الأحد، 5 فبراير 2017

قراءة في النص // بداية النهاية في قصيدة الشاعر محمد أحمد خليفة // صانع الحب اظافره سوداء// بقلم الاستاذ اوس غريب / العراق

قراءة في النص 🍃🍁🌿
بداية النهاية قراءة في قصيدة الشاعر محمد أحمد خليفة
🌿 صانع الحب أظافره سوداء 🌿
اولا : نص القصيدة :
" صانع الحب أظافره سوداء..
قبلته جافة..
يحمل فستانها بلا مشيعين..
براثن دساتيره مكتظة بالقات.
أنقذوه غير مرة..
أيقظوه ألف مرة..
مازال يقطع شرائح اللحم من عينيه.
مازالت تجمع حشائش الذكور.
أغانيه سادية .. أنفاسه رمادبة.
حبلى قصيدته قيد الاجهاض.
أثر الفراشة في منكبيه لم يزل.
عجائن ملطخة بزيت القياصرة.
سمراوات أخذن الصمت على عاتقهن.
مداعبة آخر البداية.
بين ردفتي نهد.
عجلوا بالسم قبل الطعام وبعده.
غنوا لها قبيل الاغتصاب بنيف.
عقروا قطتها.
لعبتها.
ال MP4 الخاص بها.
أحرقوا شالها المجنون.
ومازال صانع الحب يمسح 
أظافره السوداء.
ولم يزل فستانها بلا
مشيعين.
*
محمد أحمد خليفة :
من القراءة الاولى تزدحم الظواهر في النص وكل واحدة تفتحه على بعد فلا ندري لأيها نركن وبأيها نبدأ :
١- غياب العنوان .
٢- غياب ضمير المتكلم بصوره المختلفة 
٣- حضور ضمير الغائب بصوره المختلفة.
٤- التداخل مع القصة .
وهي ظواهر دالة تستوجب شرحا وتقتضي تفسيرا
فكيف نفسرها وما هي الدلالات المطوية فيها ؟
اولا : غياب العنوان :
هل يريد الشاعر أن يعتق متلقيه ويحررهم من أية مقصدية يملي عليهم بها مرجعياته الذهنية أوالفنية او السياسية المذهبية والإيديولوجية ؟ 
ثانيا - اليس في غياب ضمير المتكلم المفرد والجمع وازدحام النص بضمائر الغائب مفردا وجمعا ومذكرا ومؤنثا مزيدا من التاكيد على رغبة الشاعر بالحياد وإلحاحه على الموضوعية 
ثالثا - التداخل مع القصة والركون إلى راوي عليم وشخصيات نامية تتكشف بالتدريج الا يفسح هذا للقصيدة ويوسع أمامها من إمكانيات السرد بكل ماله من طاقات وقدرات درامية أو ملحمية يخفف من خلالها وإلى آخر حد غنائيته وذاتيته ويزداد حيادا أكثر فأكثر .

امام هذه الظواهر من حقنا أن نتساءل لماذا هذا الإصرار على الحياد؟
لماذا هذا الإلحاح على الموضوعية ؟
وما حكاية تلك الشخصيات الغائبة وبماذا يعنينا امرها حتى لقيت كل هذا الاهتمام من الشاعر 
لماذا يقطع الشاعر صلته بها ويتبرأ من الانتماء إليها فيذكرها ذكر الغرباء ؟
لنبدأ باستنطاق النص والإصغاء إليه علنا نجد تفسيرا .
يفتتح الشاعر نصه بقوله :
"صانع الحب أظافره سوداء
قبلته جافة "
١- "صانع الحب " الا يغير التضايف في طبيعة المتضايفين فينقلهما من إطارهما المتعارف إلى إطار جديد تصبح الصناعة فيه بالحب أكثر دفئا ويغدو الحب معه بالصناعة أقل عاطفية.
لماذا يريد الشاعر ان يدخل التأمل العقلي إلى حقيقة الحب لماذا يؤكد على ان امرا ما اصاب طبيعته وابعده عن حيويته واندفاعه "قبلته جافه "؟
٢- " أظافره سوداء " هنا نبدأ بمطالعة الشخصيات فنلاحظ الشخصية الاولى "هو " وقد غلب عليهاالإهمال او الإنشغال حتى انصرفت عن أمر العناية بنفسها ؟
" يحمل فستانها بلا مشيعين " 
هنا تبدأ الشخصية الثانية في البروز "هي" هل يريد بفستانها العرس إذا ضممنا الفستان إلى التشييع فاصبح المعنى أنها لا تجد من يزفها
لكن من جهة ثانية ألا توحي الاظافر السوداء والقبلة الجافة باجواء تتصل بالجنازة والموت كما يدل غياب الجسد ؟
علينا أن نتريث ، ونتانى ونحن في كل الاحوال محتاجون ان نعرف قصة هذه المرأة و ما سر فستانها وسبب غياب جسدها .
لهذا سنجمع ما يرتبط بها من إشارات ونحاول الوقوف على كامل القصة :
"ما زالت تجمع حشائش الذكور"
عجلوا بالسم قبل الطعام وبعده
غنوا لها قبيل الاغتصاب بنيف " 
عقروا قطتها 
لعبتها 
ال Mp4الخاص بها 
أحرقوا شالها المجنون"
هناك جريمتان ارتكبتا بحقها كما يظهر لنا :
- اغتصابها .
- ووضع السم في طعامها .
وقعت هاتان الجريمتان كما يدل النص بعد احتفال واحتفاء بها، فكيف حصل هذا الانتقال السريع من الاحتفاء والاحتفال إلى الغضب والتشفي والرغبة في محو كل علامة متصلة بها.
ولماذا هذا التركيز على الجوانب الطفلية فيها؟! 
اسئلة لا نقدر ان نتبينها حتى نستكشف سر حامل الفستان وسر القتلة و طبيعة العلاقة بينهما :
"انقذوه غير مرة"
"ايقظوه الف مرة"
" براثين دساتيره مكتظة بالقات"
"أغانيه سادية "
"انفاسه رمادية "
"حبلى قصيدته قيد الإجهاض "
تنطلق العلاقة بين "هو " و " هم " وتتجه من "هم " الى "هو" عبر صورتين 
- الاولى : الإنقاذ والحماية من المخاطر التي كادت أن تطيح به ؛ فهم حماة وهو مستهتر 
- الثانية : هم يوقظونه وهو يداوم على النوم فهم صاحون يقظون وهو نائم مغيب
وحتى نستكمل صورة ال "هو " نلاحظ :
- ارتباطه بشهوة الإيذاء " أغانيه سادية " حتى كأن إيقاع الأذى يطربه ويشيع فيه البهجة .
-وارتباطه بالعقم الذي يجعل حبالى قصائده تؤذن بالإجهاض " حبلى قصائده قيد الإجهاض"
و تاتي "أنفاسه الرماديه " لتؤكد سلبيته وجبنه وعجزه عن اتخاذ القرار 
فهو إذن كامل التبعية لل "هم " مجرد من كل ذاتية ؛
علاقته بالحب يملأها التصنع . 
أغانيه مرتبطة بالقهر والتسلط والظلم.
أشعاره بالعقم واليباس والقواء .
القوانين التي ينظم بها أمر الحكم براثن مخدرة بشهوة الافتراس والإيذاء .
"براثين دساتيره مكتظة بالقات "
إلى من تشير هذه الاوصاف؟ لا أريد أن نتسرع التريث والتدبر اولى وأحسن وحتى نحقق بغيتنا على الوجه الامثل نحتاج إلى تبين صلة ال "هي " بال "هن"
يقول الشاعر:
عجائن ملطخة بزيت القياصرة "
سمراوات يحملن الصمت على عاتقهن"
مداعبة آخر البداية 
بين ردفتي نهد"
عجائن ملطخة بزيت القياصرة "
"سمراوات يحملن الصمت على عاتقهن"
العجائن وسمراوات وقبل قليل تجمع حشائش ، ألا تشير هذه العلامات إلى بيئة الارياف وحياة الفلاحين حيث الحقول وحديث الخبز و العجائن والشمس التي تلوح الوجوه .
لكن ما علاقة هذه البيئة بالقياصرة ، والقياصرة كما نعلم هم الملوك الروم او البيزنطيين او الروس.
الآن وقد استكملنا صورة الضمائر يمكننا قراءة النص وتفسير إشاراته
"هي" من تلك التي احتفل بها وغني لها وهتف ثم في جو تفوح منه روائح السم تقتل و تغتصب ويعبث بكل اثر لها .
من تلك التي عقرت قطتها ولعبتها واحرق شالها 
أليست ثورة الربيع العربي التي لم تكد تولد حتى اغتصبت اليست ثورة الربيع العربي التي امتزج السم بطعامها قبل ان تنشا وبعد نشاتها اليست قرينة الحرق والمزق والذبح والخراب والتدمير ، اليست التي لم تكد تولد حتى جاءتها جلاوزة الأرض من كل مكان تشوهها وتمسخ معالمها
وال"هو " سادي الاغاني ، رمادي الانفاس ، متصنع الحب ، الذي براثين دساتيره مكتظة بشهوة القتل اليس من حمل فستان عرسها المضرج يتشفى دون مشيعين يمسح اظافره السوداء بلون الليل الذي لا يصحو منه والذي طالما انقذه ال"هم " ورعوه وسبقوه في مخاذيه ، وكانوا اكثر منه ضراوة فتجاوزوا اغتصابه إلى الذبح والحرق والتدمير والنهب يمدونه ويمدهم حتى لوثوا معا عجائن الفقراء ووجوههم الملوحة بالصمت ونيران الشمس 
وال"هن " الا يرمزن للمجتمع العربي الذي اعتنق الصمت عقيدة والخضوع والهوان شريعة وطريقة 
ألمجتمع ا الذي "تجمع نساؤه حشائش الذكورة " ثم لا يلقين بعد ذلك إلى الهوان والاحتقار حتى لا يميز منهن ردف من نهد كأن لافرق عند العربي بين مابه الغذاء و الحياة وما به تصريف الفضلات والمخلفات.
وهذه الحيادية والإصرار على الموضوعية اليست براءة للفن والجمال من كارثة القبح والشنعان وعدم الاتصال بهذه الوصمة .
اليست رمزا إلى القوة الواعدة التي تحرس الطعام ممن يضع السم وتحرس الزفة ممن يهم بالاغتصاب او يخطط له .
في النهاية في اي بداية نهاية نحن ؛ بداية نهايتنا من التاريخ والحضارة 
ام بداية نهاية طواغيتنا ومصائبنا
انضيع في خطط الغرباء فنخوض حروبهم ونشيع ثرواتنا إليهم 
ام نعود إلى انفسنا وارضنا ونملك مصيرنا ومستقبلنا سادة مستقلين اعزة ماجدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق