الأحد، 1 يناير 2017

قراءة الماء /// نص للاستاذ محمد علي الشعار /// سوريا

قراءة الماء
سـابـغٌ ذكـرَكَ السّـنى، وسـلامـي
يخطـفُ الريـحَ من جناحِ الحَمامِ
و نـزوعـي لآيِ روضِكَ صوتٌ
صادحٌ من مآذنِ الغَيبِ هامِ
و مسـيري إليكَ نـاقـةُ ليلٍ
شفَّها الحزنُ، والبدورُ سَنامي
قـادمٌ للوعـودِ أطـوي علـى السّـا
عِدِ ظِـلّـي ... وغيمةً لأُوامي
كـلُّ دربٍ وجـدتُ نفسـي بـه فيـ
ـكَ .. أنا .. والذي عدا أوهامي
يرسـلُ الشوقُ فـي الخيالِ سفيناً
وصـواري الشـراعِ مـن أقـلامـي
ذوَّبَ الشِّـعرُ تحـت غُصنِكَ قلبي
والمعانـي، سبيكةُ الروح، هـامـي
علِقتْ نجمـةٌ بقوسٍ، عرفتُ الـ
ـجُرحَ فيها، وما عرفتُ الرامي
بلسـمَ الأُفــقُ خـافقـاً نـازفـاً لـم
يندملْ بعدُ فـي شُعاعِ مرامي
بلغتْ نخلةٌ جنـاهـا وروّتْـ
ـهـا دمـاءُ الحسينِ قبل الـرِّهـامِ
ذاكرَ اللّـهِ ، فـي المثاني دعائي
و محـاريـبِ دمعتيكَ قيـامـي
خضَّـبَ الفجـرُ عُـرفَـهُ مسـتنيراً
وارتقى في ضُحاكَ حبلُ اعتصامي
أنت سِـرٌّ علـى النُّهى غامضٌ، أنْـ
ـتَ بلحظِ الأصيلِ سـربٌ وامِ
رُحتَ زهراً بنافحاتكَ، نثَّ الـ
ـعطـرِ … رَدماً لهوَّةِ الآلامِ
* * *
دارةَ الطفِّ ينثرُ اليومَ شوقي
فـي نواحيكِ أحرُفـي وعظامي
هـاكِ منـي قصيدتـي ومـن الصمـ
ـتِ شجوني ومن جراحي سهامي
بـرئـتْ نـاضـحاتُ بئـرِكَ دَلْـواً
بعد حبلٍ من نطفةِ الإجرامِ
ودمـاءٍ خسـيسـةِ العِــرقِ لا تُصــ
ـفي إنـاهـا بـراعـةُ الحُجّامِ
أنجبتها لـواقـحُ الإثمِ فـي قَرْ
نِ أبـي مُرَّةٍ ... و لمظِ وِحامِ
تجتبيـكَ السّـما، ووحدكَ مِـن كفَّيـ
ـكَ للحبِّ بازغٌ للأنامِ
حملتْ وجهكَ المرايا كأنّ الـ
ـخُلـدَ ومضٌ بعينِ نسـرٍ سامِ
ليـس تنمــو الشـقائـقُ الحمـرُ إلّا
بِرِوىً واجدٍ وجُرحٍ حامِ
فـأعِـرْ للعِطاشِ كأساً يرنُّ الـ
ــدهـرُ فيها ليقظةِ النُّوّامِ
واحشُ غِمـداً مـن الطفوفِ تراباً
تُـدَّخَـرْ كلُّ حبةٍ لهُمامِ
زوِّجِ السيفَ والسنى، واتـركِ الليـ
ـلَ وراءَ النهـارِ ذا .. فـي خِصـامِ
خبّـأَ الحـبُّ سجدةً فـي الثرى دلَّ
عليها ضلعُ الفؤادِ النـامـي
و جلالٌ يطـوفُ فـي نـذْرِه الشّـمـ
ـعُ بعينينِ .. يقظةٍ ومنامِ
لملِمـي يا مـلاكُ .. أوسـمةَ الصَّـدْ
رِ .. جوىً، من قلائدِ الهُيّامِ
* * *
دلقَ الغيبُ فـي السـماءِ دواةً
نقّطتها يـراعـةُ العلّامِ
وحسين... قراءةُ الماءِ جهراً
فـي عصا مُوسَ ، شقَّ بحرَ اللّطامِ
وخفيّاتِ ذكرِ رحمةِ عبدٍ
"زكريّا" ورأسِ "يحيى" الدامي
وتهادي سفينِ نوحٍ علـى الجُو
دِيِّ ... فـي زوجِ رحمةٍ و وئامِ
وسؤالِ الفراقِ بَيْناً، وسـرُّ الـ
ــخِضـرِ يغشــى غـرابـةَ اللّوّامِ
و يباسِ المياهِ للرّوحِ عيســى
وهـو يخطـو ببسـملاتِ الأسامي
واخضرارِ الصُّواعِ فاضتْ علـى أو
سِدةٍ مِلءَ يوسفِ الأحلامِ
وتحيّاتِ خـاطـرِ النارِ إبرا
هيـمَ .. تلقـي عليـه بَـردَ السـلامِ
و تسـابيـحِ لُقمـةِ البحـرِ، والحو
تُ يلفُّ النجيَّ لفَّ الزُّؤام 
***ِ
وضّأتْ فـي شواطئِ النور دوماً
صبوتـي جُنحَها، وصلّـى كلامي
لو ضُحىً هيكلُ الهوى لم يزِدْ في الـ
ـودِّ أجراً لكان لحمي ظلامي
أيُّ جُلّـى؟!، محمدٌ يا نديمَ الـ
ـلَّــهِ ... عـزّتْ بسِـدرةِ المسـتهامِ
آلَ طـه - مشـيمةَ النـورِ- لـم يقـ
ـطَعْ بـكِ الوصلَ عوسجُ الأرحامِ
رقرقتني وشائجُ الكأسِ صَبّاً
بين جامٍ بحُبِّكمْ ووسامِ
كنتَ تُفتي براءةَ الماءِ فـي ممـ
ـلكةِ الغيمِ تحت عرشِ سلامِ
يا غنيّـاً عـن الـرّدى زاحـمَ الصّـو
تُ صداه علـى عُروقِ الرُّخامِ
عشتَ حيّـاً كـما اشتهيتَ، حياةُ الـ
ـمَـرءِ بـالمـوتِ قـاهـرَ الظُّلّامِ
* * *
علِّميني منـاسـكي يا ذُكاءَ الـ
ـسَّـفرِ فـي مَشعَرَيكِ حتى التّمامِ
وازرعيني علـى كتـاب ِالـحسين ال
ــمفتـدى وردةً ... لحينِ التئامِ
وتوارَيْ عن الرؤى، شيبةُ الخمـ
ـسينَ ضاءتْ علـى نحورِ الغمامِ
هذه جمرةُ الهوى عَنعِنيها
عن رمادي وعن هباءِ الرِّمامِ
* * *
بلـورتْ قطـرةٌ مُنـاهـا ... فأدرِكْ
- فـي مـداهـا- بصـائِــرَ الإلهامِ
فشجى الزينبياتِِ من موحياتِ الــ
ــأمـرِ دِيناً مُرتَّلَ الأحكامِ
منجلُ الأمسِ لامعٌ فـي جديلِ الـ
ـشّـمسِ يجبـي سـنابـلَ الأعوامِ
فـي خضـيبٍ من اللآلئِ تمشـي
أنهـرُ المـوكـبِ السَّعيدِ لشـامِ
فـي فُراتَينِ واحدٌ من ثرىً وا
خَرُ من كـوثـرِ الجِنانِ الطامي
ويُـرى ساعِدا ابي الفضل طَولاً
ضِـفّتَـيْ نهرِ كلِّ راوٍ ظامِ
خـذْ جناحينِ مـن سما جعفر الطيْـ
ـيّارِ رَفّـا بجنّةِ الإنعامِ
مثّلـتْ كِـلمَـةَ السّـما كِـلمـةُ الأرْ
ضِ هدىً ... ثم قامتا بإمامِ
ليلـةَ الغَمـرِ ... لا تبـوئـي بناري
واستريحي علـى خدودي، ونامي
يا اختصارَ السـنينَ فـي دمعةٍ حَرّ
ى وَلودٍ لبهجةِ الأيامِ
يسـبقُ الـبرقُ رعـدهُ، و زمانُ الـ
ـكونِ خلفي، وأنت دوماً أمامي
حَلَبـاتُ الظّـلالِ فـي مُترفـاتِ الـ
ـنَّخـلِ أرخـتْ مصـارعَ الأعلامِ
عـابـرُ النّدِّ فـي قـواريـرِه يَمـ
ــزُجُ حـبرَ النّـدى بحـبرِ السِّـجامِ
أكملتْ مهجتي زراعةَ َكَرما
تـي وظلَّ الغبارُ فـي أكمامي
دوّرتْ غيمتي الرَّحى، وانتصارُ الـ
ـدّمِ أهوى مجرَّةً فـي مسـامـي
إن أخذتُ القِرى لجنّةِ عَدْنٍ
كـان حقّـاً علـى الشهـيدِ إدامي
15/1/2014
من المجموعة الشعرية * سراج الزيتون *
الصادرة عن وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية .2016
لمحمد علي الشعار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق