الخميس، 20 أكتوبر 2016

صوت العرب / شعر للاستاذ محمد رشاد محمود / مصر

في العاشر من إبريل عام 2003 سكبتُ أبياتًا تحت عنوان “عبرةٌ على بغداد” وكان الجُرحُ لا يزالُ يَفهَقُ ، وتَمَثّل البلاء الذي حاقَ بالعرب بعد تاريخ ذلك الغَزو يَدُبُّ دبيبَه في القريحة ، وهو ما أثبَتَت الأيامُ سَدادَ دواعيِه ؛ فشأن العرب قبلَ سقوطِها شَيءٌ وشأنهم بعده شيءٌ آخَر ، ولا يزالون منذ ذلك الحين في سفول – وكانَ من تلك الأبيات التي أذيعَ بعضها في إذاعَة (صوت العرَب) :
وَهَّــــــاجَةٌ أنتِ لا قَيـــــدٌ ولا صَفَــــدُ
بَــغــدادُ يــــــا جَذوَةً ما فَلَّـهــــا كَبَــدُ
يـــا وردَةً في رِحـابِ الخصبِ نـافِحَــةً
أنفاسُهــــا الشِّعرُ والأنـغامُ والغَيَــــدُ
أبكيــكِ أبكيــــكِ وَجـدًا لَو زَخَرْتُ لـــهُ
دَوَّارَةَ القَطــــرِ لا يُرجَى بـــــهِ خمَــدُ
كَــــم دَمَّــروكِ فما أبقَوا علَى رَبَــضٍ
لَـــم يَـسْتَــعِرْ وذِمَـــارٍ راحَ يُفـتَـــــقَدُ
إنْ أورَدوكِ سِيــــاقَ الحَتــــفِ رُبَّتَـمـا
أشفَيْـتِ لِلخُـلـدِ فانجـابوا وما خَـلَدوا
قَـــــدْ يُمْـرِعُ الـــمَحْلُ إلا أنَّهُ زَبَـــــــدٌ
أو يُـــقْـفِــرُ الـــمَـرجُ إلا أنَّــــــهُ نَـضَـدُ
ولِلتَّتــــارِ عَثَــــــارٌ إنْ ضَـــراكِ قَـضًـى
عِنــْــدَ الكَريهَـــةِ مَرصـــودٌ وَمُقتَــصَدُ
لَـمْ يَـألُ دِجْلَةُ موصولَ الجَنَى غَـــرِدًا
في راحَتَيْـكِ سَكوبًــــــا فَيضُهُ مَـــدَدُ
هَل كَدَّروهُ قَضَوْا يَـا طالَـمـــا ارتَقَبَـتْ
فُلــــكَ الأميــنِ رَخَــــاةٌ فَـــــوقَهُ وَدَدُ
وادَّارَكَ الحِكــــمَةَ المأمـونُ فانْبَـعثَـتْ
مَرجُوَّةَ الــرَّوْحِ مأمونٌ بِهــــا النَّـــــفَـدُ
واسْتَرفَدَتْ مِنْ قَصِيِّ الكَـوْنِ مـاطِـرَةً
طَوعَ الرَّشيــــدِ رَبَابٌ ساقَها الــرَّشَـدُ
أخزاكِ راعوكِ بالهَيــْـــجاءِ وانْتَــصَبَـتْ
في مَطلَعِ الغَـيِّ أغرابٌ لَـهُ رَعَــــدوا
جُـلُّ القَريبينَ أنكَــاسٌ مَتَى سُئِــــوا
بَـــــذلَ العوانِ وبَعضُ الأبعَـــدينَ يَـــدُ
الــــرَّاتِعــونَ هُـــمُُ في كُـلِّ مُخزِيَـــةٍ
والنَّــاكِصونَ إذا مــا لَـــــوَّحَ الجَــلَــــدُ
خَلَّـــــوكِ لِلضَّيـْـمِ واستَعْدَوا طَواعِيَـةً
مِنَ الـشَّقـاءِ صَغَــــــارًا آدَهُ البَــــــدَدُ
والَّلَـــهُ دَبَّــــرَ أقـْــدارَ الشُّعوبِ فَـمِـنْ
طَـــــافٍ يَغُـــــورُ ومَغمورٌ لَـهُ نَهَــــــدُ
ومَــــا يَفُـــلُّ سَراةَ المَجْــــدِ شِرذِمَةٌ
مِنْ مُثْلَـــةِ الأرضِ منـْبـوذٌ ومُضطَهَــدُ
ولِلبَــــــلاءِ رِجَـــــــــالٌ إنَّ داجِيَــــــةً
مِنَ البَـــــــــلاءِ حَسورٌ أينَمــا صَمَدوا
ومَنـْــــزعُ الحَـقِّ مَرهُــــونٌ بِطُلبَـــتِهِ
لا يُـــدرَكُ الحقُّ ما لَم يَنصَبِ الجَسَدُ
وأنْتِ أنتِ على الضَّرَّاءِ يــــا شَمَمًـــا
أفنَى البُــــغاةَ على أعتــــابِهِ الصَّيَـدُ
يــــا قُـدوَةَ الرَّكـْـبِ لِلعَليَـــــأءِ يا أمَدًا
أعيَــــا المُغِــذِّينَ لُقيَــــاهُ وما قَصَدوا
تَمضِي السُّنـونَ وأمجـادُ الــوَرَى دُبُرٌ
نَحـوَ الأُفولِ وأنتِ العَــــزمُ والـــصَّعَـدُ
مِلءُ الفُـــــؤادِ وإنْ هَدَّتْــكِ جائِــــحَةٌ
مِنَ اللَّهيــبِ تحامَى سُعْـــرَها الوَقَدُ
(محمد رشاد محمود)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق