسات ورؤى نقدية / تأليف د. فاروق كوبرلو
11ـ تم نشر قصائدها مع سيرتها الذاتية في (الموسوعة الكبرى للشعراء العرب 1956ـ 2006) والتي صدرت في الرباط  وهي من إعداد الباحثة والشاعرة المغربية فاطمة بوهراكه
12 ـ معجم المؤلفين التركمان /من 2004ـ 2014الجزء الثاني /2015تأليف حسين سوزلو
13ـ KERKÜK Şairleri) (أي / شعراء كركوك / تأليف د . شمس الدين كوزه جى
14ـ زوابع الخريف / تأليف نجيب سليم آل جعفر
15 ـ ( Nevruz Çiçekleri ) أي زهور نوروز / تأليف د . شمس الدين كوزه جى
16 ـ شخوص ونصوص / تأليف /  وحيدالدين بهاءالدين
17ـ ( Solmayan Papatyalar )أي / أقحوانات لا تذبل / تأليف د . شمس الدين كوزه جى
18ـ كركوك قيثارة الشعراء / تأليف بهجت غمكين
هذا وقد كتب العديد من الأدباء والنقاد والدارسين دراسات تحليلية عن مجموعتها الشعرية ( مرافئ ضبابية ) في الصحف والمجلات أيضاً داخل العراق وخارجه .
مقالات نقدية لنقاد وأدباء  تناولت نتاجاتها الأدبية
في الصحف والمجلات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ منور الملا حسون / شاعرة الوجدان والومضات الفكرية / وحيدالدين بهاء الدين
2ـ قراءة في تاريخ صحافة مدينة كركوك ونتاجها الأدبي (المجموعة الشعرية ـ حزن بلا حدود ) نصرت مردان / مجلة تراثيات / لندن 2002
3 ـ منور ملا حسون زجاجة عطر مسفوح / قحطان الهرمزي
4ـ منور ملا حسون ـ الموقف والإخلاص في العطاء / أنور حسن موسى
5 ـ  " مرافئ ضبابية " رحلة لاقتناص المجهول / صباح الأنباري /جريدة العراق / العدد 7740 في تشرين الأول 2002
6 ـ رحلة كاشفة في " مرافئ ضبابية " / د . سامي إبراهيم النعيمي
7ـ الذهان الشعري في ديوان مرافئ ضبابية / قحطان الهرمزي
8 ـ قراءة في قصائد الشاعرة منور ملا حسون  / فوزي أكرم ترزى
9 ـ مرافئ ضبابية ودكتاتورية الزمن / أنور حسن موسى
 10 ـ مرافئ ضبابية وتجاذبات الشعر / د . سامي إبراهيم النعيمي
11 ـ وقفات عند (مرافئ ضبابية ) / يعقوب أفرام منصور
12 ـ منور تنير مرافئ ضبابية بإشراقة قصائدها / د . كمال غمبار
13 ـ  دراسة نقدية لمجموعتها الشعرية ( حزن بلا حدود ) باللغة التركمانية / غازي النقيب
14 ـ الشاعرة منوّر ملا حسون فَراشةُ تطير بأجنحة  الشعرِ والأدب../ ابراهيم قوريالى
15ـ منور ملا حسون .. القصيدة لديها دريئة تلوح بها لتقتحم مرافئ الضباب  / فهد عنتر الدوخي
16 ـ نظرة إئتلاقية في مرافئ ضبابية / كريم إينا
17ـ  ( مرافيء ضبابية) والتعبير عن الازمنة / علوان السلمان
18/ دلالات اللون في مجموعة الشاعرة منور ملا حسون (مرافئ ضبابية) محمد حسين الداغستاني .
19 ـ سمتا الاخضرار  والروح في بنية قصائد منور ملا حسون
في مجموعتها مرافئ ضبابية / عدنان ابو اندلس
20 / مدخل الى ادب  منور ملا حسون / د. سامي النعيمي
   21ـ حضور الذات  والذات الجمعي في (طلاسم العطش) علوان السلمان
22 ـ مرافئ ضبابية .. الخوف من الجغرافية ,وحيرة الانصهار/ سالم محسن
23 ـ التعبير عن الذات ومحاكاة الواقع في(الا...هذه) علوان السلمان / دراسة نقدية للقصة .
24 ـ نافذة مفتوحة على ( طلاسم العطش ) وحيد الدين بهاء الدين
25 الومض الشعري واتساع  مدى المعنى / علوان السلمان
26ـ منور ملا حسون ظاهرة إبداعية جديدة في عالم النقد المسرحي / قحطان الهرمزي
27ـ الحب في ديوان (مرافئ ضبابية) جريدة العراق/ العدد7703 في أيلول 2002
28ـ التقاط الدر من واحة الشعر / نزار السلامي
29ـ الشاعرة والأديبة والصحفية منور ملا حسون / حازم ناظم فاضل
30ـ  أشرعة منور الوردية ومفرداتها الحالمة / عبد صبري ابو ربيع – بغداد

هذا إضافة الى دراسات ومتابعات لأدباء آخرين منهم (الأديب الآذربايجاني / إسكندر إعتباري ـ الأديب التركي / د.عيسى قاياجان ـ الأديبة التركية / زينب سوتجو أوغلو ـ الأديب نجاة محمد طوزلو ـ الدكتور صباح نوري المرزوك) وآخرون ..

****************

ـ  فازت بالمرتبة الثانية على العراق في مسابقة جائزة نازك الملائكة للإبداع الأدبي النسوي عام 2010 والتي شاركت فيها شاعرات عراقيات من داخل وخارج القطر .
ـ فازت قصتها (Düne Yolculuk) أي (الرحيل الى الأمس)  والتي شاركت بها في مسابقة (Kaşgarlı Mehmut) للعالم التركي للقصة عام 2010.. كما وفازت قصتها ( Son Öpücük  ) أي (آخرُ قُبلة) بالمرتبة الثانية أيضا في مسابقة (Kaşgarlı Mehmut) للعالم التركي للقصة عام 2014 .
 ـ حظيت بتكريم معالي وزير الثقافة ضمن تكريم المبدعين من الأدباء والمثقفين في العراق .
 ـ كرمت من قبل وكيل وزير الثقافة لمشاركاتها في فعاليات كركوك عاصمة الثقافة العراقية عام 2010 .
 ـ تم تكريمها ولعدة مرات في يوم المرأة العالمي ضمن تكريم المديرية العامة للتربية (للمرأة المتميزة ) في احتفالية خاصة بالمناسبة .إضافة الى تكريمها من قبل رئيس مجلس المحافظة .
ـ نظمت لها جهات أدبية وثقافية جلسات واحتفاليات تكريمية منها (البيت الثقافي/ دائرة العلاقات الثقافية في وزارة الثقافة ـ المركز الثقافي والإجتماعي في كركوك ـ الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق فرع كركوك ـ جمعية الهلال الأحمر العراقية .. وعدد من منظمات المجتمع المدني ) .
ـ حظيت بتكريم معالي رئيس الوزراء عن قصيدة ألقتها في مهرجان المربد التربوي في الكوفة . والذي شارك فيها الشعراء من المدرسين والمشرفين التربويين من مختلف محافظات القطر . 
ـ حازت بدرع العطاء من دار النقد الإبداعي  2016
ـ شهادة المنجز الإبداعي والتميز ..من الرابطة العربية للآداب والثقافة .

***************


1ـ عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق
2ـ نائب رئيس منظمة  أدباء تركمان العراق . عضو مؤسس
     3ـ عضو منتدى نازك الملائكة في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق   
  4 ـ عضو اتحاد أدباء العالم التركي .
   5ـ عضو الهيأة الاستشارية في البيت الثقافي / كركوك ـ (دائرة العلاقات الثقافية العامة ـ وزارة الثقافة .
6 ـ عضو الرابطة العربية للأداب والثقافة .
7 ـ عضو التجمع العالمي للشعراء  العرب.
8 ـ عضو الواحة الدولية للفنون والآداب .
9ـ عضو اتحاد الأدباء الدولي / المركز العام / أمريكا
ولها مشاركات عديدة في المؤتمرات والمهرجانات القطرية والدولية في مجالات الأدب والصحافة والتربية .. هذا إضافة الى مشاركاتها الفاعلة في ورش العمل كونها ناشطة في مجال حقوق المرأة .
أما في المجال الصحفي /
تولّت رئاسة تحرير مجلة (لآلئ كركوك) مجلة نسوية اجتماعية عامة و(جريدة القرار) جريدة ثقافية عامة ومجلة ( يلدز ) مجلة نسوية ثقافية عامة 
النصوص *************
إختزال ...
منور ملا حسون
1
- ليلٌ يرتدي السواد
لا فجر في الأفق ينتظره !!
ليل.. بنجوم عمياء يسقيني،
لحظاتِه المرة... وكلَّ ما هو أُجاج.
وشواطئُ شوقي،
حُبلى بأوجاع السنين،
تئن وتجتر آلاما منسية .
روح هائمة في متاهات بعيدة،
تتوق الى سفر نحو المجهول ..
وصبري المحتضر،
تغربله أناشيد الزمن الدامي،
ويومئ سكونه الحدادَ على ما جرى .
ومن ثنايا ذلك السواد
ألمح أيام مرارتي الرهيبة ،
وكأنها في حالة اختزال .

2- دار الزمن على حين غرة،
ومن خلف جبال الصبر،
تعالت بشائرُ فجر جديد
خيوطه تنسج شعراً وأغنية ،                              
تنثرها في وجوه
النجوم الناعسات ..
كي تصحو، كي تشهد
لحظاتِ تفُّتت قيود الأسر،
التي كانت تشد أحلامنا الصاخبة .
ها أنذا.. أرى ،
بخشوع العابدين .. يصلي الشجر
والبرعم يتفتق،
ووردةٌ تترنم:
وداعا عذابات السنين.
وأذني تلتقط زغاريدَ العذارى،
تبدد غبار هواجس الأنين المكتوم ..
آنَ أنْ نعبر،
بمجاذيفنا المحطمة
بحارَ رعبنا القاتم ،
وأن نعتلي أسوار البحار،
لنرى أشجارَ الياسمين
تلملمُ الورود ندية
تصوغها قلائدا،
لجيد الأيام الآتية ..
وغصونها تورق قصائد ،
تحمل خُضر المروج
تزفها أقماراً سمراء ،
وساما على صدر الألق .
وأنا زورقٌ
يرقص غبطةً على وجه الماء ،
في غفلة من عيون الزمن .
فها انا معه
نجمان تاه عنهما الطريق .. فما أعذب الرفقة !
وما أحلى الدروب !!
حين نتيه معا،
 وزادنا الشعرُ
ودفءُ الصمت
وأنفاسُ الليل الأخضر...!
إن عُدتّ يا حسين !!
منور ملا حسون

حين يُرجم الحقُ ..ويستيقظُ الغضب ..!
تُطلق الآلام صيحتها .
وحين يغيب الفجر عن صباحاته ،
يغتسل التراب بالدم...
فتصهل الجياد ..!!

مهجة ُالكرار، هبَّ ..
يقتفي دروبَ الحق
غير مبالً بجرح و دم .
يا حسين
 يا سيد الشهداء ،
أردتَ أن تملأ الأرض
عدلاً وقسطا ..
حين كانت من الجور تئن .
ظمئتَ
 حتى غدا فؤادُك
يذيبُ الصخرَ الأصم !


رغم جراحك الراعفات ..!
هدّأتَ روع َسُكينة
وحين أصبح التراب كحلاً لزينب..!
مسحت عينها
والبسمةُ المحمدية على محياك ..
كنتَ صرخة !!
تتحدى الجراحات
و نداءً يوقظ صمت المغلول ..
فأصبحتَ
سفرا خالدا في ربوع الكبرياء ،
ورايةً .. ألبستْ الحق وهجَ الخلود !
فاستحالتْ نداءاتك ،
 للحق نشيداً
وللزمن مجداً ..     
و في كل موكب ،
 لواءً خافقا ..
لم يزلْ جرحك طرياً
تنتشي الملائكة من عطرهِ ..
إن عدت يا حسين كَرّةً أخرى ..!!
لرأيت ..
وجوهاً غادرها البهاء ،
رداؤها الأقنعة ..
وسُحباً .. غطّتْ وجه الشمس ،
                  والدمُ سائحٌ على وردة الحياة ..
عدْ يا حسينُ
وحطّمّ سيفَ كل ماردٍ
يقطع أنفاس الفجر!!
ويئدُ خُضرَ المروج ..
واسحقْ
 قيودَ الزمان
لتمسح ظلمة الليل
كي تهب الحياةَ .. للحياة

يا شهيدا ..
تدمعُ القوافي له وتهمس :
سلاماً.. على قلبٍ
مازال في ذاكرة الزمان
بالخُلد ينبضُ .
سلاماً على أرضٍ ..
لدم الشهادةِ تخشعُ
سلاماً على روحٍ ،
كغيمةٍ خضراءَ !
تهطل على ثرى الجنان
راضيةً مرضية...

بوح
منور ملا حسون

حين ألامسُ ،
ظلَّ الأمسِ...
تشهقُ أشعاري
بَوحاً
لقواميس الزمن ...

                                       ***
بقايا أشتات صحائفك
تختزل أيامي !!
في هذا الزمن الصدئ ....

                                       ***
على أجنحة الأيام
تناثرتْ كلماتك !
لأنكَ
نسجتَ لي قصائدَ
استعرتَ خيوطها ،
من بيت العنكبوت !!
حين رحلت...!!
منور ملا حسون

حين رحلتَ ....!!
في ظلال الهدْب
خبّأتَ همسَ الحكايا..
ذبحتَ لغةَ الأحلام
في الصمت الخجول...
حين رحلت..!!
شدّتْ الايام أغلالَ القيود
على الروح العذراء،
وافترش سكونُ الوحشة
مرقدَ الاماني...
ومع الرحيل..!!
أوصدتَ منافذَ القلب ..
فاحتضرتْ في مهدها،
 قصةُ عشق الأسيرة
للسّجان..!!
وغدتْ الأيام
تطحن عمرَ الحاضر والآتي .
بعد الرحيل..!!
لم تتخلَّ عني
هلوساتُ أنانيتي
وانفجاراتُ أشجاني،
في البحث..
               عن رفات
                                   حروفنا المتناثرة
رحلتَ.. ولملمت الوانَ الفصول،
أودعتها.. في حقائب الذكرى..!
ومع الرحيل..
تشتّتتْ طموحاتي
وكـ( نبتون)(1) أنذرت رياحي،
أن لا تثور.. !
ولم تُبقِ لي ..
إلا ضجيجاً صامتا
وترقباً لانفتاح
بوابات اللاعودة .

ذاكرة الأنين
منور ملا حسون
بصمت الطقوسِ
يلتهبُ شمماً ،
ويحكي أصداء الفصول التي ،
تُشعل القوافي وتئدُ ألحانها ..
وأنا أسجد لألمه
والملم لغاتِ الحزن في حضرته !
أراه شاحباً
سيد الكلمات ... العراق !!
وأمواج الدمع تتلاطم في عينه التي ،
ترى.. ولا ترى
وهو ينسج في ذاكرة الأنين
محطات حزنه على أثوابه التي ،
قُدّتْ من دُبُرٍ !
زلزلةٌ أخرى .‍‍‍‍‍‍‍‍.‍
أيقظت سفر الجراح من غفوتها ..
ورشّتْ على الماء لهيب جُرحٍ ،
ينزف غضباً في حضن التاريخ ..
مطالع القصيد وقوافيه .. العراق
 يسألني :
منْ يعيدُ ألوانَ فجري لفجري ؟
من يجمع أوصال خارطتي ؟
ويعيد سرب الحمائم قبل أن يُغتال ,
في طرقات ذاكرتي ؟

بأناشيد الحزن يسألني !
ليوقظ في ذاكرة الأيام
قصائد السيّاب ..
أرضي الثكلى ..
الحبلى بأوجاع السنين تسألني :
مَنْ عرى زمني ؟
وزرع الليل .. في زَهو نهاراتي ؟
مَنْ سرق السكون من مداراتي ؟ !
حتى اغبرتْ الحكايا
ومواعيدُ الحب على الجدران
فاستُشهدت أغاني الشعراء .. !
ربما تتعب يا سيد الكلمات.. يا عراق
لكنك سترتدي الحق ،
لتمتشق الألقَ الآتي
وتقاسم حلمَ الغريب اللاغريب ..
فنرتديك كفناً
لنعلن بدء ميلادكَ من جديد....


حلم الفقراء

منور ملاحسون
 حين يصدأ العدل ..!
أرى
أسرابَ السنونو تهجرني ،
دون أن تحمل معها تعاستي !
فأحلم مع الفقراء
بالقرنفل يناديني ..
وفي جوف الظمأ
أرى سنابلَ القمح ،
في رمال الصحراء تزهو ..
إذن ..!!
من أين يحاصرنا الجوع
أيها الفقراء ؟!
ما دام لجوعنا.. لونٌ أسمر
كلونِ ثرى وطني ..؟!





سيدة الكبرياء
                                                                  
                                                             منور ملا حسون
وجهٌ..!
يعاني السنين
ويغالبُ الدمعَ ...ليدفنَ الأسرار .
وفي غياب البهاء..!!
تكسرتْ فيه الأحلام
ليهزأ الصمتُ منه .
أعلمُ
انكِ مللْتِ من رائحة الأحزان . .
هيا انهضي ... عراقيةٌ أنتِ
هيا امنحي سرَ نبضكِ للمدى
لتُرضعي قرصَ الشمس إشراقَك ،
واعتلي صهوةَ العُلى ،
لتُبحري نحو الحياة.

يا أثمنَ جوهرةٍ
تتوج أيام (قيسها) بالوعد والاحتماء.
وبزهو الروحِ
تنسجين له أحلى الكلمات.
ولكي لا ينكسر حلمُه
تُجبرين الشمس على الشروق
في قلب توأمكِ الروحي..
يا نخلةً شمّاء !
ابعدي شجرةَ التفاح عن روضكِ !
كي لا يحينَ لأدمَ أوانُ الخطايا .
هيا!
هِبي له يا (بلقيسُ) بهاءً
قبل أن يرتدَّ إليه طرفُه ..
في لحظة مثقلة ..!!
فتضطرب خُطاه ..

يا سيدةَ الكبرياءِ ...
تجولُ عيناكِ على قلق
وأنتِ تزرعين الخوفَ والجوع في التيه!
لتزفّي للوطن .. نشيدَ الآتي  ..
أناشيدَ ، تترنمين بها ،
فيستيقظ ُالشهداء
ليصدحوا .." عشْ هكذا في علوّ أيها العلم "
يا لبوةً تُرضعُ أشبالَها
صبرَ أيوب والزّهو اللاينتهي ،
ليسمو بأنامل غضة ٍ
وطناً بالشهادة يزدهي  .
يا سنبلةً
لا تخاف العصفَ و العطشَ ،
يا سنبلةً .. ملْآى بشعاع اليقين  ..
انحنيتِ تواضعاً
فرسمتْكِ أصابعُ الشمس
طيفاً أبديا..
لوطن تُنشدين له قصيدةً خضراء .
وإنْ رُميتِ بحجرٍ..!!
تمنحين أحلى الثمار .
هيا ..
هيا افتحي نافذةَ القلب
وامسحي حزنَ الأيام
من عيون العراق   
      يا ابنةَ العراق

وريقات
منور ملا حسون
 1
أراك صامتاً
تنتظر لهاثي..!!
إنّ مَنْ يريد لؤلؤةً
يُحرق البحر...كي..!
يعتقها من محارتها .
2
 كي تملأ الأيام... شعرا
إما أن تكون سحابةً خضراء
تُمطر كلماتٍ خضراء .
أو أن تكون عرّافا
يتكهن بما تأتيه الأيام .

3
لمْ تستطع..
حملَ ما أبتْ الجبالُ حملها،
أفشيتَ ...أفشيتَ..!!
ما أودعتُهُ في جوف أيامك.
أما أنا..!!
فدفنتُه نديّاً.. في تجاويف الجراح...!

4
ملاكٌ يسكنني..!!
يوقظ صمتي،
أندفعُ نحوه بفستان أخضر.
قلبه ببياض السحاب مغسول ،
كزنبق ماءٍ عائم .
نقيٌّ.. كنقاء الأيام التي...
لم تولد بعد
           ولن تولد.

5
قد يجلدُنا الصمتُ أحيانا !!
فيستحيل رمادُنا وهجاً..
وحين يثور الصمتُ فينا !
يتهاوى  حائطُ  القلب                       
فتمتطي الصرخة الثائرة
صهوةَ
             الف حكاية...
                                وحكاية .

6
كان ياما كان
أيامٌ .. اجتاحَها صمتٌ رهيب
ورديُّ الهمسات
                   لا يحجبها
                                جدارُ  النسيان
رحلتْ...في حقيبة زمن
يستعصي تكراره..!!









طويتُ أشرعتي
منور ملا حسون

تنهّدتْ الريحُ قرب نافذتي !
وأزاحتْ شبحَ السنين ...
فتأنقتْ خطواتي المتعثرة ،
بعد أن كانت
تائهة في فراغ الدروب ..

أنت ..
كتابي الذي بين يدي ،
قرأتُك ..
وللمرة ما بَعدَ الألف أقرؤك !
وأنا أصارعُ ظنوني
والوهم يعصف سنيني ..
أيقنتُ .. أن صفحاتِك المجهولة
تُمطر ألغازا ، وأحلاماً ًضبابية !!
وسطورا منقوشة ُبالأسرار ..

لم أستطعْ كشفَ المُحال !!
لذا ..أنهيتُ ملاحمَ الأشواق ..
وأخفيتُ أجنحةَ الدفء والوهج
في حضن جبل الصقيع .. !
صحائفُك
باتتْ تنزف جرحاً
ولهيبُ الشوق لم يعد
يسكنُ أنحائي...
باتت قوافلُ الذكرياتِ بيننا حلماً ..
تدحرجَ الحلم رويدا.. رويدا
فسقط في تلافيف الجليد الذي ،
سكنَ همسي وحواري ..

يا أنت... أنت
أقنعة لوجهٍ واحد ..
ملَّ شغفُ الروح ،
لكلماتك ..لأوراقك .
لم يعد غيابُك يقلقني !
فقد زرعتُ أناشيدي
في أوردة الحجر...!

كرهتُ أقفاصك الوردية !
فلن تحلق أجنحتي في      
مداراتِ همسك ..
كنتَ أغنيتي الأولى
وسرَّ قصائدي ..
لكنه..!
بات يسكنُك ألف (بايرون)
ولا يردعُك عن الزنبقات شيءٌ ،
فأصاب عصفُ الضياع روحي ..

أين جنيةُ اللهفة التي ،
كانت تتلبّسني .. وتصارعُ أيامي
لتختصرَ المسافات ..؟؟
طويتُ أشرعتي ،
لقد سقطتْ مدنُ الأشواق ..
وداعاً
 لجنون أحلامي الذي ،
كان يؤججُ نيسان روحي .. !
فقد وصلتُ نهايات السطور ،
وأغلقتُ ملفاتِ المسرحية .. !!
************************************



قراءات نقدية /////////////// دلالات اللون في مجموعة الشاعرة
 منور ملا حسون (مرافئ ضبابية)
الفرار إلى العشب !!

محمد حسين الداغستاني

" إن اللون موضوع معقد , وهو لا يؤثر في قدرتنا على التمييز بين الأشياء فقط , بل ويغيّر من مزاجنا وأحاسيسنا , ويؤثر في تفضيلاتنا وخبراتنا الجمالية بشسكل يكاد يفوق تأثير أي ُبعــد ٍآخر يعتمد حاسة البصر أو أية حا سة ٍ أخرى "
قاسم حسين صالح / سايكولوجية إدراك اللون والشكل
منذ عصور ٍ بعيدة ومنها عصر الحضارات الفرعونية كانت الألوان قد هيمنت على طقوس الإنسان القديم وعباداته ، كما حفل الشعر العربي القديم بها وبملامحها الجمالية أيضا ، لقدرتها البصرية واللاشعورية المذهلة على المتلقي . فاللون كان ولا يزال يمتلك دفقا ساحراً يمدّ النص بطاقة مضافة ومميزة وذات مدلولات متغيرة وآسرة ، وبه إغتنى الشعر الحديث لما له من إيحاءات مبهمة خاصة بعد أن رسخت المعتقدات الدينية إرتباطه بمفاهيم الخصب والتجدد ، لذا جاءت قصائد بدر شاكر السياب ونزارالقباني ونازك الملائكة وعبدالوهاب البياتي وغيرهم حافلة بالألوان التي أضحت ملازمة للموجودات والوقائع ، ومعبرة عن رموز مهمة أضافت لأبداعاتهم الشعرية أبعاداً سايكولوجية وجمالية رفيعة ومؤثرة .
يذهب عبدالقاهر الجرجاني وهو شاعر وأديب ونحوي وعالم في علوم القرآن (1009 – 1078 م ) في كتابه (أسرار البلاغة) إلى أن إستخدام اللون في التصوير والتشبيه يتطلب مهارة تدل على إبداع الشاعر ، ومما يزداد به التشبيه دقة وسحراً أن يجئ في الهيئات التي تقع عليها الحركات حيث تقترن بغيرها من الأوصاف كالشكل واللون ونحوهما . وتشير الرمزية اللونية إلى استخدام الألوان بوصفها رمزًا في جميع الثقافات. كما ويشير علم النفس اللوني إلى تأثير اللون على المشاعر والسلوك البشري.
إنطلاقاً من هذا الفهم إستوقفتني مجموعة الشاعرة منور ملا حسون (*) الموسومة (مرافئ ضبابية) منذ زمن إذ كتبت عنها مقالا مقتضبا نشرته في مجلة الهلال حينذاك ، لكن هتافا داخليا كان يحثني على العودة إليها ، للفرادة التي حققتها المجموعة في مسار الشعر الحديث في كركوك فيما يتعلق بتعامل نصوصها مع فضاء اللون والأخضر بالذات ، هذا اللون الذي له علاقة مباشرة بمفاهيم الخصب والسلام ونداوة الحياة ، والذي هو من أكثر الألوان وضوحا وإستقراراً في دلالاته الرمزية .
لقد أنحت منّور الشاعرة الرومانسية الحالمة , كعاشقة ندية ، مُنحا ً فريداً عبر هذه المجموعة وأسرفت في إستخداماتها اللونية لتلوين الطبيعة والأشياء والمشاعر، وإنحازت تماماً الى لون العشـب النابت في ربيـع مدينتها على إمتداد حافـات القلعـة وجنبات حوض النـارالأزلية , لتحيل كل المساحات الممهورة بالنبـض والتألق الى إخضرار ملفـت للنظر , عبـر نصوص مجموعتها, سـواء ً بعفوية منبثقة كعيـن الماء أحياناً , أو بقصد مسبق في أغلـب الأحيان , لتحقيق رؤى تضطرم بها شرايينها !
وواضحٌ تماماً أن اللون لدى الشاعرة لا يمثل إحساسـاً عبثيا ً لتزويق المفردة يمكن تجاهله أو طرحه جانبا ً , إنما اللون والأخضر بعينه يدخل في هيكليـة وبنـاء النص ليمنحه صور استعارية ودلالة نفسية واعـدة , ويحيل التناغم الهاديء فيه الى أداء فريد , لجلاء الطقس العام حول الحـدث الذي تتناوله بدراية مسبقة , بـل أن الأخضر ينبع من الشعور ليستحيل الى كينونة لا مفر منها , وإلاّ كيف نفسـرإسباغها صفة الأخضر على الجزر , والمطر ، والهلال ؟ :
( لأجلك َ أبحث عن جـزر خضراء , تضللها أزهارالقرنفـل البيضـاء / في مجاهـل ٍ يهطل عليها مطـر اخضـر / لك ... لأجلك أريد أن أصطاد هلالا ً أخضراً ) .
إن منور تذهب بثقة نحو التآلف بين موجودات الكون وتوظف العلاقة الكونية المتينة بين القمر الذي هو خامس أكبر الأجرام السماوية وبين الماء الذي يتخذ في النص شكل جزر خضراء أو أومجاهل يهطل فيها مطر أخضر ، أو أزهار قرنفل بيضاء ، في خلطة تعبيرية عن المشاعر السامية التي تمور في ذات الإنسان ، فتكتمل عبر مزجها للألوان ، الصورة المتخيلة في ذهنها في سياقٍ عميق يقود الى تعميق أواصر الصلة بين الفكر والعاطفة لتحقيق ذروة عاطفية تكتمل في فضاء الشعر .
وتعود منّور فعلاً الى لعبتها الأثيرة في محاولة المزج بين الألوان ، وتنث على قارئها عطرها السخي كالمزنة المطيرة مكونة بانوراما مزدانة بأجمل المفردات والصور لتحيل وقعها الى أشبه بموسيقى عازف ماهر يبدع لحناً مرصعاً برؤى نقية وتأثير نافذ عميق ، فتحيك شبكة من العلاقات الواسعة ، وخلطة صورية متناقضة في مظهرها ومتجانسة في طبيعتها ما بين الربيع الأخضر وسواد الدوران والمرافئ والأفق الأزرق وغيمة الأحزان الرمادية وبين بسمة موناليزا في لوحة دافنتشي الخالدة والصبح الظامئ الى رائحة العشب الذي هو أخضر أيضاً :
وإذا بجدائل الربيع / تشرأب من عتمة الدوران / تتدلى من الأفق الأزرق/ و تعزف الغصون ألحاناً سرمدية ../ ومرافئ الشوق الأخضر/ تشدّ حقيبة العودة / فتستحيل بسمة موناليزية / مضجعها غيمة الأحزان / بسمةٌ يكمن فيها / مخاض الصبح الظامئ / إلى رائحة العشب .
وعلى إمتداد المساحة اللونية ذاتها , يمكن لنا التعـرف على جوانـب ثـرّة في خارطـة الوضـع النفسـي لهـذه الشاعرة التي تمور رقة وحبا ً وحزنا ً , فالمعاناة شديدة الوطأة التي تثقـل كلماتها وحروفها تحدد مسار الفعـل الذي يلازم النص , وتعيـن على التملص من الوا قـع الأليـم الى سـماوات بعيدة , ملونة , وبهية , وبإيقاع يتناغم بيسر ونعومة مع الكثير من الرومانسية , ذات الرموز الواضحة في لوحات شعرية , على قدر ٍ من الطرواة والنفاذية تدرك إستحالة الفرار , فتركن الى الصـبر الجميـل الذى يولد هو الآخـر حزنا ً جديدا ً فيما ترقص المروج من حولها جذلى ويشع الأمل المولود من رحم سويداء اليأس على صبح حزين :
ومن منهـل الصبر / أرتشف ماء الحياة / كي تـورق الصخور / وتنطلق طيـور
البحـر البيضـاء / وأتـوج غرسـك الأخضـر / سـحرا ً نيسانيا ً / تتتباهى به المروج فرحة .
وكذلك : حزام الصبر / على البطـون الغضـة / بصـمت يدمينا / وإ ذا بغيـمة شاردة خضراء / تومـئ بالمطر الأخضر / على الصبح الحزين .
ومثلما تقارع منور اللون بأحاسيس وتـداعيـات تسـهم فـي تجسـيد الصـورة الديناميـة المؤثـرة لتوضيح الفكرة , فإن المتلقي يتفاعـل مع الدلالة اللونية ويتعرف من خلالها على ســلوكها ومـزاجها تمهيـدا ً لجـلاء الجو العام المغمور بذلك الإخضرار الذي يبصم سطور جـل ّ نصوص المجموعة , وينزف بُعـدا ً وجدانيا ً عميقـا ً , فضـلا ً عـن الوظيفـة الشـعورية التي يؤديها الدفـق اللوني الذي يجـرد المفردة مـن كـل شيء سوى حرارة ووهـج العاطفـة والتـوق الى الخلاص نحوعالم موحي وسخي بعطائه ينمو تلقائيا ً بـإنسيابية عذبة وبساطة مشحونة بالموحيات :
( أ جدني أبحث عن روح ٍ تسكن عيني / عن روح ٍ رغبتي لديها / لا رجعة فيها / بحثا ًعن مكان ٍلا فراق فيه / بيني وبينه / .. روح سرابية ../ تنطلق مع روحي / نحو آفاق ٍخضراء / بنجوم خضراء ) .
ونلاحظ إصرار منّور على منظورها الوجداني للقضية التي تتناولها ، وإسلوب تعاملها مع بنية هذا النص ، إذ توظف مفردة (الروح) في أربعة أسطر من مجموع عشرة ، ولا ريب أن هذا التكرار يقلل من صلابة قواعد وأسس البناء اللغوي للنص ، إلاّ أنها ترنو بقصدية مسبقة نحو إضفاء إيقاع بلاغي عليه لتجسيد المشاعر التي تحتشد في داخلها .
وأتوقف مليّاً أمام تجربة منّور الهادفة الى صنع لوحة ساحرة ملتحمة برومانسية دافئة في تركيبة شعرية إتسمت بشئ من البساطة المتناهية ، لكنها إغتنت بلغة تمنح سطوة اللون وهج الفعل ، وتغزو أرض الحروف الظليلة وهي تؤطر تخومها النائية بحس رفيع ونبل بيّن ، فتنهض برسالة الشعر الإنسانية ذات الدلالات الموحية إلى مستويات صورية نابضة بالدلالة الضمنية وهي تضع آخر بصمات فرشاتها على لوحتها الساحرة المتخمة بالألوان والإيحاء الخلاق ، إذ تجمع بدراية المتمكنة من صنعتها ، بين ألوان سنابل القمح الذهبية ورمال الصحراء الصفراء والفقراء وسحناتهم السمراء والجوع الكافر الأسمرالذي يتناغم تماماً مع لون تراب الوطن :
( حين يصدأ العدل أرى أسراب السنونو تهاجرني / دون أن تحمل معها تعاستي / فأحلم مع الفقراء بالقرنفل يناديني / وفي جوف الظمأ أرى سنابل القمح في رمال الصحراء تزهو / إذاَ .. من أين يحاصرنا الجوع أيها الفقراء / ما دام لجوعنا لونٌ أسمر كلون ثرى وطني ؟) .
ورغم الدلالا ت السايكلوجية للون الأخضر , كونه مضاد للألـم والتوتـر, وأنه يضفي على بيئـة المـفردة الشعرية مسحة الرجاء والتفاؤل , إلا ّ أ ن منّور توجه اللون الى الضد من فعله النفسي في العديد من النصوص لتعود ثانية الى توظيفه كرمز للأمل عندما تبادرالى فتح كوة للتفاؤل عبر الإخضرار رغم الحزن الـذي تتلفع به :
( وداعا ًعذابات السنين / آ ن أن نعبـر / بمجاذ يفنا المحطمة / بحار رعبنا القاتم / وأن نعتـلي أسـوار البحار لنرى أشجار الياسـمين / تلملم الورود ندية / وتصوغها قلائدا / لجيد الأيام الآتية ) وكذلك : ( فرميت ُ نفسـي الى ينبوعك الـدافيء / حتى بـدأ الطلع الأخضر / يرقص جـذلاً للصبح ) .
وتتوافق منّور مع شعراء قصيدة النثر في وظيفتها الحداثوية .. أدونيس ، يوسف الخال وغيرهما فما يتعلق بمغادرة القوالب التقليدية وأن على النص الشعري الحديث التغلل عميقاً لرؤية ملامح الأمل والخلاص في حياة الناس اليومية فتحمل المفردة شحنة قوية للنهوض بمسؤولية المعرفة الحدسية ، أي التحلي بقدرة التنبؤ والظن والتكهن بما يمكن أن يحصل غداً ، وبذلك فإنها تركن الى البدائية المتجذرة في ذات الإنسان المتحضر الباحث عن الحماية والأمان المفقود :
( كي تملأ الأيام شعراً / إما أن تكون سحابة خضراء / تمطر كلمات خضراء / أو تكون عرّافاً / يتكهن بما تأتيه الأيام ! ) .
إن منوّر إذ تمنح الأشياء أسمائها وألوانها وهواجسها , وتلجأ الى الفرار من الأ لم إلى اللون والأخضر بالذات لتلوين ما حولها , فإ نما تجعلنا نلتفـت في النهاية الى أن لا نرى سـوى العشب , مكتسحا ً , طاغيـا ً وفي الوقـت ذاته هادئاً , مبتسما ً, يلّوح عبر نافذة المرفأ الذي يلفه الضباب , باحثا ًعن مواسم الصبا المنسية :
( قنديل مكسور / يغدو في قلب الشاعرة قيثارة / ينشد لمواسم الصبا المنسية / شطحات عشق أخضر ) .
إنها نبوءة الخلاص لدى منورملا حسون .. قنديل مكسور يتشظى في الفؤاد ويتحول الى قيثارة ثم يغدو الى أنشودة تتغلغل في نسيج الطبيعة وتغني للعشق الأخضر !! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) شاعرة وناقدة تمارس الكتابة باللغتين العربية والتركمانية ، شاركت في عدد من المهرجانات المحلية والعربية , لها مؤلفات مطبوعة (مرافئ ضبابية) مجموعة شعرية و( قراءات ورؤى) دراسات وبحوث ، ومطبوع باللغة التركمانية باسم                ( حزن بلا حدود )  ومجموعة شعرية تحت الطبع ( طلاسم العطش ) .


نشرت في /
  جريدة الزمان الدولية في عددها الصادر 15 شباط  2016

***********


حضور الذات  والذات الجمعي
في (طلاسم العطش)
                                        
                                  علوان السلمان
 
النص الشعري مغامرة الشاعر المتجاوزة التي تستبطن القيم الجمالية المحققة لعنصر الادهاش من خلال غوصها في عوالم (الحقيقة/الواقع/الكشف)على حد تعبير البيبرس ..انه شكل من اشكال وعي المنتج(الشاعر) ورؤيته للكون من اجل اعادة تنظيمه بتوظيف مكتسباته المعرفية التي تحقق عملية الخلق الابداعي الشعري التي هي وليدة محصلته الذاتية والموضوعية لتحقيق ممكن التواصل عبر اللغة سواء أكانت كلاما لسانيا او اشاريا او لونيا ..
    و(طلاسم العطش) المجموعة الشعرية التي نسجت عوالمها النصية الموزعة ما بين القصيدة والقصيدة القصيرة جدا انامل الشاعرة منور ملا حسون .. واسهم في ترجمتها الى التركية الاديب عبد العزيز سمين بياتلي .. مع كلمة شكلت نصا موازيا مضافا يكشف عن رؤية نقدية لنصوص الشاعرة ونزعتها الإبداعية ..
(تتضح النزعة الذاتية لدى الشاعرة واقعا وطابعا تصريحا وتلميحا لا لشيء الا لتكون سبيلا سليما ومعبرا طبيعيا الى اعلاء شأن الإنسان) ص 9..

               تلتهب بصمت الطقوس
              عروسة القصائد
              لتؤجج رئات ثراها
              فيستحيل المخاض شوقا ..
              لتتقيأ ذهبا
              وأنا اسجد لألمها
              والملم لغات الحزن في حضرتها
              اراها شاحبة تنوح
              وأمواج الدمع تتلاطم في عينيها
              التي ترى ..
                ولا ترى
              وهي تنسج في ذاكرة الانين
              محطات حزنها
             على اثوابها التي قدت من دبر
             زلزلة أخرى ايقظت سفر الجراح
              من غفوتها ..
             ورشت على الماء لهيب جرح ينزف
              غضبا في حضن التاريخ
             باكية اراها..عروس الكلمات تسألني:
             من يعيد الوان فجري لفجري؟
             ويشرع لكف البحر طلاسم العطش
             في نهري النضب     / ص14
  فالنص يقوم على التأملي الحياتي باعتماد نزعة  تصويرية مكتظة بالأحاسيس التي تجـري صياغتها بلغة شعرية تتشكل من جزئيات صورية عمادها الاستعارة التي هي صورة التوسع والمجاز في الكلام..بلغة مكثفة خالقة لصورها كقيمة جمالية..فضلا عن توظيف الرمز الدال على لحظة التوهج والإيحاء المرتبط بالواقع..فيكشف عن توتر نفسي..ابتداء من العنوان الدلالة السيميائية التي تشير الى حمولة نفسية متعددة الدلالات تعبر عن صراع الذات المأزومة والزمن..بفونيميه المشكلان جملة اسمية  مضافة حذف احد اركانها والتي تكشف عن حاجة روحية متسائلة ..
             انتفض (نيرون) من رقدته
             فوئد اغصان الزيتون
              وقناديل المآذن تنوح في مسارات
              بلد مصلوب
             اية دموع غاضبة..تحجرت في
             عيون نبي ..
             وهو يصلي تحت السنديانة الباكية ؟
             ثم يجالس الاحجار اليتيمة في قلعةٍ
             غادرتْها طيور السنونو ..
             وهي تزرع همسها في سويداء نهر
             يشهق عطشا
             مزقوا ستائر الخدر في موكب العرس
            ليغتالوا التبر الاسود في رئتيك
            واستشهد الحسين من جديد
            فتلبس(عبقر) شعراء(ارانجا)     ص14

  فالشاعرة في نصها تتخطى الحسيات الى افق الرؤيا بمخاطبة الوجود والأشياء بلغة الفكر المتشظي المتكئ على رموز خالقة للصور المحددة للموقف الفكري داخل المعمار الفني بوساطة التداعي واستعمال الحوار الذاتي (المنولوجي)داخل النص..مع رعاية اللفظ الرامز كونه(كيان قائم بذاته) والذي يشكل فعله في تحريك الذاكرة..اضافة الى عزفها بمفرداتها المموسقة.. البعيدة عن التقعر من اجل خلق ايقاعها الخارجي بالحركات والسكنات والداخلي المعتمد على تدفق الصور وهي تستدعي الذات التي تبحث عن وجودها الكوني لتخترق مكنونات النص بوساطتها عبر انسيابية المعاني التي تسمح للمستهلك(المتلقي) مشاركتها في صناعة الصورة التي تنبئ عن صدق التجربة التي تسبح في مساحات شعرية منحصرة بين شاطئي الواقع والتخييل الدافئ والتي تكشف عن معطى ثقافيا وإبداعيا وجماليا لشاعرة تغزل من خيوط الشمس وسرابات الوجود خيمتها التي تستظلها لتنسج نصوصا معبرة عن مكنوناتها النفسية واللحظة الشعورية وصميم الذات .. وهي تعبر عن هم انساني بمخيلة متدفقة تحول الفكرة الى صورة بتشكيلات متميزة حققت غناها واكتنازها الشعري وسياقها الدرامي المستند على تصادم المتناقضات
الثنائية مع غوص في اعماق الذات والذات الجمعي الاخر لتفجير اللفظ وتشكيل الصور الشعرية القائمة على المجاز والاستعارة والتشبيه والتي هي وسيلة الشاعرة لإنجاز وظائف نفسية وتأثيرية وتخييلية تكشف عن عمق تعبيري صانع لجمالية النص المنساقة مع بعض وجوه الطبيعة ورموزها التي هي وسيلة تعتمدها الشاعرة للإيحاء من جهة ونقل المعاني التي تكمن وراء الالفاظ من جهة أخرى ..
                      حين يصدأ العدل
                     ارى..اسراب السنونو تهجرني
                  دون ان تحمل معها تعاستي
                  فاحلم مع الفقراء بالقرنفل يناديني
                  وفي جوف الظمـأ ارى سنابل القمح
                  في رمال الصحراء تزهو ..
                 إذن ..
                 من اين يحاصرنا الجوع
                 ايها الفقراء ؟؟
                 ما دام لجوعنا..لون اسمر كلون
                 ثرى وطني       /ص 49

   فالشاعرة تكتب بوعي شعري وسيلتها اللغة وغايتها الانسان بتمازج الـذات والموضـوع والإفضاء الى ذوبان الثنائية واعتماد التصعيد الوجداني المنبعث من حصيلة تراكمات مجتمعية ومعاناة نفسية لتشكل عنـدها لحظة الدلالة الشعرية لحظة التجلي التي تكشف عن جماليات الوجود وأسراره والفكرة التي تتسلط على ذهنيتها من خلال اللفظة الشاعرة المكتظة بإبعادها التي تشع دلالاتها عبر تكثيفها الذي يسمح للمستهلك باعمال فكره واستخدام مهاراته لفك طلاسمها والوقوف على ما يكتنز خلفها من معان وأفكار تكشف عن فاعلية الصور التي تقوم على مدركات عقلية معبرة عن وعي شعري يقوم على وحدة الموضوع...

        حين يكون رفيفُ الاماني رمادا وحكايا
        تمضي الروح الى حضن اللوحة الاخيرة
        والبسمة الذابلة تلملم اندى الامنيات
        لتتوارى في حضرة الوداع      / ص 56

   فالشاعرة تكشف عن انفعالات نفسية متزنة مع قدرة على الخيال الابداعي واستحضار عناصر الاستذكار والتذكر مع محاولة ابراز الدلالات الشعرية المتمثلة في(الوطن/المكان/الزمان/الجمال/ الطبيعة...)..كي تخلق نصا شعريا منبثقا من لحظة  تنتزعها من سياق الوجود المضطرب الذي ينفي جوهر كينونة الانسان مع تركيز على السمات الحسية لإبراز الجوانب الجمالية..كونها عنصرا دلاليا وأداة لتوصيل المعنى .. لذا فهي تشتغل في مبنى نصوصها على الثنائيات..فضلا عن تجسيد الاحـساس بالزمـن عـن طـريـق الـتتابع الصــوري الهامس..مع قدرة على شحن مفرداتها بالبعد الرمزي ومزجه بالــواقعي لتفجير الــدلالة ومنـح الحــلم الشعري روحا متجددة..اضافة الى توظيفها اللون باعتباره طاقة تشكيلية لها خصائصها النفسية والبصرية المعبرة عن عناصر الذات التي تكشف عن قدرة على نقل الاحاسيس ازاء الموجودات والمحافظة على المستوى الادائي للنص ..

                 ترسم بأنامل الغيم مهرة بيضاء
                 تمتطيها خارطة..اسمها العراق
                 يحلق الحلم..حتى لثم شفاه السحاب ..
                  فاستوقفه سفح اخضر
                 تبتسم فيه خارطة الصبر
                 وتحكي اصداء الفصول     / ص 46

  وبذلك نقشت الشاعرة في طلاسمها العطشى نصوصا شعرية تكشف عن تجربة تنحو نحو حضور اجتماعي..فضلا عن اعتمادها الرمز في خلق صورها المحددة لموقفها الفكري داخل معمارها الفني بوساطة التداعي بالصور واستعمال الحوار الذاتي داخل النص مع مراعاة اللفظ بصفته  فعل محرك للذاكرة ..

نشرت في كتاب /
( منور ملا حسون وفضاءاتها الشعرية ) للناقد علوان السلمان
***************************





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق